رواية طوق نجاتي كاملة بقلم ابتسام محمود الصيري عبر مدونة كوكب الروايات
رواية طوق نجاتي الفصل الرابع 4
لمحها صاحب الفيلا وهي تتسلل إلى حديقة منزله، مال برأسه لليسار وهو يتفحصها بوجوم وسائلها بحاجب مرفوع وهو يقترب منها بهدوء:
– يخرب سنينك انتى بت*نيلي ايه هنا؟
فزعت من صوته الجهور وهبت واقفه بتوتر ناظره لاسفل وابلغته بتلعثم:
– سوري القطة جت عندكم.
– قطة ايه وزفت ايه انتى ورايا ورايا يا بت.
قال كلامه بأسلوب فظ، جعلها تشعل من داخلها ورفعت بصرها على الفور حدقته، فعرفته، فبدء الغضب يستحوذ على عقلها:
– تصدق بالله انت مش عديم الرباية بس انت عديم الاخلاق والأحساس وكل حاجة.
اتكأ ريان بأسنانه على شفته المسكينه يصب بها غضبه وأخبرها بوجه خالي من الفكاهة:
– طيب يلا انجري من هنا ل أحميكى.
– تحمي مين ياهـبل انت؟
دوت ضحكته الساخره ليجيب وهو يضغط على مقبض رشاش المياه اندفعت المياه بقوه ونزلت عليها غرقت ثيابها بالكامل وأصبح الثياب ملتصقا على جسدها:
– كده وصلك ردي يا لوزه.
صدمت من فعلته، ووقاحته ألجمتها، مالت اخذت القطة الصغيرة وركضت سريعا متوجه إلى فيلتها هاربه من عيون هذا المعتوه وهي تشد ثيابها التي أصبحت تفصل جسدها، ثم دخلت بوجه يتخططه علامات الضيق:
– ده مش معقول يكون بني ادم.
ركضت عليها يسرا بقلق:
– حصل ايه؟!
– في واحد عامل زي الطور غرقني.
– يا خبر تعالى بسرعة غيري هدومك لتبردي.
تحركت معها وأعطتها القطة الصغيرة وقالت:
– خالي بالك منها على ما اخد دش.
– عيوني يا حبيبتى اعملي حسابك في ناس هتزرنا بعد نص ساعة.
– حاضر يا ماما مش هتأخر.
دخلت دورة المياة وقلعت حجابها ثم تركت عنان شعرها ينسدل مثل امواج البحر، وظلت تتوعد لهذا الكائن البشري بالكثير والكثير حتى هدأ غليانها.
★****★
ترك “ريان” رشاش المياه وجلس يضحك على حركاتها ثم توجه إلى أمه المنادية، التي قالت:
– بقالي ربع ساعة بنادي عليك.
أجابها وهو مازال يضحك:
– مسمعتكيش يا قمر.
– ايه اللي مسخسخك؟
– متشغليش بالك موقف حصل وخلص.
– طيب يلا اجهز عشان نروح نزور طنطك يسرا.
– هروح بس أنا بحذرك أياكي تعملي اي حركة غدر من حركاتك.
– أنا بعمل حركات غدر؟
قالتها ايمان وهي تشير على نفسها، فأقترب ريان منها واضع ذراعه على كتفها:
– اتمسكني اتمسكني، نسيتى طنط ساره بدأت تعالى نشوفها عشان تعبانه خلصت على يلا نقرا الفاتحة اصل بنتها زي القمر ودخلت قلبي.
اتسعت عينيها من فظاظة حديثه وحين انتهى كورة معصم يدها وضربته على صدره العريض وهي تقول:
– عمرك ما بيعجبك حاجة بعملها.
ضحك ريان وهو يمسك كف يدها يقبله ثم وضعها على صدره، اغمضت عينيها ودعت الله له بقولها:
– ربنا يهديك يا بني هقول ايه، ولا عايز تشتغل ولا عايز تتجوز، دي عيشه بالذمه.
ترك ريان يدها ومشى عدت خطوات وعلى وجهه علامات الضيق والحزن، لكن حاول يخفي ما يشعر به وأبلغها بمزح حتى لا تشعر بما يكنه:
– أنا حاسس أنك مرات أبويا، انتى مستحيل تكوني أمي، بصي هجبلك بنزين بيور وحطي على جرحي بدل الكالونيه بتاعتك دي، ارحميني بقى يا حجه، مالي ها قولي مالي ادينى زي الفل اهو.
استشعرت ايمان من نبرته ما حاول أخفائه، فغيرت مجرى الحديث:
– يارب دايما فل، ممكن يلا عشان نروح.
– بصي أنا ولا هخليكى تاهتي ولا توجعي قلبك، ولا تتعصبي، هقول حاضر حلو كده.
– قلبي مش مطمنك.
زفر ريان أنفاسه وهو يحرك رأسه يسارا ويمينا على كائن الانثى التي بداخل كل امرأة، الذي لا يعرف كيف يرضيها مهما فعل فقال بفكاهه:
– تحبي احطلك على حاضر مكسرات او اي اضافات عشان تطمني.
– ظريف.
– لا ما انتى هتدفعي متقلقيش.
– قول كده!
– عيبك أنك مش فهماني.
– طيب اخلص.
– حاضر.
وبعد عشر دقائق نزل لها بعدما ابدل ملابسه بزي رياضي وقال:
– أنا جاهز.
رمقت ايمان هيئته بحب فهو شاب وسيم، شيك، كامل بمعنى الكلمة لا ينقصه ألا قلبا يحب كباقي البشر، غمز لها بطرف عينه وهو يلبس ساعته:
– وصلتي لفين، أكيد لابس بدله سوده صح اعترفي.
عكست سحابة عينيها غمامه من الدموع، اثر مداعبة كلماته قلبها، لكنها رسمت ابتسمت على محياها وهي تهز رأسها تنكر، أقترب منها يحاوط عنقها بذراعه القوي قائل بمزاح:
– مش كبرنا على الكذب ده؟
رمقته وهي تمسك وجهه بحب وقلب مشتاق:
– اصلها كانت بيضة وكنت قمر ووشك منور زي البدر.
أبعدها ريان عن حضنه وأبلغها بمزاح:
– كمان خلتيني فلاح يوم فرحي امشي يا امي الله يسهلك.
ضحكت ايمان على أسلوبه الهوجائي وأبلغته بتحذير:
– شفايفك ماتتفتحش إلا بأزيك اهلا حمدالله على السلامه، كلمة زيادة فيها قلة ذوق ولا جليطه منك، انت عارف هيحصلك ايه.
سابقها ريان و تقدم من باب فيلته و أبلغها وهو يشار على ساعته:
– من غير ما تقولي، حاضر بالمكسرات والقشطة يا لوزه، يلا بقى هنتأخر.
– قلبي ده مش مطمنك.
قالتها وهي تشار على قلبها بقلق، فرد عليها بتعجب:
– تااااني!
قطعهم دخول أخته من باب الرئيسي للفيلا تصرخ في أطفالها:
– حرام عليكم ارحموني أنا مش عارفه القيها منكم ولا من ابوكم .
ابتسم ريان وقال بصوت جهور:
– واهي كملت عائشة وصلت بزفتها.
– انت اخ انت بقالي كام يوم بقولك تعالى خد العيال عشان اشم نفسي.
– هو انتى تشمي نفسك وأنا اتجلط عادي ؟!
– انت مش خالهم والخال والد
– والوالد اللي جابهم راح فين؟
– بيتسرمح.
قالتها عائش بأسف وهي تضع يدها بخصرها بشكل مسرحي حتى يصعب حالها عليه، فقال وهو يفتح ذراعيه في الهواء:
– مش تقولي من بدري… حبايب خالو اللي هيجيبوا أجلي.
ركضوا عليه حضنوا بقوة جعلته يقع على الأرض:
– اعمل حسابك يا ذوق هتعملي قهوه النهارده لهقول لتيتا على طنط ام كتف واقع اللي كنت بتحطلها في عينها ال…..
وضع يده على فم ابن اخته و ضحك بصوت مرتفع، وقال له من بين أسنانه بصوت منخفض:
– اه يابن الكلب هعملك اللي عايزه.
كادت ايمان تصيب بشلل رعاش من ابنها البكري الذي جلس يتسامر مع الأطفال ونسى الموعد:
– تحب تطلع فوق تريح أحسن.
– تصدقي فكره، هو أنا ايه اللي مقعدني هنا.
– رياااااان.
صرخت بها ايمان بعدما تحرك بالفعل ريان للداخل، جعلته يتسمر مكانه ويشار لأخته:
– في ايه؟!
– في ايه كمان؟ انت نسيت اننا خارجين.
ضرب مقدمة رأسه وتحمم:
– ما رغي النسوان ده ينسى اللي ميتنسيش، أنا جاهز يلا.
بلعت ريقها ووجهة نظرها على بنتها:
– تعالي معانا.
– هروح فين بس بالعيال دي.
– ربع ساعة وهنمشي، مش هيلحقوا ياخدوا على البيت.
وافقت واتحركوا متوجهين لمدام “يسرا” التي كانت تنتظرهم وعندما نزلت ابنتها تولاي طالقه خصلات شعرها قالت يسرا:
– خلي بالك طنط ايمان معاها شاب هيجى معاها.
– كويس أنك قولتيلي يا ماما، بس قوليلي شكلة ايه مواصفاته متجوز ولا سنجل.
ضحكت “يسرا” على أسلوب ابنتها وقالت:
– ايه يا تولاي مالك؟
جلست “تولاي” بعدما لبست حجابها وقالت بصوت ولهان:
– نفسي اعيش قصة حب قوية نفسي أحب واحب اووي يا ماما.
– ربنا يسعدك يا روحي وتلاقي ابن الحلال اللي يستهلك ويصونك.
رفعت يدها تأمن على دعاء والدتها بسعادة:
– يارب يا ماما.
وصلت “إيمان” وابنائها بيت جارتها “يسرا”، التى كانت تقف تستقبلها هى وابنتها “تولاي”، فبدأت “تولاي” بالسلام وهي تمد يدها:
– ازيك يا طنط.
ابتسمت “إيمان” بنشوة من الأعجاب وشدتها داخل حضنها وضمتها بقوة وقالت بسعادة:
– حمدالله على السلامه.
– الله يسلمك.
قالت “تولاي” جملتها بصوت هادئ وعين تبحث عن نجلها، الذي رسمته في خيالها فارس أحلامها، وخبطت قدم والدتها دون أن أحد يلاحظ هامسه لها:
– آمال فين الحليوه؟
عجزت” يسرا” عن كبت ضحكتها فنظرت ل “إيمان” وسألتها على الفور:
– هو فين ريان؟
نظرت لحديقة منزل “يسرا” وهي تشار للخارج:
– بره واقف مع صلاح، اهم جاين.
انكمشت ملامح تولاي بأرتباك وتسرب الغضب بخلايا عقلها، بينما “ريان” تجمد وجهة ثم نظر إليها بطرف عينه وقال بابتسامة مصطنعة وهو يمد كف يده:
– اهلاااا حمدالله على السلامه…
لوت “تولاي” فمها في أنزعاج دون أن تنبس ببنت شفة، فأقترب “ريان” من أذنها وهمس بغلاظة:
– أن شالله كان طلعلك قرش وبلعك وريحني وريح البشرية.
لم تكن “تولاي” عاجزة عن الرد، لكن انتظرت لحظات تبعد عنها الأنظار، وأبلغته بعدما بدلته نفس الابتسامه:
– الله يسلمك…
وهمست بشفايفها:
– الهي ينزلك اللوز يا بعيد ومتلقيش حتى لمونه ناشفه في باب التلاجة.
أجابها سريعا بعد غمزة من طرف عينه اليسار:
– طول ما انتى في وشي هتنزلي كل حاجة.
رمقته بغرور و بعدت عنه وجلست بعيدا عنه فقام بمشاكستها:
– نورتي الدنيا….
ثم أكمل بصوت منخفض:
– الله يجحمك.
وقبل أن تقوم والدتها أمسكت “تولاي” يدها:
– خليكى يا ماما هعملهم القهوة بايدي.
– ايوه هو ده احسن حل…
ثم قالت بعد أن عضت شفتيها بحرج:
– قصدي يعني ندوق عمايل أيدك.
فهذا كان رد أخته المتفرجة على كل ما يحدث بينهما، فقال “ريان”:
– عايزها سااده.
ابتسمت لهم “تولاي” وتحركت إلى المطبخ وبدأت في تجهيز القهوة، لكن طرقت فكره بسحابة عقلها تضع ل “ريان” داخل القهوة ملح بدل السكر، وبالفعل بدأت في تنفيذ مخططها الشيطاني النابع من منبع الخبث بدماغها، ثم تقدمت لهم وهي تحمل الصنية وأعطت كل منهم كوب القهوة، وجلست مكانها وضعه قدم على الأخرى، تبحلق فريستها بسعادة، حتى أن أرتشف أول رشفه سيطر عليها الراحة النفسية بعدما نجحت في أخذ حقها، فظل يسعل وعينه أحمرت قامت أمه تربت على ظهره ووالدتها جلبت له كأس ماء، وهي كانت تشاهد بستمتاع كمن يشاهد التلفاز على ماتش كوره في أخر جوله وكسب من تشجعة هي فقط.
اغمض “ريان” عينه وهو يحاول أخذ نفسه وكان يضع يده بمنتصف صدره، وأبلغهم بعدما ارتشف الماء:
– سوري ياجماعة شرقت بس.
كتم بداخله الحقيقة وهو يتوعد لها ببداية الحرب الحقيقة، بدلته ابتسامة انتصار وانشكاح، في وسط عبس وجه “إيمان” بهذه القهوة، فأضاف هو بابتسامة عريضة لا تبشر بخير لها:
– اممم اممم تحفه رهييبه.
وضعت كف يدها أسفل ذقنها ناظره بعيدا عنه وهي تحرك فمها بكلمة:
– سم.
كانت “يسرا” تحكي مغامرات “تولاي”، و”تولاي” كانت تتعجرف بمغامراتها وحديث والدتها عليها فأستوقف “ريان” أسمها حينما ذكرته والدتها:
– معلش مين؟!
ابتسمت “تولاي” ابتسامة صفراء وهي ترمقه:
– تولاي…
ثم أكملت بطريقة كوميدية حتى لا يفهم الجالسين المقصد الحقيقي من رميها هذه الجملة في هذا التوقيت:
– بس ميغركش اناقة الأسم أنا فرع بولاق.
ضحك الحاضرين، إلا هو وصل له مقصدها جيدا.
وبعد وقت استأذنت “إيمان” ، ومشيت بقلب يغمره الفرح وراحة البال مستبشرة خيرا في “تولاي” بتحرير قيود ولدها المكبد.
وحينما وصلوا الفيلا ركض أبناء عائشه على “ريان” فأستعد للعب معهم بينما كانت نظراته تراقب والدته التى أخذت أبنتها عائشه ودخلت للداخل وأبلغتها بحرقه:
– شوفتي اخوكي مُصر برضو يركن شهادتة ويشتغل في السياحة.
جلست عائشه ووضعت وسادة صغيرة على قدمها وردت عليها بهدوء:
– سبيه يختار اللي يريحه بلاش تضغطي عليه.
اتسعت عين “إيمان” وهي تسقط في دوامة من الصدمه، وقالت بقهر:
– اسيبه ينول مراده وبدل ما كان بيروح هو للسرمحه، هي اللي تجيلوا لحد عنده؟!
هزت رأسها تنفى ما يدور في ظلام عقل والدتها وأجابتها بمنطق:
– ماما ده شغل سبيه بقى ياخد قراره هو مش صغير، ريان ذكى وطموح و راجل بجد يعتمد عليه، وغير كده هو من صغره مع بابا الله يرحمه في السفاري والبحر، فهو حر بلاش تحسسي أنه لسه طفل، هو لو صابر على تدخلك في كل كبيرة وصغيرة، فصابر عشان بيحبك وميقدرش على زعلك، لو واحد غير ريان كان سابك من زمان وعاش في شقتة لوحده وكبر دماغه، بلييييز اديله مساحة بلاش تتدخلي في كل كبيرة وصغيرة يا قمر انتى.
تنهدت بصوت مسموع وأخبرتها بصوت مزمجر:
– طيب والجواز اللي رفضه هتقولي سبيه برضو.
– ايوه.
اخرجت “عائشه” حروفها بثقه وثبات، فسألتها “إيمان” بصوت عالي يشبه الضجيج الذي يسيطر على عقلها :
– اسيبه وهو قافل على قلبه بالضبه والمفتاح اسيبه يسرقه القطر؟
– ماما نصيبه هيجيله حتى لو حاطط وشاح على عينه وصدقيني بنفسه هيجيلك ويقولك أنا عايز اتجوز، اسألينى أنا هو في حد يقدر يهرب من قدره، وغير كده الجواز الحاجة الوحيدة اللي كلنا بنحلم بيها.
قالت حديثها بمزاح حتى تخفف على والدتها الضغط النفسي التي متقوقعة داخله، لكن اضافت “إيمان” بقوة وهي تضيق عينيها وتلوح بيدها في الهواء:
– ده صايع كل يوم مع واحده … يعنى مش هيشغله الموضوع.
فشلت عن تواري ابتسامتها الواسعة:
– دماغك بتحدف شمال يا ايمو، اللي أقصده اي حد بيحتاج حد يشاركة في حياتة ويبقى عنده أطفال.
ردت عليها من بين أسنانها بغيظ وهي تشير بالسبابه مكان ما يجلس:
– ريان؟!!! ده بيتسرمح للصبح مافيش عنده وقت يفكر ولا يحس أنه وحيد.
وقفت مدافعة عن أخيها الوحيد حتى تنهي الحوار بوجه ملي بالفكاهه:
– بقولك ايه يا ست انتى سيبي الواد الحيله الحليوه ابو عضلات يعمل اللي يريحه.
دخل عليهما “ريان” ووقف على اعتاب الفيلا ساند ظهره على الباب ومربع يده منتظر أن ينهوا حديثهما، وهو يبتسم لوصف أخته له، فقالت “عائشة” وهي تشير عليه:
– ابن حلال كنا بنم عليك.
أعتدل في وقفته وهو يبتعد عن الباب، محاول الهروب من ما يدور بدماغة:
– هي فيها نم، طيب اسيبكم تكمله تقطيع في وبرتي اهو الواحد يضمن حسنات من الهوا.
تقدمت نحوه اخته بابتسامة عريضة:
– لا لا تعالى كفاية عليك حسنات كده…
ثم جذبته من ظهره لحضنها، فأستسلم “ريان” لحركتها وهي يرفع حاجبيه بتعجب، حتى أن أردفت بسعادة:
– مبروك يا عمري على الشغل.
زوى ما بين حاجبيه بأستغراب ممزوج بتفائل:
– شغل ايه؟!
– ماما قالتلي أنك هتفتح مكتب سياحة.
اتسعت حدقية “إيمان” بغيظ من ابنتها، بينما “ريان” أقترب منها وسألها بصوت سعيد:
– بجد وافقتي.
أغلقت جفونها محاولة التحكم في ثباتها من المأزق التي وضعتها داخله وحاولت النفي:
– مش…
قطعتها “عائشه” وهي تسحب وجه أخيها لها تخبره بمشاكسة:
– ايوه طبعا يا قلبي وافقت بس اهم حاجة الشغل شغل يا واد.
أجابها بسعادة غامرة تحتل قلبه:
– لا متقلقيش العط ليه مكانه برضو.
ضحكت هي واخيها، لكن والدتهما تشعر بأرتفاع ضغطها وقالت بنفاذ صبر:
– احمدك يارب أنك خلتها بنت.
عقدت عائشه حاجبيها بتسائل:
– ليه يا قمر؟!
– كنتى هتبقى العن منه يا حبيبتى.
القت جملتها من شدة غيظها منهما، لكن عائشه ردت عليها وهى تضحك مأكده حروف والدتها:
– اه والله كنت هبقى منحرفه، آمال انا سايبه ماهر ليه يقضيها.
فقال “ريان” بإعجاب واضح لشخصيتها:
– عارفه يا عائشه لو لقيت واحده زيك مش هتردد لحظه اتجوزها.
صدحت رنات ضحكتها وهي تبلغ والدتها:
– يبقى يا حسرتك يا ايمو ابنك هيعنس جنبك. اصل مستحيل تلاقي واحده فري كده يا بيبي.
قامت “إيمان” من مجلسها وهي تتحسر على خلفتها وتكلم نفسها:
– يا سواد حظك في عيالك يا إيمان أنا معرفتش اربيكم يا صايع منك ليها، وسعوا كده لما اطلع للعيال اللي بره اربيهم، كفاية فشلت في تربيتكم.
رفعت “عائشه” عنقها تراقب والدتها حتى أن اختفت، ثم مسكت يد أخيها ممازحه:
– مسكينه والله…. بس تستاهل.
ثم أضافت بجدية:
– قولي بقى ناوي تسمي الشركة ايه؟
– نفرتيتي للرحلات ايه رأيك؟
– حلو.
– لو احتجت اي حاجة أنا معاك وش.
– قلبي انتى أنا واثق أنك سداده، أنا هدخل شريك في الشركة مع زين.
– زين ده اللي هو زينهم؟
هز رأسه بابتسامة تزين وجهه، ضربة كف على كف وهي تهز رأسها:
– كده اطمنت أن الشركة اعلنت افلسها قبل ما تفتح.
ضحكا سويا بصوت مرتفع، فدخلت “إيمان” على صوتهما وهي تقول بغيظ:
– اضحكوا اضحوا ولا اللي شربين حشيش.
انكمشت ملامح عائشه بشمئزاز:
– ماما ايه اللي بتقولي ده؟! حسستيني أنك قولتي حاجة ممنوعه ولا منكر.
زفرت “إيمان” أنفاسها بغيظ من هذه المعتوهه وقالت بتسائل:
– آمال الحشيش ايه؟
– الحشيش ده مش نبات.
ردت عن أقتناع بدون تفكير:
– اه.
– يبقى نبته زيه زي الملوخيه لما يتحرم اكل الملوخيه يبقى نطبق الكلام ده على اي نبته.
ضحك “ريان” وهو يرفع يده يصفق مأيد كلام أخته:
– بنتك ليفل الشرس… بالله عليكى جوزيني واحده نفس الدماغ المتكلفه دي، شوفتي اهو مش معترض اسعى بقى معايا ولاقيها.
كادت تخرج عن طور العقل والتحضر، التي تحاول أن تحتفظ به طوال عمرها:
– أنا ايه اللي بيجبني عندكم انتوا الاتنين.
وأكملت بعدما لمحت شبح ابتسامة على شفتيهما بصوت يهدد بالانفجار في اي وقت:
– بت انتى قومي خدي عيالك وامشي كفياني واحد أنا مصدقت اتجوزتي خلصت من الحزب اللي عملينه عليا انتوا الاتنين.
ضحكت عائشه وهي تلملم أغرضها هي فقط وقالت بطريقة مسرحية:
– همشي يا مصر عشان ترتاحي…. بس عيالي يلزموكي إلا ماهر لو رجعتله بيهم هيطلقني بالتلاته.
– لا وعلى ايه عيالك ارحم منك يلا يا حبيبتى السواق واقف بره مع السلامة.
قالتها وهي تمسك بإولادها حتى تتخلص منها، فقالت “عائشه” ل “ريان” الذي لا يسيطر على ضحكاته:
– أمك بتحبني اووي لدرجة متقدرش تستغنى عني.
– متأكد من غير ما تحلفي، الحقي اهربي من وشها لأنها بدأت تتحول.
ركضت “عائشه” للخارج وأستعد “ريان” الذهاب لغرفته ينال قسط من الراحة قبل أن يكلم صديقة “زين”.
★*****★
انهت هند محاضرتها وبعتت رساله ل عمر بأنها انهت جميع محاضراتها، فتح الرسالة عمر وانهى سريعا ما يفعله حتى لا يتأخر عليها.
فجلسة “هند” مع صديقتها بأحدى المقاهي منتظرة مجيء “عمر” فقالت لها صديقتها “يارا”:
– هند حبيبتى أنا هرتب ليكى مكان في سكن الجامعة قريب اووي، مش عايزاكي تشيلي هم حاجة.
تعجبت هند من عرضها الغريب:
– ليه؟!
– ليه ايه، آمال هتقعدي فين؟
زوت ما بين حاجبيها مستغربه سألها، لكن أجابتها بهدوء:
– أنا اعده في شقة اختي.
اوضحت لها “سهى” بقولها:
– واختك الله يرحمها.
– ايوه بس الشقة موجودة.
سألتها يارا صديقتهما الثالثة بستفسار:
– هو جوز اختك سافر يعنى؟
– سافر فين يا يارا؟! عمر عايش معايا.
سألتها هند بسؤال على سؤالها بضيق، فهلعت يارا وسهى من ردها وقالت سهى بحده:
– انتى بتهزري؟!
– هو في ايه يا سمى؟
اجابتها سهى بتوضيح:
– هند السبب الرئيسي لوجودك في الشقة دي الله يرحمها، عمر راجل وانتى بنت وما اجتمع رجل وأنثى إلا وثالثهما الشيطان.
رمقتها بحده لتفكرها وأبلغتها وهي تنهض:
– عمر بيعتبرني أختة الصغيرة.
وقبل أن تمشي أمسكت يدها سمى موضحة حسن نيتها:
– اديكى قولتى بيعتبرك… مش فعلا.
شاردت هند دقائق فيما حدث صباحا فهو حقا يعتبرها أخته لا ينظر عليها بخبث كان يشجعها ويحفزها كأنها ابنته، فاقت من شرودها على صوت آلات تنبيه عربة عمر ابتسمت له ثم وجهة بصرها لصديقتها بعد أن تحمحمت مأكده لهما شعرها:
– لا فعلا أخته مش بيعتبرني.
فأمسكت يارا يدها بقوه تبلغها:
– تفتكري زياد لو عرف الوضع ده هيسمح بيه؟
ردت بدون تفكير قبل ان تتركهما وتتوجه إلى العربة:
– زياد عارف أن عمر مربيني من وأنا عندي ١٠ سنين.
وعلى الفور فتحت باب العربةو داخلت بأبتسامة باهته، سلم عليها عمر وتعجب من ملامحها المستشاطة فسألها:
– مالك يا هند؟!
ياترى هند هتقول لعمر؟
ياترى الامور هتوصل لحد فين مع ريان وتولاي؟
يتبع….
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية طوق نجاتي ) اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق