رواية بين عالمين كاملة بقلم هنا عادل عبر مدونة كوكب الروايات
رواية بين عالمين الفصل الثالث 3
اتنفضت بخوف لكن للأسف لقيت نفسي فى اللحظة دي بفتح عيني وباصة للسقف، انا كنت نايمة!!! كنت بحلم؟!! معقول كل اللى حصل ده مش حقيقي؟! لاء مش عارفة بصراحة، مكنتش متأكدة من انه حلم، انا مقتنعة اني حسيت بكل لحظة فاتت عليا فى الموقف ده، فضلت متنحة للسقف وبفتكر منظر القطة وهي بتمشيني وراها، وهي واقفة على الباب وكأنها بتمنعنى اقرب منه، وهي بتزوم وبتاكل وحجمها بيكبر وكأن شخص ضخم واقف قصادي، لالالا يا جماعة الموقف لما يتحكى مختلف تماما عن انه يتعاش، برغم انه موقف غريب وممكن..لاء مش ممكن ده اكيد مخيف جدا كمان، الا انه حاسة بأستمتاع، لكن للحظة قولت لنفسي:
– يا شامية تفكيرك الكتير خلاكي تحطي نفسك مكان جدك ولا ايه؟
بصراحة كنت بتمنى يكون عايش ويحكيلي، ويعيشني التفاصيل اللى عاشها، قومت من سريري بسرعة لما سمعت صوت ابويا برة اوضتي وهو بيقول:
– هي شامية مقامتش تحضر الفطار ليه معاكي، انا هدخل اصحيها.
مركزتش مع رد امي عليه لأني قومت بسرعة من على السرير وقبل ما اطلع من الاوضة كان هو دخل ولما شافني قدامه ضحك وقاللي:
– صباح الخير يا ست هانم، عايزة الفطار يجيلك على السرير ولا ايه؟ دلعناكي احنا.
ضحكت وانا بقوله:
– صباح الخير يابا، معلش انا نمت بعد الفجر، بعد ما ….
قاطعني وقاللي:
– وايه اللى مصحيكي لحد بعد الفجر يا شامية؟ من امتى بنسهر لوش الصبح؟
– بلعت ريقي وقولتله:
– مش انت يابا اللى دخلت قولتلي احط اكل لقطة؟
ابويا بص ليا واستغرب:
– دخلت ايه؟ وقط ايه يا بت يا خرفانة انتي؟ اتغطي كويس وانتي نايمة يا شامية، واخر مرة تفضلي صاحية لبعد العشا.
اتوترت وقولتله:
– اااه..ااه يظهر عليا كنت بحلم ولا ايه، ماشي يابا مش هسهر…
قاطعني صوت امي اللى شغلتني شوية عن تفكيري:
– يلا يا شامية علشان تحطي الاكل، اخوكي هيوصلك النهاردة للمدرسة.
استأذنت من ابويا وطلعت وهو طلع ورايا وسامعاه بيقول:
– خلفة البنات واللى عايزينها، دلع فارغ.
كان بيقولها وبيضحك، انا زى ما تقولوا كده عند ابويا الفاكهة بتاعت البيت زى ما علطول يقولي، لكن هو مش بيحب الحال المايل ابدا، ولما يحس مني بشوية دلع لازم بقسى شوية علشان يخاف عليا اتمايع ولا اتعلم العوجان ولا الحال المايل، روحت لأمي المطبخ واخدت منها الاطباق وحطيتها على الطبلية واتجمعنا كلنا على الفطار، عارفين انتم اللى عاش زمان عارف حلاوة اللمة على طبلية واحدة، دلوقتي الحال اتغير وده مبقاش حد يحس بيه، الهموم والغلا اللى بقينا فيه ضيع حلاوة كل حاجة، الحال بتاع الدنيا من حوالينا خلانا مش قادرين نحس بالدفا بتاع زمان ولا الحنية ولا الألفة، احساس مكنتش بحس بيه غير على طبلية ابويا، حتى لما كبرت او لما اتجوزت لأني متجوزتش كبيرة…برضو محسيتش باللي كنت بحس بيه عند ابويا وفى لمتنا مع بعض، حنية امي وشهامة ابويا وطيبته، واخواتي وسندهم ليا علطول وخوفهم عليا، كل الحاجات الحلوة دي كانت بتبان فى اللمة بتاعتنا ساعة الصبحية، وعلى الغدا وحتى فى شوية الدردشة اللى قبل النوم وكل واحد بيحكي يومه كان عامل ازاي، مشيت الدنيا عادية من غير جديد لكن كل ما ادخل اوضتي احس فيها بريحة حلووووة…ريحة محدش بيشمها غيري، ومش فى اي مكان فى البيت غير اوضتي، وكنت كل ما اجي راجعة من المدرسة لو لواحدي وانا طالعة البيت احس ان فيه ضوء خارج من فراغات الباب اللى تحت السلم، لكن القطة اللى اكلتها فى الحلم…او فى الحقيقة مبقاش لها اثر من يوم اللى حصل، لحد ما في يوم رجعت من المدرسة ولقيت جيران من البيت عند امي وشكلهم كلهم غريب…كل واحدة فيهم على وشها علامات غير التانية، جريت ناحية امي وقعدت جنبها وانا بقولها:
– في ايه ياما؟
قبل ما ترد عليا كانت الست زهرة جارتنا بترد عليا وبتقولي:
– عمك عبده ابن ام عبده اللى قاعد فى الاوضة اللى فى المدخل، اختفى من اوضته بقاله كام يوم مع انه كان راقد ومبيتحركش.
رديت بتلقائية:
– طيب مش يمكن حد من قرايبه عرف انه عيان وجه اخده عنده؟
ردت خالتي ام نجوى:
– قرايب ايه يابنتي بس؟ ده من يوم وفاة امه محدش دق على بابه، الظاهر اللى عاشقاه خدته معاها.
استغربت الكلمة ولسه هسأل، لقيت الحاجة فتحية بتقول:
– ياولية هتاخده معاها فين بس؟ ما هي لو عايزة تاخده كانت عملت كده من ساعة ما ظهرتله…
امي بسرعة ردت وقالت:
– الله اعلم باللي فى الغيب، برضو لما ييجي الحاج هقوله ولو يعرف حد من اهله يبقى يسأل عليه، اصل يعني لو جراله حاجة يبقى ايه اللى يخليه يختفي؟ كنا هندخل اوضته نلاقيه ميت فيها.
رديت انا:
– وعرفتوا ازاي انه اختفى؟
ردت ام نجوى وقالت:
– عمك ابو سالم جوز هويدا قال يروح يطمن عليه ويدخله لقمة لانه عارف انه لواحده وعيان، خبط على الباب لما ايديه اتخلعت وبعدين هو وعمك خميس كسروا الباب خافوا يكون مات على حاله، لكن مالهوش اثر ياختي، فص ملح وداب، وحاجته كلها فى الاوضة زي ما هي.
طبعا لأن امي عارفة مدى فضولي قررت تقفل على الكلام وهي بتقول:
– خلاص يا ستات يرجع الحاج ويقعد مع الرجالة ويشوفوا ايه اللى حصل، لعله يكون خير، بلاش بس احنا نفضل نتكلم ونقول اللى نعرفه واللى منعرفهوش.
الستات استأذنوا ومشوا وانا قبل ما انطق امي قالتلي:
– ادخل غيري هدومك وتعالي ساعديني فى الغدا.
رديت عليها:
– بس ياما….
قاطعتني:
– بلاش كتر كلام يا شامية خلينا نخلص قبل ابوكي ما يرجع.
دخلت اوضتي اغير هدومي بس هتجنن واعرف يعني ايه اللى عشقاه خدته معاها؟ بلف حوالين نفسي وروحت عند التسريحة وقفت قصاد مرايتي وقولت:
– هو امتى بقى لما حد يتكلم قصادي فى حكاية يكملها؟ ليه لازم كل حاجة معرفهاش كاملة كده؟
سمعت الصوت فى ودني وهو بيقولي:
– انا اللى هعرفك كل حاجة كاملة، بلاش تسألي، بلاش تتكلمي كتير، كل ليلة من بعد العشا لحد قبل الفجر صلي على قد ما تقدري، وفى كل ليلة هيجد جديد، ومتتكلميش كتير.
مش عايزة اقولكم كنت ازاي بتمنى ان الصوت ده ميتقطعش، كنت عايزة الصوت ده يفضل يتكرر، مجرد ما رن فى ودني حسيت وكأن حد خدني فى حضنه وطبطب عليا، صوت حنين اوي، ووجود الصوت ده اكدلي حاجة مهمة، ان اللى حصل مع القطة ده مكانش حلم، هو اه انا مستغربة ازاي ابويا مجابش سيرة الموضوع ده، وكمان مستغربة انه شاف اني كنت بحلم لما قولتله انه دخل قاللي احط اكل للقطة، لكن مش مهم، المهم ان فعلا فيه صوت، المهم ان فيه حاجة حواليا انا حاسة بيها برغم اني مش شايفاها، انا لا مجنونة ولا بحلم، وطلبهم مش صعب، ده صلاة، يعني من اهم الحاجات المريحة اللى ممكن تتطلب، غيرت هدومي وطلعت من الاوضة وانا ساكتة تماما بس حاسة بسعادة كده جوايا، امي نفسها استغربت وقالتلي:
– ما اسكت الله لكِ حساَ، مبتسأليش يعني؟
رديت على امي:
– انا مالي بقى باللي بيحصل ياما؟ خليني فى حالي واللى عايزاني اعرفه عرفهولي، واللى مش عايزاني اعرفه مش هسأل فيه.
لقيتها استغربتني وبصت ليا بتركيز:
– سبحان الله، شاطرة ياختي، خليكي كده علطول بقى، وادعي انه يكون خير.
ضحكت وقولتلها وانا بفصص الفاصوليا الخضرا:
– ان شاء الله خير ياما.
فات اليوم كله زي كل يوم، عمي جه قعد معانا شوية ورجالة البيت طلعوا قعدوا مع ابويا وابتدوا يتكلموا فى موضوع عم عبده، طبعا رجالة فى البيت يبقى مينفعش حد فينا يظهر فى البيت، علشان كده استغليت الوقت ده واتوضيت وصليت، صليت كتيررررر كتير جدا بس لأول مرة فى حياتي احس ان انا بردد الايات اللى بصلي بيها ورا حد، ايوة انا كنت بقرأ القرأن ورا حد مش انا اللى بقوله من نفسي، مفيش حد ولا فيه صوت لكن انا فى ودني الايات وبرددها، مش عارفة فات قد ايه وانا على الحال ده، لكن انا تقريبا فاكرة اني صليت لحد ما نمت، وفتحت عيني وانا قدام عم عبده..اه عم عبده كان قاعد قدامي ومبتسم وصحته زى البومب، دي صحة واحد فى سن اخواتي مش صحة واحد كان راقد من المرض، لقيته بيقولي:
– روحت معاها يا شامية، بعد سنين كنت مأجل ده علشان امي اخيرا روحت، الدنيا التانية اللى اتفتحت ليا من يوم ما جيت بيتكم، انا متجوز ملكة من ملوكهم، كان لازم ييجي الوقت اللى اروح معاها، وجالي الامر بأني احكيلك انتي دوناَ عن اي حد تاني فى الدنيا، بيتكم ده الجنة بتاعتي اللى عيشت فيها سنين مكنتش هعيشها فى مكان تاني، واخيرا بقى هو الباب اللى دخلت منه على نعيم وحياة كانت ابعد حتى من احلامي، مش مسموح ليا اقولك اكتر من كده، لكن انتي مميزة، ومتشافة عندهم، وعرفت ان انتي هيكون ليكي مكانة مختلفة حتى عن مكانة جدك عندهم.
قال كده وحسيت ان روحي كانت مش فى جسمي ورجعت فجأة، فتحت عيني وانا على سجادة الصلاة وجسمي ارتجف واتهز كأني اتكهربت، انا مكنتش خايفة، ومستغربتش، ومقولتش ده حلم، بس فتحت عيني ولقيت نفسي على سجادة الصلاة وقولت لنفسي:
– كل اللى جاي اسرار، كل اللى جاي ليا وبس.
لميت سجادتي وروحت سريري نمت لحد الصبح، على الحال ده فترة طويلة احس بيهم حواليا، اعرف حاجات بتحصل بالتفصيل من اصحابها وانا شبه نايمة، كل الحاجات اللى بتتقال قدامي منها عناوين بقيت انا على علم بكل تفاصيلها لكن بحتفظ بيها لنفسي، لحد ما خلصت السنة ولقيت امي داخلة بتقولي:
– يوم الجمعة عمك جاي يطلبك لأسماعيل، مبروك يا حبيبتي، كبرتي يا شامية وبقيتي عروسة.
مفرحتش ومزعلتش، انا كده كده من زمان وانا عارفة اني هتجوز اسماعيل، وكمان فكرة ان ده هيكون بناء عن رغبة القبيلة او رغبة جدي اللى كان تحت حراستهم فدي حاجة عجباني الحقيقة، ضحكت من غير ما اقول حاجة، لكن فى الليلة دي لقيت حاجة غريبة قبل ما انام، كنت على سريري لما لقيت قصادي بالظبط واقفة على حرف البطانية القطة اياها….اه كانت واقفة على سريري بثبات وبصالي بتركيز وانا مش عارفة اصلا هي ظهرت امتى وازاي ومنين، اتعدلت فى القاعدة بسرعة بعد ما كنت نايمة وبصيتلها بتركيز واحساس شوية بالجنان من اني بتكلم مع قطة وقولتلها:
– انتي ايه حكايتك؟ انتي جيتي منين؟
يتبع…
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية بين عالمين ) اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق