رواية ساكن الضريح كاملة بقلم ميادة مأمون عبر مدونة كوكب الروايات
رواية ساكن الضريح الفصل الثامن 8
تمت الخطبه المشؤمه، التي علمت مؤخراً لماذا تراها هكذا، لتروي عليه باقي قصتها.
شذي :بعد ما مشي محمود وابوه من عندنا، دخلت اوضتي، وطلبت منهم انهم يسبوني لوحدي، اتحججت بأني عايزة انام ونمت فعلاً
وصحيت على صوت رنة تليفوني، وكان رقم مش متسجل عندي مارديتش عليه في الاول، قولت اكيد حد بيعاكس.
بس لقيته بعت رساله على الواتساب
-ردي علي تليفونك انا محمود.
خوفت و رميت التليفون من ايدي، مستغربه هو جاب رقمي منين.
لقيته بيرن تاني فتحت الاتصال و انا مرعوبه منه، هي كلمه واحده اللي طلعت مني
-الو.
رد عليا بكل بساطه و رقه، كأنه عايش
بشخصيتن.
-حقك عليا لو زعلانه مني، بس كان لازم اعمل كده عشان اضمن موافقتك.
-انت خوفتني منك جامد، انا لحد دلوقتي مصدومه من اللي عملته.
-معلش يا حبيبتي حقك علي قلبي و الله ماكنتش اقصد، بس بحبك بقى وحبك عاميني اصلاً.
-انت جبت رقمي منين اصلاً.
-لاء دا سر، انتي كل حاجه تخصك معايا، تليفونك اللي في ايدك ده بالنسبه لي كتاب مفتوح، من زمان حتى صورك اللي عليه كلها معايا…
اتخضيت من طريقة كلامه ليا، حسيت انه بيهددنى اكتر من انه بيصالحني.
-انت مهكر تليفوني يا محمود؟
-اه!!
فاجئني برده الصريح عليا، بكل بساطه كده، وكأنه بيقولي انا عايش معاكي.
-ايوة يا شذى مهكر تليفونك، انا مهكر حياتك كلها أساساً، تحبي اقولك انتي بتعملي ايه دلوقتي.
انتي نمتي بدري ليه بعد ما نزلت من عندك، وكمان نمتي معيطه وبهدومك، قومي يا شيخة غيري هدومك دي وافرحي، دانتي بقيتي خطيبة زينة شباب كرموز .
انتفضت من مكاني ورميت التليفون من ايدي وانا عماله ادور هو شايفني منين، لقيته واقف ورا شباك اوضته اللي كاشف اوضتي كلها، وبيشاورلي بايده على التليفون.
أخذته وزعقت فيه جامد.
انت قليل الادب يا محمود، انا مابحبش الحركات دي، ومن فضلك بقى ماتخوفنيش منك اكتر من كده.
لاء من هنا ورايح لازم تحبيها ،ولازم كمان تعرفي ان مافيش خطوه هتخطيها بره بيتكم الا ولازم اكون عارف هتكوني فين بعدها.
انتي بقيتي بتاعتي، وانا بحب احافظ على املاكي بصراحه.
❈-❈-❈
فضلت الايام تمر بيا، وانا على الحال ده حكيت لماما عن كل حاجه، واني بجد بخاف منه.
ماما قالتلي انه خطيبي، وكده كده لازم يبقى عارف رقم تليفوني، و مافيهاش حاجه لما يعرف البسورد، كمان وعادي لما يكون خايف عليا.
بقيت عايشه في قلق من جهه محمود، اللي بدء يتحكم في كل حاجه تخصني، و يعد عليا انفاسي، بيرفض بسبب او من غير.
من جهه تانيه اشرف، اللي كل مايصادف و يشوفني يبتسم بطريقه مستفزة، و كأنه بيتوعد ليا على حاجه انا مش عارفها.
و في يوم كنت راجعه من الكلية متأخر، الدنيا كانت بتشتي جامد، و طبعا الكهربا قطعت، لأجل الحظ تليفوني كمان اتقفل، قبل ما ارد على اتصال محمود.
الشارع كان فاضي، و كنت ماشيه مرعوبه، قابلني قصاد البيت، و قعد يزعق معايا، في الاخر زقني لجوه البيت، و سابني ومشي.
و الله يا ابيه انا متأكدة انه ركب المكنه بتاعتو ومشي بيها بسرعة.
طلعت على السلم، و انا مرعوبه من الضلمه، و مش شايفه حاجه من كتر الدموع اللي في عيني، و قبل ما أخبط على الباب، حسيت بمنديل اتحط على وشي، و ايد بتأيدني وتضمني جامد….
وبعدها ماحستش بحاجه.
انهارت من البكاء، و لم تكمل بعدها الا صراخاً، ليحاول مالك تهدئتها لكن دون فائدة، فاضطر لتخديرها، حتى تفقد الوعي لبرهه قليلة.
مالك: ايه اللي حصل بعد كده يا خالتي خلاها توصل لحاله دي.
ماجده: بنتي اختفت ساعتها يا مالك، قعدنا ندور عليها طول الليل، و في الاخر لقيناها فوق سطح البيت اللي جانبنا، في غية حمام صاحب محمود، حجابها متشال من علي رأسها وشعرها مفرود عليه، هدومها متقطعه وكلها دم
وهي اصلا مش دريانه بنفسها.
كلنا كنا واقفين في حالة زهول، مش مصدقين ان دي شذي.
فاقت واحنا كلنا حوليها، واتعدلت من رقدتها وهي بتداري جسمها بإيديها.
ابوها بدل ما يخبيها من عيون الناس، قعد يضرب فيها، و يقول مين اللي عمل كده.
محمود بدل مايحوشه عنها قال، ماتلزمنيش يا خاطية شوفو مين اللي عملها.
اشرف مسك فيه، وقاله مافيش غيرك اللي عملها، و بدئت العركة من تاني.
خدانها و رجعنا بيتنا، وعمها السيد كان معانا، بس واحنا نازلين، عمها لمح حمام مدبوح ومرمي تحت بير السلم، وزقني في أيدي عشان اخد بالي و اشوفه.
في الأول مافهمتش قصده ايه، لكن لما طلعنا ودخلنا بيتنا، اول حاجه عمها عملها، انه طلب من مراته تجيب دكتورة نسا البيت عشان تطمنا.
والدكتوره جات وفعلاً كشفت عليها، قالت إن فعلاً كان في محاوله لاغتصابها، بس فشلت وان البنت سليمه، فرحنا كلنا وحمدنا ربنا، و جرى عمها عشان يبلغ ابوها و يوقف العركة، لكن قبل ما يقوله، لاقاه مرمى مقتول سايح في دمه…
وقع وسط الخناقه، و ماحدش عارف الضربه جاتله منين، اخوه وقف يبكي عليه وسط الشارع، ويقوله قوم يا محمد بنتك سليمه،
اشرف قال محمود قتل خالي بعد ما لوث شرفنا، وانت جاي تقول عليها سليمه.
محمود رفع سلاحه وقاله انا ماقتلتوش انت بتتهمنى زور، الضربه جاتله منكم بس طلاما بتتهمنى بقى، يبقى الشارع كله يشهد اذا كانت بنت العسال خاطية ولا لاء.
الحكومه جات واخدت الكل واخدو محمد علي المشرحه، وأخدونا احنا كمان و اول ما خرجنا كان الكل متربصين لبعض.
وحاول محمود يشد شذي من وسطنا، بس المره دي عمها اللي وقف في وشه، وضربه بقوه والعركه قامت تاني والمره دي وقع محمود سايح في دمه، و برضو ماحدش عرف الضربه جاتله منين.
والباقي انتو عارفينه..
❈-❈-❈
صمت تام عم الغرفه بأكملها، الي ان وقف من علي مقعده، بوجه يكاد ينفجر من شدة الاحمرار، و عروق عنقه تكاد تنفر الدماء من شدة انتفاخها.
ذهب سريعاً كالطيف من أمامهم، مغلقأ خلفه باب الغرفه بقوة، يريد أن يفتك بأي شئ، يقسم اذا كان موجود أثناء هذه الاحداث ، لربما بتر رأس أحدهم وهو على تعصبه هذا.
لكن كيف بساكن الضريح ان يحتل رأسه هذا التفكير؟
الضريح ! نعم هو ملجئي ومهداي اماني و مأمني.
ترجل الدرج سريعاً متئهباً للذهاب اليه، وبالاسفل كان والده ينتظره، بوجه لا يضاهيه ابداً في الحده والغضب.
الحاج حسان: ايه اللي مقعدك ده كله مع البت دي، مش قولتلك ماتسمعش ليها ومالكش دعوه بيها يا مالك.
كظم غضبه احتراماً لوالده.
-لو سمحت يا ابويا انا مش حمل اي مناقشه دلوقتي، فمن فضلك يا ريت تسيبني اخرج.
-مش هاسيبك الا لما توعدني انك ما تتدخلش في اي حاجه تخص البنت دي.
مالك بعنف وقد نفض يد والده الممسكه بذراعه..
-لاء كل حاجه تخص شذي بعد كده هتدخل فيها، و مش هتبقى مسئوله من حد غير مني انا.
ثم ولااا هارباً قبل أن ينتظر حتى رد والده عليه.
❈-❈-❈
ها هو يجلس مرابطاً بجانبه، يقراء سورة النساء للمره الثانية، من كتاب الله العزيز، بعد أن اضحي وقتاً طويلاً في صلاته.
ينتظر ان يهديه ربه الي حل من عنده، لكن لماذا يبحث لها عن حلول، لماذا اصتدم مع ابيه وانفعل عليه لأول مره بحياته، هل فقط لأنه يشعر بمدى الظلم الذي تعرضت له، ام هناك شيء ما يتخبط برأسه.
على كلٍ سيظل هنا الى ان يهتدي لأمره.
❈-❈-❈
اما عندهم وبالتحديد بغرفتها، لازالت نائمه مستسلمه لعبراتها التي تسترسل على وجنتيها دون ارادتها، لتلاحظها خالتها وتحاول تجفيفها لكنها ابت.
الحاجه مجيدة: ياضنيا يا بنتي، دي بتبكي يا حبيبتي وهي نايمه، مش دريانه بروحها.
كانت ماجدة واضعه رأسها بين كفيها، ولم تكف عن ندب حالهم.
سيبيها تبكي يا مجيدة، هي بنتي من امتى كانت نشفتلها دمعه.
-بس انتي برضو غلطانه، ازاي بنتك تيجي تحكيلك عن حاجه مخوفها، وانتي تقوليلها عادي.
-انا كمان خوفت يا مجيدة، اه ماتستغربيش اصلك ماسمعتيش اللي انا سمعته،
و اللي خلاني اقول تتجوز محمود وتنكوي بنار غيرته وتملكه ليها، و لا أنها تدوق يوم من جنة اشرف ابن عمتها.
-و ايه هو اللي انتي سمعتيه يا ماجدة، خلاكي تخافي بالطريقة دي.
-كنت، طالعة اقعد مع سلفتي ام نسمة شوية بحكم ان انا وهي طيبين وسرنا مع بعض، و في طلعتي عديت على شقة ام اشرف، اللي ديماً بتسيب بابها موارب عشان تراقب الطالع و التنازل.
بس قبل ما اعدي، سمعتها و هي بتكلم مع ابنها عن شذي بنتي، و الكره كان باين في كلامهم من ناحيتنا قوي.
فلاش باك
ام اشرف: اهي شذي اتخطبت لمحمود، اللي معلم على وشك قصاد الحته كلها يا خايب، و خالك بدل ماينصفك ويرفض الجواز، خلاك و لا تسوي جني قصاد الناس كلها، و نصفه هو عليك.
اشرف: بقولك ايه ماتسخنيش الموضوع في دماغي، انا أساساً دماغي سخنه لوحدها، و بنت ال… دي مش هتعدي من تحت ايديا، دي حقي انا وهاخدو غصب عن الكل.
اما اخوكي بقى، و رحمة ابويا لأكون مندمه، والقهوه بتاعته هاخدها يعني هاخدها.
ظهر الطمع على وجهها ولمعت عينها بجشع.
-هاه طب ما تفهمني يا واد، هاتعمل ايه.
-لااا الحكايه دي محتاجه تتاخد على الهادي برواقه كده، عشان اعرف امخمخ لها، واعرف اخد حقي من الكل، و أولهم سي محمود اللي عاملي فيها شجيع السيما، ال اسف وبيهدد بالدبح ال، وحياة اسفه لندمه عليها وبعدها هندمه على عمره.
باك
اكملت ماجدة : سمعت الكلمتين دول و رجعت على شقتي جري، قبل ماحد يشوفني، بقيت خايفة منهم على بنتي، و وعلى ابوها، مش عارفه اقوله ولا إداري، طب اقول لمحمود، واهو برضو خطيب البت وبيخاف عليها، بس عيبه انه غشيم ومتهور، و ممكن اذود الخناق ما بينهم.
و لو قولت لمحمد، هيقولي دا عيل… شرب الح… لحس دماغه، و لا يقدر يعمل حاجه.
كتمت خوفي جويا، وبقت عيني على البت في الطلعه و في النزله، كل ما اقولها اقعدي ماتخرجيش، ابوها يقولي سبيها ماضيقيش عليها، كفايه رفض خطيبها على كل حاجه، لحد ما حصل اللي حصل.
مجيدة :طب ما هو من كلامك ده واضح اوي ان الواد ده هو اللي عملها، ليه ماقولتيش الكلام ده لأخو جوزك، او حتى كنتي قولتيه للظابط.
ماجدة : قولت للسيد سلفي ساعة اللي حصل لشذي بس هو ماصدقنيش، قالي طب ما بنتك سليمه اها، هو اشرف لوكان عايز يأذيها كان هايسبها.
و قولته للظابط لما اخدنا القسم، بس برضو قالي مافيش دليل على كلامك ده.
مجيدة: هييييي تبات نار تصبح رماد، قادر ربك يظهر الحق، و يبعد الواد السو ده عننا.
❈-❈-❈
و كان مرورك سلاماً لقلبي وكان بالنسبة لي الأروع، لكنك حرمتني حتى من رؤياك، ولماذا البعد يا مالك قلبي.
لمدة سبعة ايام بعد تلك الجلسة الطويلة لم تراه، فعلمت انه قد حكم عليها، وظلمها مثله مثل ابيها والجميع،
على كل حال هو رجل شرقي، صحيح انه متفتح العقل وطبيب ماهر،
عاش في العالم الأوربي كثيراً، لكنه بالأول وبالأخر رجل متدين ومتعصب من جهة النساء.
انه صباح يوم الجمعة غرة شهر رجب، اهل هذا البيت يستعدون لشئ ما، وانضمت إليهم والدتها لتشارك فيه، اما هي فافضلت ان تظل بغرفتها، حتى لا تصدم بأحد منهم، مادام هو غير موجود لن تبرحها على أيتها حال.
-يلا يا مالك.
صاحت السيدة مجيدة تناديه من الأسفل، ليصل صوتها الي غرفتها، فا همت سريعاً بفتح باب الغرفه، و هي تستمع لرده عليها..
-نازل يا أمي حالاً اهو.
و عندما اتاها صوته جرت سريعاً نحو باب غرفتها، على وجهها ابتسامه عريضة وعينها تلمع بفرحة اللقاء.
وفتحته بقوه لتراه يغلق باب غرفته معطيها ظهره ويرتدي جلباب اسود وعلى كتفه يطوي عبائته البنيه
-ابيه مالك.
نطقتها بفرحه عارمه تبدلت الي غصه في قلبها، حين رأت تشنج جسده، و لاحظت يده القابضه بقوه على مقبض بابه.
الغريب انه لم يلتفت إليها، لم يكلف نفسه حتي بأن يلقى عليها السلام، إذ نطق بكلمه جافه غير مردية..
-نعم عايزة حاجه.
احنت رأسها بحزن، علمت انه قد حكم عليها، بالفعل و يراها مذنبه.
-لاء ابداً مش عايزه حاجه، ااانا بس كنت عايزة اسلم عليك، اصلك بألك اسبوع مش في البيت، و يعني..
قبل أن تتم حديثها قاطعها بحده.
-ماكنتش فاضي كان عندي عمليات كتير، وكنت ببات في المستشفى، ويا ريت تبقى تدي مامتك تليفونك، و تاخدي منها التليفون اللي جيبته ليكي، ثم تركها تقف مندهشة مما تلفظ به وذهب.
شذي لنفسها: يا سلام على الرخامة، هو ماله بيكلمني بتعالي كده، طب والله مانا عامله حاجه من اللي قالها، و كمان مش هاخد تليفونه و مش هاسمع كلامه.
واذا بها تدلف غرفتها مره ثانية وتدفع بابها بقوة، ليثبت قدمه على الدرج متنهداً بصبر.
مالك: استغفر الله العظيم، مافيش فايدة في عنادك ده، و اكمل الهبوط للأسفل.
كانت والدته تنتظره هي وخالته.
مجيدة: كل ده يا دكتور، اشحال لو ماكنتش قيللاك عايزه اروح السوق بدري..
-اديني جيت اهو يا ام الدكتور، يلا يا ستي شوفي عايزة تروحي فين، و انا كلي تحت امرك النهاردة.
ماجدة: ربنا يهديك يا بني ويصلح
حالك يا رب.
مالك: بمشاكسه ابن مين يا جوجو عيب عليكي، دانا أطول منك يا صغنن انت.
مجيدة: ههههههه طب يلا عشان نلحق وقتنا، وانتي يا ماجدة حاولي تنزلي شذي بقى وتفطريها، و قوليلها كفاية عليها حابسه بقى.
مالك بأندهاش :هي حابسه نفسها.
ماجدة : من يوم ما قعدت معاك وحكتلك كل حاجه، و هي حابسه نفسها
مجيدة: معلش بكره لما تعرف اللي بيعمله عشانها هتفرح، ووشها هيرجع ينور تاني.
مالك : خدي بس انتي تليفونها القديم وخليه معاكي لحد ما اطلبه منك، وابقي اديها اللي جايبه ليها، و بلغيها ماتتصلش بحد ولا تدي رقمها الجديد لحد.
ماجدة: حاضر هقولها يلا انتو عشان تلحقو وقتكم، على ما ترجعو هاتلقوني جهزت الفطار.
مجيدة :تمام بس اوعي تبهدلي المطبخ و تسيبهولي متبهدل، يلا يا مالك يلا بقي كفاية تأخير ورغي.
❈-❈-❈
وبعد أن أخذته وتركو المنزل سوياً، اعدت ماجدة وجبة الإفطار لبنتها، وصعدت بها إلى الأعلى حيث غرفتها.
وجدتها تأخذ المسافه بين جدران الغرفة ذهاباً واياباً دون توقف بكل عصبيه.
ماجدة :بسم الله الرحمن الرحيم مالك يا بنتي فيكي ايه.
شذي : قعدتي تقوليلي احكي وخرجي اللي جواكي يا شذى، اتكلمي معاه يا شذى لحد ما بقى يحتقرني، ده حتى مارديش يبص في وشي مبسوطة دلوقتي يا ست ماما.
ماجدة بخوف من هجومها : بسم الله الحفيظ، هو مين بس يا حبيبتي.
شذي قد جلست على فراشها منحنية الرأس: مالك حضرة الدكتور المحترم ابن اختك، دا حتى ماكلفش خاطره يلتفت ويبصلي، وكأني حشره بالنسبه ليه، وباء لو قرب منه هيتعدي.
ثم صرخت بعزم….
انا عايزة امشي من هنا يا ماما، مش عايزة اقعد معاه في بيت واحد، مشيني من هنا بقى.
ماجدة وقد جلست بجانبها، تملس على شعرها البني الطويل.
استهدي بالله واقعدي، مين اللي قالك على مالك كده بس.
شذي: بقولك شوفته، وهو نازل ليكم دلوقتي،
ومارديش حتى يبصلي يا ماما.
ماجدة: طب مش يمكن مارديش يبصلك احسن تكوني ببجامتك او مش لابسه حجابك عليكي، ليه فرضتي سوء النيه بس.
شذي بهدوء: طب وطريقة كلامه، دا حتي ماقليش صباح الخير، مسألنيش عامله ايه،
زي ما يكون بيقولي انا مش طياقك.
ماجدة بأبتسامه: وهو في واحد مش طايق قريبته، يجيب لها تليفون غالي بالشكل ده.
أمسكت شذي من يدها الحقيبة وفتحتها واذا بها تجد صندوق هاتف جوال من ماركة الايفون أحدث موديل.
شذي بصدمه : جايبلي انا موبايل بحوالي ٣٠ الف جنيه.
ماجدة بشهقه: يالهوي بكام وتقوليلي بيحتقرك، وابصر ايه دي امه لو عرفت هتضربني انا وانتي بالشبشب.
شذي: طب ليه هو مجاش وعطاه ليا، ليه مش عايز يتكلم معايا.
ماجدة: معذورة مانتي متعرفيش هو عمل ايه عشانك ،وهو غايب عن البيت الاسبوع ده.
شذي :عمل ايه يعني هو انا في دماغه اصلاً.
-لاء من الناحية دي اطمني ،هو مش ناسيكي دا كلم الظابط اللي ماسك قضية ابوكي، وحكاله على موضوع التليفون بتاعك، ومكالمة اشرف ليكي، والظابط قاله لازم يحرز التليفون، ويفرغو المكالمه من شركة الاتصالات، وهو هايخدو معاه، وهو مسافر اسكندريه.
شذي بتفكير سريع: هو هايسافر اسكندرية امتي ،انا كمان عايزة اروح عشان امتحاناتي.
-لاء طبعاً تروحي فين ،مافيش امتحانات ولا ن…. ،ال تروحي ال، بقي أنا ببعدك وانتي عايزة تروحي يا شذى.
شذي بحزن: يا ماما يا حبيبتي افهميني، اكيد ابية مالك مش هايقعد في كرموز، وانا هاروح الكلية وارجع اقعد معاه، ولا انتي عايزانى أسقط واعيد السنه كمان.
ماجدة : ماتعيديها ياختي اقله يكون ابن خالتك نقلك ورقك هنا، وتروحي وتيجي براحتك على حسه، لكن سفر اسكندرية تاني لاء مش هيحصل يا شذى.
أسرعت بالذهاب من الغرفة، وترجلت على الدرج وهي تهمهم بكلمات غير مفهومه، وابنتها من خلفها.
-استنى بس يا ماجدة مانا هقنعك يعني هقنعك.
-ماتحاوليش قولت لاء يعني لاء يا شذى.
ظلو هكذا الي ان وصلو الي غرفة
الطهي، وبدأت ماجدة في إعداد الطعام، وهي معها، ومازلو في حالة كر وفر بالحديث، دون أن يلاحظو ذلك الكهل الذي كان يراقبهم بعينه، وهو راحل من المنزل.
حتى عادت السيدة مجيدة، تحمل بيدها بعض الأكياس المعبئة بالخضروات.
وسريعاً ما أخذت شذي من يدها ما تحمله، واستندت على كتفها بوهن، الي ان جلست على المقعد بجوار اختها.
-حمدلله على السلامه يا خالتو، ايه الحاجات الحلوه دي كلها.
مجيدة: ده خير ربنا يا حبيبتي، والنبي يا شذى روحي افتحي الباب على اخره لمالك عشان يقدر يدخل الحاجه.
شذي سريعاً :حاضر طبعاً، و هاشيل معاه كمان.
مجيدة: لاء ماتشليش حاجه، انتي بس افتحي الباب على وسعه وتعالي.
شذي :حاضر ثم استدارت هامسه لاء هاروح اساعده، يمكن لما يلاقيني بساعده يكلمني بطريقه كويسه.
همت بالخروج ذاهبة اليه، ولكنها رأته يحمل جوال كبير من الأرز على ظهره، ومن خلفه بعض الشباب، فأوسعت له الطريق مزيحة الباب للخلف.
واذا به يلقى الجوال من علي ظهره، ويقبض على معصمها مدخلها إليهم بقوة، وهو يلتقط أنفاسه.
مالك : الهانم دي رايحه فين كده ان شاء الله.
مجيدة منزعجة منه :كانت رايحه تفتحلك الباب، ولما عرفت انك هاتشيل حاجات تانيه كانت عايزه تساعدك، انت بتزعق بقى كده ليه وماسكها كده ليه سيب ايدها لتكسرها.
نفض يده من عليها منفعلاً.
مالك : يا ستي مش عايز حد يساعدني، من فضلكم بقى ماحدش منكم يخرج بره.
ماجدة : وليه دا كله بس.
مالك بتبرير واضح : في رجاله بره واظن ماينفعش واحدة منكم توطي وتشيل، و لا تقف تمسك الباب، والشباب طالعين خارجين.
بعد أن كانت الدموع تترقرق في عيناها مهدده بالانزلاق على وجنتيها التي أصبحت كجمرة حمراء متوهجة، ابتسمت حين لمست غيرته الواضحة عليها وعلى حرمة بيته.
شذي بأبتسامه مندمجه بالدموع: حاضر يا ابية مش هاخرج بره تاني، و وقفت تدلك معصمها الاحمر أثر ضغط يده عليه.
انجذب لوجهها الجميل دون ارادته لتفيقه والدته بحديثها…
مجيدة : ولو الباب اتقفل وانتو شايلين الحاجة هاتعمل ايه يا تاعب قلبي.
انتبه مالك لها وابتسم وهم بالخروج، وهو يعلق بمشاكسة.
هابقي اسنده بشوال رز يا ام مالك ارتحتي.
❈-❈-❈
مجيدة: بس يا بت ده زينة الشباب كلهَم، ربنا يرزقه ببنت الحلال اللي تريح باله يا رب.
نظرات والدتها لها كانت نظرة تمنى، وكأنها تخبرها بأنها تتمناه هو لها وليس لغيرها.
حاولت أن تغير مجري الحديث، وتستفهم عن ما يدور في هذا البيت.
شذي: طب هو انا كنت عايزة اعرف انتو جايبين كمية الخزين دي ليه يا خالتو، داحنا خمسه في البيت بس.
مجيدة: الخزين ده مش لينا يا حبيبتي، ده للتكية.
شذي : تكية يعني ايه يا خالتو.
مجيدة :هافهمك التكية دي قاعه كبيرة في ضهر البيت، عاملها الشيخ حسان هو ومالك. وطول التلات شهور الكريمة، بيأكلو فيها أولياء الله، اللي بيقعدو في الحسين وبيكرموهم، وفي المواسم بيعزمو المشايخ هنا علي السفره الكبيرة دي.
شذي : يانهار ابيض يا خالتو وانتي بتطبخي لكل دول لوحدك.
مجيدة : لاء طبعاً مالك كل سنه بيجيب طباخين ليهم، انا بطبخ اكلنا احنا وبس، ومالك بيجبلي واحده تساعدني في رمضان كمان،
شذي بهيام : ابيه مالك ده طيب اوي ياخالتو.
خلاص خلصتو تقطيع فيا، وصنفتوني في حزب الطيبين.
صرخه صغيرة خرجت من ثغرها كتمتها بكفها سريعاً، حين وجدته يقف خلفها مبتسماً بكل شموخ.
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية ساكن الضريح ) اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق