رواية ساكن الضريح كاملة بقلم ميادة مأمون عبر مدونة كوكب الروايات
رواية ساكن الضريح الفصل الثامن و العشرون 28
صرخت شذى بخوف
-يعني ايه يعني كده اشرف هيخرج منها، لاء ده لو خرج هيعمل حاجة من الاتنين، يا هيخطفني يا هيدبحني يا مالك.
-ممكن تهدي!
كان هذا صوت صياح مالك الذي تجمد في مكانه،
موجهاً حديثه للمحقق مستنكراً ما يقول،
-حضرتك ده واحد معترف بلسانه انه قتل، تقدر تقولي هيخرج من القضية ازاي؟
هتف المحقق ينفي ما يهلوثو به هم الاثنان.
-ممكن تهدو انتو الاتنين..
انا ماقولتش انه هايخرج منها، انا كل اللي قولته انه كده مش معترف بقتل ابوكي، و لا حتى بأنه هو اللي قتل محمود خطيبك السابق يا مدام.
شذي ببكاء
-لكن قال انه قتل.
صمت المحقق قليلاً الي ان انهت شهقاتها، و صرح قائلاً.
-بالظبط هو اعترف انه قتل، و هنا بقى تبدي مهمتنا احنا، اشرف مش هايخرج من هنا إلا لما نعرف منه هو قتل مين بالظبط، عايزك تطمني، و ماتقلقيش من ناحيته نهائي.
ربت مالك على يدها ضاغطاً عليها برفق، لتنظر له بريبه وتتسأل داخل نفسها، هل اغضبته و هي في وضعها هذا، لتصمت قليلاً محاوله تهدئة نفسها، لتقرأها في عينه دون أن يتحدث، يريدها ان تخفض من صوت شهقاتها!!
بالله كيف يفكر ذلك المختل، ايظن انها في وقت يسمح لها أن تعير لصوتها اهتمام….
ام يريد أن يريها كم عشقه و غيرته عليها، حتى انها يريد كما اخفها عن الجميع، و حجب النظر عنهم، ان يصمتها للأبد حتى لا يستمع احد الي صوتها العذب، ودلالاها حتى في صوتها.
ليهتف قائلاً
-طب اظن كده مافيش أسئلة تانية و نقدر نمشي.
ليجلسه المحقق قائلاً
-اقعد يا دكتور من فضلك احنا لسه ماخلصناش التحقيق، و اكيد لما اخلص انا بنفسي هقولكم مع الف سلامه.
مالك بهدوء حذر
-طب اتفضل اسأل و خلصنا.
لكن قبل أن يستطرد المحقق أسئلته، انتفض الضابط مصطفى ينظر من نافذة المكتب، أثر استماعه لبعض الاشتباكات و الصياحات المرتفعة اسفل البناية.
ثم اسدل هاتفه متحدثاً فيه بهدوء حتى لا يرهب الموقف عليهم اكثر من ذلك، ويحاول التملص منهم للخارج سريعاً، لكنه همس في اذن المحقق قبل أن يذهب ببعض الكلمات، قبل أن يبرح باب الغرفة؟
-في حاجه و لا ايه؟
قالها مالك بقلق بعد أن
رأه يذهب بهذه السرعه و لم يلتفت اليهم.
و هنا تحدث المحقق بمنتهي الجديه، ليغير لفت نظرهم من جهة باب الغرفة اليه.
-مافيش يا دكتور، حضرة الظابط بيشوف شغله، اكيد الراجل مش هايفضل قاعد معانا و سايب الدنيا كده يعني، ماتنسوش ان في متهم في عهدته، نرجع بقى للتحقيق تاني.
اومئت شذى برأسها و همست هادئة
-اتفضل حضرتك.
-تمام نيجي بقى لواقعة التحرش اللي اتعرتضي ليها، هل هاتتهمي اشرف بيها برضو، و لا هاتتهمي حد تاني.
تفاجئو هم الاثنان بسؤاله هذا، و خجلت الصغيرة، و بدل من ان تجيب المحقق أجابت زوجها.
-انا ماعرفش مين اللي عملها، و الله انا كنت متخدرة ساعتها صدقني يا مالك.
حزن زوجها من أجل تذكرها هذه الأحداث المؤلمة، و امسك يدها هذه المره ليطمئنها.
-عارف يا حبيبتي و متأكد من ده، و مصدقك طبعاً.
قطع المحقق وصلة نظراتهم لبعضهم البعض هاتفاً.
-بس انتي قولتي في المحضر، ان محمود ساعتها اتخانق معاكي، وركب المكنه بتاعته و مشي بعد ما دخلك المدخل بتاع البيت بالضرب.
-ايوه حصل.
-وان اشرف كان واقف على القمه ساعتها.
-صمتت قليلاً ثم أجابت، ايوه بس انا طلعت جري ساعتها، و النور كان مقطوع، ماشوفتش مين اللي كان ورايا.
-طيب خلاص احنا كده خلصنا، تقدرو تمشو دلوقتي، بس اعملي حسابك انك هاتروحي تشهدي في المحكمه بعد ما اشرف يعترف بكل حاجه.
-هو لسه فيها محكمة، صرخت بها ثم هبت واقفة تحث زوجها على الذهاب، انا مش هاجي هنا تاني يلا بينا يا مالك.
و هنا! فُتح الباب عنوه، و ولج منه الضابط مصطفى بشبه همجية، مقتحم عليهم جلستهم.
-بعد اذن حضرتك يا سيادة المحقق، حضرتك خلصت تحقيق.
اندهشو جميعاً من ظهوره أمامهم بهذه الطريقة، و وقف مالك امامها يخفيها خلف ظهره كاحصن منيع، بينما هتف المحقق بوجهه مرتاب.
-في ايه ياحضرة الظابط، ازاي حضرتك تدخل علينا بالطريقة دي.
-يا فندم في اشتباكات جامدة بين اهل المتهم و أهل القتيل، وفي خطورة جامدة على الشاهدة و لازم تمشي من هنا.
تشبثت بيدها في ملابس زوجها، تكاد تغرز اصابعها في جسده من شدة رعبها.
ليصرح المحقق
-التحقيق انتهى بالفعل، و تقدرو تمشو.
لكن مالك اهتاج بجسد صلب متشنج
-ازاي هنخرج وسط الحشد دا كله، و يسبونا في حالنا يا حضرة الظابط، انا مش فاهم حضرتك لحد دلوقتي ليه ماحولتش تقبض عليهم.
-ده اللي حالياً بيحصل بالفعل يا دكتور، واظن حضرتك ازكى من انك تفتكرني هاخرجكم توجهوهم لوحدكم اتفضلوا معايا دلوقتي.
-نروح معاك على فين، انا مش هنزل بيها وسطهم حتى لو كانوا مقبوض عليهم.
لقد سئمو من هذا الحديث، لذلك قررو الإفصاح له عن ما ينتوه.
المحقق بوجه محتقن
-ماتقلقش يا دكتور، حضرتك و المدام هاتنزلو من سلم الطوارئ الخاص بالموظفين و بينا، في حالة حدوث اي اشتباكات و السلم ده هاينزلكم على بوابه في الشارع الخلفي تقدرو تمشو من هناك، من غير اي مواجهه مع أي حد.
كما اردف الضابط بكلمته ايضاً
-و كمان حضرتك تقدر تتصل برجالتك اللي جاين معاك، عشان يتحركو ليك، انا لمحتهم بيبعدو بهدوء، و اخدو جنب لوحدهم، برغم ان رجالة عيلة العسال حاولوا يستفذوهم اكثر من مره،
لكن بصراحه هما كان عندهم ثبات انفعالي غريب و ماتدخلوش في اي حوار، وفضلوا الفرجه من بعيد لبعيد.
مالك فاتحاً هاتفه
-انا فعلا كنت هاعمل كده، ضغط على اسم اخو صديقه وبدء يجري معه محادثه بصوت مرتفع، و الكل يعرف مغذها.
-الو ايوا يا حامد انت فين؟
اتاه صوته من الجهة الاخري مجيب الاتصال سريعاً.
-انتو اللي فين يا دكتور دي العركة دايرة هنا على الآخر و اقتحموا عربية الترحيلات، تقريباً كانو فاكرين قاربهم ده فيها، دول كمان حاولو يتعاركو معانا احنا.
مالك بنفاذ صبر
-اسمعني يا حامد ارجوك، تقدرو تلفو لينا من الشارع التاني.
-اه طبعاً من عند البوابه الخلفية، انتو هاتنزلو من سلم الطوارئ.
-ايوه كويس انك عارفه، دلوقتي تستنوي هناك وانا هاجلكم حالاَ.
-الا عارفه يا دكتور، دي اسكندرية كلها عرفاه، خلي انت بس الشرطه يأمنوك كويس لحد ما تطلعلي من البوابه دي و سيب الباقي على الله وعلينا احنا.
-تمام يا حامد الله يطمنك يا اخويا، سلام وانا جايلك حالاً دلوقتي.
اغلق معه الهاتف ناظراً الي الضابط، و وجهه واجم، يريد أن يخبره بعدم الأطمئنان لكن على كل حال، هو أيضاً لا يريد أن يزيد من خوفها.
هتف الضابط على عجالة
-خلاص فهمتهم هنعمل ايه، نقدر نتحرك دلوقتي.
مالك مستفهماً
-ايوه بس حضرتك متأكد ان السلم ده امان.
-ايوه طبعاَ و متخافش في عناصر من الشرطه واقفين عليه دلوقتي وعندهم أوامر بالضرب في المليان لأي حد يحاول يتعرض لينا.
مالك ممسكاً يديها في راحة يده، يحثها على التحرك.
-تمام استعنا على الله، يلا بينا يا شذي.
-انا خايفة يا مالك، هايخدوني منك و يموتوني.
قالتها شذى بخوف واضح، و ليرفع ذراعه بعفوية مغلقاً عليها، ضاممها تحته بتملك و متحرك بها.
-شذي ثقي فيا يا حبيبتي، خليكي متأكده ان اي حد عايز يلمس شعره منك لازم يواجهني ان قبلها، و اذا حد لمسك يا شذى، يبقى اكيد هتكون روحي فارقت جسمي يا حبيبتي.
-بعد الشر
قالتها الجميلة الصغيرة، بصرخة متلهفه محتضنه خصر زوجها بالكامل.
ليهتف الضابط متأثراً بهم
-ان شاء الله مافيش حاجه من دي هاتحصل، يلا بينا بقى الوقت كده مش في صالحنا.
-استنوا….
قالها المحقق أمرهم بالأنتظار، ليلتفتو جميعاً له.
-امضي على اقولك يا مدام شذى، و يا ريت يا حضرة الظابط تخرجهم من الباب الخاص بيا بلاش تتواجهوا مع حد بره.
اومئوا له و مضت على اقوالها، وبدؤ يترجلو من الباب الذي أشار لهم وكيل النيابه عليه.
اطمئنت و هدئت عندما وجدت الرواق فارغاً.
فحاولت ان تبطئ في خطواتها، الا انها كادت ان تتعثر في ادنائها بسبب خطوات زواجها السريعة.
ليلتقطها مالك قبل أن تسقط، فيصيح متلهفاً.
-حاسبي لا تقعي يا شذى، على مهلك يا حبيبتي.
شذي ببكاء
-على مهلك انت يا مالك، انت اللي هاتوقعني.
ضحك مالك على طفولتها، كما ضحك الضابط أيضاً فبرغم من جمالها و انوثة جسدها الطاغية على نقابها و ادنائها المحتشم، الا انها تتذمر مثل الأطفال.
مالك بأسف حقيقي، مشفقاً على صغيرته و ما يحدث لها…
-اسف يا حبيبتي حقك عليا، طب اشيلك يا شذى.
شذي بخجل
-لا لا لاء انا خلاص بقيت تمام، يلا بينا نمشي من هنا بقى.
مالك مؤيداً رأيها
-حاضر يلا بينا.
بدؤ يترجلوا على الدرج بانتظام و حرص، يتقدمهم الضابط و تليه شذى و يليها مالك محتويها و متحفزاً عليها بيديه من الجانبين ، و هم يشاهدون الجنود تصتف على الدرج في انتظار هبوطهم للأسفل.
لكن لم يزد هذا المنظر سوي الرهبه في قلبها، فاهي خائفة لأبعد حد ممكن ان يتصوره انسان،
زوجها يحاوطها، و الشرطه تحميها، و رجال ليس لها بهم اي صله تدافع عنها و كل هذا ضد من؟
يا الله ماذا فعلت تلك الفتاة في حياتها، حتى يريدو أقرب الناس إليها ان يزهقو روحها، هل يحدث لها كل هذا فقط، لأنك منحتها كل هذا الجمال!
لكن الجمال في هذه الحاله ليس بمنحه او نعمه، هو نقمه ليس إلا.
تشنج جسدها فجاءه و توقفت عن السير دون
ارادتها، حين وجدت الضابط و قد تقدم مع بعض الجنود الي الباب الرئيسي، مظهراً سلاحه بيده رافعه للأعلي، ساحباً صمام الأمان.
التفتت دون ارادتها تلقي بنفسها بين ذراعي زوجها، تختبئ في صدره من المجهول، تهمس له بخوف.
-مالك انا خايفه، هو ايه اللي بيحصل ده.
حاول مالك تهدئتها، لكن كيف و هو أيضاً خائف عليها و لا يعلم ما يحدث.
-شششش اهدي يا شذى ماتخفيش يا حبيبتي، انا باتصل بحامد اشوفه فين.
الو ايوه يا حامد انتو فين دلوقتي و ايه الدوشه اللي عندك برة دي.
-احنا ورا المبنى زي ماقولتلي يا مالك و مستنيك بالعربيه قصاد البوابه على طول، بس خلي بالك و انتو خارجين عشان في نوش هنا برضو و مستنينكم تخرجو.
هتف مالك ضاغطاً على جسدها بذراعه
-يعني ايه يا حامد مش هنعرف نخرج من هنا.
تأفف حامد منزعجاً على ما يهرتل به صديق شقيقه، ليصيح فيه بطريقة عشوائية و بصوت جاهور.
-موقلناش كده يابا، بنقول لك ايه يا دكتور، و النبي تنجز و تناول الظابط اللي معاك الموبايل وأني هانكلمه و نعرفه الوضع بره عامل ازاي.
لم يكن بيده الا انه انصت جيداً لما يقول، ثم توجه بخطوات متثاقله، نظراً لتلك الملتصقه به، الي الضابط معطي له الهاتف.
اخذ الضابط منه الهاتف و بدء الحديث…
الضابط مصطفى
-ايوه
حامد رامقاً الجميع بعينه
-ايوه يا باشا مع ساعدتك حامد صاحب الدكتور مالك.
الضابط مصطفى
-معاك يا حامد قولي الوضع عندك اخباره ايه
-الوضع مايبشرش بخير يا باشا، العيال دي زي ماتكون عارفة اللي بتفكرو فيه، دول قاسمين نصهم على البوابه الرئيسية، و النص التاني
عاملين نوش و بيتعركو هنا في الشارع الخلفي.
صمت الظابط يفكر قليلاً ثم أردف له….
-تقدر تدخل بعربيتك من البوابه الحديد يا حامد.
-لو سمحولي بده يا باشا هادخل، انا واقف قصاد البوابة الحديد اصلاً.
-تمام يا حامد انا هاخرج ليك دلوقتي، و هحاول اشتبك معاهم،
و اقبض عليهم وفي الوقت ده انت تدخل بعربيتك، و يركبو فيها في حوالي خمس دقايق تكون طاير بيهم من الشارع كله يا حامد مفهوم.
-أوامر يا باشا على راسي، في انتظار ساعدتك.
اغلق الهاتف و التفت له معطيه اياه، مسرعاً في حديثه و هو يعدو سريعاً للخارج مشيراً لرجاله بالتقدم.
-سمعت طبعاً كلامي يا دكتور، و فهمت قصدي ايه،
انتو هاتخرجو ورا العساكر بالظبط، لحد عربية حامد، ارجوكي ركزي يا مدام شذى اول العساكر ما تخرج من البوابة، انتو هتكونو في قلب العربيه،
وتقعدو في الدواسه لحد ما نختفو من هنا، و لو حصل غير اللي بقوله، انا مش هبقي مسؤل عنكم.
صرخت شذى متعلقه في عنق زوجها….
-انا خايفة يا مالك….
اردف مالك قائلاً و كأن ليس بيده حيلة اخري
-قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا يا شذى.
تنهد بنفاذ صبر و حملها بذراعه و مد خطاه خلف الجنود للخارج، لحقاً بهم مرحبا والجنود يحجبوهم عن رؤية الانظار، لكن هو يرى الأحداث كامله.
-لكي الحق ان تهابي الموقف برمته يا عزيزتي
ضغط براحة يده بخفة على رأسها من الخلف الي صدره، قاصداً الا يريها ما يدور امامها..
ترجل على الدرج سريعاً، حين لمح شقيق صديقه يقف ينتظرهم بالداخل و يفتح لهم باب السيارة الخلفي .
دفعها بقوه داخل السيارة مجبرها على الانحناء بالأسفل، و جلس بجانبها مغلق الباب سريعاً وهو يصيح بقوة في وجه حامد الذي جلس علي مقعد القيادة متأهباً للرحيل.
-يلا بسرعة يا حامد.
كانت شهقة حامد أسرع من قيادته للسيارة، حيث شاهد الرجال يتشابهون مع الشرطة
وقد تضاعف عددهم ازدادت قوتهم، حين انضم إليهم الباقية من الرجال الأخرين وحاولوا إقتحام البوابة الحديدية.
ليهتف حامد ضاغطاً بكل قوته على موقد السيارة.
-إتكل على الله يا دكتور، وصلي على اللي هيشفع فيك معانا يا رب، يا مرسي يا ابو العباسسسسس
إن لقت السيارة وسط الجمع الغفير دافعة كل من يحاول ان يعوق حركتها، والغريب ان بعض الرجال لم يهاب سرعتها ظلو يرشقو السيارة ببعض الأسلحة البيضاء
حتى تم تكسير زجاجها بالكامل، إلى أن أضطر حامد لإشهار سلاحه الناري وأطلق منه رصاصة في الهواء.
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية ساكن الضريح ) اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق