رواية مصطفى أبوحجر كاملة بقلم آلاء حسن عبر مدونة كوكب الروايات
رواية مصطفى أبوحجر الفصل الثالث عشر 13
لم يستطع مصطفى تفسير ما حدث ولا سبب انتهاء المكالمة على هذا النحو دون مُقدمات، إلا إنه أرجع ذلك إلى نفاذ بطارية هاتفها أو ضعف الإشارة بداخل منزلها، فقام بالاتصال بها عدة مرات لكن دون فائدة ..
وفى أثناء ذلك أتاه اتصال من إحدى دور النشر التي يعرفها فأجاب بذهن شارد :
_ أستاذ مينا ..
أجابه الطرف الآخر على الفور :
_ كاتبنا الكبير صاحب الابداعات ..
ثم استطرد دون انقطاع :
_ أولًا أحب أهنيك على روايتك في المعرض اللي فات واللي كسرت الدنيا ..
ثانيًا بقى أنا يشرفني إننا نتعاون مع بعض ويبقى من نصيب الدار بتاعتنا إنها تنشر روايتك الجديدة …
أجاب مصطفى بجدية :
_ الشرف ليا .. بس الرواية الجديدة لسة شوية عليها …
أجابه المُتصل دون تفكير :
_ حتى لو لسة مكملتش إحنا عاوزين نمضى عقدها من دلوقتي، الحقيقة ياأستاذ إنها طفرة في مستوى كتباتك وأنت ابدعت فيها ..
أجابه مصطفى باقتضاب وقد فهم ما يرمي إليه :
_ آه ..
قال مينا بإلحاح :
_ ها ياأستاذنا مش هتديني كلمة ..
مصطفى بجدية :
_ لسة مش بفكر في نشرها حاليًا، هكلمك لو جد جديد ..
أجابه المُتصل بتفهم :
_ وتحنا تحت أمرك في أي وقت .. ده كفاية اسمك اللي زي الدهب في السوق، لو حطيناه هو بس على غلاف كتاب فاضي هيتباع في ثواني ..
مصطفى بضيق واضح :
_ أنا شاكر ليك ياأستاذ مينا وإن شاء الله لو حصل نصيب هكلمك …
أغلق مصطفى هاتفه بتأفف قبل أن يشرد بذهنه في تلك الورطة التي لم يحسب حسابها، فذلك هو العرض الثالث الذى يأتيه لطباعة رواية شمس مُعتقدين أنها من كتاباته، ليس هُم فحسب بل جميع من يُعلقون على فصول الرواية ينسبون الفضل إليه في اختيار الفكرة وتنفيذها بتلك السلاسة بأسلوبه المُتميز، وهو لم تواتيه الجُرأة لنفى ذلك وكأنه يستمتع بكلمات الإطراء فحسب خاصة مع عدم اعتراض صاحبتها التي أخبرها باقتراب موعد الإعلان عن ملكيتها للرواية، إلا إنها حتى لم تأبه لذلك ولم تتساءل يومًا عن ذلك اليوم الذى طال انتظاره، هو حتى لم يشعر بغيرتها وضيقها من نسب جهودها إليه، وتساءل كثيرًا بداخله لِما لم تتملكها إحدى نوبات جنون النساء وتُصر على الاعلان في الحال على إنها هي صاحبة ذلك العمل المُتميز ؟
ألهذه الدرجة تثق به وتُسلمه زمام أمرها دون خوف أو قلق؟
إن الأمر قد تخطى حدود الإعجاب بكاتب عشقت قلمه، بل أن الأمر يندرج الآن تحت مُسمى شعور أسمى وأنبل من أي شيء .. إنه الحُب ..
لكن ..
بماذا تُسمى تلك العاطفة التي تجذبه إليها ؟ هو يعترف بداخله إنه قد تخطى مرحلة الإعجاب هو الآخر، يتملكه الإحساس بالتعلق بكل تفصيلة من تفاصيلها، وكأنها قد اصبحت إدمان بالنسبة إليه لا يكتمل يومه بدونها، كلماته إليها اليوم خرجت منه دون تفكير وكأن قلبه هو من تحدث دون إذنه، وعلى عكس ما توقع لا يشعر بالندم إذاء تلفظه بتلك الكلمات بل يُسيطر عليه الإحساس بالارتياح والصفاء وكأنه أزال عٍبئًا عن كاهله ..
حل اليوم التالي عليه دون استطاعته التواصل معها أو معرفة سبب اختفائها على هذا النحو، إلا أن عقله كان مُنشغل بذلك الموعد الذى سيُحقق له حلمه الذى طال انتظاره، ففي تمام الخامسة مساءًا وقبل مغيب الشمس كان يصطف بسيارته أمام هذا المبنى المُتفرد بذاته كما حددته له المُتحدثة من قبل ..
ترجل من سيارته وقام بإغلاق زر بدلته الرمادية الأنيقة، قبل أن يتوقف لبضع لحظات مُتوجهًا بأنظاره إلى الأعلى حيثُ الواجهة التي اصطفت حروفها باللغة العربية والإنجليزية على التوالي مُعلنة عن اسم وهوية ذلك الكيان ..
خرجت نظرة ثاقبة من سوداويتيه بينما طغى على ملامح وجهه الجامدة الجدية والثبات أثناء عبوره الحاجز الأمني للبوابة الالكترونية، وفى تلك اللحظة آتاه اتصال هاتفي منها تُخبره بالصعود إلى الدور الثالث والتوجه رأسًا إلى مكتب نائب المدير التنفيذي للشركة ..
توجه هو إلى حيثُ أخبرته وبعد بضع دقائق كان يقف في بداية ممر طويل يتفرع منه عدة ممرات ثانوية أُخرى، فتملكته الحيرة لبضع لحظات لاختيار الطريق الذى عليه أن يسلكه، ولم يجد من الموظفين من يُساعده فى الوصول إلى مُبتغاه وكأنه بداخل كيان مهجور لا يعمل داخله أحد، لكن لفت انتباهه ذلك الصوت الذكوري الذى يقترب والقادم من إحدى الممرات الثانوية حيثُ اتبعه عدة كلمات مُقتضبة أُنثوية، لكن سُرعان ما ظهر صاحبي الأصوات أمامه على بُعد عدة خطوات منه في الممر الرئيسي، فكان المُتحدث رجل أنيق ذو نظارة طبية يبدو أنه ذو مكانة مرموقة في الشركة تتبعه فتاة في العشرين من عُمرها تُمسك دفتر مُلاحظات تُدون بداخله ما يأمرها به ..
تابع مصطفى سيره ومر إلى جانب ذلك الرجل دون النظر إليه لكنه أوقف الفتاة بأدب يسألها عن وجهته فأرشدته بابتسامة لطيفة قبل أن تعدو للحاق برب عملها ..
اكمل مصطفى طريقه المُعاكس لطريقهما إلى أن وصل إلى المكتب المنشود، وبعد بضع دقائق كان يقف في مُقابلة صاحبة الصوت الأنثوي بعدما اجتاز مكتب السكرتارية الخاصة بها، لتستقبله صاحبة الشعر القرمزي بجسدها الممشوق ووجهها المرسوم بعناية قائلة بغنجها المُعتاد وكأنها تُعلن انتصارها :
_ مش قولتلك هنتقابل تانى ..
******************************
أصدر مِقعده صوت صرير واضح فور جلوسه أعلاه بتلك العصبية التي ملأت أفعاله، وخرجت زفراته حارقة وكأنه على وشك الانفجار وهو يقول بحنق مكتوم :
_ أهو ده اللي كُنت خايف منه ..
حاولت رفيقته التخفيف من ضيقه مُعلقة :
_ طيب بس هدي نفسك الموضوع مش مستاهل ..
لكنه ضرب المكتب بقبضته قائلًا بعصبية واضحة :
_ الهانم أبوها فاتحلها الشركة عشان تمثل ..
ابتسمت وكيلة اعماله والتي لم تكن سوى (جيداء) بهدوء واقتربت منه بضع خطوات قائلة بعملية :
_ مفيش مُشكلة وملهاش حل وبعدين هي متقدرش تعمل حاجة من غير موافقتك .. إحنا بينا عقود ..
خرجت ضحكة قصيرة ساخرة من بين شفتيه مُعلقًا :
_ عقود .. هههه … إنتى ناسية النسبة والكام شرط التعجيزي اللي محطوطين ..
أجابته بصوت واثق مُمتلئ بالحنان :
_ لا ياأسامة أنت اللي ناسي الشرط اللي ضيفناه، إن في حالة تصميم أى طرف على إنتاج عمل معين دون رغبة أو اقتناع الطرف الآخر؛ والعمل ده فشل فالطرف الأولاني هو اللي هيتحمل الخسارة كاملة ..
التمعت عيني أسامة لبضع ثوان قبل أن يقول بكلمات لم تخلو من الضيق :
_ بس في الآخر هيبقى اسمه عمل من أعمال شركتي، وأنا مقبلش يتحط اسمى في عمل هابط بالشكل ده مهما كانت أرباحه ومكاسبه ..
ثُم صمت لبضع ثوانِ قبل أن يُطرق برأسه أرضًا مُضيفًا بصدق :
_ جيداء الشركة دي تُعتبر حلمي اللي كنت بحلمه طول السنين اللي فاتت واللي حطيت فيه كل مليم حوشته وكل اللي اتعلمته عشان أحقق الحلم ده وأقدر أطلع أعمال نضيفة ترتقى بالناس وتطلعهم من الضلمة اللي عايشين فيها، كان نفسى أطلع فن حقيقي يحسوا بالسعادة لما يشوفوه، طول عمرى بكره فكرة أفلام المقاولات وبحاربها، اقوم أول فيلم أعمله يبقى كده ! لا وكمان لواحدة مبتعرفش تمثل أساسًا …
عم الصمت لبضع لحظات انفطر فيها قلب المُستمعة لحُزنه الواضح قبل أن يُضيف المُتحدث بسخرية :
_ ثُم إيه الكاتب اللي عاوزة تجيبه ده، بدل ما تختار رواية من روايات كُتاب ليهم قيمة، على الأقل يدوا ثِقل للفيلم، ميبقاش هابط من جميع النواحي ..
ربتت جيداء على إحدى كتفيه برفق مُجيبة :
_ بس أعتقد إن مصطفى أبو حجر كويس، سمعت عنه كتير الفترة اللي فاتت، وبعدين إحنا فيها تقدر تقرا الأول أعماله وتشوف الرواية اللي هي اختارتها، يمكن تكون حاجة كويسة وفى إيدينا نعدل في السيناريو لو معجبكش …
ارتفعت أنظاره إليها بعدم اقتناع لكنها أضافت بحماس مُمتلئ بالمرح :
_ ليك عليا ياسيدي من النهاردة أبدأ اقراله وأقولك رأيي فيه بكُل صراحة ..
ثم أضافت غامزة :
_ مش أنت بتثق في رأيي بردو !
ثبت أنظاره عليها لفترة ليست بالقليلة وكأنه قد شرد بتفاصيل وجهها الهادئ الجميل فاشرأبت وجنتيها بالحمار في الحال واخفضت نظرها عنه بينما هو استمر فى التأمل دون أن يشعر، فكُل مآبها يُذكره بوالدته الراحلة ..
لقد كانت كثيرة الشبه بأُمه، خاصة بشرتها القمحية تلك والأقرب إلى السمار، فلم يَكُن أبرز ما فيها جمالها رغمًا عن تواجده بوفرة في قسماتها الأنثوية، إلا أن ذلك الهدوء الذى يشع منها كان أكثر بروزًا ووضوحًا، هدوء يتضح في صوتها الخفيض وابتسامتها الرقيقة ونظرات عينيها الحالمة وحديثها المسترخي العَف، فهو هدوء يدفعك إلى احترامها والاطمئنان إليها والثقة بها، وكان لها بعض المُصطلحات والكلمات الحانية التي تنطق بها بين كُل حين والآخر وكأنها تُربت عليه بعطف وتَشُد من أزره، تمامًا كما كانت تفعل والدته ..
في النهاية وعقب شعوره بالحنين داخله، انفرجت شفتيه عن ابتسامة واسعة شاكرة مُمتلئة بالامتنان لتواجدها بجواره ومحاولتها الدائمة للتخفيف عنه، فقال بصوت نابع من قلبه مُتناسيًا جواب سؤالها الذى طرحته عليه مُنذُ دقائق :
_ شكرًا ..
عبست جيداء بغير فهم مُحاولة تفسير سبب ذلك الشُكر المُفاجئ، إلا إن ملامحها سُرعان ما انفرجت عن ابتسامة واسعة مُرتعشة يشوبها الخجل قبل أن تحتل مقعدها السابق من جديد ..
*********
رغمًا عن تفاجأه، إلا إنه تقدم إلى أقرب مِقعد مُريح بخطوات ثابته واثقة لم تهتز، وأحتله بهدوء واضعًا ساق فوق أُخرى قبل أن يرسم ابتسامة بالغ في إظهار زيفها وهو يرمقها بنظرة طويلة قبل أن يلتفت إلى تلك اللوحة الزجاجية مُستطيلة الشكل أعلى مكتبها ويقرأها بصوت مسموع قائلًا باستخفاف :
_ لينا الوهداني ..
كانت فتاة المطعم تلك تقف على بُعد خطوات منه مُرحبة قبل أن يتجاهلها هو ويتجه للجلوس، لكنها سُرعان ما ابتلعت خيبتها وظهر على ملامحها علامات الظفر وهى تنظر إليه بانتصار وتتوجه إلى مقعدها خلف مكتبها الزجاجي راسمة ابتسامة خيلاء أعلى محياها، مُنتظرة سماع كلمات الإطراء المُختلطة بالدهشة تخرج من بين شفتيه إلا إنه فاجئها بتساؤله الساخر :
_ آه .. هو انتي بقى ..
تلاشت ابتسامتها في الحال وقالت بحنق واضح :
_ كويس إنك لسة فاكرني ..
أخرج مصطفى علبة سجائره على مهل واشعل إحداها بهدوء مُجيبًا باستفزاز مُتعمد :
_ الحقيقة مكنتش فاكرك لحد ما قريت الاسم ..
سيطرت لينا على أعصابها، وتصنعت اللامُبالاة قبل أن تتكأ على مكتبها بإغراء وتمُد جزعها العلوى للأمام قائلة بصوت رقيق يحمل بين طياته الكثير من العتاب مُحاولة إخفاء غيظها :
_ وهو أنا اتنسى بردو !
القى عليها نظرة جانبية طويلة قبل أن ينفث دُخان سيجارته في وجهها مُجيبًا بخفوت :
_ وإيه المُهم فيكى عشان افتكرك ..
اشتعل وجهها غضبًا وتراجعت إلى الوراء بعصبية واستندت على ظهر مقعدها قبل أن تضع ساقًا فوق أُخرى قائلة بثقة مهزوزة :
_ بس من هِنا ورايح أكيد هتفتكرني كويس ..
زاغ بصره على مُنحنياتها الواضحة أمامه قبل أن يقول بخُبث :
_ كُل شيء جايز.. بس ياترى إيه اللي هفتكره فيكى !
لاحظت هي نظراته تلك فاسترجعت ثقتها التي كانت قد فقدتها مُنذُ دقائق، فقالت بنبرة ناعمة غالت فى تصنع رقتها :
_ أنا مُتأكدة إنك مش هتنساني لحظة واحدة بعد كدة خصوصًا لما ….
صمتت لبضع لحظات قبل أن تتكأ على مكتبها من جديد وتتنهد بصوت مسمع مُكملة :
_ خصوصًا لما تعرف العرض اللي أنا مقدماهولك ..
حاول مصطفى السيطرة على حماسه وفضوله الذى عزز عليه النوم طوال الليلة الفائتة، فقال بجمود يُخفى وراءه ما يختلج نفسه :
_ سامعك .
ظهرت التماعه واضحة داخل عدستيها وهى تقول بطريقة حاولت اخراجها مهنية جادة وكأنها على شفا تفجير مفاجأة :
_ شركتنا قررت تحول رواية من رواياتك لفيلم ..
قاطعها ساخرًا :
_ واللي هتكوني إنتى بطلته طبعًا ..
تلك المرة لم تتأثر بتهكمه بل قالت وكأنها تُدرك ما بداخله :
_ مش مهم مين الأبطال .. المُهم إن اسمك هيظهر على الشاشة..
حرك مصطفى ذراعه بهدوء واضعًا ما تبقى من سيجارته داخل المنفضة الموضوعة أعلى المنضدة الصغيرة أمامه قائلًا بجدية بعد أن ضغط عليها بقوة حتى انطفأت تمامًا :
_ إزاى مش مهم ! أنا لا يمكن اغامر برواية ناجحة من رواياتي، وأعرضها للفشل واسمح لأى حد إنه يأدي الدور ..
أجابته بخُبث :
_ كُنت فاكراك واثق في قدراتك أكتر من كده ..
ثم أضافت مُوضحة :
_ السيناريو الحلو هو اللي بيحدد إذا كان الفيلم هينجح ولا لا ..
لم تهتز ثقته بنفسه بل أجابها ساخرًا :
_ والله ثقتي في قدراتي الدليل عليها إنكوا أنتوا اللي عارضين تشتروا رواية من رواياتي مش العكس ..
رفعت لينا إحدى حاجبيها بتحد وهى تتأرجح بمقعدها يُمنةً ويسارًا قائله بهدوء :
_ واعتقد بردو إن احنا أول شركة إنتاج تعرض عليك العرض ده .. رغم …
رمقته بنظرة قصيرة قبل أن تقول بكيد نسوي واضح :
_ رغم يعنى إن موجود في السوق اللي أصغر منك سنًا وأعماله مكسرة الدُنيا، لا واتعمله فيلم واتنين وتلاتة وبقى ليه اسمه اللي بيتباع بيه، إنما انت سوري يعنى .. بقالك أعتقد عشرين سنة بتكتب وزي ما أنت محلك سر ..
لقد بدا من المُستحيل استفزازه وإخراجه عن هدوءه الدائم، حيثُ لاحت ابتسامة جانبية على شفتيه مُجيبًا :
_ طيب وياترى مروحتيش ليه للي كتاباته مكسرة الدنيا، وزودتوله حجم أعماله السينمائيه ..
هزت لينا كتفيها بلا مُبالاة قائلة وكأن تمتلك الأرض بمن عليها :
_ عشان أنا عاوزة كده ..
ضيق مصطفى عينيه الثاقبتين بحذر قبل أن يتساءل :
_ واشمعنى اخترتيني أنا بالذات رغم إني ..
خرجت كلماته ساخرة مُقللة من شأنها وهو يقول :
_ رغم إني أعتقد إنك ملكيش في القراية ولا عُمرك قريتي حرف واحد من اللي كتبته ..
مالت لينا إلى الأمام بجسدها من جديد قائلة بهمس دون خجل :
_ برافو عليك أنا مليش في القراية فعلًا .. بس .. ليا في ال …..
ثُم أضافت غامزة :
_ في التمثيل ..
مال إحدى جانبي فمه بسخرية دون أن يُجيبها، بينما هي غادرت مكتبها وألتفت من حوله قبل أن تجلس أعلى المقعد المُقابل لضيفها حتى تتمكن من الاستعراض أكثر قائلة بنبرة ذات معنى :
_ ها إيه رأيك !
تحركت عيناه عليها صعودًا وهبوطًا باشمئزاز واضح قبل أن يتساءل بفم ملتوِ :
_ في إيه !
أجابته بجرأة لم يتوقعها :
_ فيا ..
لكنها ما لبثت أن استدركت :
_ ينفع أمثل في روايتك !
رمقها مصطفى بنظرة طويلة شاملة قبل أن يقول بجدية :
_ من جهة تنفعي فانتي تنفعي بس في دور فتاة ليل وللأسف أنا لسه مكتبتش حاجة زي كده تنفعلك …
استشاطت لينا غضبًا من وقاحة كلماته الجارحة، فهبت واقفة من مقعدها قائلة بتهديد :
_ الظاهر إنك نسيت إنك في مكتبي وممكن حالًا أطلب الجاردز يقوموا بالواجب معاك وميخلوش فيك حتة سليمة ..
إلا أن لهجتها سُرعان ما تغيرت للنقيض وأضافت بهدوء بعد أن جلست خلف مكتبها من جديد :
_ بس أنا مش هعمل كدة … عارف ليه !
مصطفى باستهزاء :
_ إيه هصعب عليكى مثلُا !
هزت رأسها نافية وهى تقول :
_ لا عشان عاجبني وعجباني طريقتك .. وعارفة ومتأكدة إنك هتوافق على العرض اللي هقدمهولك ..
ظهر نفاذ الصبر أعلى ملامحه الجامدة حيثُ قال بتأفف وهو ينظر إلى ساعته :
أجابته غامزة :
_ طب مش تعرف الأول أنا عاوزة انهى رواية !
زوى مصطفى ما بين حاجبيه بتساؤل دون أن ينطق، فأجابته هي على الفور وتلك الابتسامة المُنتصرة تُزين شفتيها ..
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية مصطفى أبوحجر) اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق