رواية مسافات مشاعر كاملة بقلم روزان مصطفى عبر مدونة كوكب الروايات
رواية مسافات مشاعر الفصل الثاني 2
ومها كانت وقتها..
قاطع تفكيرها دخول يارا زوجة نديم، وهي تلتقط أنفاسها وتقول: جرى إيه يا مها؟ لازم نقوم ندور عليكِ في الحمامات؟ حماتك بتسأل عليكِ.. مش قادرة تقعُد من غير مرات إبنها الحنينة
كانت يارا تنظُر بإستعلاء لمها، التي قامت بمسح أعيُنها من بقايا الدموع وهي تقول: معلش يا يارا قومتك وإنتِ حامل وتعبانة عشان تشوفيني
يارا بتجاهُل لأسفها: الناس مستنيينك يلا يلا
خرجت يارا من دورة المياه وأغلقت الباب خلفها، إلتقطت مها أنفاسها وخرجت للقاعة لتجد رحيم يقف بالخارج أمام الحمام ينتظرها
إبتسمت لا إراديًا عندما رأتُه.. كان الشاب الأكثر وسامة بين إخوته، كان حديث فتيات العائلة بالإعجاب، وفتيات الصالة الرياضية، وأي فتاة تقع ناظرها عليه.. به وسامة وجاذبية لا يعلمون مصدرها على الرغم من شعر رأسه الأسود وعيناه البُنية
قاطع أفكارها رحيم وهو يقول: ماما بتقولك البوفيه إتفتح لو عاوزة تروحي تاكلي.
مها بلهفة: وإنت مش هتاكُل؟
رحيم صمت قليلًا ثُم قال: لا.
ثُم تركها وذهب للطاولة، سارت مها بخطوات هادئة حتى وصلت لطاولة والدة رحيم وجلست بجانبها وهي تقول: معلش يا ماما إتأخرت عليكي
والدة رحيم بحنان: إنتي تتأخري براحتك، عملتلك طبق أهو عشان شكلك تعبانة.
نظرت مها للصحن وهي تقول: لا ماليش نفس، أومال العرسان فين؟
والدة رحيم: جوة في الأوضة بياكلوا، مينفعش ياكلوا قُدام المعازيم، ربنا يعدي اليوم دا على خير وميهمزهاش بكلمتين جوة يخرب اليوم.
مها بهدوء: أمين يارب
قامت فرح من طاولتها وهي تحمل صحن الطعام الخاص بها، جلست على طاولة رحيم الذي كان يجلس وحيدًا بإرادتُه
نظرت له فرح وقالت: حسبتك بطلت سجاير لما خلفت عشان صحة ولادك؟
شرد رحيم قليلًا ثُم تذكر ما فعلته فرح وقال بضيق ورسمية: وإنتِ مالك؟
بهت وجه فرح وهي تقول: مش قادر تسامحني ليه يا رحيم؟ إنت بتتعذب وإنت بعيد عني.. شيفاك بتنطفي وإنت قاعد مع مراتك.. زيك أنا برضو بتعذب
ضحك رحيم بسُخرية وقال: نُكتة جديدة دي صح؟
فرح بهدوء: مش نُكتة، أي بنت حبتك لازم تتعذب وتعرف قيمتك لما تبعد عنك، وعشان أنا كُنت المحظوظة من بينهُم.. إنت حبتني أنا
رحيم بضيق: كُنت.. خلاص الموضوع خلص وإتختم عليه إنه خلص كمان، جاية تفوقي بعد ما أتجوزت وخلفت!
كانت مها تجلس على طاولة والدته وعيناها تحرقها كما لو أن دُخان أسود تغلغل داخلهُما، كانت تقبض على مفرش الطاولة بيدها ةهي تلتقط أنفاسها بصعوبة.. تنظُر لهُما بعين الغيرة
والدة رحيم لاحظت ذلك وقالت بصوت مُرتفع نسبيًا: فرح
نظرت لها فرح وقامت بإتجاهها حتى تُحادثها
بينما مها لم تُزيح نظراتها عن زوجها
يارا كانت تنظُر لما يحدُث وتقول: تصدق ياحبيبي الفرح إنهاردة مُميز أوي، في شوية حجات حصلت غيرت المود وتعب الحمل
نديم بتركيز في الطعام: الخروف مطبوخ حلو أوي، كويس إن بابا إختار الشيف دا
نظرت له يارا بغيظ ثُم أكملت طعامها، إعتاد نديم على التعامُل ببرود مع زوجته حتى لا تُكمل حديثها المسموم دائمًا
إنتهى العرس، وركب كُلًا منهُم في سيارتُه برفقة زوجتُه
أغلق رحيم النوافذ الخاصة بسيارتُه وهو ينظُر لأطفالُه النائمين، كانت مها صامتة تمامًا لا تتحدث.
قطعت الصمت بعد مُدة قائلة: لو ينفع تسرع شوية عشان ألحق أرضعهُم
نظر رحيم للخلف وقال بصدمة: هُما لسه متفطموش؟
بهتت ملامح مها وقالت: ولادك لسه مكملين سنة إمبارح.
رحيم: بس بيمشوا!
مها بضيق: مبيمشوش، بمسكهم من إيديهم وبخلي رجليهُم تلمس الأرض، ممكن تسرع من فضلك؟
رحيم بغضب: أعمل حادثة عشان ترتاحي يعني ولا عايزة إيه؟
مها بخفوت: بعد الشر..
وصل كُلًا منهُم للبناية، صعدت العروس مع سليم يُلاحقهُما تصفيق السعادة من الاهل حتى أغلقوا شقتهُم خلفهُم
الحاج عبد الكريم لنديم: تصبح على خير يا بيه
نديم: وإنت من أهل الخير يا بابا
نظر الحاج عبد الكريم لرحيم قائلًا: تصبح على الخير
أغلق رحيم باب شقته خلفه، ومها تحمل طفليها وتذهب بهُم لغُرفة النوم الخاصة بهُم
ثُم أغلقت الباب
تنهد رحيم بتعب وهو يخلع حذاؤه وقميصُه، ثُم ذهب لغُرفة النوم الخاصة به وألقى جسده على الفراش، وغط في نومًا عميق.. مُتناسيًا مُحادثته مع فرح، وكُل ما حدث.
صباح اليوم التالي إستيقظ على صوت قدح الزيت في المطبخ، ليقوم بتعب وهو عاري الصدر ببنطاله الرسمي
غسل وجهه وإرتدى ملابس المنزل ثُم ذهب بإتجاه المطبخ، ليجد مها تقوم بتحمير طعام غداء في التاسعة صباحًا!
رحيم بضيق: الواحد بيفطر جبنة، مربى لانشون حتى، مش يصحى الصُبح يحمر مُمبار وحمام وفراخ
وضعت مها الطعام على محارم ورقية وهي تقول بهدوء: صباح النور، دا مش فطاري دا الفطار بتاع العرايس ماما طلبت مني أحمرُه في شقتنا، عشان يارا عندها وريحة الزيت بتتعبها في الحمل
رحيم بغضب غير مُبرر: طالما الحمل تاعبها اوي كدة ما تقعُد في شقتها! بيت أبويا نعمل فيه اللي إحنا عاوزينه!
مها برجاء: ششش من فضلك الولاد رضعتهُم وناموا ما صدقت.
دخل رحيم للمطبخ وهو يُحضر القهوة الخاصة به، نظرت له مها قائلة: خلصت طبخ لو عاوزني أعملهالـ
قاطعها قائلًا: هعملها أنا
شعرت مها بالغصة داخلها عندما تذكرت ما حدث بالأمس فـ قالت: هروح ألبس الطرحة عشان أنزلهُم الصنية
إرتدت مها الوشاح وحملت الطعام ثُم نزلت لشقة والدة ووالد زوجها، دخلت بهدوء ووضعت الطعام داخل المطبخ وعادت تقف أمام والدة زوجها وهي تقول: حمرتهملك يا ماما، عاوزة مني حاجة تاني؟
يارا بقِلة من الذوق: أه إمسحيلها الأرض ههههه
نظرت مها للأرض ثُم أعادت نظرها ليارا ولم ترُد، لكن والدة رحيم قالت: لا مسح الأرض دا لما تقومي بالسلامة يا يارا، عندي اللي بيلاحظ حاجة في شقتي مش تمام بيعملها
يارا بتخاذُل: أنا بهزر يا طنط
قالت والدة رحيم لمها بحنان: تعالي إقعُدي جنبي هنا، تعالي ياماما
جلست مها بجانبها ف قبلت والدة رحيم رأسها وهي تقول: لو كُنت خلفت بنت مكانتش هتبقى بحنيتك عليا دي، الله يصلح حالك ويخليلك ولادك يارب
مها بإبتسامة: أمين
يارا بغيظ: بمُناسبة الولاد يا مها، مش ناوية تخاويهم وتجيبلهم بنوتة حلوة كدا شبهك؟
شعرت مها بالألم وإبتلعت الغصة وهي تقول: لما ربنا يأذن
مددت يارا ساقيها أمامها وهي تضع يدهت فوق بطنها وتقول: أه، لما بقى.
والدة رحيم بضيق من يارا: ما تقومي تشوفي جوزك فطر ولا لسه، لو مش قادرة ناديه يفطر عندنا
يارا ببرود: هناديه يفطر عندكُم، هو أنا قادرة أقف يا طنط عشان أعمل فطار، أنا كفاية عليا الغدا.
والدة رحيم: طب قومي ناديه الله يهديكي عشان ينزل شُغله وهو واكل.
ميلت والدة رحيم على أذن مها قائلة: هتنادي رحيم؟
مها: لا يا ماما أنا حضرتله الفطار هو بيعمل قهوة فوق وهياكُل
والدة رحيم: العيال فين وحشوني، مبقدرش أعدي يوم غير لما ألاعبهُم
مها بضحكة: رضعتهُم ونايمين، أول ما يصحوا هغيرلهُم وأنزلهم ليكي على طول.
خرج الحاج عبد الكريم وهو يُجفف وجهه بالمنشفة من الماء قائلًا: أهلًا إزيك يا بابا
قالت مها بإبتسامة: الحمدلله بخير
الحاج عبد الكريم: ورحيم لسه نايم مش وراه شُغل؟
مها: لا وراه هو بس بيفطر وهينزل.
والدة رحيم: يعني إنتي عارفة كل حاجة عنه مواعيده وتفاصيله وهو ميعرفش حتى عياله عندهم أد إيه، لاحول ولا قوة إلا بالله
لم تعُد تحتمل مها ذلك الحديث لتقول بأدب: أنا هستأذن عشان الولاد لو صحيوا
صعدن للأعلى ودخلت شقتها، جلست بجانبهُم وهي تُهدهدهُم بيدها التي تتزين بخاتم زواج رحيم
خرج الأخير من الغُرفة وهو يقول: إتغدي إنتي سواء هتعملي الاكل هنا ولا هتاكلي مع أمي، أنا هتغدا في الشركة، أووف نسيت المفاتيح
دخل لغُرفته ليُحضر المفاتيح، رن جرس المنزل لتذهب مها وهي تضع الوشاح فوق رأسها
فتحت الباب لتجد فرح تقف أمامها بكامل زينتها وتقول: قولي لرحيم يلا عشان متأخرش على الشركة من أول يوم ليا.
نظرت مها لفرح و فجأة..
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية مسافات مشاعر ) اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق