رواية أوصيك بقلبي عشقا كاملة بقلم مريم محمد غريب عبر مدونة كوكب الروايات
رواية أوصيك بقلبي عشقا الفصل الرابع عشر 14
“خرجتُ أبحث عن العشق و رجعتُ مُمزقًا ؛ الآن أنا بين يديكِ أشلاءً… أرجوكِ.. لا تتركيني !”
_ مراد
على عكس “إيمان” التي ماتت بجلدها فور ظهور أخيها فجأة و ضبطها متلبسة، تصرّف “مالك” بمنتهى الهدوء و هو يقوم من ركوعه و إستدار ليلاقي “أدهم” مبتسمًا :
-أدهم ! ازيك يا كبير واحشني جدًا و الله ..
اقترب “أدهم” خطوتين منه و عيناه تقدحان شررًا :
-الظاهر إني كنت غلطان في تقديري ليك. انت ماتفرقش حاجة عن أخوك !
قامت “إيمان” محاولة تلطيف الجوّ :
-يا أدهم آ …
-اسكتـي إنتـي خـالص !!! .. صاح “أدهم” بغضبٍ مستطير
فألجم لسان “إيمان” و جمّدها بمكانها من الرعب
فهي نعم، تخشى أخيها… و ليس فقط تحترمه ؛
نقل “أدهم” نظراته المتقدة محدقًا بـ”مالك” ثانيةً …
-انت بتكلم إيمان بالشكل ده ليه يا أدهم ؟ .. قالها “مالك” بأريحية لا تخفي احتجاجه
-كلامك معايا أنا. كنت بتقول إني مافرقش حاجة عن سيف صح !؟
كوّر “أدهم” قبضته مُمسكًا شرّه بصعوبة و هو يقول بخفوتٍ مخيف :
-قدامك 3 ثواني عشان تمشي من وشي يا مالك. و إلا …
مالك بتحدٍ : و إلا إيه يا دكتور ؟ بتهددني !!
لم يتعاطى معه “أدهم” بكلمةٍ أخرى، هجم عليه شادًا إيّاه من تلابيبه بعنفٍ كبير، لتقفز “إيمان” فوق مقعدها صارخة …
خلال لحظاتٍ كانت كلًا من “أمينة” و “مايا” هنا، كتمت “مايا” صرخة ملتاعة بكفّيها لمرآى شقيقها في هذا الوضع بين يديّ “أدهم”.. بينما “أمينة” قد هرعت نحو إبنها في الحال هاتفةً و هي تحاول الحؤول بينه و بين الأخير :
-أدهــم.. إيـه إللي بتعمله ده يابني. ماسك في ابن عمتك كده ليه بس. ســيبه بـقى !؟؟
تركه “أدهم” بصعوبة و هو يلتفت صائحًا بأمه و قد خرج عن شعوره :
-أسيـبه طبعًا. مانتي كمان سايبة السايب في السايب يا أمي. أدخل عليهم ألاقي ماسك إيدها و بيحسس عليها. إزااااااي. نـايمة على ودانك !!؟؟؟؟
إلتفتت “أمينة” نحو “مالك” ناظرةً إليه بمزيج الحنق و خيبة أمل :
-كده يا مالك. كده بردو تخون ثقتي و تسوّد وشي قصاد إبني ؟؟
-إوعي بقى كده إنتي لسا هاتعاتبي !
تأوهت “أمينة” مصدومة حين شعرت بقبضة “أدهم” تشدّها للوراء كي تبقى بعيدًا، لأول مرة يمد ابنها يده إليها بهذه الطريقة، مِمّ يعني أنه قد بلغ من الغضب عتيًا لم يصل إليه بحياته كلها ؛
وقف “أدهم” أمام “مالك” قريبًا منه إلى حدٍ خطير …
-أطلع برا يا مالك.. البيت ده مش هاتدخله تاني أبدًا !
*****
ظل لقرابة الساعتين منطلقًا بسيارته بشوارع المدينة، هائمًا على وجهه، يطوف الأماكن نفسها على غير هدى و هو لا ينقطع عن التفكير بها …
يا لسخرية القدر، لقد قضى ما ينوف عن ثلاثة عشر عامًا هاربًا منها، متنصلًا من مسؤليته عن جريمته بحقها، لم يرد يومًا الزواج منها بعد أن نالها.. اليوم و بعد أن حسم قراره أخيرًا
بعد أن أدرك إستحالة حياته بدونها، و أنها شريكته و مكمّلته الحقيقية، حبّه الوحيد و الأبدي.. ضاعت منه بمنتهى البساطة… هكذا !!!
يضاعف “مراد” من السرعة التي يسير بها، بينما تضيق حدقتيه و هو يتخيّل وجهها أمامه، ثم ما لبث أن انضم آخر إليها، رجلٌ لا يعرفه، لكنه هو الذي ينوي سرقتها منه، لا يمكن.. إنها له.. دائمًا كانت له هو
ضاعت منه مرة، و جاءت صفعة الحياة قاسية حتى يفيق من غفلته، عاد لها و لن يضيّعها مرةً أخرى… لن تضيع “إيمان” منه !!!!
يتفادى “مراد” في هذه اللحظة جسد ظهر أمامه فجأة عند منعطفٍ ما، داس مكابح السيارة فورًا، و إذا بها امرأة مبتذلة بثيابٍ فاضحة و زينة صارخة لا تتناسب أبدًا مع أجواء النهار …
ما إن توقف حتى إنفجر فاها بأقذع الألفاظ النابية تسبّه و تلعنه و هي تضرب مقدمة سيارته بقبضتها :
-يا أعمى يا ××××× يا ××××××. دي تلاقي أمك إللي جايباهالك. ماشي زي التور يا ×××××× !!!
رغم كل ما قالته و سِبابها و تشيهرها به أمام المارّة، إلا أنه كان له من التسامح أن يرد عليها بوداعةٍ مدهشة :
-أنا آسف !
كان البؤس يتماوج على قسماته، بينما الأخيرة تدور حول السيارة و قد لفت نظرها بقوةٍ، سارت إليه كالمسحورة، هبطت تجاهه و طلّت عليه عبر نافذة السيارة، تفرّست بملامحه الوسيمة بجرأة متمتمة و هي تمضغ العلكة بسلوكٍ مشين :
-ياختشي عليك و على حلاوة أمك. إيه يا واد القمر ده. انت منين يا معسل انت. أكيد من المنصورة. كلهم ملونين و قشطة زيك كده ! .. و أطلقت ضحكةٍ رقيعة
تأفف “مراد” من الهزل الذي وقع به، لتستطرد السيدة الخليعة و هي تتمايل أمامه بغنجٍ :
-طالما بتأفف كده يبقى علاجك عندشي. بقولك إيه هاجي معاك و لاجل طعامتك دي هاخد منك ميتشين 200 جنية في الساعة. و لا أقولك. مش عايزة فلوس خالص كفاية انت.. إيه رأيك !
ضاق “مراد” ذرعًا منها و لم ينتظر ثانية أخرى، انطلق بسيارته من جديد محددًا وجهته هذه المرة …
*****
الآن بعد أن أفسحت “سلاف” مجالًا بأخذها الصغيرة “لمى” بعيدًا ميدان النقاش الحاد بين زوجها و شقيقته و أمه …
ها هو “أدهم” يقف بمنتصف الصالة، تقف أمامه أمه محاولة تهدئته، بينما تجلس “إيمان” فوق الكرسي تنتحب بمرارةٍ و هي تستمع إلى صراخه فيها و تقريعه القاسِ :
-ماكنتش أتخيّل إني اشوفك في وضع زي ده. و إنك ممكن تسمحي لحد يلمسك بس. إنتي اصلًا مابتسلّميش بالإيد. و ســـيف نفسه إللي كنتي بتموتي فيه ماسمحتيلوش يمسك إيدك لحد يوم الفرح. إزاااي تسيبي حتة العيّل ده يعمل معاكي كده. إنتـي ؟؟ إنتــي يا إيـمان ؟؟؟؟
-خلاص بقى يابني ! .. هتفت “أمينة” بنزقٍ و قليل من الحزن بسببه
-كفاية إللي عملته يا أدهم. في أختك و في مالك. و حتى فيا أنا.. أمك. هو ده كلام ربنا إللي حافظه و ماشي بيه. تعامل أمك كده !؟؟
لو أنها لم تستفزّه من جديد، جعلت المشهد يتكرر أمام عينيه ثانيةً و يصيح :
-ماتخلّنيش أغضب ربنا أكتر من كده و اسكتي يا أمـــي. إنتي كمان جرى لك إيه. فجأة الحدود عندك بقت مباحة. و فاتحة له البيت و أنا مش موجود. معاده ماكنش الساعة دي و لولا رجعت بدري و شوفت إللي حصل كان مر مرور الكرام.. الله يسامحك. الله يسامحك !
و قد كان عصبيًا و يلهج من شدة الغضب و قد احتقن وجهه بالدماء، لدرجة أن أمه خافت عليه كثيرًا، تراجعت عن كل ملامتها عليه و أخذت تربت على صدره الخافق بقوةٍ متوسلةً إيّاه :
-طيب خلاص. خلاص يا أدهم حقك عليا. أنا غلطانة يابني.. إهدا يا حبيبي و أنا هاعمل إللي يرضيك. قولي عايز إيه يتعمل و هاعمله …
أدهم بتأزمٍ : أنا مش عايز حاجة. انتوا لأول مرة خذلتوني. أنا مش مصدق إن إنتي أمي. و لا دي أختي.. إنتوا مين !؟؟
بذلت “أمينة” جهدًا أكثر في مراضاته :
-إللي تشوفه. لو مش عايز الجوازة دي تتم مش هاتم. بس ماضايقش نفسك كده
أدهم بصرامةٍ : و مش هاتّم أصلًا. أنا الغلطان إني طاوعتكم في لعب العيال ده !!
و هنا هبت “إيمان” واقفة، ثم قالت و الدموع تجري فوق خديها :
-مش انت إللي تقرر يا أدهم.. الجواز هايتم !
حملق “أدهم” فيها مشدوهًا، لتكمل ماسحة دموعها بكمّها بقوةٍ :
-انت كان عندك حق لما كنت بتقول إني لسا صغيرة و محتاجة لراجل في حياتي. و الراجل إللي أنا اختارته هو مالك.. أنا عاوزة مالك
ارتفعت يداه مبعدًا أمه عن طريقه بحزمٍ، مضى صوب أخته و هو يتساءل عابسًا بشدة :
-من إمتى يا إيمان. من إمتى و إنتي متعلّقة بيه كده و سامحة له بالتجاوزات !؟
و علا صوته إلى حد كاد يصمّ الآذان :
-لما كنتي بتروحي تزوريهم و تباتي بالأيام هناك.. كان بيحصل إيـه من ورا ضهري !!؟؟؟؟؟؟؟؟
على قدر خوفها منه، تدافع الكلام من فمها بسرعة و تنميق لم تتوقع أيّ منهما :
-إنت اتجننت. إيه إللي كان ممكن يحصل يعني.. إنت إزاي توجه لي إتهام زي ده. فوووق يا أدهم و أعرف إنت بتكلم مين. مش معنى إني ست و عندي مشاعر زي أي واحدة أبقى أعمل إللي بتفكر فيه. أنا طول عمري مقفول عليا و محدش شاف خيالي. و لما اتجوزت عشت أسود سنين حياتي رغم إني كنت بحبه. إيـــه. هاتعلق لي المشنقة عشان هفوة مقدرتش أسيطر فيها على مشاعري. إنت فكرني حجر. مابحسش. أنا مابقتش صغيرة و مش من حقك توقفني كده زي التلميذة. أنا إتبدلت في حياتي ما فيه الكفاية. إتبهدلت و مش هاسمح لحد يجي عليا تاني و لا حتى إنت. ســـامع !!!؟؟
و شهقت بعمقٍ مكافحة غصّة البكاء لآخر لحظة، غطت فمها بكفّها و استدارت مهرولة إلى غرفتها قبل أن تنهمر دموع القهر و الضعف من عينيها مرةً أخرى ! ……………………………………………………………………………………………………………
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية أوصيك بقلبي عشقا ) اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق