رواية فرح فهيمة كاملة بقلم آية السيد عبر مدونة كوكب الروايات
رواية فرح فهيمة الفصل العاشر 10
“أيوه أنا مسيطره…. مس مس مس مسيطره”
وحين نظرت تجاه الباب وجدته يضع يده على وجهه منفجرًا بالضحك فصرخت وازدردت لعابها بتوتر وكادت أن تنزل عن السرير لكن فلتت قدمها فوقعت على وجهها مفترشة الأرض ويديها أمامها تقبض بإحداهن على السكين، كتم ضحكاته واقترب منها ليأخذ تلك السكين من يدها قائلًا بجديه:
-هاتي يا مسيطره
قامت عن الأرض بخجل وهي تنظر ارضًا،
وضع السكين على الكومود أردف قائلًا:
-عارفه لو وقعتي على دي أنا إلي كنت هطلع أجري على السكك
هز رأسه بإستنكار قائلًا:
-ربنا يهديكِ يا فرح
شعرت بحراره تخرج من كامل جسدها الذي بدأ يتعرق من شدة الخجل وقررت أن تفر من أمامه لتهرب من تلك النظرات فتعرقلت قدميها في الاشيء وزادت حدة الموقف حين أخذته بطريقها ووقعت عليه، تأوهت وهي تملس على جبينها الذي اصطدم بجبهته فانفجر بالضحك قائلًا:
-لأ مسيطره مسيطره مفيش كلام
هبت واقفه ووضعت يدها على فمها قائله بتلعثم:
-أنا آسفه
ركضت للغرفه الأخرى وأوصدتها من الداخل وضعت يدها على قلبها تهدئ دقاته من اقترابها منه بهذا الشكل وقالت:
-ياربي على الإحراج مش هقدر أبص في وشه تاني
رقدت على سريرها تفرك به لا تستطيع النوم بعد ذالك الموقف المحرج لم تنم بسهوله لكن غلبها النعاس بنهاية الأمر…
________________________________
صباح جديد يبدأ مع إشراقة الشمس وشعاعها الخافت الذي لا يكاد يلمس الأجساد بسبب برودة الجو إنه نهار الشتاء في مصر جو هادئ وطريق خالٍ من الناس، سارت جواره وهي ترمقه بطرف عينيها كان يسير جوارها بجديه شديده، نظرت أمامها وهي تفكر فهذا أخر يوم بامتحانات الميدترم وسترتاح أعصابها قليلًا قبل بداية إمتحانات منتصف العام، وقفا ينتظران سيارة أجره، نظرت نحوه مجددًا وشردت بهيئته الجذابه أخرجها من شرودها صوته ولمسة يده وهو يسحبها نحوه قائلًا بتحذير:
-حاسبي يا فرح!! ركزي العربيه كانت هتخبطك
اومأت رأسها بدون كلمة كانت شاردة الذهن تفكر به، فمد يده نحو يدها ليقبض عليها بتملك كأنه يريد القول أنها خاصته وحده، ابتسمت وهي تمسك يده بإطمئنان هتف قائلًا:
-امتحانك هيبدأ الساعه ١٠ مش عارف ليه صممتي تطلعي من ٨ ونص
عقبت قائله:
-عشان مش عايزه أمشي لوحدي هزاكر شويه في الكليه…. أصلًا مبعرفش أزاكر في الشقه
انفجر بالضحك حين تذكرها بالأمس ورمقها بطرف عينه قائلًا لها بخفوت:
– بتعرفي ترقصي بس؟!
أجاب نفسه وهو يكبح ضحكته: لا والله ولا بتعرفي ترقصي ولا نيله
لم ترد عليه فقطب حاجبيه وهو ينظر لها ليسالها:
– فرح هو إنتِ بتعرفي تعملي ايه؟!
ابتسمت بخجل وقالت بمزاح:
-انا بعرف أعمل حاجات كتشير أوي مثلًا بعرف أكل وبعرف أستحمى لوحدي وبسرح شعري لوحدي برده وبعمل قهوه بوش لوحدي و..
قاطعها متنهدًا بقوه وهو يقول:
– عوض عليا عوض الصابرين يارب
تركت يده ولم تعقب فنظر لها مردفًا:
-بس كويس إنك جيتِ معايا أصل حد يثبتك تاني ويسرقك أنا عارف المصايب بتجري وراكِ
رمقها بطرف عينه قائلًا بضحكه:
-أو إنتِ إلي بتجري وراها محدش عارف
عقبت فرح بنزق:
-ياريت تسكت بقا كفايه سخريه
ابتسم قائلًا:
-لا البت عندها دم وبتحس أوي
نفخت بحنق فأردف بنفس السخريه:
-ربنا يهديكِ يا مدام فرح ولا أقول فهيمه
-يوووه بقا إنت يا جدع إنت مصمم تنكد على نفسك على الصبح ليه!
ارتدى نظارته وقال بغرور:
-أنا بعون الله مفيش حاجه تقدر تنكد عليا
رمقته بسخرية وهي تبتسم بتصنع، وصلت السيارة وركبا معًا، وصلا للكليه وعند مدخلها نظرت فتاه ليوسف قائله بمياعه:
-ازيك يا دكتور يوسف
رد بابتسامه:
-الحمد لله
رد على الفتاه ليغيظ تلك الواقفه جواره ويشغل غيرتها، برزت عيناها خارجًا وهي تقول:
-مين دي بقا إن شاء الله؟!
عقب بهدوء استفزها:
-طالبه عندي
قالت بسخريه وهي تقلد صوت الفتاه:
-والله! وبتقولك ازيك يا دكتور يوسف
عقد جبينه قائلًا بمكر:
-أومال عايزاه تقولي إيه… يا قلبي ولا يا حبيبي الي مبسمعهاش من مراتي
تلعثمت متجاهله كلامه وهي تبرر:
-قصدي نبرة صوتها مايعه كدا!
ربت على ظهرها قائلًا:
-روحي زاكري… روحي زاكري عشان ألحق محاضرتي
عقبت بمياعه مقلده صوت الفتاه:
-ماشي يا دكتور يوسف
ابتسم قائلًا:
-الغيره هتطق مع عينيكِ
أخرجت لسانها وهي تغادر المكان وتدخل المدرج الفارغ لتجلس وحدها وتءاكر
_________________________________
وفي المدرج انشغلت بالمذاكره حتى قاطعها صوت ذالك الشاب الذي جلس أمامها:
-ممكن أذاكر معاكِ؟
رمقته سريعًا وغضت بصرها قائله:
-لأ ولو سمحت قوم
تحدث الشاب قائلًا:
-أنا الصراحه حابب أتعرف عليكِ كزمايل مش أكتر
نفخت بحنق وهي تنظر بكتابتها:
-وأنا مبتعرفش لو سمحت سيبني أذاكر
عقب بمكر:
-طيب دا أنا معايا ورق مش هيخرج منه الامتحان جربي بس نذاكر سوا
ألقى الورق أمامها فأخذته لتلقي به نظره واضطىت أن تذاكر معها فهي لا تعلم شيئًا عن تلك الماده، مر عليها أكثر من ساعه وهو يختلس النظر إليها بكثير من المكر معلنًا أن تلك هي البدايه، حدق بها قائلًا:
-هي دي عينك بجد!
نظرت للورق بإحراج وتلعثمت:
-ياريت تركز في الورق مش في عيني
عقب الشاب بهُيام مصطنع:
-أصل عينك حلوه أوي…. الصراحه إنتِ كلك زي القمر
نفخت بحنق وهي تلملم أشيائها قائله:
-أنا أصلًا غلطانه إني وافقت أزاكر معاك عن إذنك
-لأ لا لا استني بس أنا آسف والله
نهضت واقفه لكن تلك الدوخه مجددًا، حاوطت رأسها بكلتا يديها فاقترب منها ليسندها لكنها صرخت به:
-ابعد عني متلمسنيش
كان يحاول إسنادها وهو يقول:
-إنتِ شكلك دايخه وهتقعي
ابتعدت عنه ومازالت تشعر بالدوار كانت تتخبط لا تستطيع الإتزان وهي تقول:
-متلمسنيش
فهي لا تتقبل لمسة أي رجل غير زوجها، جلست مرة أخرى وسندت رأسها للأمام، نظر إليها الشاب بخيبة أمل فمن الواضح أنها صعبة المنال لكنها تستحق المحاوله مرة أخرى، طالت مدة الدوار بل أن الأسوأ هو ازدياد ضربات قلبها بشكل غير طبيعي، أدمعت عيناها بتعب فقد حان وقت الإمتحان وهي على حالتها بل تزداد حالتها سوء، ناداها الشاب قائلًا:
-فرح إنتِ كويسه؟!
حين سمعت اسمها من بين شفتيه امتعضت ملامحها وازداد حزنها، فهي أخطئت حين جالسته واعتبرها خيانة لزوجها، ذرفت الدموع بصمت وهي تصرخ بصوت متحشرج دون أن ترفع رأسها:
-امشي امشي من جنبي أمشي
اقترب الشاب قائلًا:
-مش هقدر أمشي إلا لما أطمن عليكِ
صرخت مرة أخرى:
-قولتلك أمشي إنت مبتفهمش!
حين صرخت خشى أن يلفت الأنظار إليهما فقام من جوارها وابتعد عنها، وجلست هي تكمل بكاء….
__________________________
انهى يوسف المحاضره وقرر اللحاق بمجنونته ليطمئن أنها لم ترتكب المزيد من الكوارث، ابتسم حين تذكرها فقد أصبح عقله وقلبه مشغولًا بها ولا يطيق بعدها عن نظره، بحث عنها حتى عرفها من ملابسها وهي تجلس داخل المدرج لحالها وتسند رأسها للأمام، شعر أنها تبكي أو بها شيء فركض نحوها وسط نظرات الطلاب، وقف أمامها وناداها:
-فرح!
اطمئنت حين سمعت صوته، لم ترفع رأسها وأغلقت عينيها بتعب لتفيض الدموع من مقلتيها، جلس جوارها وربت على ظهرها بحنو:
-فرح! إنتِ كويسه؟
ازدادت شهقاتها فهي تظن أنها خانته حين وافقت على المزاكره مع هذا الشاب الذي كان يتابعهما بكثير من الحقد، ربت على ظهرها بحنو قائلًا بخوف:
-فرح ممكن تبصيلي؟!
رفعت رأسها لكن مازالت عيناها تفيض بالدموع، حاول تهدئتها فلم يستطع وبدأت العيون ترمقهما منهم من يستائل عن علاقة الدكتور بطالبته ومنهم من يحقد عليهما ومنهم من يتمنى أن يلامسه ذاك الشعور، حين دخل الدكتور الأخر بأوراق الأسئله استدار يوسف نحوها وحاوطها بكلتا يديه قائلًا:
– فيكِ إيه يا فرح متقلقنيش؟!
في هذا الوقت هدأت ضربات قلبها وخف دوار رأسها لكن كل ما يشغل تفكيرها هو أنها خائنه لا تستحق منه تلك المعامله، نظرت لعينيه وحدقت به للحظات ثم قالت:
-أنا دايخه شويه
عقبت بإشفاق:
-الدوخه دي تاني إحنا لازم نكشف
زفر بقوه وهو ينظر إليها قائلًا:
-اهدي وخدي نفس عميق وأنا هجيبلك عصير وأجي تمام؟!
جففت دموعها وأومات رأسها بتفهم فاستدار ليغادر لكن أوقفه صوتها قائله:
-بقولك
التفت اليها فقالت:
-هاتلي راني مانجا عشان مبحبش الجوافه
ابتسم ولكزها في ذراعها قائلًا:
-يا شيخه خضتيني عليكِ
ابتسمت وهي تومئ رأسها لتطمئنه قائله:
-متقلقش أنا كويسه
___________________________________
وصلا للبيت وبعد تناول الغداء نظرت لبشرة وجهها التي أهملتها مؤخرًا، ابتسمت حين خطرت لها تلك الفكره، رفعت شعرها لأعلى برابطة الشعر وأخذت القهوه وعسل النحل بمقدار تحسبه جيدًا وخلطتهما معًا ثم وضعت الماسك على وجهها، جلست تشاهد التلفزيون وتناست تمامًا أمر الماسك، خرج من غرفته يبحث عنها ويناديها:
-فرح… فرح
استدارت لترد عليه قائله:
-أنا هنا عند التلفزيون
جلس جوارها دون النظر لوجهها وحين التفتت إليه والتفت إليها بنفس اللحظه صرخ وهب واقفًا بهلع، ونهضت هي الأخرى تلتفت بهلع صارخه:
– فيه إيه… صورصار ولا فار؟
حدق بوجهها قائلًا بقلق:
-إنتِ إيه إلي حصلك ؟!
عقبت بملامح مرتعبه:
-إيه فيه إيه؟!
لمس وجهها بسبابته وسألها:
-إيه إلي على وشك ده؟!
وضعت يدها على وجهها وأومأت رأسها بتذكر فقد تذكرت ذالك الماسك الآن قائله:
-الماسك والله نسيته كويس إنك فكرتني
-ماسك! يا شيخه أنا قولت البت اتحرقت ولا حاجه
أردف وهو يجلس على الأريكه:
-حرام عليكِ أنا قطعت الخلف
ضحكت قائله:
-معلش بكره تتعود دا لسه فيه ماسك زبادي وخيار وترمس مطحون ونشا ولبن حاجات كتشير أوي
ابتسم قائلًا بسخرية:
-يا بت الحاجات دي بتتاكل مش بتتحط على الوش لوحت بيدها وهي تغادر متمتمه:
-اسكت إنت مش فاهم حاجه
-لأ يا بت إنتِ إلي فاهمه كل حاجه!
تبعها وهي تغسل وجهها، ثم تبعها مرة أخرى بصمت يتابعها وهي تضع الزبادي على وجهها فرمقته بطرف عينيها قائله:
-مالك بتبصلي كدا ليه؟
ضحك وهو ينظر لها بعد أن لونت وجهها بالكامل بالزبادي وقال:
-شكلك يضحك موت
خرجت من المطبخ ترمقه بحنق، وهو منفجرًا بالضحك، نظرت له بنزق وكادت أن تتحدث لولا افلات قدمه ووقوعه عليها، حدق بوجهها ومازال يضحك وهو يضع سبابته على وجهها ثم تذوقه قائلًا:
-أصل أنا بحب الزبادي من صغري
ضحكت هي الأخرى على ضحكاته، سرعان ما تحولت نظراتهما إلى الشغف حدق بعينيها، ومسح وجهها بيديه ليقبلها، انتبهت لما يفعل ودفعته قائله:
-اوعى كدا بوظت الماسك
نهضت واقفه وهرولت من أمامه لتدخل للحمام وتمكث به فتره طويله حتى تهدأ تمامًا، أما هو فابتسم قائلًا: الصبر يا فرح الصبر
_____________________________
وفي وقت المغرب خرج يوسف للصلاة في المسجد ونزلت فرح لحنان لتكمل تنفيذ خطتها فلن تكتفي ببودرة العفريت، جلست مع حنان تبتسم لها بتصنع قائله:
-متعمليلنا كوبيتين شاي ولا قهوه كدا عشان ندردش سوا شويه
تهلل وجه حنان فأخيرًا ستسنح لها الفرصه بوضع المخدرات في مشروبها، هتفت بسعاده:
-حالًا يا فروحه استنيني
ابتسمت فرح بمكر وهي تخرج ذالك المسحوق من حقيبتها استعدادًا لتضعه في مشروب حنان وهي تهمس بخبث:
-وحياة أمك لأوريكِ عايزه تعمليلي أنا فخ!
سرعان ما خرجت حنان بالقهوه وجلست على الطاوله ثم قدمت القهوه لفرح و ضعت الأخرى أمامها، تظاهرت فرح أنها تشرب وفجأه وضعت يدها على فمها وقالت متظاهرة بالتأوه:
-درسي بيوجعني اوي معلش لو هتعبك بس عايزه كوباية مايه
ابتسمت حنان ودخلت للمطبخ فوضعت فرح المسحوق بالكوب الخاص بها سريعًا وسكبت مشروبها أرضًا دون أن تلاحظ حنان، وضعت حنان قنينة المياه أمامها وبدأت تشرب قهوتها سألتها فرح:
-صحتك عامله ايه دلوقتي كنت سمعت انك تعبانه؟!
تظاهرت بالمرض قائله:
-أيوه والله يا فرح تعبانه قوي
سألتها فرح قائله:
-خير عندك ايه؟
تلعثمت حنان قائله:
-عندي المرض الخبيث
لاحظت فرح الكذب بعينيها وقالت تتصنع الإشفاق:
-الف سلامه عليكِ طيب فين بالظبط
قالت ما حضر على لسانها متلعثمه:
-في.. في الدم
أومات فرح رأسها قائله:
-ربنا يشفيكِ يا طنط… طيب أنا هقوم بقا عايزه حاجه
تاكدت حنان من فروغ كوب القهوه الخاص بفرح وابتسمت بخبث قائله:
-سلامتك يا حببتي بس هستنا أقعد معاكِ تاني ونشرب قهوه مع بعض
تصنعت فرح الإبتسامه قائله:
-أكيد طبعا
ابتسمت فرح بسخريه وهي تغادر قائله بابتسامه:
-حقيره! مبروك عليكِ الإسهال
بصقت على الأرض وصعدت إلى شقتة صفاء لتقضي معها بعض الوقت لحين مجيء يوسف..
__________________________
وفي المساء وقفت أمامه وهو يمسك هاتفه وقالت:
-جيب موبايلك أكلم ماما؟
أعطاها الهاتف فأخذته ودخلت الغرفه، تسلل خلفها ووقف على باب الغرفه يستمع لما تقول:
-ماما أنا نفسي أكل سمك زهقت من اللحمه…
-حاضر يا حببتي هجيبلك بكره
-ماشي هستناكِ تجيبيه بكره…
وبعد أن أنهت المكالمه خرجت تعطيه الهاتف، كان يجلس على الأريكه، رمقها بغيظ قائلًا:
-فرح إنتِ كنتِ بتطلبي من مامتك إيه؟!
تلعثمت قائله:
-گ…كنت بطلب منها سمك
عقب قائلًا:
-افهمي يا فرح إنتِ دلوقتي مسؤوله مني ومتطلبيش حاجه إلا مني
كان يخاطبها بنبرة حادة بعض الشيء، فردت عليه بابتسامة ماكره:
-يعني اطلب أي حاجه… أي حاجه!
هز رأسه معقبًا بتأيد:
-أي حاجه يا فرح حتى الشيبسي والحاجات التافهه دي تطلبيها مني برده مش من مامتك
أخذت نفسًا عميقًا وأخرجته ثم قالت متخابثه:
-بصراحه كلامك دا شجعني أتجرأ وأطلب منك حاجه محتاجاها
حدق بها قائلًا بنبرة هادئة:
-محتاجه ايه؟
نهضت واقفه وهي تحرك يديها متظاهرة بالإرتباك وقالت:
-بصراحه كدا أنا عايزه أيفون 12 بروماكس
حدجها بنظرة متعجبه وقال مازحًا:
-علفكره عادي تطلبي من مامتك أنا بس الي اتحمقت شويه
جلست مقابله تحدق به وهي ترفع إحدى حاجبيها ساخره، وليهرب من تلك النظره تنحنح قائلًا بالخطأ:
-قومي اعملي فرح يا قهوه
لم يلاحظ ما قاله ولكنها انفجرت بالضحك وهي تردد:
-أعملك فرح يا قهوه ازاي؟
قطب حاجبيه وسألها متعجبًا:
-انا قولت كده؟!
أومات رأسها ضاحكه فشاركها الضحك، اقتربت منه وربتت على ظهره قائله بمزاح:
-أنا مقدره الصدمه إلي إنت فيها بس روق روق أنا بهزر معاك
ضحك قائلًا:
-ما أنا كمان بهزر معاكِ بس متقلقيش أنا ناوي أجيبلك أحلى موبايل نوكيا
تجهمت ملامحها ورفعت شفتها لأعلى مردده بصدمه:
-نوكيا!
اومأ رأسه مبتسمًا بسماجه وهو يردد مؤكدًا:
-نوكيا
عقبت بنزق:
-مش عايزه منك حاجه هخلي جدي حبيبي يجيبهولي
لوح بيده بلامبالاه قائلًا:
-اعمليلي قهوه يا بت أجري واكويلي هدوم الشغل
وضعت يدها حول خصرها قائله:
-أيوه ما أنا الفلبينيه إلي امك جابتهالك
قال متعجبًا:
-أمك!! قصري لسانك يا بت
صاحب بنبرة مرتفعه:
-إسمي فرح مش بت
عقب بابتسامه مستفزه:
-مزعلاكِ بت طيب يا بت يا بت يا بت يا بت
نفخت بحنق ودبدبت بقدميها في الأرض وهي تتوجه للمطبخ…
__________________________
شعرت حنان بتوعك شديد في معدتها مجددًا وركضت نحو الحمام للمرة الخامسه، وبعد أن خرجت وهي تتنهد بارتياح قائله بوهن:
-أنا أكلت حاجه متلوثه ولا إيه!
حملت هاتفها وسجلت بصوتها في بحث جوجل:
-علاج الإسهال
بحثت كتيرًا ثم هتفت بنزق:
-يختاااي أنا مش فاهمه حاچه!
لم تكد تكمل جملتها ووضعت يدها على بطنها وهي تركض للحمام مجددًا، انتهت وهي تخرج مستنده على جدار الغرفه قائله:
-أنا عرفت العلاج مفيش غيره النشا على الليمون الي بحطه للفراخ والكتاكيت…. ما كلنا نعتبر واحد!
مصمصت شفتيها وهي تقول: اي والله كلنا واحد
اتجهت نحو المطبخ لتلتهم النشا بالليمون علها ترتاح….
_________________________________
وقفت في المطبخ تُعد القهوه تذكرت ما فعلته بحنان وضحكت قائله:
– زمانها قاعده في الحمام… والله تستاهل بنت ال….
ابتسم بسخرية وهو يبحث عن قنينة المياه ويقول:
-ما شاء الله بتكلمي نفسك
صوبت نظرها خلفه قائله:
-لأ بكلم إلي واقفه وراك دي
نظر خلفه فضحكت وهي تتابع القهوه قائله:
-بتبص على إيه هو أي حد يقولك حاجه تصدقها!
ضحك قائلًا:
-جننتيني يا فرح
رمقته بطرف عينيها وابتسمت قائله:
-متقلقش هعلاجك
اقترب منها وحدق بعينيها قائلًا بهُيام:
-أنا فعلًا علاجي عندك يا فرح… مش ناويه تحني على قلبي بقا
ارتبكت من نظراته لكن هربت حين أوشكت القهوه على الفوران:
-اوعى بسرعه القهوه
زم شفتيه قائلًا:
-مش ملاحظه إنك بتشربي قهوه كتير
-أيوه ملاحظه عشان بحبها عشان طول عمرها بوش واحد مش زي ناس كدا بوشين
ضحك وهو يخرج من المطبخ قائلًا:
-هاتي القهوه وتعالي ورايا يا كارثة حياتي وابتلائي
ابتسمت وهي تنظر إليه وهو يغادر المطبخ، فلا يريد أن يضغط عليها يكفي أنه بدأ يلاحظ لينها لمشاعره وانجذابها نحوه، قرر أن يتمهل ولن يمل من انتظارها حتى تحبه كما أحبها….
جلست جواره لأول مرة تفعلها فدائمًا تكون مقابله، كانت متوتره تريد قول شيء لكنه يقف على طرف لسانها فشعر بارتباكها وسألها:
-عايزه تقولي إيه متخافيش مش هضربك
-عايزاك تسامحني..
-خير عملتِ إيه؟
-بقولك بس بالله عليك بلاش تتعصب عليا
-مش هتعصب قولي
-النهارده الواد السمج ده جه المدرج وقعد جنبي
لف كامل جسده لها وسألها متلهفًا:
-الولد الي كان بيقولك أنسه فرح
أومات رأسها مؤيده وازدردت ريقها بتوتر فحثها لتكمل قائلًا بإنتباه:
-وبعدين!
نظرت له بتوجس وهي تقول:
-عرض عليا نزاكر مع بعض
اعتدل في جلسته قائلًا بثقه:
-طبعًا رفضتِ
تلعثمت مبرره:
-كان معاه ورق مهم… وأنا.. وأنا اضطريت أوافق
جحظت عيناه ونظر لها قائلًا بحده:
-نعم يختي!!!
خافت من رد فعله لكن أكملت قائله:
-زاكرت معاه ساعه لكن لما لقيته بدأ يعاكس قومت علطول والله
لم يعقب لكنه استشاط غضبًا تكرمشت ملامحه قائلًا ببرود:
-وإنتِ عايزه إيه دلوقتي!
عندما شعرت بتغير ملامحه ونبرة صوته، اقتربت منه بتلقائية كما اعتادت أن تفعل مع والدها وأخيها ومسكت يده تهزها برجاء قائله بنبرة نادمة:
-أنا آسفه والله عارفه إني غلطت ومش هكررها
انبسطت ملامحه وهو يبتسم لقربها منه بتلك الدرجه دون انتفاضة جسدها التي كان يشعر بها كل مره، هتفت قائله بنبرة هادئه:
-هتسامحني؟
رفع سبابته محذرًا:
-بس متتكررش تاني والواد ده أنا هتصرف معاه
تهللت ملامحها بفرحه وأومات رأسها قائله:
-حاضر
مرت الأيام سريعة كعادتها وتبقى إسبوع واحد على حفل زفاف نوح ومريم، أما عن فرح فازدادت مشاعرها ليوسف واتضحت رؤيتها فهي تحبه منذ لقائهما الثاني كادت أن تعترف له بحبها في كثير من الأحيان لكن يتلجم لسانها عند أخر لحظه، وفي هذا اليوم خرجت من غرفتها على صوته بعد أن دخل الشقه وأغلق الباب خلف ظهره:
-فرح… فروحه… فرولاه
رمقته بتعجب وهو يبتسم بسعاده قائله:
-فرولاه أول مره حد يقولي الدلع ده
غمز بعينه قائلًا:
-عشان أنا بحب الفراوله وإنتي الفراوله حقي
ابتسمت بخجل وتخبط نظرها بكل اتجاه بحياء فأردف قائلًا وهو يمد يده نحوها بشيء:
-جبتلك الأيفون 12 بروماكس
أخذته من يده في سرعه متهلله ودون أن تتفحصه ضمت يوسف وقبلته من إحدى وجنتيه قائله:
-شكرًا بجد شكرًا أوي ربنا ميحرمنيش منك أبدًا
كان مصدومًا من كلامها ورد فعلها الذي لم يتوقعه على الإطلاق، انتبهت لما فعلت وتنحنحت قائله بخجل:
-أنا آسفه مقصدتش أصلي كنت متعوده أعمل كدا مع بابا ونوح
ابتسم قائلًا بتعجب:
-أسفه! إنتِ هبله يا بت! دا أنا هجيبلك كل يوم تلفون عشان الحضن ده
غمز بعينه ثم قال:
-بقولك إيه يلا نكرره ينوبك في قلبي ثواب
تجاهلت كلامه وأخرجته من الحقيبه ليتجهم وجهها فجأه قائله بسخريه:
-ريدمي 10
حك عنقه قائلًا:
-مفرقتش كتير يعني يا فرولتي ريدمي من أيفون مش فارقه
أردف قائلًا بمكر:
-خلينا في المهم يلا نبدأ من الأول أنا هدخل واديكِ الموبايل وانتِ تديني الحضن
ابتسمت بخجل قائله جملتها التي تكررها كلما أحرجها بكلامه رددت بتلقائيه:
-أعملك قهوه؟!
عقب وهو يضع يده على بطنه:
-قهوة إيه أنا عايز أتعشى عندنا اكل ايه؟
عقبت وهي تعد على أصابع يدها:
-عندنا فراخ في الفريزر ولحمه وبشاميل وكباب بس كله في الفريزر تحب أطلعلك ايه؟
غمز بعينه قائلًا ببسمه:
-لأ متطلعيش حاجه… يلا البسي عشان نخرج نتعشى بره
تهلل وجهها بسعاده قائله:
– وهتجيبلي بيتزا
عقب بحب مبتسمًا:
-هجيبلك احلى بيتزا
عقبت بابتسامه وهي ترفع سباتها:
-مارجريتا
-هجيبلك كل الي تتطلبيه بس البسي بسرعه
قفزت في فرحه كالأطفال وقالت بعفويه:
-أنا بحبك أوي بحبك أوي بجد
عضت لسانها حين انتبهت لما قالته للتو، وركضت من أمامه لغرفتها دون النظر لوجهه مرة أخرى، ارتسمت الإبتسامه على ثغره وردد بفرحة:
-دا باينله يوم حظي ولا إيه
___________________________________
خرجت حنان من عند الطبيب هائمه يتردد في أذنها صدى صوت الطبيب “للأسف زي ما توقعت لوكميا سرطان الدم”
فاصت الدموع من مقلتيها ونظرت للسماء بحسره قائله:
-أنا كنت بلعب عليهم يارب.. اللعبه اتقلبت عليا أنا…
شهقت بالبكاء قائله:
-طيب هقابلك ازاي يارب… هطلب من العايش يسامحني ولا من إلي ماتوا… يا ويلي.. يا ويلك يا حنان… يا ويلك
جففت دموعها وسارت قاصدة بيتها لتستعد للمعركه التي ستخوضها ورحلة علاجها، تمارضت لتمكر بهم لكن مكر الله أمبر وعقابه أشد “والله شديد العقاب”….
__________________________
وفي المطعم كان يجلس مقابلها وبعد الإنتهاء من تناول الطعام سألها:
-فرح مبسوطه معايا
أومات رأسها بابتسامه فسألها:
-يعني موافقه تكملي حياتك معايا يا فرولتي
أومات رأسها في حياء ولم تنظر إليه فسألها مجددًا:
-بتحبيني يا فرح؟!
كان يتفحص ملامحها ويدقق النظر إليها ليقرأ ما بقلبها، فركت يدها بتوتر قائله:
-وأنا هكرهك ليه إنت إنسان حنين وجدع ومحترم
أكملت بابتسامه مراوغه:
– مش محترم أوي بس ماشي الحال
ضحك على جملتها قائلًا:
-ماشي يا فرولاه يعني أفهم من كدا إنك بتحبيني
ابتسمت بمكر قائله:
-ما أنا قولتلك هكرهك ليه!
ابتسم قائلًا باستفزاز:
-طيب تمام قوليلي بقا بحبك يا يوسف
رمقته بطرف عينيها وشبكت يديها معًا قائله:
-اطلبلي قهوه
ضحك قائلًا:
-يادي القهوه عارفه أنا بقيت أشرب قهوه كام مره في اليوم بسببك
عقبت بسخريه:
-تلت اربع خمس مرات مش قضيه يعني
ابتسم ونهض واقفًا قائلًا:
-مفيش قهوه ويلا عشان نروح
-أحسن برده
_____________________________
وفي المنزل كان يجلس خلفها على السرير وهي تضع ذالك المرطب الليلي على وجهها، رمقته بطرف عينيها وابتسمت قائله:
-بتبصلي كدا ليه؟
ابتسم قائلًا بجديه:
-عايز أتكلم معاكي شويه
استدارت لتنظر إليه قائله:
-اتكلم سمعاك
وبمجرد إنتهاء كلمتها انقطع الضوء، واتسعت حدقة عينيها قائله بخوف:
-إنت روحت فين؟
أضاء هاتفه ومسك يدها ليهمس بجانب أذنها:
-متقلقيش أنا جانبك
بحث يوسف عن المصباح وأضاءه، ثم عاد لغرفة النوم جلس جوارها ونظر لملامحها في ضوء السراج الخافت وتأملها قائلًا بحب:
-بحبك يا فراولتي
اقترب منها ليقبلها لكنها دفعه وهبت واقفه وهي تقول بسرعه:
-لو سمحت يا دكتور أنا…
قاطعها قائلًا:
-ليه يا فرح مصممه تبني حواجر بينا ليه؟!
ازداد تنفسها وهي تصيح بنبرة حاده:
-إنت مش هتتغير وهتفضل مبتفكرش إلا في حاجه واحده
سحب الغطاء عليه واغلق عينيه لينام، أما هي فنظرت نحوه متعجبه من تجاهله لكلامها، ونامت جواره ثم أغلقت عينيها لتفكر به حتى سحبها النوم، استيقظ في منتصف الليل أثر لكزتها له بقوه، فتح عينيه بنعاس ينظر نحوها ليجدها حاوطته بيدها وهي تقول:
-بحبك يا يوسف متزعلش مني أنا مقدرش أعيش من غيرك
فتح عينيه في ذهول حين انتبه لما قالته وهزها قائلًا:
-فرح…
دفنت رأسها بصدره، قائله بصوت مكتوم:
-بحبك
ابتسم وهو يدقق النظر إليها ليكتشف أنها تغط في سبات عميق، وتتحدث وهي نائمه! ها قد كشفها قلبها حينما تحدث بكل شيء، قبلها من رأسها قائلًا:
-بحبك يا فراولتي
أكمل نومه وهو في قمة الرضا فأخيرًا علم بمشاعرها نحوه….
_____________________________________
وفي اليوم التالي فتحت عينيها لتجد حالها على السرير وحدها، قامت تبحث عنه بالمنزل لكنه غادر لعمله فقد تأخرت في النوم هذا اليوم مطت ذراعيها أثر النوم وقامت بتشغيل قرآن بصوت الشيخ المنشاوي ورفعت الصوت عاليًا، ليمر الوقت وهي ترتب شقتها، وبعد انتهائها دخلت مطبخها أخذت تصب البيبسي وتضعه في الكوب وهي تبتسم، حملت الكوب وارتشفت منه ثم بدأت تترنح كمن شرب خمرًا أخذت الكوب وخرجت من المطبخ تتصرف كالسكران وهي تقول:
-في صحتي…
بدأت تتظاهر بالفواق “الزغطه” وتترنح وهي تسير مطمئنه أنها بالبيت لحالها، أغلقت عينيها وهي تقطع صالة شقتها مترنحه، ليتفاجئ هؤلاء الذين يقفون أمامها ينظرون نحوها بذهول، نظرت شاهيناز لصفاء ثم ليوسف وأخيرًا لإبنتها التي مازالت تترنح مغمضة العينين حتى وقعت أرضًا وانسكب باقي البيبسى على وجهها فتحت فرح عينيها على صوت ضحكاتهم، مسحت وجهها وهي ترقد أرضًا وتنظر إليهم بخجل وهم يقفون أمامها ويحدقون بها منفجرين بالضحك ….
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية فرح فهيمة) اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق