رواية ساكن الضريح كاملة بقلم ميادة مأمون عبر مدونة كوكب الروايات
رواية ساكن الضريح الفصل الخامس و العشرون 25
-متشكر اوي يا شذى انا فعلاً بحبه، بس ممكن بقى تسمعي كلامي و تطلعي كده مش هنكسب ثواب الصلاة في معادها.
اكتفت بأيمائة بسيطة من رأسها، و تجنبت الخطى من جانبه، صاعدة للأعلي.
دق مالك بأصبعه على المائدة مفكراً هامساً لنفسه
-و بعدين بقى، يعني يا رب مش كفاية اللي حصلنا بالليل، جاي ابويا يكمل كمان، اكيد دي مش اول مرة يزعلها،
اكيد قالها حاجة تضياقها، طب ايه بس اللي يخليه يعمل كده،
انا ناقص يا ربي، استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم واتوب اليه.
كاد ان يترجل خارج غرفة الطهي، لكن لفت نظره ذلك الصحن الموضوع امامه، والمزين بحبيبات الفذدق المجروش.
امسكه بين يديه مردفاً: شكلك تحفه بس يا ترى طعمك ايه.
كاد الملل ان يقتلها، تأففت كثيراً من طول انتظاره، لتبتسم على حالها و هي متربعة على سجادة الصلاة تنتظره، لتلزم الاستغفار كما تعودت ان تسمعه.
و بعد مده ليست بقصيرة ولج لها أخيراً، حاملاً بيده صحنين من حلوى الأرز، و ابتسامته مشرقة جداً.
مالك ببهجه غير معهوده عليه، لدرجة أنها ارتابت في أمره و سألته متأففه.
-كل ده بتتوضي يا مالك، دانا كنت قربت انام، انت روحت صليت في الجامع و لا ايه
مالك هامساً بسعادة واضحه على وجهه
-ششششش ممكن نصلي الاول و بعدها قولي اللي انتي عايزاه.
و كأنه تحول امامها الي علامة استفهام كبيرة، هزت اكتافها لتخبره بأنها غير متفهمه وهمست بكلمه واحدة
-يلا
صلى بها ركعتي الفجر في و السُنه، والتفت إليها امسك يدها بين كفيه و بدء يناجي ربه بالدعاء لها بمفردها مره، و بالدعاء لهم هم الاثنان معاً مره اخرى.
كان دعائه يريح صدرها، و يزيل همومها،
حلت كفيه واحنت رأسها على قدمه، متخذه وضع الجنين، و همست له.
-مالك ممكن تقرالي قرأن بصوت عالي.
مالك مبتسماً واضعاً يده على رأسها…
-حاضر يا حبيبتي انتي النهاردة من كتر ما انا سعيد بيكي، لو طلبتي الدنيا بحالها، تجيلك تحت رجلك.
ضمت حاجبيها، و اعتدلت مستندة على كيفها تنظر له بعدم فهم…
-انت مالك فرحان كده ليه؟
-فرحان بس!
قولي هاتجنن من الفرحه، شذى انتي عامله بالنسبة لي انجاز رهيب، ماتتصوريش انا عجبني الرز بلبن بتاعك ازاي،
انتي عاملاه احسن من بتاع امي بمراحل يا شذي، احم بس اوعي تقولي ليها.
جحظت عيناها من سعادته الغريبة…
-كل السعاده اللي انت فيها دي عشان اكلت طبق رز بلبن.
-احم لاء طبق ايه انا خلصته كله، مش فاضل غير الطبقين دول، قولت لما نصحى بقى نبقى نفطر بيهم انا و انتي.
هزت رأسها مستنكرة ما يقوله بضحك
-اكلت عشر اطباق يا دكتور محمد طب دا حتى غلط عليك، طب و الناس اللي في البيت دول مالهمش حق يدوقوه.
-أولاً دا احلى حاجه فيه ان سكره مش كتير، بس طعم القشطة خطير فيه يا بنت اللذينا،
ثانياً انا اكلت سبعه بس، سيبت ليهم طبق تحت، وطلعت لينا اتنين.
ثالثاً بقى انتي عاملاه عشاني انا يبقى انا اللي اكله
وخدي بالك انتي كده عرفتي نقطة ضعفي يعني كل ما نزعل من بعض، تعرفي تصالحيني بطبق رز من الجنان ده.
مالت شذي رأسها على قدمه بحب و همست
-يا رتني كنت طلعته ليك امبارح ماكنش حصل اللي حصل.
مالك اسفاً على ما حدث لهم بالامس
-حقك عليا يا حبيبتي، انا ماكنتش عايز يحصل بينا كده، انتي فهمتي كلامي غلط لما قولتلك انا غير اللي انتي عرفتيهم،
كان قصدي اقولك اني مش حي..وان بجري ورا شهواتي، بس انتي عصبتيني بصوتك العالي وطولة لسانك عليا، خلتيني اقول كلام انا مش عايز افتكرة اصلاً.
شذي سعيدة بما يقوله
-طب يلا اقرالي قرأن بقى.
ظل يقرأ بعض الآيات من سورة النساء بصوته العذب، الي ان شعر بثبات أنفاسها، ملس بيده على وجهها، وجدها قد غضت في نومٍ عميق.
حملها بين يديه و ارقدها في الفراش، و تمدد بجانبها لينعما سوياً بقسطٍ من الراحه بعض الوقت قبل سفرهم.
❈-❈-❈
ساد الصمت بينهم منذ أن ترجلا خارج المنزل، جلست بجانبه داخل السيارة، تستند بيدها على النافذه، مريحة رأسها عليها، ناظره للخارج.
مالك مستنكراً جلستها هكذا
-اتعدلي في قعدتك يا شذى.
لم ترد سوي بكلمه واحده.
-حاضر.
-ايه الأدب ده كله، مش متعود منك على الهدوء ده.
نظرت له من تحت نقابها بتعجب ثم هتفت مستنكرة حديثه
-لو عليت صوتي تزعقلي، ولو اتكلمت بهدوء تقولي مش متعود، طب ارضيك ازاي يا ابيه بس قولي.
-ابيه تاني يا شذى، احنا مش اتصالحنا الصبح، و قولنا خلاص مافيش حاجه.
-بصراحه انا خايفة من اللي جاي.
مد يده لها، لتضع يدها الصغيرة داخل راحة يده، و ابتسم لها بحب.
-ممكن طول ما احنا مع بعض، ماتخفيش من اي حاجه ؟
-غصب عني لازم اخاف، اصل بعد ما تسيبني هاعمل ايه و انا لوحدي.
مالك مندهشاً من حديثها الحزين
-ليه يا حبيبتي انا عمري ما هاسيبك طول ماحنا بنحب بعض و عايزين نكمل مع بعض.
شذي ناظره للأمام بحزن
-حتى لو احنا عايزين نكمل مع بعض كل الظروف مش سامحه بكده يا ابيه.
دق بيده عجلة القيادة، غاضباً من نبرتها المستسلمه هذه….
-ظروف ايه اللي بتتكلمي عنها دي، الظروف دي احنا اللي بنخلقها ، و سهل جداَ نغيرها بأيدينا،
لكن السلبية اللي انتي فيها دي، هي اللي هتجبرك على انك تستسلمي و تسيبيني بسهوله.
-سلبية ايه اللي بتتكلم عنها، افهم بقى يا ابيه انا واحدة رايحة برجليها لهلاكها،
سهل اوي ترجع من غيري، عارف انا صحيتك بدري و طلبت منك ننزل قبل مايصحو ليه.
لان ماما ماكنتش هاتسيبني اسافر لوحدي، كانت هاتصمم انها تسافر معايا.
رد مالك محاولاً ان يطمئنها
-انتي ليه محسساني اننا رايحين نحارب جيش،
متهايئلي شوية البلط… دول، مش هيقدرو يعملو ليكي حاجه وانتي في قلب مبنى الحكومه.
-طب وبعد مانخرج من مبنى الحكومة، تقدر تقولي هاتحميني ازاي؟
يا ابيه افهمني انا هاروح دلوقتي علشان اشهد على أشرف صح.
مالك ضامماً حاجبيه
-ايوا صح.
-عارف بقى اني لو شهدت على أشرف عيلة ابويا ممكن يقتلوني قبل ما أخرج من النيابة.
صرخ مالك بأنفعال
-ليه احنا في غابه؟
اكملت شذى بسخرية
-طب عارف اني لو ماشهدتش عليه عائلة محمود هما اللي يقتلوني!
وحتى لو اشرف خرج من الحبس، تفتكر انه هيشيلها ليا جميلة زي ما عمتي قالت!
بالعكس دا هايكون اول واحد يقطع في لحمي.
حاول مالك جاهداً عدم تصديقها، لكن الخوف عليها قد تملك من قلبه، و كأن ناقوس الخطر داخل عقله،
و من كثرة الخوف التسرب داخل جسده، جذبها تحت ذراعه يريد أن يدخلها بين ضلوعه، يضمها بقوة اليه.
-ماتخفيش يا حبيبتي احنا رايحين نشهد شهادة حق، وماحدش هيتعرف عليكي منهم و انتي بالنقاب.
شذي بدموع
-نقاب ايه بس، انت ناسي انهم شافوك و عارفينك كويس، و زمان عمي و عمتي ذاعو الخبر اني بقيت مراتك، والدنيا كلها عارفه اني هاروح معاك انت.
-بلاش إحباط بقى يا شذى…
قالها مالك و هو يربت على كتفها بحنان.
و انا اللي كنت فاكرك زعلانة من ابويا.
شذي متنهدة بصبر
-لاه ابوك ده حكايه تانيه خالص، للأسف مش مركزة فيها دلوقتي.
ضحك مالك على استدارجها السلس و قال
-وابويا ماله بقى هو كمان، عملك ايه انشاء الله.
انفزعت شذى متذكره إساءة ابيه لها وصاحت بصوتٍ عالي
-مستكترك عليا شايفني مش قد مقام حضرتك.
مالك رافعاَ حاجبه الأيمن مندهشاً من تحولها بهذه السرعه
-حمدلله على السلامه يا شذى، اومال هي مين التانية الطيبة اللي كانت بتكلمني دلوقتي دي، راحت فين يا شذى.
شذي مستنكرة حديثه عنها
-راحت لحال سبيلها، و اللي قصادك دلوقتي العفريتة اللي انت حضرتها بالسيرة الحلوة دي.
مالك محافظاً على سيرة والده
-طبعاً سيرة ابويا حلوة، و لا انتي ايه رأيك.
-لأ انا ماليش رأي طلاما كده بقى؛ يبقى تسمع كلام ابوك، طلقني و سيبني في حالي بقى.
عادت لوضع يدها على نافذة السيارة واسناد ذقنها عليها ناظرة للخارج، ليهتف هو مكرراً.
-اتعدلي في قعدتك يا شذى.
صرخت بأنفعال كعادتها.
-انا مش فاهمه قعدتي مضيقاك في ايه مانا عامله زي الخيمه اهو مش باين مني حاجه.
جذبها اليه مره اخرى، وهذه المره اغلق زجاج النافذة من جهتها.
-مين قالك انك مضيقاني يا حبيبتي، انا بس اللي مابحبش حد يبص على الخيمه بتاعتي.
❈-❈-❈
برغم برد الشتاء القارص، الا انها كانت مشتاقة لهذا الهواء الذي تملؤه رائحة ملح البحر،
الأسكندرية
جوها البديع، احيائها العتيقة حتى التمشي على كورنيش البحر في المطر، صوت الترام، وضرب الموج للصخور، كل هذا وحشها بقوه.
ومع اول لمحه للون الأزرق المبعث من مياه البحر، التي تقفذ بداخلها حبيبات المطر، صرخت شذى فارده ذراعيها داخل السيارة، مستنشقة اكبر قدر من الهواء.
-اييييييووووووه يا اسكندرية.
وحشتيني اوي.
امسك مالك يدها لينزلها ضاحكاً
-نزلي ايدك وبطلي صريخ يا مجنونه احنا في الشارع.
وكأنها عادت لطبيعتها، عندما ولجت موطنها لتصرخ بسوقية بحته.
-يا عم صلي على اللي هايشفع ليك، داني كنا بناخد الكورنيش ده جري في عز الشتا اني و البت نسمه و احنا بناكل چيلاتي كمان.
مالك غير مصدقاً
-عليه افضل الصلاة والسلام، الكلام ده طبعاَ وانتو أطفال صغيرين.
-هههههههه أطفال مين يا عم الكلام ده كان أول ما دخلنا الكليه.
ثم عادت لهدوئها وكأنها تذكرت شيئاً ما
-قبل العركة بكام يوم بس.
لو كان في وقت آخر، و استمع الي حديثها هذا، لربما كان عاقبها على ما تقوله.
لكنه الان لا يريد أن يحزنها اكثر من ذلك، اذاً عليه أن يفرحها و لو بشئ بسيط على الاقل.
-طب ايه رأيك بما اننا على الكورنيش كده نوقف العربيه شويه، و اجبلك آيس كريم و نتمشي انا و انتي.
شذي منتبهه له و سريعاً ما صاحت
-بجد طب بص اني اعرف واحد بتاع آيس كريم هايل سوق و هانروح عنده بس خليك على طول لغاية ما توصل على حي كرموز كده.
-لاء طبع
صرخ بها مالك ملفت نظرها لما تقول.
-انا اروح اجبلك آيس كريم اه بس مش لازم يعني اول ما أوصل اسكندرية نروح على حييكم يا شذى.
تفهمت عليه، وعلمت على ما يوضح له وهمست منحنية الرأس
-عندك حق.
اغلق السيارة و التف ليلحق بتلك التي جرت بطفوله، لتجلس على السور الخرصاني، بجسدٍ يرتعش من شدة البرودة، لكن قد ظهرت عليه الفرحة.
مالك مردفاً بضحك
-اللي يشوفك وانتي بتجري و بتصقفي زي الأطفال كده، يقول انك كنتي في سجن وخرجتي منه.
بادلته شذى الضحك
-لاء وانت الصادق ده السمك رجع لبحره تاني.
-بتحبي إسكندرية اوي كده.
-اه جداً.
نظر الي عيناها المختبئة تحت وشاحها، يطلب الاجابه قبل أن يلقى عليها بالسؤال.
-هيي روحت فين؟
مالك مبتسماً لها
-مافيش انا معاكي اهو، عايز أسألك سؤال بس خايف من الاجابه بصراحه
شذي بمراوغة
-سؤال من بره المنهج ولا من جوه المنهج.
مالك بسخرية
-لاء من جوه منهجي انا يا خفيفه.
شذي بحب
-اسأل يا مالك.
-لو خيروكي انك ترجعي تعيشي هنا تاني في اسكندرية في سلام، و المقابل انك تسبيني يا شذى، هتختاري ايه؟
بدون اي تردد اتته الاجابه سريعاً، حين هتفت بلهفه واضحه عليها.
-هختارك انت طبعاً.
شعور غريب جداً يضرب جسده بقوة، و مع ذلك كان سعيداً جداً، رأها تقفذ من جانبه و تجذبه إليها، تجري امامه و تحثه على الجري معها، كجنية بحر تسحره و تسحبه معها.
-أخيراً فاق حين وجدها تحثه على فتح السيارة وتناديه بصوتٍ مرتفع.
-غَرقنا يا مالك، افتح العربيه بسرعه.
-غرقنا!!!
نظر الي ملابسه، وجدها مبلله قد تناثرت عليها المياه، لكن كيف هذا و لا يوجد مطر؟
مالك مندهشاً
-المياه دي جات منين؟
شذي بضحك و هي تجلس داخل السيارة.
-سلامة النظر و الاحساس يا دكتور، الموج ضرب في الصخر، و غرق السور و احنا قاعدين عليه ههههههههه.
اغلق بابها بعد أن اندفعت بالداخل، ساخراً من نفسه، على ما تفعله به صغيرته الشقية.
-ازاي ماحستش، للدرجة دي خطفتي قلب الدكتور يا شذى.
جلس على مقعده بجوارها، وادار محرك السيارة وهو يتمتم بكلمات شبه غاضبه.
-عاجبك كده ادي اللي اخدناه من قاعدة الكورنيش هنقابل الناس ازاي بهدومنا المبلوله دي.
شذي باندهاش
-ناس مين؟
مالك بأنزعاج
-انتي نسيتي اهل حسام اللي هانقعد عندهم في شقته.
شذي متذكرة
-ايوه ايوه افتكرت، خلاص مش لازم نروح دلوقتي، خلينا نلف في اسكندرية شوية ولما لبسنا ينشف نروح.
مالك نافياً كلماتها
-لاء طبعاً كده ممكن تمرضي، الجو برد لوحده اصلاً.
شذي متقمصه دور الحزينه
-ماشي بس افتكر انك لسه ماجبتش الايس كريم.
-هاجبلك لما نستقر في الشقه.
لاء خلاص بقى انا كان نفسي اكله على الكورنيش.
الاختبار الثاني لها، إذ انه سألها
-و كنتي هاتكليه ازاي بقى و انتي لابسه النقاب.
-كنت هارفعه عادي!!
فاجئه الرد بهذه الطريقة السلسه السريعه ككل اجابتها السابقه، لكنها هذه المره احزنته.
-كده بسهوله ترفعيه، طب ولزمته ايه بقى لبسك له يا شذى.
احنت رأسها بدون اجابه، ربما خشيت ان تجيبه فيتفاقم الحديث بينهم و يتشاجرا مره اخرى ليعم الصمت بينهم، و تجنب كل منهم الاخر، الي ان وصلوا الي وجهتهم داخل حي العصافره.
❈-❈-❈
تعجبت لما رأته قد توقف أمام بناية عالية، و يبدو انها حديثة البناء، يحتل اسفلها متاجر للجزارة.
لم تبرح مكانها، بل استكانت هادئه، و ترجل هو خارج السيارة، يستقبل الترحيب بحرارة من هؤلاء الرجال، وعلى ما يبدو انهم على علم بوصوله.
وقف هو يستقبل ترحيب من والد صديقه، و تهنئته أيضاً له بالزواج، وتحدث معه قليلاً ثم التف حول السيارة، ليفتح بابها و ينزلها منها لتلقي السلام عليهم.
مالك معرفها للرجل
-شذى مراتي يا عمي.
الرجل مرحباً بها بسعادة
-أهلاً و سهلاً يا بنتي مشاء الله يا زين ما اخترت يا دكتور.
مش عايزك تخافي و لا تقلقي من حاجه، انتي هنا وسط عيلتك و بين اخواتك،
و اللي يحاول بس يزعلك يبقى يخطي عتبتنا الاول لو يقدر، طول ما انتي و جوزك هنا، لازم تعرفي انكم في حماية ربنا و بعدها حمايتنا.
اكتفت بإيمئة بسيطه من رأسها، و لم تتحدث، بينما رد هو بدلاً منها، شاكراً الرجل بأمتنان.
-متشكر اوي يا عمي ربنا ما يحرمنا منك يا رب.
اردف الرجل منزعجاً من حديثه
-بس يا دكتور ماتقولش كده دانت ابني زيك زي حسام بالظبط، و لا تكون يا واد مستني مني شكر على اللي عملته مع حسام طول السنين اللي فاتت.
مالك معقباً
-لاء طبعاً، حسام طول عمره اخويا و مافيش بينا الكلام ده.
طب يلا بقي خد مراتك، و اطلعو ارتاحو في شقة اخوك، و انا هاخلي الولاد يطلعو ليك الشنط فوق.
❈-❈-❈
صعد بها الي شقة صديقه، و ما ان فتح بابها، وخطت قدمها للداخل، الا و كانت قد حررت وجهها من النقاب، و تحدثت باستياء….
-يااااااه أخيراً هاعرف اتنفس.
اردف مالك بأنزعاج
-للدرجه دب النقاب خانقك ومش حباه.
جلست على أول مقعد قابلها، و انحنت تحل رباط حذائها و تشلحه من قدميها.
-بصراحه اه، انا مش متعوده على الخنقه دي.
مالك أمراً لها وقد ظهر على محياه الغضب……
-لاء اتعودي يا شذى، واسمعي بقى اما اقولك، حاجتين اتنين انا مش هتهاود ولا هتغاضي عنهم بعد كده، رفع لها اصبعه
مشيراً لها به
-الصلاة و النقاب.
وقبل ان ترد بالاجابه أمرها ثانيةً.
اتفضلي ادخلي جوه لحد ما اخد الشنط واقفل الباب.
❈-❈-❈
جلست على الفراش بتلك الغرفه تنتظر ولوجه لها، و بدئت تشعر بالأسف، لأنها زادت من حنقه.
شذي بتفكير
-يعني هو بيعمل كل ده عشان يحميني، و انا ازعله، ماكنش المفروض اعمل كده، لازم لما يدخل اصالحه بقى.
ولج عليها الغرفه ساحباً خلفه حقيبة الملابس، تركها من يده، وشرع في شلح معطفه الثقيل،
جلس على الفراش بالجهه المقابلة، يحل ازرار قميصه، ليتفاجئ بها تجلس على قدمه، و توصد يدها حول خصره، تريح وجنتها الناعمه على لحيته الكثيفة.
شذي واضعه قبله بسيطه على وجنته….
-حقك علي قلبي يا حبيبي، انا عمري ما هاعمل حاجه تزعلك تاني.
مالك ملمساً على شعرها المحرر بعناية، رابتاً على ظهرها بهدوء.
-لو خايفه على زعلي، و جاية ترضيني انا، يبقى لازم تفهمي اني خايف عليكي برضو بس من ساعة الحساب
و عايزك قبل ما ترضيني، ترضى ربنا يا حبيبتي.
شذي موافقاه الرأي
-طب علمني و فهمني بالراحة، انا شاطرة و الله و بتعلم بسرعه.
مالك محفزاً لها
-عارف يا روحي انك شاطرة، و ذكية كمان، و عشان كده اول ما نخلص من اللي احنا فيه ده،
و كمان تكوني خلصتي امتحان هبقي اوديكي تحضري الدرس و تحفظي القرأن في المسجد.
شذي بخوف
-بس ربنا يعديها على خير و نرجع بسرعه…
احتضنها بقوة ليبث في جسدها الطمأنينة و همس لها بحب…
مش قولنا مش هنخاف من حاجه، انا معاكي يا حبيبتي، و ان حكمت هافديكي بروحي.
شذي مقبله وجنته
-ربنا يخليك ليا يا حبيبيي، انت مش عارف انا ببقى مطمنه ازاي و انا في حضنك.
مالك مداعباً لها
-كده تعالي بقى خليكي في حضني، انا عن نفسي اخدت الGreen Card.
فرد ظهره على الفراش، ممددها على جسده، يتلفح بشعرها الذي انفرد على كتفه،
و بدء يقتطف منها بعض القبلات الحاره، وسط ضحكها و تقبلها ما يفعله.
و بعد دقائق قليلة، تحولت تلك الضحكات الي همسات هادئة بينهم،
و قد تفرقت ملابسهم على الفراش، و هم مختبئين سوياً أسفل الغطاء، يستمتعون بأحلى لحظات لهم،
يفصلون نفسهم عن أي شئ اخر يخرجهم من جنون حبهم.
الا ان تلك الهواتف النقاله كان لها رأي آخر….
حيث اصدح صوت رنين هواتفهم سوياً، و لن ينقطع.
انفزعت هي و حاولت ابعاده و تنبيهه، لكنه كان كالثمل عاشق متيم وقع في حبها.
شذي محاولة رفع الغطاء عن وجهها….
-استنى يا مالك، انت مش سامع صوت الموبايلات دول اكيد ماما و خالتو.
مالك بلا مبالاة
-مش مهم خليكي انتي بس معايا كده، ليجذب الغطاء على وجههم مره اخرى.
رفعته هي و حاولت الجلوس بخوف.
-لاءه و انا مالي يا اخويا هات تليفوني، اكلم امي، دي اكيد خايفة عليا دلوقتي.
مالك محاولاً استعطافها،
-عشان خاطري يا شذى دانا ما صدقت أقرب منك من غير خوف يا حبيبتي، خلينا شويه صغيرة كمان، و بعدها ابقى اعملي اللي انتي عايزاه.
شذي بشبه صراخ
-لاء ماليش دعوه عايزة اكلم امي، ابعد عني بقى، وإذا بها تزجه في صدره، و قد عادت إليها ملامح الخوف.
اندهش هو من خوفها الغير مبرر له، وزجها له بهذه الطريقة،
هل تبغضه الان، هو لم يجبرها على شئ قط، لماذا اذاً تعامله بمثل هذه الطريقة.
مد يده وأتى بهاتفها أولاً، و قذفه اليها ثم قفذ من علي الفراش مبتعداً عنها،
و ارتدي ملابس مريحه من الحقيبة و سحب هاتفه وترجل خارج الغرفه بالكامل، مغلقاً الباب عليها بعنف.
فتحت الاتصال بينها وبين والدتها، التي قابلتها بصراخ وخوف شديد.
ماجدة بدموع و صرخات
-شذي انتي فين يا بنتي، كده تخرجي من غير ما تقوليلي.
-انا مع مالك يا ماما.
قالتها شذى بهدوء، وهي تستمع الي صوته الجهور من الخارج.
ماجدة بغضب
-وايه اللي وادكي معاه لوحدك، تسافري اسكندرية تاني لوحدك، تروحي ليهم برجلك يا شذى،
-انا مش لوحدي يا ماما انا معايه جوزي، وهو قادر يحميني.
-بلا يحميكي بلا….. بقى ،هو جوزك زيهم ولا يعرف يتصرف زي تصرفاتهم.
-ماتخفيش يا ماما مالك مطمني، و هو عارف بيعمل ايه كويس.
ماجدة ساخرة من كلمتها، و الله ما عارف حاجه، ولا عارف بيتعامل مع مين اصلاً، اخلصي، و قوليلي انتي فين و انا هاجيلك.
شذي ناهرة ما تقوله والدتها
-لاء يا ماما انا جوزي فعلاً قادر يحميني، و انا اللي طلبت منه أن احنا نسافر لوحدنا،
عشان مبقاش قلقانه عليكي، فمن فضلك بقى يا ماما تسمعي كلامي المره دي.
ماجدة بخوف
-يا بنتي انا خايفة عليكم انتو الاتنين.
-قولتلك ماتخفيش بقى يا ماجدة، يلا سلام بقى وانا هبقي اطمنك علينا كل شويه، سلام يا حبيبتي.
اردفت ماجدة بدموع
-سلام يا شذى خلي بالك من نفسك يا حبيبتي.
اغلقت الهاتف معاها، و انزلقت من على الفراش تضم الغطاء عليها بخجل، و اتجهت نحو تلك الحقيبة التي دائماً تكون شاهدة على أحداثهم سوياً،
ارتدت ملابسها على عجالة، و فتحت الباب لتبحث عنه، و هي بالأصل لم تتعثر كثيراً….
وجدته أثر سماع صوته، و وقفت تستمع لصراخه على والدته….
كان يوبخ خالته بصوته العالي، وهو يدرك انها تسمعه الان.
مالك معنفاً لوالدته
-ابقى فهميها وقوليلها ان بنتها في عصمة راجل يقدر يحميها، و لو انتو مش شايفين كده، يبقي كنتو بتجوزهالي ليه يا أمي.
ليغلق الهاتف دون أن يلقى عليها التحية و ينظر لها بغضب.
-خليكي عندك انا نازل.
شذي بخوف
-هاتروح فين؟
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية ساكن الضريح ) اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق