رواية عينيكي وطني وعنواني كاملة بقلم أمل نصر عبر مدونة كوكب الروايات
رواية عينيكي وطني وعنواني الفصل الرابع 4
بداخل سيارة ابيها وهي جالسة في الكرسي الأمامي هتفت من النافذة الامامية وهو واقف امام الجزء الأمامي من السيارة القديمة يفحصها بعد عدة محاولات لتشغيل محركها ولم تفلح :
– وبعدين بقى يابابا؟ دي ناوية تدور فى يومها ده ولا احنا هانخدها مواصلات النهاردة ولا ايه بس ؟
هز رأسه شاكر بعدم رضا قائلًا بيأس :
– والله يابنتي مش عارف اقولك ايه ..بس شكلنا كده هانخدها مواصلات صح ؟
فُتح باب السيارة الخلفي وترجل منه ابراهيم الشقيق الصغير ذو السنوات العشر قائلًا باعتراض :
– يعني ايه يابابا هانخدها مواصلات؟ دا انا كدة اكيد هاتأخر ومش هلحق طابور المدرسة .
ترجلت خلفه فجر قائلة بحنق :
– ما انت السبب ياابرهيم فى التأخير ده بنومك التقيل ؟ يا ابني ده انا بقالي ساعة جاهزة ومستنياك وفي الاَخر انا اللي هالبس الجزا لو اتأخرت عن الحصة الأولى .
– صباح الخير ياعم شاكر ؟ هي العربية عملتها معاكم ولا ايه ؟
التفت الثلاثة على صوته وهو خارج من البناية .. رد ابيها بالتحية عليه وأكمل بشرح مايراه من عطل اصاب سيارته .. ارغمت فجر نفسها على عدم النظر اليه وهي تراه يقترب منهم متطوعاً للكشف عن العطل ثم عرضه النبيل ليُقلهم جميعاً معه ..التفتت بحدة رأسها رافضة عرضه الكريم :
– لا طبعاً انا مش موافقة اركب معاكم .. انا هاخدها مواصلات يابابا وانت براحتك بقى.. ياللا بينا ياابراهيم .
جذب ابراهيم يده من كفها صائحا :
– سيبى ايدي يافجر .. انا عايز اركب العربية مع عم علاء بدل ما اتبهدل فى المواصلات واتأخر .
حدقت اليه بتوعد محذرة:
– يعني امشي انا ياابراهيم وتدخل انت المدرسة لوحدك. ؟
هتفت ابيها من خلفها :
– وتمشي لوحدك ليه بس يابنتي ؟ ما العربية موجودة اهي وعلاء كتر خيره عارض ياخدنا في سكته وهو ماشي على مشواره.
اكمل علاء قائلًا ببرائة وعيناه تنطق عبثاً:
– مافيش داعي للكسوف والوالد واخوكي الصغير هايركبوا معاكي ياابلة فجر .
– ابلة !!
تمتمها بشراسة قبل ان يعاجلها ابيها بالقول حازماً:
– ماتخلصي بقى يافجر خلينا نتحرك ونلحق مصالحنا بدل الوقفة اللي من غير داعي دي .. دور عربيتك يابنى واحنا التلاتة هانركب معاك .
تلجمت عن الرد مصدومة وهي ترى ابيها يجذبها من ذراعها ويدفعها دفعاً فى الدلوف داخل السيارة .
………………………………
متابعة بعيناها مايحدث في الأسفل وهى ناظرة من الشرفة كانت شروق تضحك بمرح .. سألتها سميرة التي دلفت بالصدفة بداخل الغرفة :
– بتضحكي على ايه يابت ؟
اجابت مبتسمة وهي تتحرك لداخل تاركة الشرفة :
– على بنتك ياماما .. شكلها وجوزك بيزقها يدخلها غضب عربية علاء جارنا يهلك من الضحك .
سألتها مجفلة :
– وايه اللي هايدخلها عربية علاء يابت؟
– ياماما عربيتنا عطلت والمعلم علاء عرض على بابا وفجر وإبراهيم يوصلهم فى سكته ..لكن بنتك بقى مابطيقش علاء واكنها بتشوف عفريت لما تشوفه .
قطبت سميرة ذاهلة وهي تجلس على طرف الفراش :
– وايه اللى يخليها تكرهه بقى ؟ هي كانت تعرفه قبل كده ولا شافت منه حاجة وحشة؟
هزت اكتافها بعدم فهم وهي تجلس بجوارها :
– بصراحة مش عارفة .. يمكن مش قبلاه ودي حاجة عادية وياما بتحصل..حتى لو كانت مع واحد زي علاء ده اللي عامل زي نجوم السيما فى حلاوته .
قالت سميرة مستنكرة :
– بقى اختك مش قابلة علاء اللي كل بنات المنطقة هايموتوا على نظرة منه ؟ اما بت خايبة صحيح .. وانت بقى ياحلوة .. ايه اخبارك ؟
– اخبارك انا في ايه ياماما ؟
مالت سميرة برقبتها اليها قائلة :
– اخبارك مع اخوه حسين ياعين امك .. ولا انتي فاكراني مش واخدة بالي من نظراتكم لبعض وابتسامتكم اللي على الفاضية والمليانة.. دي حاجة باينة زي عين الشمس.
تودت وجنتيها وهي تعاود هز اكتفاها وابتسامة جميلة ارتسمت على ملامح وجهها فقالت :
– معرفش ياماما.. بجد معرفش .
وماذا بإمكانها ان تقول ؟ لقد مرت عدة ايام منذ أن رأته مجفلة على سلالم البناية يسألها عن شقة اخيه ووالدته .. وبعدها اصبحت تراه بشكل شبه يومي .. مرة بداخل السيارة المصطفة بالحي القديم وهو ينظر اليها فى المراَة وكأنه اعتاد انتظارها ..ومرة أخرى داخل البناية حينما كان يعاود الزيارة لوالدته.. حتى أصبحت هي متشوقة لرؤيته ومتلهفة للقاؤه
– انتي سرحانة في ايه يامنيلة ؟
انتفضت مجفلة على صيحة والدتها فقالت بارتباك :
– يعني هاكون سرحانة في إيه بس ياماما؟ انا هاقوم يدوبك بقى اللحق البس عشان احصل ميعاد الكلية .
نظرت في اثرها سميرة وهي تنهض عن التخت وتخرج سريعاً من الغرفة:
– بتتهربي مني انا ياشروق ماشي .. خيبة عليكي وعلى اختك ..بلانيلة .
………………………..
بداخل السيارة التي كانت تقلهم.. كانت جالسة في الكرسي الخلفي على اعصاب محترقة وهي تزفر بضيق من نظراته المسلطة عليها فى المراَة الاَمامية اثناء قيادته طول الطريق .. يتحدث بعفوية ومرح مع شقيقها الصغير وقبل ذلك كان ابيها الذي تركهم امام محل عمله بإحدى المصالح الحكومية .. وظلت هي تحصي الدقائق فى انتظار انتهاء المسافة المؤدية لعملها والتى لم تظن يوماً انها طويلة هكذا.. تدعي داخلها بالصبر على سماع حديثه الممل مع شقيقها الصغير .
– مقولتليش بقى ياعم إبراهيم ناوي لما تكبر تطلع ايه ؟
قال الصغير بكل فخر :
– طبعاً هطلع بشمهندس كبير ..عشان انا اشطر واحد في حصة الرياضة .
– جدع ياابراهيم .. شد حيلك بقى وماتكسلش عن هدفك .
سأله الصغير بفضول :
– طب انت بقى ..طلعت معلم ليه ومطلعتش مهندس او دكتور ؟ هو انت كنت بليد فى الدراسة ؟
ضحك بصوت عالي ضحكة اصدرت صدى بمحيط السيارة كله..لدرجة اهتز بها جمود فجر من روعتها .. فحاولت بصعوبة الحفاظ على ثباتها امام عينه المتصيدة لاقل لمحة منها ..قال اخيراً بنفي :
– لا ياعم إبراهيم.. انا مكنتش بليد بالعكس بقى . دا انا كنت اشطر منك كمان ..بس انا بقى حبيت التجارة مع والدي فى المحل بتاعنا اكتر من الوظيفة بعد ما اتخرجت .. وعشان تبقى عارف .. انا حاصل على ليسانس حقوق بدرجة جيد جداً .
قال الاَخيرة وعيناه عليها في المراَة ..مشدداً على الأحرف يريد ايصال الرسالة لها .. وكأنها لاتعلم !
حينما وصلت السيارة اخيراً امام المدرسة .. تنهدت بارتياح تفتح الباب سريعاً للخروج من هذه المساحة الضيقة بوجوده.. سبقها ابراهيم هاتفاً بمرح قبل خروجه :
– الف شكر يامعلم على التوصيلة الجميلة دي.
رد عليه ضاحكاً :
– ولا يهمك يابشمهندس.. انا تحت امرك في اي وقت .
لوح له بكفه مودعاً قبل ان يهرول سريعاً لأصدقاءه
– مع السلامة .
قالت هي متحلية ببعض الزوق رغم امتعاضها :
– شكراً .
بابتسامة مرحة قال :
– لا شكر على واجب.. دا احنا اهل وجيران ياأبلة فجر.
ابلة فجر !! مرة اَخرى ..كزت على اسنانها غيظاً وهي تصفق باب السيارة بقوة وهى ذاهبة من امامه وطيف ابتسامته العابثة تكاد تفتك برأسها .
………………… …………
– هو دا محل المعلم علاء ادهم المصري ؟
التفت عامل المحل حسونة على الشاب الواقف امامه بمدخل المحل فجاوبه بعملية وهو يباشر عمله فى التنظيف :
– ايوة حضرتك هو ده فعلاً محل المعلم علاء .. اصل احنا لسة معلنقاش اليفطة.. على الافتتاح بقى .
خطا الشاب لداخل المحل يمشط بعيناه كل زاوية وكل ركن فيه بانبهار هامساً :
– ياماشاء الله ولسة كمان في افتتاح ؟
لحقه الفتى زاجراً:
– في ايه حضرتك ؟ داخل كده على طول .. ما انا قايلك من الاول اننا لسه ماافتتحناش المحل .
تحولت ملامحه فاردف بغضب
– في ايه انت ؟ هو انا هاسرقه ؟ دا انا جاي لصاحب المحل نفسه المعلم علاء .. صاحبي .
نظر اليه الفتى بنظرة تقيمية على من رأسه لأخمص قدميه من ملابسه المتواضعة المتمثلة فى قميص مزركش بعدة رسوم غير مفهومة على سروالها الجينز الباهت على جسده النحيل و قامته متوسطة .. ملامح وجهه الخشنة على بشرته القمحية موصومة ببعض الحفر الصغيرة لاثار حب شباب قديمة تركت ندوب ظاهرة .. سأله بتشكك :
– انت! ..صاحب المعلم علاء؟ ..على العموم المعلم علاء مش موجود. ٠
قال بصوتٍ خشن وعيناه اشتعلت سعيراً من نظرة الفتى المتدنية :
– اسمع ياض انت .. انا ممكن اتعصب عليك دلوقتي واعرفك مقامك كويس .. او اخلي علاء يطردك من المحل نهائي جزاءاً لقلة ادبك معايا .
– انا قليت ادبي عليك حضرتك ؟
-هو انت لما تبصلي البصة دي ماتبقاش قلة ادب ؟
قال الفتى ببرود وهو يتناول هاتفه
– على العموم يافندم انا هاتصل بالمعلم علاء دلوقتى وأسأله هايجي امتى ..عايزني اقوله مين اللى سأل عليه بقى ؟
بلهجة حازمة اثارت اندهاش الفتى قال :
– قوله صاحبك سعد مسنتيك تيجيلوا على المحل حالاً دلوقتى .
……………………………..
على انغام اغنية حديثة لعمرو دياب كان يدندن خلفها الكلمات بسعادة وهو يقود سيارته بعد ان اقلها لمحل عملها .. لقد اصبحت صورتها الجميلة عالقة بذهنه طوال الوقت .. نظرتها الشرسة كلما حاول مشاكستها تثير بداخله مرحا منقطع النظير .. معاملتها له بجمود وتوترها في حضوره وردودها المقتصبة دائماً ما تدعوه للتساؤل والتفكير عن السبب في ذلك .. كم يتلهف لرؤيتها مبتسمة او ضاحكة..كم يود لو تزيل هذا الحاجز الوهمي الذي وضعته بينها وبينه وتعامله حتى معاملة الجار العادية.. وبعدها يحدث التطور كأي شئ طبيعي .. تنهد مطولاً وهو يتفادى سيارة امامه قبل ان يلتفت لهاتفه الذي صدح بصوت ورود مكالمة من عامل المحل الجديد حسونة .
– الوو .. ايوه ياحسونة عايز ايه؟
– الوو يامعلم .. تعالى هنا شوف .. في واحد بيقول انه صاحبك قال وعايزك تيجي فوراً تقابله.
– صاحبي مين ؟
– انا عارف بقى؟ دا واحد كده ……..
انقطعت جملة الفتى وسمع بعدها همهمة جدال غاضبة..
تساءل بقلق :
– في ايه عندك ياحسونة ؟.
فجأة وصله صوت صديقه الغاضب بعد ان تمكن من نزع الهاتف من يدي الفتى الذي كان يصيح بجواره معترضاً:
– اسمع ياعلاء .. الواض لازم تمشيه حالاً .. دا بيقل ادبه عليا ومش مصدق اني صاحبك؟
…………………………….
بوجهٍ عابس تسير فى طرقات المدرسة بعد ان انهت حصتها من درس الحساب للطالبات.. تشعر وكأنها ازدادت في العمر سنوات بداخلها..رغم اهتمامها الواضح لإناقاتها ومظهرها الخارجي ..لكن جلسة واحدة فقط مع فتيات تخطين بالأمس مرحلة الطفولة وبدأن الاَن اكتشاف الأنوثة والتمرد على كل ماهو قائم ..ومن ثَم القيام بكل فعل احمق من اجل اثبات الشخصية ولفت النظر اليهن والى ما يملكن من مقومات .. تفقد معهن كل درجات التحضر حتى تستطيع السيطرة وحفظ الذات امامهم .. ويالها من مرحلة تكرهها بشدة مما تلاقيه منهن .
– انتي يابت ياللي هناك اقفي مكانك .
اجفلت الفتاة على النداء فالتفت تجيب وهي تلوك فاهها بالعلكة :
– نعم ياميس.. انتي بتكلمينى انا ؟
اقتربت منها تميل اليها برقبتها قائلة بتهكم :
– امال يعني هاكون بكلم الحيطة اللي وراكي ؟
صمتت الفتاة مطرقة رأسها .. فتابعت وهي تفحصها بعيناها من حجابها الصغير الذى كان عائداً لنصف رأسها ومظهر شعرها الكستنائي المصفف بعناية فتدلت منه عن قصد خصلات كبيرة على وجهها الظاهرة عليه اثار مساحيق التجميل بخبث ..فتبدوا للغافل من بعيد جمالُ طبيعي.. ثم ما ترتديه من قميص وتنورة محكمين بشدة على جسدها الفائر :
– ايه اللي موقفك هنا ومخليكي سايبة حصتك؟ وايه اللي لابساه اساساً ده وجاية بيه المدرسه؟
قالت الفتاة بتلجلج :
– ماله بس ياميس اللي لابساه ؟ ماانا لابسة يونيفروم المدرسة اهو ؟
– مخالف ياحبيبتى.. نص شعرك ظاهر من الحجاب دا غير المكياج اللي على وشك واللبس الضيق .. ولا اللبانة دي كمان تفيها من بوقك اخلصي .
بصقتها الفتاة من فاهها قائلة بخوف:
– اهو ياميس اللبانة في حاجة تانية ؟
قالت بحزم :
– روحي على الحمام بسرعة وامسحى اللي فى وشك وظبطى حجابك كويس .. وحاولي بقى لما تروحي البيت توسعي هدومك دي شوية.. بدل ماهي لازقة كده عليكي .
نظرت اليها الفتاة باستنكار فقالت بسخط :
– كله ده .. طب معلش بقى ياميس انا ماأقدرش اتحرك من مكاني هنا .. انا اساساً واقفة مستنية ميس منى عشان اَخد منها دفتري وهي أكيد خارجة حالًا من غرفة المدرسات وهاتجيبهولي دلوقتي ..
– برقت عيناها بشدة وهمت لترد ولكن اوقفها النداء بأسمها من الخلف بصيحة غاضبة .
– سحر .. انتي موجودة هنا وانا بقالي ساعة مستنياكي جوا ..
القت على الفتاة نظرة بتوعد قبل ان تستدير ذاهبة لصديقتها المكتفة ذراعيها بغضب بمدخل حجرة الحاسبات .. تبعتها سحر لداخل الغرفة قائلة بأسف :
– معلش يافجر اتأخرت عليكي بس البنات النهاردة طلعوا عيني و…
– وايه بس ياسحر؟ ساعة كاملة مستنياكي وانتي حصتك خلصت من زمان اصلاً .
– يابنتي ما انا خدت حصة الأبلة سها عشان غابت النهاردة وتعبانة …
قاطعتها بحدة مرة أخرى:
– وافرضي سها كانت تعبانة ياستي مافيش حد غيرك ياخد مكانها ؟ ملطوعة بالساعة وانا بستناكي وانتي ولا هامك صاحبتك ولا هامك زعلها .. ايه ؟
اجفلت سحر على تشنج صديقتها بحديثها العاصف .. فصمتت قليلا تمتص غضبها قبل ان تقترب منها قائلة بلطف:
– طيب ممكن تهدي كده شوية وتروقي اعصابك حبتين .. انا معاكي دلوقتي وهاسمع منك كل اللى مضايقك .. زفرت فجر بقوة وهي تسقط على احدى المقاعد خلفها .. حدقت بها سحر لحظات قبل ان تجلس هي الأخرى امامها ..فسالتها:
– ممكن بقى افهم ايه اللي معصبك جامد اوي لدرجادي كده ؟
– الزفت ياسحر ؟
– زفت مين ؟
هتفت عليها فاقدة السيطرة :
– هو في كام زفت بس يابنتي ؟ جار الهنا اللي سكن قصادي عشان يخنقني ويزهقني في عيشتى .يعني مش كفاية انه بقى ساكن قصادي والباب قدام الباب .. لااا.. دا بقى قاطع عليا المية والنور والنفس كمان اللي بتنفسه .
رددت سحر بدهشة :
– النفس كمان اللي بتتنفسيه !! ليه يابنتى ؟ احنا مش اتفقنا ان مالكيش دعوة بيه وانسي اللي فات بقى وعيشي حياتك .
– اعيش حياتي ازاي بس ياسحر ؟ودا محاصرني فى كل جهة حواليا.. فى بيتنا وبين اهلي طول الوقت ماعندهمش غير سيرة المعلم علاء وشهامة المعلم علاء ورجولة المعلم علاء .. اخرج اشم هوا فى البلكونة الاقيه قصادي على طول قاعد قدام المحل اللي أجره جديد .. مأنتخ على الكرسي وحاطط رجل على رجل واكنه منتظرني اخرجله عشان يشلني .. ياأما الاقيه واقف في بلكونة اؤضته اللي جامبي بكل برود وابتسامة مستفزة يقولي :- مساء الخير.
لم تقوى سحر على كبت ضحكتها ..فهتفت عليها فجر مستنكرة
– شايفاني هافرقع وانهار وانتي بتضحكي عليا ياسحر ؟
قالت سحر بقلة حيلة :
– يابنتي بصراحة انا مستغربة ومش عارفة اقولك ايه ؟ بس الظاهر كده ان شكله بيغيظك .. وباين اللعبة عجباه !
– يغيظني !! ليه بقى ؟ بيني وبينه ايه عشان يغيظني ولا يفكر فيا اصلاً ؟
مطت سحر شفتيها قائلة بتفكير :
– بصراحة مش عارف ؟
……………………………
بعدة طرقات خفيفة على باب المنزل المفتوح هتفت سميرة على صاحبته وهى تتقدم بخطواتها في الداخل بتردد :
– ياام علاء .. انتي فين ياختي وسايبة الباب مفتوح ؟
جاءها الرد مباشرةً من زهيرة الجالسة امام شاشة التلفاز بوسط المنزل :
– تعالي ياحبيبتى انا موجودة هنا قصادك على طول..ادخلي يام فجر انتي مش غريبة .
– يووه .. هو انتي موجودة هنا؟ والنبى ماكنت واخدة بالي.
قالتها سميرة بابتسامة بشوشة وهي تتقدم نحو المرأة وتابعت :
– الف هنا يااختي انك سيبتي السرير وخرجتي من الاؤصة ..ايوه كده احين دي الحركة بركة والقعدة في السرير تجيب العيا .
لوحت لها زهيرة بيدها قائلة بابتسامة:
– الله يهنيكي ياحبيبتى.. تعالي هنا اقعدي جمبي هنا ياام فجر .
جلست سميرة امامها على اقرب المقاعد .. وهي تسأل مندهشة :
– طب والباب ياام علاء سايباه مفتوح ليه ؟
بابتسامة ودودة اجابتها زهيرة :
– انا اللي قولت لعلاء يسيب الباب مفتوح ..ماانا عارفاكي هاتيجي تطمني عليا في الوقت ده زي كل يوم .. انتي خلاص عودتيني على سؤالك عني.. ربنا مايحرمني منك ياغالية .. وتفرحي باسم النبي حارسها فجر هي وبقية اخواتها .
تمتمت سميرة بتمني :
– يارب ..يارب ياام علاء ..انتي ادعيلها بس ربنا يهديها..دي العرسان رايحة جاية عليها وهي اللي منشفة راسها وتاعبة قلبي معاها ..نفسي بقى افرح بيها واشيل عيالها.
قطبت زهيرة بدهشة سائلة:
– طب وهي ايه اللي مانعها عن الجواز ؟ دي حتى زي القمر وباين عليها هادية كدة ؟
– هادية قوي يااختي وزي النسمة كمان ..دي الوحيدة في عيالي اللي ماتعبتنيش لا صغيرة ولا كبيرة .. غير بس في دي !
– خليها زي ابني علاء .. ماهو انا كمان نفسي افرح بيه وكل مااكلمه..يقولي لما الاقي بنت الحلال ياماما..اهو على الحال دا بقالوا سنين..من ساعة مافاتحني بالجواز على واحدة جارتنا وابوه رفض وبعدها يااختي قفل السيرة دي نهائي..بس فالح يلاوعني في الكلام كل ما افتح معاه السيرة !!
……………………………..
– مش هو ده اللي كنت مستنيه منك ياعلاء ..مش هو ده .
صاح بها غاضباً امام صديقه الذي كان يتعامل معه بهدوء وهو يسحبه من ذراعه ليجلسه على احدى المقاعد البلاستيكية المصطفة امام المحل:
– اهدى شوية واقعد ياعم ..انت هاتعمل عقلك بعقل عيل صغير ؟
– ياعني الواض يقل أدبه عليا ياعلاء وانت ياصاحبي ماتجبش حقي !
زفر علاء مطولاً بتعب امام صديقه المُصر بقوة على عقاب الفتى فقال :
– يعني اعمل ايه بس ياسعد اكتر من كده عشان ترضى؟ زعقت للولد وشديت عليه قدامك ..لا وأمرته كمان يجيبلك شاي مخصوص من القهوة اللي في اَخر الميدان ..ايه اللي فاضل تاني بقى ؟ اطرده يعني؟
همس بتردد :
– ويعني هو لو ساب الشغل عندك مش هايلاقي غيره ؟
قال علاء بعتاب :
– لا ياسعد مش لدرجادي.. انت عايزني اقطع عيشه عشان بس اتنك في الكلام معاك او باصلك نظرة مش ولابد ..دا عيل مكملش ١٧ سنة واحنا كبار كفاية اننا نفوت ..فوت بقى يابني وفُك .. دا انا قطعت سكتي في مشوار مهم لمهندس الديكور وجتلك جري .. دا بقى مايعرفكش معزتك عندي.
ابتسم سعد بزاوية فمه بملامح مغلفة لا تظهر أي تعبير بما يعتمل داخله:
– اللي يسمعك بتقول كده يقول ان جتلي جري على رجليك مش بعربية.
– اه ياسعد مدام هزرت يبقى فكيت .. ايوة كده ياعم خلينا نقعد مع بعض على رواقة ونعيد بقى قعادتنا الحلوة .
ربت بكفه على ذراع علاء ببعض المرح قائلًا :
– ماشي ياعم نفك عشان خاطرك .. بس في الأول بقى نحب نبارك ونهني ..بسم ماشاء الله المحل شكله يبهر ويفتح النفس .. مبروك ياعم ويجعلها ان شاء الله عتبة خير .
تهللت اسارير علاء بفرح يقول :
– الله يبارك فيك يابو الصحاب ويسمع منك يارب ..دا انا دافع فيه لحد دلوقتي دم قلبي ونفسي بقى المشروع ينجح واعوض الفلوس اللي صرفتها فيه .. ولسه كمان عايز ادفع قدهم تاني.
قال الاخيرة وهو يخرج نوته ورقية من سترته وتابع :
– شوف ياباشا اشرب انت اشرب الساقع ..على ما انا بصيت شوية على حسبة الطلبات اللي هنا دي وحسبت تمنهم.
تناول سعد زجاجة المياه الغازيه يحتسي منها وانكفئ علاء ينظر فى النوته بتركيز قطعه سعد بالسؤال :
– الا انت ماقولتليش ياعلاء .. ماشاء الله يعني انت جبت تكلفة المحل ده منين ؟ بعد ما سيبت والدك والشغل معاه ؟
رفع اليه رأسه يجيب ولكنه التفت على من تلوح له بكفها من مسافة قريبة بابتسامة رائعة :
– الله ينور ياعم علاء.
رد بابتسامة هو الاَخر ملوحاً بكفه ..فالتفت بعد ذلك يجيب صديقه الذي تسمرت عيناه على الفتاة :
عاد اليه سعد برأسه وكأنه لم يسمع ماقيل سابقا..سائلاً بذهول :
– مين دي ياعلاء؟
نظر علاء نحو الفتاة التي عبرت للجهة الأخرى من الرصيف فأجاب على السؤال رغم دهشته :
– دي شروق بنت جيرانا في السكن الجديد .
ردد سعد وهو يتابعها بعيناه :
– يانهار ابيض ..دي شبها جامد ياجدع.
رفع علاء عيناه مرة أخرى عن الدفتر مستفسراً:
– شبه مين؟
– شبه مين ؟! معقولة ماخدتش بالك منها ياعلاء ؟ دي نفس الملامح وتدويرة الوش الابيض المنور دا غير الج…….
– بس ياسعد .
صاح بها مقاطعاً بحدة وقد تحولت ملامحه الى الشكل مخيف فتابع بغضب :
– إنهي الكلام في الموضوع ده ياسعد لأن انا نسيته من زمان ..وياريت تاخد بالك كويس من كلامك معايا بعد كده .. عشان اللي بتتكلم عليها دي تبقى جارتي ومش المعلم علاء اللي هايبص لجارته بالشكل ده !!!
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية عينيكي وطني وعنواني ) اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق