رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء كاملة بقلم سارة أسامة عبر مدونة كوكب الروايات
رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء الفصل الثامن 8
– تعرفوا أيه عن رِفقة..؟
سؤال ألقاهُ يعقوب بنفاذ صبر لكلًا مِن عبد الرحمن وآلاء الماثلان أمامه واللذان تفاجئا من صراحته..
هتف عبد الرحمن يتسائل بمكر:-
– ليه.!!
صاح يعقوب ببوادر غضب:-
– ما تخلص يا عبد الرحمن وبلاش الأسلوب ده معايا والبرود ده، أنا على أخري..
قال عبد الرحمن بتهكم:-
– سلامة أخرك يا يعقوب باشا، بس أنا معرفش حاجة عن آنسة رِفقة ألا إنها من رواد المطعم من فترة طويلة جدًا..
وجه يعقوب أنظاره لِألاء وقال بصوت صَلب والظنون تفتك به:-
– قولي إللي تعرفيه يا آنسة آلاء وياريت تكوني عارفة عنوان بيتها..
احتفظت آلاء بهدوءها وأردفت بقوة وشجاعة:-
– لما أعرف حضرتك عايز أيه من رِفقة، يعني أعرف النية خير ولا لأ..
رمقه عبد الرحمن بشماتة ورمق آلاء بتقدير على ما فعلت ليجعلوا يعقوب على شفا حافة الجنون والغضب، ألقى أحد المزهريات التي أمامه على طول ذراعه واستقام صارخًا بسخط من بين أسنانه:-
– مش محتاج أبرر لحد تصرفاتي ومش عايز أعرف منكم حاجة .. أنا هعرف كل حاجة بطريقتي..
وخرج وهالة من الغضب تحاوطه والأرض ترتج من أسفل أقدامه..
ركب سيارته بملامح وجه متشنجة وانطلق نحو منزله وبداخله عزم للوصول إليها والتخلص من تلك القبضة التي تُحيط قلبه..
وقبل أن يصل لقصر آل بدران ارتفع صوت رنين هاتفه، أخرجه وهو يزفر ليجد المتصل “كريم” اليد اليُمنى لِلبيبة بدران..
لوى ثغره وهو يُجيب بضجر:-
– خير يا كريم!!
أتى صوت كريم من الجهة الأخرى متوتر بعض الشيء:-
– بصراحة كنت عايز أقولك على حاجة يا يعقوب، بس أنا عارف إن دي خيانة لِلبيبة هانم بس مقدرتش أعمل كدا..
ضيق يعقوب عينيه وقال بتساؤل مهتم:-
– اتكلم عالطول يا كريم .. أيه إللي حصل..!!
– بصراحة يا يعقوب لبيبة هانم طلبت مني أوصل كل تحركات لها، كل حاجة إنت بتعملها، علاقاتك وشغلك .. بتقابل مين وبتعمل أيه..
وأي حاجة جديدة في حياتك وأي تفصيلة تكون عندها .. بصراحة أنا مش قادر أعمل كدا…
مقدرش أخون ثقتك إنت كمان بعد المعروف إللي عملته معايا … وبالذات لو وصلت الأخبار إللي عرفتها لِلهانم … الأخبار إللي تخصّ رِفقة، البنت مش حِمل لبيبة بدران ولا حِمل عمايلها…
اشتعل صدر يعقوب بالغضب وعاصفة عنيفة ضربت جدران قلبه وقد تحفزت كل خلية من خلايا جسده وقدح الغضب من عينيه وهو يقبض بشدة على المقود حتى ابيضت مفاصله، أردف ببطء كلماتٍ مُحذرة كانت تنفث سعيرًا بوجه مُقطب:-
– إياك يا كريم …إياك حروف اسم رِفقة تذكرها قدام لبيبة، اقسم برب العباد يا كريم لأكون مخلص عليك … لا لبيبة ولا إنت لسه تعرفوا يعقوب يقدر يعمل أيه..
أنا لسه محتفظ بهدوئي بس لو الموضوع وصل لها هحرق الكُل ومش هيهمني لا غالي ولا عزيز، ساعتها أقسم برب العزة هتشوفوا وش متعرفهوش أبدًا… مــــــفـــــــهــــــوم..
جأر بالكلمة الأخيرة بوجه محتقن نافر العروق ليسمع صوت كريم يقول بعتاب:-
– عيب يا يعقوب أمال أنا اتصلت بيكِ ليه، أنا بنبهك تاخد حذرك … واتأكد إن لبيبة هانم مش هتعرف أي حاجة تخص الموضوع ده أبدًا…
أردف يعقوب بنبرة متأججة بنار مُستعرة:-
– وأنا مش هسمح بغير كدا أصلًا…أتجوزها الأول بس وتبقى في حمايتي وتحت عيني وأنا ساعتها لا يهمني لبيبة ولا غيرها، هواجه بيها العالم كله..
وأغلق الهاتف وأكمل طريقه ليكون بعد دقائق أمام أبواب القصر الذي لا ينتمي إليه البتة..
أخذ يضربه بنظرات ناقمة وولج للداخل بخطوات مشتعلة..
– يعقوب فينك دا كله، بقالنا كتير بنتصل بيك موبايلك مقفول..!
استدار يعقوب برأسه يرميه بنظرات باردة مُقطب ما بين حاجبيه ثم أردف بلامبالاة صريحة:-
– أيوا ما أنا حاظر أسماءكم كلكم..
شحب وجه يامن شقيق يعقوب الأصغر وسرعان ما قال بإستياء:-
– أنا مش عارف ليه كل تصرفاتك دي يا يعقوب باشا، دا كله علشان إللي عملته تيتا وإن بابا وماما مكانوش معاك، ما دا كله لمصلحتك وليك بلاش أنانية وانسى بقا وخلينا نعيش أسرة واحدة..
اكتفى يعقوب بأن يرميه بنظرة نارية مشمئزة ثم أزاحه من طريقه ببرود وحِدة وأكمل سيره نحو الأعلى لكنه توقف على قول يامن:-
– مش تسلم على الضيوف الأول قبل ما تحبس نفسك، دي لبيبة هانم عزماهم مخصوص علشان خاطرك ومش بطلت إتصال بيك، أحرجتها أووي قدام ضيوفها وهي على أخرها..
لم يُلقي بالًا لحديثه وأوشك أن يُكمل طريقه لكنه توقف حين رأى جدته بصحبة فتاة ما … ورجل الأعمال “فاضل زكريا”، علم على الفور من تكون الفتاة..
أغمض أعينه بمعنى لا فائدة وألم فمازالت جدته تُصدق بأنه مازال سجينها، ألا تعلم أن السجّان يتمرد ويتجبر..
قالت لبيبة بهدوء وهي تنتصب في وقفتها بشموخ تتكأ على عصاها:-
– أهو يعقوب وصل … سلّم على فاضل بيه وبنته الآنسة غادة يا يعقوب..
قلب يعقوب عينيه والتفت يصافح الرجل بوقار وقال باقتضاب:-
– أهلًا وسهلًا .. نورت يا فاضل بيه..
بادله فاضل بوِدّ وأردف:-
– أهلًا بيك يا يعقوب يا ابني .. دا البيت منور بأهله..
تدخلت لبيبة تقول بوقارها المُعتاد:-
– زي ما قولتلك يا فاضل .. يعقوب أكيد كان عنده شغله علشان كدا اتأخر في الرجوع..
تسائل فاضل وهو يقول:-
– شكلك حريف شغل يا يعقوب، إنت استلمت الشركات بتاعة آل بدران..؟
وقبل أن تُجيب لبيبة بالإيجاب أسرع يعقوب يردف بحسم وتحدي:-
– لأ ومش هستلمها علشان عندي شغلي الخاص..
ناطحته لبيبة بنظرات قاتلة يتدحرج منها غضبٌ أعمى من تصرفاته التي أصبحت تضيق بها ذرعًا، ليُفجر يعقوب قنبلته بوجهها وهو يقول ببرود وبشبه إبتسامة باردة لم تصل لعينيه:-
– طب أنا بستأذنكم علشان هطلع أنام، وبأكد تاني البيت بيتكم يا فاضل بيه…
وصعد تحت نظرات فاضل المصدوم وابنته ولبيبة التي قبضت على عصاها بغضب ناري لتدارك الموقف بقولها الجامد الذي لا يلين حتى وإن كانت هي الطرف الخاطئ، فمَن يتمنى أن يُصاهر آل بدران ويُزوج ابنته بالوريث الأول لآل بدران، هو بالتأكيد الطرف الرابح وعليه أن يتحمل عواقب هذا الربح:-
– أكيد الفُرص جايه كتير وهنتقابل وهيكون في فرصة تجتمعوا مع يعقوب وغادة تقعد معاه ويتعرفوا…..
إن كنت تنتظر من لبيبة بدران أن تقدم إعتذار، فدعني أُخبرك بأنه سُحقًا لأحلام البُسطاء عزيزي؛ فحروف الإعتذار لم تمرّ يومًا على لسان تلك المُتعجرفة “لبيبة بدران”!!
شعر فاضل بالإهانة وكظم غيظه فبالمقابل هذا الزواج وتلك المصاهرة ستعود عليه بالكثير بل بالكثير جدًا والذي لا يحلم به، فيكفي أن يرتبط اسمه بآل بدران..
في الأعلى بداخل غرفة يعقوب، وقف خلف الشُرفة يتأمل السماء بنظرات شاردة ويتنهد تنهيدات ثقيلة، لا يعلم لماذا تلك القبضة تقبع على قلبه…!!
التفت ينظر لشاشة حاسوبه المحمول المُنير بصورة رِفقة المُبتسمة، أغمض عينيه وهو يشعر بالضعف وهمس بداخله وهو ينظر للسماء:-
– أنا أول مرة أطلب منك طلب، بترجاك تحفظها وتفتحلي الطريق لها وتقولي أعمل أيه..!!
وليه أنا قلبي مقبوض كدا!!!
لم يشعر حينها يعقوب بتلك الأعين المتلصصة والتي وقعت على شاشة الحاسوب بتعجب شديد وصدمة وتسائل اخترق أذنه وأخرجه من شروده..
– يعقوب مين البنت دي..؟!
________بقلم/سارة نيل________
وقفت رِفقة وكادت أن تتحرك لكنها شعرت بشيء أثار رِيبتها، ثمة تيار هواء بارد يصطدم بأقدامها من الأسفل..
كيف هذا؟!
جلست ببطء ومدت قدمها بهدوء وحذر للأمام للتفاجئ بقدمها معلقة في الهواء، شهقت بخوف وهي تعود للخلف مسرعة برعب..
إذًا الشرفة ليس لها جدار!!!
عادت رِفقة تزحف للخلف وأخذت تُغلق باب الشُرفة بإحكام..
كانت تتنفس بسرعة وصدرها يعلو ويهبط لتجثم على ركبتيها باكية وتهمس بإمتنان:-
– شكرًا يارب … اللهم لك الحمد يارب العالمين، إنت أنقذتني يارب لولا الهوا إللي حسيت بيه شديد على رجلي كان زماني دلوقتي……
صمتت وهي تتخيل الموقف لتُغطي وجهها بكفيها باكية وتقول من بين شهقاتها:-
– كان زماني وقعت دلوقتي من البلكونة…
لُطفك يارب… اللهم لك الحمد حمدًا يليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك..
لكنها تذكرت شيء لتقول باستنكار:-
– إزاي طنط عفاف مقاليتش حاجة زي دي ليا، إزاي مش تحذرني وأكيد هي شايفة الشقة..!!
تنهدت بثقل لتقول وهي تتحسس ساعة اليد الخاصة بها:-
– دلوقتي أنا فاتتني صلوات .. أصلي إزاي دلوقتي، لا أعرف اتجاه القِبلة ولا مكان الحمام..
ربنا يسامحني بقاا، وإن شاء الله لما طنط عفاف تيجي بكرا هخليها تعرفني على الشقة وقِبلة الصلاة وهصلي إللي فاتني..
دلوقتي أسلم حلّ إن أنام علشان أنا تعبت جدًا..
وسارت تتحسس الأرجاء حتى وجدت الفراش، تمددت فوقه بعد أن أزالت حجابها وتركته جانب رأسها، لكنها وجدت الفراش بدون شرشف ولا دِثار…
استقامت تبحث عن أي غطاء لكن دون فائدة، لا شيء…
زفرت بإحباط قائلة:-
– دا حتى شنطة هدومي مش عارفة طنط عفاف حطيتها فين علشان أغير لبسي.!!
تحسست ملابسها لتُخرج هاتفها وظلت تضغط على الأزرار لكن لم يصدر عنه أي صوت لتكتشف نفاذ البطارية..
– كمان خلص شحن …دلوقتي مستحيل أوصل لمكان الشاحن ومش عارفة إذا كان في شنطة الهدوم ولا طنط عفاف نسيته…
بعد أن يأست من الوصول لشيء تمددت فوق الفراش متكومة على نفسها وتحتضن جسدها بذراعيها..
أغلقت عينيها لتأتي تلك الذكرى على إستحياء تُداعب عقلها وتلك الصدمة التي تلقتها اليوم من يعقوب….
ظلت تتذكر صوته وتُكرر سماع تلك الكلمات داخل عقلها، وبتلقائية وبدون شعور منها تولدت إبتسامة دافئة فوق شفتيها..
خرجت من تلك الذكرى لتتذكر كيف دافع عنها بذلك الموقف المشؤوم..
شعور دافئ مجهول أجنبيٌ عنها تتذوقه للمرة الأولى بعد إختفاء والديها …. ألا وهو الشعور بالأمان..
همست بحيرة قبل أن تغفو وتسحبها دوامة النوم داخلها:-
– يا ترى يقصد أيه، وأيه السبب التاني إللي عايز يتجوزني علشانه وإللي قالي هتعرفيه بعدين!!!
وقف كلًا من عفاف وبناتها الاثنين ينظرون لهذا المجهول بدهشة شديدة ويتأملانه بدقة يتعجبون من وجود مثل هذا الشخص بمنزلهم، شاب وسيم خشن الملامح تتجلى عليه سيمات الرجولة والشدة، راقي المظهر ويبدو عليه الثراء..
تسائلت عفاف بحيرة:-
– اتفضل يا أستاذ .. حضرتك طالب مين وعايز أيه!!
تنحنح يعقوب وقال بجدية وملامح وجه ثابتة:-
– أنا جاي أقابل الأستاذ عاطف .. في موضوع كله خير إن شاء الله..
ابتهج قلب عفاف وكذلك كلًا من شيرين وأمل معتقدين بأنه شاب جاء ليتقدم لخطبة أحدهم..
قالت عفاف بلهفة وسعادة:-
– اتفضل يا ابني …تقدر تقولي أيه بس الموضوع أصل الحاج عاطف مش هنا بس أنا أكيد هبلغه..
كانت أعينه تبحث عنها بلهفة لكن لا أثر لها، رمق تلك المرأة بشك وقال:-
– أنا جاي طالب القرب منه…
كادوا ثلاثتهم أن يُحلقوا من فرط السعادة وأصبحت كلًا من شيرين وأمل يدعون الله بداخلهم أن تكون هي المقصودة، أسرعت عفاف تقول بتساؤل:-
– أكيد يا ابني بيتنا مفتوح في أي وقت، بس معلش بس إستفسار … إنت طالب القرب في مين من البنات..
أردف يعقوب بعشق صافٍ:-
– رِفقة … أنا أطلب رِفقة للجواز على سنة الله ورسوله…
صاعقة بل موجة رعدية ضربت ثلاثتهم ليتخشبوا متوسعين الأعين غير مصدقين ما سمعوا والحقد يغلي بقلوبهم ليصرخوا ثلاثتهم بذات اللحظة بنبرة متبرمة بها شرّ وحقد واضح جعلت يعقوب يتيقن أن هُناك شيء خطأ في هذا المنزل…
– نــــــــــعـــــــــــم …. رِفــــــــقــــــــــة!!!!
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء ) اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق