رواية عينيكي وطني وعنواني كاملة بقلم أمل نصر عبر مدونة كوكب الروايات
رواية عينيكي وطني وعنواني الفصل الثامن 8
تقربلكوا إيه فاتن ؟
كان سؤاله الذي نبه كل إشارات الحذر لديها..جعلها تنتصب في وقفتها.. فتوقف تدفق دماعتها وهى ناظرة اليه بشراسة..مع تحفز كل خلية بجسدها نحو هذا الغريب الذي اقتحم خلوتها عن عمد وها هو الاَن يسألها بكل جرأة عن أشد أسرارها خطورة.. هذا بالإضافة لسؤاله منذ البداية عن غريمها الأصلي علاء !
خرج صوتها المتشنج وهي تسأله بقوة :
– انت مين ؟
لم تجفله هيئتها الجديدة فقال بهدوء :
– انا عصام الوالي إبن الدكتور أكرم الوالي..مدير المستشفى اللي احنا واقفين فيها دلوقتي.
هتفت بحدة :
– انا مش عايزة اعرف اسمك ..أنا عايزة اعرف .. إنت إيه علاقتك بعلاء بالظبط؟ وتعرف فاتن وشبهنا احنا بيها ازاي ؟
مالت زاوية فمهِ بابتسامة ساخرة قبل ان يقول :
– انتِ مش ملاحظة انك بتكرري نفس سؤالي ليكى بس مع فرق الصيغة .
برقت عيناها أكثر مع ارتجاف جسدها الغاضب فقالت وهي تجز على اسنانها:
– اسمع ياجدع انت انا معنديش مقدرة على تحمل برود اعصابك ده وانت بتكلمني عن أعز انسانة عندي ..واكنك كنت تعرفها هي شخصيًا! جاوب عليا وقولي انت مين ؟
خرج سؤالها الاَخيرة بصرخة جعلته يتخلى قليلًا عن ثباته المستفز فقال :
– أنا كنت صاحب علاء واعرفها هي زي ما كنت بعرف كل أهل الحارة عندهم .. دا كان قبل ما تتقطع كل علاقتي بيه واسافر على انجلترا واكمل تعليمي هناك .
– بس؟
شعرت بارتباكه الملحوظ بعد سؤالها المختصر بكلمة واحدة .. في لغة جسده المتوترة وشحوب وجهه الوسيم.. فقال :
– أظن انا كده قولتلك على علاقتي بعلاء ومعرفتي بفاتن ..جه الدور عليكي بقى عشان تقوليلي عن علاقتكم بيها .
ضيقت عيناها قليلًا وهي تنظر اليه بتفكير وكأنها غير مقتنعة بإجابته او تشك بقوة انها ناقصة بحقائق مهمة.. خرج صوتها اَخير فقالت باقتضاب :
– سر الشبه الكبير مابينها وبين أختى .. هو إنها تبقى بنت عمتي.
تحركت فورًا لتستدير عنه فاأوقفها بسؤاله المتلهف :
– طيب هي فين دلوقتي؟ وإيه أخبارها ؟
عادت مرة أخرى تحدق بعيناها الى عيناه ذات الون البني الفاتح .. فقالت :
– ماعدتش في أخبار عنها خلاص..فاتن ميتة بقالها سنين كتير.. ميتة من يجي ١١ سنة .
هل هذه صدمة التي ظهرت جلية بشكل مخيف على ملامح الرجل ام أنه تأثر بخبر موتها؟ لم تريد معرفة الإجابة فقد استدارت مغادرة وتركته متسمرًا مكانه وكأنه تمثال حجري لا تبدوا عليه أية مظاهر للحياة .
…………………………..
حينما عاد إلى منزله وفتح الباب ليدلف داخله..خطى بهدوء متعمدًا عدم اصدار صوت حتى لا يوقظ والدته..فترهقه بأسألتها وهو لم يُعد به طاقة ..فيكفيه ما تلقاه من سعد منذ قليل ..تمشى بهدوء حتى وصل لباب غرفته فاتفاجأ بصوتها يهتف من خلفه .
– إنت جيت من إمتى ياعلاء ؟
تدلت أكتافه بإحباط وأغمض عيناه قليلًا قبل ان يغتصب ابتسامة على وجهه وهو يلتفت لوالدته الجميلة ..التي تقدمت نحوه بابتسامة غابت عنها طويلًا ووجهٍ مشرق وكأنها عادت بالزمن سنواتٍ للخلف فقالت بمشاكسة:
– ماشي كده بتتسحب وداخل على اؤضتك على طول ..هربان من حاجة ياولا؟.
مال بوجههِ ينظر الى حيويتها وهي تسير بخطواتها المتعثرة قليلًا فقال :
– إيه ياقمر انتي ؟عيني باردة عليكي النهاردة .
فور ان اقتربت منه جذبته من ياقة قميصهِ تطبع قبلة على حنونة على وجنته ..فقالت بتمني :
– عقبالك انت كمان ياحبيبي.
ارتفع حاجباه فقال بمرح:
– إيه ده ؟ هو لحق يقولك..أما صحيح واض ما يتبلش في بُقه فوله .
لكزته على ذراعهِ بقبضتها الضعيفة بعتابٍ :
– بس ياواض ماتقولش كده على اخوك ..دا فرحان والفرحة مش سايعاه..بعد ما اختار اللي شاور عليها قلبه ..اتاريه كان منمر عليها وعامل فيها ساهي.. مش زيك خايب .
خرجت ضحكته بدهشة :
– انا خايب برضوا ياام علاء؟ طب ليه الغلط ده بس ؟ دا انا حتى حبيبك.
– ايوة انت حبيبي بس خايب برضوا..عشان أنا عايزة افرح بيك واشيل عيالك وانت ولا سائل ..هاتعرف تعمل كده بقى زي اخوك؟ اللي عملهالي مفاجأة وخلي قلبي كان هايوقف من الفرحة .
قال بحنان وخوف :
– بِعد الشر عليكي وعلى قلبك ياست الكل ..ان شاء الله انا كمان افرحك زيه .
قالت بإلحاح :
– طب اوعدني يكون قريب .
تبسم بمرح من دلال والدته فقال برجاء :
– بس انتي ادعيلي من قلبك والنبي ..
– داعيالك ياحبيبى من كل قلبى تاخد اللي في بالك .. وتحبها وتحبك .
بعد سماعه لهذه الدعوة الجميلة.. دنا بجسده اليه لينتعم بحضنها الامومي..وقد اسعده مقصد الدعوة كثيرًا..كثيرًا جدًا .
…………………………..
في اليوم التالي
كان موعد عودة إبراهيم إلى منزله.. بعد أن اطمئن الأطباء على استقرار حالته ..فصرحوا له بالخروج.. ذهب شاكر مع علاء ألذي أصر لإصاله والعودة بإبراهيم داخل سيارته الفارهة..حتى أنه تولى مهمة حمله .. صاعدًا به درجات السلم إلى شقتهم .. كانت شروق هي من استقلبتهم بابتسامتها المعهودة ..مخيبة ظن علاء الذي كان يُمني نفسه برؤية شقيقتها.. دلف بإبراهيم إلى داخل الشقة حتى وصل غرفته..فوضعه بخفة وحرص شديد على سريره ..
– بسس كويس أوي كده ..ربنا يحرسك لشبابك ياحبيبي.. تعبناك معانا.
إستقام بجسده وهو يرفع نفسه فقال بمزاح ردًا على كلمات سميرة:
– على ايه بس ياخالتي؟ دا حتى إبراهيم خفيف في الشيلة ومش تقيل يعني .
رد عليه إبراهيم بمشاكسة:
– طبعًا ياعم.. وإبراهيم هايجي إيه بس فى شيل الأوزان الثقيلة اللي بتربي بيها عضلاتك .
– ياولد.. وانت بقى مركز وواخد بالك .
– وهي محتاجة تركيز يامعلم علاء ..دول بارزين من الهدوم لوحدهم وكأنهم بيعلنوا على نفسهم.
ضحك ثلاثتهم فانضم إليهم شاكر الذي دلف متسائلًا :
– إيه ياجماعة بتضحكوا على إيه ؟
– ولا حاجة ياعم شاكر.. أصل إبراهيم بيقُر على عضلاتي.
– بيقُر ليه بس؟ بكرة يكبر ويربي أحسن منهم .
قالتها زهيرة وهي تدلف فجأة اليهم لداخل الغرفة تقدمت نحوها سميرة.. هاتفة بمودة :
– أم علاء ..تعبتي نفسك ليه بس وجيتي ؟
بادلتها المصافحة قبل ان تقترب من إبراهيم قائلة :
– تعبت إيه بس ياختي؟ دا انا كان نفسي أروح المستشفى واطمن عليه بنفسي
– وانا اللي مانعتها .. ماتزعلوش مني ياجماعة انتوا عارفين اللي فيها .
قالت سميرة:
– ونزعل ليه بس يابني؟ ربنا يشفي عنها يارب..هي حمل خروج ولا تعب..واحنا أهل وحبايب مابين بعضينا.. يعني ماندوقش
قالت زهيرة باتسامة راضية:
– تعيشي ياحبيبتى وتسلميلي .. وانت بقى ياعريسنا الحلو ..عامل إيه النهاردة؟
وجهت الاَخيرة لإبراهيم الذي بادلها الإبتسامة في قوله:
– الحمد لله أحسن من الأول ياخالتي .
– الحمد لله ياحبيبي.. أمال فين البنات اخواتك حبايب قلبي دول ؟ عايزة اسلم عليهم ياسميرة .
……………………..
دلفت مقتحمة الغرفة عليهم هاتفة بانزعاج :
– إيه ياعنيا انتي وهي ؟ لازقين في الاوضة كدة ليه ومستخبين ؟
ردت شروق التي كانت تمشط شعرها أمام المراَة:
– انا مش لازقة ولا حاجة ياماما ..انا بس بوضب نفسي على الخفيف كده عشان مطلعش بشعري منعكش ولا لابسة حاجة مش تمام ..دي مهما كان برضوا هاتبقى ان شاء حماة المستقبل والواحد لازم يخلي باله .
– اه ياختي عندك حق..طب وانتي يابرنسيسة ..مش ناوية تخرجي برضوا وتسلمي على الست؟
قالت الاَخيرة لفجر التي كانت تلعب في هاتفها ..فردت بعدم اكتراث:
– واخرج لها أنا ليه؟ طب دي هاتبقي حماتها ..أنا بقى إيه دخلي؟
تغضن وجه سميرة بالغضب وهي تهتف على فجر بصرامة :
– فجر..انتي مش شايفة انك مزوداها؟ هو في إيه بالظبط؟
أجفلت فجر من هيئة والدته المتحولة فقالت بتوتر وهي تترك الهاتف سريعًا من يدها وتنهض عن مقعدها :
– هايكون في إيه بس ياماما ؟انا بس مخنوقة ومش عايزة اخرج ولا اشوف حد ..
قالت سميرة بحزم :
– إسمعي اما أقولك يابنت ..انت لما كنتي رافضة تروحي للست بيتها في تعبها أو حتى تباركيلها على المحل الجديد..انا مغصبتكيش ..لكنها بقى مدام الست وصلت هنا بيتنا.. يبقى ملزوم عليكي تخرجي وترحبي بيها مفهوم .
قالت تجادلها:
– طب ده بالنسبة للست ..لكن بقى إللي اسمه علاء ابنها ده كمان.. انا بصراحة مش طايقاه .
– وانت مالك بعلاء ؟ تحبيه تكرهيه انت حرة مع نفسك ..لكن بقى ياحبيبتى..ألأصول لازم تمشي ..واجب الضيافة لازم يمشي.. يعني مش كل حاجة على مزاجك.. سامعاني كويس .
اومأت برأسها دون ان تنطق بكلمة ..فالتفتت والدتها نحو شروق قائلة:
– وانتي كمان..اخلصي في لبسك واستعجلي في الخروج .. جاتكم القرف
بصقت كلماتها وخرجت تصفق الباب خلفها بقوة على الفتاتين .
………………………….
بعد قليل خرجت مضطرة إليهم فى صالة المنزل كانوا جالسين والدتها على مقعد وحدها وعلى الاَريكة امامها كانت المرأه البيضاء ذات العيون الملونة بجوار شروق التى سبقت فى الخروج إليهم ..تداعبها وتتحدث معها بفرح وفي الجهة الاَخرى كان ابيها والمدعو علاء الذي إرتفعت عيناه إليها فور خروجها من الغرفة جالسان على أريكة وحدهم .. حينما اقتربت منهم رحبت برزانة
– السلام عليكم .
لم تعي جيدًا من رد خلفها التحية وذلك لأن المرأة وقفت اليها تستقبلها بفرح وهي تجذبها من يدها بتبسط:
– ياحبيبة قلبى انت اَخيرًا شوفتك .
استسلمت مجفلة لقبلات المرأة على وجنتيها وعناقها لها .. هزت برأسها تستجيب على مضض مع المرأة التي كانت تتفحصها جيدًا عن قرب بعيناها :
– بسم الله ماشاء عليكي .. دا انتِ قمر انتِ كمان .. انا المرة اللي فاتت كنت تعبانة و ملحقتش اتحقق من جمالك ياحبيبتى.
أومأت برأسها وهي تنزع نفسها عن المرأة بلطف قائلة :
– شكرًا ياطنت .. شكرًا على زوقك .
– بتشكريني على إيه بس ياحبيبتى.
همت لتغير وجهتها في السير ولكن نبرة والدتها وهي تأمرها أمامهم بنظراتٍ محذرة فهمتها وحدها :
– سلمي على علاء يافجر .
تمتمت تشتم بداخلها وهي تتقدم نحوه .. وقد نهض عن مقعده واقفًا باحترام ليصافحها .. حينما اطبقت كفهِ الدافئة كفها الصغيرة والباردة .. كانت تنوي انتزاعها فى الحال ولكنه أجفلها بضغطه الخفيف عليها لترفع عيناها اليه ناظرة لعيناه بتساؤل..قال هو بصوت أجش وقد غابت عن وجهه التسلية المعتادة وحل محلها مشاعر اَخرى غامضة عليها :
– دي أول مرة نتعرف بجد.. أنا تشرفت بيكي ياأنسة فجر.
اومأت بعيناها وهي تنزع يدها لتستدير وتعود لغرفتها ولكنها أجفلت مرة ثانية عندما جذبتها والدته لتجلسها بجوارها من الناحية الأخرى فتحيط الاثتنان بذراعيها.
– اقعدي ياحبيبتى هنا معايا زي اختك.. ربنا يفرحني بيكي انتِ كمان عن قريب يارب .
حينما رفعت عيناه فجر ولمحت نظرة زهيرة وهي تنتقل بحالمية منها وإلي ابنها المبتسم امامها ..عرفت مايدور بعقل المرأة جيدًا !!
………………………
بملامح متجهمة وقفت امام المراَه تعدل وشاحها الحريري لتغطي بهِ شعرها بعد ان ارتدت عبائتها السوداء الغالية ..رمشت عيناها مجفلة من صوته الذي صدح خلفها فجأة وهو خارج من حمام غرفته .
– ايه ياحلوة ؟ انتي لحقتي تغيري وماشية ؟
زمت شفتيها امتعاضًا ولم ينطق لسانها بكلمة.. مال إليها برأسها فقال بخشونة:
– ما بتروديش ليه يابت؟القطة كلت لسانك؟
التفت اليه بنيرانها فخرج صوتها الحانق :
– انت مش خدت اللي انت عايزه خلاص ..عايز مني ايه تاني بقى؟
أمسك ذراعها فجأة فباغتها ان لفه خلف ظهرها ..وقال وهو يجز على اسنانه :
– حسِك ده ما يعلاش عليا ياعين امك..ولا انتي العيشة المرتاحة ولا الأكل الحلو نسوكي نفسك ونسوكي ان انا السبب في ده كله
قالت بألم :
– سيبي إيدي ياسعد انا ماغلطتش فيك ..عشان تذلني وتكسر نفسي كده .
ضغط اكثر ليزيد من ألمها ونبرته ازدادت حدة :
– ماقولتليش بلسانك.. لكن انا حسيتها بفعلك وانتي قرفانه من لمستي ..وبتعدي الثواني عشان تهربي من خلقتي .. ولا انتي فاكراني مافهمش طريقتك دي يابت.
قالت برجاء مع هذه الألم المتزايد :
– حرام عليك ياسعد دراعي هاينكسر في إيدك .
تركها فجأة فارتدت للخلف تدلك ذراعها وهي تتابع :
– انت ليه مش حاسس بالوضع اللي بقيت فيه دلوقت؟أنا معدتش فاضية زي الأول..انا بقيت ست متجوزة .
ابتسم بزاوية فمهِ قائلًا بسخرية وهو يتقدم ليجلس على التخت :
– فرقتي إيه يعني عن الأول ؟ بقيتي محترمة مثلًا؟
إرتسم الألم جليًا على وجهها وهي تكبح بصعوبة دمعة احتجزت داخل مقلتيها.. فقالت:
– انت مش ملاحظ انك مصمم على جرحي من اول ماجيت ؟ وكأنك بتنتقم مني في ذنب انا معملتوش .
أشاح بوجههِ عنها وهو يتناول سيجارة من علبته ويضعها في فمهِ ليشعلها بقداحته بعد ان شعر بنصل كلماتها وقد أصابه في الصميم ..ظلت صامتة تنظر اليه وهو ينفخ دخان سيجارته في الهواء أمامه..فقالت:
– شكلي كده قولت الحقيقة..عشان تعرف بس إني فاهماك كويس .
نظر إليها بازدراء قائلًا :
– انتي مش كنتي عايزة تمشي ..ماتجري عجلك بقى واخلصي..مستنية إيه؟
تحركت بتمهل تتناول حقيبتها وتتحرك للخروج وفور أن وضعت يدها على مقبض الباب ..أوقفها قائلًا :
– إستني عندك .
التفت اليه بكليتها مجيبة:
– نعم عايز إيه ؟
– حسين ابن جوزك ..خطب البت جارة اخوه علاء ولا لسه ؟
اجابته رغم دهشتها:
– بكرة ان شاء الله رايحين يتقدموا رسمي ويتفقوا على حفلة خطوبة قريب .
شاح بوجهه يصرفها من تحت اسنانه :
– خلاص غوري .
لوت شفتيها قائلة بتهكم :
– ياريت بس نظرة القرف اللي شايفاها في عينك دي .. تمنعك ماتتصل بيا تاني ولا تطلبني أجيلك غصب عني .. حل عني بقى ياأخي عايزة اعيش .
تمتمت الأخيرة بصوت بطئ وهي تفتح الباب فخرجت من الغرفة والشقة نهائي .. تاركته ينظر في أثرها عاقد الحاجبين بملامح غاضبة لا تُنبئ بخير.
……………………..
في المساء وبداخل غرفتها كانت جالسة على التخت مع صديقتها العزيزه سحر والتي كانت تضحك دون توقف ..أثارت استياء فجر وهي تهتف عليها :
– ما كفياكي بقى ياسحر ..انتِ مش ناوية توقفي في يومك ده النهاردة؟
– هههههه مش قادرة اتخيل منظرك يافجر وانتي زي الفار المبلول وسطهم.. أمك تبحلقلك من ناحية والست وابنها يرسموا عليكي من ناحية.
صاحت بها فاقدة التحكم:
– دا بعيونهم دول كمان ..قال يرسموا عليا قال .
توقفت ضحكها وهي تغمز بعيناها بمشاكسة:
– بس الواض حلو اوي يافيفي .. ويستاهل التفكير بصراحة.
هبت ناهضة عن الفراش قائلة بغضب :
– الكلام ده مافهوش هزار ياسحر ..ماتخلنيش ازعل منك .. مش كفاية الحصار اللي بقيت حساه منهم .. وهما فارضين نفسهم علينا بالعافية واكنهم بقوا جزء من عيلتي.
قالت سحر بيأس :
– للأسف يافيفي هما فعلًا بقوا جزء من عيلتك من ساعة ما والدك وافق بالنسب معاهم .
– إلا انا .
قالتها بمقاطعة وتابعت :
– مهما حصل ياسحر ..أنا لا يمكن استسلم للناس دي وانسي اللى أذوني في أعز واحدة كانت على قلبي.. لا يمكن هانسى عذابها قبل ما تسيب الدنيا خالص وتموت بسببهم .لايمكن.
قالت سحر مغيرة دفة الحديث لتخرج صديقتها من داومة زكريات لجروحٍ قديمة لم تشفي منها أبدًا رغم مرور السنوات.
– صحيح يابت فجر ..كان شكله إيه الراجل ده اللي قولتي عليه امبارح ؟
– راجل إيه ؟
– الراجل مدير المستشفى.. إنتي نستيه ؟
همت لتجيب ولكنها اجفلت على صياح والدتها وهي تهتف عليها .
– بت يافجر ..تعالي هنا برة الاؤضة عايزاكى .. إسحبي معاكي مقصوفة الرقبة سحر وهاتيها .
شقهت سحر مندهشة :
– انا مقصوفة رقبة !
– اخلصي يابت ..تعالي انتي وهي.
– يانهار اسود.. هببتي أيه ياسحر ؟ دي امي عمرها ما عملتها .
نهضت عن التخت متمتمة :
– والنعمة ماعملت حاجة.. يكونش زعلت عشان سيبت امي معاها لوحدها!
………………………..
حينما خرجت الاثنتان للصالة القريبة ..وجدن سميرة جالسة على إحدى المقاعد وعيناها المشتعلة مسلطة عليهم تطلق شرارات حارقة بوجههم .. بجوارها كانت رجاء حاجبة وجهها بين كفيها وجسدها يهتز كأنها تبكي بحرقة .
– هو في إيه ؟ ومالها خالتي رجاء ؟
كان سؤال فجر التي تجاهلتها والدتها وهى تطلق سهامها تجاه سحر مباشرةً :
– مش موافقة تراضي امك ليه يابت؟
اجابت سحر بإجفال :
– ها ..انا ياخالتي سميرة؟
– ايوة انتِ .. يعني عشان مدرسة وكلمتك ماشية يبقى بقى تتكبري بقى على والدتك وماترضيهاش فى حاجة تافهة زي دي .
تابعت تنظر ببلاهة لوالدتها التي كانت تجفف دماعتها بمحرمة ورقية وسميرة التي أكملت بغيظ :
– بت ياسحر ..انتِ زيك عندي زي الزفتة اللي واقغة جمبك دي .يبقى كلمتي انا تمشي عليكى ولا لأ.
هزت برأسها بحركة غير مفهومة وهي تمتم :
– أكيد تمشي ياخالتي سميرة ..بس انا مش فاهمة حاجة.
– عنك مافهمتي.. انت تروحي البيت مع امك دلوقتي تحضري هدومك وبكرة الصبح تسافري معاها على البلد عدل.. سامعاني ..ولا انت عشان امك غلبانة هاتحطي عليها .
تلجم لسانها عن معارضة سميرة وهي تحدق بوالدتها التى تنظر اليها ببرائة ..فهمست بداخلها وهي تعض على لسانها غيظًا :
– بقى دي غلبانة دي ؟!
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية عينيكي وطني وعنواني ) اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق