رواية ساكن الضريح كاملة بقلم ميادة مأمون عبر مدونة كوكب الروايات
رواية ساكن الضريح الفصل الرابع و الثلاثون 34
كلما اقترب من قدمها الممدده امامها، ابعدت يده قبل أن تلمسها، تحاول اخفائها تحت اسدالها بتألم.
ليهتف الدكتور عبدالرحمن فيها بوجه مغتاظ:
-و بعدين معاكي يعني انا كده مش هاعرف اشوف شغلي.
ماجدة ببكاء هادئ
-شغل ايه يا بتاع الجبس انت، فاكر نفسك بتشطب شقه ولا ايه.
رفع حاجبه بضجر، و يبدو على هذا الطبيب ان رفع الحاجب طبع من طباعه.
دكتور عبد الرحمن
-بقى الدكتور عبد الرحمن الفولي يتقاله بتشطب شقه يا جبارة.
همست لنفسها بغضب ظانه انه لا يسمعها:
-مغرور اوي.
-سمعتك على فكره.
رمقته بعناد
-لو سمحت ماتقربش مني، و هاتلى الدكتور مالك ابن اختي، خليه يجبلي دكتورة تعالجني.
زم شفتيه و ترك اشيائه من يده وجلس على المقعد بجانبها، مردفاً بلا مبالاه.
-طب تمام خليكي بقى قاعدة تعيطي بوجع كده لحد ابن اختك ما يجيلك،
وعلى فكرة مافيش دكاترة عظام ستات موجدين دلوقتي.
لم تبالي به و كورت يدها تحت وجنتها، تنتظر ابن اختها بألم.
ليهز رأسه نافياً بتفكير
-عنيدة، ممكن اسألك سؤال.
نظرت له شرز و اردفت بملل
-اتفضل
انحني للأمام ممسكاً بأشيائه مرة اخري
-لو نفرض مثلاً انك وقعتي في الشارع بدل البيت، و جيه راجل غريب يساعدك، ماكنتيش هاتخليه يساعدك وانتي بحالتك دي،
ولا كنتي هاتخلصي نفسك عشان تقدري توقفي على رجلك تاني.
ماجدة وهي تشعر بأن قدمها قد تخدرت من شدة الألم.
-خلاص المعلومة وصلت، اتفضل شوف شغلك وخلصني.
ضحكة صاخبة أطلقها ناظراً لها
-انتي ليه محسساني انك بتكلمي نقاش مش دكتور عظام خالص.
علا جانب شفاها العلوية ساخرة
-لاء ازاي دكتور و سيد الدكاتير كمان ، ماتقولش على نفسك كده، بس يا ريت تخلصني بقي.
ضحكته العالية أظهرت وسامته، معلقاً على كلامها
-الدكاتير دي اللي هي جمع دكتور يعني.
❈-❈-❈
فتح الباب مقبلاً عليهم و هو متمسك بيد زوجته الباكية، و من خلفهم دلفت والدته.
جرت شذى لتحتضن والدتها
-يا حبيبتي يا ماما، انشالله انا و انتي لاء.
ماجدة محتضنه ابنتها بخجل
– بعد الشر عليكي يا شذى انا كويسه يا حبيبتي و الله، حتى اسألي الدكتور قولها حضرتك.
انهي الطبيب عمله، و نظر لهم بأبتسامة
-اطمني خالص ماما زي الفل، بس انتو حاولو بقى ماتخدوش منها الشيكولاته،
عشان ماتضطرش تجري وتكسر زي الأزاز كده تاني.
ضحكو جميعاً بينما خجلت هي من مشاكسته هذه، ورمقت مالك بغضب.
ماجدة ملقية عليه اللوم
-عجبك كده، كان لازم تقوله على الشيكولاتة.
مالك ضاحكاً هامساً لها
-الله مش انتي اللي خطفتيها و جريتي، و هو سألني اكدب يعني.
-لاء يا اخويا ما تكدبش، افضحني انا مع صاحبك، دا زي ما يكون ماسك عليا زله يا مالك.
زجته والدته من جانبها و هو يضحك لتردف لها
-سلامتك يا ماجدة الف سلامة عليكي يا حبيبتي، حاسة بأيه دلوقتي.
ماجدة مطمئنة لها
-انا كويسة يا مجيدة، ثم اردفت مداعبة لهم، و النبي يا جماعه ما تخوفوني على نفسي، و لا تحبو اقوم اجري ليكم تاني يعني.
فاجئهم الطبيب برده منزعجاً منها
-لاء مانحبش و يا ريت بقى ترتاحي الواحد و عشرين يوم دول خالص، و تحاولي بقدر الإمكان ماتضغطيش على الجبس او تجيبي عليه مايه.
نظرت ماجدة الي ابنتها، ثم التفتت إلى شقيقتها، و عادت لتجذب مالك من يده، لتجبره على الانحناء لها مزمجرة له
-مشيني من هنا قبل ما اقوم اخنق الراجل ده.
❈-❈-❈
عادو بها إلى المنزل، و الجميع يضحكون معها إلا شذى، التي كانت هادئة حزينة ملتصقة بوالدتها.
عاونها مالك على المكوث بغرفتها و ارقدها في فراشها، لتتفاجئ بأبنتها تقتسم معها الفراش بعد أن تخلت عن نقابها.
ماجدة ضاممة حاجبيها بأستهجان
-بتعملي ايه يا شذى؟
شذي جاذبة الغطاء عليهما
-هنام جانبك، انا اصلاً مش هاسيبك تاني ابداً.
ماجدة بغضب
– قومي يا بنت علي اوضتك بلاش دلع، ثم التفتت الي مالك الذي مازال واقفاً و اردفت.
خد مراتك و سيبوني ارتاح يا مالك يلا بقي انا عاوزة انام.
مالك بمحبه
-خليها معاكي عشان لو عوزتي حاجه انا كده كده طالع الخلوه، عشان هاقيم الليل.
ماجدة نافية
-لسه بدري على قيام الليل، ادخلوا ارتاحوا شوية و لما يجي ميعاد قيام الليل تبقى تيجي تنام هنا.
شذي بحزن
– انتي بتدوري على راحته هو، و سايبة بنتك على العموم ريحي نفسك يا ماما انا مش هاقوم تاني، و هافضل لازقة فيكي كده علطول.
ابتسم مالك على ضجر زوجته و قرر تركهم معاً
-طب عن اذنكم انا بقى، تصبحي على خير يا خالتي و لو حسيتي بتعب او ألم مش قادرة تستحمليه، اتصلي بيا وانا هنزلك.
ماجدة ممتنة له بمحبه
-تسلملي يا حبيبي، انا تعبتك معايا النهاردة.
ذهب مالك و تظاهرت هي بالنعاس، لتلكزها والدتها.
-قومي نامي في اوضتك و بطلي دلع يا شذي.
شذي بوجه عابث
-دلع ايه يا ماما، واحدة و مش عايزة تسيب مامتها التعبانه، يبقى فين الدلع في كده بقى.
ماجدة محاولة افهامها
– يا حبيبتي انا هنام، و مش هحتاج حاجة، و اللي محتاجك دلوقتي هو جوزك، اللي كان جايبلك الشيكولاته يا شذى.
ضمت حاجبيها بعدم فهم
-و فيها ايه يا ماما لما يجبلي شيكولاته، بيديني رشوة مثلاً عشان عايزني اعملوا حاجه.
ماجدة بغيظ من ابنتها
-اه يا ختي رشوة، لتزجها بيدها من علي الفراش اقولك على حاجة قومي يا بت انتي، روحي نامي في اوضتك انا مش عايزكي تنامي جانبي.
وقفت من علي الفراش قبل أن تسقط بضحك، و اذا بها تلتف بجانبها من الجهه الاخري تحتضنها و تقبل رأسها.
شذي بحب
-انا بحبك اوي يا ماما.
ربتت ماجدة على ذراعها، و احنتها لتطبع قبلة على وجنتها بحنان.
-انا كمان بحبك اوي يا قلب ماما، يلا يا حبيبتي اطفي النور و روحي ارتاحي، و انا لو حسيت بحاجة هاندهلك.
اومئت لها برأسها، و اغلقت إضاءة المصباح لها و ذهبت.
❈-❈-❈
فتحت باب غرفتها وجدتها مظلمة، فاعلمت بأنه لم يدخلها، كان الجو دافئاً في هذه الليلة، فاقررت ان تشلح ادنائها من عليها ، و تنام بمنامتها الداخلية القصيرة.
تمددت على الفراش و جذبت الغطاء عليها، لتشعر بأنفاس منتظمة جانبها، مدت يدها ببطئ،
لتتحسس مكانه لتجده غافي بجانبها عاري الصدر، شعرت بالدماء تنفر من عروقها، فاشهقت و انتفضت حين رفع ذراعه دون وعي، و حاوط خصرها به.
انتفض هو الاخر و اعتدل جالساً ليسقط الغطاء من عليهما، منير ضوء المصباح الجانبي الصغير.
سحبت هي الغطاء عليها تداري صدرها و كتفيها به، فهتف منزعجاً بنعاس.
-الله انتي مش قولتي هتنامي عند مامتك، جيتي ليه؟
شذي محاولة جذب الغطاء عليها أكثر.
-ماما قالتلي عايزه تنام براحتها، انت مش قولت انك هاتطلع فوق.
رقد مالك مرة اخري على الفراش غير عابئ بهذا الغطاء الذي سحبته بالكامل، معطيها ظهره.
-قولت انام انا كمان ساعة و لا حاجة، و بعدها هاطلع ماتقلقيش، ليمد يده و يغلق ضوء المصباح مرة أخرى.
شعرت بالاسف من أجله، اعتدلت جالسه هامسة له بحزن
-انا متشكرة.
التفت برأسه لها و همس
-بتشكريني على ايه يا
شذي.
ضمت ركبتيها الي صدرها، واسندت ذقنها عليهم لتجيبه بشهقاتها و عينها الدمعه.
-على كل حاجه يا مالك، على انك وافقت اننا نبطل خناق شوية، و على انك حاولت تفرحني النهاردة بالشيكولاته، و على تعبك مع ماما كمان.
اعتدل على ظهره متألماً من أجلها
-ودا بقى اللي مخليكي تعيطي، طب يا ستي ماتشكرنيش على حاجة تاني.
ما زادت كلماته عليها الا بكاءً، حاولت كتم أنفاسها براحتي يدها، حتى لا يعلو صوتها، ليتفاجئ هو بفعلتها هذه، أضاء المصباح مرة أخرى، والتفت إليها ليظهر امامه جسدها شبه العاري.
كان على وشك ان يلمسها، لكنه تراجع وابعد يده عنها….
-طب بتعيطي ليه دلوقتي؟
بدون اي مقدمات نظرت اليه، والقت نفسها على صدره…
-عشان مش عايزة ابقى لوحدي، انا لما ماما وقعت و روحنا المستشفى النهاردة خوفت اوي.
مالك محاولاً السيطرة على نفسه
خوفتي من ايه بس، مانا جانبك و معاكي اهو.
غمرت وجهها في صدره، ولفت يدها حول خصره واجهشت في البكاء….
-لاءه انت عايز تسيبني، و ماما لو جرالها حاجة انا هبقي لوحدي يا مالك، مش هيكون معايا حد تقدر بقى تقولي هاعمل ايه و انا لوحدي.
ضمها الي صدره اكثر مهدئاً لها
-مش هاسيبك
حتى بعد ما ننفصل عن بعض، برضو هتبقى تحت عيني و هاخلي بالي منك.
رفعت وجهها له تلومه بدمعها واردفت بكلمه واحدة
-ننفصل!
مالك رابتاً على شعرها، هابطاً بيده الي عنقها بطئ.
-مش احنا اتكلمنا في الموضوع ده قبل كده، و قولنا هناخد هدنه و مش عايزين نتخانق.
شذي بحب
-بس انا مش عايزة ننفصل يا مالك.
مالك بضعفٍ أمام جمالها الهادئ
-صدقيني ولا انا كنت عايز كده، بس انا مش عايز حد فينا يندم يا شذى.
-عمري ما هندم وانا معاك.
-انتي قولتي انك مش عايزة واحد ضعيف، و انا طول عمري في حالي و مش بحب المشاكل.
-بس بتحبني، قولها يا مالك سمعهالي.
ابعدها عن صدره محاولاً الالتفات للجهة الاخري، هارباً من سحر عيونها.
-اقولك ايه بس نامي يا شذى.
شذي ملتفتة الي الجهه الاخري
-انا بجد اسفه، ماتزعلش مني، و صدقني عمري ما هاطلبها منك تاني، و لا هاطلب منك انك ماتسبنيش تاني.
استدار على جانبه الاخر لها، ضمها الي صدره بتملك قبل عنقها من الخلف برفق، هامساً لها.
-طب ممكن تنامي بقى و تسيبيني انام انا كمان.
شذى محاولة فك يده من عليها.
-طب سيبني عشان انام.
-بس انا عايزك تنامي في حضني كده.
شذي مجففه دمعها
-مش كل حاجة انت تعوزها تحصل، في حاجات كتير اوي بنعوزها و مابتحصلش.
فقد كل السيطرة الان و همس لها
-عايزة مني ايه، بتتعبيني و بتتعبي نفسك ليه.
شذي بأنكسار وضح عليها
-مش عايزة اكون لوحدي، عايزاك معايا حبني و خاف عليا ، ماتسبنيش يا مالك.
لفها بين يده كاعرائس الماريونت
و هتف
-بحبك يا شذى.
اقتحمت قبلته كرزتيها، و لم يلقى اي اعتراض منها بل شعر وكأنها تستقبل قبلته بكل ترحيب.
تتجاوب معه و تهمس بها مرة تلي الاخري، و في كل مرة كان يشعر بتجاوبها معه، وهو يتحسس جسدها المرمري بكل راحة.
ليلحق صرخة كادت ان تفلت من ثغرها بقبلة طويلة، معلناً لنفسه ولها بأنها أصبحت زوجته حبيبته شرعاً و قانوناً.
وتنهي شهرزاد ليلتهم صامته عن الكلام المباح.
❈-❈-❈
الليلة اكتملت فرحته بها، كانت السعادة تغمره، و هو يجلسها على قدمه، يحتضنها جيداً، يمطر وجهها بقبلات رقيقة سريعة متفرقة.
لقد أصبحت زوجته بكامل إرادتها، دون أن تزجره او ترتعب منه و تبتعد عنه، مثل كل مرة، أظهرت له دليل عفتها و طهارتها، وأعلن لها حبه و مضى بكل شوق سق ملكيته عليها.
عيناها تسترسل لألئها الماسية بهدوء، و يستقبلها هو بشفاه مجففها لها، تعانقه بيديها، ويحاوط خصرها بتملك تام.
مالك مقبلاً عنقها، هامساً داخل اذنها
-لسه تعبانة.
اومئت له برفق، والصقت وجنتها بجانب لحيته.
شذي بشهقات هادئة
-هنعمل ايه دلوقتي، مش كنت سمعت كلامي و روحنا شقتنا احسن.
مالك ساخراً من نفسه و منها
-اعملك ايه بس مش انتي اللي جننتيني، و جيتي في حضني، كان لازم يعني تطلبي الهدنه دي، اديني نهيت الحرب كلها، وانتصرتي عليا بحبك يا شذى.
كانت تشتد بيدها على عنقه، و تلتصق به اكثر واكثر، وكأنها تريد أن تسكن بين ضلوعه.
شذي متقبلة شوقه بكل ترحيب
-عشان تبطل تبعد عني، و تهددني كل شوية بالانفصال، و تحبني بس.
ضمها هو الاخر اكثر واكثر، لدرجة انها تأوهت من قوة ضمته
-خلاص مافيش حاجة اسمها انفصال، احنا بقينا واحد، عمري ما هاسمحلك تبعدي عن عيني لحظه واحدة.
❈-❈-❈
في تمام الثانية صباحاً، فتح باب المرحاض متلصصاً للخارج، ملتفتاً يميناً و يساراً، متمسكاً بيدها خلفه، وهي مختبئة في جسده.
شذي هامسه له
-هاه في حد بره.
مالك بريبة ينظر للأعلي
-لاء مافيش يلا اطلعي بسرعه، وانا هطلع الخلوة بتاعتي أقيم الليل بقى.
شذي بدلال له
-لاءه ماتسبنيش لوحدي، تعالي صلى في اوضتنا.
مالك بسخرية
-اطلعي يا شذي الله يهديكي، هو انا لو طلعت معاكي هاصلي اصلاً.
جرت من أمامه و هي تضحك، وتلهب قلبه بدلالها ، ليبتسم لها و يعود الي المرحاض، ليتوضأ مرة أخرى.
❈-❈-❈
قبل أن تقبض على باب غرفتها وقفت بفرحة تنظر إلى غرفة والدتها، تريد أن تذهب إليها لتخبرها بمدى سعادتها، لكن كيف تقول هذا و قد أخبروها منذ اول ايام زواجهم به.
عزمت امرها ان تذهب إليها، لكن لن تقول شيئاً، ستقول انها اتية لتطمئن عليها فقط إن استيقظت.
فتحت الباب بهدوء، ولجت إليها في الظلام، وانحنت على رأسها و قبلتها.
استيقظت ماجدة و عيناها كلها نعاس، فاهمست لها بصوت متحشرج
-الله شذى، سيبتي جوزك وجيتي ليه.
شذي بتلعثم
-مافيش يا ماما، مالك طلع الخلوة بتاعته، و انا جيت اطمن عليكي بس.
ماجدة بسخرية
-طلع الخلوة بتاعته، دانا قولت ربنا هداكم و نمتو بعد الدوشه اللي كنتو عاملينها دي.
شذي بشهقة
-ها يا لهوي عليكي يا ماما، انتي كنتي سمعانا.
ماجدة بضحك
-ههههههه اه ياختي، إنما قوليلي انتي نزلتي الحمام و….. دلوقتي.
شذي بخجل منها
-الله يا ماما بقى.
ماجدة بضحك اكثر
-هههههههه ربنا يسعدك و يفرحني بعوضك قريب يا حبيبتي.
شذي بتفكير
– عوضي!
ماجدة موضحة لها
-اه شدي حيلك بقى و هاتي لينا بيبي صغير كده نلعب بيه و يملي البيت كله فرحة.
شذي بتذكر
– ان شاء الله يا ماما، اصلاً مالك بيحب الأطفال قوي.
ماجدة داعية لهم
-ربنا يرضيكم ويسعدكم يا رب يا حبيبتي.
❈-❈-❈
انها الثالثة ظهراً مازلت غافية في فراشها، و لم يزعجها اي منهم، بأمر من زوجها الذي ايقظها عند اذان الفجر لتصلي خلفه، و بعدها تركها تغفو كما تشاء.
ليعود من عمله و يدلف اليها، جلس بجانبها على الفراش، يعبث في شعرها بحنان.
مالك هامساً لها بهدوء
-حبيبي مش هيصحي من النوم و يفقولي شوية.
فتحت عيناها بلمعة براقة و همست
-مالك.
مالك بفرحه
-قلب مالك و روحه يا ناس.
يلا قومي بقى انا عايز حاجة حلوة على الفطار.
استدارت شذي معطياه ظهرها بدلع
– لاء انا تعبانة.
مالك زاماماً شفتيه
-سلامتك يا قلبي، يعني هاتفضلي نايمة و سايبة مالك لوحده كده.
لفت وجهها اليه ناظرة ومستفهمه
-عايز ايه يا مالك.
مالك ضاحكاً
-هههههههه على فكرة انا صايم يا شذى، و دماغك ماتروحش لبعيد.
شذي متأففه
-طب خلاص سيبني انام بقى لحد المغرب.
مالك محزرها
-خلاص على راحتك نامي، بس بقى ابقى شوفي هتقولي ايه يا حلوة لما الحاجة مجيدة تسألك سايبة امك تعبانة لوحدها ونايمة كل ده ليه.
قفذت الغطاء من عليها وزجته من جانبها معتدله لتنزلق للأسفل.
-يا لهوي على الكسوف اللي انتي فيه يا شذى، قولتلك نروح بيتنا يا مالك.
اوقفها سريعاً قبل أن تفتح الباب
-رايحة فين بالبيجامة و بشعرك ده.
التفتت له بضجر
-اوف بقى هو انا لسه هالبس الاسدال.
أشار لها بيديه منهياً الحديث
-ماتحوليش عشان مافيهاش نقاش دي على فكرة.
دبت قدمها في الأرض كالاطفال وجذبت اسدالها من علي المشجب لترتديه.
وقف هو من خلفها مقبلاً رأسها هامساً
-عايز اكل رز بلبن من ايدك الحلوه دي، يلا صلي العصر واعمليه ليا.
التفتت له بحب و اردفت
هاعملك حاجه احلى منه و اشوف بقى هتعجبك و لا لاءه، و قبل ان تقبل وجنته ابتعد عنها سابقها الي الخارج.
-يلا يا شذى الله يرضى عليكي يا بنتي يلا.
ضحكت بصوت مرتفع و هي تراه يهرب سريعاً من امامها.
❈-❈-❈
ذهبت إليهم بالأسفل، و كان وجهها مشرقاً بطريقة ملفته لهم، لتضم خالتها حاجبيها مبتسمة لها
-نموسيتك بامبي يا بنت اختي صح النوم يا أميرة شذى.
شذي بوجنتان بلون حبات الفراولة
-انا نمت كتير النهاردة معلش اصلي كنت تعبانة شوية.
ربتت ماجدة بحنان على ظهرها
-نوم العوافي يا حبيبتي ماجراش حاجة، ما هو مالك قالنا الصبح.
جحظت عيناها والتفت سريعاً الي زوجها تنظر اليه بريبة.
مالك مطمئناً لها
-طلما السهر في المذاكرة بيتعبك كده ماتبقيش تسهري تاني.
تنفست الصعداء و هدئت نفسها واردفت هامسه له
-حاضر.
وهنا تحدث ابيه بوجه واجم
-طب يا ريت بقى تسيبك من الكلام الفاضي ده، وتقول لينا الموضوع المهم اللي سيبت امك عمايل الاكل عشانه.
رمقته شذى بعين كارهه، لا تعلم سبب عداء هذا الرجل لها.
بينما فاجئهم مالك بجملة، اجحظت عيونهم، و شهقت نفوسهم.
مالك ناظراً الي خالته مبتسماً
-ماجدة جايلها عريس.
-يا نهار اسود.
كان هذا رد ماجدة عليه حين تفاجئت بكلماته، لتوقفها شقيقتها معنفه.
الحاجة مجيدة بفرحة غريبة
ناسود ليه يا هبله ما هو ابيض بلون الجبس اهو، قولنا يا واد يا مالك، مين يا حبيبي العريس ده.
مالك ضاحكاً
-هههههه بتاع الجبس يا أمي.
الحاجة مجيدة
-يا الف نهار ابيض، والنبي من ساعة ما شوفته وانا حاسة.
ماجدة ناهرة لها
-اسكتي يا مجيدة، عريس ايه و…. ايه لاء طبعاً قوله طلبه مرفوض يا مالك.
رفع مالك كتفه بلا مبالاة و هتف
-خلاص زي مانتي عايزة بس ممكن اعرف رافضة ليه، متهيألي دا عريس مايترفضش يعني، دكتور كبير، و له مركزه.
ماجدة نافية
-و انا مالي بمركزه، هو انا هاطلع ليه بطاقه و لا اصلاً عايزة اعرفه.
مجيدة بضجر لاختها
-و هاتعملي ايه بوحدتك يا ختي، بنتك وانتي مطمنه عليها مع جوزها،
وانتي مش كبيرة اوي، وحلوه تقدري تقوليلي هتقعدي لوحدك في البيت ازاي،
انا اصلاً ماكنتش هاسمح ليكي تقعدي لوحدك يبقى تقولي لاء على العريس ليه بقى.
ماجدة بصخب
– انتي خلاص خلتيه عريس، و لا تكوني ناسية اني ارملة لسة مكملتش تلات شهور، و لا أصلاً تكونو ناسين اللي انا و بنتي فيه.
التفتتو جميعاً الي تلك التي مازالت واقفة، تفرك يدها في بعضهم بصمت.
ليشير لها زوجها بأن تأتي له
-الله واقفة كده ليه يا شذى تعالي اقعدي جانبي هنا.
اعطتهم ظهرها و التفتت للرواق سريعاً، وهي تردف بغضب
-اقعد ليه الموضوع كله مايهمنيش من أصله.
❈-❈-❈
وقفت بعين دامعة تكمل ما كانت تطهيه خالتها من طعام الإفطار، و لم تنسى أن تعد له حلواه.
ولج هو من خلفها، ليفهم منها لما الحزن او الرفض الذي قرأه في عيناها.
مالك بهدوء
-بتعملي ايه.
شذي بتهجم
-بسبوسة
مالك متصنعاً الفرحة
-الله الله بسبوسة مره واحدة، خدي بالك انا بحب الحلويات، و انتي كدة هاتخليني اتخن و هيبقى شكلي وحش.
مازلت محتفظة بوجومها لكنها همست
-لاء انت حلو في كل حالتك.
مالك بضحك
-دي معاكسة صريحه بقى.
شذي بحزن
-سيبني في حالي يا مالك.
مالك رابتاً على كتفها
-خلاص يا قلب مالك حالك بقى هو حالي، قوليلي بقى الجميل زعلان ليه و مزعلني معاه.
شذي و قد نظرت له بعين دامعه
-عايزني افرح و امي جايلها عريس.
مالك ضاممها الي صدره مأنباً لها
-ماتبقيش أنانية يا شذى، انتي عجباكي وحدتها دي،
مامتك لسه صغيرة و حلوة، و حرام تعيش وحيدة.
رفعت وجهها و ابتعدت عنه
-هي مش لوحدها و لا حاجة، ما هي قاعدة معانا اهيه و انا مش بسيبها الا وقت النوم بس،
و لو عايزة انام معاها في الاوضة كمان، مش هاسيبها بس ماتتجوزش حد بعد ابويا.
قرص مالك على اذناها من اعلى حجابها معنفاً لها بهمس
-تنامي فين ها، الكلام ده كان ممكن اسمح بيه قبل اللي حصل بينا امبارح،
إنما النهاردة لاءه يا حبيبتي انتي مش هتنامي جنب حد ولا في حضن حد غيري انا،
ثم تعالي هنا، ابوكي اللي يرحمه يا ستي مات و سابها اكيد هي بقي مش هاتترهبن يا عنى.
شذي ضاربه على يده بخفه
-لاء تترهبن هو ابويا كان شوية، مش هو ده محمد العسال حب عمرها اللي هربت وسابت ليكم البيت كله عشانه،
-انتي بتتكلمي كده و كأنها تعرف العريس وموافقة عليه ، دا الراجل لسه شايفها امبارح
وقفت شذى أمام الطاهي تقلب الطعام ناظرة اليه بجانب عيناها
-و لما هو لسه اول مره يشوفها، يقوم يطلبها للجواز النهاردة، ولا هو راجل عنيه زايغه بقى.
مالك عابثاً الوجه
-لاء على فكره دا راجل متدين و محترم جداً بس هو مطلق من فترة كبيرة و لما شاف مامتك امبارح حس انها مناسبة ليه.
شذي برعونة
-مناسبة ليه من ناحية ايه بقى انشاء الله.
رد مالك عليها بجديه
-من حيث فرق السن بينهم يا شذى، ومن حيث كمان القبول من ناحيته لمامتك، و من حيث تدينها وخجلها منه وهو بيجبس ليها رجليها.
شذي ناهية الحوار
-وحضرتك جاي تقنعني انا ليه بص لو هي اللي بعتاك عشان أوافق، روح قولها ان الطلب ده مرفوض.
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية ساكن الضريح ) اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق