رواية فارس النار كاملة بقلم شيماء سعيد عبر مدونة كوكب الروايات
رواية فارس النار الفصل الحادي عشر 11
……
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله 🌺
وها قد اتفق العاشقين على أن لا يشعر الأخر بإهتمامه ويبعده عنه ، ولكن وان بعدت الأجساد فالقلوب قريبة ، أقرب من حبل الوريد .
اشرقت شمس الصباح لتعلن عن بدء يوم جديد ، كل يوم يحمل فى طياته أمل جديد او ربما مزيدا من الألم للمنكسرين .
ودعت سهيلة هند فى الصباح بقولها ….انا رايحة الشغل وامرى لله بعد ما أخلص هروح على المعتقل ..
فضحكت هند …معتقل برده يا سوسو .
سهيلة …اه وأنيل وحياتك ،وخصوصا انى راجعة بعد ما صدقت تخلص منى ، فأكيد هتشربنى المر فى ازازيز .
امتى بس ربنا يكرمنى وواخد مطرح لوحدى ولو حتى اوضة اريح من عشرتها .
هند …يعنى تفتكرى اخوكى هيرضى ، مش هيرضى طبعا .
سهيلة ..هحاول ، وربنا يسترها عليا عشان عارف قد ايه انا غلبانة .
ويلا سلام عشان متأخرش على الشغل من أولها ..
خطت خطواتها سهيلة نحو الشركة بخطى سريعة مع نبضات قلب عالية .
حتى أنها توقفت فى الطريق ، لتحاول تهدئة قلبها الثائر ، فوضعت يدها عليه مردفة …وبعدين ماتهدى انت كمان فيه ايه !
ثم سئلت نفسها ”
ولزمته ايه السرعة دى ، مستعجلة يعنى على الخدمة ولا عشان تشوفيه .
مش قولنا نعقل كده ونتتقل ، خصوصا انك ظاهريا ملتزمة ، فمينفعش يكون الباطن غير كده ..
صح يا بت يا سهيلة ، يبقا نغض البصر وكمان منكلمش كتير معاه .
يلا نتوكل على الله ، ثم ولجت الشركة بخطى ثابتة .
وستقبلها حسام بابتسامة …اهلا يا سهيلة ،جيتى فى وقتك ، مش قادر افتح عينيه الاتنين ومحتاج فنجان قهوة بسرعة .
سهيلة بمداعبة …مهو من السهر انت وبنت خالتى طول الليل لوكلوك لوكلوك .
حسام بضحك …اعمل ايه مهو انا لو مسمعتش منها كل يوم عملت ايه من الصبح لغاية ما تنام ممكن يحصلها حاجة ، فبضطر اسمع غصبا عنى .
سهيلة بضحك ..صراحة ربنا يتولاك بقا ويسعدكوا .
وبينما هم يتبادلان الضحكات كان هناك من هو فى مكتبه يغلى غيظا وغيرة عليها .
صك فارس أسنانه بغيظ مردفا ..يعنى عتضحك مع حسام ومبسوطة جوى ، ومعايا هتطول لسانها اللى عايز يجص ده ..
ليسئل نفسه بعدها ..بس وانا مالى ما تضحك ولا متضحكش عادى ، هى مش بتهمنى فى حاچة ..
بس لا برده هى چاية تشتغل ولا تضحك ، لا انا مش هسكت على المسخرة دى .
فوقف واندفع للخارج ، ليقف أمامها ، فارتبكت لرؤيته كذلك وخصوصا عندما رأت الغضب فى عينيه .
فارس بإنفعال …والله عال يا هانم ، أنتِ چاية الشركة تتسامرى وتتضحكى ولا تشتغلى عاد !!
تجمدت سهيلة من كلماته الموجعة تلك ، فما ذاك التى كانت تنتظره منه .
فحدثت نفسها ..ياه على وجع القلب اللى انا فيه من كل ناحية ، حتى جت منه كمان .
يلا وماله مجتش عليه يعنى .
وأوعى تفتكرى أنه حاسس بيكى او ممكن ابن البشوات ده ممكن يبصلك ولو بصلك هتكون مجرد رغبة ويرميكى.
فمتعشميش نفسك بيه يا سهيلة ،وفوقى لنفسك كده .
وأهو ظهر على حقيقته بدرى بدرى عشان تخدى بالك .
بس اه وجعنى اوى ، بس برده لازم استحمل عشان محتاجة .
فطالعته سهيلة بإنكسار أدمى قلبه مردفة ..حاضر يا بيه ، هروح اشوف شغلى ، انا اسفة.
ثم التفتت لتغادر بين نظراته المتألمة لأجلها وود لو تقدم منها وانحنى أمامها ليعتذر لها ولكن لا مفر من إبعادها عنه حتى لا تؤذيها تلك اللعينة هكتش ..
اما حسام فطالعه بلوم وعتاب ولكنه لم يستطع معاتبته بالكلام واكتفى بالصمت ..فتهرب فارس من عينيه ودلف إلى مكتبه حزينا شاردا .
لتمر لحظات كانت الأثقل على قلبه وقلبها ، لتأتى له بنفجان القهوة ووضعته أمامه .
أستمع فارس لـ ضربات قلبها المتسارعة وهى بجانبه وود لو قام واحتضنها لكى يهدىء من روعها ولكنه ظل على جموده تلك .
دون النظر إليها أو الحديث .
حدثت سهيلة نفسها ..انا احترت معاك، مبقتش عارفة انت كويس ولا وحش ولا حكايتك ايه بالظبط ؟
بس اللى تعبنى انى مش عارفة بيحصلى ايه لما اكون جنبك يا فارس .
يارب رحمتك بيه وبقلبى .
تذوق فارس القهوة التى كانت بمرارة أيامه ، بعد أن تعمدت سهيلة عدم وضع السكر بها عقابا على إهانته لها .
ولكن لم تعلم أن ذلك الأمر ، سيجعله ينفجر بالكلية بها .
وعندما خطت خطواتها للخارج ، فزعها صوته العالى بقوله …اجفى عندك .
فوقفت متخشبة فى مكانها ثم التفت له مردفة بحنق…نعم اى أوامر تانية يا فارس بيه ؟
فارس …أنتِ متعمدة تعصبينى وتجرفى عيشتى صوح !
نفت سهيلة ذلك بقولها ..اناااا ليه ؟
هو بينى وبينك تار .
فارس بإنفعال ..عملالى الجهوة سادة ، وأنتِ خابرة احبها مظبوط .
سهيلة بعين ماكرة …معلش نسيت .
فارس بغيظ…طيب تعالى خديها من جدامى ، واعمليلى غيرها .
سهيلة بتودد لكى تمتص غضبه ..بس كده حاضر من عينيه الأتنين .
فاقتربت منه لتأخذ فنجان القهوة ، فلاحظ فارس إرتعاش يديها الذى ارتجف قلبه معه .
فارس بقوة مصطنعة …يلا همى عاد .
فأمسكت سهيلة الفنجان ولكن خانتها قواها وسقط منها على ملابسها والأرض .
فانتفض فارس وقام سريعا إليها مردفا …حاسبى .
ليطغى الحب على قوته فى تلك اللحظة مردفا بحنو ..حوصلك حاچة ، أنتِ بخير ؟
حركت سهيلة يديها بألم بسبب سخونة القهوة على جلدها مردفة بإصطناع ..انا بخير متقلقش .
فنظر فارس إلى يديها التى تلونت بالحمرة من أثر سخونة القهوة فعض على شفتيه بندم مردفا ..يدك شكلها اتحرقت .
ليمسك بمعصمها على حين غفلة منها ، ليدفعها نحو المرحاض ، ليضع يدها تحت الماء يغسلها لها بحنو .
وهى كانت كالمغيبة كأنها لا تدرك أنه ممسك بيديها بالفعل .
تطالعه بإندهاش متسائلة كيف يكون فى نفس الوقت بتلك القسوة وفى ذات الوقت بذلك الحنو .
ثم خرج بها مردفا بحنو..اجعدى عجبلك مرهم تدهينه عاد عشان يخفف الحرق .
جلست سهيلة ومازالت فى شرودها ، حتى أتى بالمرهم قائلا ..هاتى يدك .
لتخرج هنا سهيلة عن شرودها مردفة بحنق …لا كفاية اللى حصل ومينفعش ابدا تلمس ايدى كده .
وانا خلاص بقيت كويسة ومش محتاجة حاجة ، وهقوم اكمل شغلى .
فارس ..لا متكلميش شغل ،وروحى ارتاحى.
سهيلة بإنكسار ..اروح ارتاح !
دى الراحة هنا ، والعذاب هناك .
فحدث فارس نفسه …لا عاد العذاب هو قربك منى يا بنت الناس ، لازم تمشى فى اسرع وجت ، معدتش جادر خلاص أشوفك جدامى وأمنع نفسى منك .
ليصطنع القسوة مجددا بقوله ..جولت روحى ، وكمان شكلك معتنفعيش فى شغلانة الجهوة دى .
طالعته سهيلة بإندهاش مردفة..انت ايه اخى بالظبط .
جنسك ايه يعنى !.
شوية تكون كويس وحنين وشوية تكون قاسى بالطريقة دى .
بحس انك عندك انفصام فى الشخصية ومش طبيعى ابدا .
فارس حدث نفسه …الجسوة دى خوف عليكى صدجينى .
ولكنه انفعل بقوله …أنتِ عتخرفى تجولى ايه عاد ؟
أنتِ اتعديتى حدودك معايا .
ونسيتى نفسك .
بجولك ايه يا استاذة سهيلة ، من دلوك معدتش ليكى شغل عندى .
انا مش ناجص جرف ملهوش لزوم .
ويلا اتفضلى من غير مطرود .
لمعت عين سهيلة بالدموع ، لتنهار أمامه بقولها غير عابئة بكرامتها تلك المرة ..لا يا فارس ارجوك متبعدنيش عنك .
لتتبدل ملامح فارس فى تلك اللحظة وتنخفض ضربات قلبه ويشعر بالاختناق وكأنه على مشارف الموت .
فلم يعد يحتمل حقا كلمتها وهى ترجوه أن لا تبتعد عنه .
ولكنه رغم ذلك كله حاول التماسك ثم التقط أنفاسه بفك رابطة عنقه مردفا بغضب…أسمى فارس بيه وأنتِ مجرد خدامة عندى .
ولا شكلك نسيتى نفسك عاد .
جولت من غير مطرود ثم التفت حتى لا يرى دموعها وانكسار قلبها لكى لا يضعف أمامها .
لتتفوه بكلمة يكرهها منذ صغره وتدمر قلبه …انت يستحيل تكون انسان ، انت شيطان .
ويارتنى ما قابلتك ولا عرفتك ثم تابعت بإنهيار …ولا قلبى مال ليك يا فارس
وانا همشى واوعدك مش هنشوف وشى تانى ابدا .
بس صدقنى وانا واثقة من كده كويس ، انك مش هتقدر تنسانى وهفضل قدام عينيك حتى لو مش موجودة قدامك .
لتدمع عينى فارس رغما عنه ولكن دموعه كانت كحجارة من سجيل موقدة بالنار ، فسقطت على الأرض ، فاندلعت النيران فى اسفل الستائر..
ليلتفت سريعا لها كى لا ترى النار أو تصاب بأذى ، فصرخ بها …اخرجى ،انا مش عايز فعلا اشوفك تانى .
لتغادر بعدها سهيلة المكان سريعا ولكن تركت قلبها معه يحترق بنار هواه .
شاهدها حسام تركض باكية ، فحاول اللحاق بها ليعلم ما بها مناديا ….سهيلة ، سهيلة.
استنى ، مالك فيه ايه حصل ؟
ولكنها لم تستجب لندائه واسرعت حتى تركت الشركة بأكملها وظلت تجوب الشوارع باكية كأنها طفلة فقدت امها فى الطريق.
تعجب حسام من أمرها وشك فى فارس أنه اغضبها ، فقرر أن يحدثه فى أمرها ، فولج إليه فتفاجىء به ممسك بمطفئة الحريق يطفىء به الستائر .
فشهق بفزع …حصل ايه وازاى ده ؟
فارس بنفور لدخوله المفاجىء …عادى السيجار وقع منى حرق الستارة .
حسام بإندهاش ….سيجار !
بس انا مش بشوفك بتدخن .
فانفعل فارس ..هو تحقيق ولا ايه يا حسام وبعدين لما تدخل استئذن بعد إكده .
حسام بحرج …اسف يا فارس بيه .
بس انا كنت متضايق عشان شوفت سهيلة بتجرى وبتعيط وهى خارجة من عند حضرتك .
ومعرفش ايه السبب وحولت أوقفها واعرف بس هى للأسف مردتش وخرحت برا الشركة خالص .
اغمض فارس عينيه بألم مردفا بحزن موجع …وحدة مچنونة هنعمل ايه ، وانا زهجت من أفعالها ولسانها وطردتها .
حسام بصدمة …طردتها !
ليه بس كده يا فارس بيه؟
دى بنت غلبانة قوى وكانت محتاجة المرتب .
تألم فارس أكثر من كلمات حسام فأردف …معلش عيشها انجطع عندى .
بس كيف ما جولت عشان غلبانة ،عشوفلها شغلانة تانية .
ليتصل بعدها بعميل لديه سلسلة من السوبر ماركت .
جاد …اهلا يا فارس بيه .
فارس …عايزك تشغل وحدة معرفة عندك فى الكاشير والمرتب انا هدفعه من عندى .
جاد مرحبا …..انت تؤمر يا فارس بيه .
تعجب حسام من فارس وتسائل …طيب ليه من الأول كده بدال انت حنين كده .
فارس ….لو سمحت يا حسام بلغها بشغلها الجديد ومتجلهاش انى السبب فيه ،كأنه من عندك .
حسام …حاضر يا فارس بيه .
ليغادر حسام ويقوم بالأتصال على هند ليخبرها بالأمر .
هند …لا حول ولا قوة الا بالله ، ليه كده ؟
دى كانت مبسوطة الصبح وهى رايحة ، بس ماشى بدال ربنا هيعوضها هقولها..
لتتصل بها هند ، فتسمع صوتها الباكى ….حبيبتى صوتك مش عجبنى .
سهيلة بصوت منبوح من البكاء …..عادى يا هند انا اتعودت على كسرة القلب خلاص. ..
هند …بس متزعليش حسام وصى واحد بتاع مول كبير كده على مستوى ومن بكرة تروحى تشتغلى على الكاشير .
اهو أحسن من خدمة القهوة والشاى .
لتغمض سهيلة عينيها بألم محدثة نفسها …كان هو محليها ، وقربه كان كفايا عليه .
سهيلة بإمتنان …الله المستعان ،واشكريلى استاذ حسام ..
……..
وبينما فارس غارق فى أحزانه ظهرت له هكتش .
هكتش …والله براوة عليك يا فروسة يا حبيبى ، بس برده قلبك الطيب ده مخوفنى منك ،ما كنت سبتها تدور على اى شغلانة.
وقف فارس وعلى وجهه علامات الغضب هادرا بقوة …أنتِ برده !!
أنتِ عارفة لو ممشتيش من جدامى السعادى انا ممكن اعمل ايه ؟
هكتش ببرود ..هتعمل ايه ؟
هتقص لسانى تانى ،هيطول فى ساعتها ثم ضحكت بسخرية .
لتثير غضبه أكثر ولكنها تفاجئت به ، ينفخ فى خزينة بجانبه ، أشعل بها النار ثم أردف متوعدا …انا اللى هموت نفسى وأخرجها وأخلص منيكى ومن العالم ده كلاته ..
وهم بالفعل أن يدخل بتلك النيران ، لكن قلب هكتش المحب تلك المرة جعلها تصرخ به مردفة ..لا يا فارس ، لا أرجوك .
انا مقدرش اعيش من غيرك ، وحاضر هبعد بس توعدنى متعملش كده تانى .
لتختفى هكتش فى الحال ويخمد هو النار ولكن نار قلبه مازالت مشتعلة ،بنار لن يخمدها سوا اللقاء .
…
عادت هكتش حزينة إلى مملكتها ، فولج إليها والداها سكروت .
سكروت …الجميل زعلان ليه ؟
فألقت هكتش بنفسها فى أحضان والداها وبحزن …رفضنى برده يا بابا .
ومش عارفه اعمل ايه عشان يحبنى زى ما بحبه ؟
سكروت …يا بنتى مئة ألف مرة قولتلك بلاش من الخب اللى ملهوش فائدة غير العذاب والوجع .
وفارس مش من جنسنا خالص ومعروف بميوله نحو الأنس اكتر ، فكفاية بقا وانسيه يا بنتى .
هكتش بغصة مريرة…..مش بإيدى يا بابا ، انا بحبه .
تنهد سكروت بحنق مردفا ..يا بنتى على رأى المثل بتاع الأنس ، خدى اللى بيحبك عشان فعلا ده اللى هيسعدك .
هكتش بتأكيد حبها لـ فارس .. …وانا مش عايزة غير فارس .
سكروت بنفاذ صبر ..مفيش فايدة يعنى فيكى ؟
هكتش …ايوه وانت لازم تشوفلى حل ؟
سكروت …امرى لله ، خلاص يا بنتى .
وانا هريحك وهجيبه هنا ليكى بأمر من ملك الجان كمان اللى بقوته وبعصيته السحرية هيحوله لجنى كامل عشان يقدر يعيش معانا هنا وتجوزوا حتى لو مش على هواه وأنتِ حرة بقا بعد كده .
فيا تخليه يحبك أو هتندمى طول عمرك لو برده فضل كرهك .
ليتهلل وجه هكتش فرحا متسائلة …امتى ده ؟
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية فارس النار ) اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق