رواية نيران العشق والهوى الفصل السادس 6 - بقلم هدير ممدوح
الفصل السادس
رواية: نيران العشق والهوى
بقلمي: هدير ممدوح
سيظل الإنسان عالقاً بالماضي حتى الممات؛ ان لم يستطع التخلص منه والنسيان.
صوت بكاء مكتوم، وأنين يخرج بصمت؛ خشية من ان يسمعها أحد..
متكورة بأحد أطراف غرفتها ذات المساحة الصغيرة، أحست بيد أحدهم توضع على رأسها، فرفعت رأسها لترى والدتها أمامها التي قالت بحزن على فلذة كبدها:
_أمر الله يابتي، وليس لنا من الأمر شي؛ إن الامر كله.
ردت ورد بغصة باكية:
_أنا راضية يما، بس جلبي حزين جوي.
جلست سيدة بجانبها وقالت وهي تضمها:
_بعد العسر يسرين، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمراً، أوعى تيأسي من رحمة الله لكل واحد جدر مكتوب والمسطر على الجبين لازماً تشوفه العين يابتي.
غمغمت ورد بخفوت:
_ونعمة بالله يما، الحمدلله.
ربتت سيدة على كتفها قائلة:
_جومي يابتي صلي ركعتين لله و اطلبي من ربك ميعلقش جلبك غير بيه، وتلاجي ربك بجلب سليم.
هزت ورد رأسها برضا وغمغمت:
_حاضر يما جايمة أهو.
••••••••••••••
بالطابق الذي يقطن به مصطفي مع عائلتة صاح قائلاً بوجه أبيه:
_ يابا أنا مش موافج على الجيزة دي.
هتف سلمان بحدة:
_طرطور أنا وياكم ولا إيي، أنا خلاص جُلت كلمتي، نجيب مين يعني يتستر على لحمنا يا واد.
قال مصطفى بحنق:
_مجولتش حاچة بت عمتي ومسئولة مني، بس غلطت تتحاسب، ونجيب ولد المركوب اللي كانت هتهرب معاه ويتجوزها وخلصنا.
رد سلمان بحزم:
_مخلصناش و هتتجوز بت عمتك ، وأوعك تكون مش عارف، اني أعرف ان عينك من بت الخدامة، بس مش هيحصل غير اللي أنا رايده..
قال مصطفي ببرود:
_تمام خليك على كيفك يا ابوي انا ماشي..
ختم مصطفي جملته وهو يغادر صافعاً الباب خلفه بعنف.
هدر صوت بخيتة التي كانت جالسة معهم تتابع ما يحدث بصمت:
_وهو أنت مفكر التمثيلية اللي عملتها أمل وبتها دي حجيجي، أقطع يدي ان ماكانت لعبة عاملينها هي وجوزها وبتها، بس المقصود مش ولدك ده ولد إعتماد.
هتف سلمان بضجر:
عـ جولك إيه متاكليش دماغي عاد أنا كلمتي متنزلش الأرض.
قالت بخيتة بهمس كي لا يصله صوتها:
_جاتك نيلة وانت كان ليك كلمة، ولاحد كان بيسمعلك صوت.
لا حظ سلمان تحرك شفتاها بكلمات غير مفهومة فقال:
_بتبرطمي تجولي إيه يا مرا أنتي.
ردت بخيتة وهي تلوي فمها بغيظ:
_ولا حاچة ياخوي، جايمة أعمل كوباية شاي، راسي هتنفجر.
غمغم سلمان بهدوء:
_زودي كوباية معاكي.
أردفت بخيتة وهي تمر من أمامه:
_ماشي.
•لا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم•
جالسة إعتماد وسهر مع أمل وأبنتها بالطابق الخاص بهم.
معلق نظر أمل على إعتماد الجالسة بالمقابل لها وهاتفها بيدها، تنظر له بقلق كل حين واخر فقالت أمل بتردد:
_لسة برضه أيوب مردش.
رمقتها إعتماد بضيق وقالت بحدة:
_لسة يا أمل، بس الحمدلله ربنا نجاه من الفيلم الهابط بتاعك ده.
هتفت أمل بامتعاض:
_فيلم، إيه يا إعتماد كنتي عاوزة أجيبلك بتي مقطعة عشان تصدجي اللي حصل.
صاحت إعتماد بحدة:
_أمل أنا جلبي واكلني على ولدي وروحي في مناخيري، فخدي بعضك وجومي من جدامي على أي أوضة باتي فيها، ونجوان تنام مع سهر الليلة.
اعترضت أمل قائلة:
_وبتي متنامش ليه لحالها يعني من جلة الأوض.
ردت إعتماد بحنق:
_شوف كيف، ياولية ياللي ما عندك دم شايفة جلجانة على ولدي تجوليلي أوض ومش اوض.. واسترسلت بتحذير
_أمل لو مقومتيش من جدامي دلوجتي، لكون طابقة في زمارة رقبتك مطلعة روحك في يدي.
هتفت نجوان قائلة بخفوت:
_جومي يما نامي، وانا هبات مع سهر وكفاية بجا خناجات..
أستقامت أمل واقفة وقالت بضجر:
_أهو هروح من وشك يا إعتماد على الله ترتاحي.
أشاحت أعتماد وجهها للجهة الاخر ولم تبالي، وتوجهت أمل لإحدى الغرف..
أنتظرت إعتماد أن تتوارى أمل عن أنظارها، فوثبت قائمة وهي تقول:
_بت يا نجوان تعالي عايزاكي، وأنتي ياسهر خليكي لو شوفتي أمل طالعة أديني خبر ماشي.
قالت سهر بطاعة:
_ماشي يما.
•••••••••••••••••••
ذهبت نجوان خلف زوجة خالها لغرفة سهر، جلست أعتماد على الفراش وقالت بتريث:
_أجعدي يابت يا نجوان.
أمتثلت نجوان لقولها وجلست على طرف الفراش وقالت وهي تفرك يدها ببعضهما دليلاً على توترها:
_عاوزة حاچة يامرات خالي.
فحصتها إعتماد بنظرة شاملة وقالت بتهكم:
_مالك يابت خايفة ليه كِده هاكلك أنا ولا إيه.
ردت نجوان بنبرة تجلى بها القلق:
_مش جصدي يا مرات خالي بس جلجت شوية.
اقتربت منها إعتماد في جلستها وقالت بهدوء:
_أسمعي يابت أنا هعتبرك كيف ولادي، عشان كِده عاوزة أعرف منك كل الحقيقة...
اللي جالته أمك ده صُح؟
اندفعت نجوان قائلة:
_أيوة يامرات عمي أكيد صُح ده اللي حصل، أمي خلصتني من بين يد أبوي بالعافية.
لوت إعتماد فمها بغيظ قائلة:
_عليا أنا الكلام ده برضه...
واسترسلت قائلة بتريث:
_أنا عارفة أنك كويسة مش زي أمك الطمع عماها، وعلى العموم أنا سألتك لمصلحتك كنت هساعدك بس خلاص طالما مش عاوزة تحكي أنتي حرة.
وما كادت إعتماد ان تستقيم واقفة حتى قالت نجوان:
_أستني يامرات خالي هحكيلك كل حاچة.
عادت إعتماد تجلس بجانبها وغمغمت بخفوت:
_أحكي يابتي..
أذدردت نجوان لُعابها وقالت :
أنا صح عـ حب واحد أسمه طلعت واتفجنا نتجوز، وأمي سمعت الكلام ده وضربتني وجتها..
صمتت قليلاً وهي تشهق باكية:
_ وكل اللي حصل تحت ده لعبة منها ومن أبوي هما أتفقه على كل حاچة عشان تجوزني أيوب.
قالت إعتماد بجمود:
_وانتي هتتخلي عن حبك، عشان طمع أمك.
قالت نجوان بغصة باكية:
_أنا مش عاوزة غير طلعت أنا عجبه جوي يامرات خالي.
ابتسمت إعتماد بمكر قائلة:
_يبجا تعملي اللي هجولك عليه بالظبط....
•••صلي على محمد•••
الساعة الواحدة منتصف الليل، الجميع نائم، والأضواء مغلقة، والظلام يسود المكان، إلا من ضوء طفيف كان صادر من هاتف "إعتماد"؛
التي كانت تلتفت من الحين والأخر إلى الوراء..
تسللت ببطء لتصبح خارج السرايا وقفت أمام عتمان الذي مازال جالساً على كرسيه ورأسه مائلة على الحائط يغط في نوم عميق ..
فوكزته بحدة قائلة:
جوم، جوم يا فقري، حطينك غفير عشان تنام.
أستيقظ عتمان مفزوعاً وانتفض قائلاً:
_مين، مين إهنا.
هتفت إعتماد بحدة:
_بس ياحزين، هتفضحنا، وطي صوتك.
مسح عتمان وجه بكفية وقال:
_لمؤاخذة ياست إعتماد غفيت شوي أنتي عارفة محسن واخد إجازة اليومين دول فأنا جاعد بداله.
قالت إعتماد ببرود :
_عارفة، المهم ركز معاي، تعرف طلعت ولد حارس اللي عندهم مزرعة فراخ.
أومأ عتمان برأسه قائلاً:
_أعرفه طبعاً، ماله الواد ده بجح معاكي فالكلام ولا إيي.
هتفت أعتماد بضيق:
_هتروح تجبلي الواد ده ونجعدوا في مكان آمن عايزاه في كلمتين.
رد عتمان قائلاً:
_هو زمانه جاعد مع أصحابه هيروح بيته على الفجريه، دايماً أشوفه وانا رايح أصلي الفجر.
قالت أعتماد:
_خلاص أنا هروح على بيتك، ولو حد حس بحاچة هنجوله مرتك تعبانة وجولتلي أروح أشوفها، ولو مرتك صحيت...
قاطعها عتمان قائلاً:
_زمانها في سابع نومة ولو صحيت أنا هتصرف.
قالت إعتماد بهدوء:
_تمام، خلينا نروح، يلا جدامي.
واسترسلت بهمس:
_مصطفى مش هيكون غير لـ ورد، وده اللي هيحصل.
عقد عتمان حاجبيه وهو يقول:
_ع تجولي حاچة ياست أعتماد.
ردت إعتماد بخفوت:
_لا، ركز فالطريق بس.
وغادرا معاً بتريث، ودون ان يشعر أحد بهم.
•••••••••••••••••••
أتى الصباح بنوره والشمس تتوسط عِنان السماء، ها هو يوم جديد جاء مكملاً لـ حكاياتنا التي لم تنتهي بعد..
أجتمع الجميع ككل صباح على مائدة الطعام؛ فالتجمع معاً وتناول الطعام أمر مقدس عندهم..
أستمعوا لصوت زعاريد أحدهم وخطوات تقترب منهم ليجدوا زوج أمل ومعه إمرأة أخرى التي أصبحت أمامهم قائلة:
_ألف مليون مبروك يابت أخوي جوازك من أيوب ولد وهدان.
أبتسمت إعتماد بتهكم قائلة:
_لا يا نعمة وهو أنتي متعرفيش أن نجوان مش هتتجوز ولدي.
قال فتحي مندهشاً:
_كيف يعني، اومال لو متجوزتش ولد خالها هتتجوز مين يعني.
رد سلمان بحدة:
_ وهي عندها خال واحد ولا أيه يا فتجي، نجوان هتتجوز مصطفى ولدي.
قال فتحي بحنق:
_مصطفى!
هدرت بخيتة قائلة:
_معجبكش ولدى ولا إيه يافتحي مش كفاية أنه هيتستر على بتك جليلة الرباية.
صاحت أمل بحدة:
_بتي متربية أحسن تربية يابخيتة.
استقام سلمان واقفاً وقال بحزم:
_فتحي خد أختك وروح من إهنا وبكرة كتب كتاب بتك أبجا تعال غير كِده مش عاوز أشوف وشك فاهم.
رد فتحي بضيق:
_حاضر يا سلمان ماشي، وبكرة هاجي.
جلس سلمان مرة أخرى وقال:
_خير ما عملت، يلا روح.
••••••••••••••
واقفة ورد بالمطبخ تقوم بغسل الاواني وتجفيفها، تقدمت منها إعتماد قائلة:
_ورد يابتي.
أستدارت ورد تنظر لها قائلة:
_أيوة ياست أعتماد، تؤمري بحاچة.
اقتربت منها إعتماد وربتت على كتفها قائلة:
_مش عاوزة أشوف دموع محبوسة في عينك بعد اليوم، أوعدك أنك أنتي هتكوني عروس لـ مصطفى ومش حد تاني غيرك.
عقدت ورد حاجبيها بتعجب من أمرها و أردفت:
_أنت عاوزة إيه مني بس ياست أعتماد.
قالت أعتماد بحنو على غير العادة:
_أنتي مجامك في قلبي كيف ولادي بظبط وأنا مش عاوزة غير أشوفك مبسوطة.
قالت ورد بجمود:
_شكراً ليكي، بس أنا مش عاوزة منك حاچة.
أبتسمت إعتماد بصمت وغادرت المكان،بكل هدوء متوجهة من حيث أتت.
••••••••••
توقفت إعتماد أمام ندى وهي تتناول الفطور مع العائلة وقالت بجمود:
_أفتحي تليفونك وهاتيه.
هتفت فتحية على عجل:
_خير يا إعتماد عاوزة من تليفون بتي إيه.
لم تبالي إعتماد لها، بل مدت يدها لندى منتظرة ان تعطيها الهاتف..
وبصمت تام أعطتها ندى الهاتف الذي كان أمامها.
أخرجت إعتماد رقم أيوب وقامت بـ الإتصال به، ووضعت الهاتف على أذنها تحت أنظار الجميع.
ليأتيها صوت أيوب قائلاً:
_ألو يا ندى في حاچة معاكي ولا إيه.
قالت إعتماد بحدة:
_هو بجا كِده متردش على أمك اللي هتموت من القلق عليك و أول ما رنيت من عند ندى رديت، عال طمرت فيك التربية يا أستاذ أيوب.
قال أيوب بضجر:
_أمي أنتي غالية عليا وفقلبي، بس أنتي عارفة إني بحب ندى وعلشان كده.
صاحت إعتماد بدهشة تحت أنظارهم المحاطة بها، وفرحة ندى بالرد على الفور عليها وتابعت أعتماد بحدة :
_عشان كده إيه يا أيوب.
قال أيوب بصوت تجلى به القوة :
_يا أما توافقي على جوازي من ندى يا أما هسافر مرة تانية ومش هرجع هنا تاني الأختيار ليكي.
حاولت إعتماد كظم غيظها و أردفت قائلة:
_هي بجيت كده هتلوي دراعي عشان أوافق، ماشي ياولدي أنا موافقة.
أبتهج قلب أيوب العاشق وقال بسعادة تجلت في نبرته:
_مبروك علينا كلنا بكرة هكون عندك ياست الكل.
أنهت إعتماد المكالمة بغضب بعد سماع جملته الأخيرة، ومدت يدها بالهاتف لـندى التي أخذته بهدوء، وأسرعت تعتلي درجات السلم قائلة بحنق :
_ماشي يا أيوب هسيبك على مزاجك ياولدي بس أبقا وريني فتحية هتوافق ازاي.
••••••••••••••••
بالأراضي الزراعية التابعة لعائلة وهدان، واقف مصطفى ومعه شاب أخر يقف أمامه بثياب صعيدية قائلاً:
_دورنا يا مصطفى بيه على الواد طلعت، بس كأنه فص ملح وداب الواد أختفى من الوجود.
رد مصطفى بضيق:
_تمام، روح أنت يا منعم دلوجتي.
غادر الشاب من أمامه.. فسار مصطفى بالطريق وهو يحادث نفسه:
_ايه يا مصطفى هتسمع كلام قلبك ولا عقلك؛
عقلك اللي بيقولك لازماً تلم لحمك، وجلبك اللي بيجولك وورد، ورد الجلب، هتختار مين ولاهتعمل إيه بس..
هتجبل تعيش مع واحدة وجلبك وعجلك مع واحدة تانية هتكون ظالم..
ونظر للسماء داعياً:
_اللهم دبر أمري فأني لا أحسن التدبير.
القلب والعقل مُتضادان، من الصعب ان يجتمعوا على شئ؛ فكُلًا منهما يريد شيئاً عكس الأخر، وبالنهايةوكما يقولون البقاء للأقوى..
•••••••••••
مر اليوم سريعاً دون أي أحداث جديدة..
وهاهو يوم أخر قادماً محملاً بالكثير من الخبايا.
يتبع..
عذراً ان الفصل قصير،
دمتم بخير.
•تابع الفصل التالي "رواية نيران العشق والهوى" اضغط على اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق