رواية مسافات مشاعر كاملة بقلم روزان مصطفى عبر مدونة كوكب الروايات
رواية مسافات مشاعر الفصل التاسع و العشرون 29
نظرت الطبيبة لـِ نجمة المُمدة أمامها ثُم عادت بـِ مقعدِها للخلف وهي تجلِس خلف مكتبِها وتقول: الجنين لسه في البداية ومفيش فيه أي ضرر عليكِ، والعمليات دي مبتتعملش غير لما بيكون في ضرر على الأم.. غير كدا إسمُه دلع وإستهتار بالنِعمة.
قامت نجمة مِن الفِراش الطبي وهي تُعدِل وتُهندِم مِن ملابسها ثُم قالت: أو يمكِن لظروف خاصة.
أشارت الطبيبة لها أن تجلِس أمامها ثُم قالت وهي تكتِب بعض الإرشادات الطبية في الورقة: ظروف إيه مادية مثلًا؟ حضرتك عندك فكرة في كام واحدة بتيجي هنا وعندها أمل ولو بـِ نسبة 1% إنها يجيلها فُرصة للإنجاب! ربنا بيدينا نعم مبنعرفش قيمتها عشان هي معانا لكن لما بتروح أو مبنملُكهاش بنفضل طول عُمرنا نحاول نمتلكها، لذلك متتسرعيش وتروحي تدوري على ناس معدومين ضمير يخلوكِ تتخلصي من الطِفل وترتكبي ذنب.
جلست نجمة أمامها وهي تتنهد ثُم قالت: هيتسبب في طلاقي من جوزي و أنا بـ..
قاطعتها الطبيبة بـِ غضب وكأنها تتعامل خارج حدود وظيفتها: يعني عشان البيه بتاعِك ميطلقكيش عاوزة تمو|تي طفل ملهوش ذنب!
ثُم أفاقت الطبيبة للهجتها وإسلوبها الذي لا يليق وتدخُلها في أمور الغير، لـِ تفرُك عينيها وهي تستنشق الهواء وتقول: أنا بعتذر يا مدام نجمة حقيقي على إنفعالي وتدخُلي وإسلوبي، بعتذر بالفعل مكانش لازم أشتغل إنهاردة.. لكن رجاء شخصي فكري مرة كمان.. أنا عن نفسي مبعملش العمليات دي، وربنا يقدملك اللي فيه الخير.
* داخِل شقة الحاج عبد الرحيم
كان يجلِس سليم وهو يُتابِع بعينيه شاشة التِلفاز ووالِدتهُ تُعطيه صحن حلوى وتقول: طب لو مش عاوز تاكُل عندي خُد دوق دي.
سليم بـِ إرهاق: لا تسلم إيدك يا ماما مش قادر، أنا بس مش عارف نجمة راحِت فين ومستأذنِتش، لولا إني مُرهق ورجعت بدري مقدرتش أكمُل شُغل مكُنتش هعرف إنها خرجِت.
جلست والِدتهُ بِـ جانِبهُ وهي تقول: والله يابني ما عارفة، أبوك إنت عارف قعدتُه كُلها في أوضتُه مبيتحركش كتير، وأنا في المطبخ فـ مبنسمعش اللي برا، فـ مخدتش بالي إنها نزلِت.
أخرج سليم الهاتِف مِن جيب بِنطالُه وهو ينظُر لـِ شاشتُه ويقول: دي حتى فونها غير مُتاح، هستنى شوية وبعدين هتصِل على أُمها جايز تكون عندها، بس والله ما هعديلها حوار خروجها بدون إذن دا.
والِدتهُ: إستهدى بالله طيب لما ترجع نعرف كانت فين من غير مشاكل.
خرجت فرح مِن غُرفتها وهي تقول: ورحيم كمان فونُه غير مُتاح، جايز تكون مراتك معاه.
سليم بـِ غضب عارِم: أنا على أخري فـ عدي يومِك معايا عشان مش ناقِص!
فرح بـِ غضب مُتبادِل: إيه دا إيه دا إنت إزاي تتكلم معايا بالإسلوب دا؟ نسيت إني مرات أخوك الكبير ولا إيه!
صفع سليم يد بـِ يد وهو يقول بـِ غضـ|ب: اللهُم طولِك يا روح!
والِدة رحيم: فرح! روحي شوفي وراكي إيه وبطلي اللي بتعمليه دا!
قاطع تِلك المهزلة إتصال جاء لـِ هاتِف سليم، في البداية ظن أن الإتصال مِن زوجتهُ نجمة لـِ تُطمئِنهُ عليها، لكِن وجد رقم شقيقهُ رحيم أمامُه.
أجاب سليم على المُكالمة وهو يزدرِد لُعابُه وقال بلهفة: أيوة يا رحيم، نجمة مراتي معاك؟؟
رحيم بـِ نبرة تعجُب: لا هتبقى معايا ليه؟ في حاجة ولا إيه!
تنهد سليم بـِ خيبة أمل وهو يقول بـِ صوت قد غلفهُ البؤس: لا مفيش، كُنت عاوزني فـ إيه؟
رحيم بـِ هدوء: في الأول لو فرح جنبك متعرفهاش إنُه أنا.
نظر سليم بـِ طرف عينُه ناظِرًا إلى فرح التي تقِف جانِبًا وهي مُكتِفة ذِراعيها وقالت: هات أكلمُه!
سليم وهو يعقِد حاجبيه: مش هينفع هو قاعِد قعدة رجالة!
فرح بـِ إصرار: طب قوله إنت فين!
أغلق سليم عينيه غيظًا ثُم فتحهِما وهو يقول من بين أسنانُه: عاوز أتكلِم مع أخويا بعد إذنِك!
تأففت فرح وذهبت لـِ غِرفتها فـ قال رحيم على الطرف الأخر: إسمعني هقولك إيه وإعملُه من غير ما حد يحِس..
بعد قليل صعد سليم إلى شقتُه لـِ يُبدِل ملابِسُه، وبينما هو يتهندم إستمع لـِ باب الشقة ينفتِح ويُغلق، مد رأسُه خارِج الغُرفة ونظر لـِ نجمة التي تسير بـِ تعب وإرهاق
سليم بـِ نبرة غاضبة: حمدالله على السلامة يا مدام!
تنهدت نجمة وهي تقول: من فضلك يا سليم أنا تعبانة ومش قادرة أدخُل في خِلاف معاك.
قام سليم بـِ حذف قنينة العِطر التي كان يستعمِلها على الفِراش ووقف أمامها وهو ينظُر لها نظرة القاضي أمام مُتهم وقال: سؤال من كلمتين وعايز رد واضِح مش مايع، كُنتِ فين؟
نجمة بـِ إرهاق: كُنت بتمشى شوية حسيت إني مخنوقة..
سليم أكمل إستجوابُه قائِلًا: أه كُنتِ بتتمشي، وفونك غير مُتاح ليه؟
نجمة قامت بتضييق عينيها وقالت: فصل شحن وسيبتُه في البيت أصلًا في أوضة الأطفال.
عض سليم على شِفتهُ السُفلى وقال: تمام ماشي سهلة، هروح المشوار اللي رايحُه ونتحاسِب لما أرجع.
نجمة بـِ إستغراب: مشوار إيه؟ وإيه اللي طلعك بدري من الشُغل؟
وضع سليم يدهُ على عُنقِه وقال من بين أسنانُه: كُنت مخنووق فـ طلعت.
ثُم تركها وخرج مِن الشقة صافِعًا الباب خلفُه.
جلست نجمة على الفِراش وهي تقوم بـِ خلع حِذائها من قدميها وتتنهد بـِ ضيق.. نظرت إلى الشقة المقلوب حالها رأسًا على عقب وتذكرت حديث الطبيبة وهي تقول: ممنوع الإجهاد ولازِم الراحة التامة.
قررت نجمة تنظيف المنزِل بـِ دِقة بـِ ذاتها ودون مُساعدة أحد.
* أمام أحد الفنادِق
مها بـِ ضيق: من فضلك رجعنا البيت تاني أنا عاوزة أروح!
رحيم بـِ برود: مش هينفع أنا حجزت جناح خلاص.
أتسعت عينا مها وهي تقول: وأنا مالي ما تروحه مع الست هانِم التانية! ليه تجبرني أقعُد معاك؟
رحيم بـِ ذات البرود: لإنك مش مدياني أي فُرصة أتكلِم معاكِ فـ قررت أخطفِك يوم، في الأول كانت حجِتك إبننا اللي لسه هنا فـ بعتت سليم يجيبهولك.
مها بـِ ضيق: ولما يقلقوا علينا هناك ويقعدوا يفترضوا حجات أنا مش حباها هتكون مبسوط؟
إبتسم رحيم وقال: جِدًا، ياريت يفترضوا إنك سامحتيني على إني إتجوزت عليكِ ورجعنا سوا من تاني، عشان أنا بحبِك بجد يا مها.
مها بـِ ضيق: إنت مبتحبش حد إنت بني أدم أناني، وأنا هنزل أخُد تاكسي.
حاولت فتح الباب لكِنهُ أغلقهُ مُجددًا فـ نظرت له وقالت: من فضلك إفتح الباب.
رحيم نظر لها وقال: المدام بتاعتي قاعدة جنبي أهي وعايزة تنزل، أما فرح فـ دي كانت غلطة مع الوقت هتسامحيني عليها..
مها: مبسامحش، أسامحك دا لو كُنا لسه مُرتبطين وبنخرُج خروجات قبل الجواز، مش متجوز عليا!!
رحيم بـِ إصرار: طب إوعديني لما ننزل تدخُلي معايا الفُندق، وأنا أوعدِك لما نقعُد يومين هِنا كُل الأمور هتتصلح كأنها لم تكُن من الأساس!
لم ترُد عليه ولم تنظُر تجاهُه مِن الأساس، فـ وضع يدهُ فوق يدها وقال:
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية مسافات مشاعر ) اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق