Ads by Google X

القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية أسرت قلبه الفصل الاول 1 - بقلم سوليية نصار

 رواية أسرت قلبه (كاملة جميع الفصول) حصريا عبر كوكب الروايات بقلم سوليية نصار 

رواية أسرت قلبه الفصل الاول 1 - بقلم سوليية نصار 

الحب بالنسبة لي كان أنت دوماً
(ماريانا لجورج)
......
بعد ست أشهر .....
بعد أن انتهي الزفاف وقفت في منتصف الغرفة وهي مرتدية فستان الزفاف بقلب خافق. ..لقد تزوجته ...تزوجت الرجل الذي امتلك قلبها ...الرجل الذي قضت نصف عمرها تحبه فقط ...الرجل الذي ظنت أنها لن تحصل  عليه  ابدا ...ولكن هل حقا حصلت عليه ...سألت نفسها بأسي...كيف تحصل عليه وقلبه معلق بآخري...اخري توارت تحت التراب ..والاخري تلك تكون شقيقتها ...توأم روحها التي ما تت وتركت فراغ كبير ...أم مقهو رة وشقيقة حزينة وزوج يا.ئس وطفل يتيم ...شقيقة كانت النور في حياتهم المظـ لمة ...كانت مريم  امرأة مليئة بالطاقة ...تنشر السعادة اينما كانت ...اي شخص  يراها  يقع في حبها فورا ...لذلك لم تندهش عندما اختارها امير زوجة له ...بالطبع في وجود مريم  لن ينظر أحد إليها ...حتي لو رأته الأول ...حتي لو احبته الأول لم يكن ليراها!!
خرجت من أفكارها وارتعشت قليلا عندما رأته يدخل
وقف أمامها بكل برود وبدأ في الكلام
-طبعا انتِ عارفة موجودة هنا ليه ...وعارفة ليه اتجوزتك ؟
قالها ببروده  الخاص بها لترتجف وهي تمسك فستان زفافها وتقول :
-عشان عمر ...عشان اربيه 
ابتسم وهو يقول :
-كويس انك عارفة ...وكمان لازم تعرفي أن مريم هتبقي في قلبي للابد ...أنا عمري ما هحبك فمتتوقعيش مني الحب ....اختك لما ما تت 
اهتز صوته قليلا ولكن اكمل :
-اخدت قلبي معاها ...عشان كده بطلب منك متتعلقيش علي الفاضي وإلا قلبك هيتكـ سر ...
تصاعدت الدموع لعيني سما وقالت بصوت مختنق:
متقلقش مش هحط امل خالص ...أنا عارفة دوري ايه أنا مربية لابن اختي وانا وافقت علي كده ...وصدقني حتي انت لو عايز تخلي جوازنا حقيقي أنا لا ...بالنسبالي انت اخ ومينفعش اخت تبص لأخوها ...وبعدين ...
نظرت إليه بتحدي وهي تحاول استرداد جزء من كرامتها المفقودة وقالت:
-انا اصلا مش بحبك ... اتجوزتك بس عشان عمر ...ودلوقتي ممكن تتفضل عشان اغير هدومي وانام ؟!
رفع حاجبيه بدهشة وهي تكلمه بكل هذا البرود والثقة المفرطة ...لقد ظن أنها حقا تحبه  حتي الجنو ن ...كل تصرفاتها توحي بهذا ...نظراتها وتوترها ...حتي موافقتها السريعة علي الزواج وهي تعرف انها ستكون مجرد مربية لابنه فقط لا زوجة ...لقد كانت شروطه واضحة الآن وقد صُدم عندما راي قبولها !...
شرد قليلا وتذكر موافقتها بالجواز...
...
-وافقتي بسرعة يعني !!أنا مصدوم بصراحة !!
قالها بينما يجلس في منزلهما ...كانت تجلس أمامه تنظر إليه بدون مشاعر ...بدت وكأنها تحاول جاهدة ألا تنهار :
-عشان عمر ....دي حاجة واضحة جدا للأعمي كمان ....
-جميل ...اظن احنا الاتنين مجتمعين على رأي واحد وهدف واحد وهو عمر...اتمني ميكونش ليكي اهداف تانية ...
نظرت إليه ببلادة وقالت :
-اهداف تانية زي ايه مثلا؟!انت!!ليه بتدي نفسك قيمة بالشكل ده ...انت بالنسبالي ابو عمر وبس...لا هدف ولا يحزنون ...سيبك من كلام الأفلام الحمضان ده ولو عايز ترفض ارفض مش همسك فيك يعني ....
....
-ايه مش هتخرج؟!
خرج من شروده علي صوت سما التي كانت تنظر إليه بضيق ...ليهز رأسه ويخرج بهدوء الي غرفته الأخري التي جهزها ...بعد أن خرج  ....
أخرجت سما منامة مريحة لها ثم حاولت خلع الفستان فلم تستطع ...كانت في ورطة الان ...هي لا تستطيع الوصول للسحاب الخاص بالفستان...ماذا ستفعل ...هل تذهب له ...ولكن كيف سيفكر بها بالطبع سوف يفهمها بشكل خاطئ. ..ولكنه قد يتفهم الأمر ...أخذت قرارها وخرجت من الغرفة وهي تهتف بإسم امير 
-نعم فيه ايه ؟!
قالها امير بإنزعاج وهو يخرج من غرفته عاري الجذع ...للحظات تجمدت سما وهي تنظر إليه ولكن سريعا شهقت واستدارت وهي تقول بصوت مرتبك وخجول ...
-ايه قلة الذوق دي ما تلبس حاجة ...فيه واحدة بقت عايشة معاك دلوقتي 
قلب أمير عينيه بسخرية  وقال:
-اخلصي كنتي عايزة ايه ؟!!
تنهدت بتوتر وقالت:
-ممكن تفتحلي سوستة الفستان ...مش عارفة افتحها ...
ابتسم ساخرا ثم اقترب منها ليفتح السحاب ...اقشعر جسدها بينما هو يلمسها وقد شعرت أنها بالجنة ولكن بعد ثواني أخرجه صوته الساخر من أحلامها واسقطها علي الارض الواقع عندما قال:
-اهو فتحت السوستة ...يالا تصبحي علي خير ...
ثم ذهب ...
وضعت كفها علي قلبها وهي تحاول طرد تلك المشاعر من داخلها. ..هذا خـ طأ ...ما تشعر به خـ.طأ وما تتمناه خـ.طأ ....امير لا يحبها ولن يحبها ...يجب ألا تبني اي احلام بشأنه والا ستكون هي الخاسرة ...ستخسر قلبها وروحها وتفقد نفسها ...
أمسكت الفستان ثم دخلت غرفتها وأغلقت الباب جيدا...ثم بدلت ملابسها وتسطحت ...تساقطت الدموع من عينيها واحتضنت نفسها ...ها هي الليلة التي تحلم بها منذ زمن ...لقد حاكت احلام كثيرة بشأن ليلة زفافها ...ولكن الواقع المرير أنها تنام في فراش بارد بمفردها بينما زوجها في الغرفة الأخري يرثي نفسه علي مو ت المرأة التي أحبها ...وتلك المرأة تكون شقيقتها !!!
.....
في الغرفة الآخري ...
كان امير يمسك صورته هو ومريم بينما الدموع تتسارع علي وجنته ويقول:
-سامحيني ..كنت مضطر أنتِ عارفة ..أنا مستحيل احب حد غيرك يا مريم .....مستحيل ابص لحد غيرك ...أنا هفضل مخلص ليكي دايما اوعدك ...
ثم نام وهو يحتضن صورتها بقوة .
.........
تقلبت  سما  على فراشها وهي تدعو الله ان يزور النوم عينيها الجافة....تحاول بأقصى قوى لديها الا تفكر به ....الا تتخيل نفسها وهي بين ذراعيه .....لقد حاولت نبذ مشاعرها له عندما كان متزوج شقيقتها وقد نجحت جزئياً أو هكذا أوهمت نفسها ....والان سوف تحاول من جديد ولكنها ابدا لن تستلم ....لن تدعه يرى حبها له ....هو لن يعرف ابدا بمشاعرها له ...لن تسمح له بأن يعرف بها....لقد استطاعت ان تحافظ على برودها أمامه وسوف تستمر ... ....حاولت أن تنام الا انها فشلت تماما ...نهضت وقررت أن تشاهد التلفاز قليلاً....
خرجت من غرفتها بهدوء ثم جلست على الأريكة  وهي تفتح التلفاز وتجلس أمامه ....وجدت احد الأفلام القديمة المفضلة  لها  فيلم صوت من الماضي ...وهذا أسعدها كثيرا ....وضعت رأسها على كفها وهي تشاهد التلفاز بشغف ...تستمتع به وتحاول التلاهي عن ليلة زفافها الكا رثية ....كانت مندمجة مع الفيلم ولم  تلاحظ الذي خرج من غرفته ينظر إليها بحيرة ....
-معرفتيش تنامي ولا ايه ؟
تساءل وهو يتأملها في منامتها الحريرية الحمراء والتي ناسبتها كثيرا .....تلبدت عينيها البنية بمشاعر كثيفة ولكن اخفتها على الفور وقالت ببرود :
-لا شوفت الفيلم ده وانا  بحبه فقولت اشوفه وبعدين انام 
مط شفتيه وجلس بجوارها على الأريكة وقال :
-وأنا كمان بحب الفيلم ده ..من افلامي المفضلة ....الفيلم ده كريتيف اووي ...
نظرت إليه بضيـ ق مخفي ...كان ضيـ قها من دقات قلبها التي تسارعت بوجوده ..لا يجب أن تكون ضعـ يفة أمامه لتلك الدرجة ...هي تكر ه ضعفها ...كم تريد أن تنتزع قلبها الذي يحبه وتد.ميه...تحـ طمه لانه أحب ما ليس له ...لطالما شعرت بالذ نب لأنها أرادت زوج شقيقتها.  .ابتعدت كثيرا ....سافرت ...خُطبت مرتين ولكنه رفض أن يغادر عقلها وكأنها تُعا قب لأنها تركت قلبها يتحكم بها ...لأنها سمحت لعينيها بالإبحار في تفاصيل وجهه الرائعة ...ها هي تدفع ثمن لحظة لم تغض بها نظرها 
نهضت فجأة وهي تقول بجمود:
-تصبح على خير !
نظر إليها بدهشة وقال:
-الفيلم لسه مخلصش.....
-جمال الفرجة على  الافلام بتكون مع الشخص اللي بتتفرج معاه ...وأنت كشخص قفلتني من الفيلم لما قعدت جمبي. ....يالا تصبح على خير ...
ثم تركته وذهبت لتشتـ عل عينيه بنير ان الغـ.ضب .. كيف تجرؤ على هذا ...كيف تجرؤ!!
-بجد قليلة الذوق..
قالها بغيظ....
...
ولجت إلى غرفتها وهي تستند على الباب بينما تضع كفها على قلبها ...لا تصدق انها تجرأت وقالت هذا له ....ولكنه يستحق ....لقد كـ سر قلبها مرارا ولن تسمح له أن يكـ سره  مرة أخرى ....ستحافظ على قلبها ...لن تدعه يتحـ طم ...
تنهدت واتجهت إلى الفراش وتسطحت عليه وهي تغمض عينيها ...يجب أن تنام وترتاح قليلا 
..........

ارتعشت بإثارة وهي تقف امام المرآة تنظر الى نفسها ووجنتيها مخضبة بحمرة الخجل...الحماس يتصاعد داخلها وهي ترى نفسها ملتفة بتلك الغلالة السوداء القصيرة التي تبرز مفاتنها بشكل يدير العقل ....مع لون شعرها الجديد وهو اللون الأصفر ....بالطبع لم تنسى مساحيق التجميل البسيطة التي زينت وجهها الأبيض الدائري ....ابتسمت حتى بانت نواجزها الساحرة ثم ركضت نحو الصالة لتنظر الى الطاولة الرائعة التي حضرتها والتي كان يتوسطها كعكة بالشوكولاتة موضوع بها شمعة واحدة ...كان تلك ذكرى زواجهما الاولى ورغم بروده قررت أن تحاول أن تنفذ داخله ....أن تنقذ زواجها من الضيا ع ....أن تجعله يراها ....يحبها .....
تنفست بتوتر وهي ترى باب المنزل يفُتح ويطل هو بعينيه الزرقاء الحا دة ....أغلق الباب ووقف برهة ينظر إلى الطاولة وتعلو تقطيبة وجهه ثم قال :
-فيه ايه بالضبط ؟!
فركت كفيها بتوتر وقالت:
-هو انت مش فاكر النهاردة ايه؟!
-مش واخد بالي ....
كسا الإحباط وجهها وقالت ؛
-النهاردة  عيد جوازنا يا جورج .
تنهد بتعب وقال :
-بعتذر منك نسيت ....أنتِ عارفة ضغط الشغل عن إذنك ...
ثم بالفعل كاد أن يتجاوزها ويذهب لغرفة النوم إلا أنها امسكت كفه وقالت بأمل :

-ايه مش هنحتفل سوا؟!
-انتِ بجد فاضية ...يعني بعد اكتر من تمن ساعات وانا شغال وطالع عين اهلي في الشغل والمفروض اجي ارتاح وأنتِ عايزاني احتفل ؟!!
-يعني قادر تشتغل اكتر من تمن ساعات مع المرضى ومش قادر تقعد نص ساعة مع مراتك تحتفل معاها وتتكلم معاها شوية !!!هو انا ايه في حياتك هوا ...احنا تقريبا مبنتكلمش عاملين زي الغر ب في البيت ...انت بتروح شغلك من الصبح وتيجي بالليل تقولي تعبا ن ومش عايز تبص في وش حتى ...ده حتى في يوم اجازتك بتقضيها برا مع اصحابك و....
-بس اسكتي خلاص صدعتيني ...هو ده اللي عندي ...أنا مش هشتغل واقعد اطبطب عليكي كمان أنتِ مش عيلة 
-أنا مش عارفة انت بتعاملني بالشكل ده ليه ؟!أنا عملتلك ايه لده كله !!انت بتعامل كل الناس كويس الا أنا ...دايما بتتجاهلني وتكـ سر قلبي ...قولي أنا عملتلك ايه لده كله يا جورج !!!
قالتها والدموع تطفر من عينيها ليزفر بضيق ويقول :
-انا تعبا ن ...بقولك تعبا ن وعايز ارتاح !!!!هو مستوى ذكاءك مش قادر يوصل للنقطة دي !!
أطرقت برأسها وهي تشهق بكاءا.....
-يخربيت ابو نكـ دك ...
قالها بغضب ثم ولج لغرفته ...لتمسح دموعها بقـ.هر وتلج خلفه للغرفة وتقول :
-استنى عندك ...مش كل يوم هتبكيني وتروح تنام وانا افضل احر ق في د مي للصبح....أنا عايزة اعرف دلوقتي...هو انت متجوزني غصب عنك عشان تعاملني بالشكل ده !!!!رد عليا يا جورج انت متجوزني غصب عنك .....
-ايوة متجوزك غصب عني وانا عارف وأنتِ عارفة والكل عارف كده ......
كتمت أنينها داخلها وهي تقول بصوت مرتعش:
-محدش قالك تتقدملي ما دام ...
ولكنه قاطعها وقال:
-ومحدش قالك وافقي لما جيت اتقدملك وأنتِ عارفة أن في قلبي غيرك ...فزي ما انا غلطا.ن ...أنتِ كمان غلطا نة فمتدعيش البراءة وخلينا نعيش كده من غير و جع دماغ ... أنا بحترمك وعمري ما هخو نك اطمني من الناحية دي بس متضغطيش عليا عشان الحب مش بالغصب يا ماريانا ... عن اذنك ...
ثم وضع حقيبته على الطاولة وأخذ ملابسه من الخزانة وهو يتجه للحمام ....
لتجلس هي على الفراش بإنهيار وتضع وجهها بين كفيها ثم تنفـ جر ببكاء مرير
........
ولج جورج للحمام ووقف أما صنبور المياه وهو يغمض عينيه ...أنه عا جز عن التوقف عن الاشتياق لها ...والتفكير بها ...رغم أن ضميره يجلد.ه بقسوة ويخبرها أنه يخو ن زوجته ...ولكن القلب يعارض...يخبره أنه لم يحاول التواصل معها من الأساس ...بل حافظ دوما على وعوده لزوجته ....هو لم يفكر بخيا نتها يوماً ...ولكن هي لا تترك تفكيره وهذا يقتـ له ...يقتـ له أنه يشعر بالذ.نب ....الغـ ضب واليأ س ....لماذا الأمر معقد لتلك الدرجة ...لماذا لم يتزوج من احبها بكل بساطة ...لقد تعرض للغد ر من قبل الجميع ...الجميع حرفيا ....
تنهد وهو يرفع رأسه تاركاً المياه تغرق وجهه وذكرى جميلة لهم اقتحـ مت عقله ...ذكرى لها جميلة كباقي ذكرياتهم سوا ...تلك الذكريات التي تسعده وتقتـ له في آن الوقت ...تذكره انه خـ.سر ....خـ..سرها والآن يعاني ...وهو لا يعرف من يلوم بالضبط ...هل يلومها ام يلوم نفسه....ام اهله...وهل يلوم ماريانا لانها دخلت حياته وهي تعرف ان قلبه ملك لآخرى ...لا يعرف من يلوم بالضبط ....أغمض عينيه وهو يغر ق بذكريات آخرى...
............
-شكل الدنيا هتمطر ..
قالتها سيلا مبتسمة وهي ترى شكل السماء بينما تحتضن ذراع جورج...كانا قد خرج كليهما من كلية الطب حيث يدرسان ابتسم جورج بحب وهو يرى عينيها تتألقان ...أنه يحب توهج عينيها.....لديه القدره أن يظل يراقبها لسنوات دون أن يمل ....أنها مبهجة للنظر بشكل لا يصدق ....
نظر جورج إلى السماء وابتسم قائلا:
-صحيح ...واضح أنها هتمطر جامد اووي ....عشان كده يالا نلحق نركب مواصلات قبل ما نتبل ...
مطت شفتيها وهي تقول بضيق :
-أنت ليه شخص ممل كده ...مين يكره المطر ...أنا حابة نتمشى انا وانت في المطر ....نفسي اعيش الأحساس ده ....
ضحك جورج وقال:
-المسلسلات الكوري لحست عقلك حرفيا...
-يالا بقا متبقاش با رد خلينا نتمشى لحد البيت كده كده هو مش بعيد ....يالا يا حبيبي ....
قالتها بغنج تعلم أنه يحبه..
تنهد وهو يقول :
-ماشي يا آخر صبري .....
ابتسمت بسعادة وهي تحضن ذراعه بقوة أكبر وتسير بجواره ...بدأ المطر يتساقط عليهما وعندما اشتد قال :
-ايه رأيك نركب تاكسي ...احنا كده هنتبل....
-يا بني ما نتبل ده المطر يجنن ...
قالتها بسعادة وهي تبتعد عنه ثم وقفت تحت المطر وهي ترفع وجهها للسماء وتدور وتقول :
-المطر حلو اووي ...اوووي يا جورج...
نظر الى وجهها مشدوهاً...كانت اجمل ما راه في حياته كلها ....ابتسم لها واقترب منها وهو يتناول كفها بين يديه.... استطاع سماع دقات قلبه الصاخبة ....
نظرت اليه وهي تبتسم بسعادة وقد التصقت خصلات شعرها النارية بجبينها فبدت كلوحة في غاية الروعة...اتسعت ابتسامته وهو يشعر انه مسحور .....تلك الفاتنة سحرته ....أسر ت قلبه.....
-سيلا تتجوزيني ؟!
توقفت عن الابتسام  وهي تنظر إليه فاغرة فمها ...رمشت وهي تراه يبتسم لها بحب شديد ...فقالت بصدمة:
-بتقول ايه ؟!
-اللي سمعتيه يا حبيبتي ...بقولك عايز أتجوزك ...تتجوزيني يا سيلا...أنا اكتشفت اني بحبك اوووي....بحبك اكتر مما تتخيلي ...
ابتسمت له من وسط دموعها وقالت وهي تهز رأسها :
-طبعا موافقة ...وانا كمان بحبك يا جورج ....
قبل كفها وقال:
-بكرة هفاتح بابا في الموضوع عشان اتقدملك...
.....
خرج من شروده وهو يمسح وجهه بقهر ....الذكريات هي الجزء الاسو أ من كل قصة  حب فا شلة ...الذكريات هي من تجـ لده الآن ...ذكريات حبها التي تخبره انه لم ولن يتوقف عن حبها يوماً .....
.........
خرج من الحمام واتجه لغرفته ليجدها نائمة ...تنهد براحة ونام بجوارها ولم يدرك أنها مستيقظة تكتم أنفاسها بشق الأنفس كي لا يتضح له انها تبكي !!!...
اسرعت بوضع كفها على فمها ...لا تريد أن تكون مثيرة للشفقة اكثر من هذا ...
اغمضت عينيها وهي تتذكر حديثها مع والدة جورج في خطبتهما ...
......
-خلاص استسلمتي بالسرعة دي يا ماريانا ...انتِ بتحبي جورج من صغرك ...من وقت ما كنا جيران ...و جات الفرصة واتخطبتوا ...جاية  دلوقتي عايزة تفسخي الخطوبة عشان حاجة تافهة....
عضت ماريانا شفتيها لكي لا تنفجر بالبكا أمامها وقالت بصوت مخنوق :
-يا طنط دي مش حاجة تافهة ...قلب ابنك مش معايا ...هو مش بيحبني ...هو بيحب....بيحب ...
اطرقت برأسها والدموع تنهمر من عينيها لتقترب منها عفاف والدة جورج وتربت على رأسها وتقول:
-بيحب سيلا...صحيح ...
توجع قلبها من تلك الثقة التي في نبرة حماتها لتكمل عفاف وتقول:
-بس سيلا مش هنا ...انتِ اللي هنا يا ماريانا 
..وهتكسبي قلب جورج وهتخليه ينساها للأبد ....
...
خرجت من شرودها والدموع تنهمر اكثر وهي تفكر انها لا تجني منه الآن سوى الألم ...لقد حطمها من أحبته !!
................
في اليوم التالي...
ولجت الى المنزل وهي تتنهد أخيرا براحة بعد يوم طويل من العمل...اليوم كان الجو حار بشكل لا يصدق ...لقد اقتـ حم الصيف البلدة بدون رحمة .....أخيراً رفعت نقابها وهي تبتسم فتظهر غمازتها الوحيدة على جانب وجنتها وتقول :
-ماما دلال أنا جيت...
ثم اتجهت للصالة لتتجمد وهي ترى اعتماد جارتهم ...تلك المرة التي تكاد تجزم انها لم تحصل على عناق واحد منذ صغرها ....لديها لسان حا د اكثر من السـ كين...ابتسمت رحيق ابتسامة صفراء وقالت :
-اهلا بيكي يا ام على ازاي حضرتك ؟!
لوت اعتماد شفتيها وقالت:
-وعلى ايه لابسة النقاب يا بنتي في الحر ده ..
انتِ مش حلوة يعني عشان تفتني الشباب...سيبي النقاب للبنات الحلوة...
تجمدت مكانها وحا ربت كي لا تتصاعد الدموع بعينيها ...لقد اعتادت على لسانها السليط ...واعتادت ان تسمع والدتها اها نة السيدة اعتماد لها وتصمت ...
نظرت رحيق الى دلال ...تترجاها لكي تتدخل ولكن دلال تجاهلت توسلها تماما وقالت:
-يالا غيري هدومك وجهزي الأكل عشان اخواتك زمانهم جايين...
أطرقت رأسها بيأس ...ماذا توقعت ...هل توقعت ان تقف بجوارها ...هذا لن يحدث ...
-حاضر يا ماما دلال ...
ثم ولجت مسرعة لغرفتها وهي تمسح الدموع التى انسكبت من عينيها ....
تأ.لم قلب دلال وهي تنظر لأثرها ...لا تحب ان تعاملها بتلك الطريقة ...ولكنها ابدا لن تنسى انها ابنة ضر تها....لن تنسي انها ابنة المرأة التي تزوجت زوجها ...
.......
بدلت رحيق ملابسها بعباءة بيتية ...وسرحت شعرها ثم ربطته بكعكة ووضعت على شعرها حجاب كي لا يتساقط بالطعام ثم خرجت متجهة للمطبخ....وقفت أمام الموقد وهي تبدأ في التجهيز بإعداد المكرونة ...دون ان تشعر وجدت الدموع تنساب من عينيها ثم بدأت تشهق بصوت خافت حتى غطت وجهها بكفيها وهي تبكي أخيراً ...

.........،
تنهدت دلال ونظرت الى اعتماد بضيق وقد تغلب  عليها ضميرها وقالت :
-تاني مرة متتكلميش مع رحيق بالطريقة دي ...مش معنى اني بسكت اني موافقة على الوضع ده يا اعتماد ...دخلتي بيتي يبقى تحترمي اللي فيه !!!
نظرت إليها اعتماد بدهشة ...كانت حقا مصدومة منها ...كيف تدافع عنها ....
لوت فمها وقالت:
-بتدافعي على بنت ضر تك يا دلال ؟!
-ايوة بدافع عنها يا اعتماد ولو سمحتي متغلطيش فيها تاني طالما انتِ في بيتي لاما هزعلك بجد ...
كانت كلماتها حا دة وعينيها تشتعلان بالنيران ...كانت اعتماد مصدومة من ان دلال تدافع عن ابنة ضرتها ...لم تفعل هذا من قبل ...لم تدافع عنها بل كانت اعتماد تلقيها بالكلمات السا.مة وتراقب بإستمتاع صمت دلال وملامح الذ نب التي تكسو وجهها ولكن دلال قد تغيرت ...
نهضت اعتماد بضيق وقالت:
-انا ماشية ..
ولم تنتظر رد دلال بل ذهبت في حال سبيلها ...
بعد ان ذهبت تنهدت دلال وهي تغمض عينيها بتعب ....هي لا تنسى ...مهما حاولت لا تنسى ...ولكن الشعور بالذ نب يمنعها ان تتمادى في اذ ية رحيق ...يكفي ما تحملته الفتاة منها منذ صغرها ورغم ذلك ظلت رحيق دوما تحسن إليها ....تعاملها كوالدتها ...آه ماذا تفعل بعقلها الذي يرفض ان ينسى ما فعله زوجها رحمة الله عليه ...كيف تنسى......
انتبهت عندما ولج أمجد للمنزل وهو يحمل حقيبة بلاستيكية ويقول :
-ست الكل اخبارك ..
ثم اتجه إليها وقبلها على رأسها وقال:
-جيبت الايس كريم اللي بتحبيه ...وجبت للكل كمان ....
ابتسمت دلال له وقالت:
-طيب شيلهم في الفريزر لحد ما رحيق تعمل الاكل ....
-هي رحيق برضه اللي هتعمل الاكل لوحدها يا امي اومال نوران فين يا امي ...
-اختك في الكلية يا أمجد فيه ايه...
زفر أمجد بضيق وقال:
؛مفيش حاجة يا أمي ...عن اذنك ...
ثم ولج للمطبخ وهو يبتسم ويقول :
-رحيق ...شوفي جيبتلك ...
صمت فجأة وهو يراها تستدير بفزع وتمسح دموعها ...نظر إليها بصدمة وقال:
-مين زعلك؟!
هزت رأسها بسرعة وقالت:
-مفيش حاجة يا أمجد ...بس عينيا وجعاني...
نظر إليها حتى احمر وجهها وقال:
-رحيق متكدبيش مين زعلك ؟!
ابتلعت ريقها بعسر وقالت:
-محدش زعلني ...عيني و جعاني بس ....
أطرق برأسه وهو يقترب منها وقال :
-الست اعتماد كانت هنا صح ؟؛
لم ترد عليه بل انسابت الدموع من عينيها اكثر ليتنهد وهو يعانقها ويقول :
-حقك عليا أنا يا رحيق ...حقك عليا أنا ...
....
بعد قليل ...
خرج أمجد من المطبخ واتجه لغرفة والدته ودخل بعد ان اذنت له بالدخول ....عينيه العسلية كانت تتشبعان باللوم لوالدته وقال:
-ماما لحد امتى هتسمعي اها نة الست اعتماد لأختي وتسكتي ...ولا تحبي أنا اتكلم معاها...
تركت والدته الصور التي كانت تمسكها وقالت:
-انا نبهت عليها ...
-التنبيه مش كفاية دي واحدة لسانها سـ م هتفضل تضايق أختي ..وانا مش مستعد اسمع اها.نة لأختي واسكت المرة الجاية أنا اللي هتدخل ...
نظرت اليه والدته بحدة وقالت :
-انا اتكلمت معاها خلاص يا أمجد ...
-أمي انتِ بتسكتي كتير على حق رحيق ....بتحاسبيها على حاجة هي معملتهاش ...ملهاش ذ نب فيها ....
-بس خلاص اسكت ...
قالتها بجر ح وقد بدأت الدموع تتجمع بعينيها ليكمل أمجد بأسف:
-أمي انتِ أغلى حد في حياتي كلها ...أنتِ جنتي وانا خايف عليكي ...رحيق يتيـ مة الأب والأم ...وملهاش غيرك فمتجيش عليها لو سمحتي ...عن اذنك ...
ثم تركها وغادر لتطرق برأسها وهي تجهش بالبكاء بينما ذكرى بعيدة تعصف بعقلها !!!
.......
-أنا وافقت انك تتجوز عليا وحطيت جز.مة في بوقي وانا بشوفك بتروح لوحدة غيري وكنت بموت وانا بتخيل انك بتقولها نفس الكلام اللي بتقولهولي !!! استحملت وصبرت لكن متجيش كمان تحط الملح على الجرح وتطلب مني اربي بنت ضرتي يا حسني ...ده مستحيل اتقبله.....
توسعت عينيه البنية بصدمة وقال:
-سامعة نفسك بتقولي ايه ؟!البنت أمها ماتت ...صفية ماتت يا دلال ...ورحيق تبقى بنتي عايزاني اعمل ايه؟!أرميها في الشارع !!!!
مسحت دموعها وقالت:
-أكيد لا بس صفية ليها أهل وهما اولى ببنت بنتهم مش انا خالص ...
-بقولك رحيق بنتي ....بنتي !!!!وهتتربى مع اولادي امجد ونوران وده اخر كلام عندي يا دلال ...دي كلمتي اللي محدش هينزلها ..حتى انتِ!!!
خرجت من شرودها والغضب يتصاعد بعينيها ...لن تنسى ابدا ...لن تنسى أو تغفر !!!
............
في منزل الخالة نوال....
كان صوت القرآن يملأ المكان ...نساء متشحات بالسواد ..اليأس يملأ ملامحهم بسبب وفاة نوال تلك المرأة الرائعة ..وأكثرهم حزناً كانت مياس التي جلست في مكان بعيد نوعا ما ...تغطي وجهها بالكامل...لا تبكي ..او تصرخ فقط شاردة. ..لا تصدق ما هي فيه الآن ...تقول بداخلها ان هذا حلم سئ وسوف تستيقظ منه قريباً.....
فجأة نهضت بتحفز وهي تراه يقترب منها....كيف يجرؤ على الدخول هنا !!!كانت مصدومة بحق ....جلال الحسيني ظهر في حياتها بعد سنوات من الجفاء...
-البقاء لله يا مياس...
قالها جلال الحسيني وهو يقترب من ابنة اخيه التي تغطي وجهها بنقاب اسود ...ما يظهر فقط عينيها وكم الحقد فيهما له ...كان الحقد موجه إليه ...
-حضرتك جاي ليه ؟!
قالتها بجمود ليرد ؛
-جاي اعزيكي في خالتك ...
-متشكرين عزتني ...اتفضل أمشي لو سمحت ....
حاول ان يسيطر على نفسه ...وتفهم ما تمر به والخطأ الجسيم الذي ارتكبه بحقها وقال :
-مش جاي اعزيكي بس يا مياس ....أنتِ هترجعي معايا اسكندرية!!!!

 •تابع الفصل التالي "رواية أسرت قلبه" اضغط على اسم الرواية 

reaction:

تعليقات