رواية عينيكي وطني وعنواني كاملة بقلم أمل نصر عبر مدونة كوكب الروايات
رواية عينيكي وطني وعنواني الفصل الرابع و العشرون 24
ولا حتى في أحلامه كان يطمح ان يتم الأمر بهذه السرعة.. فمنذ أسبوعٍ واحد فقط كان يتمنى ان تخرج له من شرفتها فيُملي عينه بالنظر إليها.. كم من ليلة مرت عليه وأرقه السهر في التفكير بها.. كم حرقه الشوق ليرى ضحكتها التي رأها مرة او مرتين فقط لكنها فعلت بعقلهِ الاَفاعيل حتى كاد ان يصيبه الجنون بها.. حتى بعد أن وافقت على طلبهِ بعد عذاب.. حتى وهو يأخذ المباركة من أبيها بتحديد موعد مع والده للأتفاق على خطوبة رسمية أمام الناس فتأتي المفاجأة من أبيه الذي اقترح اختصار الوقت بعقد قران ابنيه الأثنين على الأختين متعشمًا بهذا بالتقارب الذي حدث بين العائلتين في هذه الفترة القليلة وتوطد العلاقة بينهم.. وكانت المفاجاة الأكبر حينما رحب ابيها ووافقت هي في الجسلة امام الجميع.. ليأتي هذا اليوم المبارك ويعقد قران أخيه أولًا على شروق ثم يأتي دوره ليعقد على حبيبته التي كانت جالسة امامه في الصالة التي توسطت المنزل بجوار شقيقتها العروس ايضًا ووالدتها ووالدته وبعض النسوة من الأقارب والجيران.. فالحفل صغير واخُتصر على عدد قليل من المدعوين على حسب الاتفاق.. على ان يتم الحفل الكبير بعد انتهاء شروق من اختباراتها الاَخيرة في الدراسة
حينما وضع كفه في كف العم شاكر يبدوا أن الرجل قد شعر برجفته فقال متفكهًا:
– إيدك باردة اوي يابني.. هو لدرجادي الوضع يخوف؟
صدحت الضحكات العالية من المدعوين القلائل بصخب.. حتى علاء نفسه ضحك رغم تعرقه وتوتره.. ثم جاءت اللحظة الحاسمة.. فحبس انفاسه وهو يراها تدنو على الدفتر الكبير وتوقع بيدها الصغيرة عليه.. كانت دقاته قلبه العنيفة تقفز في صدره قفزًا من سرعتها وهو يراقبها.. فرغم كل ما يحدث الاَن كان ينتابه الخوف من تراجعها المعتاد معه لاَخر لحظة.. حينما رفعت رأسها إليه بابتسامتها الساحرة وانطلقت الزغاريد الفرحة من الأحباب لأعلام الجميع باتمام المهمة وان فجر شاكر عبد المنعم أصبحت زوجة رسمية لعلاء ادهم المصري.. كاد قلبه ان يتوقف من الفرحة وهو يتلقى المباركات من أبيها وأبيه وشقيقه حسين والمدعوين من الرجال
.. حتى اقتربت زهيرة منهم بدموع الفرح تُعانق ابناءها بعد أن تم فرحها أخيرًا بزواجهم بأجمل الفتيات واقربهم الى قلبها رغم قصر المدة التى عرفتهم فيها ولكنها علمتهم جيدًا وعلمت أخلاقهم .
اخرجها من حضنه علاء ليقبل رأسها فضحك من قلبه على هيئتها الباكية:
– هههه إيه ياام علاء دا وقت بكى برضوا؟
قالها وهو يمسح بإبهام كفيه الإثنين الدموع العالقة وجنتيها .
ردت هي بصوتٍ مشحون بالعواطف:
– فرحانة اوي ياحبيبي بيكم.. أخيرًا ربنا حقق امنيتي وشوفتك عريس .
هزها حسين فجأة بعد ان لف ذراعها كتفها قائلًا بمرح:
– فرحانة بيه هو بس ياأم علاء؟ وانا ايه بقى؟ نسيتيني؟
لكزته بقبضتها الصغيرة على كتفه قائلة بحزمٍ محبب:
– بس ياواض بلاش غلاسة..انتوا الاتنين أكيد طبعًا فرحنالكم.. بس بقى فرحتي بعلاء ماتتوصفش عشان دا البكري واللي غلبني سنين طويلة لحد ماربنا اخيرًا هداه .
قالت الاَخيرة بتأثر واضح ارتد أثره على علاء الذي قربها منه يقبلها مرة أخرى على رأسها عدة قبلات.. جذبها فجأة حسين نحوه بملكية :
– إيه ياعم هي امك وحدك ؟ ماتسيب شوية للناس الغلابة.
صدرت ضحكة زهيرة النادرة من قلبها وابنها حسين يقبلها على رأسها ووجنتها بصبيانية امام علاء الذي اصابته عدوى الضحك من والدته.. فتوقفت ضحكته فجأة على صوت أبيه الذي اتى نحوهم ناهرًا حسين بوجه عابس:
– ابعد شوية عن امك ياض وبطل شغل عيال.. الناس بتبص عليكم .
خبئت ابتسامة زهيرة وهي ترى زوجها شديد القرب منها هي وابنها الذي قربها أكثر يلف ذراعهِ حولها قائلًا بمزاح:
– ومالوا ياابو علاء؟ خليهم يبصوا براحتهم واحد فرحان وبيبوس في امه اللي زي القمر فيها حاجة دي؟
تجاهله ادهم وهو يحدق بزهيرة عن قرب بأعين مشتاقة فخاطبها قائلًا :
– مبروك ياام العرسان.. ربنا يفرحك بولادهم كمان .
اجابته بتماسك وأعين متهربة وهي تتملص من حسين :
– الله يبارك فيك ياابو علاء ويفرحك انت كمان.. معلش بقى عن اذنكوا عايز اشوف الضيوف.
تركها حسين تذهب امام نظرات ابيه التي تعلقت عيناه بها وتحرك فمه دون صوت وكأنه يناجيها للتوقف حتى ابتعدت.. أصابه الإحباط فذهب هو أيضًا عائدًا لجسته مع شاكر .. تبادل حسين نظراته مع أخيه علاء الذي كان مراقبًا بصمت.. فانتقلت عيناه بتشفي نحو نيرمين الواقفة بإحدى الزويا مع جارة قديمة لهم وهي تغلي من الغيظ .
………………………..
وفي الجهة الأخرى كانت فجر هي الأخرى لم تستوعب الأمر بعد.. هزتها سحر التي كانت جالسة بجوارها وهي تضحك بمرح :
– إيه يابنتي مالك؟ إصحي كدة وفوقي وانا بكلمك .
رمشت بعيناها وهي تهز برأسها:
– افوق ازاي بس ياسحر؟ والنعمة مامصدقة اللي بيحصل دا كدة وبالسرعة دي. دا اول امبارح بس كنت بستخبي واتهرب منه عشان مايشوفنيش ولا اشوفه وقبلها بسنين طويلة ما كنتش بكره في حياتي حد قده.. النهاردة بقى بقيت مراته! لا بجد انا حاسة اني في غيبوبة.
ردت سحر بمشاكسة:
– غيبوبة ايه بس ياكهينة؟ هو انتي هاتعمليهوم عليا يابت؟ يعني لما وافقتي على كتب الكتاب ماكنتيش دريانة ياقطة .
ضحكت فجر وهي تبرر:
– والنبي ياشيخة انا لحد الاَن ما اعرف ازاي دا حصل؟ كل اللي فاكراه ان عمي أدهم كان موجود عندنا هو وعلاء وحسين بيتكلموا في الخطوبة ونده علينا انا وشروق نسلم عليهم ونقعد معاهم.. فجأة لقيته بيسألني وياخد رأيي في علاء.. طبعًا انا اتكسفت ومعرفتش اجاوب بس مع الإصرار هزيت دماغي بالموافقة.. وكانت هي الإشارة ياستي.. لقيت الراجل بيقول لابويا.. احنا بدل الفرحة نخليها فرحتين وبدل الخطوبة نخليها كتب كتاب للعريسين على البنات واحنا اهل وعارفين بعاضينا.. لقيت بقى والدي ووالدتي والحجة زهيرة بيرحبوا بلهفة وحسين وشروق كمان الفرحة مش سايعاهم.. فضل بقى علاء يبصلي برجاء وكاني هاكسر قلبه لو رفضت .. من غير تفكير لقيت نفسي بهز دماغي وقبلت.. وعنها بقى نزلنا تاني يوم جبنا الشبكة وادي اليوم التالت أهو بقيت مراته! انت نفسك صدقتي؟
جذبتها سحر ترد عليها وهي تعانقها بسعادة:
– اصدق ياحبيبتي وماصدقش ليه بقى؟ ربنا يكتبلك الفرح والهنا ياروح قلبي .
بادلتها فجر التهنئة:
– وانت كمان ياحبيبتي.. ربنا يتمم فرحتك انتي و رمزي على خير وتتجوزوا قريب بقى وافرح فيكي.. هو فين صحيح مجاش معاكي ليه؟
– مين هو اللي مجاش ياعنيا؟ هو يقدر ؟ دا انا بس سيبته يدور على مكان يركن فيه عربيته ونزلت اجري عشان احصل كتب كتابك.. دلوقتي ان شاء الله يجي يبارك ويهني ونتصور انا وهو معاكي انتي والمعلم علاء.. دي هاتبقى ذكرى حلوة قوي
قالت فجر بتشتت
– طبعًا هاتبقى ذكرة حلوة أكيد.. بس دا تسميه إيه دا اللي بيحصل معايا ياسحر؟ لأن انا بصراحة مش فاهمة.
أومأت سحر بعيناها ورأسها عن اقتناع:
– دا بقى اسمه النصيب ياحبيبتي عشان تفهمي بقى وتفوقي.. واتعلمي بقى من المحروسة اختك هي ومقاصيف الرقبة أصحابها وشوفي بيعملوا إيه .
قالتها وهي تشير بيدها نحو شروق الجالسة بالقرب منهم على مقعد وحدها وحولها عدة فتيات أصدقائها يتبادلن معها التقاط صور السيلفي بعدة أوضاع.. غير عابئين بنظرات الجميع حولهم.. ولا نظرات حسين التي تراقب اصدقائها بحسد للقرب منها في هذه اللحظة المهمة لهم وهو محاصر بعدد من أصدقائه واقاربه.. يستعجل التملص منهم للذهاب اليها .
……………………
إيه يا حبيبتي هو انتي سرحتي مني؟
التفتت نيرمين على محدثتها مجفلة فسألتها بتشتت:
– نعم يااا…هو انتي كنتي بتقولي حاجة؟
ردت المرأة وهي تهدهد في ابنها الصغير النائم برأسهِ على كتفها وهي تحمله على ذراعها:
– انا ام مروان و ساكنة في الشقة اللي فوق.. هو انتي لحقتي تنسيني؟ دا انتي كنتي سرحانة بجد بقى وماخدتيش بالك من كل الكلام اللي قولتهولك .
ردت بسأم وابتسامة مصطنعة:
– معلش ياام مروان متأخذنيش يااختي.. اصلي حاسة بصداع كدة ودوخه….
قاطعتها بلهفة:
– انتي بتقولي دوخة؟ معقولة يكون عملتيها وحملتي؟ طب خلي بالك بقى من صحتك اليومين دول.. دي العيال بتجي بوجع القب.
ردت عليها نيرمين مستنكرة:
– حامل دا إيه ياستي انتي كمان؟ دي شوية دوخة كدة وهايروحوا لحالهم.. يعني لا حامل ولا زفت.
لوت المراة شفتيها وهي تتقرب منها وتهمس همسًا بالنصائح لها:
– طب شدي حيلك بقى ياناصحة واتشطري عشان تلحقي تجيبلك حتة عيل قبل ما الراجل يفلسع..يعني الشر بره وبعيد.. اصل الزمن دلوقتي ياحبيبتي مش مضمون.. واديكي شايفة بنفسك نظرة جوزك ناحية ضرتك.
توسعت اعين نيرمين بجزع من فراسة المراة والتي بدت و كأنها تقرأ افكارها بخبث.. وتابعت المراة بنفس الهمس:
– ماتبصيلش كدة ياحبيبتي بخضة.. دي حكاية باينة زي عين الشمس.. وضرتك زي ما انتي شايفة كدة حلوة ومش باين عليها سن.. دا اللي يشوفها وهي واقفة مع خالتي سميرة يديها هي السن الاصغر.. دا غير انها متحامية بولادها الرجالة اللي بكرة يورثوا الجمل بما حمل مع بنات سميرة وتطلعي انتي من المولد بلاحمص لو ماخلفتيش عيل يشاركهم في الورث.
هبط قلبها بداخل صدرها وهي تتخيل سيناريو ما سيحدث بعد وفاة زوجها من زهيرة وابناءها..الكارهين لوجودها من الأساس.. فتعود هي لحياة الفقر والعوز مرة أخرى! استفاقت من شرودها على صوت رجاء والدة سحر وهي تهتف على أبراهيم الجالس بجوار السماعات:
– في إيه ياعم هيما؟ ماتشغلنا أغنية فرايحي خليها تفرفشنا كدة وتهيصنا عايزين نرقص دا احنا في فرح ياحبيبي .
– من عنيا ياخالتي رجاء.. أحلى اغنية لأحلى رجاء .
قالها إبراهيم ليصدح بعدها أغاني مهرجانات خاصة بالأفراح اشعلت الأجواء.. لترقص رجاء في الوسط وشروق وصديقتها يحاوطنها يصفقن بكفوفهن ويرقصن معها.. أمام سحر التي كانت تنظر اليها بيأس مع فجر التي كانت تضحك لها بمرح لإغاظتها.
…………………………..
بعدها بقليل
جلس علاء بجوارها على اَريكة ضمتهم هما الأثنان فقط.. ليلبسها خاتم زواجهِ بها ومعها محبس اخر من الذهب و أسورة جميلة زينت رسغها.. ليصدح صوت الزغاريد من النساء والفتيات التي اللتفت حولهم يشاهدن ويلتقطن الصور لهم بفرح تحول لهمهات منبهرة لرؤيته وهو يقبل كفها دون ان يأبه بهم ولا لخجلها الذي انعش قلبه بالفرحة بها أكثر .. اقبلت عليهم سحر وخطيبها رمزي بالتهنئة والتعارف مع علاء واللتقطت بعض الصور الجميلة لأربعتهم .. مما اثار غيرة حسين الذي سحب شروق من يدها لينحشرا بجوارهم على الاَريكة مما أثار امتعاض علاء الذي كشر بوجههِ لهم فبادله حسين النظرة بكل برود وفاجأه بقلبة سمجة على وجنته مسحها علاء بقرف فانطلقت ضحكات شروق بقهقه هي والفتيات أصدقاءها والمدعوين..وازدادت اللحظات الجميلة لتسجلها عدسات الكاميرات.. فتجفلهم سميرة فجأة برشة من الملح منعًا للحسد تسير امتعاض الجميع وثناء زهيرة التي كان قلبها ينبض بسرعة خوفًا من كم الفرح الكبير الذي أتى بعد سنواتٍ طويلة عجاف.
تحول وجه حسين فجأة وهو يومئ بعيناه لعلاء نحو مدخل الباب ويهمس:
– دعيته ليه ياعلاء؟ احنا مش قولنا قاعدة عالضيق وخلاص؟
أجفل علاء لحدة شقيقه فرد بدهشة هامسًا هو الاَخر:
– وافرض عالضيق ياحسين؟ مدعيش انا بقى صاحبي؟
قال الاَخيرة وهو ينهض قائمًا ليستقبل سعد الذي تنقلت عيناه بين صديقه وبين الجميلة ذات الثوب العسلي والذي تناسب مع لون عيناها وانعكس على بشرتها فزادها بياضًا ونضارة .. وقبل ان يصل اليهم تفاجأ بحسين الذي جذبها من يدها وابتعد بها عن مرمى عيناه..
حاول التماسك وهو يعانق علاء يهنئه ويغتصب الإبتسامات ليخفى بها اشتعال صدره من الداخل.. لقد فاجأه علاء حينما هاتفه في الظهيرة يخبره بعقد قرانه هو واخيه على الشقيقتان.. كالعادة ذهبت لغيره ولم يجد الفرصة للتقرب منها.. كالعادة حظه العسر يحول بينه وبينها.. وكالعادة يكبت مشاعره من داخله ليظهر العكس في الظاهر
……………………….
صدحت بعض الاغاني الخاصة لمحمد منير بناءًا على رغبة علاء الذي نسق مع ابراهيم لإذاعتها من السماعات.. فسحب فجر من يداها يراقصها عليها لتتمايل معه هي بخجل.. يعبر بيداه وجسده وفمه يردد مع كلمات الاغنية مايعبر عما بداخله ناحيتها.. فهو يعشق اغانيه ويعشق كلماتها .
دلف حسين يشاركهم الرقص مع شروق واشتعلت الأجواء.. حتى انهم سحبوا سميرة وزهيرة أيضًا التي كانت تتمايل بخفة لظروف مرض ظهرها وعظامها.. بعبائتها التركواز وكأنها عادت طفلة صغيرة .. وقد خففت الفرحة عنها المها وتعبها.. غافلة عن اعين أدهم المصري الذي ارتكزت أبصاره عليها بحسرة وندم .. انسته طعم الفرحة بزواج أبناءه الاثنان..
اما نيرمين فكان بداخلها بركانِ يغلي من التجاهل وهي تشعر بقزمها وضاَلتها بينهم .. علاء الذي تمنته حتى الموت وهو لم يعيرها ادنى اهتمام ها هو الاَن يرقص مع هذه الفتاة القصيرة بفرحة لم ترها على وجهه طوال سنوات معرفتها به.. حسين وهو يراقص شروق وعيناه تحاصرها ولا ترى غيرها وكأنها قطعة منه.. مشاعر جميلة حرمت منها.. وضاعت سنين عمرها بين شقاء في العمل وعلاقات خفية مع اشخاص استغلوها فيرحلوا بعد أن تنتفي حاجتهم منها ..ثم الزواج برجل بعمر اباها وقد ظنت ان الدنيا فتحت لها ابواب الهناء.. وها هو ايضًا يبدوا انه قد مل منها .. حتى سعد الذي لطالما كرهته وكرهت علاقتها به.. لم يكلف نفسه حتى النظر اليها وكأنها ليست جميلة ولا تستحق الأهتمام كهاتين الفتاتين الملعونتين.. او حتى هذه المرأة العجوز التى خطفت قلب زوجها واعادت اليه الحنين اليها رغم بساطة ما ترتديه وتزين به وجهها..
سعد والذي كان ممسكًا بكوب العصير يتناول منه وكانه العلقم بحلقه مع مراقبته لهم ولفرحهم.. انتبه على ورود مكالمة منها تجاهلها في البداية ولكن مع رؤيته لرسالتها انتفض خارجًا من المنزل وذهب اليها بسرعة .
…………………………..
فتح بمفاتحه باب الشقة ليدلف داخلها بسرعة هاتفًا عليها .
– انتي يازفتة انتي هببت إيه في الشقة؟
خرجت اليه أمينة مهرولة من المرحاض :
– انا مهببتش حاجة ياعنيا؟ سباكة الشقة بتاعتك هي اللي مصدية وقديمة.
تسمر مكانه وهو ينظر إليها ولم يعي ماتقوله.. شعرها الحريري الأسود كان مبتلًا وبشرتها النضرة دومًا كانت ندية بشكل لافت ..عبائتها الخفيفة اظهرت امتلاء خفيف حوط جسدها برشاقة بعد النحافة الشديدة قبل ذلك.. ابتلع ريقه وهو يسألها ببعض الهدوء :
– هي إيه بالظبط اللى مصدية؟ عشان انا اتخضيت لما شوفت رسالتك.
لوحت بيداها نحو المرحاض:
– انا بكلمك عن حنفية الحمام ياسعد .. دي باظت مني ومرداياش تتقفل.. بقالي ساعة عمالة احاول فيها وانشف بالمساحة عشان الشقة ماتغرقش.
تقرب منها حتى اشتم رائحة الصابون في شعرها فسألها:
ارتدت للخلف منتفضة وقد رأت اشتعال الرغبة في عينيه.. فصاحت عليه تجفله:
– واخدة حمام ولا عني ماكنت متزفتة حتى.. انت مالك؟ مش تسمع الأول انا بكلمك في إيه؟
اظلمت عيناه وتبخرت رغبته بها في الهواء فقال مزرءًا:
– على أساس إني ميت في جمالك يااختي؟ دا انا بس كنت بجبر بخاطرك.
قالت ضاحكة بسخرية:
– ههه كتر خيرك ياشيخ ياسعد..خش ياخويا الحمام وشوف حنفيتك لا تغرق الشقة وتقع على اصحابها هي مش ناقصة .
جز على فكه غيظًا منها قبل ان يتحرك نحو المرحاض فهتف ساخطًا :
– يخرب بيتك ياشيخة بهدلتي الدنيا .. يخرب بيتك ياشيخة
لوت شفتيها ولم ترد على سبابه وشتائمه وراقبته وهو يشمر بنطاله ويخلع قميصه في الأعلى ليضعهم على كنبة صغيرة في صالة الشقة قبل ان يدلف للحمام .. ويقوم بأعمال التصليح .
أجفلها مناديًا :
– هاتفضلي واقفة كتير كدة مكانك وتعمليلي فيها هانم؟ اخلصي يابت اعمليلي كوباية شاي .
تحركت متاففة لتفعل ما أمرها به ولكنها توقفت فجأة على صوت هاتفه.. تناولته وقبل ان تهتف منادية عليه لتنبيهه استوقفها الأسم الغريب .. رددته بدهشة:
– ن م .. ايه ده ؟ هو عامل اختصارة للأسماء .
دققت جيدًا في الرقم الذي لم يكن غريبًا عنها ..فتذكرت صاحبته على الفور فمصمصت شفتيها مستنكرة.. همت بتركه حتى لا تتسبب لنفسها بمشاكل معه.. ولكن مع انتهاء المكالمة صدر صوت رسالة قادمة في الهاتف بتطبيق الوتساب بنفس الرقم .. لم تقوى على حجب فضولها نحو رؤية الرسالة.. فقرأت ( عايزة اشوفك ضروري ياسعد .. انا عارفة انك مستغرب .. بس انا محتجالك قوي .. فاضي بكرة اجيلك الشقة؟ )
قضمت نعيمة على اطراف اظافرها بتوتر وهي تراقب نحو المرحاض وانشغال سعد في تصليح صنبور المياه.. فكتبت ترد باقتضاب:
( تعالي)!
تبسمت بانتشاء وهي تمسح الرسائل .. وتعود بنظرها مرة أخرى تراقب قبل ان تذهب نحو المطبخ وتفعل ما امرها به.
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية عينيكي وطني وعنواني ) اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق