رواية وسقطت بين يدي شيطان الفصل الثامن 8
– عرفتي اسمي منين ؟
قالها بهدوء غاضب عندما اخفض رأسه و امسك بمعلقة طعامه ، شعرت بالخوف و التوتر من نبرته ولكن مثلت الجمود
– سألت واحدة من الخدم و قالتلي
بلع اللقمة الموجودة في فمة قبل ان يقول امرا
– متنادنيش بالأسم دة … اسمي الشيطان و بس
رفعت حاجبها بإستغراب و هي تقول بعفوبة
– بس انت اسمك بيجاد
فزعت عندما ضرب السفرة بقبضته بغضب وهو يرفع انظاره الحادة الشيطانية و يقول
– كلامي واضح
اومأت برأسها بخوف و خضوع و من ثم امسكت بالمعلقة بيد مرتجفة قليلا و اكملت طعامها او مثلت الأكل ! ، بينما هو نهض غاضبا و غادر . فرفعت انظارها لنحايته و اسأله كثيرة تطرح داخلها بشأنه .
………………………………………………….
تلف لغرفة مكتبه و اغلق بابه بغضب و من ثم إتجه لكرسي مكتبه و جلس و هو يضرب على طاولة المكتب بغضب و عينيه الحادة قد اظلمت فجأة في حين ذاكرته تعيده للماضي .. للماضي البعيد .. الذي جعله على هذا الحال ، الآن .
امسك بسيجارته الفاخرة و اشعلها و وضعها بين شفتيه بهدوء و هو يخرج دخانها بغضب من انفه ، و كان صوت والدته اصبح يتردد في اذانه و هي تناديه ، بأسمه .
………………………………………………….
صعدت ريحانة سلالم القصر و هي تنوي الإتجاه للجناح ولكنها تذكرت امرا هام كانت قد نوت ان تفعله في بداية مجيئها لهنا ولكنها نسيت .
اكملت صعود السلالم حتى وصلت للطابق الثالث و من ثم إتجهت للغرفة المنعزلة عن البقيه .. و وقفت امام الأخيرة لدقائق و بداخلها تردد كبير ، استجمعت قواها و وضعت يديها على قبضته الباب و ظلت لثواني على هذة الحالة حتى … برمتها و دخلت ، مررت نظراتها حول الغرفة بحظر حتى توقفت عند ذلك الرجل الذي يبدو عليه الكبر حيث احتل رأسه الشعر الأبيض و تجاعيد يديه الظاهرة ، كان جالس على كرسي متحرك و هو مغمض العينين و كأنه نائم.
اغلقت الباب بحذر و تقدمت ببطئ و هدوء منه حتى توقفت امامه وهي تنظر له بترقب ، هناك شبه كبير بينه و بين الشيطان ، اهذا والده؟!
إتسعت مقلتيها في صدمة و فزع وهي تعود للخلف بتلقائيه عندما وجدته يفتح عينيه فجأة و يقول
– انتي مين ؟
حركت جفونها ببلاهه و ملامحها مازالت مفزوعة ، فعاود سؤله
– انتي مين؟ ، دخلتي هنا ازاي؟
– انا ريحانة
قالتها بحذر بعد ان ادركت نفسها . اومأ برأسه وهو يبتسم بعفوية و يقول
– برضوا معرفتش ، انتي مين؟
شعرت بالحرج ، ماذا ستقول له؟ .. اتقول انها عشيقه للشيطان !
تعمق في النظر إليها و من ثم إبتسم و قد فهم بما تفكر و تفهم حرجها ، فقال
– طيب دخلتي هنا ازاي؟
رفعت نظراتها له و قالت بخفوت وهي تكذب
– لاقيت الباب مفتوح فدخلت
اومأ برأسه و ساد الصمت لدقائق قبل ان يقول
– حركيني و ودخليني البلكونة
اومأت برأسها وهي تلتفت من خلفه و تمسك بيد الكرسي المتحرك و تحركه و هي تسأله
– ممكن اعرف حضرتك مين؟ ، اصل حضرتك شبه الشيطان اوي ، انت ابوه ؟!
ضحك بخفه وهو يقول ممازحا
– حرام عليكي يا بنتي تشبهيني بيه
إبتسمت على اثر مزحته و هي تقول
– فعلا
– تعالي اقعدي
قالها بعد ان ادخلته للشرفة ، اومأت برأسها و جلست على الكرسي البلاستيكي الموضوع بجانب سور الشرفة المقابل له .
نظر لها بتمعن قبل ان يقول بإبتسامه صادقه
– شكلك طيبة … ارتحتلك
شعرت بصدقه فإبتسمت من اعماق قلبها له ، فهي شعرت بالراحة في الحديث معه فهو اول من يتحدث معها بعفوبة و صدق في هذا القصر البائس … هذا ما شعرت به .
– تعرفي ان لو الشيطان عرف انك دخلتي هنا هيعمل فيكي اية؟
قالها بهدوء ، فظهر على وجهها القلق و الخوف ، فإبتسم و اكمل في مرح
– هيمحيكي من على وجه الأرض
إبتسمت بصعوبة و القلق مازال يجتاح نظراتها . انتفضت بخفه على اثر صوت مزعج سبب لها خضه ، نظرت لمصدر الصوت و كان بداخل الغرفة ، فألتفتت له و اتت ان تسأله فسبقها بقوله
– موعد اكلي .. تلاقي الخدامه طالعه دلوقتي
و اكمل وهو يبتسم
– امشي لتروح تفتن للشيطان و تبقي وقعتي في مصيبه
نهضت و هي تقول و على وجهها إبتسامه صافية
– ماشي همشي ، بس معرفتش حضرتك مين ؟
– هستناكي تجيلي في اي يوم و هبقى اقولك ” اكمل بتحذير ” بس من دون ما حد يعرف و إلا… اكيد عارفه العواقب
اومأت برأسها و قالت ببعض من المزاح
– ماشي ، عن اذنك بقى عشان الحق اهرب قبل ما اتقفش
ضحك بخفه و قال
– هستناكي يا ريحانة
عادت للجناح وهي شاردة الذهن بعض الشيء .. و في طريق عودتها قابلت زهرة التي تقدمت منها بلهفة و قلق و هي تقول
– كنتي فين ؟ ، دورت عليكي و ملقتكيش
نظرت لها ريحانة بهدوء و هي تقول بكذب
– كنت بدور على الشيطان
– اها .. هتلاقيه في مكتبه
اومأت ريحانة برأسها و قالت بتساؤل
– كنتي بدوري عليا ليه ؟ في حاجة !
– ايوة، سيدنا جلال باعت لك حاجة
قالت جملتها بهمس ، فنظرت لها ريحانة بفضول و هي تقول
– باعت اية؟
– اتفضلي
قالتها وهي تخرج ظرف من جيبها و تعطيه لها ، فأخذته ريحانة وهي تتحسس الظرف بإستغراب وهي تقول
– اية دة؟
– معرفش .. بس سيدنا جلال بينبه عليكي انك تخبي اللي في الظرف كويس و تستعمليه في الوقت اللي هيحدده معاكي
– هيحدده !
إتجهت للمخزن الموجد في الطابق الثاني بعد أن اعلمتها زهرة طريقه ، دخلته دون ان يراها احد ، كانت تنظر حولها وهي تبحث عنه .. فجأة شعرت بيد تلتف حول خصرها من الخلف ، إنتفضت في البداية و سرعان ما استعادت هدوءها عندما قال لها بهمس
– وحشتيني
عرفته من صوته ، فإرتسمت إبتسامه صغيرة خجولة على وجهها وهي تخفض رأسها قليلا ، تسارعت دقات قلبها عندما شعرت بأنفاسه الحارة على عنقها
– و انت كمان .. وحشتني اوي
قالتها وهي تلتفت له ، اقترب منها اكثر و طبع قبلة سريعه على شفتيها و من ثم غمغم بتلذذ و إستمتاع .
لم تكن ترى وجهه بسبب الظلمه التي تعم المكان وهو ايضا ، ابتعد عنها و اشعل احدى الأضواء الخافته ، فشهقت من منظره بينما هو ضحك بخفة و هو يقول
– متنكر بقى .. اعمل اية !
نظرت له بتدقيق ، فهو كان يرتدي مثل العاملين في الأرض -جلابية و طاقية- ، إبتسمت عندما اكمل
– مش حلو و لا اية!
اقتربت منه و قالت بخجل
– انت حلو بكل حالاتك
لامس بأصبعه ارنبه انفها و هو يمازحها و يقول
– يا بكاشه
ضحكت بخفه و سعادة ، ومن ثم نظرت له و قالت بجدية
– ازاي دخلت لهنا؟ ، دخلوك كدة عادي! .. مشكوش فيك ؟!
– يشكوا في مين بس ، دة انا جلال و مخطط لكل حاجة
قالها بتهكم ، اومأت برأسها و قالت و هي تخرج الظرف من جيب الجاكيت التي ترتديه
– صحيح ، اية دة!؟ و كنت عايز تقولي اية
نظر للظرف و من ثم لها و قال بمزاح
– متستعجليش ، خليني ندرتش مع بعض شوية و…. اصلك وحشتيني
و غمز لها ، فضربته بخفه على صدره و قالت
– عيب اللي بتقوله ، و غيركدة متضمنش ايه اللي يحصل .. ممكن حد يدخل او يحسوا بينا
إبتسم و اومأ برأسه و صمت لبرهه قبل ان تظلم عينيه بغرابه و قال
– دة سم
– نعم!
تلاشت إبتسامتها و حدقت به لبرهه غير مستعوبه ما يقول ، حيث اكمل هو
– السم دة عايزة يتحط للشيطان ، و انتي اللي هتحطيه
و اتى ان يكمل ولكنها قاطعته برفضها لحديثه
– اسفه ، مش هعمل اللي بتطلبه مني دة ، مقدرش اموت حد ..
قاطعها بهدوء وهو يحضتن وجهها بكفيه
– مش هتموتيه ، انتي بس هتحطيله السم و هو هيموت لوحده
– انا اللي حطتله السم يعني انا اللي موته يا جلال ، اسفة مش هقدر … انا نفذتلك و هنفذلك اي حاجة بس اموت حد ، اموت روح … لا
قالت الأخيرة بإرتباك و خوف من الفكرة
تنهد و اعاد يديه لجانبه و عاد للخلف ببضع خطوات وهو يقول بحزن مصتنع اتقنه
– الشيطان مش روح يا ريحانة و لا إنسان حتى . دة ناوي يموت ٢٠٠ شخص من اهل القرية ، عارفة يعني اية؟ يعني هيموت روح و إنسان .. مستخسرة فيه الموت؟
نظرت له وهي تشعر بالحيرة و التخبط ، بينما اكمل هو
– دة شيطان متجسد على وجه الأرض ، بيموت الناس بدون ما يحس بالخوف حتى ، او التردد ، و انتي شفتي لما حرق الشاب .. شفتي بعينك ، صح!؟
اومأت برأسها وهي تتذكر المشهد الأليم ، فأغمضت عينيها بألم و خوف ، بينما إبتسم جلال بالخفاء .. فهو بدأ في النجاح .
اقترب منها و احضتن كفيها بين كفيها و قال بهدوء و استعطاف
– انتي لما هتحطيله السم هتنقذي ٢٠٠ شخص من الموت يا ريحانة .
فتحت عينيها ببطئ وهي تهز رأسها ب لا بتردد ، فضغط علي كفيها بخفه و هو يكمل
– لو معملتيش اللي بطلبه هتلاقي القرية دي دم .. كلها ، دم البشر .. و جثث .
و من ثم ترك احدى كفيها و امسك بزجاجه السم الصغيرة و وضعها بين كفها و اغلق عليه و يديه فوق يديها .
– انتي اللي هتنقذيهم يا ريحانة ، انتي الوحيدة
و من ثم قبل جبينها قبله طويله و ابتعد و قال بحنان
– فكري كويس ، سلام
و من ثم ترك كفيها و عاد خطوات للخلف و من ثم التفت و ابتعد اكثر و وضع يديه على مقبض الباب و قبل ان يبرمه سمعها تقول بخفوت
– هموته
إبتسم بإنتصار و اومأ برأسه و هو مازال يلويها ظهره ، و قال
– يوم الخميس ، الصبح .. تحطيله السم في القهوة اللي بيشربها ، اهم حاجة انك تحطيله السم و تتأكدي انه شربه قبل ما يخرج من القصر .. فهمتي !
غمغمت و هي تومأ برأسها ، فألتفت برأسه ونظر لها من فوق كتفه و قال بتحذير
– حاولي متخلهوش يشك فيكي ، بس بحدود ، فهماني اكيد
خطت خطواتها بإتجاهه و لكنه برم قبضه الباب و خرج بحذر دون ان يراه احد ، توقفت في مكانها لبرهه و هي تتنهد بعمق و من ثم غادرت الغرفة و هي شارده .. تفكر و تخطط بما ستفعل !
…………………………………………………..
اسدل الظلام ستائره
بعد ان غادر صباحا لم تره .. لم تره بقيه اليوم ابدا حتى ظنت انه لن يأتي فشعرت بالراحه ، نهضت و فتحت الخزانة و اخرجت منها بعض الملابس و من ثم إتجهت للحمام لتأخذ حماما ساخنا ليساعدها على الأسترخاء قليلا ، فقد ارهقها التفكير …
،،،،،،،،،،،
وضع يده اليمنى على مسندة الكرسي و نهض بتثاقل ، و خطا خطواته ببطئ إتجاه باب مكتبه و قطرات الدماء تسيل على يديه حتى تستقر على الرخام الأبيض .
توقف امام الباب مباشرا وهو ينظر لتلك اللوحه المعلقه بجانب الأخير ، اقترب و وقف مقابلا لتلك اللوحه و هو يتعمق في النظر لها .
نظرة عتاب_ألم_مرارة_غضب
كل تلك الأحاسيس اجتمعت في نظرة واحده .. هو يشعر بالتخبط ، لا يعلم امن المفترض ان يلوم و يعاتب ام يشعر بالألم و المرارة بسببها ام يغضب منها!
هي السبب في حالته هذه ، هي من تجعله يشعر بالتخبط .. وهو يكره هذا الشعور كثيرا .
– اللي عملتيه مش مسامحك عليه على فكرة .. بس بدوري انا هجبلك حقك من كل واحد ساهم في موتك .. ومش حقك بس ، حقي انا كمان .
،،،،،،،،،،،
اغلقت صنبور المياة و من ثم خرجت من حوض الأستحمام و قطرات الماء تتساقط من على جسدها .. التقطت المنشفة و بدأت في تجفيف جسدها بها .
بعد ان انتهت من ارتداء ملابسها خرجت و هي تجفف شعرها بالمنشفه ، لم تنتبه له حيث كان يقف مقابلا لها فأصطدمت به ، انتفضت في البدايه و لكن سرعان ما استعادت هدوءها او مثلت ذلك ، بينما كان هو ينظر بجمود ، ابتعدت بضع خطوات للخلف و هي تقول
– امتى رجعت؟
نظر لها ببرود و قال
– ملكيش دعوة
و تخطاها ، رفعت حاجبها ببلاهه و هي تستوعب هذا الموقف المحرج ، و من ثم التفتت بغضب و قد استفاقت من بلاهتها .
فتحت فمها لتقول ما كانت تريده بغضب و لكنها تراجعت عن ذلك و هي تنظر ليده اليسرى بذهول ، يديه مجروحه .. الا يشعر بها؟!
اسرعت بخطواتها له و وقفت امامه و قالت
– اديك مجروحه .. انت مش حاسس بيها ؟
نظر لها ببرود و قال
– لا
– بتنزل دم
– ……..
ظلت تنظر له ببلاهه ، فقال بنفاذ صبر
– ابعدي عن طريقي
و تخطاها ، فأسرعت و عاقت طريقه مرة و قالت
– استنى
و تركته و إتجهت للكومود و فتحت احد ادراجه و اخرجت منه صندوق الأسعافات الأولية ، لقد لمحتها من قبل ، اخذتها و عادت له
وقفت امامه و نظرت له لبرهه قبل ان تمد يدها بتردد لتمسك بيده المجروحه بين كفيها نظر ليدها ومن ثم لها بجمود و قال
– بتعملي اية
– هعالج ايدك
قالتها بهدوء و هي تنظر له و من ثم نظرت ليديه و التقطت زجاجه مطهر الجروح و بدأت في وضعه على يده .
كان ينظر لها بإقتضاب و إنزعاج من تصرفها هذا ، شعورة الذي بداخله الآن يشعره بالغضب بل يألمه !
فجأة ابعد يدها بقسوة آلمتها ، نظرت له بدهشة و قالت بإستغراب
– مالك ؟
نظر لها بحدة و غضب تخفي ما بداخله تماما و قال
– متتخطيش حدودك
قطبت حاجبيها بإنزعاج و قالت
– حدود! ، انا عملت اية؟
نظر لها بطرف عينيه و هو يتخطاها ولكنه توقف عندما سمعها تقول بغضب
– انت اخر واحد تتكلم عن الحدود .. أنت مش عامل حدود بينا اصلا ، و لما جيت اساعدك جاي تتكلم عن الحدود ! ، محسسني اني….. ” قالت الأخيرة بسخرية ”
و من ثم تنهدت بعمق و اكملت
– انت واحد مريض و انا بشفق عليك اصلا
و تنهدت بعمق مرة آخرى و هي تقترب منه و بيدها الشاش الطبي و زجاجه المطهر و وقفت حلفه و قالت بهدوء
– بس انا عندي انسانية و ضميري ميسمحليش اني اسيب حد محتاج مساعدة مني
و من ثم امسكت بيده اليسرى و اجلسته على حافة السرير و جلست مقابله له و نظرت له وقالت وهي تحدث نفسها ، ظنت انه لم يسمعها
– مع اني مش شايفاك حد اصلا .. أنت شيطان
نقلت نظراتها ليديه و امسكت بها و بدأت في مداواتها و انشغلت ، فلم تلاحظ تلك النظرة التي ظهرت في مقلتيه ، نظرة إنكسار التي ظهرت بوضوح برغم محاولته لإخفائها بنظرته الباردة .
إنتهت من مداواه جرحه فرفعت نظراتها له و قالت بإقتضاب
– خلصت
و من ثم التفتت و نهضت و لم تخطي خطوتين حتى شعرت بيديه التي تجذب ذراعها من الخلف و وضعها خلف ظهرها و جذبها له فأرتطم ظهرها بصدره ، فشعرت بأنفاسه الحارة و هو يهمس في اذنها بطريقة غريبة جعلتها تشعر بشعور غريب
– شكرا
و من ثم تركها و إتجه للخزانة و اخذ ملابسه و إتجه للحمام ، و دخله .
بعدما تركها وضعت يدها على صدرها الذي اصبح يعلو و يهبط من إرتباكها . هزت رأسها بعنف لتتخلص من إرتباكها و إتجهت للسرير و اراحت جسدها عليه و وضعت الغطاء على جسدها .. و نامت سريعا دون ان تشعر.
،،،،،،،،،،
نظر لصورته المنعكسه على المرآة الذي غطاها بخار الماء الساخن . فمد يده اليمنى و مسح ذلك البخار حتى توضح صورته .. و تعمق في النظر لصورته المنعكسه ، فأختلطت عليه صورته عندما كان صغير و الآن ، هناك فارق كبير بينهم ، و كأن ذلك الصغير شخص و هو شخص اخر .
بدأت ذكريات كثيرة تتصور امامه ، اغمض عينيه بقوة .. فهو لا يريد ان يتذكر ماضيه .. لا يريد تذكر مرحله طفولته التي تشعره بالندم و الضعف ايضا .
خرج من الحمام و مازالت ذكرياته تلاحقه ، إتجه للسرير و استلقى عليه .. بجانبها و اسند زراعه على جبينه و شرد و هو ينظر للهاية و ذكرياته تعرض امامه كعرض سينيمائي
*****************
طفل صغير لا يتعدى عمرة الخامسة عشر يدخل ذالك القصر الكبير و هو يركض و كان ينادي والدته بصوته المزعج الذي تملأه السعادة
– ماما .. يا ماما .. عرفت اركب الحصان و اخيرا .. يا ما…..
توقف عن اكمال جملته عندما دخل غرفة والدته و كانت تبكي .. اقترب منها ببطئ و هو ينظر لذلك الشخص المستلقي على السرير و مغطى جسده و وجهه بالملائه البيضاء
– ماما
قالها بخفوت و هو يحاول يكذب اعتقاده
التفتت و نظرت له و زادت في البكاء و هي تأخذه بين احضانها ، اخذ يبكي معها فقد تأكد انه مات بعد ان قالت والدته من بين شهقاتها
– ابوك مات يا بيجاد .. فخر الدين مات
والده قد مات حقا!
منذ وفاة والده اصبح كل شيء مختلف .. فهو اصبح يحمل مسؤليات و اولها والدته .. فهو يجب ان يوفر لها الطعام على الأقل لذلك كان يعمل في الأراضي ليلا نهارا بلا رحمه ليس بإرادته بل هذا كان امر من حاكم القرية الجديد ، الذي شرده هو و امه بعد وفاه والده .
عاش الكثير من الألم ، و تعرض للكثير من الأهانة و الضرب و اكثر و لكنه تحمل كل هذا من اجل والدته .
فتأتي له اول صفعه التي لم يتوقعها ابدا و هي .. زواج والدته من من ظلمه !
****************
افاق من ذكرياته عندما شعر بيد توضع على صدره ، كانت يدها ، التفت و نظر لها فوجدها نائمه .. و لكن من الظاهر انها منزعجه فيبدو انها تحلم الآن بحلم مزعج .
مسح وجهه بكفيه و من ثم نظر لها بهدوء قبل ان يقترب منها و يحاوطها بذراعيه لتصبح بين احضانه ، فظهرت ملامح الأنزعاج اكثر على وجهها في البداية و لكن سرعان ما تحولت ملامحها إلى الراحه .
– شيفاني شيطان!
قالها بتهكم قبل ان يكمل بتوعد
– هعذبك على هوايا يا ريحانة .. و هتحبي عذابي
و من ثم ظهرت إبتسامة جانبية خبيثه على وجهه .. و نام
………………………………………………….
اشرقت شمس يوم جديد
فتحت عينيها ببطئ و هي تحرك جسدها ، فشعرت بجسد يحضتنها و علمت انه هو .. من رائحته النفاذة فرفعت نظراتها لوجهه حيث اصبحت تحدق به .. و هذة المرة الأولى التي تلاحظ ملامح وجهه الهادئه التي تعكس حالته عندما يكون مستيقظا .
اغمضت عينيها بسرعة عندما شعرت بأنه بدأ بالأستيقاظ ،…….. فتح عينيه بهدوء و حول نظراته لها و إبتسم بسخرية عندما شعر بتنفسها الغير منتظم فهي الآن تمثل النوم و هو يدرك ذلك .
– ريحانة
همس بها ، فتسارعت دقات قلبها و بدأت تحرك جفونها لا إراديا ، فأكمل عندما لاحظ حركة جفونها الخفيفة
– تبقي تمثلي النوم كويس
و من ثم ابعدها و نهض من على السرير ، ففتحت هي عينيها بذهول و نظرت له ، فضحك بصوت عالي وهو يتجه للحمام ، اعتدلت في جلستها و هي تسبه و تلعنه .
،،،،،،،،،،،
خرجت من الحمام و هي تربط شعرها المجعد و من ثم توقفت وهي تنظر حولها بتفكير ، اين هو؟ لقد كان في الغرفة عندما دخلت الحمام .. لم تهتم كثيرا و اكملت طريقها للطاولة و توقفت و التقطت كوب الماء و اتت ان تشرب و لكنها سمعت صوته ، فألتفتت و هي تنظر للشرفة .. فالصوت يأتي من داخلها ، إتجهت بخطواتها البطيئه الحذرة للشرفة و توقفت بالرقب من الأخيرة و هي تستمع لما يقوله للطرف الآخر
– هاجي اشرف على صفقة السلاح يوم الخميس .. عايز كل حاجة تتنفذ زي ما اتفقنا
و من ثم صمت و كأنه يسمع حديث الطرف الأخر ، و من ثم رد على الطرف الأخر بنبرة توعد
– كل واحد هياخد عقابه في الوقت المناسب .
و صمت مرة آخر قبل ان يقهقه بشراسه و هو يقول
– هموتهم و انا مرتاح
وضعت يدها على فمها لتكتم صوت شهقتها التي خرجت منها و ابتعدت سريعا و جلست على الأريكة و رفعت يديها المرتعشه الممسكه بكوب المار و احتست القليل منه و هي تحدث نفسها بضياع
((- صفقة سلاح .. يوم الخميس .. هيموتهم .. يعني .. هيموتهم بالسلاح يوم الخميس ))
وضعت يدها على فمها بخوف و هي تقول لنفسها بصوت مسموع محاوله تهدأت نفسها
– اهدي .. أهدي يا ريحانة .. أنت هتموتيه قبل ما يموت اي حد .. هتموتيه
خرج من الشرفة بعد ان انهى مكالمته الهاتفيه ، نظر لها و قال بجمود
– جهزي نفسك النهارضة
رفعت نظراتها له و هي تحاول ان تظهر بأنها طبيعية .. قالت بخفوت
– لية ؟!
إتجه للباب و غادر و لم يرد .
………………………………………………….
دخل احد حراسه ليخبره ب
– سيدنا جلال .. في واحد برة عايزه تقابلك
نظر له و قال
– مين؟
– مرضيتش تقول اسمها
اومأ برأسه و قال
– دخلها
اومأ الحارس برأسه و غادر و بعد ثواني دخلت تلك الفتاة و هي ترتدي وشاح اسود يخفي ملامح وجهها ، كان يتابعها بهدوء حتى جلست على الكرسي و من ثم ساد الصمت لدقائق قبل ان تقول بإبتسامة خبيثة وهي تزيل الوشاح من على وجهها
– عامل اية يا .. أخويا
نظر لها ببرود وساد الصمت لثواني قبل ان يقول بتهكم
– اية اللي فكرك بأخوكي ؟
نظرت له ببرود و قالت بطريقة مستفزة
– عادي .. جاية اطمن عليك
– مش عايزك تتطمني عليا
– لية ؟… دة انا اختك برضوا و دة واجبي
– واجبك و اختي مرة واحدة
قالها بتهكم و من ثم قهقه بشراسه و هو يقول بغيظ مكبوت
– واجب مين يا ام واجب انتي ! .. هو انتي فاكره بعد اللي عملتيه و بيعانك ليا هفضل اعتبرك اختي مثلا!
نظرت له بحزن اصطنعته
– لا لا يا جلال .. متقلش كدة على عيوودة حبيبتك ، إحنا اخوات مهما حصل مابينا
– معنديش اخت راحت لعدوي برجليها
قالها بحدة ، فقالت بهدوء
– مش عدوك .. هو اخوك و اخويا
– بجد!
قالها بسخرية و هو يقذفها بنظراته الغاضبه ، فبلعت ريقها و قالت وهي تبتسم
– ماشي ماشي .. عارفه انك مش معتبره ولا هتعتبره اخوك ، و لا انا كمان بعتبره اخويا اصلا
– مش معتبراه اخوكي ، لأنك بتحبيه و زي الغبية رحتيله
نظرت له بحدة و هتفت غاضبه
– جلال
إرتسمت إبتسامة جانبية ساخرة على وجهه قبل ان ينهض و يتجه لباب المكتب و قال قبل ان يغادر
– مش فاضي اتكلم معاكي ، سلام … يا اختي
يتبع…
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية وسقطت بين يدي شيطان ) اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق