رواية مسافات مشاعر كاملة بقلم روزان مصطفى عبر مدونة كوكب الروايات
رواية مسافات مشاعر الفصل السادس عشر 16
سليم: تصدقِ إنك بنت..
قاطعتهُ والدتُه بحزم قائِلة: سليم! هي حصلت تشتِم أختي قُدامي؟
سليم وهو يكور يده غضبًا مِن تِلك المُتلاعِبة التي تُسمى ” فرح ” رد على والدته قائِلًا: ما هي أختك لو مربتش بنتها يبقى تستاهل، دي خرابة بيوت وعاوزة تخرِب بيت أخويا الكبير!
فرح بحُزن: أنا! محدش هيحب أخوك قدي يا سليم
سليم بغضب: الله الغني عن حُبك! خلاص هو شاف حالُه وإتجوز وفتح بيت عاوزة إنتِ منه إيه؟ شوفيلك حياة بجد ولا شوفيلك حد يستحملِك، يرحمِك من الغِل اللي جواكِ ويرحمنا إحنا مِنك!
إقتحم في تلك اللحظة رحيم الشقة وهو يقول بحزم: سليم! أنا موكِلتكش مُحامي عني ولا عن حياتي، واللي إنت بتكلمها بالإسلوب الزبالة دا مش بنت خالتك بس لا دي مراتي المُستقبلية
خبطت والدتهُ على صدرها وهي تقول بصدمة: يا مصيبتي! إنت طلقت مها وإنت بتوديلها العيال؟
نظرت له فرح بأمل فـ قال مُخيبًا أملها: لا لسه مطلقتهاش، بس بتكلم عن فرح دلوقتي.
فرح بـِ نبرة حاولت جاهِدة إظهارها كـ فتاة مُتعقِلة: أنا معنديش مانِع أكون زوجة تانية ليك حتى لو مها لِسة على ذِمتك، لإنِ بحبك بجد يا رحيم ومش جاية أخرِب بيتك زي ما خالتو وسليم بيقولوا
في تِلك اللحظة إقتحمت نجمة حديثهِم وهي تسحب زوجها مِن ذِراعُه وتقول: لا الحوار كِدا قلب خاص وأنا مُضطرة أطلع شقتي أنا وسليم دا بعد إذنك يا ماما
أومأت والِدة رحيم رأسها بالإيجاب لِـ تذهب نجمة وسليم مِن الشقة
قال رحيم وهو عاقِدًا حاجبيه: يلا يا مها عشان أوصلِك الوقت إتأخر
نظرت له والدتُه بإبتسامة العالِمة بـِ بواطِن الأمور بيننا قالت فرح بـِ صدمة: مها!! لا أنا إسمي فرح يا رحيم
إتسعت عينا رحيم فزعًا من سيطرة زوجته على عقله وكلماتُه، شعر بـِ دوار خفيف وهو يتنقل بعينيه بين نظرات والِدتُه المُتشفية في مشاعرُه التي يحاول إخفاؤها، وبين نظرات الخِذلان والغيرة الصاخبة المُتوجهه من أعيُن فرح له فـ قال مُرتبِكًا: معلش عشان لسه جاي من عندها فـ إتلغبطت، يلا يا فرح أوصلِك
نظرت له فرح بـِ ضيق وقالت: لا شُكرًا هوقف تاكسِ وياريت متجيش ورايا
غادرت فرح الشقة فـ قال رحيم: ياوفرح إستني مينـ..
قاطعته فرح بصوت مُرتفِع من على الدرج وقالت: متجيش ورايا!!
بعد ما غادرت فرح، نظرت والِدة رحيم له نظرة شفقة وقالت: طالما بتفكر فيها يابني بتعانِد نفسك ليه؟
أغلق رحيم عينيه وقال وهو عاقِد حاجبيه: يا أمي من فضلك! بلاش التلميحات الغريبة دي إنتِ عارفة كويس إنِ بحب فرح!
ترك رحيم والِدته وغادر شقتها صعودًا لـِ شقتُه، نظرت والدتهُ لـ مكان وقوفه الفارِغ أمامها وتنهدت وهي تقول: وبعدهالك يا رحيم، هتعذب نفسك بسبب عِنادك لحد إمتى!
دخل رحيم شقتُه وأغلق الباب خلفُه وهو يتأمل الشقة الفارِغة، والمشاهِد بينه وبين زوجته مها التي حدثت مُنذ قليل لا تُفارِق ذِهنُه، يتذوق شفتيه بـِ لسانُه بينالحين والأخر حتى يسترجع طعم شفتيها، يأخُذ نفس عميق حتى يتذكر رائِحتها، وبـِ الرغم من كُل تِلك المُحاولات فـ هو يفشل جديًا في ملء الفراغ الذي خلفهُ رحيلها
أما هي!
مها، كانت نائِمة على الفِراش في شقة صديقتها، وبيدها التي بِها خاتِم زِفاف رحيم، كانت تربُت على جسد صغيرها النائِم بعد ما تمددت بجانبُه، وهي تتذكر ما حدث وتستشعر مشاعر الشوق واللهفة التي قبلها بها رحيم، إبتسمت وهي تنكمِش على ذاتِها ولم يدع رحيم ما حدث اليوم أن يُأثِر بِها كثيرًا، إذ أن مجيئهُ أذاب الجليد الذي كاد أن يتكون بينهُم
وبينما هي شاردة وصلها على هاتِفها رِسالة، إلتقطت الهاتِف وهي تنظُر بخمول تحول لنشاط عجيب عِندما رأت أن المُرسِل هو رحيم، وكان قد بعث لها بكلِمة واحِدة فقط “نمتِ؟”
إعتدلت وجلست على الفِراش وقد إتسعت إبتسامتها وكأنها عادت فتاة مُراهِقة مرة أخرى وكتبت له ثُم بعثت ” لا لسه ”
يكتُب الأن..
…
وصلتها رسالة أخرى منه وهي لم تخرُج مِن مُحادثتُه بعد
” العيال نامِت؟ ”
كتبت سريعًا والإبتسامة تغمُر وجهها ” أه نايمين ”
يكتُب الأن..
..
” طيب لو إحتاجتوا أي شيء أنا تحت أمركُم، تصبحي على خير ”
بهتت إبتسامتها مرة أخرى عِندنا عادت الرسمية لحديثُه، وضعت رأسها على الوِسادة وعادت لـِ تربُت على صغيرها مرة أخرى.
مر إسبوع بـِ أكمله مُنذ ما حدث، لم يتوقف رحيم عن الذهاب إلى الشرِكة والخروج بـِ رِفقة فرح.. ثُم العودة لـِ منزلُه وعدم القُدرة على النوم إثر تفكيره المُستمر في مها زوجته
ومها كانت تتنقل بين المستشفيات لـِ تطمئِن على صِحتها العامة، وإكتشفت أنها تُعاني مِن ضغط مُرتفِع.. لإنها شخصية حساسة وكتومة للغاية
وصديقتها كانت تؤازِرها نفسيًا وتحاول الترفيه عنها ومُساعدتها في رعاية الأطفال، ولم تخلو تِلك الأيام السبع مِن مُكالمات رحيم لـِ مها بـِ حجة الإطمئنان على الأطفال
اليوم السابع، كان رحيم قد عاد مِن العمل مُرهق وكان صاعِدًا لـِ شقتهُ، أوقفته والِدته على الدرج وهي تقول: رحيم، إسم الله عليك يابني شكلك تعبان كدا ليه؟
رحيم بإرهاق: معلش يا أمي راجِع مِن الشُغل مش شايف قُدامي
إبتسمت والِدته وهي تقول: طب مش شايف هعديها، مش شامم كمان ريحة المُمبار المحمر وتقلية الفتة بالموزة؟ إنزل دي أكله حلوة ترُم عضمك.. من العقيقة بتاعِة إبن أخوك
رحيم بـِ تعب: بالهنا والشفا أنا هطلع أنام
والِدته بـِ حزم: بقولك هنتغدى يلا، وجايبين عصاير حلوة تبلعوا بيها، إخلع جزمتك وإدخُل
نزل رحيم مُجددًا وقام بـِ خلع حِذاؤه أمام شقة والِدتُه وهو يقول بـِ صوت مُرتفِع: السلام عليكُم
رد الجميع السلام عليه وقال له والِدُه: تعالى تعالى أمك بتحبك
قبلت والِدتُه كتفه وهي تقول: طبعًا بحبُه إبني البكري، خُش يا ماما إقعُد مجهزالك طبقك
جلس رحيم وهو يفرُك عينيه فـ وضعت له والِدته قطعتين من اللحم وهي تقول: وأحلى حِتة من الموزة لرحيم، أجبلك شوية مخلل طازة!
رحيم: لا يا ماما تسلم إيدك
والِده وهو يأكُل: أخبار حبايب جدو إيه؟ مبشوفهُمش ولاد الكلب
رفع رحيم حاجبه من الكلمة وإبتسم جانبيًا وهو يقول: سألت مها عنهُم واتس إمبارح
إبتسمت نجمة لوالِدة زوجها وبادلتها الأخيرة الإبتسامة، فـ قالت والِدتُه: لا وإحنا هنفضل كدا نتطمن على العيال واتس؟ إتصل إعزمها بُكرة على سبوع إبن أخوك، دا واجِب يابني دي تعبِت مع يارا أوي
يارا بسُخرية وهي تأكُل: فعلًا تعبت، شالت العيل في بطنها أربع شهور وأنا أربعة
ثُم ضحكت ضحكة مكتومة فـ وضع رحيم المِلعقة بـِ صوت واضح وهو ينظُر لـ يارا بـِ غضب وهو يقول لـ نديم: هي مراتك بتتريق على كلام أمي ولا إيه مش واخِد بالي؟
نديم بحزم: يارا! كُلي وإنتِ ساكتة..
رحيم: أنا بلفِت نظرك عشان واضِح إننا لما بنفوت الموضوع بيوسع وبيوصل إننا مبنحترمش الأكبر مننا، عاملك إحترام يا نديم
نديم بـِ طيبته المُعتادة: حقك عليا أنا، محدش يقدر يغلط أمي ماعاش ولا كان
ثُم رمق يارا نظرة جعلتها تنظُر لـِ صحنها وتصمُت
أكمل والِد رحيم قائِلًا: وحتى يا رحيم لو متعبتش مع يارا، فـ هي بنت حلال مصفي وكانت شيلانا كُلنا في عينها، إعزمها وبالمرة إتطمن على ولادك، روح إنهاردة لـِ بيت صاحبتها بس الأول إتصل بـِ صاحبة البيت عشان دي الأصول، بعدها روح هات مراتك والعيال عشان السبوع يتبسطوا معانا
شرد رحيم بـِ مها قليلًا وتذكر تقاربهُم وما حدث بينهُم في المُقابلة الأخيرة فـ هز قلبه الشوق، ووقف قائِلًا: طب أنا هروح أجيبهُم دلوقتي، عشان حتى ياكلوا معانا الأكلة الحلوة دي
إبتهجت والِدته وهي تقول: عين العقل يا حبيبي، والمطبخ جوة فيه أكل يكفي ويفيض، ربنا يهدي سركُم
أخرج رحيم هاتفهُ وهو يتصل بـِ صديقة مها التي تجلس معها، لـ يُخبرها أنه قادِم لـِ رؤية الأطفال
أبلغت هي مها فـ قالت مها بصدمة: رحيم جاي؟
إبتسمت صديقتها وقالت: لسه بتحبيه يابنت المستخبي، وعاملة نفسك مقموصة
مها بـ عُقدة حاجبين: إتلمي
صديقتها: طب هروح أجيب شوية حاجات للبيت وأرجع كدا كمان كام ساعة
إتسعت عينا مها إحراجًا وقالت: بقولك إيه هو كُل ما رحيم ييجي تعوزي تمشي؟ متسبنيش معاه لوحدنا
صديقتها: يا بنتي متجننيش! الراجل إتصل يعرفني إنُه جاي، يعني بـِ الشياكة كِدا بيقولي طرقينا عاوز أستفرظ بـِ مراتي شوية، هاا سمعتيها! مراتي.. يعني حلالُه وأم عيالُه وشرعًا دا إسمُه طاعِة زوج
نظرت مها بـِ خيبة أمل وقالت: رحيم بيحب فرح مبيحبنيش أنا.
نظرت لها صديقتها مروة وقالت: والله؟ فرح اللي جبتها من شعرها، متسخنيش أروحلها تاني أرزعها علقة كمان لغاية ما تخلصوا قعدتكُم سوا، يلا خُشي غيري وإلبسي حاجة عِدلة كدا بدل ما الراجل ييجي يلاقيكِ مبهدلة
مها بـ إحراج: لا طبعًا هيقول لابسالي مخصوص! مينفعش
صديقتها بحزم: يا بت يا خايبة حافظي على بيتك عشان ولادك، الحربا|ية التانية دي متخليهاش تخرب بيتك، إدخُلي حُطي ميك أب من عندي وإلبسي حاجة عدلة، ولما جوزك ييجي إفتحيله
إلتقطت مروة المفاتيح وخرجو من الشقة ثُم أغلقت الباب خلفها
ظلت مها تنظُر حولها في حيرة من أمرها، إلى أن قررت وأخيرًا أن تفعل نصيحة مروة
مرت ساعة، حتى رن جرس الباب.. كانت وقتها مها تجلس أمام المرأة، واضِعة أحمر شِفاه ومُنسدِلة خُصلات شعرها، وترتدي بيچاما بـِ اللون الأسود حريرية
إتسعت عيناها وهي تنظُر لـِ نفسها بعد جرس الباب! لقد إندمجت تمامًا في إظهار أنوثتها
قامت ركضًا وهي تسحب ” الإسدال ” مِن فوق الفِراش وترتديه، خرجت كم خُصلة مُتمردة من الحِجاب وأحمر الشفاة لازال عالِقًا على شفتيها
فتحت الباب وهي ترتجف وتقول: أهـ.. أهلًا يا رحيم إتفضل
تسمر رحيم مكانُه وهو يتأملها، حاولت إخفاء ما أظهرته لكنها فشلت وهو يتفحصها بـِ نظره بـِ لوعة وإشتياق
وقال: مها!
رفعت رأسها وهي تنظُر له ببراءة، تجاوز باب الشقة وأغلقه خلفُه وهو ينظُر لها، ولـِ وجهها الأبيض الذي غمرته حُمرة الخجل.. ولشفتيها، التي إشتاق لـِ تذوقها وكان يتخيلها مِرارًا وتكرارًا أثناء قيادتُه للسيارة
رحيم بـِ نبرة خرجت بصعوبة: حاطة روچ؟
لمست مها شفتيها بأصابِع يدها وهي تقول: دا أنا، يعني أنا كُنت زهقانة عشان مروة مشيت.. وبعدين العيال ناموا، فـ أنا هعمل إيه قول.. قولت أجرب يعني إن أنا
إن أناا
تقطعت أحرُف حديثها وهي تنظُر ليد رحيم المُمتدة وتسحب جسد مها تجاهُه بِبُطء
شدها نحوه بِبُطء وضمها إليه بقوة وهو يُنزِل بـِ كفي يداه الحِجاب ويتلمس خُصلات شعرها
فقدت مها التحكُم في مشاعرها فـ قالت: أنا بدأت أحس إن شقتنا معمول فيها عمل، إنت مبتبقاش كويس غير لما نكون هنا لوحدنا في شقة مروة
رحيم وهو يُنزِل يديه مِن خُصلات شعرها إلى عُنقها قال: بيتهيألك، أنا مفيش يوم عدا عليا في شقتنا متخيلتكيش في حُضني فيه..
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية مسافات مشاعر ) اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق