رواية عينيكي وطني وعنواني كاملة بقلم أمل نصر عبر مدونة كوكب الروايات
رواية عينيكي وطني وعنواني الفصل الثاني 2
على طاولة صغيرة بوسط المنزل اعدتها زهيرة مائدة للأفطار فوضعت عليها بعض الاصناف الخفيفة من الطعام بالإضافة لبراد من الشاي الساخن ..كانت تهتف على ابنها:
– ياللا بقى ياعلاء كفاية نوم يابني ؟
خرج لها من غرفته يجفف شعر راسه بمنشفة صغيرة قائلاً :
– ياست الكل انا خرجت اهو والنعمة..كفاية بقى تندهي عليا هاتصحي العمارة كلها معانا.
قالت ضاحكة:
– ماانا كنت فاكراك لسة نايم ياحبيبى ..مكنتش اعرف بقى انك صحيت وخدت شاور كمان .
اقترب منها يقبل أعلى رأسها قبل ان يجلس على المائدة قائلاً :
– ولا يهمك ياحبيبتي..صباح الفل عليكي.
– صباح الفل والورد كمان على احلى علاء
قالتها وهي تجلس هي الاَخرى تشاركه وتابعت تسأله :
– صحيت بدري لوحدك يعني؟ ماارتحتش فى مكانك الجديد ولا ايه؟
وضع لقيمة كبيرة من الجبن قائلاً بمكر:
– بصراحة بقى ياأمي انا فعلاً مقدرتش انام في الاوضة الجديدة دي اصلها مقفلة كده وعلى شارع خلفي بجد ماستريحتش فيها ..عكس اوضتك انتي بقا بتطل على الميدان والمناظر الحلوة.
قطبت قائلة بدهشة:
– ما هو دا كان رأيك انت يابني..لما قولت انك عايز الهدوء ..بعيد عن دوشة الناس والعربيات.
اومأ برأسه قائلاً بارتباك :
– هو فعلاً كان دا رأيي في الأول ياست الكل..بس بصراحة امبارح وانا فى أوضتك حسيت براحة نفسية كده..جعلتني اتمنى انها تبقى اوضتي .
قالت بحنان :
– ياحبيب قلبي مدام عجباك اوي كدة يبقى نبدل بقى وخدها انت وانا ياسيدي اَخد أوضتك .
تبسم بانتعاش وهو يتناول كف يدها ويقبلها :
– تسلميلى ياست الحبايب انتي دايماً كده مريحاني في أي حاجة اطلبها .
نهض عن مقعده فجأة يقول :
– اسيبك انا بقى واقوم البس عشان يدوبك احصل مشواري مع السمسار .
لاحقته بنظراتها قائلة :
– ربنا يريح قلبك ياحبيبى ويفتحها فى وشك دايماً .
اوقفته فجأة قبل ان يفتح باب حجرته وهي تسأله بلهفة وتردد:
– هو اخوك حسين ماتصلش بيك ياعلاء ؟
التف اليها قائلا بابتسامة مطمئنة :
– ولو ما اتصلش ياأمي برضوا هايجي ويطمن عليكي..حسين طيب وانا عارفه كويس .
قالت بحزن :
– حتى بعد ما قولتلوا ياجبان ؟
ازداد اتساع ابتسامته:
– اطمني ياأمي .. هو بس اللى أخره عنك خوفه من زعل الوالد لكن خليكي متأكدة انه هايجي.
………………………..
كانت فجر تلملم اغراضها على عجالة فى الحقيبة الصغيرة لها كي تلحق دوام عملها فى المدرسة حينما دلفت اليها شقيقتها شروق سائلة بتعجب :
– ايه دا ؟ انتي لسه ماروحتيش الشغل يافجر ؟ دي الساعة قربت على ٨ .
قالت باستياء:
– والنبي سيبنى فى حالي ياشروق .. طول اليل معرفاش انام امبارح لحد ماصليت الفجر وبعدها بقى عوضت وراحت عليا نومة لدرجة اني ماحسيتش بصوت المنبه.
سألتها بمشاكسة:
– وياترى ايه اللى اَخد عقلك بقى لدرجة انه طير النوم من عيونك ياابلة فجر ؟
لوت شفتيها بحنق وهي ترتدي سترتها الجلدية قبل ان تخطوا للخروج تقول:
– مش هارد على واحدة تافهة زيك.
ضحكت شروق تتناول قلم الحمرة لتلوين شفتيها وهي ناظرة فى انعكاس شقيقتها فى المراَة التي كانت خارجة من الحجرة فقالت بمرح:
– والنبي مسيرك لتقعي يافجر .
عادت اليها فجأة قائلة بتحذيرٍ ومزاح :
– خفي شوية على صباع الروج ياماما دا مال يتامى .
………………………..
فتحت باب الشقه لتخرج فاصطدمت عيناها به مباشرةً امامها وهو خارج ايضاً من شقتهم .. تنحنح فى البداية وهو يلقي عليها التحية :
– صباح الخير.
تجهم وجهها ونظرت اليه نظرة تحدى وازدراء .. توقع ان ترد اليه تحية الجار الجديد لكنها مرت من امامه تتخطاه لتنزل الدرج وكأنها لاتراه ! عقد حاجبيه وفغر فمه دهشةً من جرأتها ..ظل لبعض اللحظات ينظر فى اثرها مصدوماً من فعلتها .. همس ذاهلاً بصوت خفيض :
يابت ال …. دى مجنونه دى ولا ايه عشان تعمل كده مع المعلم علاء وماتعبروش ؟!
هز رأسه يبتلع الأهانة وهو ينزل خلفها يتميز غيظاً منها ومن عجرفتها عليه دون سبب واضح او قد يكون السبب هو غضبها امساً حينما اجفلت عليه وهو ينظر اليها من شرفته مستغلاً غفلتها..ولكنه ماذا يفعل فقد سرقته اللحظة امس وهو ينظر اليها كالمسحور ولم يعي بالزمان ولا المكان ولا الأصول والأعراف .. تنفس بغضب وهو يقسم بداخله انها لو كانت رجلاً لرد بتهشيم وجهها .. وجهها الذى يشبه القمر لايدرى لماذا يشعر كأنه رأها سابقاً ؟!
اما هى فقد أحست بنشوى غريبة فى احراجه . كانت تشعر مع سماع خطواته خلفها وكأن نظراته تنفذان عبر ظهرها وصوت انفاسه الهادره تصل اليها بوضوح وهى تتصنع البرود والغطرسة أمامه .
……………………….
وفي مكان اخر
بداخل المحل الضخم والمخصص لبيع الأدوات الصحية ..كان المعلم أدهم المصري مستنداً بمرفقيه على ركبتيه وهو يتلاعب بسبحة يده فى جلسته على الكرسي ..وقد تركزت عيناه على مدخل المحل دون كلل بأمل كاذب فى انتظاره..رغم علمه الكبير بتشدد ولده حينما يقرر ..لقد ورث علاء معظم جينات ابيه شكلياً وداخلياً ايضاً خصوصاً صرامته القاطعة فى اتخاذ القرارت مهما كانت صعبة او مصيرية .. لطالما افتخر به واحبه اكثر من حسين الذي ورث عن والدته الطيبة الزائدة كما ورث لون عيناها ايضاً وبشرتها البيضاء .. اعتدل يضرب بكف يده على فخذه وهو يزفر بضيق ..يتساءل فى حل لهذه المعضلة الشائكة..لقد تزوج وانتهى الأمر .. لكنه ايضاً يريد زوجته الحبيبة وأولاده فى كنفه فماذا يفعل ؟ واين هو الحل ؟
خرج من شروده على صوت هاتفه برقم زوجته الثانية نرمين التي بمجرد ان فتح المكالمة قالت بتذمر :
– الوو ..كده برضوا يا أدهم تسيبني نايمة وتخرج من غير ماتصحيني حتى ؟
قال بصوتٍ خفيضٍ حازم وعيناه تدور فى المحل حتى لا يلفت اليه نظر العمال او حتى الزبائن :
– وطي صوتك يانرمين مش ناقصين فضايح .
وصله صوتها بميوعة:
– طب ولو وطيت صوتي يعني؟ هاتسيب المحل وتيجي تشوفني و تراضيني وانت عارف كويس اني لسة عروسة جديدة ودا حقي ؟
تحمحم بارتباك قبل يتدارك نفسه فقال بصرامة:
– بقولك ايه انا ورايا مشوار ومش فاضيلك دلوقتي .. استني لما ارجع البيت نبقى نتعاتب براحتنا.
– مشوار ايه ؟
نهض فجأة وقد حزم امره :
– بعدين بقى اقولك لما اشوفك سلام .
………………………….
في المدرسة وبداخل احدي الفصول بعد ان انصرفت الفتيات لحضور حصة الألعاب في الفناء الواسع ..كانت فجر جالسة على احدي المقاعد فى الفصل الفارغ وسحر الجالسة بجوارها على نفس المقعد تسألها بجديه:
– انتي متأكدة ان هو نفسه؟
اجابتها بثقة :
– دا انا لو اتوه عن الدنيا كلها لايمكن اتوه عنه .
– مش يمكن حد يشبهله؟
بشبه ابتسامة قالت :
– يشبه فى الشكل والاسم كمان ؟ في ايه ياسحر ؟ اشحال ان ماكنت حاكيالك بكل اللي حصل ؟
رفت برموشها تستوعب جيداً قبل ان تقول:
– بصراحة صدفة غريبة جداً ؟ يعني صاحبنا ده ساب البلد كلها وضاقت عليه عشان مايلاقيش غير عمارتكم ويسكن فيها ؟
تنهدت بسأم قائلة:
– ياستي حسب ما سمعت من امي انه اختار عمارتنا عشان بتطل على ميدان ومنطقة عمومي مناسبة يفتح فيها محل أدوات صحية زي والده .. وبنفس الوقت يبقى قريب من والدته ويراعيها.
– ياسلام !!
قالتها سحر بتهكم وتابعت :
– لدرجادي هو بيحب والدته يعني ؟ غريبة فعلاً واحد بالأخلاق دي ويتصرف كده .
تبسمت بمرارة :
– امال لو شوفتي امي وهي بتوصف فى جماله وشبابه ولا اعجاب والدي بيه عشان نصر والدته ومخلصوش قهرتها ولا نظرة الستات ليه فى شارعنا ولا اكنهم شافوا رجالة قبل كده .
سالت دمعتها بخطٍ رفيع على وجنتها وهي تتابع :
– عايش حياته يافجر وربنا ماانتقمش منه زي ما كنت بتمنى وادعي عليه .
اقتربت تربت بكف يدها على ظهر صديقتها قائلة :
– هدي نفسك شوية يافجر مش كل الأمور بتمشي زي مااحنا عايزين ..ربنا له تدبير مختلف عننا فى تخليص الحقوق.
هتفت بانفعال :
– يعني امتى بس ياسحر العدل يتحقق والمذنب ياخد عقابه ؟ لحد امتى هايفضل الضغيف بس هو اللي يدفع التمن والقوي يعيش ويتمتع و……استغفر الله العظيم .
اومأت سحر متفهمة ثورة صديقتها وحزنها وهي تناولها محرمة ورقية لتجفف دماعتها قبل ان تسألها مجفلة :
– الا صحيح يافجر هو عرفك ؟
هزت اكتافها وهي تمط بشفتيها تقول :
– بصراحة مش عارفة .
……………………………..
– ها يامعلم علاء ايه رأيك؟
طاف بعينيه على المساحة الشاسعة و الفارغة و الحوائط المطلية حديثاً فأومأ ببعض الرضا
– كويس ياعم حودة المحل بس السعر اللي انت عارضه غالي قوي .
قال الرجل متشدقاً :
– وانا ايه ذنبي بس يا معلم علاء ..دا صاحب المحل هو اللي محدد السعر ده عشان زي ماانت شايف كدة المنطقة عمومي والبشر فيها زي النمل يعني لقطة وعلى العموم لو مش عاجبك المحل فى غيره فى الناحية التانية من الميدان برضوا ..اهم حاجة راحتك .
بنظرة متفحصة لداخل المحل وخارجه شعر ببعض الرضا وهو يرى شرفة الشقة الجديدة امامه..حتى يتسنى له رؤية والدته عن قرب وهو يتابع اعماله .. مع بعض التسلية لرؤية شرفة الشقة المجاورة امامه مباشرةً..ترى ماذا سيكون رد فعل صاحبتها المتعجرفة حينما تراه امامها الاَن لو خرجت بالصدفة؟
عاد من شروده على صوت السمسار وهو يُقاطع افكاره:
– ها يامعلم علاء ايه رايك بقى ورسيت على انه محل ؟
بابتسامة عريضة قال :
– خير ياباشا .. بلغ صاحب المحل ده بالموافقة عشان نخلص النهاردة ياريت.. وعمولتك هاتخدها مني مقدماً .
هلل الرجل فرحاً:
– على بركة الله ..انا هاتصل بالراجل دلوقتي عشان نجهز العقود مدام انت فلوسك جاهزة وربنا يجعلها فاتحة خير عليك ..
………………………..
كانت زهيرة منهمكة فى تريب ملابسها داخل الخزانة بعد ان تبادلت الغرفة مع علاء ابنها ..حينما سمعت صوت جرس المنزل..تركت مابيدها وذهبت بخطواتها البطيئة وهي تتحامل على ألألم المزمن لعظامها وظهرها .. فتحت الباب فتسمرت مذهولة حينما وجدته امامها ..قال بصوته الرخيم:
– ايه يازهيرة انتي هاتسيبني واقف كدة على الباب ؟ مش ناوية تقوليلي اتفضل ؟
تراجعت للخلف مستاءة من لهجته المتهكمة وهي تدعوه للدخول :
– اتفضل ياحج البيت بيتك .
خطى لداخل المنزل وعيناه تطوف على كل تفصيلة فى ارجاءه :
– هه ياماشاء الله.. شقة واسعة على الطراز القديم لكن شكلها يفرح وتفتح النفس ..انتي لحقتي كمان توضبيها ولا… ؟
قال الاخيرة بنظرة ذات مغزى عليها وهو يجلس على اقرب المقاعد ويتابع :
– ولا شكله كده جابلك ناس تساعدك ؟حكم انا عارفه ياحبيب ابوه بيخاف على صحتك من الهوا
زفرت حانقة تردد خلفه:
– أكيد طبعاً بيخاف عليا وجابلي ناس تساعدني يامعلم وهي فيها حاجة دي ؟
– لا مافيهاش حاجة يازهيرة إن ابنك يخاف عليكي و يجيبلك ناس تساعدك..بس ياريت بقى تفتكري انتي كمان إني انا والده وليا حق عليه زيك .
تنهدت بنزق وهي تجلس على الأريكة امامه وقالت:
– بقولك ايه حج ماتجيب من الاَخر وقولي عن سبب الزيارة الكريمة دي؟
قال بجدية :
– عايز ابني يا زهيرة يرجع لحضني من تاني يسندني ويقف جمبي ..دا طول عمره دراعي اليمين اللي بعتمد عليه .
فتحت فاهها تنتوي الرد ولكنه سبقها يتابع
– عارفك هاتقولي انك مش ممانعة..لكن انا هاجيب من الاَخر زي ما قولتي ..ابنك لايمكن هايصفالي طول مانتي زعلانة ومنشفة راسك يازهيرة ..الجواز كان هايحصل هايحصل سواء كانت بت صغيرة ولا واحدة كبيرة عنها ..انا بقالي سنين متحمل تعبك وعمري ما اشتكيت ..ماينفعش انتي تيجي على نفسك بقى دلوقتي وتتقبلي الضرة؟ البيت واسع و….
قاطعته بحدة قائلة :
– لأ ماينفعش يا أدهم .. حتى لو كان البيت يساعي الف ..برضوا مش قابلة الضرة ..انت بتعايرني وتقول انك اتحملت تعبي لكن من جواك عارف كويس اني رغم تعبي ده ياما أتحاملت على اَلمي عشان ارضيك .. فبلاش النغمة دي والنبي ..انت راجل البت زغللت عيونك واتجوزتها على ام ولادك .. انت حر ..وانا كمان حرة اني مابقلش على نفسي بالضرة .
ظل لعدة لحظات ينظر اليها صامتاً بوجه صارم وغير مقروء قبل ان ينهض قأئلاً بقسوة غير مبالي بتأثير كلماته على المرأة :
– ماشي يازهيرة خليكي كده على عِندك وانتي فرحانة بابنك اللي ضمتيه لحزبك .
تحرك خطوتين قبل ان يتابع :
– بكره بقى لما يتجوز المحروس ويشوف حياته مع واحدة تنسيه الدنيا ومافيها ..مش هتلاقي غير بيت جوزك بس اللي مفتوح يازهيرة .. لكن انا ساعتها هاعمل بأصلي واخلي مراتي اللى هي ضرتك تشيلك فى عنيها .. عن اذنك بقى ياام الرجالة.
خرج على الفور دون ان يلتفت الى المرأة التي شحب وجهها وتسمرت في جلستها بعد ان اصابتها كلماته فى مقتل عن اكبر مخاوفها بان تعود اليه خاضعة مستسلمة له ولزوجته .
………………………
عادت سميرة من الخارج محملة بأكياس الخضر والفاكهة التي ابتاعتها من السوق فى جولتها الصباحية اليومية .. كانت على وشك فتح باب شقتها حينما رأت الرجل المهيب بحلته الأنيقة وهو خارج من شقة جارتها الجديدة متجهم الوجه وكأن على رأسه الطير ..قطبت سميرة دهشًة من عبوس الرجل لدرجة تركه باب الشقة مفتوحاً . انتابها الفضول والريبة ايضًا لمعرفة كنية الرجل وصفته ..فتحركت تلقائيًا ناحية الشقة المجاورة تاركة اكياسها ارضًا .
طرقت بخفة على الباب المفتوح :
– ياام علاء …يامدام زهيرة ..ياام علاء .
حينما لم تسمع رداً دفعت الباب بتوجس وهي تهتف بصوتٍ أعلى .
– يامدام زهير……يانهار اسود .
دلفت مندفعة لداخل المنزل حينما رأت المرأه امامها جالسة ورأسها متدلية على كِتفها وكأنها غائبة عن الوعي.. اقتربت بلهفة تربت على وجنتيها وهي تهتف بلوعة :
– يامدام زهيرة ..ياست ام علاء .
رفعت رأسها الثقيلة بصعوبة وهي تجيب المرأة بضعف هامسة :
– ايوة ايوة انا هنا متخافيش ياختي .
بلعت سميرة ريقها قائلة ببعض الارتياح :
– الحمد لله يااختي انك بخير ..هو انتي ايه اللي تاعبك ؟
قالت بصعوبة :
– معلش والنبي هاتقل عليكي .. ممكن تسندينى ادخل اوضتي اريح فيها على سريري
– انتي تؤمري ياختي.. الف بعد الشر عليكي .
قالتها وهي تلف ذراعيها حول المرأة تساعدها بالنهوض .
………………………
تعجبت فجر من مشهد أكياس الخضر والفاكهة وهي ملقاة بأهمال أسفل باب الشقة المغلق .. ازاحت الاكياس قليلاً لتفتح بمفتاحها وهي تتمتم:
– هي ماما راحت فين وسابت الاكياس مرمية كده ؟
هزت رأسها لاستنتاجها الاكيد بانشغال والدتها بالحديث مع احدى الجارت ..فتناولت الأكياس وهي تدلف لداخل المنزل وفور دخولها بهم المطبخ .. تفاجأت بصوت والدتها وهي تصيح
– ياولاد ..هو مين فيكم اللي رجع ودخل الاكياس؟
خرجت اليها مجفلة تقول :
– انا اللي دخلتهم ياماما ما تقلقيش …
– طب كويس تعالي .
على حين غرة جذبتها من كفها تسحبها للخارج..هتفت فجر بجزع:
– انتي سحباني ومودياني فين ياماما؟
– يابنتي هاخليكي تقعدي جمب جارتنا ام علاء تاخدي بالك منها على مانزلت انا اجيبلها دكتور من العمارة اللى ورانا .
جذبت كفها صائحة بحدة وهي توقفها :
– ام مين ؟ انا مش متعتة من مكاني ولا داخلة شقة الناس الغريبة دي نهائي .
نهرتها سميرة قائلة بعنف :
– في ايه يابت؟هو دا وقت قنعرة برضوا ؟ الولية شكلها ميطمنش واخاف اسيبها لوحدها يجرالها حاجة على مااجيب لها الدكتور .
تخصرت تسأل بازدراء:
– والمحروس ابنها بقى ..سايبها كده تعبانة وراح على فين؟ .
– هو لو ابنها موجود ولا اعرف حتى نمرته ..كنت احتاجتلك يامنيلة ..اتحركي يابت اخلصي خلينها نلحق الولية . اتحركي .
انصاعت مضطرة لوالدتها وهي تسحبها بعنف تدخلها منزل الد اعدائها ..
……………………………
تركتها سميرة مع المرأة المريضة وهي مستلقية على فراشها بداخل غرفة نومها بعد ان عرفتها عليها سريعاً ..
تململت فجر بعدم راحة وهي واقفة بوسط الغرفة مكتفة ذراعيها تحسب الوقت فى انتظار عودة والدتها بالطبيب و التي لم يمر على خروجها سوى دقائق قليلة..
هامسة لنفسها:
– الله يسامحك ياماما على دي الورطة .
حدقت بعيناها على المرأة الغائبة عن الوعي والتي لم يترك الزمن اثاره عليها رغم تقدم عمرها ومرضها.. مازلت محتفظة بجمالها وهي تبدوا مليحة القسمات رغم شحوبها .. شعرت نحوها ببعض الاعجاب والتعاطف نهرته سريعاً حينما تذكرت ابنها ومافعله قديماً مع فاتن..فتصلب فكها للذكرى وارتعشت شفتيها تتنهد بحرقة رغم مرور عدة سنوات على ماحدث .
اجفلت على صوت المرأة وهى تزوم وتحرك رأسها :
– اممم …علاء .
ضغطت على اعصابها وهي تقترب من فراش المرأة:
– ااا انا مش علاء يااخالتي ..انا فجر بنت جارتك سميرة .
فتحت المرأة اجفانها فظهرت عيونها شديدة الخضرة أثارت اعجاب فجر بشدة .
قالت بصوتٍ ضعيف وهي تستفيق :
– ايوه صحيح يابنتى انا افتكرتك ..هي والدتك راحت فين ؟
– يادي الكسوف تلاقيها خافت و قلقت عليا .. بس انا الغلطانة عشان نسيت اَخد حباية الضغط النهاردة.. هاتعبك يابنتى ممكن تجيبلي البرشام بتاعي من الاوضة التانية .
دنت فجر منها تقول بامتعاض:
– ازاي يعني ؟ هو انا هاعرفه منين ؟
– هاتلاقيه فى اول اوضة عالشمال ..يمكن بس اتنتر مني فى الارض ولا على السرير وانا برتب الاوضة .
زفرت بضيق وهي تدلف لداخل الحجرة التي طل من شرفتها وجه هذا البغيض ..المدعو علاء ..مشطت بعينها على أنحاء الغرفة الأنيقة ذات الاثاث الحديث.. كل شئ مرتب فيها ولا يوجد له فيها اثر من ثياب ولا حتى عطر يخصه ؟
رمشت بعيناها تذكر نفسها لما جاءت من أجله.. اخذت تدور وتبحث عن علب الدواء حتى رأته اسفل المقعد المنجد .. فدنت على ركبتيها تتناوله وتتحقق منه جيداً قبل ان تنهض به لتعود إلى المرأة.. ولكنها بمجرد ان استدارت شهقت مفزوعة حينما رأته امامها بطوله الذى حجب الرؤية ووجهه الوسيم بخطورة فقال بتسلية :
– ايه شوفتي عفريت قدامك !
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية عينيكي وطني وعنواني ) اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق