رواية ساكن الضريح كاملة بقلم ميادة مأمون عبر مدونة كوكب الروايات
رواية ساكن الضريح الفصل الخامس و الثلاثون 35
كانت الاجواء بينهم كاشرارة خرجت من سلك شائك، صعدت الي غرفتها غير عابئه بأي منهم.
حتى لم تجلس معهم على مائدة الإفطار، و فضلت ان تجلس وحدها بغرفتها تستذكر دروسها.
هو أيضاً لم يهتم بها، فهي ليس لها أي حق في الرفض أو القبول، ولا حتى لها الحق في ان تغضب هكذا.
أتم افطاره معهم وذهب ليؤدي فرض العشاء في الضريح، بالأساس كان فرحاً من داخله بأنها أصبحت زوجته،
و بانها اثبتت دليل برائتها من كل ظنونه، ظل يصلي ويشكر ربه مدة لا بأس بها، و حين عاد كان والده و والدته يستعدون للصعود الي غرفتهم، وخالته تجلس بأنتظاره حتى يعاونها على الصعود هي الاخري.
مالك متعجباً
-الله انتو هاتطلعو تنامو من دلوقتي دا لسه بدري.
اردفت الحاجة مجيدة بحزن
-و هانقعد نعمل ايه ما المحروسة نكدت علي الكل، انا مش عارفة البت دي بتفكر ازاي بس.
الشيخ حسان بصوت جدي
-قولتلك يا ماجدة ماتسمعيش كلامها، هي حتة العيلة دي هتمشي كلامها عليكي وعلى الكل ليه؟ هي اصلاً مالهاش اي حق.
مالك مهدئاً لوالده
-براحة بس يا ابويا، هي يمكن فعلاً ملهاش حق في كده، بس برضو مش عايزين ننسى انها متعلقة بمامتها.
ماجدة مؤيدة كلامه
-صح يا مالك، انا بنتي ملهاش حد في الدنيا دي غيري انا، انت دلوقتي ربنا يخليك ليها،
صحيح بقيت امانها و سندها في الدنيا، بس برضو انا هافضل ليها الحضن الدافي اللي بترمي همومها فيه،
امها واختها وصاحبتها انا سرها، عشان كدة مش لازم ابعد عنها،
بكره تقول للدكتور صاحبك ده أن طلبه فعلاَ مرفوض.
مالك ناظراً الي والده و والدته
-طب اتفضلوا انتو اطلعو، و انا هاقعد مع ماجدة شوية و بعدين نحصلكم احنا كمان.
اومؤ له برؤوسهم بالموافقة، وسحب الشيخ حسان زوجته خلفه قبل أن تتحدث برعونة، ثم التفت مالك إليها متجهاً نحوها.
جلس في مقابلتها على الاريكة الاخري، و مد يده مجتذب إحدى اطباق الحلوى الموضوعه على المنضدة امامه متذوقاً قطعة بسبوسة ليردف بعجاب.
-الحقيقة بنتك شاطرة اوي في عمل الاكل والحلويات يا ماجدة.
ماجدة ضاحكة
-هههههه بالف هنا يا حبيبي ما هو الحلو مش بيعمل غير كل حاجة حلوه يا مالك.
مالك مؤيداً رأيها
-فعلاَ عندك حق، وهي حلوة اوي في كل حاجة، الا العند.
ماجدة بحزن
-ورثاه من ابوها يا مالك.
مالك مجيباً
-طب و انتي ذنبك ايه، توافقيها الرأي ليه، مافيش حاجة تجبرك انك تسمعي كلامها و تعيشي باقي عمرك لوحدك.
ماجدة نافية
-انا مش لوحدي انتو معايا، صحيح هاتنقل في البيت التاني لما رجلي تخف، بس برضو هابقي طول النهار معاكم.
مالك متحفذاً
-لاء انتي مش هتتنقلي لوحدك في البيت، و بعدين حتى لو فضلتي معانا هنا، مانتي برضو بيجي عليكي الليل بتبقى لوحدك،
ثم انتي واثقة ومطمنه ان بنتك معايا، يبقى ليه الرفض بس بصراحة انا مش شايف اي سبب يخليكي ترفضي.
ماجدة نافية
-لاء في أسباب تانيه، مش رفض شذى بس، انت ناسي اللي احنا فيه ولا ايه.
ضم مالك حاجبيه متذكراً
-ايه اللي انتو فيه، اه موضوع جوزك وأهله يعني، طب ما هو جوزك مات واهله بعدو عنكم، دا انتو سيبتو ليهم البلد بحالها،
و بعدين انا برضو مش هاخليه يجي يتقدم ليكي من غير ما اكون اديته فكرة عنك، و هو كمان قالي تقريباً كل حاجة عنه.
ماجدة منتبهه لما يقول
-قولتلو ان جوزي اتقتل وأننا هاربنين من الموت يا مالك، قولتله ان بنتي اتعرضت للتحرش وأننا اطردنا من بيتنا قبل مانتف.. في وسط الشارع.
تهجم وجهه و نظر اليها شرزاً واردف بغضب:
-لاء طبعاً انا ماقولتش حاجة زي كدة، و اظن سيرة مراتي وسمعتها ماتخصش حد غيري،
انا اه قولتله ان جوزك اتقتل، وأن عيلته كلها بلطجية، بس هو عرف اللي يخصه من ناحيتك مالهوش دعوة ببنتك يا ماجدة.
-يعني قولتله اني هربت زمان عشان خاطر محمد العسال.
ظنت انها قد فاجئته بردها هذا، ليبتسم لها و يربت على كتفها بمودة.
-اه يا خالتي قولتله، والرجل مابينش اي اعتراض، بالعكس ده قال ان حياتك في الماضي تخصك انتي بس و هو مالوش انه يحاسب او حتي يتكلم في ده.
-يعني فض… قدام الراجل و لسه عايز الرد، دا باينه مابيفهمش و لا ايه.
-هههههههه لاء على فكره دا دكتور محترم جداً، بس هو اللي الدنيا لطشت معاه اوي، كان متجوز واحدة يونانية وخلف منها ولدين توأم و هو عنده تلاتين سنه،
اخدتهم منه و رجعت بلدها بعد ما طلبت الطلاق، و من ساعتها و هو مايعرفش عن ولاده دول حاجة، وعايش لوحده.
اردفت ماجدة بطيبة
-يا عيني يا مالك دا تلاقيهم كبرو وبقو شباب دلوقتي، ماهو برضو شكله مش صغير.
قرر ان يخبرها كل شئ يخص صديقه الطبيب، عندما وجدها متشوقة لسماع قصته.
-عنده تسعة وأربعين سنه، و بيشتغل في المستشفى و عنده عيادة خاصة بيه، قريبة من فيلته،
على فكره هو راجل ارستقراطي كده وتحسيه مرتب في كل حاجة، وأهم حاجة بقى انه مش همجي و هادي خالص،
يعني مش هيتعبك نهائي في اي حاجة.
-حيلك يا بني، انت بتتكلم كده و كأني وافقت.
-و ترفضي ليه بس، انا نفسي اعرف انتي هتستفيدي ايه من وحدتك دي.
-بنتي معايا.
-لاء بنتك معايا انا، ومتفكريش اني ممكن اسيبها لحظة ليكي او لأي حد.
ماجدة بحزن
-بس هي رافضة.
مالك وقد شعر بلين رأسها
-وافقي انتي ومالكيش دعوة بيها، يا ستي إن كان على موافقتها انا هاجبها لحد عندك، وهي بنفسها هاتبلغك بيها.
نظرت ماجدة له بابتسامة و قد رأي في عيونها الموافقة فأومئ لها برأسه قائلاً بمداعبة.
-على خيرة الله يا ماجدة يا بنتي، بيقولو السكوت علامة الرضا، يلا نطلع بقى وربنا يتمم بخير،
و يقدرني على المجنونة اللي فوق دي.
ضحكت ماجدة كثيراً من قلبها على كلماته وصعد بها وهو يضحك معها،
ثم ولج بها داخل غرفتها ليعاونها على التمدد في فراشها.
ماجدة رابته على راحة يده
-مالك ماتبلغش صاحبك بأي حاجة غير لما تكون متأكد من موافقة شذى، و لو هي صممت على رأيها يبقى تبلغه برفضي انا كمان.
دثرها مالك بالغطاء و هتف
-اطمني يا خالتي، انا مش هاعمل غير اللي يريحك، وإن كان على شذي، فدي بقي سيبيها عليا هتوافق يعني هتوافق.
–
دلف إليها وجدها جالسه خلف مكتبه، فاتحة جهاز الحاسوب تبعه، تستذكر عليه دروسها منهمكة بحماس.
جحظ مالك عينه واقترب منها سريعاً، ظناً انها تفتش فيه، ليري ما تفعله بجهازه
-انتي بتعملي ايه.
شهقت شذى بفزع وصاحت بصوت عالي
-في ايه خضتني يا اخي.
لف مالك الجهاز و انحني امامه ليعبث وجهه و هو يرى تلك الملفات التي حملتها، وفتحتها عليه.
-مين قالك تفتحي اللابتوب بتاعي، وكمان حملتي عليه حاجات، اسمعي انا مش بحب كده، الجهاز ده متسجل عليه عمليات وأفلام وثائقية مهمه جداً.
شذي بحزن
-وانا مالي و مال عملياتك، على العموم انا اسفة انا بس عيني وجعتني من المذاكره على التليفون،
قولت انقل الفولدرات على الجهاز بتاعك عشان الكتابة تبقى أوضح،
ماكنتش اعرف انك هتزعل كده، بس خلاص امسحهم، ولا تضايق نفسك، انا مش هقرب من اي حاجة تخصك تاني.
اغمض مالك عينه لمدة ثانيه بتعصب، قابضاً على اصابع يده، يدق بها على مكتبه وهو ينطق بنفاذ صبر.
-شذى، بطلي هبل مافيش حاجة بينا اسمها تخصني وتخصك.
بس انا محضر على اللابتوب ده، كل شغل المؤتمر الطبي، وكان ممكن تقوليلي انك عايزة لابتوب وانا اجبلك واحد جديد على فكره بدل ما تبوظي ليا شغلي.
زجته شذى بلا مبالاة، واتجهت نحو فراشهم، شالحة مأزرها المخملي من عليها لتظهر امامه بمنامة ذات شورت قصير وحملات رفيعة من علي اكتافها متمردة عليه بأنزعاج.
-مش عايزة منك حاجه ، انا اصلاً خلاص خلصت مذاكرة، وعلى فكره بقى انا مش جاهله عشان ادخل على شغلك و ابوظه ليك.
ابتلع مالك لعابه بشوق لها، واتجه نحوها محتضنها من الخلف ضاممها الي صدره قبل أن تتمدد على الفراش، مقبلاً عنقها هامساً بحب.
-انتي مش جاهله، بس عنيدة و دماغك ناشفة، ومتمردة على كل حاجة.
لفت جسدها داخل يديه والقت سهامها النارية وسط سماء ليله، واضعة راحتي يدها على صدره سأله بنعومة
-و ايه كمان.
مالك تائهاً في جمالها
-و حبيبتي وروحي كمان، بس لو تبطلي عندك ده.
شذي بدلع
-انت بتحب عندي ده.
-انا بعشق كل تفاصيلك اصلاً، ماتزعليش يا ستي من بكره هايكون عندك جهاز لاب خاص بيكي انتي.
شذي بخجل منه
-لاء يا مالك مالوش لازمه، اصلاً بكره اخر يوم في الامتحان.
-شششش سيبك من الكلام ده، مش احنا الاتنين بقينا واحد خلاص.
شذي عابثة في ازرار قميصه ناظرة الي صدره بخجل
-اه يا حبيبي خلاص.
مالك خاطفاً قبله من وجنتها
-يبقى لما تحتاجي حاجه تطلبيها مني انا، و من غير اي تردد.
جلس بها على فراشهم وهي على قدمه تبادله القبل بمودة
-طب انا عايزة اروح شقتي مش عايزة اقعد هنا، عايزة اخد راحتي يا مالك.
-اكتر من كده….
قالها مالك ناظراً الي جسدها شبه العاري بأندهاش، ليغمز لها بطرف عينه.
-مانتي واخدة راحتك على الآخر اهو، ولا نسيتي امبارح و عايزاني افكرك.
شذي محاولة فك ذراعيه من حولها
-قليل الادب، اوعي كده سيبني.
مالك ضاحكاً على خجلها
-اسيبك ايه، هو في حد يقدر يسيب روحه بردو.
زمت شفتيها وهمست له
-انا مش بقولك نمشي عشان حاجة مزعلاني، بس انا حابه تبقى لينا حياتنا الخاصه يا مالك،
ماما سمعتنا امبارح و قعدت تضحك و تلمحلي وانا بصراحة مش عايزة حد يعرف عننا حاجة.
مالك موافقها الرأي
-طيب يا حبيبتي انا هاتصرف في الموضوع ده.
شذي بفرحه
-هانرجع بيتنا.
مالك نافياً
-لاء انا ماقولتش كده، بصي يا شذى انا بصراحة مرتبط بالمكان هنا قوي زي ما انتي شايفة كده،
يعني المسجد والبيت هنا وامي و ابويا، انا عاشق للحي كله، عامل زي السمك اللي مايقدرش يعيش بره المايه.
شذي بوجه متهجم نافضه يده من حولها.
-طب اوعي بقى خلي المايه اللي انت عايش فيها دي تنفعك، وانا بصراحه ماعنديش استعداد اسمع كلمه تكسفني من اي حد،
دا انا بدخل الحمام وانا بتلفت حواليا زي الحرامية.
وقف مالك بوجه عابث يبدل ملابسه، وهو يراها ترقد تحت الغطاء الثقيل معطياه ظهرها، هاتفاً لها.
-خلاص قولتلك هاتصرف، هاوضبلك البيت التاني وننقل فيه واظن لأمي ولأمك هايرفضو، بعد ما مامتك تتجوز.
انفزعت من رقدتها وهمت لتجلس امامه صارخه في وجهه.
-ومين قالك انها هاتتجوز.
❈-❈-❈
تلك النمرة المتوحشة التي عزم أمره على أن يروضها،
هاجمته بشراسة وقفت على الفراش بجسدها شبه العاري، و ظلت تصرخ فيه…
-قولتلك ماما مش هتتجوز، ممكن تبطل تجيب السيرة دي بقي.
كان قد شلح قميصة من علي جسده، و انتفض منفزعاً من صياحها،
اقترب سريعاً منها محاولاً انزالها من علي الفراش، واخراسها عن صراخها هذا.
مد مالك يده ليمسك يدها منفعلاً عليها :
-بطلي صريخ و هبل بقى و انزلي.
امسكها بين يديه، ضاممها نحوه، ليصمتها ويسيطر على غضبها.
زجته في صدره محاولة الإبتعاد عنه وهي تصرخ
-اوعي سيبني بقولك، هي فاكرة نفسها لسه صغيرة، هي ناسية كانت مرات مين،
الهانم اللي جوزها دمه سال قدام عنيها ولسة ماخلصتش شهور عدتها، ال بتفكر في الجواز.
-اخرسيييييي بقي.
قالها مالك بغضب وهو يضم رأسها من الخلف كاتم صراخها في صدره.
خربشة اظافرها اسالت الدماء في صدره، لينفضها من يده ملقيها على الفراش بقوة،
و اذا به يتفاجئ بوالدته تفتح باب الغرفة عنوة، وكاعادتها متمسكة بسلاحها الفتاك.
قذفت الحاجة مجيدة جرزانها في وجه شذى، ليقف مالك متصدي له، قبل أن يسقط على رأسها و يتفاقم الأمر اكثر من ذلك.
الحاجة مجيدة بصوت جهور
-هي مين دي اللي كبرت وبتفكر في الجواز يا س…. يا ام لسان طويل،
بتتباهي بابوكي البلطجي اللي اتقتل على ايه، إلا ما شافت معاه غير الهم، من يوم ما اتجوزته ولحد ما مات وهي متبهدلة بسببه.
جحظت عيناها من وقت دخول خالتها عليهم، لتجذب الغطاء مدثرة نفسها جيداً بخجل، ناظرة الي زوجها الذي وقف حائراً خاجلاً هو الاخر بينها وبين والدته.
مالك محاولاً رد والدته عنها
-لو سمحتي يا أمي اتفضلي على اوضتك دلوقتي ماينفعش تدخلي علينا بالطريقة دي.
الحاجة مجيدة رابتة على كتفه العاري بغضب
-لاء ينفع يا حيلة، اصلي جيت عشان اشوف بنت اختي وهي مبسوطة في حضن جوزها، و عايزة تحرم اللي حلله ربنا لأمها.
ايه يا ست شذى، مش حضرتك برضو فرحانة ومبسوطه مع جوزك،
مع ان ابوكي مابقلوش تلات شهور ميت، ماحزنتيش عليه ليه بقى يا ست شذى، و لا عايزة تشيلي امك الحزن بس.
انتفضت شذي من علي الفراش ملتقطة مأزرها مرتدياه سريعاً بصراخ
-بس بقى كفاية ذل وإهانة لحد كده، ابنك عندك اهو خليهولك، وابعدو عني انا وامي ماحدش له دعوه بينا، اذا كنت عايز تطلقني يا سيدي عشان امك ترتاح طلقني.
تخطها سريعاً لترحل من الغرفه، لتجده يقبض
على شعرها من الخلف مانعها من الخروج بهيأتها هذه، أمراً لوالدته…
-روحي نامي يا أمي من فضلك، و لو سمحتي ماتدخليش علينا بالطريقة دي تاني.
رمقته بنظره غاضبة هو وتلك التي تضرب عل يده بشراسه لاتحاول فك أسر شعرها من قبضته، لتتأفف وترحل دافعة الباب خلفها.
وعندها قذفها مالك من يده لتسقط ارضاً تحت قدميه منحنية الرأس.
مالك بسكون ما قبل العاصفة
-ازاي تسمحي لنفسك انك تخرجي من باب الأوضة بالهدوم دي.
رفعت شذى رأسها بأندهاش
-هو ده بس اللي اخدت بالك منه، لتصرخ قائلة…
مأخدتش بالك هي دخلت علينا ازاي، ماشوفتش هي هانتني ازايييي.
جلس مالك على الفراش، واضع رأسه بين كفيه يحاول ان يكظم غضبه.
-امي تقول وتعمل اللي هي عايزاه، و لا نسيتي هي عملت ايه عشان تجوزك ليا.
وقفت شذى تصرخ في وجهه متهوره في كلامها كالعادة
-يا اخي ياريتني ما اتجوزتك، و لا كنت دخلت حياتي من أصله، انا زهقت منك ومن قلة حيلتك دي، حتى امك مش عارف تاخدلي حقي منها.
مالك منتبهاً لما تقوله
-شذى فوقي واعرفي انتي بتقولي ايه، المره دي مش هاسامح واغفرلك غلطك تاني.
-انشالله ما سامحت، هو انت ماتعرفش تعمل ر… غير عليا انا بس، لتحاول الخروج مره اخرى،
-لتجده يدفعها بقوه للداخل و اذا به يرد لها اهانتها بصفعه قوية على وجنتها.
ساحبها من شعرها و ملقيها على الفراش.
مالك حازماً امره
-اقسم بالله لعرفك انا را… و لا لاء وحياة عشقي لجمالك يا شذى لربيكي من اول و جديد،
اتفضلي نامي عشان الامتحان اللي عليكي بكره، و بعدها انا هعرفك ازاي تتكلمي معايا بالطريقة دي.
❈-❈-❈
فتحت باب غرفة شقيقتها وجدتها جالسه على الفراش تبكي وحدها، اذاً لقد استمعت الي صراخ ابنتها وكل ما قالته في حقها.
اقتربت منها وجلست بجانبها لتشد من ازرها قليلاً.
اردفت الحاجة مجيدة مزمجرة
-بتعيطي ليه هو انتي هاتستجدي على بنتك وصوتها العالي.
وضعت ماجدة رأسها على صدر اختها وهمست
-شوفتي قالت عليا ايه يا مجيدة، انا اصلاً غلطانه اني سمحت لنفسي اتكلم في موضوع زي ده روحي قوليله اني رفضت، و خليه مايزعلش شذى.
الحاجة مجيدة بلوم
-ياختي ماتزعل ولا تتفلئ حتى هو انتي ما بتفكريش غير في راحتها،
وهي اصلاً بت أنانية مابتحبش غير نفسها.
واذا بهم يسمعو دفعة باب قوية، لتجري الحاجة مجيدة للخارج حتى ترى ما يحدث.
واذا بها تجد ابنها يغلق باب غرفته، ويوصده جيداً بالمفتاح من خلفه.
-الله مالك رايح على فين يا بني؟
زفر مالك أنفاسه بضجر مستغفراً ربه على مايفعلوه نساء هذا البيت به و صاح في وجه والدته بغضب
-استغفرالله العظيم، رايح في ستين…. حلو عني بقى.
❈-❈-❈
أعلنت ساعة مذياع سيارته الثامنة صباحاً، كانت تجلس بجواره هادئة مستكينة، مختبئة تحت نقابها من عيونه اللتي تقذفها جمراً، و معه كل الحق في غضبه هذا، حتى لو قذفها أسفل عجلات السيارة،
لن تلومه فما قالته لا يغفره احد ابداً، لكنه أخطأ أيضاً حين رفع يده عليها وضربها للمرة الثانية وهي أيضاً لن تغفر له هذه الفعلية.
أوقف السيارة داخل الحرم الجامعي، لتترجل منها وتغلق بابها خلفها، ابتعدت قليلاً غير ملتفته الي السيارة.
واذا بها تسمع صرير عجلاتها، لتخبرها انه يرحل عنها ويتركها وحدها، استدارت سريعاً لتراه وتنظر له هامسة من تحت نقابها
-ماتمشيش يا مالك خليك معايا.
لكنه لم يلتفت إليها، و لا حتى ليطمئنها وذهب.
لا تعرف من أين جائتها كل هذه الطاقة السلبية، جرت لتقف أمام لجنتها خائفة بل مرتعبة
تريد أن تحتمي بأي شئ، ظانه انه سيأتي احد ما و يتهجم عليها بأي لحظة.
الي ان فتح باب اللجنة و كانت هي اول من دلف بها.
❈-❈-❈
ذهب إلى مول تجاري قريب من الجامعة، جلس في إحدى الكافيهات يحتسي كوب من قهوة الصباح، يفكر في جنيته شقيته ومعذبته.
برغم تهورها واندفاعها في الكلام الا انها معها كل الحق في طلبها،
فما فعلته والدته بالأمس كان معناه جرح لخصوصيتهم،
لم يكن لها أي حق في ان تدلف عليهم بتلك الطريقة المهينة، لذلك عزم أمره على أن يبدء في توضيب البيت من اليوم،
لكن دون أن يخبر تلك الشقية التي تعركل عقله دائماً، وتذيب قلبه بنظرة من سمائها او هماستها.
وبعد أن احتسي قهوته، ذهب إلى إحدى المحلات المخصصة لبيع الأجهزة الإلكترونية، وابتاع لها جهاز حاسوب جديد، ليأخذه ويرحل من المول كله عائداً إليها بسيارته.
❈-❈-❈
طريق العودة بها إلى المنزل، كان صورة طبق الأصل من طريق الذهاب، لم يزد عليه أي شئ سوي شهقاتها و رجفتها بجانبه فقط.
ازعجته بشهقاتها و رجفتها هذه ليصيح فيها بغضب…
-ممكن تسكتي وتخليني اركز وانا سايق.
-سيبتني ومشيت ليه انا كنت هاموت من الخوف.
كان هذا ردها المميت لكل نظرة كره يلقيها بها، لكم ود ان يوقف السيارة ويلتقطها على قدمه يضمها الي صدره يربت على ظهرها كالاطفال.
لكنه عوضاً عن ذلك صاح فيها وهو يعتصر عجلة القيادة بيده، لا والله ماكنتش فاضيلك عشان اسيب شغلي واقعد جانب حضرتك.
شذي بصراخ مكتوم
-انا مش عايزة ارجع الحسين وديني شقتنا لو سمحت، انشالله حتى تسيبني لوحدي فيها وماترجعش ليا تاني بس خليني اروح هناك، الا والله هاترجع من شغلك تلاقيني مموته نفسي هاه بس.
القى مالك عليها نظرة جانبية بطرف عينه ثم اردف وهو يفكر بشئ ما: حااااضر انتي تؤمري يا شذى، بس خليكي فاكرة انك انتي اللي طلبتي ده.
غير مسار سيارته واتجه بها إلى طريق شقته الحديثة، عازماً أمره على أن يتركها وحدها
فتره من الوقت حتى يعاقبها على ما فعلته.
وحين فتح الباب وجدها تنفد من جانبه للداخل سريعاً وذهبت راساً الي غرفة نومها
شلحت نقابها وادنائها من عليها، ودلفت الي المرحاض لتغتسل وتهدء جلد وجهها من البكاء قليلاً،
لتفتحه وتترجل منه متجهه نحو غرفة الملابس لتجد زوجها يقف معطيها ظهره، ويبدو انه يدس شئ ما بخزانة الملابس.
سحبت مانمتها المخملية ذات الاكتاف الساقطه، و ارتدتها سريعاً غير عابئه به و بما يفعله، وذهبت سريعاً نحو الفراش وارتمت عليه.
بدل هو أيضاً ملابسه و وضع عطره الذي يثير جنونها وترك لها الغرفه بأكملها و ذهب.
استنشقت عبيره بحرارة قبل أن يرحل عنها، لتزفره متنهدة وهي تلمح طيفه قبل أن يغلق باب الغرفه عليها و يتركها مره اخرى تدمع العينين.
نظر الي الساعة الملتفة حول معصمه، ليجدها أصبحت الثالثة عصراً، فأجاب الاتصال على الفور إذ ربما تكون قلقة عليهم.
-السلام عليكم يا ماجدة.
ماجدة مجيبة عليه بقلق
-و عليكم السلام انتو فين يا مالك، شذى مش بترد عليا ليه.
اردف مالك محاولاً تهدئتها
-ماتخفيش عليها احنا رجعنا شقتنا يا ماجدة.
ماجدة ببكاء هادئ
-ليه بس يا مالك هي لسه زعلانه طب ادهاني اكلمها، و انا هقولها ان الموضوع ده مش هيحصل،
قولها يا مالك اني رفضت العريس ده خلاص.
مالك بانزعاج مما تقوله
-موضوع ايه اللي خلص وعريس ايه اللي رفضتيه، مافيش حاجه من دي هاتحصل يا ماجدة وان كان على شذى،
هي اللي طلبت تيجي هنا بعد اللي حصل امبارح، سيبيها بس يومين كده تهدى وبعدها هنرجع تاني و هتكون موافقة كمان.
استسلمت ماجدة الي كلمته وهمست
-هاقول ايه بس ما باليد حيلة، طيب يا مالك سيبها على حريتها بس قولها اني مش موافقة على حاجة هي مش عايزها.
مالك مستغفراً ربه
-استغفر الله العظيم واتوب اليه، يعني انتي عايزة تجننيني انتي كمان، اقفلي يا ماجدة و لازم تفهمي حاجة، شذى مش هتمشي كلامها علينا كلنا لمجرد انها رافضة حاجة بغبائها ده.
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية ساكن الضريح ) اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق