Ads by Google X

القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية شغفها عشقا الفصل السابع 7 - بقلم ولاء رفعت علي

   رواية شغفها عشقا كاملة    بقلم ولاء رفعت علي    عبر مدونة كوكب الروايات 

رواية شغفها عشقا الفصل السابع 7



الفصل السابع
شغفها عشقاً
تمر الأيام بالفرح والحزن، قلوب تعلقت وقلوب يجافيها النوم، وهناك قلوب قد نما بداخلها الحب وبدأ يترعرع، وتلك الكلمات الأخيرة وصفاً كافياً لحالة مريم، التي انجذبت إلى يوسف رغمًا عنها وكذلك هو، لكن كليهما يحتفظ بهذا الحب سرًا داخل قلبه.
وصلت اليوم باكرًا حيث لا يوجد سوى خالها والعمال، كان العمال يقومون بترتيب البضائع حتى يفرغون مكان للبضائع الجديدة التي ذهب يعقوب وابنه يوسف لجلبها من ميناء بورسعيد.
جلست تتابع عملها على الحاسوب كما تفعل كل يوم، تنظر في الشاشة بتركيز حتى لا تخطئ في تسجيل الحسابات، إذا بها تنتفض، حيث وجدت يد وضعت فوق يدها، التفتت برأسها ونظرت إلى صاحب اليد ذات القبضة القوية.
– أستاذ جاسر لو سمحت ألتزم حدودك.
أخذ يضحك حتى توقف عن الضحك وقال:
– حلوة قوي أستاذ جاسر منك، وبعدين إيه ألتزم حدودك دي! انتي هنا بتشتغلي عندي وأي واحدة بتيجي تشتغل هنا بيبقى هدفها جاسر الراوي.
استطاعت إفلات يدها من تحت قبضته وعقبت على حديثه بتهكم:
– إيه كمية النرجسية اللي انت عايش فيها دي، غير إن أصلًا مش بشتغل عندك، أنا اللي شغلني الحاج يعقوب اللي لما يرجع…
دنا منها وأحاطها بذراعيه على الكرسي حيث يستند بكل يد على كل مسند مقاطعاً إياها:
– إيه هتشتكي له وتقولي ابنك حط إيده على إيدي؟
حدقت إليه بازدراء وقالت:
– لا، هقوله ربي ابنك اللي واخد في نفسه مقلب وفاكر كل البنات هتجنن عليه.
اقترب بوجهه من وجهها وهي تتراجع إلى الوراء، كانت تخشى أن يقترف شيئاً أحمق، شعرت بأنفاسه الحارة كالهواء في عز ظهيرة يوم في منتصف موسم الصيف:
– ما انتي لما هتقربي مني هتحبيني.
رمقت إليه بتحدٍ قائلة:
– ده من عاشر المستحيلات، وعلى فكرة أنا مرتبطة.
سألها مبتسمًا بتهكم:
– مرتبطة بأخويا يوسف؟
أجفلها بهذا السؤال وكانت نظراته تترقب إجابتها على أحر من الجمر، وعيناه تشتعلان من الحقد و الغضب، صاح بها:
– ما تردي.
ابتلعت لعابها بخوفٍ فأجابت على مضض:
– لا، مرتبطة بواحد تاني.
نظراته المخيفة جعلتها تكذب، وتخشى أن يُخبر شقيقه بذلك وسوف تكون في موقف لا تُحسد عليه، ظل يتبادلان النظرات حتى جاء عرفة للتو يخبره:
– كل اللي في المخزن خليت العمال يخرجوه ويرصوه على الأرفف، أي أوامر تانية يا جاسر؟
استدار إليه وكأنه وجد أخيرًا من يصب فوقه غضبه، صاح:
– اسمي جاسر بيه، مش منبه عليك مليون مرة تناديني باللقب دا.
نهضت مريم ووقفت أمامه وصاحت به:
– هو انت مين أصلًا عشان عمال تتكبر على اللي أكبر منك سنًا؟
جذبها من عضدها بقوة وأخبرها من بين أسنانه:
– وانتي مالك، هتعرفيني أتعامل مع اللي شغالين عندي ازاي؟
توسل عرفة إليه:
– عشان خاطري يا جاسر بيه، سيبها هي بالتأكيد ما تقصدش حاجة.
التفت إليه مرة أخرى ووبخه:
– وانت عمال تتحامي ليها كانت من باقي عيلتك؟
– لأنه يبقى خالي.
ـــــــــــــــــ
صوت مياه البحر وأصوات الطيور كافية لعمل أجمل الألحان تطرب السمع، ينصت إليها يعقوب باستمتاع ويخبر ابنه الذي يجلس أمامه حول المنضدة:
– عارف يا يوسف يا بني، المكان ده جينا فيه أنا وأمك الله يرحمها، كان قبل ما نتجوز، عمري ما كنت أتصور إنها تسيبني بسرعة قوي كدا.
كان يستمع إلى والده بسعادة فسأله:
– معقولة يا بابا كنت بتحب ماما الله يرحمها قوي كدا؟
تنهد والده ثم نظر إلى مياه البحر وأجاب:
– كنت وما زالت، دا حبها بيزيد في قلبي كل يوم، رقية دي كانت جنة الدنيا اللي ربنا رزقني بيها، كنت بشوفها ملاك عايش في وسطنا.
– تعرف يا بابا، من كتر كلامك عليها، حسيت إني كنت عايش معاها، أنا بتمنى أن ربنا يرزقني بزوجة زيها بالظبط.
وحينما أخبره والده بذلك، أطلق يوسف زفرة بأريحية، اقتصر طريق طويل من الشرح والحديث حول الموضوع الذي يريد أن يحدثه عنه.
– أنت كدا وفرت عليَّ اللي عايز أقوله ليك.
عقد ما بين حاجبيه وسأله:
– حضرتك تقصد إيه؟
أجاب يعقوب ويتمنى من داخله أن يصدق حدسه:
– مش أنت لسه بتقول نفسك تتجوز واحدة زى أمك الله يرحمها، أنا بقى بقولك موجودة بس مش زيها بالظبط لكن فيها منها كتير، هادية ومحترمة وبنت أصول، ظروف حياتكم تشبه بعض.
باغته بسؤاله:
– حضرتك قصدك على مريم؟
رفع حاجبه بدهشة من فطنة ابنه فقال إليه:
– وهي فيه غيرها، أديك أتعاملت معاها وتقريباً تعرف عنها كل حاجة، حتى كمان بتحب العلام زيك و مجتهدة، بتشتغل عشان تكمل تعليمها، تلاقيها مش عايزة تحمل خالها فوق طاقته، ويا عالم مراته الحرباية قالت لها كلمتين مش تمام، من الأخر البنت دى عجباني قوي وبتمناها ليك، أنت إيه رأيك؟
أجاب الأخر:
– مش لما أعرف رأيها هي الأول؟
ضحك والده ثم أخبره:
– اطمن هي بتحبك ويمكن أكتر، اسالني أنا، من نظرة واحدة بعرف اللي قدامي دا قلبه مشغول ولا لأ.
أومأ إلى والده وقال:
– ماشي يا بابا لما نرجع بإذن الله هبقى أكلمها ولو طلعت زى ما حضرتك بتقول يبقى نروح أنا وانت وماما راوية نطلب إيديها.
ربت يعقوب على يد ابنه بحنان قائلًا:
– ربنا يكتب لك كل خير يا غالي يا ابن الغالية.
ـــــــــــــــــ
انتهت من عملها للتو فسألت خالها:
– خالو أنا خلصت شغلي، أنت مروح معايا؟
كان عرفة يمسك بدفتر ويدون علامة أمام كل نوع بضاعة بعدما يتأكد من ترتيبها على الرفوف، أجاب:
– لا، أنا قدامي ساعة، عقبال ما أخلص، روحي انتي يا حبيبتي.
غادرت المتجر وسارت على اليمين حتى خرجت إلى الشارع الرئيسي ومن ثم منه إلى شارع هادئ يؤدي إلى الشارع الذي يوجد فيه منزل خالها.
شعرت بخطوات تسير خلفها بتؤدة فتوقفت فجأة والتفتت فلم تجد أحداً، وإذا بهرة تقفز من نافذة منزل مهجور جعلتها تنتفض بذعر، رددت بعض الأذكار واستدارت لتسير إلى الاتجاه الصحيح، وفي خلال برهة جذبتها قبضة قوية ودفعتها إلى داخل المنزل المهجور، كادت تصرخ لكن ذلك الذي يلتصق بجسدها المصطدم بالجدار المتصدع قام بتكميم فاها وأخبرها بتحذير:
– لو صرختي أو عملتي أي حاجة، عارفة دي؟
رفع أمام عينيها مُدية، اتسعت عينيها بذعر فابتسم بسعادة من خوفها الذي يشعره بلذة، أردف تحذيره إليها:
– دى هقوم قاطع بيها رقبتك الجميلة لحد ما أفصل ليكي راسك عن جسمك.
وهبط ببصره نحو مفاتنها التي يجسدها الثوب الأحمر القاني الذي ترتديه.
– أنا هاشيل إيدي ونتكلم مع بعض بالعقل، أصلك بصراحة دخلتي مزاجي قوي وعجبتيني، لا، و طلع عمي عرفة خالك يعني زيتنا في دقيقنا.
كانت تتحدث من أسفل يده ولم يفهم من همهماتها حرفًا واحدًا، فأبعد يده وسألها:
– كنتي بتقولي إيه يا قمر؟
– كنت بقول أنك لو آخر راجل في العالم عمري حتى ما هبص ليك، واللي في دماغك دا تنساه خالص، لأنك مش الراجل اللي أتمناه.
قالتها وأخذت تدفعه عنها في صدره، فأمسك برسغها وسألها بغضب:
– جرى إيه يا بت؟ أنت اللي زيك يتمنوا بس أعدي من قدامهم.
حاولت جذب يدها وقالت:
– وأنا مش زيهم، ممكن تبعد عني بقى وتسيبني في حالي.
أخذ يتجول ببصره على أنحاء وجهها ومن ثم جسدها، أعاد المدية إلى جيب بنطاله الخلفي فقال لها:
– طيب ما تيجي نتجوز عرفي وأوعدك هخليكي تعيشي ملكة.
حدقت إليه بسخرية وسألته:
– أنت بجد مصدق نفسك ولا بتستعبط؟ جاسر يا راوي انت اللى زيك المفروض يروح يتعالج ولا يروح يتوب لربنا عن القرف اللي انت عايش فيه، والله بستغرب ازاى انت ابن الحاج يعقوب ولا حتى أخو يوسف.
وعندما ذكرت اسم شقيقه جذبها من خصلاتها:
– شايفاني مجنون يا بنت الـ…، وربنا لأكسر عينك وهخليكي تبوسي إيدي عشان أرحمك.
كاد ينقض عليها ليقبلها عنوة فقامت بركله بكل قوتها ما بين ساقيه، تألم بشدة وصرخ مبتعداً عنها، استغلت ألمه وتمكنت من الفرار، أخذت تركض حتى وصلت أمام البناء توقفت لتلتقط أنفاسها، ألقت نظرة خلفها فلم تجده، حمدت ربها إنها استطاعت الفرار منه، عادت بالنظر أمامها فشهقت عندما رأت ابن خالها فسألها:
– فيه إيه شوفتي عفريت؟
حدقت إليه بازدراء وأجابت:
– تصدق بالله العفريت عندي أرحم بكتير.
تصنع الوداعة والبراءة فقال:
– الله يسامحك، وأنا اللي كنت مستنيكي عشان أقولك إن أنا مسافر بكرة رايح شغل في الغردقة، هقعد هناك شهرين وهنزل أجازة عشر أيام، هتوحشيني يا مريومة.
افترقت شفتيها بابتسامة صفراء وأخبرته:
– ما تشوفش وحش.
نظر إليها بعتاب:
– بدل ما تقولي ليا أنت كمان هتوحشني يا ابن خالي؟ مش كفاية عورتيني بالسكينة وعديتهالك وأمي لما سألتني قولت لها دي إصابة عمل.
رفعت سبابتها أمام وجهه قائلة:
– عارف يا محمود، أنا لولا صلة الدم اللي ما بينا ولولا خالي كان زماني بدل ما رشقت السكينة في إيدك كنت رشقتها في قلبك وخلصت منك، يلا غور من قدامي.
ولجت إلى داخل البناء وتركته ينظر في إثرها بتعجب قائلًا:
– ماشي يا مريم كلها شهرين وراجع ليكي يا بنت عمتي.
ــــــــــــــ
ما أقسى العشق حينما تتحداه الظروف، فكم من شخص أراد أن تكتمل قصة حبه و أتت الرياح بما لا تشتهي السفن، لتخط النهاية قبل بدايتها.
تزرع الأرض ذهابًا وإيابًا وتمسك بهاتفها تجري اتصالها المائة ولم يرد، فكان ذلك الحال قد مر عليه أكثر من يومين، كاد التفكير يقتلها تود رؤيته ووالدها قد أقسم أن لا تخطو قدميها خارج المنزل، انتبهت إلى حركة والدتها في الخارج وهي تخبرها بصوت جهوري:
– رقية؟
خرجت من غرفتها وأجابت:
– نعم.
– نعم الله عليكي يا قلب أمك، أنا نازلة السوق، أبوكي أتصل وقال هيجوا هو ويوسف على آخر النهار، وأخوكي جاسر اللي هيشلني عن قريب بقاله يومين بايت برة، بالتأكيد ما صدق أبوه مش هنا، هتلاقيه بايت عند أصحابه الصايعين زيه، ويا ريت ما أنزلش من هنا تقومي متصلة بابن خالتك اللي ما جالناش من وراه غير وجع القلب.
أومأت لها بمكر وقالت:
– حاضر يا ماما، أنا أصلًا مش بكلمه من وقتها.
– يا ريت ما تكونيش بتضحكي عليَّ، يلا خدي بالك من نفسك واقفلي الباب ورايا.
غادرت والدتها المنزل بينما هي عادت إلى غرفتها وكادت تجلس على الفراش وتمسك هاتفها، ثم تراجعت عندما سمعت رنين جرس المنزل، زفرت بضجر وقالت:
– شكلها نسيت حاجة كالعادة، حاضر يا ماما.
خرجت وقامت بفتح الباب:
– انتي نسيتـ…
شهقت عندما رأته يقف أمامها:
– انت ازاي طلعت هنا وأمي لسه نازلة؟
دفعها برفق نحو الداخل ودخل ثم أغلق الباب وأوصده بالقفل ذو المزلاج المعدني
صاحت رقية:
– انت بتعمل إيه، يلا أمشي، أمي لو رجعت وشافتنا هتبقى مصيبة وهيبقى فيها موتي لو جاسر رجع دلوقتي.
اقترب منها وجذبها من يدها وأحاط بها بذراعيه وقال:
– صوتك العالي دا اللي هيفضحنا، اطمني خالتي أنا حافظها، قدامها ساعة ولا اتنين عقبال ما تشتري من السوق، وجاسر لسه مكلمه وقافل معاه، بايت عند واحد صاحبه وهيجى بالليل، وأبوكي و يوسف في بورسعيد زى ما جاسر قال لي وقدامهم لبليل عقبال ما يرجعوا.
حاولت التملص من بين يديه لتبتعد عنه:
– يعني عايز إيه برضو؟ خلاص اللي ما بينا أنتهى وأبويا جاب لك النهاية.
جذبها بقوة إلى صدره وأخبرها بإصرار ينضح من عينيه:
– اللي بينا لسه موجود، وأبوكي دا كلامه على نفسه مش عليَّ، انتي بتاعتي برضاه ولا غصب عنه وعن أى حد.
حاولت التخلص من بين ذراعيه قائلة:
– عايزني أقف قدام أبويا ولا أتجوزك غصب عنه؟
سار بها نحو غرفتها ويخبرها في طريقه:
قدامك حلين الأول نهرب سوا على أي بلد بعيدة ونتجوز.
استطاعت أن تفلت من بين ذراعيه ودفعته من أمامه وقالت:
– مستحيل، وإيه اللي يجبرني أعيش هربانة وكمان أبيع أهلي؟ أنا بحبك ما نكرش، بس ممكن نصبر لحد ما أبويا يصلح فكرته عنك ويوافق عليك في الأخر.
ظل يحدق إليها بنظرة دبت الرعب في أوصالها، أمسكت بتلابيب ثوبها وهي تتراجع خطوة خطوة إلى الوراء، تسأله بتوجس:
– حمزة هو انت شارب حاجة؟
يقترب منها خطوة خطوة قائلاً:
– أبوكي اللي اضطرني أعمل كدا، يمكن لما يتحط قدام الأمر الواقع يوافق وغصب عنه.
ازدردت ريقها بخوف ووضعت يدها على مقبض باب غرفتها:
– حمزة، انسى خالص على اللي أنت ناوي عليه، أنا كنت غلطانة لما كنت بسيبك تتجاوز حدودك معايا بحجة إننا بنحب بعض وهنتجوز وإن أنا مراتك قدام ربنا، أهو آخرة الحرام أبويا مش راضي وأمي وأمك خسروا بعض.
– الحرام فعلًا اللي أبوكي بيعمله معايا، ومفيش غير الحل دا عشان نكون مع بعض.
قالها وفي عينيه وعيد كالنيران التي تحرق كل ما يقابلها، اعتدى عليها ولم يرحم توسلاتها لكى يتركها وكأنها حق ملكية له ويجب أن يأخذه بالقوة، أو ربما هذه بداية المخطط الذي يُعد له منذ زمن.

يتبع….
   
reaction:

تعليقات