Ads by Google X

القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية أباطرة الغرام الفصل الثالث 3 - بقلم آية محمد رفعت

    رواية أباطرة الغرام كاملة    بقلم آية محمد رفعت   عبر مدونة كوكب الروايات 

رواية أباطرة الغرام الفصل الثالث 3

 
بـ قصر الدالي..
قطم أسر من الخبز المحشو باللحم بين يده، ويردد وهو يمضغ الطعام:
-بس كدا يا أموله وعمي قال لخالد خد البشمهندس أسر روحه يعني من الأخر كدا أبو لهب اللي أنتِ متجوزاه هو وابنه كانوا هيموتوا أسوره حبيبك.
انزعجت آمال من اللقب الذي طرحه أسر على والده، لتردف بحزم :
-ولد عيب كدا أطلع أوضتك على ما أخلي الخدم يجهزولك الغدا.
نهض أسر من مكانه يردد بايجابية:
-ماشي يا أموله… أُمال فين سها؟!
اجابته آمال بهدوءٍ:
-في أوضتها.
تحرك أسر نحو غرفته يردد وهو يلقي قبلة على الهواء:
– قشطة سلام يا قمر.
خرج خالد من المصعد المرفق بالقصر ولكنه لاحظ دخول أسر المصعد الثاني، ولسوء الحظ رأه أسر وهو يغادر فأردف بمشاكسة:
– أيششش إيه الشياكة دي يا خالود رايح فين كدا! بص خدني معك يا معلم.
:جحظت عين خالد بصدمةٍ، يردد بصوتٍ غاضب:
-أنا أتجننت عشان أخدك معايا، اقعد بحترمك أحسن ما أخلص عليك..
حاول أسر أن يستعطفه مرددًا برجاءٍ :
-طب أجي معك والله هقعد محترم؟
حرك خالد رأسه في نفي، يجيبه بجدية يتخللها بعض التهديد:
_ما أنت هتقعد غصب عنك محترم لحد ما أروح وأرجع عارف أن لمحت طيفك هناك هعمل فيك إيه!
-إيه؟
قالها أسر بجهلٍ عما سيفعله، في حين اجابه خالد بمكرٍ:
-سيبك من عصام أنا بقا مش هقتلك لا دا أسهل عقاب..!
ازدرد أسر لعابه بخوفٍ شديد:
– أمال هتعمل ايه؟!
أشار خالد على لسانه، يهمس بنبرة مخيفة:
-هفصل لسانك اللي جيبلي السكر وعصام الضغط وباقي القصر جميع الأمراض المزمنة.. فهمت يا حلو؟!
وضع أسر يده على فمه، يردف بصوتٍ مرتعب:
– يا خبر دا أنت طلعت خطير.. أنا مش هاجي يا عم ولو عايزني أسبلك القصر دا أحنا أخوات يا جدع.
ابتسم خالد عندما وصل لمبتغاه، فأردف وهو يغادر:
– شاطر أقعد بأدبك، باي.
أشاح بيده، يردد بضيقٍ:
– الحق عليا كنت عايز أجي معك لحد يعاكسك وأنت موز كدا يالا إياك أشفهم مقطعينك… أنا مالي أما أطلع أغلس على سها… وحشتني بت الإيه.
تطلعت ياسمين لأسر الذي يحدث نفسه بعدما صعد للطابق الثاني والذي يحوي غرفة سها وندى، واردفت بدهشة:
– أنت بتكلم نفسك يا أسر؟!
اجابها أسر ببرودٍ:
– آه عندك مانع.
حركت كتفيها بلامبالاة ثم قالت ببسمة هادئة:
– لا خد راحتك يا قلبي أنا ولا كأني شوفت حاجة، سلام.
تركته ياسمين وغادرت الطابق، في حين انطلق أسر نحو غرفة سها وما أن فتح الباب حتي فزع من شكل سها التي كانت تجلس على السرير بجانبها أنواع عديدة من المقرمشات و شكولاتة و الحلوى، وإلى جوارها علبة منديل تستخدمها وهي تشاهد فيلمًا، تقدم أسر بهدوءٍ ليرى ما هذا الفيلم فوجده فيلم رومانسي عادي، ألقت سُها المنديل بعدما استخدمته على أسر دون أن تلاحظ وجده، في حين اشمئز أسر منها مرددًا:
– إيه القرف ده؟!
نظرت له سُها بأعين حمراء من كثرة البكاء، تردد من بين دموعها:
-أسر حبيبي تعالى شوف.
رد آسر بسخرية وهو يشير عليها:
-ما أنا شايف، إيه أول مرة تشوف فيلم رومانسي!
حركت سها رأسها بايجابية، تعود للبكاء مرة أخرى وهي تجيب:
-آه.
ظن أسر أن بها شيء وركض نحوها يتسأل أن كان هناك شيء فأردف بقلقٍ:
-مالك يا حبيبتي في حاجه بتوجعك اجبلك دكتور؟!
نظرت له سها وعينيها لا تزالان تذرف الدموع، تردد بمشاعرٍ متضاربة:
– خدني في حضنك يا أسر.
أسر :
-قشطه دا أنا كل يوم هفرجك على فيلم رومانسي.
ضمها إليه بخبث، هامسًا بمكر:
– مكنتش أعرف إنك حساسة كدا، عيطي أكتر واثبتيلي انك بتحسي وعندك دم زي البني آدمين!
سها ببكاء:
– إيه ده؟!
أسر:
– إيه؟!
سها:
-هو أنت فكرني بعيط عشان الفيلم؟!
أسر:
– أمال إيه؟!
سها :
– انا بعيط عشان الفستان اللي البطلة لبساه ده اشتريت واحد زيه وجي ضيق عليا جدًا.
أسر:
– يعني أنتِ بتعيط عشان الفستان بس!
سها:
– آه
سدد لها لكمات هائلة من الضربات،فصرخت تستغيث:
– ألحقوني… ياسمين.
ياسمين:
– بتزعقي ليه يا زفتة؟
جحظت عينيها صدمة فهرعت اليه تردد!
– هتموت البت سبها.
أسر :
– وأنا بقول البت بقا عندها مشاعر وهتحس بيا واحضني يا أسر.
سها:
– وأنا مالي أنت اللي تفكرك مش حلو.
ياسمين:
– بس يا أسر.. بس يا سها.. الله خلاص بقا.
أسر:
– وبعدين أنت إيه اللي مقعدك هنا وأنا اللي بقول عمتي إزاي قدرت تقعد من غير بنتها كل ده من يوم الخطوبة دا زي ماتكون مصدقة.
سها:
– أنت مالك! أقعد براحتي كان بيتك ولا بيتك دا قصر خالي يا حبيبي.
أسر:
– حبك برص يا شيخة
ياسمين:
– بـــــــــــاس كفاية تعالى يا أسر.
وخدت أسر ومشيت
عاتبته ياسمين بكلماتٍ صغيرة:
– حرام عليك يا أسر براحة شوية وبعدين هي قاعدة على قلبك!
ردد أسر باختناق:
– يا بنتي أنا بسمع أن اللي بيتجوز بياخد مؤبد وأنا لسه يدوب خاطب وهي لازقة هنادي زي ما تكون ما صدقت حد يخطبها عشان تكلبش فيه هي مكنتش مصدقة ولا إيه؟!
حركت ياسمين رأسها بيأسٍ، منه ثم قالت بحماسٍ:
-سبك منها وأجهز عشان تيجي معايا بعد بكرة نجيب ندى من المطار.
اتسعت عين أسر بسعادة يردف:
– ندى هي أخيرًا هتنزل.
حركت رأسها في ايجابية تؤكد حديثه :
– آه يا سيدي أخيرًا
شرد أسر يتخيل ملامح ندى يردد ببسمة بلهاء على ثغره :
– ياه أكيد بقت موزة..
شهقت ياسمين فجأة متمتمة وهي تضع يدها على فمها:
– إيه ده سها!
استدار أسر سريعًا مردد بخوفٍ:
– فين؟!
ضحكت ياسمين على خوفه، تردد بسخرية:
– جبان.
************
بمكتب عصام…
– إيه يا خالد أتخلصت من البنى آدم ده إزاي؟!
قالها عصام بدهشة، فشقيقه ليس بسهلٍ أن يترك المكان، في حين اجابه خالد وهو يجلس على مقعده:
– بمعجزة،المهم الإجتماع وربنا يستر.
تسأل عصام بتعجب:
– ليه في إيه؟!
نظر له بجانب عينيه يردد بنبرة ساخرة:
– كالعادة في بنتين هيحضروا الاجتماع وهيعجبوا بسيادتك وسيادتك هتطردهم
وهنرجع القصر كالعادة يعني مفيش جديد.
حرك رأسه بايجابية، يردد وهو ينهض من مكان يحمل سترته:
– أنا أصلًا مش فاضي عشان أحضر الإجتماع أنت اللي هتحضره
تسأل خالد بدهشة:
– ليه؟!
تحرك عصام نحو الباب يردد في تعجل:
– ورايا مشوار مهم، سلام.
عوج خالد مرددًا بسخطٍ:
– مشوار مهم ربنا يستر.
وبالفعل جلس خالد بالاجتماع مع والده ” محمد الدالي” الذي شعر بفخرٍ على دهاء ابنه في العمل.
فقد انهى الاجتماع بوقتٍ قياسي، مما جعل أحمد الدالي يردف بفخرٍ:
-أنا فخور بيك يا ابني ربنا يحميك.
ابتسم خالد بهدوءٍ، مرددًا بتهذب:
-أنت معمالتش حاجة يا عمي ده كله بفضل ربنا ثم علامك لينا.
ضحك أحمد على حديثه الذي راق له، مرددًا من بين ضحكه :
-يا واد يا بكاش.
لا تزال البسمة عالقة بثغر خالد، الذي ردد بامتنان :
– ولا بكاش ولا حاجة أنا بقول الحقيقة.
تسأل محمد بتعجبٍ:
– عصام فين يا خالد؟!
حرك رأسه في عدم علم يردد بنبرة جادة:
-هو قال إن عنده مشوار مهم.
– ربنا يستر.
قالها محمد وأحمد بذات الوقت يحشى كلاهما ما سوف يفعله عصام الدالي!!
*************
بمكانٍ مخيف للغاية، كان شبه مهجور، تملؤه الأوساخ، يجلس عصام الدالي واضعًا قدم فوق الأخر، ينظر بغموضٍ يحمل بعض الشراسة للملقى أرضًا في اهمال، يردد ببرودٍ له:
– ها هتنطق ولا لاء؟!
حرك أحمد رأسه في نفيٍ، يجيب وهو يلهث بشدة :
– والله يا باشا معرف حاجة صدقني.
حرك عصام رأسه بسخطٍ قبل أن يقترب منه بشكلٍ مخيف :
– كدا هزعل وصدقني يا أحمد زعلي وحش جدًا.
لم يجيب أحمد في حين أردف عصام ببرودٍ وكأن ما يقوله عادي :
-عثمان أقتله وأدفنه هنا.
نهض من مكانه كي يغادر ولكن اوقفه أحمد يمسك قدمه مرددًا برجاءٍ:
-هقول هقول كل حاجة.. خلاص!
زحفت بسمة خبيثة على شفتي عصام، يزمجره بعنفٍ:
– أنطق أنا مش فاضيلك يا روح ***.
نطق أحمد أخيرًا يجيبه على ما أرد:
– أيوب البحيري هو اللي كان بياخد مني المعلومات عن الصفقة الجديدة يافندم سامحني.
أظلمت عينيا عصام بشدة، يردد من بين اسنانه:
– آه يا كلب حسابك تقل معايا.
نظر أحمد نحو عصام برجاءٍ، يحدثه بخوفٍ:
– أنا قولت كل حاجة… خليني أمشي يا بيه.
نظر عصام بشراسة، يجيبه بصوتٍ مخيف:
– للأسف أنت لعبت مع الشخص الغلط يا أحمد مش عصام الدالي اللي عيل لا راح ولا جه بيلعب بيه ما عاش ولا كان ولا لسه ولدته أمه حتى أنا لازم أخليك عِبرة للي يفكر بس مجرد تفكير أنه يخوني أما بقا أيوب ده حسابه تقل معايا فاللعب معه هيبقى على تقيل… عثمان.
تقدم عثمان كي يتلقى امره يجيبه:
– تحت أمرك يا عصام باشا.
:- نفذ اللي قولتلك عليه!
قالها عصام وهو يغادر المكان في حيم اجابه عثمان بهدوءٍ:
– حاضر يا افندم.
**************
عاد عصام إلى القصر، يترجل من السيارة تاركًا أحد الحرس أن يصفها بنظامٍ أكثر، انطلق عصام نحو غرفته يبدل ملابسه بأخرى مريحة رجع عصام إلى القصر وصف سيارته باهمال فأتي فكانت سروال من اللون الرمادي وتي- شيرت من اللون الأبيض، انتهى من تبديل ملابسه وانطلق نحو غرفة شقيقته، يطرق بالباب بخفة وما أن سمحت له بالدلوف حتى أردف ببسمة حنونة:
– مساء الخير، الجميل نايم ولا صاحي؟!
ابتسمت ياسمين بحبٍ لشقيقها، تردد بسعادة لرؤيته:
– لا لسه صاحية يا حبيبي تعالى.
دلف عصام للداخل يمد يده بورقةٍ صغيرة، يردد ببسمة حنونة:
– خدي يا حبيبتي دا شيك بالمبلغ و روحي بكرة اسحبي المبلغ.
نهضت ياسمين تقفز بسعادة داخل أحضان شقيقها تردد بصوتٍ ممتن :
– حبيبي انا بموت فيك أنت أحلي أخ في الدينا في كدا يا ناس حلوة بالشكل ده بس يا خسارة بقا ماليش نصيب.
قطب جبينه تعجب، يتسأل بدهشة:
– ملكيش نصيب في إيه؟
اجابته ياسمين بسؤالٍ:
– عمرك شوفت حد بيتجوز أخوه؟!
حرك رأسه نافيًا يجيب:
– لا مشفتش الصراحة.
اجابته ياسمين وهي تتأمله بانبهار:
– أنا عايزة واحد في جنتلتك وجمالك وعينك الزرقة
دي بس أكيد مش هلاقي.
ضحك عصام على حديثها المرح، يردد بنبرة ضاحكة :
-بطلي بكش بقا أنتِ فكراني عيل غبي زي أسر وهتضحكي عليا.
عقدت حاجبيها بعدم فهم تحدثه ببلاهة:
– مش فاهمه قصدك إيه؟!
رفع عصام حاجبه، يردد بمكرٍ:
– قصدي أنتِ فهماه كويس.
ردت ياسمين بسؤالٍ لم يتغير:
– اللي هو إيه يا عصام؟!
اجابه بمكرٍ يوضح مقصده:
-خالد.. فكراني عبيط يابت.
تطلعت له بتوترٍ، ثم قالت بإرتباك:
– خالد إيه! بس أنا بتكلم على عينيك وأنت بتتكلم على خالد.
ردد عصام بمكرٍ:
– وماله خالد دا البنات هتموت عليه على وسامته وجماله ولا عينيه العسلي.
نفت ياسمين حديثه دون وعي:
– لا عينيه خضرة مش عسلي.
ابتسم عصام بعدما نجاح في الايقاع بشقيقته، يهمس بصوتٍ يحمل مكر الذئاب:
– وأنتِ إيه اللي عرفك إنه عينيه خضرة دا أنتِ متابعة بقا.
تلون وجهها بخجلٍ شديد، تجيبه بحرجٍ:
– ها لا أبدًا بس هو عينيه نفس لون عينين ندى فأكيد عرفت اللون.
تأمل عصام خجل شقيقته يبتسم بحنو أن شقيقته وصغيرته أصبحت عروس الآن، لم يرغب بزيادة حُمرة وجهها، فاردفت بكلماتٍ كي يغير موضوع:
– أبسطي يا ستي أختك اللي دوشيتنا بيها راجعلك دا احنا حاسين إنها عايشة معانا بسبب كلامك طول الوقت عليها.
ضحكت ياسمين بسعادة، تردف بنبرة متلهفة:
– دي روحي وأختي وحبيبتي…
ثم استرسلت حديثها دون أن تعي ما تفوهت به:
– ونفسي أنها تبقى في يوم من الأيام مراتك.
تبدلت ملامح عصام بشدة وشعر بألم يعتصر صدره، فأردف بصوتٍ حاد.. جامد:
– ياسمين أقفلي على الموضوع ده أنتِ فاهمة!
نظرت له ياسمين بحزنٍ ثم قالت وقد ادمعت عينيها:
– أنا آسفة يا عصام مش قصدي والله.
تأمل ملامحها التي ذبلت بلحظةٍ، ثم فحاول السيطرة على غضبه يردف محاولًا الابتسام:
– مفيش حاجة يا حبيبتي متزعليش مني.
منحته ياسمين بسمة هادئة، في حين قبل عصام جبينها بحبٍ يردف بحنو:
-أنا راجع مضايق شوية يالا تصبحي على خير يا قلبي.
منحته ياسمين بسمة سعيدة مرددة:
– وأنت من أهله.
غادر عصام الغرفة سريعًا، يشعر بألم يعتصر قلبه، يتذكر زوجته وحبيبته من جديد يغرق بمستنقع ذكرياته معاها، ولكن مستنقع أسود يضمر فؤاده بقسوةٍ، فاق على صوتٍ ينتشله من قاع هذا المستنقع، تطلع للمتصل ثم أجاب بكلماتٍ لم تظهر ما يشعر به:
– ألو.. أيوة يا خالد.. إيه لحقت أوحشك دا أنا لسه سيبك في الشركة.
ردد خالد بصوتٍ جاد:
– أنزل أنا تحت في المكتب في حاجة مهمة لازمًا تعرفها.
أغلق عصام الهاتف وهبط للمكتب كي يرى ما هو الشيء المهم الذي استدعاه خالد له، وما أن دلف للمكتب حتى أردف بتعجب:
– هاه يابني في أيه قلقتني؟!
أسرع خالد بدفع كلمات من فمه وكأنه سيفجر قنبلة:
– عصام في حد بينقل أخبار الصفقة الجديدة للحيو** اللي اسمه أيوب.
ابتسم عصام بسخرية يردد:
– وحضرتك أكتشفت الموضوع ده أمته؟!
شعر خالد بريبة واجابه ببعض الدهشة:
– حالًا.
صفق عصام بيده يردد بسخرية واضحة:
– لا برافو علي ذكائك الشديد.
عبست ملامح خالد، وأردف بضيقٍ:
– حضرتك بتتريق عليا الصفقة دي مهمة لعمي ولو ضاعت هبيقى يومي أنا وأنت أسود.
رمقه بنظرة ساخطة، ثم قال ببرودٍ:
– عارف.
دهش خالد بشدة منه، ثم تسأل بحيرة:
– عارف إيه بالضبط فهمني أصل أنا بعيد عنك غبي.
تجابه عصام موضحًا له وقت معرفته:
– يا أستاذ خالد الموضوع ده مش النهاردة بس دا من شهر تقريبًا.
جحظت عين خالد بشدة، يردد بصدمةٍ تملكته:
– وأنت عارف وسكت يعني الصفقة ضاعت خلاص!
ابتسم عصام بمكرٍ يردد:
– ومين قالك إنها ضعت؟!
قطب خالد جبينه بحيرة، ثم قال باختناق من طريقة عصام:
– أنت هتكلمني بالألغاز ما تنطق نشفت دمي.
تنهد عصام بهدوءٍ، ثم تجابه بنبرة جادة:
– يعني أنا عرفت من أول لحظة أن الزفت ده هيعمل كدا عشان كدا أخدت بالي من كل خطوة بعملها.
– يعني إيه؟!
تسأل بها خالد ببعض الحيرة تضرب رأسه، في حين أجابه عصام بعملية:
– يعني أنا مكشفتش ورقي كله أنا وصلت اللي لازم يوصل لأيوب البحيري عن طريق الخاين اللي زرعه ومش كدا وبس دا أما خليته يصرف كل اللي وراه واللي قدمه يبقى على الحديدة وموسختش ايدي بدم الخاين ده خلته هو اللي يقتله كأنه مفكر أنه بعاه ليا عشان أنا أوصله المعلومات اللي أنا عايزه يعني خلص عليه.
اختتم حديثه يضع قدمه فوق الأخر، في حين شعر خالد بالانبهار من ابن عمه فأردف بفخرٍ:
– يابن الإيه دا الشيطان نفسه يعملك حساب ويعلنك قائد عليه دا زمان أيوب بيغني صعبة عليا نفسي.
منحه نظرة شرسة يردد بصوتٍ غامض:
– ده عقاب أي حد يفكر يقف قدام عيلة الدالي.
حرك خالد رأسه بايجابية يؤكد حديثه ثم ردد:
– دماغك دي تتقل بدهب.
نهض عصام من مكانه يتجه نحو غرفته يردد ببعض النعاس:
– طب تصبح على خير بقا عايز أنام جعان نوم.
تحرك معه خالد يؤكد حديثه قائلًا:
– وأنا والله هموت وأنام.
كاد أن يتحرك ولكنه تذكر شيئًا فعاد يردد بصوتٍ هادئ، يعلو ثغره بسمة صغيرة:
– آه نسيت مبروك على المشروع يا صاحبي سمعت إنك لفيت الناس بذكائك.
ابتسم خالد بجاذبية يجيبه بدهاء:
– هو أنت مفكر إنك لوحدك اللي ذكي… يالا تصبح على خير بقا.
****************
بغرفة خالد..
ألقى خالد بجسده على الفراش، يغمض عينيه من فرطة التعب، ثم غفى سريعًا في سبات عميق، ولكن بعد مرور وقت ليس كبير استمع لصوت شخير عالي بغرفته، فتح عينيه فجأة ينظر إلى جواره فوجد أسر يستلقي نائمًا، انتفض من أعلى الفراش يردد بصدمة:
– يا نهارك مش فايت إيه اللي جابك هنا يا زفت؟!
لم يستجب له أسر، فمد خالد يده يحركه بعنفٍ يردد بغيظٍ:
– أصحي يا حيوان أنت.
تحدث أسر بصوتٍ ناعس:
– عايز أنام واطي صوتك.
رمقه بنظرة مغتاظة، ثم قال بغضبٍ:
– أوطي صوتي دا أنا هنفخك قوم يالاه.
جلس أسر مغمضًا عينيه، يضع يده فوق الأخر مرددًا بنعاسٍ لا يزال بصوته:
– أهو عايز إيه؟
– إيه اللي جابك هنا مش ليك زفت أوضة!
قالها خالد بغيظٍ منه، في حين اجابه أسر بتوترٍ :
– ماهو يا عم أصل الصراحة يعني…
زمجره خالد بعنفٍ:
– أخلص.
أكمل أسر بتوتر:
– أتفرجت عل فيلم رعب وخايف أنام في أوضتي.
بقى خالد يحدق به في ذهزل، ثم قال بسخطٍ منه:
– مش مكسوف من نفسك وأنت شحط خايف من فيلم.
ابتسم ببلاهة له، ثم تمتم بنبرة بسيطة كادت أن تقضي على خالد:
– بص يا خالد أنا هنام هنا يعني هنام هنا عايز تروح تنام في اوضة أنت حر.
مسح خالد على وجهه محاولًا السيطرة على ذاته يردد:
– ياض متخالنيش أفقد أعصابي قوم من هنا.
منحه أسر نظرة متذمرة، يردد بخبثٍ:
– حرام عليك يا جدع الله… إن ما خلتني أنام جنبك النهاردة لأروح أجيب أدوات الرسم بتاعتي وأجي أرسم خلقتك دي وأنا نفي الصراحة بس ربنا يستر وأهو أبقى لقيت حد أتعلم فيه.
حدج خالد بنظراتٍ شرسة، يردد بغيظٍ:
– أنت بتلوي درعي يا أسر ماشي اتخمد دا خمدة تخدك.
************
في غرفة عصام…
دلف خالد إلى غرفة عصام، يحركه كي يستيقظ، يؤدف ببضع كلماتًا:
– أنت يا بني فوق.
انتفض عصام من مكانه يردد بنبرة تحمل الفزع:
– إيه يا خالد في إيه وايه اللي في إيدك ده؟!
نظر خالد لما بيده، ثم قال بضيقٍ:
– هيكون إيه يا خويا زي ما أنت شايف مخده ولحاف.
سخط عصام منه، مردفًا:
– هو حد قالك إني أعمي أقصد ليه يعني؟!
اجابه خالد ببساطة :
– عشان هبات مع سيادتك النهاردة.
حدق به عصام بصدمة، ثم ألقى سؤاله سريعًا:
– ليه خير؟!
اجابه خالد بغضبٍ ممزوج بحسرة:
– الزفت اللي اسمه أسر ده جالي الأوضة قال إيه شايف فيلم رعب وبعد اما تكرمت وتنزلت وفقت طول الليل بيشخر ومش عارف أنام وجناح الضيوف مقفول فمفيش قدامي غيرك
اردف عصام بغيظٍ منه:
– تمام هو يغلس عليك وانت تطلعه عليا تعالى يا خويا بس لحظة سؤال أنت جايب اللحاف بتاعك والمخدة ليه من قلة الغطا والمخدات عندي!!
ابتسم خالد ببرود، يجيبه بحنقٍ:
– لا يا خفيف بس مبعرفش أنام إلا وأنا متغطي بلحافي.
أشاح عصام بيده، يردف بصوتٍ ساخر:
– ماشي براحة ياعم إيه كان فين طولة لسانك وأنت بتطرد من أوضتك.
بعد مرور ساعة تفاجأ كلًا من صام وخالد بصوتٍ شخير قوي فنظروا لبعضهما ثم لمصدر الصوت فما كان سوى صوت أسر الذي ينام بالمنتصف بينهما!
حرك عصام رأسه في نفيٍ، يردد بصدمة:
– كدا كتير.
نظر خالد نحو عصام، يردف بجدية:
– عصام حبيبي أنت مش كنت عايز تقتله خلص عليه وأنا هعمل نفسي مش شايفك.
نظر عصام له، ثم قال بغموضٍ:
_ كتف الواد دا!
انتهى كلاهما من تكتيف أسر، فأردف خالد بحيرة:
– وبعدين يا عصام الصوت لسه طالع؟
:- استنى على رزقك.
قالها عصام وهو يكمم فم أسر باللصق، ثم حمله على ظهره واتجه به نحو غرفته ووضعه بها ثم أغلق الباب!
************
قد قالها عز وجل :”وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ
وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّس “. ها قد بدد نوره ظلمة الليل ليملأ ضياؤه الأرجاء ، شهيق يسحب من خلاله الأحلام السيئة وكل الأمنيات المرجوة ، يتبعه زفير ينثر الأمل والتفاؤل.
استيقط آسر يشعر بتنميلٍ في أطرافه، اتسعت عيناه عندما وجدها مقيدة ، سعى بفك قدميه ويديه، حاول طلب المساعدة ليتفاجأ باللاصق على فمه ، فبدا كقربان هيأ لذبحه.
*********
انتهى عصام من ارتداء ملابسه، ولكنه وجد خالد لا يزال غافلًا في سبات عميق، تقدم منه عصام يحركه بعنفٍ قائلًا بجدية:
– خالد أنت يابني قوم هتنأخر على الشركة.
همس خالد بصوتٍ ناعس:
– نفسي أموت عشان أرتاح منك أنت وأخوك حسبي الله ونعم الوكيل.
حدق به عصام في برودٍ ثم ضربه بخفةٍ على كتفه كي يفيق:
– طب قوم يا خويا قوم.
نهض خالد ينفث بغضب يتمتم باستياء:
– أديني قمت أهو.
توجه عصام نحو سترته ليرتديها في خفةٍ، ثم قال قبل أن يغادر:
– أنا هستناك تحت متتأخرش.
ثم استرسل حديثه بتحذيرٍ قبل أن يغلق الباب خلفه:
– أوعى تنام تاني وغير هدومك وألبس أي حاجة من الدولاب بدل ما لسه هتطلع فوق انجز.
نهض خالد من أعلى الفراش بعدما احتقن وجهه بغضبٍ منه، يردد بغيظٍ:
– ماشي ياعم فهمت.
دخل خالد إلى الحمام فوجد آسر ينظر له بغلٍ، وحقد، منحه خالد نظرة ساخطة، يردد بسخرية:
– إيه أخبار الأشباح يا أسوره يا رب تكون مبسوط معانا أحنا في خدمتك يا حبيبي بس بعد أذنك برا عشان أخد شاور أصل اتأخرت جدًا
بدأ آسر بتحريك أطرافه كدعوةٍ لخالد بحلّ وثاقه ، في حين تعالى ضحكة خالد الشامتة ليردف ببرودٍ:
– زي ما أنت متتعبش نفسك أنا هطلعك.
وبالفعل حمل خالد آسر كشوال للقمح فوق ظهره، ثم رماه على الفراش، يردد بتحذير:
– خليك هنا وأوعى تتحرك.
دلف خالد إلى المرحاض كي يأخذ حمامًا دافئًا يساعده على قضاء يومًا شاق من العمل، وخرج يلف جذعه السفلي بالمنشفة فقط ليدخل إلى حجرة الملابس الخاصة بعصام و يختار ما يناسبه ليقع اختياره على بنطالٍ كحلي و قميصٍ أبيض ، ثم صفف شعره وما أن فتح باب الغرفة مغادرًا حتى وجد ياسمين في وجه، في حين فضاعت في سحر عيناه الخضراء كأشجار زيتونٍ في حاكورةٍ فلسطينية وجاذبيته التي زادته جمالاً تفتن من رآه.
لاحظ خالظ نظراتها التي طالت إليه، فحمحم يردد بخشونةٍ:
– هتنحي كدا كتير؟!
تداركت ياسمين الموقف بخجلٍ يعتريه حرج، وتمتمت باستغفارٍ خافت، ثم تعالى صوته بسؤالٍ:
-هو آسر هنا أن بدور عليه في أوضته مش لقياه؟!
كانت ياسمين طوق النجاة ليخلص آسر من حالته المريعة ، حاول مناداتها ليخرج منه على شكل همهمةٍ بفعل اللاصق على فمه:
– أمممم.
قطبت ياسمين جبينها بتعجبٍ من تلك الهمهمات لتردف بحيرةٍ:
– إيه ده؟ ده صوت آسر، وسّع كده.
دفعت خالد برفق من أمام الباب، لتتفاجأ بآسر على السرير مقيد اليدين والقدمين وعلى فمه لاصقٌ يعيق كلامه، كسا وجهها الصدمة ، لتسأله متعجبة:
-مين اللي عمل فيك كدا؟!
حاول أسر أن يخبرها أن تزيح اللاصق ليتكلم:
– أمممممم.
نظرت له ياسمين بعدم فهم، ثم قالت ببلاهةٍ :
– إيه؟
تحرك آسر في غضبٍ، وما هي إلا دقائق حتى ادركت ياسمين قيوده وفمه المغلق:
– آه لحظة.
نزعت الشريط من فمه، لينفجر آسر بها صارخًا بعنفٍ:
– آآآآه غبية هقولك مين اللي عمل كدا إزاي وأنا بوقي مقفول!
تعالى صوت ياسمين بغضبٍ:
– كدا؟! طب شوف مين هيفكك!
تصنع آسر البراءة يردد باستعطاف:
– ياسمين حبيبتي مقصدش، فكني يا ماما، فكني الله يرضى عليكِ، فكيني وأنا أبوسك من بين عينيكِ.
مطت ياسمين شفتيها إلى الأمام باستياء ممزوجة بسخريةٍ:
– لا شوف مين هيفكك بقى!
نظراته المستاءة تتربص بظهرها الذي ولته له ، فما كان إلا أن فك أسر نفسه بأسنانه، فهتفت ساخطة:
-عيل قليل الأدب وأنا اللي جاية أساعده…
_بتقولي حاجة يا ياسمين!
قاطعها وهو يلف ذراعه حول رقبتها يضغط عليها بغيظٍ في حين تأوهت ياسمين تصرخ به:
– آآآه.
غمغم آسر بنبرة أرعبتها وهو يتركه يبحث عن شيءٍ كي يكيلها بالضرب:
– دا أنتِ هتاكلي علقة.
حاولت ياسمين استعطافه لتردف بابتسامةٍ مصطنعة:
– لا يا آسر دا أنا أختك حبيبتك.
رفع آسر حاجبه باستنكارٍ يردد بغيظٍ:
-وأنا مكنتش حبيبك نهارك مش معدي النهاردة لحظة واحدة. قال جملته ثم نهض من مكانه، في حين صرخت ياسمين بذعر:
– بتعمل إيه يا مجنون؟!
أجابها آسر بالغضب:
– ولا حاجة بفك الحزام عشان ءأدبك.
نهضت ياسمين بذعرٍ لتركض هاربة من أمامه في حين ركض آسر خلفها، لتصرخ قائلة:
– هنادي عصام وأنت حر هيعلقك زي كل مرة.
ابتسم آسر بشماتة، ثم اجابها بتشفي:
-مشي من بدري يا حلوة… شوفي مين هيقفلك مفيش حد تحت… تعالي.
ركض آسر خلفها يتمنى أن تقع أسفل يديه، في حين نظرت ياسمين خلفها لتتأكد من بُعد المسافة بينهما، ولكنها لم تلاحظ وجود خالد لتصطدم به في عنفٍ، نظرت له بذعرٍ تردد وهي تختبئ خلفه وكأنه ساتر سيحميها:
_ ألحقني يا خالد… خبيني وراك.
تعجب خالد من خوف ياسمين وركضها الغريب ليتسأل بعدم فهمٍ:
-إيه؟ في إيه بتجري زي المجانين كدا ليه؟!
انكمشت ياسمين بخوفٍ تجيب:
– خبيني بس.
رفع حاجبه باستنكار مرددًا:
– نعم… هو أي حد يشوفني يقولي خبنيي أنا المخباتي بتاع العيلة ولا إيه؟!!
قاطع حديث خالد صوت آسر الآتي نحو ياسمين:
– هتروحي مني فين يا جزمة!
صرخت ياسمين برعبٍ، تردف بنبرة ملتاعة:
– أوعى تتحرك.. هيضربني!
شعورٌ به لذة داعب قلبه، يرى معشوقته تختبئ خلفه تحتمي به، ولكنه فاق على صوت آسر الذي يغمغم بحدة :
– أنتِ بتداري في خالد دا أنتِ وقعتك سودة.
وما أن رفع الحزام حتى صرخت ياسمين بشدة، جعلت خالد يسرع بإمسك الحزام الملوّح بالأعلى، ليهدر خالد بعنفٍ:
– أنت اتجننت عايز تضربها يا حيوان.
رمقه آسر بنظرة مغتاظة، يردد بحنقٍ :
– أنت حاشر نفسك ليه؟ أخ وأخته مع بعض بتتدخل ليه؟!
جذب خالد الحزام من آسر ليلفه حول قبضته يهمس بوعيدٍ:
– أنا هقولك ليه ؟
هوى بالحزام في الهواء ليعلو صوت ضربه، صرخ أسر بقوة ثم ركض بعيدًا عنهما، في حين صفقت ياسمين بيديها وتضحك كطفلةٍ تحقق مبتغاها من قِبل أهلها:
– هييي عسل يا خالد أدبه يستاهل.
استدار خالد باتجاه ياسمين، وأخذت خطواته تقرب منها وهي تبعد.
شعرت ياسمين بتوجس تخشى أن يكون دورها هو التالي:
– إيه يا خالد في إيه؟!
ضيق عينيه، يردد بصوتٍ هامس:
-بتقولي على مين اللي عسل؟
اجابته ياسمين بتلعثم:
– مقصدتش والله.
أخفى خالد مكره وأردف متصنعًا الحزن:
– إيه ده يعني أنا وحش؟
نفت ياسمين سريعًا، تجيبه دون أن تعي:
– لا طبعاً ده أنت قمر.
ابتسم خالد لاعترافها البريء له، لتبسط ياسمين كفها على فمها فقد أدركت ما قالت، لتردف بارتباكٍ:
– أنا همشي أصل لازم أفطر إيـــــــه آه لأني جعانة.. أنا ماشية… ماشي… أنا مشيت… باي.
تأمل خالد اختفاؤها مبتسمًا، يحدث نفسه:
– مجنونة بس بموت فيكِ.
**************
بغرفة ياسمين…
أغلق الباب بقوة واضعة يدها على صدرها تحاول التقاط انفاسها الضائعة، ثم شدرت في جماله ، وسامته، وعيناه التي تشبه الزيتون في خضرته، تشعر بدقات قلبها التي تزداد لمجرد ذكره أمامها.
بسطت ياسمين كفها تضعه على موضع قلبها قائلة بتمني:
– أمتى هتيجي يا ندى ؟ أنتِ اللي فاهمة مشاعري من ناحية خالد وبتفهميني من نظرة عيني، يلّا بكرة قريب مش بعيد لازم أنزل أجيب الطقم اللي قولت عليه.
************
في مقر شركة الدالي…
جلس عصام يصب كل تركيزه واهتمامه لعمله على الحاسب وبعض الملفات، ليدخل إليه خالد بعد استئذانه.
رفع عصام بصره برهةً، ثم أخفضه مجددًا:
– كويس إنك جيت يا خالد، هاتلي ملف الصفقة.
ردد خالد متذمرًا:
– آه يا أخويا ما أنا السكرتيرة بتاعت معاليك.
حدثه عصام بمكرٍ:
– لحد ما ألاقي حد مناسب بس.
لوّح خالد بيده يتمتم بحنقٍ:
– يبقى عمرك ما هتلاقي يا أخويا أنا راجع مكتبي معتّش تتصل بيا تاني.
منحه عصام ابتسامةٍ صفراء مرددًا:
– مظنش.
ترك خالد المكتب وهو غاضبًا، حتى فوجئ بما أمامه
فقد كان شاب غريب يطلق صفيرًا:
– إيه ده يا بني هو في حلاوة بالشكل ده!؟
أجابه شاب أخر زميله غامزًا:
– مكنة مكنة دي موزّة جامدة أوي.
ضحك الشاب الأخر بخبثٍ يرد بوقاحةٍ :
-الله ولّا عينيها يا خرابي.
نظر خالد إلى ما ينظران إليه ليجدها ياسمينته، زهرته التي كتبها القدر أن تزهر مجددًا في قلبه، تلونت عينيه بحُمرة الغضب واتجه نحوهما يسدد لهما لكماتٍ وضربات بشرسةٍ، كيف تجرأت عينهما على التبجح واستباح النظر لفتاة وبالأخص لمحبوبته دفع الاثنان أرضًا وطلب الأمن لكي يلقيهما أمام الشركة، ثم توجه نحوها ساحبًا إياها بعنفٍ، وفتح غرفة مكتب عصام وقذفها بشدة حتى سقطت أرضًا!
عصام بريبةٍ، وقد نهض ليلحق بمن تفترش الأرض وتنساب دموعها، دون أن تعلم سبب ما يحدث لها:
– في إيه؟
تحسس عصام وجهها يتأكد من كونها بخير، يرفع حجابها الذي نزل بفعل وقوعها، في حين اجابه خالد بغضبٍ مشتعل:
– في إن الهانم جاية تستعرض نفسها هنا بالفستان الضيق القصير، وكعبها الي يرقع في ودان الكل هنا.
نظر عصام نحو شقيقته محتضنًا إياها، ثم عاد ببصره نحو خالد يردد لهدوءٍ:
– خالد إيه الكلام ده؟!
لم يرد عليه خالد عليه ، فإن ردّ تتأزم المشكلة، وتتفاقم علاقتهما التي لم تبدأ بعد، خرج من المكتب صافعًا الباب خلفه بقوة ، تاركًا وراءه ياسمين تبكي بحرقةٍ لما قاله في حقها ، هل يشكّ بها! ألا يعرف أنها تربية أحد أفراد عائلة الدالي التي لا يمكن الشك بها أبدًا!
شدد عصام من ضمها إليه ويكفكف دموعها ، يهدئها بحديثه:
– معلش يا حبيبتي أنتِ غلطانة ، أنتِ إزاي تلبسي فستان زي ده هنا في الشركة؟!
تحدثت ياسمين من بين شهقات بكائها:
– أنا كنت بشتري الطقم…وكنت جاية أورهولك… هو بيكلمني كدا ليه؟…وأنت سكت له؟!
أجابها عصام بثقةٍ :
– عشان أنا عارف أد إيه هو بيحبك وبيغير عليكي.
نظرت إليه بدهشة، هل هو أيضاً؟…هل يكنّ لها ذاك الحب الذي تكنه إليه في قلبها؟
نظر لها عصام ضاحكًا لصدمتها:
-غبية دا القصر كله عارف حتى آسر الغبي.
مسحت ياسمين آثار الدموع عن وجهها وتعتدل في جلستها لتنظر أمامه، ولكن لا تزال الدهشة سيدة الموقف على ملامحها، تحرك كفها أمامه قائلة بحرجٍ:
– كله كله.
تعالت ضحكت عصام تزداد فيزداد جمالاً:
– أيوه كله كله يا لمضة.
مطت ياسمين شفتيها باستياء طفولي قائلة :
– والحل إيه حضرتك؟!
اعتدل عصام في جلسته يهز رأسه بثقة:
– أنك تروحي تتأسفي.
ازداد الاستياء على ملامحها تردد بضيقٍ:
– بس أنا مغلطش الله ولا حتى فتحت بوقي.
تمتم عصام بحزمٍ:
– أسمعي الكلام بقى.
أزاحت بصرها عنه قائلة بصوتٍ منخفض:
– حاضر … يلا بكرة ندى حبيبتي تجبلي حقي منكم ، حسبي الله ونعم الوكيل.
ضيق عصام حدقتيه، يردد بشكٍ:
– بتقولي حاجة يا ياسمين؟!
يأعادت نظرها إليه تردد مبتسمة بتصنع:
– لا أبدًا.
**************
بمكتب خالد..
كان يجلس بغضبٍ، يحاول جمع شتات نفسه لكنه لا يستطيع، زفر بغضب، ثم فرك وجهه بكفيه، حتى استمع صوت طرقات خافته على الباب، مسح على وجهه بغضبٍ، يردد باختناق:
– ادخل.
اقترب ياسمين بخطوات بطيئة نحو الداخل، تخطو إليه بمشاعرٍ مضطربة، خوف، خجل، حب، استياء…
تهمس بصوتٍ خافت وهي تفرك كفيها ببعضهما البعض ، وهي تجلس أمامه:
– ممكن أدخل؟!
تطلع خالد لها باستنكار دون النظر إليها:
– ما أنتِ دخلتي وقعدتي كمان.
نهضت ياسمين فجأة تمتم بحرجٍ:
– خالد…
لم يأتها جوابه، لم يرفع نظره حتى، هل تحدث نفسها الآن؟
استرسلت ياسمين حديثها يحتل الأسف ملامحها:
– خالد أنا آسفة.
لم تجد أي أستجابة، شعرت بضيقٍ من طريقته، تمتمت باختناقٍ من تجاهله لها:
– طب براحتك بقى.. أنا غلطانة إني جاية أصالحك مش عارفة أنا غلطت في إيه أصلًا عشان أعتذر، سلام.
كادت أن تخطو خطواتها مغادرة، ولكن وقبل أن تخرج من الغرفة كان خالد قد جذبها من يدها إلى الحائط يدفعها إليه ويقبلّها بعنفٍ شديد كأنه يعاقبها على خروجها من المنزل بهذا اللباس المغري قُبلةً تثبت صكّ ملكية له وحده ، وسرعان ما تحولت قبلاته من العنف إلى الرقة ، حب ، شغف، اعتذار ، كانت مستسلمة إليه تماماً تغمض عينيها تستشعرها ، حتى استمعت لطرقات الباب ، فتحت عينيها بصدمة، كان أول ما فعلته بعد ذلك هو أن تهوى بكفها تصفع وجهه وكبرياءه ، نظر إليهاخالد نظرة مشتعلة ، نظرةً دبّت الرعب في قلبها ،أنفاسه الساخنة زادت خوفها، تقدم نحوها وهو يقول بصوتٍ مرعب:
– مفيش حد جتله الجرأة يعمل اللي أنتِ عملتيه ده بس هدفعك التمن غالي اوي…فاهمة؟
ازداد رعبها أثر تهديده الصريح منه، ارتجفت يداها، فلأول مرةٍ ترى خالد بهذه الحالة، تسمع هزيم صوته فتغمض عينيها عندما قال:
– غوري من وشي بدل ما أفقد أعصابي عليكِ وأموتك بإيدي برا.
الدموع الحبيسة تنفجر، تبكي ياسمين بحرقةٍ لما قاله، أخطأ معها وعندما أرادت تصليح خطئه أخطأت هي، تعرف كيف فعلت هذا ، تحبه بشدة ولكن لا تعرف تعبر عن مشاعرها.
************
وفي صباح يوم جديد
في مطار القاهرة الدولي تعلن عن قدوم الرحلة القادمة من أمريكا، تخطو بقدميها على أرض مصر، وأخيرًا عادت بعد سنوات من الغياب، ترتسم البسمة على ثغرها بسعادة، تتقدم نحو الخارج كي ترى ابنة عمها وصديقتها المقربة ياسمين، وما كانت سوى دقائق حتى وجدتها تهتف بحماسة:
– ندى… ندى.
نظرت ندى باتجاه الذي ينبعث منه اسمعا ثم انطلقت راكضة نحوها لتضمها بين ذراعيها:
– ياسمين وحشتني أوي يا حبيبتي مش مصدقة نفسي معقول أنتِ قدامي.
تمتمت ياسمين وقد أدمعت عينيها بسعادة:
– أنتِ اللي وحشتني أوي.
تعجبت ندى من دموع ياسمين فمسحتها بإبهاميها:
– بتعيطي ليه يا حبيبتي؟!
عاودت ياسمين ضمها مجددًا تردد باشتياق:
-مش مصدقة أنك رجعتي.
شددت ندى من عناقها هي الأخرى، تردد بحبٍ:
– لا صدقي ومش هسافر تاني.
حدثتها ياسمين بحزمٍ مصطنع:
– أنتِ تقدري دا أنا كنت موتك.
تصدح ضحكاتهما البريئة، لينظر لهما آسر بنظرةٍ كان يكسوها الفرح، حتى شعر أنه بلا قيمة ليقول:
– كيس جوافة أنا صح… هاي أنا آسر ابن عمك.
عادت ندى لضحكتها، تجيبه بمرحٍ:
– إيه يا بني مكنوش أربع سنين هينسوني إني عندي ابن عم فاكرك يا أخويا.
ردد آسر يغازلها بطبيعته المرحة:
– بس إيه يابت الجمال والحلوة دي ؟ دا الناس هتاكلك بعينيها.
رفعت ندى حاجبه بمكرٍ، ترد بلغةٍ مصرية عادية :
– مين الناس دول عشان أقول لخالد عليهم وبالمرة عليك يا معلم.
جحظت عين أسر بشدة، يتمتم بصدمةٍ:
– معلم أنتِ متاكدة أنك جاية من أمريكا.
حركت كتفيها بلامبالاة، تجيب:
– هم بيقولوا كده .
وضعت ياسمين ذراعها على كتف ندى، متمتمة بسعادة:
– سيبك منه في حاجات كتير عايزة أقولهالك.
صفقت ندى بسعادة، تردف بفرحةٍ:
– وديني الأول الشركة أسلم على بابا وعمي وحبيبي خالد وحشني موت.
أومأت ياسمين بايجابية، تردد متجهة نحو السيارة:
– أوك تعالي.
لم يشعروا بالطريق ، لتبادلهم الحديث والضحكات ، كلٍّ منهم يتحدث عن مغامراته وما يحدث معه من مواقف لطيفة، أو مريبة لما يحدث مع آسر من مصائب، وما هي إلا دقائق حتى وصلوا إلى الشركة.
أشارت ياسمين بسبابتها نحو مكتب خالد، مرددة بهدوءٍ:
– ده مكتب خالد روحي وأنا هستناكي هنا.
تعجبت ندى من طريقته وتسألت بحيرة:
– ليه يا بنتي ماتيجي معايا؟!
ابتسمت بوهنٍ تجيب :
– أممم شكلك مخبية حاجة يا سوسو، أما نروح نبقى نشوف الموضوع ده.
ركضت ندى حتى ترى شقيقها وأخيرًا ستراه بعد تلك السنوات التي مضت ولكنها اصطدمت بدرع بشري لتقع الأوراق التي كانت بيده، هبطت على الأرض تلملم الأوراق قائلة بحرجٍ:
– I so sorry ماخدتش بالي آسفة.
زجرها عصام بغضبٍ:
– أنتِ عامية مبتشوفيش.
ألقت ندى الأوراق التي جذبتها عن الأرض خلفها لتهتف بغضب:
– أما أنت قليل الأدب بصحيح ما أنا اعتذرتلك.
تقابلت عينيهما بلقاء مربك، وقفا ينظران لبعض، هل توقف الزمن؟ أم أنهما انجذبا لحديث العيون؟ لحظة اندماج مروجٍ خضراء بسماء عينيه الصافية.
يتبع…..

reaction:

تعليقات