رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء كاملة بقلم سارة أسامة عبر مدونة كوكب الروايات
رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء الفصل السادس عشر 16
استمع يعقوب لإستغاثتها به لينتفض جسده وهو يترك ما بيده بإهمال وسعى إليها بتلهف مشوب بالوجل..
وقف أمامها وهو يرى إنكماشها ليقترب منها يحوي ذراعيها متسائلًا بهلع:-
– في أيه .. مالك يا رِفقة..!
تشبثت بذراعه وهي تُحرك رأسها بينما تضم ساقيها ملتفتة حولها:-
– يعقوب .. في حاجة هنا، في حاجة كانت بتتحرك على رجلي .. حاجة ناعمة!!
التفت يعقوب ينظر للأسفل بترقب وحرص وأخذ يبحث بجوانب الغرفة حتى تيبس وهو ينظر باندهاش لهذا الضيف المتطفل، انحنى وقد انشرح صدره واتسعت إبستامته، ثم بحذر التقته قبل أن يقفز هاربًا…
وقف أمام رِفقة يُمسد فوق جسده بنعومة وقد تفجرت بداخله ذكريات مليحة..
أخذ يد رِفقة بحنان يضعها فوق فروه الناعم وهو يقول:-
– دا ضيف جديد يا رِفقة…
تحسسته رِفقة بحذر حتى وصلت إلى أذناه لتصيح بحماس وهي تجذبه من بين يديّ يعقوب تحمله بحنان:-
– أرنب…
أجابها بمرح:-
– شطورة..
قالت هي بحماس وسعادة ظاهرة:-
– وأنا صغيرة كان عندي هوس بالأرانب البيضا لدرجة إن ماما وبابا بدأوا يربوهم وكان عندنا كتير جدًا … أنا مكونتش ببطل ألعب معاهم وكان عندي أصحاب كتير أووي منهم…
رينبو .. وتوتو .. وأطلس .. ومادي .. وأزل..
ضربت الدهشة عقل يعقوب لتلك الومضات المتشابهة معه جدًا وشعر بالسعادة والامتنان لرؤيتها بهذا الحماس والفرح…
ابتسم بحنان وهو يرى حنانها على هذا الأرنب الرقيق ذو اللون الأبيض النقي، استمع لها وهي تقول بحماس بينما تتحسس الأريكة لتجلس فوقها…
– بص إحنا هنخليه معانا ونربيه ونهتم بيه، كمان أنا أخترت اسمه .. هنسميه رينبو .. أيه رأيك..
حرك رأسه وقال بإيجاب بينما يجلس بالقرب منها:-
– اسم جميل .. أكيد موافق يا رِفقة..
توسعت إبتسامتها بفرح ومدت يدها على استحياء تُمسك كفه لتنفجر مشاعر كامنة بقلب يعقوب لتلك المبادرة وتعلو وتيرة نبض قلبه وهو يسمعها تقول بغبطة وانشراح:-
– حقيقي أنا عيشت أجمل يومين في حياتي، إمبارح والنهارده … واليومين دول حققت فيهم كتير من أحلامي..
الفستان الأبيض..المُرجيحة .. زهور الأقحوان .. وكمان جربت الطبخ وطبخنا سواا .. وفي الأخر الأرنوب ريبو…
أنا حاسه إن اليومين دول خففوا أي وجع شوفته قبل كدا..
وواصلت تهمس بمشاعر تترعرع بجنبات قلبها:-
– لقد قيل أنه عامٌ فيه تُغاث القلوب، وقد تمت الإغاثة لقلبي بلُقياك، ورؤياك، لا تستعجب فأنا أملك من هو أثقب في الرؤية من نور عيني،
وهو نور قلبي….
ثباته أصبح كرمادٍ أشتدت به الريحُ في يومٍ عاصف، فار قلب يعقوب واحتلته القشعريرة من كلمات كانت بمثابة مفاتيح لأبواب النور التي انقشع لأجلها جميع الظلام الذي لاقه…
زلف منها وكوّب وجنتيها الدائرتين القطنية الملمس يتحرك بإبهامه فوق تلك الحُمرة اللطيف بحنان وهمس لها بمشاعر مُتأجحة:-
– أنتِ الشمس التي انقشع لها ضباب الأسى بطيات قلبٍ مكلوم، تعاهدتِ مطاردة الدُجى لآخر خيط حتى انبلج الضياء يُشرق بإزدهاء مرةً أخرى بفؤاد محروم الإحسان بالتَحْنَإن…
اشتعل قلب رِفقة وأعماقها شاعرة بقلبها يزداد بالثوران وقد أصبح لا مناص من الفرار من هذا العشق المتدفق من قلبها وقلبه…
أخفضت رأسها وأصابعها منغمسة بفرو “رينبو” تُمسد فوق ظهره بحنان فاعترافه بتلك الكلمات أحيا رميم قلبها…
تنحنحت تغمغم متسائلة بعجب:-
– بس قولي يا أوب مين جاب الأرنوب ده هنا..!
مسحت أعينه الأرجاء ليرى تلك الحقيبة الورقية الملقاه بإهمال بجانب الباب ليتيقن من الفاعل، وكيف لا!! لا أحد غيرها يعلم ذلك الأمر وتلك المغامرة السرية التي كانت تحدث من خلف ظهر لبيبة بدران…
أردف بشرود وحنين انبثق من عينيه:-
– فاتن …
وأكمل يسرد وكأن تلك الأحداث تقع أمام ناظريه الآن:-
– في نقطة مشتركة بين طفولتك وطفولتي..
أنا كان نفسي أوي يبقى عندك أرنب، كنت مهووس بيهم نفس هوسك وكنت عايز أربي أرنب..
دا كان أيام ما فاتن كانت معايا…
ساعتها كان وجوده في القصر ممنوع ولو عرفت لبيبة هانم هتخرب الدنيا..
وقتها لما رفضت أنا زعلت فقامت فاتن أشترت واحد في السر .. كان أرنب أبيض وكانت بتخبيه في مُلحق القصر وأول ما لبيبة تخرج برا القصر كانت تطلعه عالطول ونلعب بيه في الجنينة..
تنهد بثقل قائلًا بألم لتلك الذكري السيئة:-
– كان صاحبي أوي واتعلقت بيه، بس في يوم عرفت لبيبة بالموضوع وطبعًا الدنيا اتقلبت وفاتن اترجتها كتير علشان تسيبه بس لبيبة أمرت بد’بحه قدام عيني وقالتلي إنت راجل والتصرفات دي ميصحش تصدر من خليف آل بدران والوريث الأول…
شهقة متألمة خرجت من جوف رِفقة وارتعشت شفتيها مُهددة بنوبة بكاء وهي تشعر بوخز الألم يضرب قلبها لأجله، ابتسم يعقوب بوجع على حالتها ليُسرع يلتقف كفها الصغير ويطبع العديد من اللثمات الحانية بباطنه في عادة اكتسبها ولا يظن أنه سيستطع الأقلاع عنها…
دمدم برجاء يهدهدها وهو يرى الدموع تطفر بمحاجر عيني رِفقة:-
– عيون رِفقة متخلقيتش علشان الدموع.
خلاص هو ماضي وفات زي ما إنتِ قولتي..
وبعدين دلوقتي بقا عندنا رينبو وهنجيب غيره كتير … هنعمل عشيرة هنا..
قال جملته الأخيرة بمزاح، مَن يسمع الآن هذا الحديث يظن أنه يتحدث عن أطفاله منها وليس مجرد أرانب بيضاء..!!
ضحكت رِفقة لتهمس وهي تمسح طرف أنفها:-
– بجد..
قال يعقوب بتأكيد:-
– جد الجد كمان..
قالت رِفقة بحزن:-
– بس لبيبة هانم قلبها قاسي أووي، قولي أيه ممكن يلين قلبها ويخليها ترتاح..
جثمت السخرية على ملامح يعقوب ليردف بسخط وتشنج:-
– أبدًا … تشوف يعقوب تحت طوعها من جديد ورهن إشارة منها … وينفذ أوامرها وإللي هي عيزاه بالحرف الواحد ويترأس مجموعة شركات آل بدران ويشيل الشغل على أكتافه…
يتجوز إللي هي تحددها ويتصرف وفق هواها…
يبقى شخص معدوم العاطفة وميتأثرش ولا تتهز في شعره حتى لو العالم انهار من حواليه..
بس كدا … شوفي بساطة لبيبة..!!
علقت رِفقة برفض واستنكار:-
– ليه .. آلة .. دي الآلة بيجي عليها وقت وبتعطل..
هتف في تبرمٍ ساخط:-
– بس يعقوب مش آلة علشان يقف ويتعطل، كدا ده مش مسموح في قوانين لبيبة بدران..
استقام ثم سحبها جاعلها تقف برِفق وهو يقول:-
– يلا سيبينا من السيرة دي، والبسي علشان نخرج شويه..
تسائلت رِفقة بتعجب:-
– هنروح فين..!!
تشدق يعقوب بسعادة وهو يتجه بها نحو غرفتها الخاصة:-
– هنطلع نتمشى شوية ونشم هوا… أيه مش عايزه تاكلي آيس كريم بالحليب ولا أيه..
أجابته بحماس:-
– عشر دقايق وهتلاقيني قدامك..
تركها على أعتاب الغرفة وانصرف ليرتدي ملابسه سريعًا حتى يعود ليقف بانتظارها لأجل إن أرادت شيئًا…
بعد قليل خرجت رِفقة التي تحكم حجابها فوق رأسها بتعجل فأوقفتها يد يعقوب أمامه وأخذت أصابعه تُعدّل من وضع حجابها بهدوء تحت تبسم رِفقة الخجِل..
رمقها بتقييم وهو يتأمل الحجاب الذي زادها جمالًا ونقاء وفستانها الفضفاض صاحب الأكمام المتسعة ويصل لكعبها بلونه الأبيض الممزوج بورود صغيرة باللون الكاشمري..
انحنى يطبع قبلة عميقة فوق جبينها هامسًا بصوتٍ أجش:-
– يَا حُسنَهُ وَالحُسنُ بَعضُ صِفَاتِهِ
وَالسِّحرُ مَقصُورٌ عَلَى حَرَكَاتِهِ
بَدراً لَوَ انَّ البَدرَ قِيلَ لَه اقتَرِح
أمَلاً لَقَالَ أَكُونُ مِن هَالاتِهِ
ابتسمت رِفقة بخجل وراحت تقول بقلب مضطرب:-
– أنا بحب الشعر أوي..شكلك كمان بتحب الشعر.
قال من بين خفقاته التي أصبحت رهينة اسمها:-
– الشعر اتقال علشان خاطر رِفقة، وكلمات الشعر قدام رِفقة قليلة وعاجزة…
التمعت عيناها ببريق دافئ وتفاقم خجلها ليرحمها يعقوب وينحني يُمسك راحتها يجعلها تنام داخل كفه وهو يسير معها برفق للخارج…
عاش كل واحدٍ منهم ما حُرم منه، وأخذ يعقوب ينهل من تلك السعادة وهو يشعر أنه لا طريق للإرتواء من رِفقة … نعم فداخله أرض جدباء شديدة القحط والتصدع وأخذت رِفقة تغمر أرضه بسخاء حتى تصبح يومًا ما غابة خضراء مليئة بالعديد من الأشجار المُثمرة وارفة الظلال رطبة..
تجول يعقوب برفقتها وهو يحتضن كفها بتشبث والإبتسامة لم تنطفئ من فوق فمهما..
تمرح، وتمزح، وتسرد، وتحلم بجانبه وهو أكثر من مُرحب بهذا…
للمرة الأولى يتناول الآيس كريم بصحبتها وكانت رِفقة تلتهمه بشهية وهي تتمتم:-
– متعرفش بعشق آيس كريم الحليب قد أيه..
أخذت أصابعه تمسح المتناثر حول فمها يُذكى أُوار الحب .. ضحكت قائلة وهي تمسح حول فمها:-
– اعمل أيه … دي عادة عندي..
ترنحت أنامله بحنو فوق كفها يحتويه وجعلها تستقيم وهو يقول:-
– مش عايزك تتخلصي منها أبدًا ووعد هاجيبلك آيس كريم بالحليب كل يوم..
تشبثت هي بذراعه وهي تتسائل بينما يسيران:-
– هنروح فين تاني..!
– لسه الليلة طويلة يا أرنوبي..
ولج لأحد المولات المتكاملة غافلًا عن هذا الذي يتبعه منذ خروجه ويلتقط الصور بدقة بكل وضع وكل تصرف…
ردد يعقوب وهو يصف لها كل قطعة من الملابس المعروضة لتسرع هي تقول باعتراض:-
– يعقوب حقيقي أنا مش محتاجة هدوم، أنا عندي..
أخذ يعقوب بيدها وهتف بحسم:-
– تمام يا رِفقة هتختاري ولا أختار أنا وألبسك على مزاجي..
زفرت بإحباط ورددت:-
– إنت عنيد أوي ومش بتسمع الكلمة..
ابتسم يعقوب قائلًا بمزاح:-
– ماشي يا ماما رِفقة لما نرجع البيت ابقي عاقبيني..
بدأت تنتقي الملابس بصحبته وهو يصف لها كل قطعة بدقة ويحتضن ملامحها طول الوقت بعينيه …. فكان يعقوب بمثابة عيناها..
هتفت باعتراض وهو يجعلها تجلس فوق الأريكة بمنتصف متجر الأحذية:-
– كمان جِزم يا يعقوب .. صدقني أنا مش محتاجة..
– إنتِ عارفة إني مشاغب ومش بسمع الكلمة فريحي نفسك وقوليلي بتحبي أي إستايل في اللبس..
تنهدت وهي تُحرك رأسها بمعنى لا فائدة وقالت:-
– أي حاجة بس المهم مش تكون حاجة مكشوفة وتبين رجلي..
اقترب حاجباه متسائلًا بغرابة:-
– ليه .. اشمعنا يعني!!
أجابته بتلقائية:-
– علشان طبعًا رجلي مش تبان لأن ميصحش، مينفعش يبان مني ألا الوجه والكفين..
حتى أبسط المعلومات عن الدين كان يجهلها يعقوب لكن ها هو يشرع في التعلم من الصفر على يد رِفقة..
حرك رأسه وهو يشعر بالخجل بداخله ويتأمل رِفقة بفخر وعشق فهي أصبحت تضع النقاط على حروف أبجديته المفقودة..
انحنى يعقوب يجلس على عقبيه أمام رِفقة يساعدها في إرتداء الحذاء تحت إعتراضها الخجِل..
وضع قدمها فوق ركبته وأخذ بالحذاء يُلبسه لها وفي هذا الموضع أُلتقطت العديد من الصور التي ستنشب الحرب بسببها.
كانت العاملتات يتهامسان وهم يتأملون يعقوب بصحبة رِفقة همست إحداهن:-
– ما شاء الله شوفي حنيته عليها، شكله بيحبها..
أجابتها الأخرى تقول:-
– ربنا بيعوض يا بنتي .. وهي واضح إنها بنوتة رقيقة وتستاهل .. هي مش ناقصها حاجة علشان تعيش حياتها سعيدة كفاية التخلف إللي بقاا في المجتمع..
❀❀❀❀❀❀❀❀❀❀
بعد ليلة مُحملة بالكثير من المرح عاد يعقوب ورِفقة للمنزل لترتمي هي فوق الأريكة بتعب وارتمى يعقوب بجانبها لتقول هي برأس ثقيلة:-
– تعبت أوي رغم إنها ليلة جميلة .. حقيقي مش قادرة أصلب راسي بس لازم أقاوم علشان اقوم أصلي…
للحظات تخشب جسد يعقوب لكنه قال مُشجعًا:-
– طب يلا قبل ما النوم يغلبك..
انتصبت واقفة وقالت بحماس:-
– عندك حق .. يلا هتوضى وأصلي..
حاوط كتفيها وأخذ يدعمها ويساعدها في الوضوء وشرعت تؤدي فرضها بينما يجلس يعقوب يشاهدها بتمهل حتى انتهت…
سحبته من شروده قائلة:-
– يعقوب …. ممكن نصلي سواا..
صمت قليلًا وقلبه يطرق بشدة …نعم هو لم يحظى من جهة لبيية بتعلّم تعاليم دينه وقد كان بين الحين والآخر يؤدي صلاة الجمعة لكن الآن يشعر بتعطش شديد لتلك الروحانيات وقد أثارت رِفقة تلك الرغبة والمشاعر بداخله..
حرك رأسه بإيجاب وأردف:-
– أكيد …. دقيقة أتوضى..
أتى إليها بعد عدة دقائق وقطرات الماء تتساقط من فوق وجهه مرورًا بلحيته ليراها تقف بحماس وسعادة..
تنحنح في خشونة وغمغم:-
– يلا…
تحركت بحماس وأخذت تخبره وهي تُحرك كفيها أمام وجهها:-
– بقولك يا أوب .. أيه رأيك نبدأ نعمل تحدي مع بعض كل يوم ونشوف مين هيكسب في أخر اليوم…
هنبدأه من بكرا .. والتحدي هو إللي يصلي الصلاة في ميعادها .. يعني نشوف مين إللي هيصلي الأول أول ما الأذان يأذن وإللي هيتأخر هو الخسران..
وأكملت تقول:-
– والتحدي التاني إننا نبدأ حفظ قرآن ونسمع لبعض من بكرا .. ونبدأ بجزء النبأ..
وإللي مش هيطلع حافظ يوم هيتفرض عليه عقاب ويطلب من التاني إللي هو عايزه…
أيه رأيك…
فطن أنها تُريد جذبه للمسار الصحيح وهذا ما بدأ يُسيطر عليه، جذب كفها وأخذ يطبع العديد من القُبل بباطن كفها وهمس لها:-
– طبعًا موافق واستعدي للخسارة يا أرنوبي..
قفزت بحماس وهتفت:-
– استعد إنت للخسارة يا أوب، دا أنا عندي أفكار وحاجات كتيرة أووي نفسي نجربها سواا..
– هنخوضها سواا وهنزود عليها كتير، أنا مشتاق لكل إللي منك يا رِفقة..
تسائلت تواري عن خجلها:-
– أمال فين رينبو..
– نايم في القفص بتاعه..
– تمام يلا نصلي بقاا وتبقى إنت إمامي..
ابتسم يعقوب على سعادتها وتقدم وشرع في الصلاة يتلو قِصار السور الذي كانت تحرص والدته على تحفيظه إياها وهو في سن الخامسة فباتت محفورة بقلبه وعقله..
كانت رِفقة تطوف في سماء السعادة وهي تقرر بداخلها بأنها ستكون له سُراجه المنير وسط العتمة وقارب نجاته الذي سيرسو به على شاطئ السكينة والعوض … ستكون له كل شيء وتستسير معه من بداية الطريق…
وعند سجودها تقدم هو كُل دعائها ودثرته بدعاءٍ ذاخر .. وذكرته في رجاءها لربها..
فور إنتهاءهم من أداء الركعتين ارتكزت رِفقة على ركبتيها وجلست بجانب يعقوب ثم سحبت يده وهي تهمس:-
– تقبل الله..
ابتسم وهو ينظر ليده التي بين يديها وقال:-
– منا ومنكم..
ترقب يعقوب تصرفها فأدهشته عندما بدأ تُسبح على أنامل يده فخفق قلبه بشدة لتلك الفِعلة ليُمسك على قلبه أن يطير…
❀❀❀❀❀❀❀❀❀❀
توسعت أعينها التي يُحيطها كحلها السميك تنظر لأخر شيء توقعت رؤيته أمامها…
احترق قلبها بألسنة نيران الغضب وهي تنظر ليعقوب الذي ينحني عند قدم تلك الفتاة بتلك الراحة والسهولة…
العديد من الصور لكن تلك من أشعلت النيران بقلبها ودماءها..
قبضت على عصاها بشدة وكشرت عن أنيابها، ثم همست بنبرة غريبة:-
– ماشي يا يعقوب .. ماشي..
❀❀❀❀❀❀❀❀❀❀
بالمشفى التي ضاقت ذرعًا بعفاف التي تجلس فوق الأرض الصلبة الباردة بين ابنتيها وترى بتحسر الحالة التي أصبحوا عليها والصرخات التي تشق صدرها..
وقف زوجها عاطف فوق رأسها يرمقها بغضب وصاح بغل:-
– حسبي الله ونعم الوكيل، ربنا ما يكسبك يا عفاف …كله بسببك يا مجرمة، ضيعتي ولادي ربنا ينتقم منك..
إلهي كنتِ إنتِ وارتحنا من قرفك..
أنا مكونتش أتوقع توصلي للدرجة دي، تسرقي فلوس بنت غلبانة كفيفة وتنصبي عليها وترميها في شقة مهجورة وسط الكلاب…
ربنا انتقم منك ورد حقها بس للأسف كان في بناتي إللي خليتي قلبهم مليان بالحقد وبوظتي تربيتهم..
أنا كنت فين من ده كله..عمري ما فكرت إنك ممكن توصلي للدرجة دي..
لم تقوى على نبذ كلمة واحدة بل إنها لم تستمع لحديثه من الأساس … فقط الدموع التي لم تتوقف عن الجري فوق وجهها تتأمل ابنتيها بينما شرارات الحقد بدأت تنمو من حزنها وهي تهمس بداخلها بغلّ وحُرقة:-
– كله بسببها … بسبب الحقيرة رِفقة…
بناتي اتدمروا وهي عايشة حياتها بالطول والعرض … طالما بناتي بقوا كدا يبقى مش هسيبها أبدًا ولا أرتاح ألا ما أشوفها زيهم…
❀❀❀❀❀❀❀❀❀❀
انبلجت شمس يومٍ جديد بحماسٍ جديد…
أدى يعقوب ورِفقة صلاة الفجر بموعدها وجلسوا سويًا حتى شروق الشمس ليغفوا ساعتين واستيقظ يعقوب بطاقة يُحضر وجبة الإفطار ليتناولوها في جو مليء بالمرح..
وقف يعقوب عند الباب ليُقبل وجنتي رِفقة هامسًا:-
– مش هغيب عليكِ يا أرنوبي .. ساعتين وهرجعلك، موبايلك جمبك وعرفنا إزاي نتصل، لو في أي حاجة كلميني، ومتتحركيش من غير العصايه علشان متتخبطيش، إحنا بقينا عارفين تفاصيل الشقة كويس صح..
ابتسمت على مخاوفه وأردفت تقول تُطمئنه وهي تتلمس يده بحنان:-
– مش تقلق يا أوب …وأصلًا نهال جايه بعد شوية..
قبل رأسها قبل أن يقول:-
– خلاص يا أرنوبي يلا سلام..
تنفست بعمق وهي تكتم توترها وحزنها من خروجه وتركه لها وهمست برقة:-
بعد مرور نصف ساعة كانت رِفقة غارقة في القراءة لكن انتشلها رنين جرس الباب، وهج قلبها وتوسعت إبتسامتها بسعادة لمجيء صديقتها نهال وهي تتجه باندفاع وتحمس نحو الباب الذي أصبحت تعلم طريقه جيدًا..
فتحت الباب بلهفة وهي تهتف بإبستامة واسعة:-
– نهال..
قابلها الصمت العقيم لتُمحق وتتبدد إبتسامتها من فوق وجهها ويتبدل مكانها الذعر وهي تعود للخلف بفزع حين اخترق أسماعها هذا الصوت ذا النبرة القاسية الشديدة والذي جعل قلبها يرتجف..
– لأ …. لبيبة هانم بدران..
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء ) اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق