Ads by Google X

القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية فرح فهيمة الفصل الاول 1 - بقلم آية السيد

   رواية فرح فهيمة كاملة   بقلم آية السيد    عبر مدونة كوكب الروايات 

رواية فرح فهيمة الفصل الاول 1


 
في بيت كبير بمنتصف القرية بإحدى القرى الريفية وبالتحديد بمحافظة كفر الشيخ ينعقد إتفاق بين مجموعة من الأفراد بعد نقاش طويل يشوبه الحدة أحيانًا والتراخي أحيانًا أخرى….
“خلاص يبقا فهيمه بتنا هتتچوز راچل من حداكم طلما الچواز هو الحل عشان نرچع حبايب”
قالها ماجد عمران كبير عائلة “عمران”، حاول إبنه أن يتدخل قائلًا:
-بس يابا….
ليرفع ماجد يده مقاطعًا كلامه بحزم قائلًا: الكلام انتهي يا زيد
عقب رجل أخر سليمان “كبير عائلة النجار”:
-يبقا كتب الكتاب في خلال يومين والفرح والدخله نبقوا نحددوهم بعدين…
لتعلو الدهشه وجوه جميع الحضور ولكن لم يستطع أي منهم الإعتراض فقد قضي الأمر واتفق كبار العائلتين.
انفض المجلس لنجد كل عائله تجتمع منفرده للتشاور في الأمر
” عائلة عمران”
***************
-يابا إنت بتقول هتچوز فهيمه ازاي إنت مش عارف إنها عايشه في مصر وكمان بتدرس في الچامعه!
زفر الأب “ماجد” بقوه وقال:
-عارف يا زيد بس هي لازم تنفذ أوامري وإلا هكون مقاطع أبوها طول عمري
زفر ماجد بحسرة وأردف بتوضيح:
-أخوك إيهاب الله يرحمه غلط زمان وكلنا لازم نتحمل نتيجة غلطه
تنهد زيد بحسره وقال:
-لو فهيمه موافقتش على الچواز هنخسر كل شغلنا…
زفر زيد بقوه وأردف:
– مفيش حل إلا إننا نتصالح مع عيلة النچار بأي شكل
زفر ماجد بقوه قائلًا:
-ربنا يستر من الي چاي
___________
على جانب أخر تجتمع “عائلة النجار”
هتف الأخ الأصغر لأخيه الأكبر معاتبًا:
-هتچوز يوسف بت من الريف ازاي يا سليمان وإنت عارف إنه اتعين داكتور في الچامعه وعايش في مصر وسقف طموحاته عالي!
عقب سليمان بتعجب:
-يعني هيعصي أوامر عمه! حتى لو هو عصي هچبره..
عقد جبهته بتحدي قائلًا:
-أنا عارف هخليه يوافق إزاي….
أردف سليمان وهو ينظر لأخيه الأصغر بأمر:
-كلمه وقوله عمك عايز يشوفك بكره…
عقب الأخ الأصغر بقلة حيله:
-ماشي يا سليمان لما نشوف أخرة دماغك هتودينا فين!
عقب سليمان بثقة:
-متقلقش أنا مرتب لكل حاچه
أردف بفخر واعتزاز قائلًا:
-أنا إلي ضيقتها عليهم وعرفت أچيبهم راكعين
رمقه الأخ الأصغر باستفهام قائلًا:
-رچعت برده تفكر في الإنتقام!
رفع رأسه بشموخ قائلًا:
-أنا منستش الإنتقام أصلًا وطول السنين دي كنت بطاردهم في الخفى
ابتسم سليمان بسخرية مردفًا:
– وأخيرًا وقعوا تحت ايدي وچاين يطلبوا الصلح عشان ينقذوا شغلهم
عقب الأخ الأصغر بعدم فهم:
-طيب وليه وافقت على الصلح؟! ليه مرفضتش وسيبتهم يخسروا شغلهم
هز رأسه باعتراض قائلًا:
-لأن خسارة الفلوس مش هتوچع
نظر أمامه بجديه قائلًا:
– أنا ناوي على حاچه تانيه
هز أخيه الأصغر رأسه باستنكار ورمقه بنظرات حائرة قائلًا:
-ربنا يستر من إلي چاي
________________________________
وفي اليوم التالي أثناء طريق عائلة “فهيمه” أو
“فرح” للبلد وبالتحديد في السياره مالت “فرح” على أخيها الأكبر “نوح” وهمست بخبث:
-طبعًا إنت في غاية السعاده عشان هتشوف الجو بتاعك!
لكزها نوح في ذراعيها بقوه وقال:
-اسكتي يا فضيحه أنا غلطان أصلًا إني حكيتلك
ابتسمت قائله بثقه:
-من غير ما تحكي أنا أصلًا كنت عارفه
غمزت بعينيها وهمست مردفة:
-بس البت شكلها واقعه فيك يا معلم
اعتدل في جلسته ونظر لها بترقب وسألها مبتسمًا:
-هي قالتلك حاجه؟!
عقبت فرح قائله بثقه:
-هي مقالتش بس أنا من خلال خبرتي في الحياه متأكده إنها واقعه فيك
رفع شفتيه لأعلى بسخريه وقال:
-خبرتك في الحياه! اكتسبتيها إمته الخبره دي؟
مسكها من ملابسها التي تغطي كتفها مردفًا بحده مصطنعه:
-يا بت دا إنتِ مقضيه حياتك يا نايمه يا بتاكلي!
أزاحت يده عنها ورفعت سباتها أمام عينه قائله بحده مصطنعه:
-لو سمحت أنا مقبلش إنك تقلل من مسيرتي في الحياه… دا أنا فرح يعني حياتي كلها مرح
ابتسم بسخرية وهو يهز رأسه باستنكار قائلًا:
-مرح! إنتِ تافهه يا بت؟
ضربته على كتفه فضربها واشتد النزاع بينهما فتدخل الأب قائلًا:
-ايه بدأنا لعبة القط والفار المفروض كبرتوا على كده
لفت الأم وجهها ونظرت لفرح قائله:
-عيب يا فرح أخوكِ الكبير
ونظرت لنوح قائله:
– عيب يا نوح أختك الصغيره
ابتعدت فرح عنه مسافه وقالت بغضب:
-أنا مش هكلمه أصلًا تاني دكتور الحيوانات ده!
نظر لها باستهزاء قائلًا:
-احمدي ربنا هتلاقي دكتور يعالجك لما تتعبي
نظرت له باشمئزاز قائله:
-أنا مش هرد عليك
صرف نظره عنها للإتجاه الأخر وعقب قائلًا:
-أحسن برده
وبعد فتره وصلوا للبيت مع أذان العصر وارتجلوا من السياره، تعلقت فرح بذراع أخيها وكأنهما لم يتشاجرا قبل قليل، نظرت للبيت الكبير الذي يقع بمدخل القرية ويضم ثلاث طوابق غير الطابق الأرضي ويطل على بحر أو كما يُسمونه ترعة نقيه ليست بالواسعة ولا المكتنزه، وأمام البيت حديقة تحتوي جوانبها على الورد وتنتشر بها أشجار النخيل والعنب والمانجا والجوافه نظرت فرح لجمال الحديقه وهتفت قائله بحب:
-أنا بحب الريف جدًا وبحب البلد وأجوائها أوي خصوصًا في الصيف

نظر لها نوح قائلًا:
-هي بصراحه تتحب بس الي مبتحبش بقا الناموس
تركت فرح ذراعه وربتت على كتفه بيدها كأنها تشد أزره قائله:
-مرطبك في جيبك جهاز الناموس في إيدك أي ناموسه تجيلك علقها أوعى تهشها
ضحك نوح قائلًا:
– على رأي جدي دا مش ناموس دا جاموس
تعلقت فرح بذراعه مجددًا قائلة:
-يلا نبدأ المعركه
رمقهما الأب متعجبًا ثم نظر للأم قائلًا:
-دول إلي كانوا بيتخانقوا من شويه!
عقبت الأم مبتسمه:
-متركزش معاهم دول كل ساعه في حال
نتعرف بالأبطال
**********
“فرح أو فهيمه والديها وأخوها ينادونها فرح أما جدها وعائلة والدها ينادونها فهيمه فإسمها فهيمه بالهوية الشخصيه لكننا سنناديها فرح، أكملت العشرين عامًا منذ أيام، متوسطة القامه بجسد نحيف، صاحبة ملامح رقيقه وأعين واسعه سوداء وأنف صغير وشفاه ممتلئة قليلًا، ودائمًا ترتدي نظارتها الطبيه العريضة تدرس بكلية الآداب بقسم علم النفس وتتمنى أن تكون دكتورة نفسية لتفك عقد الناس الخفيه التي لا يكادون يرونها”
“نوح أخيها الأكبر والوحيد يكبرها بأربعة أعوام بالرابع والعشرين من عمره تخرج من كلية الطب البيطري ويعمل مؤقتًا مندوبًا للمبيعات بإحدى الشركات لحين فتح مشروعه الخاص”
وبعد أن دخلوا وتبادلوا السلام والترحاب استغل الجد تجمعهم ونظر لإبنه هشام”والد فرح” قائلًا بتردد:
-هشام يبني فهيمه چالها عريس
فغرت فرح فاها بصدمه وردت بعفويه:
-لأ يا جدي أنا مش ناويه أتجوز أصلًا
شرح الجد الغرض من الزواج والحوار الذي دار بينهم وبين عائلة النجار فرد هشام”والد فرح” بحده:
-لأ يابا أنا مش هروح أرمي بنتي في النار عشان شغلك يمشي
حاول الجد “ماجد” التبرير قائلًا:
– إنت عارف غلاوة فهيمه عندي وأنا لا يمكن أرميها في النار!
زفر ماجد بقوه وأردف بتوضيح:
-هيكون كتب كتاب يعني هيبقا على ورق وأنا هأچل الفرح خالص دلوقتي على ما شغلي يتظبط ونطلقها منه وكأن مفيش حاچه حصلت…

هز هشام رأسه بعنف معترضًا وهتف بحزم:
-لأ يابا أنا مش موافق
تجعدت ملامح ماجد ورد بحزم وبنبرة حادة:
-والله يا هشام لو ما وافقت لأكون مقاطعك عمري كله وأحلف عليك ما تحضر چنازتي
ابتسمت فرح ببلاهه ووقفت بحماس قائله بسذاجتها المعتاده وهي ترفع ذراعيها كمن يحمل الأثقال:
-وأنا موافقه يا جدي أخوض المعركه دي
نظر الجميع لفرح بدهشه وسحبها نوح من ذراعها بعنف لتجلس فعقبت متأوهه:
-براحه يا نوح دراعي
رد عليها نوح بنبرة حادة:
-لما الكبار يتكلموا تسكتي خالص
أشار الجد نحوها قائلًا:
-وأهي صاحبة الشأن موافقه
أكدت فرح قائله:
-أيوه موافقه يا جدي طلما حضرتك بتقول هيكون على ورق وهتحل مشكلتك يبقا على بركة الله
قالت جملتها الأخيره مبتسمه بنفس البلاهه فهي لا تدرك عواقب ما قالته قبل قليل هي فقط تريد إضافة بعض الأكشن والمغامره لحياتها الروتينيه فيالها من حمقاء! وبلهاء! وساذجه!
وبعد مناقشة الموضوع لساعة كامله وافقوا جميعًا وبدؤا يجهزون لكتب الكتاب الذي سينعقد في الغد، وستتعقد معه حياتها!
اقترب منها نوح وهمس لها قائلًا:
– أتمنى تكوني مدركه عملتي في نفسك إيه؟!
أجابت بثقة:
-طبعًا مدركه ملكش دعوه إنت
هز رأسه بقلة حيله قائلًا:
-والله شكلك ما فاهمه أي حاجه
رمقته بسخريه ولم تعقب على كلامه وخرجت من البيت لتتمشى بالحديقه فخرج ورائها جدها وناداها قائلًا:
-متخرجيش لوحدك يا فهيمه كل مره بتوهي وسط الأراضي وتحيرينا
ضحكت قائله بثقه:
-متقلقش يا جدي أنا خلاص اتعودت
عقب الجد باستفهام:
-اتعودتِ على المكان!
ابتسمت فرح قائله:
-لأ إتعودت إني أتوه وتدوروا عليا وكدا
عقب الجد بحزم وهو يضغط على كل كلمه بجملته:
-متخرچيش لوحدك يا فهيمه
عقبت قائله بعدم اقتناع:
-حاضر يا جدو
دخل جدها للبيت ونظرت هي يمينًا ويسارًا ثم تسللت دون أن يراها أحد لتخرج وتتمشى بين الأراضي كمان تهوى فهي تحب المغامره وتلقي بنفسها دائمًا في المهالك بدون أدنى تفكير….
________________________________
على جانب أخر في بيت “عائلة النجار”، في مكتب سليمان، يقف يوسف حائرًا بعد أن عرض عليه عمه سليمان فكرة الزواج واعترض عليها، لكن عمه حاول إقناعه بالرضا فرد عليه يوسف بهدوء:
-يا عمي لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وأنا لا يمكن أتجوز بالطريقه دي

رد سليمان بنبرة هادئه:
هي فين المعصيه دي! هو أنا بقولك مشي معاها في الحرام! أنا بقولك اتچوزها على سنة الله ورسوله
حين سمع يوسف جملة عمه زفر بقوه وحاول الحفاظ على هدوئه قائلًا بنبرة لينه:
– يا عمي ربنا بيقول” ولا تمسكوهن ضرارًا لتعتدوا ومن يفعل ذالك فقد ظلم نفسه”
تنهد يوسف بنفاذ صبر وأردف:
-وأنا لا يمكن أظلم نفسي وأظلم بنت بريئه ملهاش ذنب في أي حاجه!
اتجه سليمان نحوه ونظر لعيني يوسف برجاء كأنه يتوسل إليه ومسك ذراعيه ليحاوطه قائلًا:
-يا يوسف لازم تبرد ناري وتتجوز بت من حداهم عشان نكسر عنيهم زي ما كسروا قلوبنا زمان!
زفر يوسف بحنق لكنه حاول تمالك حاله، تظاهر بالهدوء ليستطيع إقناع عمه وعقب بتوضيح وببعض الحده:
-يا عمي والبنت ذنبها إيه لما عمها طلق عمتي وعمتي ماتت وأصلًا عمها كمان مات
قطب يوسف حاجبيه مردفًا باستفهام:
– ليه ننبش في الماضي وهو أصلًا اتردم عليه!؟
نظر سليمان للفراغ نظرات غاضبه حين تذكر ما حدث قبل أعوام وعقب قائلًا:
-عمتك ماتت بحسرتها لما طلقها ابن ماچد وراح اتچوز عليها
هز يوسف رأسه باستنكار ولم يعقب سند ظهره للحائط وحدق بالأرض واضعًا ظهر أصابعه على فمه يفكر في حل لتلك الورطه فمن الواضح أنه لا فائدة من محاولاته لإقناع عمه، نظر له سليمان وأردف بنبرة هادئة:
-اتجوز بنتهم سنه سنتين تلاته إلي يريحك وبعدين طلقها واتجوز إلي تختارها
أردف سليمان برجاء:
-برد ناري يا يوسف وخدلنا طارنا منهم
ذم يوسف شفتيه بحزن وعقب بحزم:
-لا يا عمي أنا آسف لا يمكن أوافق على الجوازه دي
ضرب سليمان يده على المكتب بغضب ورمقه بنظرات حارقة قائلًا بنبرة أحد من السيف:
-تبقا إنت إلي حكمت على نفسك وعلى أمك وأختك
أقبل سليمان نحو المكتب بخطوات واسعه وأخرج الأوراق من درج مكتبه ليضعها أمامه ثم أشار عليها قائلًا:
-وكدا هضطر أستخدم معاك القوه يابن أخويا
نظر يوسف للأوراق على سطح المكتب وسأل متعجبًا:
-إيه الورق ده؟!
عقب سليمان قائلًا:
-دي الأوراق إلي مضيت عليها أول ما چيت شيك ب ٥مليون يا تسددهم يا تتحبس يا داكتور يوسف…..
تنهد يوسف بحسرة قائلًا:
-ليه كدا يا عمي!؟
جلس سليمان على كرسي مكتبه قائلًا بثقه:
-فكر يا يوسف وخد قرار، وياريت تفكر في أمك وأختك قبل منك
تذكر أخته الصغيره وقرانها الذي سيُعقد بعد شهر، فهو معيل أسرته الوحيد، لم يترك له عمه أي خيار سوى الموافقه!
حين طال صمته أردف عمه قائلًا :
-إنت المفروض تشكرني عشان چايبلك بت تتسلى معاها وبالحلال يابن أخويا
رد يوسف بحسرة:
-وإنت بتسمي دا حلال يا عمي…. اتجوز واحده عشان أنتقم منها ومن أهلها…. دا حلال في شرع مين؟!
عقب سليمان بتحدي قائلًا:
-معندكش خيار إلا إنك توافق
رمقه يوسف بنظرات عتاب وهم أن يغادر الغرفه وقبل أن يفتح الباب أوقفه صوت سليمان الذي وقف عن مقعده قائلًا بنظرات محذره:
-ياريت متتأخرش في الرد عليا لأن كتب الكتاب هيكون بكره!
زفر يوسف بحنق وخرج من الغرفه بل من البيت بأكمله…
“يوسف شاب بالسادس والعشرين من عمره طويل القامه متوسط الوزن يمتلك ملامح رجوليه جذابه، يعمل معيدًا بالجامعه ويدرس لتحضير دراسات عليا “ماجستير ودكتوراه” وسنعرف تفاصيل أكثر عنه فيما بعد…”
_________________________________
“الله على الجو الجميل والخضره الأجمل”
قالتها فرح وهي تنظر حولها مبتسمة وتتنفس بارتياح إنه الريف وجماله، كانت تسير في طريق خالٍ من المساكن وعلى جانبيها أراضي زراعيه على يمينها أعواد الذره الخضراء الطويله وعلى يسارها زرع الرز الأخضر، كانت في مكان خالي من الناس يعمه الهدوء الذي يختلط مع أصوات العصافير في وقت الغروب وها قد غادر الجميع لبيوتهم مع حيواناتهم التي يستنفعون من حليبها أو لحومها، زفرت بارتياح قائلة:
-هي دي العيشه ولا بلاش يا سلام لو بابا يشوفلنا بيت هنا في البلد بعيد عن زحمة القاهره!
مصمصت بشفايها مردفةً:
-يا سلام …. يا سلام
لمس وجهها الهواء العليل فأردفت قائله:
– يا محلاها عيشة الفلاح
نظرت حولها فوجت أرضًا بها باذنجان ناضج فاقبلت نحوها وأخذت واحده وهي تلتفت حولها كمن يسرق شيئًا وبدأت تتذوقها بمتعة، اغلقت عينيها وهي تمضغها وتتمتع بطعمها اللذيذ، ليقاطعها صوت نباح كلب وهي تخاف من أي حيوان خلقه الله ماعدا الخيل والقطط، جحظت عينيها بصدمه صارخةً ثم ألقت الباذنجان من يدها بهلع وركضت من أمامه أخذ يركض وهي تركض أمامه حتى وجدت أمامها ترعة مياه نقية فقفزت بها….
-لو كلب ابن كلب بقا بجد انزلي هنا نتواجه
قالت جملتها بثقه فهي تحتمي بداخل بالمياه رد عليها الكلب بالنباح فصاحت بنبرة حادة:
-امشي بقا امشي!
ملأت كفها بالماء وقذفته به بغضب وهي تقول:
-امشييييي
لم تتخيل أنه قد يجلس على حافة الترعه لينتظرها لكنه فعل، سبحت يمينًا لتبتعد عنه وتخرج فقام الكلب وتبعها كأنه ينتظر ظهورها من المياه فتوقفت عن السباحه وقالت بصوت يوشك على البكاء:
-إنت مبتمشيش ليه يخربيتك!
بدأت تؤنب نفسها بصوت مسموع:
-يارتني سمعت كلام جدي ومخرجتش لوحدي
______________________________
خرج يوسف من بيت عمه غاضبًا لم يسمح لأحد بمخاطبه وأخذ يتمشى وسط الأراضي الزراعيه يحاول تهدئة حدة غضبه إرتفع أذن المغرب فلفت نظره تلك الفتاه التي تتحدث مع الكلب كأنه يفهمها فتوارى خلف الشجرة ليستطيع رؤيتها وسماعها لكنها لا تراه…
___________________
أما هي فما زالت عالقة بالمياه وذالك الكلب يقف على حافة الترعه، لوت شفتيها لأسفل وقالت بجديه وكأنه يفهمها:
-المغرب أذن امشي بقا زمان أمك بتدور عليك
أردفت بملامح مجعده بحزن:
-زي ما أمي أكيد بتدور عليا
أشاحت له بيدها وهي تقول:
-امشي…. امشي
رد عليها بالنباح فاستجمعت قوتها وسألته باستفهام:
-معندكش أولاد! طيب عندك أخوات… أصحاب أو أي حاجه
لوت فمها لأسفل بحزن وأردفت:
-صدقني زمانهم قلقانين عليك امشي بقا!
صاح الكلب بالنباح كأنه ينادي أصحابه وما هي إلا دقائق وكان أمامها خمسة كلاب أخرين غيره تقوس فمها لأسفل وهتفت بخوف:
-إيه ده إنت ناديت عيلتك؟!
بدأ الكلاب جميعًا بالنباح فصاحت بغضب وبصوت مرتفع:
-إنت كبرت الموضوع ليييه!!! ما كنا هنحله بينا… منك لله منك لله
وعلى جانب أخر كان يوسف يستمتع بحديثها حتى أنه تناسى حديث عمه وبدأ يراقب رد فعلها حتى ودعت الشمس السماء وأشك الجو أن يعتم فنظرت للسماء ثم إليهم وقالت ببكاء:
-إنتوا ناوين تتعشوا بيا ولا إيه!
رأت مجموعة أخرى من الكلاب قد أقبلت إليهم فصرخت:
-لا لا لا إنت ناديت الكلاب إلي في البلد كلها ولا إيه؟!
صاحت ببكاء:
-يا ماما…. يا بابا…. يا جدو حد يلحقني يا ناااس
أوشكت الشمس أن تودع السماء وفقدت الأمل أن يسمعها أحد فسبحت بإتجاه اليمين لتحاول الإبتعاد عنهم وتخرج، لكن تتبعها الكلب مجددًا فصرخت:
“حد يلحقني”
قرر أن يساعدها فقد أوشك الليل على إسدال عتمته أقبل نحوها وهو يقول:
-إنتِ بتعملي إيه عندك؟!
تهللت أساريرها حين رأته وهتفت برجاء:
-الحقني وساعدني
أردفت بتوضيح يعتريها القلق:
– أنا بقالي كتير في المايه والكلاب دي مستنياني أخرج
تبسم ضاحكًا وهو ينحنى للأرض ليأخذ مجموعة من الحجارة ويقذفهم بها حتى انصرفوا جميعًا حاول كبح ضحكاته ونظر لها قائلًا:
-طيب اخرجي خلاص مشيوا
نظرت له هو الأخر بريب أيعقل أن يكون عفريت من الجن كما قرأت في رواية سابقة، أم أنه تلك النداهه التي تقتل الناس، فقررت ألا تخرج، وحين طال صمتها أردف قائلًا:
-مخرجتيش ليه؟!
سألته بخوف:
-إنت مين؟!
ابتسم على حالتها يحاول كبح ضحكاته قائلًا:
-طيب اخرجي الأول وبعدين نبقا نتعرف
مسحت دموعها وعقبت بإصرار:
-قول الأول بسم الله الرحمن الرحيم
لم يتمالك حاله لأكثر من ذالك وضحك فقد فهم أنه تظنه جني، تمالك نفسه عن الضحك وعقب:
-اخرجي بس الأول
عقبت بهلع:
-لأ والله ما خارجه إلا لما تقول بسم الله الرحمن الرحيم
ردد بنفاذ صبر قائلًا:
-بسم الله الرحمن الرحيم
تنهدت بارتياح وخرجت من المياه رمقها بنظرة سطحية قائلًا بمكر:
-طبعًا كدا اتأكدتي إني مش شيطان لكن أنا يا ستي عفريت مسلم
صرخت واتجهت نحو المياه مجددًا وكانت ستقفز بدون تفكير، لكن أوقفها صوته:
-استني بهزر والله أنا انسان وإسمي يوسف
التفتت إليه بشيء من الزعر فهتف بنبرة ساخرة وهو يحرك هاتفه:
-هو فيه عفريت هيشيل موبايل!
ازدردت ريقها بخوف ورمقته بهلع قائله بتلعثم:
-ي… يعني إنت إنسان عادي زينا!
اومأ رأسه مؤيدًا فوضعت يدها على قلبها تهدئه من هلعه، تنفست بعمق وزفرت بارتياح ثم تحولت ملامحها للغضب وهتفت ببعض الحده:
-بالله عليك دا كان وقت هزار يا كابتن إنت!!
قطب حاجبيه وعقب متعجبًا:
-كابتن!
رمقته بنظره سريعه وقالت بعفويه:
-أيوه كابتن بشكلك إلي شبه أبطال الروايات ده!
ضحك يوسف على عفويتها وحك مقدمة رأسه بارتباك ثم قال:
-على العموم متأسف جدًا… ممكن أعرف إيه إلي جابك هنا في الوقت ده؟
أجابت بعفويه:
– بتتدخل في الي ملكش فيه بس هحكيلك عشان ارتحتلك
عقد يديه حول صده قائلًا:
-احكيلي
نظرت حوالها بارتباك فمعالم الطريق قد اختفت ولا تعرف طريق العودة للبيت، هتفت قائلة:
-هو أنا جدي قالي متخرجيش لوحدك وبعدين غفلته وخرجت
عقد جبهته قائلًا بتعجب:
-غفلتيه!
عقبت فرح بتوضيح:
-أيوه يعني هربت منه… المهم كنت معلمه البيت بشجره قدامه ونخله قبله بشويه
نظر حوله للطريق المليء بالأشجار والنخيل وعقب:
-معلمه البيت بشجره ونخله واضح انك ذكيه أوي!
تجاهلت جملته وعقبت بتوضيح أكثر:
-المهم يا كابتن كنت بسرق بتنجان من أرض كدا
أغلقت عينيها باستمتاع حينما تذكرت طعم الباذنجان مردفة:
-وفعلًا طعمه كان لذيد أوي وكنت مستمتعه لحد ما جه كلب جري ورايا وأنا جربت
نظرت حولها بتوجس تحاول تذكر طريق العوده للبيت وهتفت قائله:
-تقريبًا جريت شمال!
نظرت يمينها مردفةً بقلق:
-أو يمين مش فاكره!
تجعدت ملامحها ولوت شفتيها لأسفل كمن يوشك على البكاء:
-أنا شكلي كدا توهت تاني!
كان يراقب طريقة كلامها العفوية التي رسمت الإبتسامه بقلبه قبل شفتيه، فهي تشبه الطفله الصغيره، مظهرها يدل على أنها بالكاد على مشارف بلوغ ١٤ عام، فك عقدة يديه ووضع يده أسفل ذقنه قائلًا بتعجب:
عقبت بملامح مجعده بخوف:
-لأ دي سادس مره وجدي هيعلقني المره دي
ابتسم ولم يعقب عليها فنظرت حولها مردفة:
-المشكله هرجع إزاي؟!
عقب يوسف قائلًا:
-قوليلي بس إنتِ من عيلة مين وأنا هوصلك بنفسي لحد البيت….

reaction:

تعليقات