Ads by Google X

القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية لا تتركني الفصل الثاني عشر 12 - بقلم اسماعيل موسى

 رواية لا تتركني الفصل الثاني عشر 12 - بقلم اسماعيل موسى 

لا_تتركنى

         ١٢

كان جسدها متحجر عندما نقلت غرفتها، تكاد تشعر ان لا حياه فيه، استدعى الطبيب الذى جاء على عجل وكتب لها مهدئات ومقويات وغرز فى عروقها حقنتين، طمأن الوالده قائلآ
____ لا أرى خطوره
تنهدت والدة ساره وتسألت بحذر
______لكن كيف حدث ذلك؟ سارة منذ يومها الأول وهى تتمتع بصحه جيده، انا لا استطيع تصور كيف يسقط انسان معافى هكذا مره واحده؟؟
همس الطبيب بثقه
______ مجرد ازمه عابره وستمر، بعد سويعات او دقائق ستنفتح عيونها، انها بصحه جيده مثل مهره، الغذاء ثم الغذاء يا والده، ثم اطبق الطبيب حقيبته الجلديه ومسح قطرات عرق تجمعت فوق حاجبيه، حرك نظارته الطبيه ولاحت منه شارده '' 
___هذه أول مره، اليس كذلك؟
غمغمت المرأه، القلقه، أجل
وكان الطبيب مائل للقصر والبدانه مثل جميع الأطباء ويميل وجهه للتجهم والكآبه قسمات توحى بعلو شأنه وقيمة مركزة فى هذا العالم الهاذى، ويمشى بسرعه  كأن كل مشكلات العالم فى انتظاره '' '
ودعه احمد امام على باب الشقه، شكر له تعبه، تساهله وقبوله الحضور للشقه رغم مشغولياته
والحقيقه ان العياده كانت شاغره فى هذا الوقت ولا يتجمع بها خلق كثر إلا بعد صلاة العشاء...................

إنغلق باب الشقه، ساره راقده فوق سريرها والآم الحزينه تجلس على مقربه منها
يعرف ان الامر ليس خطير وان وعيها سيعود بعد قليل''  وانه لابد أن يكون حاضر
ان ترى وجهه عندما تفتح عينيها، ان تفهم انه غير حانق عليها، وانه يسامحها ويعرف ان لديها أسبابها الخاصه.

___ ودع الوالده، قال انه سيعود بعد قليل، رغب فى تفقد الشقه، ان يعرف ماذا حدث. قصد الغرفه التى يحفظ داخلها النقود، الدرج مفتوح، النقود مختفيه، سرقت '' لا أحد يعرف انه يملك نقود، ولا احد يعرف انه يخفى نقود
هرع إلى الخارج، شقى عمره ضاع، يرغب بالصراخ، اى اتفاق جرى  خلف ظهره؟
__ اى خيانه تعرض لها؟
اى غدر؟ اى قذاره؟..

__ارتمى احمد امام على الأريكه، الأن تحققت ظنونه، كل شكوكه التى حاول طردها، لماذا يفشل الذين نمنحهم الفرصه؟ الذين نمنحهم الثقه المطلقه، وأطبق عليه اليأس بمخالبه حتى كاد يخرج ما فى معدته، اى جنون هذا؟
ازدرد ما تبقى من ريقه، فى المطبخ ابتلع جرعة ماء
ليست الخسارة ما تؤلمه، تقطع امعائه. بل الخيانه وترنح فى نشوة مظلمه وهو يسير نحو شقة ساره واصبحت كل الالوان غامقه امام عينيه
__طرق الباب ثم انتظر، فتحت عينيها؟
همس متسأل عندما لمح وجه الوالده
___ارخت المرأه جفونها، همست
___ أجل لكنها ترفض الكلام
غمغم احمد امام من مكانه '' 
____ستتحدث فى الوقت المناسب، عندما يجيء الحظ وتمنى لها صحه جيده
كان عليه ان يختفى، ان يتبخر، ان يرحل بخلقته لينطوى داخل شقته حتى يتعفن، ان يموت، ان يثمل بضبابيه الاستياء العاجزه، ان يمنح نفسه الوقت ليتجرع هبات الوجع وزوبعته فى صمت كما اعتاد طيلة حياته
ورغم انكساره لم ينسى احمد امام ما حاق به، اخرج كمبيوتره النقال، ببحث بسيط توصل ان الايميل الذى يتلقى عليه المراسلات مخترق ومراقب، امر معلوم وإلا كيف علمو بوجود النقود؟
من بإمكانه فعل ذلك غيره، الوغد يستخدم مهارته وخبراته لسرقة أخيه، ثم اردف بسخريه لكن ما دور الطيبه الملائكيه فى هذه فى المسرحيه السافله؟
وتحسر احمد امام هل يسمح لكل ذلك أن يمر؟
وغشيه ظلام دامس وتفجرت داخله فوهه من الشر والأنتقام انه يؤمن تماما ان هذه الجوهره المصونه لا يمكن أن تخونه بصوره عابره
__لكنه حانق. اجل حانق لأنها سمحت للأمور ان تصل لتلك الدرجه من التعاسه والبؤس
واغلق الغرفه على نفسه، وتلاشى بين ذرات الظلام والصمت، اصبح قطعه من الغرفه، مقعد، طاوله، حجر فى الجدار، يشاهد العالم من مكان بعيد حتى اطل الصبح فخرج من الغرفه.

لأول مره تفوته صلاة الفجر فى المسجد، يتوضاء احمد امام يقف بين يدى الله يدعوه ويرجوه ان يثبته يعتذر عن تقصيره يطلب المعونه والبصيره، ينتحب على السجاده ويبلل القماش، يارب لا تتركنى لاوهامى فأنا ضعيف، يارب لا تفتح للشك باب داخل صدرى فأن مقاومتى تخور.

وقف احمد امام على باب الشقه، طرق الباب بأصابع مرتعشه
انفتح الباب على وجه باسم
__ادخل يا احمد
ترافقه الوالده لغرفة ساره، تطلب منه الانتظار، تنبه ساره عن الضيف، تعدل ملابسها وتضلط غطائها
___لم تتحدث حتى الآن وترفض تناول الطعام
يرمقها احمد امام بطرف عينه
_، وجه يكسوه الحزن والانكسار والهزيمه مختفى تحت شلال من القماش، يعتصر قلبه، يتمزق، تغشاه ريبه ووجد
___ انت بخير؟
يسمع تنهيده طويله وترتعش الأطراف، امتناعك عن الطعام لن يحل مشكله ''
___لسان مقيد يحاول التحرك بين اطنان من الأسمنت المسلح تخونه القوه والأراده تعصف به الخيبات

___الباب مفتوح، تخرج الوالده
يهمس احمد امام
__اعدك ان احل المشكله، ان اعيد لك حقك، كيف يخبرها ان قلبه يقف على طرف سريرها يتمزق من الوجع؟
على اللقاء ان لا يطول أكثر من ذلك حتى لا ينهار، يتمنى لها السلامه، يهمس انا احتاجك
يغادر الغرفه بآسى. وجوده مهم وغير مهم، اذا كانت تشعر بالندم فعليه ان لا يريها وجهه، وجوده يجلب اللعنات واللمسات الشيطانيه.

يلقى احمد امام بنفسه فى بحور الشك والتيه، الظن كائن خرافي ملعون لا يمكن التحكم به او توقع خطواته
حالت ساره تسوء أكثر، لم يكن فقد عادى للوعى ينهض منه الإنسان بعد ساعه او ساعتين، كان انهيار ملك الأعضاء وقسى عليها، تصرخ ساره فى منتصف الليالى مرتعبه وتلقى بنفسها فى حضن والدتها، تهمس الوالده، الف بعد الشر عليك، عين وصابتك، افصحى لوالدتك بما ينغص عليك حياتك، لا اتحمل رؤيتك بهذا الوضع، ومرضت الام لمرض ابنتها الوحيده
نحل جسدها واصفر الوجه
ومضت الايام على يوسف بخير، جأت الرياح بما تشتهى السفن، تفتحت له أبواب الوجاهه والرزق، نجحت صفقاته المدويه، تعلم الدرس جيدا واتسع عمله ومكتبه، وعلى الجانب الاخر يتجرع احمد امام كأس الهزيمه بروح هرمه لم تسنيه عن التحضير للانتقام، يزور ساره كل يوم، حالتها تسوء يوم عن يوم، فقدت الفتاه كل رغبه فى الحياه ولم تفلح حيل احمد امام فى الترويه عن نفسها، أخبرها انه يعرف كل شيء
ويعرف انها بريئه وانا ما فعلته انما كان رغبه منه فى حمايته
__ لست مسؤله عن فقد نقودى، الوغد كان يراقب رسائلى
وكان يطالبها بالصمود هامسا انت فتاه قويه
وبدأت ساره تنطق بعض الكلمات وتتناول طعامها، وابتسم الحظ لأحمد امام مره اخرى
تزايد الطلب على لعبته وربح الكثير من النقود، أموال كثيره لا يحلم بها، واستعادة ساره بعض قوتها وبدا انها فى طريق التعافى

  •تابع الفصل التالي "رواية لا تتركني" اضغط على اسم الرواية 

reaction:

تعليقات