Ads by Google X

القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية وسام الفؤاد الفصل الثالث عشر 13 - بقلم آية السيد

    رواية وسام الفؤاد كاملة   بقلم آية السيد    عبر مدونة كوكب الروايات 

 رواية وسام الفؤاد الفصل الثالث عشر 13



“عايز تعرف ليه مش عايزه أتجوز؟”
-ياريت يا وسام عايز أعرف ليه خايفه؟
مدت يدها ببطئ نحو سوستة بيجامتها وفتحت جزء منها بكثير من الإرتباك ثم تراجعت على الفور وأغلقتها في سرعة، كان يراقبها بكثير من القلق، ولتتهرب من نظراته استدارت للإتجاه الأخر، أغلقت عينها بألم وزفرت بقـ..ـوة، لوهله ضعفت ونسيت العهد الذي قطعته على نفسها، لن تفعل أبدًا! لن تحكي له مهما حدث فلا تريد شفقته، ماذا تظنه فاعل! فحتمًا رد فعله لن يكون سوى الشفقة على حالتها سيتقبل عيبها لكنها ستظلمه! لا لن تقبل بهذا أبدًا، لن ترتضي له الظلم، لذا… حسنًا الآن لتفكر بحل بديل! لتُألف أي شيء يصرفه عنها دون أن يُشفق عليها، حين طال صمتها قال بنبرة دافئة:
-متفكريش كتير… قولي يا وسام متخافيش
استدارت تنظر له، وازدردت ريقها بتوتر قائله بتلعثم:
– بس… الأول إوعدني الموضوع ده يفضل سر بينا
-أوعدك
حاولت استجماع كلماتها وشجاعتها لتنطق بكثير من التردد:
-هو أنا… أنا كنت بحب واحد… وبعدين…
رفع إحدى حاجبيه لأعلى، وابتسم ساخرًا وهو ينظر لها بتهكم، فهو يعرفها أكثر من نفسها ويعلم أنها في طريقها لإختراع كذبة لتتهرب منه، جلس على المقعد وتنفس بعمق ثم قال باستهزاء:
-أيوه كملي تأليف وبعدين إيه؟
أغلق عينه وفتحها ثم تنهد بقـ.ـوة مردفًا:
-وسام بلاش تأليف بالله عليكِ
زمت شفتيها واندفعت قائلة بنبرة مرتفعة وبامتعاض:
-على فكره أنا مش بألف… أنا كنت بحب واحد وضحك عليا… خد إلي عايزه مني واختفى
جحظت عيناه بصدمة، انتفض وهب واقفًا وهو يحدق بها بقـ.ـوة ثم سألها بقلق:
-إنتِ بتقولي إيه؟!
أغلقت عينيها بأسى وجاهدت لتقول بصوت مختنق:
-أنا غلطت يا فؤاد… وكنت حامل ونزلت إلي في بطني…. هتقدر تكمل معايا على كده؟
برقت عيناها بالدموع التي لم تطلق عنانها، أما هو ران عليه الصمت، أخذ يحدق بوجهها بصدمه يحاول معرفة ما تخفيه، فقد ادلهم الجو بينهما، ماذا قالت لتوها! أغبية هي لتكذب مثل تلك الكذبه! لو تعلم كيف رد صدى الكلام بقلبه وكيف فتته إلى أشلاء؛ لما قالت ما قالته! فقد نكأت سهام كلماتها فؤاده فبات كليل، ابتلع غصة كبيرة سدت طريق الكلمات لتخرج من جوفه، فسلكت الغصة طريق أخر لتضـ.رب أعماق قلبه، أكملت وسام قائلة بنبرة هادئة تناقض ضحيج روحها:
-إنت تستاهل واحده أحسن مني…. تستاهل حد غيري يا فؤاد… عشان كده قولتلك إحنا إخوات متتعبش نفسك معايا
أغمض جفونه بحسرة، لأول مرة يشعر باليأس، لأول مرة ينفذ صبره، لأول مرة يشعر باستنذاف طاقته وإرهاق مشاعره، فتح عينه وعقب بنبرة منكسرة وبصوت مختنق:
-ماشي يا وسام… من النهارده إحنا اخوات وبس لو ده هيريحك
أومأت رأسها بشجاعة وقالت بثقة زائفة:
-هيريحنا يا فؤاد هيرحني… وهيريحك… ربنا يرزقك بالزوجه إلي تستاهلك
لم ينبس بكلمة أخرى إكتفى بتصويب نظرات الحسرة والحيرة نحوها وقف يحدق بها للحظات، كأنها يؤنبها ويلومها على آلام قلبه، ثم خرج من الغرفه بل من البيت بأكمله.
انتفض جسدها عندما سمعت صفعة باب الشقه بعد خروجه، تقوس فمها لأسفل ثم أطلقت مقلتيها وابل من العبرات الغزيرة وأطلق فمها شهقات متألمة وهي تقول:
-خلاص طعنـ…ـتِ قلبك بإيدك يا وسام…
جلست على طرف سريرها وهي تقول بألم: يارب مش هقدر أعيش من غيره! ولا هقدر أشوفه مع غيري
شهقت بالبكاء وهي تقول بألم: وبرده مينفعش يكون معايا!
وبعد دقائق استغرقتها في بكاء مرير، مسحت دموعها وهي تقول:
-لأ أنا مش أنانية وعمري ما هظلمه… حتى لو اضطريت أدوس على قلبي… مش مهم المهم هو…!
“لم أشعر حين أصاب قلبي مُصاب الهوى، ولا أعلم متى استساغ خمور حبك فأدمن مذاقها”
بقلم:آيه السيد شاكر
استغفروا🌹
_______________________________
لم تغفل عينيها ليلة البارحة، وها هي تجاهد لتفتح جفونها لمقابلة «آصف»، ارتدت حذائها وهي بالكاد ترى أمامها بتشوش، خرجت صافعةً الباب خلف ظهرها، وهرولت لتنزل الدرج وهي بقمة سعادتها، ستُهدم غرف الحزن داخل قلبها وستُدك مخادع الظلام، لتشيد حجرات السعادة، حان الوقت لتزيح تلك الصخرة التي سدت طريقها للسير وتمضي للأمام، ستتخلص من نظرات الشفقة والإزدراء وستسير بشموخ دون الإكتراث للماضي الأليم، خرجت من شرودها حين انزلقت قدمها وفرت من فوق الدرج لأخره حتى اصطدمت رأسها بالحائط في نهاية الدرج، تأوهت وهي تنهض ومع أن الألم برأسها ولم يمس ظهرها شيء، أمسكت ظهرها قائلة:
-أه يا دماغي
أفاقت لما تفعل وقالت:
-إيه الهطل إلي بعمله ده
أمسكت رأسها وقالت بألم:
-اه يا ظهري
لا تنتبه لكلماتها ولا لأفعالها فتركيزها شبه منعدم، أكملت طريقها وهي تفرك رأسها بألم، كانت تسير هائمة تجاهد لتركز بطريقها، لفت نظرها من جهة اليمين سيدة تجلس مع زوجها وتمسك ابنتها بيدها فابتسمت وشردت تتخيل حالها مع آصف وچوري، وعندما عادت لتنظر أمامها تفاجئت عندما اصطدمت بعمود للكهرباء من الحديد،تأوهت وهي تفتح عينيها وتغلقها، كان هناك همهمات من الناس وأصوات ضحكات لكنها لم تكترث، فركت رأسها بألم وتابعت طريقها وهي تتمتم بنزق:
-ربنا يعدي اليوم ده على خير أنا بجد مش شايفه قدامي
وقبل أن تنهى جملتها تعرقلت قدمها بحجر واضح على الأرض لكنها لم تلاحظه وافترشت الأرض فسالت الد..ماء من شفتيها، تجعدت ملامحها بألم وأخرجت منديلًا لتمسح تلك القطرات الداميه تأوهت وقالت:
-هو فيه ايه؟! لا بجد فيه ايه؟! فعلًا طريق السعاده كله إصابات
________________
كان يقطع المطعم ذهابًا وإيابًا ينتظرها على أحر من الجمر، ينظر للخارج بين حين وأخر منتظرًا ظهورها، ويمسك كوب القهوة بين يديه، نظر لإبنته التي تحمل العروسة “اللعبة” بين يدها تلعب بها وابتسم، حتى رآى هبه ترتجل من سيارة الأجرة فاتسعت ابتسامته وجلس جوار ابنته لينتظرها.
على جانب أخر كانت تسير بشموخ نحو باب المطعم الزجاجي الذي لم تفتحه واصطدمت به ظنًا منها أنه مفتوح فتركيزها في ذمة الله! انفـ.ـجر آصف بالضحك على حالتها، فتحت الباب بإحراج وأقبلت نحوهما بابتسامة واسعة فتعرقلت قدمها وانقلبت على وجهها للمرة التي لا تذكر عددها اليوم! سندتها فتاة تجلس على طاولة بقربها فنهضت هبه وتفقدت ملابسها سريعًا لتتفاجئ بكارثة جديدة فقد ارتدت بإحدى قدميها حذاء أسود والأخرى أزرق لكنهما من نفس النوع ونفس الماركه، سألتها الفتاه:
-حضرتك كويسه؟
هزت هبه رأسها بالنفي وقالت وهي تشير لطاولة آصف:
-خدي ايدي لحد هناك أنا مش شايفه قدامي
-ألف سلامه عليكِ
ابتسمت الفتاه وسندت هبه التي كانت تمسك ظهرها السليم وتأن من ألم رأسها المصاب! وصلت للطاولة فقالت هبه:
– شكرًا يحببتي فطارك والقهوة دي مجاني تقديرًا لمساعدتك ليا
عقبت الفتاه بإحراج:
-لا لا لا شكرًا
هزت هبه رأسها بالنفي وابتسمت قائلة بإصرار:
-لأ والله المطعم بتاعنا أصلًا ممنوع الاعتراض
أومأت الفتاه رأسها بامتنان وعادت لطاولتها، كان آصف رافعًا إحدى حاجبيه بتعجب، نظرت له بابتسامة سمجة، فعقب هو بسخريه:
-أراك توزع من مال أمك؟
جلست هبه وقبلت چوري ثم قالت بنزق:
-جرى إيه يا أستاذ أحمر البنت ساعدتني وكنت لازم أشكرها
ضـ.ـرب يده على الطاولة وقال وهو يضغط على أسنانه:
-طيب وأنا مالي متشكريها وخلاص… لازمتها ايه الفطار والقهوه مجاني
رفعت هبه شفتيها بسخرية وقالت:
-يا سيدي هحاسبك عليهم دا إنت بخيل جدًا
-يارب صبرني
-لو تعرف أنا جاهدت إزاي عشان أوصل مش هتصدق.. اه والله
وضعت قدمًا فوق الأخرى فنظر لحذائها المتناقض ولم ينبس بكلمه فقط اكتفى بالنفخ، نظرت هي لحذائها وقالت بثقة:
-لأ دي موضه الشوز ده جايلي من استراليا
ابتسم ببرود قائلًا بسخرية:
-استراليا بيلبسوا فرده وفرده دلوقتي؟
-أيوه إنت مش مصدقني ولا إيه؟
-لأ إزاي أنا أقدر مصدقكيش!
أحيانًا يشعر أنه لا يطيقها لا يدري كيف سيعيش مع تلك الحمقاء، ابتسمت ابتسامه صفراء وهي تضع يدها على خدها وقالت:
-اطلبلي قهوة بقا عشان مش عارفه أفتح عيني
تنهد بقوة ورمقها بطرف عينه قائلًا:
-مش لما تدفعي إلي عليكِ الأول… حسابك تقل أوي يا هانم
أومأت رأسها قائلة بابتسامة سمجه:
-هنتحاسب ان شاء الله متقلقش… طول بالك كده واطلبلي قهوه وإلا هنام منك دلوقتي…. وياريت لو ساندوتش أي حاجه أفطر
نفخ بحنق وقام يطلب لها ما أرادت، وبعد دقائق أقبل ومعه القهوة والإفطار وقبل أن يجلس قالت:
-معلش وانت واقف هاتلي مايه
وضع ما بيده على الطاوله وضغط بقواطعه العلويه على شفته السفلى ثم قال بحنق:
-بت… أنا ليه حاسس إني شغاله عندك
جحظت عيناها وعقبت بتعجب:
-ايه بت دي!؟ أنا الدكتوره هبه
هتف بابتسامة بارده:
-برتقالي! قومي امشي أنا غيرت رأيي
اتسعت حدقتيها بخوف وقالت بتراجع:
-لأ لا والله خلاص مش مهم مايه متزعلش
جلس وأشار لأحد العمال ليأتيها بمياه، ثم قال:
-احكيلي عن نفسك
قالت وهي تمضغ الطعام:
-أنا اسمي هبه عندي ٢٧ سنه دكتورة أطفال ومطلقه
نظر لها بتقزز وقال:
-متتكلميش والأكل في بوقك… وبعدين ما أنا عارف ده أنا عايز الجانب المستخبي عندك
تجهمت ملامحها وقالت باندفاع:
-وإنت مالك إنت بالجانب المستخبي؟
-قصري لسانك… أنا لسه موافقتش
-إنت هتهددني! ما عنك ما وافقت
نفخ بحنق وسند ظهره للمقعد ثم قال بنفاذ صبر:
-مفيش فائده فيكِ… لأ أنا مش هستحملك كده
ابتلعت ريقها بارتباك حين شعرت بنفاذ صبره منها وقالت برسمية:
-طيب خلاص والله أنا بجد آسفه اتفضل أتكلم
تنفس بعمق وسألها:
-إنتِ اطلقتِ بعد شهر واحد من جوازك! غلطتك ولا غلطته؟
زمت شفتيها بحسرة وقالت:
-أنا كنت عارفه إنك هتسأل السؤال ده… عايز تعرف سبب طلاقي؟
هز رأسه نافيًا وقال:
-لأ مش عايز أعرف بس محتاج أعرف غلطك ولا غلطه
تنفست بألم حين تذكرت الماضي وقالت:
-إحنا الاتنين غلطنا وأنا إلي بدأت… وفي الأول والأخر ده نصيب
شعر بامتعاضها من تغير نبرة صوتها فقال:
-بصي يا دكتوره أنا مبدأيا موافق بس لو مقدرتش أكمل في أي وقت هنسيب بعض
هزت رأسها يمينًا ويسارًا وقالت:
-إن شاء الله مش هيحصل… حضرتك مش هتحس بوجودي أصلًا ده أنا نسمه هتلاقيني طيف متحرك
ابتسم وهو يقول:
-هنشوف…
بادلته الابتسامة ولم تعقب فأردف:
-أنا هجيبلك دهب لكن مش عايز منك أي عزال أنا كل حاجه في شقتي هتفضل زي ما هي مش هغير حاجه
أومأت رأسها وهي تقول:
-تمام
تنهد بقـ.ـوة وقال:
-خديلي بقا ميعاد من أهلك النهارده
غمزت بعينيها وقالت بمداعبه:
-دا إنت مستعجل بقا وكأنك مصدقت
رقمها بطرف عينه وقال بحدة:
-خلاص سيبيني أفكر شهرين تلاته وابقى أرفض
رفعت سبابتها وقالت بسرعه:
-لأ لا لا خلاص والله بهزر يا رمضان إنت مبتهزرش
اتسعت ابتسامته وقال بمزاح:
-رخمه بجد…
عقبت وهي تعدل من ياقتها باعتزاز:
-كفايه مدح فيا مش كل مره تنفخني كده هفرقع منك
ابتسم وعقب وهو يرمقها بغيظ:
-اشربي القهوه واسكتي يا دكتوره أنا مش عارف إنتِ إزاي دكتوره أصلًا!
ابتسمت وهي تقول:
-صدقني كتير عليا المدح ده والله
ضحك بخفوت هو يهز رأسه مستنكرًا ولم يعقب…
_____________________________
في غرفة وهيبه كانت تشاهد فيلم قديم بالأبيض والأسود وتبتسم، دخلت شاهيناز الغرفه وجلست جوارها ثم قالت بخفوت:
“أنا مصدقت إنك مصحصحه شويه قوليلي أعمل إيه في البت المكبوسه دي!”
لم تشيح وهيبه بصرها عن التلفاز وقالت بجديه:
-خضيها لازم تتخض وجسمها يقشعر
سألتها شاهيناز بترقب:
-طيب أعمل إيه؟ فاكره الخطه إلي كنا هنعملها؟
كانت تتابع الفيلم وهي تقول بشرود:
-خطة إيه؟
نظرت وهيبه ل شاهيناز وقطبت حاجبيها ثم سألتها:
-هو إنتِ مين؟!
-مش مهم أنا مين المهم أعمل إيه عشان البت مكبوسه ومبتخلفش
-بنت مين دي إلي مبتخلفش؟!
-لأ صحصحي معايا كده
-ما أنا صاحيه أهوه هو أنا كنت نمت
-طيب نعمل إيه عشان نفك الكبسه؟
-خليها تستحمى بالمايه إلي بيغسلوا بيها واحد ميت وتتليف بالليفه بتاعته وهي جسمها هيقشعر والكبسه تتفك
ابتسمت شاهيناز وهي تحدق بالفراغ وقالت:
-والله البت فرح دي رزقها تحت رجليها… هتستحمى بمية غسل المرحومه حنان والليفه بتاعتها…
لم تعيرها وهيبه اهتمام وأكملت مشاهدة التلفاز، فهتفت شاهيناز وهي تخرج من الغرفة:
– بالإذن يا حجه وهيبه عشان ألحق الغسل
-خدي هنا رايحه فين هاتيلي أتغدى
-هخلي مريم تجيبلك يا حجه
قالت شاهيناز جملتها وانصرفت، ونظرت وهيبه لأثرها وهي تقول بتعجب:
-هي مين دي؟!
مطت شفتيها للأمام بدهشة، ثم أكملت مشاهدة الفيلم مبتسمة…
_____________________________
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ، وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ.﴾
وفي مساء اليوم بعد أن جن الليل، صدع صوت القرآن عاليًا من إحدى مكبرات الصوت، وأمام البيت يرتص الرجال بمقاعد مرتبة جوار بعضهما، وبالأعلى أضواء بيضاء تناسب أجواء العزاء، وبالداخل يعلو نواح النساء وعوايلهن، يرتدون ثياب سوداء كناية عن حزن قلوبهم وغمها.
سندت فرح رأسها على صدر والدتها وهي تبكي، فربتت شاهيناز على ظهرها بحنو وقالت بتعجب:
-كفايه بقا يا فرح الناس فاكرينك بنتها من كتر العياط
عقبت فرح بصوت متحشرج من البكاء:
-صعبانه عليا أوي…
ربتت صفاء على ظهرها قائلة:
-يبنتي كفايه مش معقوله إلي عملاه في نفسك ده… أنا مش عايزه جوزك يشوفك كده
عقبت شاهيناز بتأيد:
-أيوه وقومي كلي لقمه عشان تسندي نفسك
هزت فرح رأسها نافية وقالت:
-مش عايزه أكل
نظر كل من شاهيناز وصفاء لبعضهما كأنهما خططا لشيء مسبق، واومأت صفاء رأسها بأن الأمر قد تم، هتفت صفاء بتلعثم:
-أ… يلا قومي عشان تطلعي شقتك… عشان عاوزينك في موضوع
قامت فرح بامتعاض لتسير بالمنتصف بين والدتها وصفاء، وهما ينظران لبعضهما نظرات تشبه ريا وسكينه قبل فعل جريـ.ـ.ـمة ما!
كان النساء يراقبون فرح المنهاره، ويتسائلن هل هي ابنتها، وكان هناك عيون تتابع «فرح» بترقب إنها «حبيبة» التي ترمقها بحقد وغل، لم يشغل بالها وفاة أختها لكن ما يؤرقها هو «فرح»! كيف لها أن تمتلك قلب دافئ وحنون! كيف يحبها الجميع ويشد أزرها! كيف تستطيع لفت أنظار جميع من حولها بأقل مجهود! أما هي فتجلس جوار ابنة أختها دون أن يعيرها أحد أدني اهتمام رغم صراخها وعويلها المرتفع…
وهناك عيون أخرى لامرأة تخفي وجهها بالنقاب، تحوم أعينها بأرجاء البيت وتبتسم من تحت نقابها ساخرة، لا يهز قلبها هول ما يحدث هي فقط تفكر بالإنتقام، ستنتقم لكرامتها ولنفسها من فرح وعائلتها، وقد خططت مسبقًا ما ستفعله! تمتمت لنفسها:
-ربنا أخدلي حقي منك يا حنان… وكل الي ظلم «ساميه» هياخد جزاءه بس الصبر!
ظلمها! من ظلمها؟ بل هي الأشد ظلمًا والأدهى كيدًا، لكن ران الظلام على قلبها فلم تعد ترى حقيقتها البشعة.
هناك أصناف من البشر يعيشون كذبهم وكأنه حقيقة، يخترعون كذبة ويركضون خلف سرابها، يرون أنهم مضطهدين ودائمًا مظلومين! فهؤلاء قد طُمس على قلوبهم فمن شدة بغيهم عُميت بصيرتهم بل انعدمت.
________________________
وقف يوسف خارج باب البيت يبحث عنها فقد انشغل عنها بمراسم العزاء، وكبكبة الأمور رآها تخرج مع والدتها ووالدته، لكن شغله عمه حين ناداه:
-تعالى يا يوسف عايزك
أقبل يوسف نحوه وجلس جواره وهو يقول:
-خير يا عمي
عقب سليمان بانكسار:
-بكره هيكون ورق أرضك ومالك جاهز عشان تاخده
تنفس يوسف بعمق وزفر بقـ.ـوة ثم قال:
-بس أنا مش هطلق مراتي يا عمي
ليفاجئه إجابة سليمان بلا مبالاه:
-إنت حر
قال سليمان جملته الأخيره وترك يوسف مصدومًا، فهل أثر به موت حنان لتلك الدرجة! مط شفتيه للأمام بتعجب وقال:
-الله يرحمك يا حنان
____________________
وفي شقة فرح كانت تجلس على الأريكة بوهن، نظرت شاهيناز لصفاء التي تحثها على التنفيذ ثم صوبت يدها بحقيبة سوداء وقالت:
-خدي يا فرح دي هتستحمي بيها يا حبيبتي
قطبت فرح حاجبيها وفتحت الحقيبة لتستكشف ما بداخلها “زجاجة بها مياه وليفة” وهي وقالت:
-إيه دي؟
لترد صفاء موضحة:
-دي الليفه إلي غسلوا بيها حنان وشوية مايه من بتوع الغسل
صرخت فرح وألقت ما بيدها أرضًا ثم هبت واقفة وهي تقول بهلع:
– شيلي البتاعه دي من هنا بسرعه
عقبت شاهيناز:
-يا فرح عشان الكبسه تتفك يحببتي وتحملي
عقبت صفاء:
-لازم تستحمي بالمايه دي وتغسلي بالليفه… عشان ربنا يكرم والكبسه تتفك
هتفت فرح بملامح خائفة:
-كبسة ايه! ما عنها ما اتفكت… خدوا الحاجات دي وامشوا حالًا
وقفت شاهيناز وقالت بحزم:
-ما إنتِ لو معملتش إلي بنقولك عليه بإرادتك هنعمله إحنا غصب عنك
بدلت فرح نظرها بينهما وهي تتعمق النظر إلى نظراتهما التي بدت مرعبة ثم قالت بخوف:
-هتعملوا ايه… والله ما هيحصل أبدًا
هتفت شاهيناز بإصرار:
-امسكيلي البت دي يا صفاء ما إحنا مش كل يوم عندنا ميت! دي فرصه مش بتيجي دايما…
أقبلت صفاء لتمسك فرح، فصرخت فرح وركضت بأنحاء الشقة بخوف ثم قفزت فوق الطاولة وهي تقول بصدمة:
-اي دي الي فرصه يا شاهيناز يا مرات أبويا… أنا عمري ما شوفت أم بتعمل في بنتها كده
لتعقب صفاء:
-يا فرح أمك خايفه عليكِ
وهنا فتح يوسف باب الشقة فقفزت فرح وركضت نحوه ووقفت خلف ظهره ثم قالت:
-الحقني يا يوسف أمك وأمي اتجننوا رسمي
بدل يوسف نظره بينهم وقال:
-فيه ايه يا ماما؟
عقبت صفاء:
-هفهمك يا يوسف عشان تساعدنا
أغلق يوسف الباب وجلسوا، شرحت له ما تود فعله، فابتسم يوسف ببرود وقال:
-ماما! إنتِ بجد بتصدقي في التخاريف دي؟ مفيش الكلام ده يا حبيبتي
مصمصت شاهيناز بشفتيها ولم تنبس بحرف أما صفاء فنظرت ليوسف قائله برجاء:
-طيب خدني على أد عقلي المره دي عشان خاطري يا يوسف
هتف يوسف بحزم:
-لأ يا ماما أنا آسف الكلام ده ميدخلش دماغ حد عاقل… يعني إيه جسمها يقشعر فتحمل مش فاهم!
عقبت شاهيناز:
-طيب والله يا يوسف أنا أعرف واحده قعدت خمس سنين مبتخلفش ولما عملت كده حملت الشهر إلي بعده علطول
نظرت فرح ليوسف وهزت رأسها وهي تقول:
-يوسف أنا مش هعمل كده
حاوطها يوسف بذراعه ونظر لهما معقبًا بحزم:
-وأنا مش هسمحلك تعملي كده أصلًا
هبت صفاء واقفه وقالت بحدة:
-إنتوا أحرار… خليكم كده… الناس كلها هتخلف وإنتوا قاعدين… يلا يا شاهيناز احنا عملنا الي علينا
زفر يوسف بقوة وقال:
-خدي الحاجات دي معاك يا ماما
رمقته صفاء بغيظ وأخذت الحقيبه وخرجت مع شاهيناز…..
_________________________
مرت الأيام بين امتحانات الدراسة وامتحانات الحياة، أربعة أشهر مروا كلمح البصر، فرح تنتظر كل شهر أن تبشر زوجها بطفل منها لكن لا جديد، هبه على أهبة الإستعداد لحفل زفافها الذي سيقام بحضور العائلة فقط دون أي مراسم للإحتفال، وسام جعلت بينها وبين فؤاد موبقًا بحوارهما الأخير فلم تره منذ أخر لقاء، كان يراسلها على تطبيق الواتساب لكن بجمود لم تعهده يسألها عن حالها ويرسل لها أموال مع والدته، فقد ترك بيت جده وعاد يعيش بشقته مع والدته ليتركها لحالها تنعى حظها كل ليلة، وتأن بألم الفراق والوحدة، ولم يكن حاله أقل منها فارقها ليعاقبها ولم يكن العقاب إلا لقلبه الذي يأن كمدًا وألمًا…
_________________________
“ما كُل نفسٍ نستطيعُ فراقها ففراقُ من سكنَ الفؤادَ مماتُ فإذا صمتنا والحبيبُ مهاجرُ بعضُ الشعور تخونهُ الكلماتُ، فالصمتُ لا يعني الرضا لكننا موتى، فهل يتحدثُ الامواتُ؟!”
“تميم البرغوثي”
تجلس وسام في عيادة الأسنان الخاصة بفؤاد تنتظر دورها، كانت مرتبكة للغاية تضرب قدمها بالأرض بتوتر، وبجوارها تجلس فتاة بمثل سنها وتدرس بنفس كليتها نظرت لها وسام محدقة بملامحها؛ عيونها الزرقاء، وأنفها الدقيق، وبشرتها البيضاء الصافية والشاحبة كالون شفتيها تمامًا، تأكل رقائق الشيبسي باستمتاع، ولا تأبه لصديقتها المضطربه، لكزتها وسام في ذراعها وقالت بتوتر:
-أنا غلطانه إني سمعت كلامك…. قومي نمشي
مضغت الفتاه ما بفمها في سرعة وقالت بحزم:
-نمشي فين؟ طلاق تلاته ميحصل..
نفخت وسام وقالت بندم:
-منك لله يا رحيل أنا إيه إلي خلاني أسمع كلامك وأجي!
زمت «رحيل» شفتيها بحنق وقالت بنفاذ صبر:
-يعني إنتِ عاجبك حالك كل ليلة عياط وكمان شايله مواد من الترم الأول اتنيلي بقا وقوليله إلي في قلبك
ابتلعت وسام ريقها وقالت بخوف:
-اقوله إيه؟ أنا مش هعرف أتكلم أصلًا يا رحيل!
نفخت رحيل بحنق ثم تمالكت نفسها وابتسمت وهي تنظر لها وتقول بخفوت:
-قوليله فؤاد حبيبي أنا كدبت عليك ومقدرش أعيش من غيرك ووحشتني
تنهدت وسام بعمق وقالت بقلق:
-مش هعرف أقول كده… مش هعرف!
ربتت رحيل على فخذها وقالت:
-انوي إنتِ وإن شاء الله ربنا يجري الكلام على لسانك
نهضت وسام وقالت بقلق:
-رحيل يلا نمشي بجد
جذبتها رحيل من يدها فجلست مجددًا وعقبت:
-يا بنتي لازم تكشفي على ضرسك إلي بيوجعك وقرفاني بيه بقالك شهر ده!
غمزت بعينها وهي تقول:
-وبالمره تعالجي قلبك
زفرت وسام بألم وقالت:
-يا بنتي أنا أصلًا بخاف من دكاترة الأسنان
غمزت رحيل بعينيها وقالت:
-بس ده مش أي دكتور ده دكتور قلبك يا بت
مدت يدها برقائق الشيبسي وأردفت:
-خدي كلي عشان تضيعي التوتر
رمقتها وسام بغيظ ولم تأخذ منها شيئًا، فابتسمت رحيل وأكملت أكلها دون اهتمام…
لفت نظرهما دخول ذلك الشاب إلى العيادة كان يسير بشموخ يرتدي بدلته السوداء وحذائه الأسود الكلاسيك، وقف أمام مكتب الحجز الذي يجلس عليه أخيه «أحمد» وقال:
-إيه يا صاحبي هو الدكتور قدامه كتير؟
-أهلًا يا حضرة الظابط
– انتو ناسين إننا عندنا عروسه ولا إيه!؟
أشار أحمد بعنيه إلى وسام وقال بخفوت:
-المزتين دول بس… ومفيش حجز تاني وهنمشي
مال برأسه ناحية أحمد وقال بخفوت:
-ألا صحيح فؤاد بيجيله هنا مزز كتير ياض
-كتير أوي دا أنا قررت أشتغل تمرجي هنا خلاص
اعتدل واقفًا وقال بحده:
-احترم نفسك يا صايع يا ضايع
مال أحمد ناحية أخيه وقال بهمس:
-طيب عارف البنت الي قاعده دي تبقى مين؟
رمقهما محمود بطرف عينه وسأله بنفس الهمس:
-تبقا مين؟
غمز أحمد بعينه وقال:
-مرات أخوك فؤاد بس الظاهر إنهم متخانقين أو حاجه عشان قالي مدخلهاش إلا أخر واحده
نظر لهما محمود مجددًا وقال بدهشه:
-دي وسام!
لفت نظره رحيل فسأل بهمس:
-ومين إلي جنبها دي؟
مط أحمد شفتيه للأمام وقال:
-مش عارف بس شكلها صاحبتها…
جلس محمود على أحد المقاعد مقابلهما، حتى يتثنى له مراقبتها، رمقته رحيل بطرف عينيها، ثم همست لوسام:
– ريحة البرفن بتاعته فظيعة زي ما يكون حاطط الإزازه كلها
نظرت لها وسام بغيظ وقالت بخفوت:
-على فكره دا ابن عم فؤاد
تهللت أسارير رحيل وقالت بابتسامة:
-هو متجوز أو مرتبط؟
لكزتها وسام بذراعها وقالت بنزق:
-معرفش عنه حاجه…. وياريت تاحفظي على نظراتك شويه وتركيز في أكل الشيبسي والمارشميلو أحسن
رمقتها رحيل بسخرية، وأخذت تأكل رقائق الشيبسي بنزق، قاطعهما صوت أحمد:
-أستاذه وسام اتفضلي
وضعت وسام يدها على صدرها بارتباك وقالت بهمس:
-قومي بينا نهرب
-نهرب إيه دا إحنا بقالنا ساعه مستنين اللحظه دي!
نهضت وسام واقفه وقالت:
-طيب يلا تعالي معايا
لم تتحرك رحيل وقالت ببرود وهي تأكل الشيبسي:
-يلا إيه أنا مش داخله معاكِ
-متهزريش قومي وإلا والله همشي
قامت رحيل ممتعضة من صديقتها وقالت بنفاذ صبر:
-يلا أمشي قدامي
ومن ناحية أخرى كان محمود يتابعها بطرف عينه ويرمي أذنه ليسمع ما يقولانه مبتسمًا، سارت وسام وتبعتها رحيل وهي تعض شفتيها السفليه وتنظر حولها بخبث تعزم على تنفيذ خطة ما، وبمجرد أن اطمئنت أن وسام دخلت إلي الغرفه، خرجت من الغرفه وسحبت الباب وهي تقول بملامح مجعدة بحزن زائف:
-أنا آسفه يا وسام سامحيني
حاولت وسام فتح الباب لكن رحيل سحبت المقبض من الخارج بقـ.ـوه، تمتمت وسام وهي تنظر للباب:
-يا شيخه حسبي الله ونعم الوكيل أشوف فيكِ يوم
حركت وسام عينها يمينًا ويسارًا بتوجس ثم استدارت تنظر إليه.
كان يجلس أمام مكتبه ينظر نحوها ويحاول اخفاء ابتسامته وفرحته لأنها أخيرًا أتت! فقد اشتاق لطلتها…
على جانب أخر
عندما اطمئنت رحيل أن صديقتها هدأت عن المقاومة، تركت مقبض الباب ونظرت حولها لأحمد ولمحمود اللذان ينظران لها بذهول، كان أحمد يكبح ضحكاته، ومحمود يرمقها بابتسامه أطرقت رحيل رأسها أرضًا وضغطت شفتيها معًا بخجل فقد تناست وجودهما تمامًا، عدلت من ثيابها وهي تنظر حولها بارتباك، واتجهت نحو أحد المقاعد دون أن تنبس بكلمه، جلست على المقعد في صمت تام، تأكل الشيبسي ليهدأ ارتباكها، وظل محمود ينظر لها خلسة صدع هاتفها بالرنين، جحظت عينيها وهي تنظر لشاشته لذلك الإسم الذي لا يأتي من وراءه سوى كل شر، نفثت الهواء من فمها بحنق وقالت بخفوت:
-مبيجيش من وراك خير يا «سالم»
رفعت عينيها لتجد محمود يحدق بها، توترت من نظراته وابتلعت ريقها بارتباك وهي تنظر للأرض مجددًا، ابتسم محمود ثم أشاح بصره بعيد عنها، تجهمت ملامحها وهي تنظر لشاشة هاتفها الذي صدع بالرنين للمرة الثانية وتمتمت بحنق وهي تحدث شاشة هاتفها:
-شوف يا سالم لو قعدت ترن من هنا للسنه الجايه برده مش هرد
ابتسم محمود على عفويتها، أغلقت هي هاتفها ووضعته في حقيبتها بنزق، وجلست بهدوء تنظر له وينظر لها دون كلام…
“نحن في حاجة لذكر الله فلا تغفل 🌹”
ادعوا لأخواتنا في فلسـ..♥..ـطين️
_____________________________
“اشتد نزوع قلبي ليكون جواركِ، وشدا بأروع الألحان وهو يدنو من داركِ”
✍️آيه شاكر
جلست هبه بغرفتها فبعد دقائق ستنتقل لبيت ستكون دخيلة عليه، هي من فرضت نفسها لتكون جزء منه، نظرت لطفلتها التي ظفرت بها والتي ترتدي فستان أبيض رقيق، هتفت جوري بفرحة:
“أنا بحب ربنا أوي عشان استجابلي وهتكوني ماما بجد”
انحنت هبه لمستواها وقالت:
-إنتِ كنتِ بتدعي عشان أكون ماما!
اومأت رأسها ببراءه وقالت:
-أيوه كل يوم جمعه قبل المغرب
قبلتها هبه وحملتها ثم ضمتها وهي تقول:
-يا روحي… والله إنتِ أحلى حاجه في حياتي
شددت الطفلة من ضمها وقالت:
-أنا هنام كل يوم في حضنك يا ماما
عبست ملامح هبه حين تذكرت وعدها لآصف، فلن تنام بالبيت، بعد اسبوع ستأخذ كل ليلة شيف ليلي بعملها! أخرجت الطفله من أحضانها وقبلتها من خدها ثم وضعتها على السرير، ملست چوري على فستان هبه وقالت بحب:
-فستانك حلو أوي يا ماما
ابتسمت هبه وقالت:
-والله إنتِ إلي فستانك جميل أوي
لا تدري أهي سعيدة أم ماذا؟! فمنذ كتب كتابها على آصف وهناك ثقل بقلبها لا تعلم ما سببه! تخاف أن تكون قد ربطت حبلًا حول عنقها وأعطته لآصف ليتحكم بها كيفما شاء، نظرت لأعلى وتنفست بعمق، ابتسمت وهي تنظر لچوري التي تلف بالغرفه بفرحة، دخلت والدتها للغرفة نظرت لفستان ابنتها الأبيض الراقي والفضفاض، مصمصت بشفتيها وهي تقول بنزق:
-معرفش لزمته ايه الفستان ده طلما مفيش فرح ولا غيره… وبعدين أنا عمري ما شوفت واحده مطلقه لابسه فستان أبيض في جوازتها التانيه
حاولت هبه تمالك أعصابها وهي تقول:
-ماما يا حبيبتي مش لازم تسممي بدني بكلامك قبل ما أمشي… أنا مبقتش مطلقه أنا بقيت متزوجه وزوجي اسمه آصف
عقبت والدتها بامتعاض:
-انا عارفه إيه آصف ده… طيب والله عاصم كان أحسن منه على الأقل معندوش عيال…. أهو ده اتجوزك تربيله بنته ويستفاد من مرتبك يا خايبه
هزت هبه رأسها بقلة حيله وقالت:
-ماما أنا اتجوزت خلاص الموضوع انتهي… أرجوكِ كفايه بقا أنا تعبت والله
تدخل والدها الذي هتف بحدة:
-روحي يا ام محمود استقبلي الناس بره
خرجت والدتها الممتعضه من الغرفه، وضمها والدها قائلًا:
-مبروك يا حبيبتي… متشغليش بالك بكلام أمك ما إنتِ عارفاها طيبه وإلي في قلبها على لسانها
أومأت هبه رأسها ولم تعقب، فوالدها دائم التماس العذر لوالدتها، ربت والدها على ظهرها بحنان وغادر الغرفه، ودخلت بعده مريم برفقة فرح مبتسمتان هتفت فرح بحب:
-عروستنا القمر… إيه الجمال ده؟
ضمتها هبه بفرحه وقالت بسعادة:
-فروحه أنا بجد فرحانه أوي انك جيتِ
-طبعًا لازم أجي إحنا بقينا أصحاب خلاص وبعدين أنا هعملك فوتوسيشن يجنن
هتفت مريم بحزن مصطنع:
– طيب وأنا مش فرحانه إني جيت ولا إيه!
ضمتها هبه وهي تقول:
-طبعًا فرحانه دا إنتِ الخير والبركه يأم حموكشا..
أخذت فرح تصور هبه وتحاول رسم السعادة على وجهها ثم قالت:
-لما العريس يجي هاخدكم الحديقه بره وهصوركم فيها…
سألت مريم:صحيح هو فين العريس يا هبه؟!
_______
على جانب أخر جلس آصف على الأريكه يحمل هاتفه ويحدق بصورة زوجته الراحلة بحنين ثم قال باشتياق:
-وحشتيني أوي يا آمنه… مكنتش بعرف أخد قرار من غيرك يا ترى إلي أنا بعمله ده صح ولا غلط…. مش لاقي حد أشاوره يا آمنه
همى الدمع من عينه ومسح وجهه بكلتا يديه ثم زفر بألم وهو يأن، حدق بالصورة مجددًا وقال بحسرة:
-لو تعرفي الوجع إلي جوه قلبي عشان فيه واحده تانيه هتدخل البيت غيرك!
ابتسم عندما تذكر ابنته وقال:
-بس چوري فرحانه أوي يا آمنه وده كفايه…. لكن أنا هفضل أحبك طول ما أنا عايش ولا يمكن حد تاني ياخد مكانك في قلبي…
وضع الهاتف ناحية قلبه كأنه يضم صورتها بشوق، ثم أزاح الهاتف لينظر إليها مجددًا فتفاجأ بصورة ابنته مع هبه بيوم كتب كتابهما، تناسى كل شيء وحدق بصورة هبه المبتسمة وابتسم لإبتسامتها، أفاق من شروده وأنبه ضميره لما شعر تجاهها لوهله! زفر بقـ.ـوة وابتسم بسخرية وهو يردد:
-نقل فؤادك حيث شئت من الهوى…. ما الحب إلا للحبيب الأول
نظر لنفسه عبر المرآه وهو يرتدي بدلته السوداء الأنيقه، حمل بوكيه الورد الذي اشتراه لها، وألقى نظرة أخيرة لنفسة في المرآه وهو يحمل الورد وابتسم، تجهم وجهه فجأه ثم قال لنفسه بسخرية:
-وكمان جايبلها ورد وتقول انك زعلان!
تنهد بحيرة وأشار لقلبه قائلًا:
– والله ما حد عارف أنت فرحان ولا حزنان ولا مالك!
تنفس الصعداء ثم خرج من البيت…
_____________________________
كان فؤاد جالسًا على مكتبه حاول تصنع الجمود، رمقها سريعًا ونظر للورق أمامه ليقول بجمود:
-خير! جايه ليه؟
أقبلت نحوه وهي تبتلع لعابها بتوتر ثم جلست على المقعد أمامه وقالت بتوتر:
– أنا…. أنا…. أنا ضرسي بيوجعني وبقالي فتره مش بنام إلا بمسكن
عقب بابتسامة ساخرة دون أن ينظر نحوها:
-عادتك طبعًا مهمله
أطرقت رأسها لأسفل، نهض هو واتجه نحو المقعد المخصص ثم أردف برسميه:
-اتفضلي اقعدي هنا
جلست أمامه بدون أن تنبس بكلمة، اقترب منها ووضع سبابته على شفتيها فتسارعت دقات قلبها وكأنها بسباق، هتف بجدية شديدة:
-افتحي بوقك لو سمحتِ
تنحنحت وهي تعود برأسها للخلف بخوف وقالت:
-إنت هتعمل إيه؟!
رفع احدى حاجبيه وقال:
-هشوف ضرسك إلي بيوجعك
فتحت فمها واقترب منها أكثر ليفحصها، فأغلقت عينيها حين شعرت بأنفاسه على وجهها، نظر لملامحها التي اشتاق لها وابتسم ثم رسم الجديه وهو يبتعد عنها ويقول:
-ضرسك ده محتاج حشو عصب… وباقي ضروسك لو ملحقتهمش هيحصلوه
ازدردت ريقها بتوتر وسألته:
-حشو العصب ده بيوجع؟
-هديكِ بنج مش هتحسي بحاجه… بس أستأذنك مش هينفع دلوقتي… لأن النهارده فرح هبه والمغرب هيأذن وأخواتها الاتنين بره مستنيني
كانت حائرة، لم تفهم نظراته ولا طريقة كلامه الغامض، أومأت رأسها وهي تنهض عن المقعد وقالت:
-خلاص ماشي
اتجهت نحو الباب لتخرج فقال بوجه خال من التعبير:
-رايحه فين! إنتِ مش هتيجي معايا ولا إيه!
عقبت بهدوء:
-أصل معايا صاحبتي بره
أخذ مفاتيحه من فوق المكتب ووقف قائلًا:
-عادي نوصلها في طريقنا
لم يعطها فرصة أخرى للكلام فتح الباب وخرج وتبعته بهدوء، نظر لأحمد ومحمود وقال:
-يلا يا شباب احنا اتأخرنا أوي
نهض محمود واقفًا وعقب بمرح:
-تصدق أنا غلطان إني إستنيتك… بكره أجيب عربيه وأذلك زي ما بتذلني
نظر أحمد في ساعته وعقب:
-طيب يلا بقا عشان احنا فعلًا اتأخرنا
نزل الشباب الدرج وتبعهم وسام ورحيل، وعندما وصلتا أسفل البناية لكزت رحيل ذراع وسام وسألتها بابتسامة:
-هااا طمنيني عملتِ إيه؟
نظرت لها وسام بحدة وقالت بغضب:
– أنا هأدبك عشان إلي عملتيه ده
تنحنحت رحيل وهي تمسح أنفها وتهم بالرحيل وقالت:
-طيب بالإذن أنا بقا يا معلم
مسكتها وسام من ذراعها وقالت:
-رايحه فين متحلميش انك تهربي تاني!
نظر لها فؤاد وقال باحترام:
-هو حضرتك منين؟
عقبت رحيل بهدوء:
-أنا من قرية****
اومأ فؤاد رأسه وهو يقول:
-طيب دي بلد العريس… إحنا أصلًا رايحين هناك دلوقتي… اركبي معانا هنوصلك
ابتسمت رحيل وهي تهمس لوسام:
-طيب إن مكنتش تحلف!
ركبت في المقعد الخلفي جوار وسام وبجوارها فؤاد، ومحمود يقود السياره وأحمد جواره، وبعد دقائق وصلا للبيت….
“لا تغفلوا عن الدعاء”
_________________________
أمام البيت تقف فرح مع “هبه” تصورها مع چوري لحين وصول آصف، كان الجميع يلتفون حولهما لمشاهدة التصوير وينتظرون وصول العريس.
على جانب أخر ارتجل آصف من السيارة يحمل بيده الورود، ابتسم حين رآها تحمل ابنته وتتصور معها وأقبل نحوهما، نظرت له وهو يرتدي بدلته ويبدو كعريس حقيقي فرحًا بعروسته، حدقت به للحظات وتوقفت الحركة من حولها وهدات والأصوات وكأن االأضواء لم تسلط إلا عليه وهو يدنو منها، أخرجها من شرودها هاتف:
“العريس وصــــل”
كان هذا هو صوت أحمد “أخوها’ الذي ارتجل من السيارة لتوه، تعالت أصوات الزغاريد من حولهما، ارتجل فؤاد من السياره وتبعته وسام، ومن باب السيارة الأخر خرجت رحيل وأمامها محمود الذي يرمقها بنظرات خاطفه من حين لأخر مع ابتسامة لم تستطع تحليلها، هي فقط كانت تشيع بصرها عنه في حياء.
من ناحية أخرى وقفت وسام جوار فؤاد الذي كان يحدجها بنظرات مبهمه لا تدري أهي عتاب أم رأفة أم سخرية مما فعلت، أم سخطًا، أم ماذا؟! باتت نظراته تؤرقها وتقلقها فلا تستطيع التفسير وكأن عقلها توقف عن التفكير، ولتهرب منه ومن نظراته تركت مكانها ووقفت جوار رحيل قائلة بتلعثم:
-أ… رحيل… أنا هروح الحمام وأجي
أومأت رحيل رأسها وهي تقول:
-متتأخريش عليا أنا معرفش حد هنا
اومأت وسام رأسها وهرولت للشقة بالطابق الأول علوي، ثم دخلت المرحاض، وقفت أمام المرآه نظرت لانعكاس صورتها وتحدثت بحيرة:
-أنا مش فاهمه حاجه هو بيعاملني كده ليه؟
تنفست بعمق وقالت:
-أنا كنت متخيلاه هيزعق أو يطردني أو يفتحني في الكلام مثلًا… لكن كده!! يا ترى بيفكر في ايه؟ الراجل ده بيخوفني بنظراته وغموضه ده
نفخت بحنق وغسلت وجهها بالماء…
على جانب أخر خرجت والدة هبه وتبقى أطفال العائلة يلعبون بالشقة، ويمسك أحدهم ولاعة يضغط عليها ويلعب بها، وببراءه وسذاجة ضغط الطفل على القداحه فاضطرمت النار بغطاء على المقعد، جحظت عيني الطفل بصدمه وصرخ فركض طفل أخر ليحضر الماء فوجد زجاجة صغيرة تحت المقعد فتحها على الفور وقبل أن يسكبها وقعت قطرة منها على النار فزادت النار هتف طفل ثالث بنبرة مرتفعه:
-دا بنزين أهربوا
قذف الطفل القنينة أرضًا فانسكب باقي البنزين على الأرض، وركضوا للخارج تاركين النار تأج وتشتعل بأرجاء الصاله أخذت النار تلتهم كل شيء أمامها كذئب جائع وقد وجد فريسته فأقسم ألا يتركها! خرج الطفل من الشقه وأخذ معه باقي الاطفال وهو ينبههم قائلًا بخوف:
– محدش يقول حاجه عشان ميضربوناش ونتعاقب
خرج الأطفال من الشقة وأغلقوا الباب، وازداد اشـ.ـ.ـتعال النار بالشقة حتى ملئتها وتصاعد الدخان بأنحائها.
______________________________
“ايه يا جماعه مش انتوا برده متجوزين ولا ايه؟!”
قالتها فرح بعد أن يأست منهما، هبه لا تريد الاقتراب، ويأبى هو أن يدنو منها، فكلاهما يحافظ على مسافة فاصلة لا يتعداها! فقد عاهد آصف نفسه ألا يمسها… حتى يدها لا يريد مساسها!
هتفت فرح بنزق:
-يا دكتوره قربي منه شويه… هو إنتوا متخاصمين ولا ايه؟!
تنفست فرح بعمق ونظرت ل آصف قائله بنزق:
-بص حضرتك حط ايدك على قلبها وهي هتمسك إيدك
نظرا هبه وآصف لبعضهما للحظات بدهشه ولم يقترب أي منهما، فهتفت فرح بمزاح:
-إيه يا جماعه إنتوا متجوزين بالغصب ولا إيه!
مال آصف برأسه ناحية هبه وقال بعتاب:
-مين قالك إن أنا عاوز أتصور! ملهوش لزمه التصوير يا دكتوره!
ردت هبه بهمس:
-دي قريبتي وبتعمل معايا واجب مقدرتش أرفض!
هتفت فرح بنزق:
-جماعه يلا الشمس هتغرب ومش هعرف أصوركم
قال آصف بمهس وصل لمسمع هبه: يارب تغرب بسرعه دا ايه اليوم الطويل ده
هتفت فرح بابتسامة:
-طيب حطي إنتِ إيدك يا دكتوره
ابتلعت هبه ريقها لتبلل حلقها وتبتلع ذلك العلقم الذي طغى عليه، وقالت:
-احطها فين!
أشارت لها فرح قائلة:
-حطيها على مكان قلبه وهو يمسك ايدك وبصيله… وحضرتك كمان بصلها
حين لاحظت هبه نظرات الجميع المصوبه نحوهما اقتربت من آصف الذي ينظر لها بأعين متسعة ويشير لها بألا تفعل، وبأيد مرتعشه وضعت يدها على صدره فأغمض جفونه بنزق، ثم فتحها وهو يزم شفتيه بحنق، نظرت له هبه برجاء تحثه أن يمسك يدها، التفت آصف ينظر حوله للنظرات المسلطه عليهما، وبكثير من التردد رفع يده ليلمس يدها لأول مرة وليتنازل عن أول عهد قطعه على نفسه، نظر بعينيها الخضراء الواسعة والصافية وأبحر بداخلها للحظات سرعان ما انتبه لحاله وغض بصره عنها وهو يهمس لها:
-إلي بيحصل ده حسابه هيكون صعب عليا وعليكِ
قالها بنبرة مبهمة لم تفهم هي مغزاها، ابتعدت عنه وتنحنحت بإحراج فقاطعها صوت فرح التي تنظر للكاميرا قائلة:
-أخيرًا صوره حلوه
التفتت تنظر للسيدات وتقول: سمعونا زغروده بقا يا جماعه
فارتفعت أصوات الزغاريد عاليًا.
استغفروا🌹
______________
على جانب أخر كان الأطفال يتابعون أصوات النار بالشقه، وبنفاذ صبر أخذ طفل منهم يدور بين الناس صائحًا بنبرة مرتفعة:
-فيه حريقه جوه…. فيه حريقـــــه…. فيه حريقـــــه
انتبهت العائلة للدخان والنار التي بدأت تخرج من الشقة، صرخت هبه وهمت لتركض لداخل البيت فلا ترى والدتها وأبيها في الجوار! مسكها آصف وقال بحزم:
-رايحه فين؟… امسكي جوري ومتتحركيش من هنا
وانقلبت الزغاريد لصراخ، أخذ الجميع يبحثون عن بعضهم ليتأكدوا من خلو الشقة من الناس، ودخل الرجال يتفقدون الوضع ويحاولون إخماد النار لكن بلا فائدة وتكبكب الجيران أثر أصوات الصريخ.
بحث فؤاد عن والدته، وأعمامه وجده وجدته والجميع ولم ينتبه لها.
انتبهت «رحيل» لغياب صديقتها “وسام” فظلت تدور بين الناس تبحث عنها فلم تجدها صرخت حين تذكرت معاناة صديقتها الماضيه، صاحت بصراخ وهي تركض لداخل البيت وتصعد على الدرج:
-وســــــام…. وســــام
جحظت عيني فؤاد وهو يسمع تردد اسمها بين شفتي رحيل، كيف ينساها! وقف مشدوهًا للحظات.
نظر محمود لرحيل التي صعدت للبيت وقال بحده وبنبرة مرتفعة:
-إنتِ رايحه فين! إنزلي تحت
وقفت مكانها ووضعت يدها على فمها وهي تبكي ثم قالت بانهيار من خلف دموعها:
-وسام جوه…. حد يلحقها…. حرام تتحـ..ـرق مرتين! والله حرام
صاحت بانهيار وبنبرة مرتفعة صارخة باسمها:
-وســـــــــــام
وضع فؤاد يده على قلبه حين سمع ما قالته رحيل، وحين تدارك خطورة الموقف صرخ بأعلى صوته:
-وســـــــــــــام
كسـ…ــر الباب وحاول الدخول لكن النار بكل مكان لا يرى إلا حطام ودخان..
“اللهم أعز الإسلام وانصر المستضعفين من المسلمين بكل مكان”
___________
وقفت رحيل بين الرجال تصرخ باسم وسام بانهيار، فسحبها محمود من ذراعها للأسفل وهي تحاول الإفلات من قبضته، فنظر لها وقال بحنق:
-بطلي مقاوحه وامشي بقا
سلمها لمريم “ابنة عمه” وفرح وهو يقول لاهثًا:
-امسكوها دي مجنونه هترمي نفسها في النار…
نظرت مريم لرحيل المنهارة وسألته:
-مين دي؟
-دي صاحبة وسام
التفتت فرح حولها وسألته: هي فين وسام؟
حرك عينه بتوتر وأجابها بحسرة:
-وسام جوه
ركض للداخل وتركهما بصدمتهما، صاحتا مريم وفرح بنفس الوقت بهلع:
-جوه فين؟…. وســـام!
بدأ الجميع يصرخ باسمها ودب الرعب في القلوب، كانت رحيل تصرخ وتردد بهسترية:
-حرام تتحـ..ـرق مرتين…. والله حرام…. والله حرام
استغفروا ❣️
_______________
ومن ناحية أخرى… حين فتحت باب المرحاض ورأت النار تشتـ..ـعل أمامها تلتهم كل شيء وتتعالى أصوتها كأنها متلذذة بما تأكل، نظرت صوب باب الشقه الذي لم تره من أجيج النار لذا هرولت لتدخل الغرفة المجاورة، وفتحت باب الشرفة ثم وقفت بها وهي تصيح بأعلى صوتها:
-الحقــــــــوني..
التفتت تنظر للنار التي اقتربت من الغرفة، تذكرت الماضي، تذكرت ضحكات سالم الساخرة، تذكرت كل شيء، فبدأ لسانها يردد وهي تهز رأسها بعـ…ـنف وتصرخ باكية بانهيار:
-الحقــــوني… حرام عليك يا سالم!!

يتبع….

reaction:

تعليقات