رواية ميثاق الحرب و الغفران الفصل الثاني عشر 12 - بقلم ندى محمود
(( ميثاق الحرب والغفران ))
_ الفصل الثاني عشر _
كانت تنزل الدرج وهي تتلفت حولها بقلق خشية من أن يراها أحد لكنها وصلت بالأخير للطابق الأرضي بسلام.. وقفت عند آخر السلم وتلفتت حولها بسرعة ثم اندفعت مسرعة نحو باب المنزل عندما لم تجد أحد بالأرجاء حولها، كانت بيد تحمل الحقيبة واليد الأخر مدتها لمقبض الباب لكي تفتحه وهي تشعر براحة وسعادة أنها ستتخلص من ذلك الجحيم ومن ذلك المتسلط الذي يسمى زوجها، لكن فجأة وجدت يد تمتد وتغلق الباب مجددًا وحين التفتت ورفعت رأسها وجدته عمران.. شعرت وكأن دلو من المياه البارد سكب فوق جسدها فهي منتهية لا محال بعدما أمسك بها وهي تحاول الهروب، ازدردت ريقها بخوف حقيقي هذه المرة من نظراته المتوعدة والقاتلة ثم وجدته يقبض على ذراعها بعنف وينحنى يحمل الحقيبة بيده الأخرى ليجذبها معه بقسوة للأعلى حيث غرفتهم.. ذلك المتجبر يخيفها حقًا وهي لم تكن تخشى أحد من قبل أبدًا.
وصلا للغرفة ودفعها للداخل بعنف ثم دخل والقى الحقيبة على الأرض بعدم اكتراث وأغلق الباب، ثم اندفع نحوها كالثور الهائج يقبض على ذراعها ويلويه خلف ظهرها صارخًا بها:
_مستنياني أنام كنتي عشان تغفليني وتهربي فكراني نايم على وداني ولا عبيط وبريالة
صرخت بألم وصاحت به في غضب:
_ آاااه سيب يدي ياعمران
اكمل صراخه المرعب بها:
_ ده أنا هكسرهالك هي ورچلك دلوك عشان تعرفي تهربي زين بعدين
رغم الرعب المهين عليها إلا أنها صرخت به بتمرد واشمئزاز:
_ معوزاكش ولا عاوزة أفضل معاك في بيت واحد
دفعها بقسوة فسقطت فوق الفراش وأشرف عليها بجسده العريض يصرخ بها بصوت رجولي نفضها:
_ مش بمزاچك أنا چوزك وغصبن عنك هتكوني في المكان اللي أكون فيه، وحطي مية خط تحت چوزك يعني أنتي شايلة اسمي لو الشيطان وزك في دماغك تعملي حركة تاني وتحطي راسي في الطين، أنا اللي هقتلك يا آسيا فاهمة ولا لا
هزت رأسها بالموافقة دون وعي منها من فرط خوفها ثم وجدته يبتعد عنها ويستقيم واقفًا ليعود إلى الباب ويغلقه بالمفتاح ثم يخرجه ويضعه بجيبه هاتفًا:
_ من إهنه ورايح أنتي هتتحبسي صُح في الأوضة ورچلك مش هتعتب برا
انتصبت جالسة وهي تطالعه بغضب وعجز بينما هو فحدقها بقرف واقترب نحوها مجددًا ودخل للفراش ومد يده للضوء بجواره يطفأ الأضواء ثم صاح بها حين وجدها تجلس متسمرة دون حركة:
_ اتخمدي متقعديش إكده قصادي كيف الصنم
ابتلعت غصة مريرة في حلقها واستقامت واقفة ثم جلست على الأرض بمكانها وهي تحدق في الظلام أمامها بأسى وألم.....
***
داخل منزل خليل صفوان تحديدًا بغرفة خلود......
كانت تتحدث في الهاتف بصوت منخفض وهي تضحك بدلال وترد بكل ميوعة على الرجل الذي تتحدث معه أو بمعنى أدق حبيبها السري، وهو لا يتوقف عن إشباعها بكلمات العشق والغرام المزيفة التي تأخذ منحنى منحرفًا في بعض الأحيان.
هتفت مبتسمة بحماس:
_ مش ناوي تاچي تتطلب يدي عاد ولا إيه، أنا خايفة حد يعرف عاوزة نكون مع بعض والكل عارف
أجابها بنبرة عاطفية:
_ وأنا اكتر والله ياحبيبة قلبي بس أعمل إيه أنتي عارفة ظروفي، أول ما الدنيا تتظبط معايا هاچي اطلب يدك طوالي
خلود بيأس وضيق:
_ تعالى وأنا راضية بيك بأي حاچة حتى لو شقة بأوضة واحدة
هتف بلطف محاولًا التهرب من الأمر:
_ عارف ياحبيبتي بس ناسك مش هيوافقوا لازم لما اچي اطلب يدك أكون چاهز عشان اقدرك كمان قصاد الكل
ابتسمت بحب على أثر كلماته الرائعة وقالت في رقة:
_ طيب وأنا هستناك ياحبيبي
تنهد براحة أنه نجح في التخلص من ذلك الحوار المزعج وقال مسرعًا برغبة:
_ المهم دلوك أنا اتوحشتك وعاوز أشوفك
زمت شفتيها بحزن وقالت بعدم حيلة:
_ وأنا كمان اتوحشتك بس مش هقدر اقابلك الفترة دي.. أبويا وچدي مشددين عليا في الخروچ قوي وحتى علي بقى واقف فوق راسي
قال متوسلًا إياها بانزعاج:
_ اتصرفي ياخلود أنا مقدرش اصبر اكتر من كدا ليا شهر واكتر مشوفتكيش
تنفست الصعداء مغلوبة وقالت مبستمة بموافقة:
_ طيب هحاول بس اصبر يومين إكده اظبط الدنيا في البيت وبعدين اقولك ونتقابل وأشوفك
قبل أن يجيب عليها سمعت صوت طرق الباب المصحوب بصوت أخيها الرجولي:
_ خلود
ارتعبت وقالت بسرعة هامسة:
_ علي بيخبط على الباب أنا هقفل وأكلمك بعدين
أنهت الاتصال بسرعة مع حبيبها وتحكمت بأنفاسها المتسارعة لتستنشق نفسًا عميقًا وتخرجه زفيرًا متهملًا قبل أنا تقف وتتجه نحو الباب تفتح لأخيها وهي تبتسم هاتفة:
_ نعم ياعلي
هتف بصوت رجولي صارم وهو يسألها:
_ بتضحكي مع مين في التلفون في الوقت ده؟!!
ارتبكت وتلعثمت لكن تداركت نفسها بسرعة وقالت مبتسمة باتساع تحاول التصرف بطبيعية حتى لا تدع له فرصة ليشك بها:
_ ولا حد.. أنا كنت قاعدة على التلفون ومشغلة فيديوهات وبضحك عليها عادي ياعلي
طالت نظرته القوية قبل أن يقول بإيجاب:
_ طيب، عاوزة حاچة قبل ما اروح أنام؟
ردت بلطف وحب:
_ لا عاوزة سلامتك ياخوي، تصبح على خير
ابتسم لها ورد بحنو:
_ وأنتي من أهله
ثم تحرك من أمامها متجهًا نحو غرفته بينما هي فأغلقت باب غرفتها بسرعة فور رحليه وهي تتنفس براحة وتلتقط أنفاسها بسرعة من فرط التوتر الذي اجتاحها في تلك الثواني القليلة.
***
تنتظر بمكتبه داخل المعرض منذ ساعة وينام ابنها الصغير على الأريكة بجوارها واضعًا رأسه فوق فخذ أمه أما معاذ فخرج وراح يتجول ويقف مع والده، ودت أكثر من مرة أن تقف وتغادر لتعود للمنزل بمفردها لكنها تخشى جموحه فلم تعتاد منذ زواجهم أن تعصي أوامره أبدًا ولذلك بقت بمكانها تنتظره أن ينتهى من عمله كما أخبرها حتى يأخذها معه أثناء طريق عودته للمنزل، كانت بين كل لحظة والأخرى تهبط بنظرها إلى ابنها الصغير وتبتسم بدفء ممررة أناملها بكامل اللطف فوق شعره الناعم.
طال انتظارها وبدأت هي الأخرى تشعر بالنعاس لكنها قاومت ذلك الشعور بقدر إمكانها حتى لا تغفو هنا وبالأخير فشلت فبرغم محاولاتها القوية إلا أن عيناها أغلقت من تلقاء نفسها وفقدت القدرة في التحكم برغبتها في النوم حيث رجعت برأسها للخلف على الأريكة تستند على ظهرها مغلقة عيناها وقد غطت في سبات جزئي.
بعد وقت طويل نسبيًا انفتح الباب ودخل جلال وهو يقول:
_ يلا أنا خـ......
بتر عبارته في منتصفها حين رآها نائمة وعلى قدمها ينام ابنه الصغير، تحرك خطوة للداخل وأغلق الباب بهدوء دون أن يحيد بنظره عنهم وتوقف لبرهة من الوقت يتأملهم مبتسمًا بحب، ذلك المشهد الدافيء والجميل القى بكل ما يعتليه من ضيق وغضب وصنع بدلًا منهم سعادة وراحة.
تقدم بخطواته المتريثة تجاههم وانحنى على ابنه أولًا يلثم شعره بحنو مبتسمًا ثم انتصب في وقفته وسلط نظره عليها يتأملها بعتاب ونظرة مريرة، رغم كل هذا يشتاق لها بشدة وربما أن لم يختلس الفرصة الآن لن يحصل على أخرى.. استغل نومها الهاديء وانحنى عليها ببطء يلصق شفتيه بجبهتها يقبلها بكل لطف ثم انحرف بشفتيه للاسفل قليلًا يلثم وجنتها بعمق وهو مغمضًا عيناه.. كانت قبلته رقيقة وحارة بث بها كل غضبه منها وشوقه إليها، تلك الحمقاء تتعذب وتعذبه معها بسبب أفعالها السخيفة!.
استيقظت وشعرت بشيء غريب يلمس بشرتها الناعمة ففتحت عيناها دفعة واحدة وانتفضت جالسة وهي تصرخ تستنجد بزوجها بعدما ظنته رجل غريب يحاول التعدي عليها:
_ چــــلا
انتفض وابتعد عنها وبحركة سريعة كان يكتم بكفه على فمها يمنع صرختها وهو يقول بنظرة مشتعلة:
_ شششش ده أنا
هدأ روعها حين رأته وارتخت عضلات جسدها لتبعد يده عن فمها وتهتف بصوت لا يزال يحمل أثر الفزع:
_ كنت بتعمل إيه؟
اعتدل ووقف بصلابة يقول في جدية ونظرة باردة عكس التي كانت تشتعل حبًا وشوقًا منذ قليل:
_ ولا حاچة كنت بصحيكي عشان نمشي.. يلا قومي
سكتت رغم أنها لم تصدقه فهي متأكدة أنها شعرت بملمس شفتيه الغليظة فوق بشرتها لكن تجاهلت الأمر وامتثلت لأوامره ثم أشارت له برأسها على ابنهم الصغير النائم فاقترب وحمله فوق ذراعيه واستقامت هي واقفة تجذب حقيبتها وأكياسها وتسير خلفه وهي تسأله باهتمام وقلق:
_ معاذ فين؟
جلال بنبرة عادية وهو يسبقها بخطواته حاملًا ابنه:
_ في العربية مستنينا
سارت خلف خطاه بصمت وهي تتلفت حولها في المعرض الذي تقريبًا لم يتبقى به سوى بعض العمال، وحين خرجت ووصلوا للسيارة كان ابنهم ينتظرهم بالسيارة جالسًا بالمقعد المجاور لأبيه فابتسمت له بحنو وفتحت الباب الخلفي تدخل ثم انحنى جلال ودخل بنصفه ليضع ابنه بجوارها على المقعد فضمت هي صغيرها بين ذراعيها مقبلة شعره وخرج جلال ثم أغلق الباب وأستقل بمقعده المخصص للقيادة لينطلق عائدًا نحو المنزل.. كان الصمت القاتل يستحوذ عليهم طوال الطريق هي نظرها عالق عليه في المرآة تتطلع لعيناه التي بين كل آن والآخر تنظر لها بسرعة وكان معاذ يتابع الطريق باهتمام شديد غير عابئًا بما يسير بين والديه من تبادل نظرات كلها عتاب وغضب.
بعد دقائق طويلة نسبيًا توقفت السيارة أمام منزل إبراهيم الصاوي فقبلت فريال ابنها الصغير النائم في حضنها وابعدته عنها بحذر شديد ثم نزلت ونزل معاذ معها، ضمته هو الآخر لصدرها هامسة بحنان وحب:
_ خد بالك من نفسك ومن أخوك وذاكر زين يامعاذ متلعبش وتسيب واچبك.. تخلص واچبك ومذاكرتك الأول وبعدين تلعب واسمع كلام أبوك ماشي
ابتسم لأمه وهز رأسه بالموافقة يتمتم:
_ حاضر ياما
لثمت شعره بدفء ثم رتبت فوق كتفه بلطف لكي يستقل بجوار أبيه مجددًا ليرحلوا، وبمجرد ما أن ركب استدارت هي وسارت تجاه باب منزل والدها وقبل أن تدخل التفتت فرأت جلال ينظر لها ينتظر دخولها حتى يطئن ويغادر وبالفعل فور دخولها انطلق بالسيارة يذهب للشارع الخلفي حيث منزله.
***
كانت آسيا تقف بشرفة الغرفة بتلك اللحظة التي وصلت فيها فريال ورأت أخيها داخل السيارة وهو يودع زوجته بنظراته، ظنت أنه سيرفع نظره للأعلى حيث غرفة عمران لكنه لم يفعل وانطلق بسيارته عائدًا لمنزلهم، بقت بأرضها تحدق في أثره وعيناها غارقة بالدموع.. كان الألم يعصف بقلبها في عنف كلما تتخيل أنها لم يعد لها وجود بحياتهم حتى أنهم انتزعوها من بينهم والقوها كالقمامة، لهذه الدرجة لم تكن تعنيهم بشيء ولم يحبوها؟!.. ظنت أنها الوحيدة التي تحصل على كل الحب من عائلتها وكانت تلك الشيطانة خلود تحسدها عليه ولكن اتضح أن مع أول خطأ اقترفته نسوا كل ذلك الحب، لم ينصفها أحد بينهم والجميع كان ضدها يتهمها ويعاقبها على ذنبها الذي لم تقترفه.. ليتهم قتلوها لكان الموت ارحم من هذا العذاب الذي تعيشه الآن.
داخلت للغرفة المظلمة والقت نظرة على عمران النائم في فراشه بعمق ثم تحركت تجاه فرشتها فوق الأرض وجلست مستندة بظهرها على الحائط وتضم ساقيها لصدرها تبكي بصمت ، عبراتها تنهمر فوق وجنتيها ساخنة كالنيران من فرط حرقتها وتحدق في الفراغ أمامها بنظرة لا روح بها حتى انتفضت على صوت رنين هاتفه المرتفع فاسرعت وتمددت على الأرض تضع رأسها فوق الوسادة تتصنع النوم.
فتح عمران عيناه بخمول على أثر صوت رنين هاتفه المزعج ثم مد يده وجذبه ليجيب على المتصل الذي كان ضمن أحد الشباب الذين يعملون في وكالة العطارة وكان يريد إخباره بشيء مهم يخص العمل، ورغم الغيظ الذي استحوذ عمران من اتصاله في ذلك الوقت وأنه تسبب في استيقاظه من نومه لكن تمالك أعصابه ورد عليه بهدوء مزيف وصوت ناعس:
_ طيب خلاص لما آچي بكرا نبقى نشوف الموضوع ده.. هو ده وقت تتصل فيه عشان الشغل
رد الشاب معتذرًا بأدب:
_ معلش يامعلم صحيتك من النوم أنا مكنتش عارف أتصرف كيف لغاية الصبح عشان إكده اتصلت بيك
مسح عمران على وجهه متأففًأ ورد بنفاذ صبر:
_ طيب اقفل خلاص دلوك وروح بيتك نام بزيادك
_ حاضر يامعلم، تصبح على خير
انهى الاتصال والقى بالهاتف على الفراش في عدم مبالاة، وقبل أن يخلد للنوم مرة أخرى رفع رأسه قليلًا والقى نظرة عليها فوجدها نائمة.. كان سيهم بالنوم مجددًا لكن اقتحمت أذنه صوت شهقة انفلتت منها ورغمًا عنها بسبب بكائها، تمعن بها للحظات في صمت وزفر بخنق حين أدرك أنها تبكي، تلك الساذجة تدفعه بتصرفاتها المستفزة والعشوائية لإخراج اسوء ما به وهو لم يعنف ولم يعامل امرأة بقسوة كما يفعل معها بسبب تصرفاتها حتى لو كانت تستحق.
استقام جالسًا فوق الفراش وانزل قدميه على الأرض مستندًا بكفيه على حافة الفراش من جانبيه ويقول بصوت رجولي قوي:
_ لساتك صاحية لغاية دلوك ليه؟!
رفعت أناملها تجفف دموعها بسرعة وترد بصلابة دون أن تنظر:
_ معاوزاش أنام
سمعت لهجته الآمرة وهو يقول بانزعاج واضح:
_ طب قومي اتعدلي وكلميني كيف ما بكلمك مش مدياني ضهرك
زفرت بنفاذ صبر ولم تكن بحال يسمح لها للعناد والشجار معه فامتثلت لأمره واستقامت جالسة ثم استدارت له وقالت بتهكم وقرف:
_ أي أوامر تاني يامعلم عمران!
تجاهل لهجتها التهكمية حتى لا يفقد أعصابه عليها وقال بنظرة قاتلة وهو ينحنى بجزعة للأمام حتى يصبح أكثر قربًا منها:
_ كنت ناوية تروحي وين؟!
أشاحت بوجهها عنه للجهة الأخرى وردت بكِبر:
_ معرٍفش أي مكان المهم اطلع من البيت ده
استفزه ردها فقال بغضب بدأت تلوح بشائره في مقلتيه:
_ آه يعني كنتي هتطلعي من البيت وتلفي بشنطتك في نص الليالي في الشوراع صُح؟
لم تجيبه واكتفت بالصمت فهي فعلًا لم تكن محددة مكان بعينه لتذهب إليه، تصرفت بتهور وكانت فقط تريد الفرار من ذلك الجحيم الذي الُقت به ولم تفكر جيدًا بنتائج فعلتها، بينما هو ففشل في حجب انفعالاته أكثر من ذلك عندما قابل ردها بالصمت وانحنى عليها أكثر يصيح بها بعصبية:
_ أنتي غبية ولا بتفكري بس في الانتقام والقتل وشاغلة دماغك بيه، واحدة مكانك المفروض تحمد ربها أنها خرچت من المصيبة دي سليمة واتچوزت قبل ما تتفضح
استاءت بشدة وراحت هي الأخرى تصيح به:
_ ده على أساس أنك اتچوزتني عشان سواد عيوني يعني، ما أنت وافقت عشان الفضيحة متطلوكش كمان وعشان تنتقم مني على اللي عملته معاك
طالت نظرته الغاضبة لها قبل أن يهتف:
_ والفضيحة دي مين السبب فيها مش أنتي ومصايبك
اشتعلت وتلونت عيناها باللون الأحمر لتهب واقفة تصرخ به بجنون:
_ أنت وأبوك السبب في كل ده لما قتلتوا أبويا وقومتوا حرب أنتوا مش قدها صدقني هيچي اليوم اللي يدوق فيه إبراهيم الصاوي طعم الغدر كيف ما غدر بأبويا
تتهمه بذنب عظيم لم يقترفه ولم يكن ليقترفه أبدًا مما جعل جموحه يلتهب أكثر ويخرج عن طور هدوء المزيف فيستقيم وينقض عليها لترتد هي بتلقائية حتى اصطدمت بالحائط ورآته يشرف عليها ويحاصرها بجسده القوي بين الحائط وبينه صائحًا:
_ مية مرة اقولك حسك ميعلاش عليا، لمي لسانك ومتنيسيش أن ده أبويا
لم تكترث لا بصيحته ولا بتهديده وتطلعته بكل شراسة تهتف في غضب من قربه الشديد منها:
_ بعد عني
حين وجدته لا يعيرها اهتمام ويقف كما هو كالسد لا يتزعزع من مكانه انفعلت وحاولت دفعه بيديها صائحة:
_ بعد ياعمران متقربش مني
قبض على كفيها بقوة يوقفها عن دفعه هاتفًا بنظرة مميتة منذرًا:
_ اتقي شري يا آسيا وحطي عقلك في راسك متخلنيش اعمل حاچة اندم عليها بعدين
لم تتمكن من تحرير يديها من قبضتيه واستسلمت لقوته الجسدية التي تفوقها متوقفة عن المقاومة فقط كانت تنظر لها بشراسة وغيظ، تنتظر أن يحررها بنفسه وبالفعل عندما وجدها هادئه وتوقفت عن العناد وأنه نجح في ترويضها ترك يديها ببطء والقى عليها نظرة أخيرة كلها شدة قبل أن يستدير مبتعدًا عنها ليعود لفراشه مرة أخرى، بقت متسمرة مكانها تتابعه وهو يتمدد مجددًا فوق فراشه ويرمقها بقوة فبادلته النظرة وتقدمت نحوه ثم انحنت على كبس الكهرباء وأغلقت الضوء وهي تشتمه في نفسها، تشتعل غيظًا منه لكنها لا تستطيع مجابهته ولا يمكنها فعل شيء سوى السكوت والاستسلام، " تبًا لذلك الخوف الذي يتركني اسمح له بأن يتمادى معي" قالتها بينا وبين نفسها بضعف وسخط، ثم تمددت على الأرض بمكانها نائمة على ظهرها تتطلع في السقف وهذه المرة كانت تحاول النوم حقًا علها تهرب لبعض الوقت مع أحلامها بعيدًا عن واقعها المرير.
***
خرجت جليلة من غرفتها وقادت خطواتها البطيئة تجاه الغرفة المجاورة لها حيث غرفة ابنتها، لا تدري ما الذي دفعها للذهاب لغرفتها لكن قدماها قادتها دون إرادة منها أو ربما قلبها الحزين والمشتاق لابنتها هو من قادها.
فتحت الباب ودخلت ثم اغلقته خلفها مجددَا ووقفت عنده تتجول بنظرها في أرجاء الغرفة بوجه عابس، لم يعد لها وجود ليس بغرفتها فقط بل بحياتهم كلها بعد فعلتها.. رغم أن قلبها لا يصدق أنها ارتبكت ذلك الذنب لكن ما رأته بعيناها كان أقوى من كل شيء ولم تجد مبرر واحد حتى لتدافع عنها بينها وبين نفسها، بعد زوجها هي لم يتبقى لها سوى أولادها وكانت تكرث حياتها للعيش من أجلهم وها هي فقدت أحد شقي قلبها، لا يمكنها التوقف عن التفكير بابنتها.. ماذا تفعل بمنزلهم وكيف يعاملونها وماذا عن زوجها ماذا يفعل معها، رغم أن آسيا ليست بفتاة يراودك القلق عن حالها لكن بعدما حدث لم تعد متأكدة أن كانت مازالت تحتفظ بقوتها أم أنهارت وهي بين هؤلاء الوحوش وحيدة بمنزلهم لا تملك أحد ليقف بظهرها ويحميها.
يوجد تضارب بالمشاعر داخلها ما بين الغضب والحزن والإنكار، واحتارت أيهم تتبع.. ذلك الغضب الذي بصدرها من فعلة ابنتها المشينة كان أقوي حتى من حزنها وإنكارها لحقيقة أنها فعلت من الأساس، فصورتها وهي بين ذراعين عمران كفيلة لإشعال نيران السخط والخزي في قلبها على ابنتها وما فعلته.
سقطت عيناها بينما كانت تدور بأنحاء الغرفة على صورة لزوجها فوق الفراش فتقدمت ببطء نحوها ثم جلست على حافة الفراش والتقطت الصورة بين يديها تتأملها بألم وشوق وبلحظة انهارت باكية وهي تلفظ باسمه بين بكائها، يتمزق قلبها أربًا على فراق زوجها ورفيق دربها الذي سُرق منهم بلحظة غدر وفجأة دون وداع حتى.. بلحظة فارق الحياة وهو غارق بدمائه على الأرض ولم يكن لدى أحد الفرصة لمحاولة إنقاذه.. لكن هيهات فـ حتى لو حاولوا كانت محاولاتهم ستبيت بالفشل أمام ساعة القدر.
شردت بين بكائها بإحدى ذكرياتهم معًا قبل وفاته بخمسة أشهر .........
دخلت غرفة الجلوس الواسعة حيث كان هو يجلس بها بمفردها واقتربت منه حاملة كأس الشاي فوق صينية صغيرة ثم انحنت على المنضدة الصغيرة التي أمامها ووضعت الصينية هاتفة ببسمة عذبة:
_ الشاي ياحچ
جذب الكأس وارتشف منه بتريث ثم أنزله عن فمه وتطلع لزوجته يبتسم لها بود هاتفًا:
_ تسلم يدك يا أم چلال
جليلة مبتسمة بحب :
_ بالهنا والشفا
رأته يشير لها بيده أن تجلس بجواره وهو يقول بجدية:
_ تعالى اقعدي عايزك في موضوع مهم
ضيقت عيناها باستغراب لكنها امتثلت لطلبه وجلست بجوارها هاتفة بحيرة:
_ خير ياحچ قلقتني حُصل حاچة ولا إيه؟
ابتسم خليل باتساع وقال وهو يملس على ذراعها بلطف:
_ خير أن شاء الله متقلقيش.. عارفة واد أشرف سيد
هزت رأسها بالإيجاب وردت باستغراب:
_ أيوة يوسف الكبير عارفاه ماله
قال خليل مبتسمًا:
_ النهاردة أشرف كان عندي في المعرض واتكلمنا وفتح معايا موضوع وكان بيلمح إكده أنه عاوز يچيب ولده ويتقدموا عشان آسيا
اتسعت عيني جليلة باتساع وقالت مدهوشة:
_ عشان إكده مرته چات أمبارح وأصرت تقعد مع آسيا وفضلت تشكر فيها وتشكر في ولدها قصادنا أنا فهمت بس قولت يمكن بتقول إكده وخلاص.. لكن اتاري الموضوع طلع چد عاد
خليل بجدية وصوت رجولي هاديء:
_ لغاية دلوك مفيش حاچة أكيد بس لو حُصل اتكلمي مع آسيا وعقليها واقنعيها توافق، عاوز اطمن عليها وافرح بيها قبل ما أموت
عبس وجه جليلة ونهرته بلطف وضيق هاتفة:
_ متقولش إكده ربنا يباركلنا فيك ياحچ هو احنا لينا مين غيرك
ابتسم لها بدفء وفرد ذراعه يضمها لصدره مقبلًا رأسها بحنو لتبتسم هي بود وتسكن بين ذراعيه......
فاقت من ذكرياتها وقد اشتدت حدة بكائها، من جهة قلبها موجوع على ابنتها ومن جهة يتمزق من أجل زوجها الذي فارقهم.
***
بصباح اليوم التالي داخل منزل إبراهيم الصاوي.......
كان عمران يجلس بغرفة الجلوس الصغيرة التي بالطابق الثالث و بيده يمسك كوب قهوة يرتشف منه بكل تريث وسط نظراته الثاقبة من النافذة يحدق في الفراغ بعقل شارد، الضغوط تزداد قسوتها مع الوقت.. ما بين العمل وبين زوجته وبين عائلته، ومن جهة أخرى مازال يحاول استيعاب كيف انقلبت حياته رأسًا على عقب بيوم وليلة وبمجرد كلمة تفوه به أنه موافق على الزواج، فإذا به بليلة وضحاها وجدها داخل عرينه ويجب عليه ان يتبع أسلوب خاص مع امرأة تعطشت على روحها وعبثت معه! .
انفتح باب الغرفة ودخل بشار الذي قاد خطواته بكل هدوء واقترب ليجلس بجواره دون أن يتفوه ببنت شفة فقط القى بنظره من النافذة مثله صامتًا وكأنه هو أيضًا لديه من الهموم ما تكفيه، لكن أحد أهم همومه لم تكن غامضة وعمران يعلمها جيدًا حيث ابتسم له وقال:
_ لساتك في الموضوع ده يا ولد عمي!
أدرك ما يرمي إليه فاستاء وقال بصيحة بسيطة:
_ عاوزني أعمل إيه يعني ياعمران!
هتف عمران بنبرة غليظة وغاضبة:
_ يعني تطلعلها من راسك يا بشار وتفوق، رحاب كلها شهرين ولا تلاتة وتتچوز هتفضل لغاية ميتا إكده
صاح بشار منفعلًا:
_ وأنا بحاول لكن بلاقيها طلعت قصادي كل شوية
كان عمران يحتفظ بهدوءه منذ فترة كبيرة حتى لا ينفعل عليه ويكسره لكن فاض الكيل لم يعد يتحمل رؤيته على هذه الحالة المزرية حيث قال بنظرة قوية:
_ لازم هتطلع قصادك كل شوية مش هي بت عمتك، مترميش اللوم على الظروف والعيب فيك أنت.. لو معرفتش تسيطر على قلبك مش هترتاح وهتچيب المشاكل ووچع الدماغ لروحك
ثم سكت للحظة وأكمل بقسوة وهو يشير تجاه قلب بشار بأصبعه:
_ متخليش ده يچرك وراه كيف الغنم.. أنت اللي تمشيه عشان متندمش بعد إكده
رغم حدة كلماته إلا ان بشار التزم الصمت لأنه يعلم أنه على حق بكل حرف تفوه به، الخطأ منه لأنه لا يستطيع التحكم بمشاعره التي تدفعه للهاوية تدريجيًا.
دام الصمت لبرهة من الوقت بعد جملة عمران الأخيرة، لكنه قطع الصمت هذه المرة بشار الذي نفض عن عقله أي فكرة متعلقة بابنة عمته وقرر التركيز على شيء مختلف حيث سأل عمران بجدية:
_ أنت إيه الدنيا معاك؟
اكتفى بهز رأسه بالإيجاب كإجابة على سؤاله فاتجه بشار بسؤاله للعمق أكثر حيث قال بترقب:
_ناوي تعملها حاچة على اللي عملته معاك بعد ما بقت مرتك؟
استقرت في عيني عمران نظرة شرسة ومخيفة وهو يجيب على ابن عمه بحزم:
_ قولتها بلسانك بقت مرتي يعني اللي حصل واللي هيحصل هيفضل بينا أنا وهي بس يابشار، ومش هتساهل لو كلمة اتقالت إكده ولا إكده عليها
ضيق بشار عيناه بدهشة من تحوله المفاجيء لكنه ابتسم ورد بود مازحًا:
_ طب أهدى يامعلم خلاص مكنتش اقصد حاچة.. أنت عارف أنا مقدرش أقول كلمة بقت مرت أخويا خلاص
رتب عمران على كتفه مبتسمًا بعدما هدأت حدة نظراته واستقام واقفًا يقول بنبرة عادية:
_ أنا هنزل البس عشان اروح الوكالة وأنت خلص اللي قولتلك عليه في المخزن وتعالى ورايا عشان في كام حاچة محتاجة نظبطها سوا
أماء له بشار بالموافقة وبقى مكانه حتى بعد رحيل عمران وراح يفكر في كلماته حول مشاعره تجاه ابنة عمته التي استحوذت على تفكيره وقلبه.
***
وثبت واقفة حين سمعت صوت الباب ينفتح، ووقفت تنتظر دخوله وحين ظهر بهيئته القوية واستقرت نظرته الجامدة عليها هدأ جموحها تلقائيًا خوفًا منه.. فيبدو أن العناد ومحاولة فرض شخصيتها عليه لن يجدي بشيء سوى بالمتاعب لها.
تابعته بصمت وهو يدخل ويغلق الباب ثم يتجه نحو خزانته لكي يخرج ملابس له قالت بنبرة هادئة بدت مستسلمة لا تليق بها أبدًا:
_ هتفضل حابسني في الأوضة إكده لغاية أمتى ؟
رد بصوت غليظ دون أن يلتفت لها:
_ لغاية ما تحطي عقلك في راسك وتعرفي مصلحتك زين
اندفعت نحوه ووقفت خلفه مباشرة تهتف بغضب:
_ ومصلحتي عمرها ما هتكون معاك
استدار بجسده كاملًا لها فلم يكن يفصل بينهم سوى سنتي مترات قليلة، أخفض نظره لها بسبب فرق طول البنية الملحوظ وقال بنظرة فارغة كأنها فضاء وسبحت به ولم تعد تجد طريق الخروج:
_ معدش ليكي حد غيري
أصابها من أعمق نقطة وطالت نظرتها المتسعة إليها التي سرعان ما تلألأت العبرات في عيناها وقال بثبات وقوة رغم هشاشة قلبها بسبب ما تشعر به الآن:
_ معدش ليا حد صُح وناسي رموني بس متفتكرش إني إكده هقبل بالأمر الواقع عشان بس أنا محتچاك وأنت الوحيد اللي باقيلي كيف ما بتقول.. أنا عمري ما كنت محتاچة حد ولا هحتاچ دلوك
ابتسم بنظرات مستهزئة منها ثم قال بوجه مريب وصوت يثير الرهبة:
_ إيه رأيك نچرب ونخلي الخلق كلها تشوف صورك وبعدها نشوف هتبقى محتاچة راچل يقف في ضهرك ويحميكي ولا هتقدري تقفي قصاد الكل بطولك وحدك
اتسعت عيناها ثم قالت بعصبية:
_ ده على أساس أن أنا وحدي اللي في الصور ما أنت معايا والفضيحة هتطولك كمان
قال بنبرة خبيثة ونظرات شيطانية:
_ ملكيش صالح بيا أنا هعرف اطلع نفسي من الفضيحة بعد ما اطلقك طبعًا كيف ما أنتي عاوزة.. لكن أنتي هتعرفي تطلعي منها وأنتي لحالك ملكيش حد؟
غلت دمائها في عروقها واحتقن وجهها من فرط الغضب فدفعته بكفيها وهي تصرخ به بحرقة وعينان دامعة:
_ أنت عاوز إيه مني.. هملني وسيبني معاوزكش
قبض على يديها قبل أن تهم بدفعه مرة أخرى وقال بنبرة مرتفعة قليلًا ومرعبة:
_ عاوزك تبقي واعية وتشغلي دماغك.. كنت فاكرك ذكية بس طلعتي غبية
ضحكت بسخرية وقالت بغضب بعدما سقطت دمعتها:
_ ابقى واعية وامشي تحت اوامرك وانفذ كل حرف تقوله.. هو ده اللي عاوزني اكونه صُح!!
قال بصوت رجولي متحشرج:
_ سبق وقولتلك أنك تكوني تحت طوعي ده مش اختيار لا ده اچباري واتچبر عليكي من وقت ما رچلك دخلت البيت ده.. يعني رضيتي أو رفضتي هتنفذي أوامري يا آسيا
قالت بامتعاض وتمرد:
_ وأنا مش الچارية اللي اشتريتها
قال بنظرة ثاقبة شعرت أنها اخترقتها واحرقتها:
_ أنتي مش چارية، أنتي مرتي وده واچب عليكي
كادت أن تجيب عليه وتصرخ به لكن صوتها لم يخرج وشعرت بدوار شديد داهمها اختل توزانها على أثره ودون وعي منها تشبثت بذراعه لكي لا تسقط واطرقت رأسها أرضًا مغمضة عيناها، غضن حاجبيه بريبة على حالتها ثم لف ذراعه الآخر حول خصرها يعيد توزانها حتى لا تسقط وهو يسألها:
_ مالك؟!
لم تجيب حتى أنها لم تسمع صوته جيدًا وسرت برودة بجسدها جعلتها تتعرق ولوهلة شعرت بأنها ستفقد وعيها لكن أعادها للواقع نبرته القوية وهو يهتف:
_ آسيا مالك ردي عليا!!
فتحت عيناها بصعوبة ورفعت رأسها له تتطلع لصورة وجهه المشوشة بنظرات ضائعة.. وكانت تغلق عيناها وتفتحها بصعوبة كأنها تحاول مقاومة ذلك الدوار الذي أن استسلمت له ستفقد وعيها.. لكنها فشلت حيث مالت برأسها في تعب على كتفه مغلقة عيناها.
ظنها فقدت وعيها فاتسعت عيناه بصدمة وانتابه القلق حولها فحملها بسرعة ووضعها فوق الفراش ثم راح يضرب فوق وجنتها بلطف هاتفًا:
_ آسيا سمعاني!
خرج صوتها الضعيف دون أن تفتح عيناها وهي تقول:
_ أيوة.. أنا تعبانة وعاوزة ارتاح هملني لحالي
سألها بحيرة وقلق:
_ تعبانة كيف يعني.. إيه اللي تاعبك؟!
بدأ شعور الدوار يزول تدريجيًا وأدركت أنه يجلس بجوارها ملتصق بها ورائحة عطره الرجولي تخللت لأنفها فأعادتها لوعيها وتذكرت أنها للتو كانت نائمة فوق كتفه بكامل رغبتها.. ففتحت عيناها بسرعة وانتفضت بعيدًا عنه هاتفة:
_ أنا كويسة بعد عني
رفع حاجبه باستنكار وقال في حدة:
_ ما أنتي لساتك قايلة إنك تعبانة!
اضطربت من نبرته وقالت بثبات مزيف:
_ أيوة كنت دايخة وفوقت.. قوم امشي وروح شغلك ملكش صالح بيا
صر على اسنانه بغيظ وهو يشيح بوجهه بعيدًا عنها متمتمًا :
_ ياصبر، سبحان من مانعني عنك
ابتلعت ريقها وقالت بجدية غير مكترثة بغضبه:
_ قولتلك قوم امشي أنا مفياش حاچة خلاص
رمقها بنظرة مميتة قبل أن يستقيم واقفًا ويجذب هاتفه ومفاتيحه ويندفع لخارج الغرفة يتركها قبل أن يفقد زمام أنفعالاته عليها.. بينما هي فراحت توبخ نفسها بعنف على فعلتها وهي تترنح من فرط الغيظ، حاولت النهوض لكن تعبها منعها وبقت مكانها على الفراش ساكنة.
***
بتمام الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل.......
قاد عمران خطواته الهادئة صاعدًا الدرج متجه لغرفته بعدما انتهى من يوم شاق في العمل.. كان يتوق للفراش أكثر من أي شيء لكي يلقى بجسده المتعب عليه وينام بعمق.
وصل أمام غرفته وفتح الباب بالمفتاح وهو يفرك رأسه بإرهاق وتعب ثم دخل واغلقه خلفه، كانت الغرفة هادئة لا صوت بها والأضواء مغلقة، فاقترب من كبس الكهرباء وأضاء الغرفة ثم دار بنظره بحثًا عنها لم يجدها.. اشتدت حدة نظراته وظن أنها نجحت بطريقة ما وفتحت الباب وهربت مجددًا فاندفع نحو باب الحمام المغلقة أولًا وطرق عليه قبل يقتحم يقول بترقب:
_ آسيا أنتي چوا؟!
لم يحصل على رد منها ولم يتردد للحظة حيث فتح الباب بعنف ودخل لكنه تسمر بأرضه مدهوشًا من ذلك المشهد الذي رآه.........
.......... نهاية الفصل...........
التفاعل قليل على الفصول اتمنى الاقي تفاعل حلو الفصل ده وريڤيوهات وتعليقات ورجاءًا لو حد متابع في صمت يكتفى لو بمجرد لايك حتى عشان اعرف العدد اللي متابع الرواية.. تفاعلكم هو اللي بيشجعني اكمل والله ❤️
•تابع الفصل التالي "رواية ميثاق الحرب و الغفران" اضغط على اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق