رواية عينيكي وطني وعنواني كاملة بقلم أمل نصر عبر مدونة كوكب الروايات
رواية عينيكي وطني وعنواني الفصل العاشر 10
جثت على قدميها أمام أخيها ذو الوجه العابس وهو جالس على إحدى المقاعد وفارد قدمه المصابة على مقعد اَخر أمامه..في محاولة لمدعابته :
– ها ياأستاذ إبراهيم.. لاوي بوزك ومكشر ليه؟
رفع إحدي حاجيبه ومالت زاوية فمهِ للأسفل قبل يشيح بوجههِ عنها دون إجابة :
اقتربت منه أكثر بوجهها تخاطبه:
– ياه ياابوخليل ..لدرجادي انت زعلان ياقمر؟ طب ماتقول بقى على اللي مضايقك..يمكن نعرف نصالحك ياولا .
عاد اليها برأسه قائلًا بعتب :
– وتصالحوني ليه بقى ياأبلة فجر؟ هو انا افرق معاكم أصلًا؟
– ليه بس بتقول كدة ياابراهيم؟ هو احنا قصرنا معاك في حاجة ياحبيبي؟ يكونش يعني عشان انشغلنا في الفرح واستقبال المعازيم وسيبناك شوية.
– شوية بس؟! دا ابوكي من ساعة من جابني هنا ماسأل فيا تاني وامك رايحة جاية حواليا تجامل في الستات حبايبها وانا ولا شايفاني.. وانتي بقى مشغولة بالعروسة واصحابها.. دا لولا عم علاء اللي بيطل عليا كل شوية ويجيبلي في الساقع والحلويات وياخد باله من طالباتي.. لكنت فرقعت مكاني هنا ولا نزلت حتى برجل واحدة وسيبت الفرح .
انتابها شعور بالغيظ والغيرة من هذا المتحذلق الذي اكتسب قلب أخيها فقالت بلوم :
– طيب وافرض احنا انشغلنا شوية ياهيما عنك في مناسبة مهمة زي دي.. انت بقى متقَدرش؟ على العموم حقك علينا ياسيدي ..قولي بقى اللي يرضيك عشان تقبل اتصور معاك ؟
رفع إحدى حاجبيه بمكر وهو ينظر ناحية والدته :
– إللي يرضيني طبق جاتوه كبير من العلب اللي جابها العريس وامك دارتها عني .
فغرت فاهها ضاحكة بدهشة من شقيقها الماكر :
– انت عايز امي تقتلني صح؟ دي أكيد شايلاهم عشان تجامل اصحابها وحبايبها وتفتخر بيهم انها من حاجة العريس .
قال بإصرار:
– ماليش دعوة يافجر ..انا مش هاصالحك ولا اتصور معاكي غير لما تجيبي اللي قولت عليه.. وياريت الطبق يكون كبير كمان.
– انا عارفة كويس انك مش هتهدى غير لما تاخد اللي انت عايزه .. جبار زي الست الوالدة..أمري لله..أقوم اجيبلك واحد وربنا يستر .
قالت الأخيرة وهي تنهض من جوارها ولكنها بمجرد ان استدارت تفاجأت باصطدامها بجسدُ صلب ومغطي بالون الكحلي.. ارتدت للخلف وتلون وجهها بالحرج وقد تبينت هوية من اصطدمت به.
قال هو بلطف:
– انا أسف.. بس انا كنت جاي اشوف إبراهيم..ليكون ناقصه حاجة.
غمغمت ببعض الكلمات الغير مفهومة وهي تذهب من أمامه وتتخطاه..جعلت عيناه تتابعها حتى اختفت وسط جمع الفتيات المدعوات.. عاد من شروده على صوت أخيها وهو يشاكسه :
– حلوة قوي البدلة دي ياعم علاء .
التف اليه ضاحكًا فقال:
– لو عجبك افصلك واحدة زيها ياعم هيما .
فرد ظهره وهو يقول بثقة:
– خليها بعدين بقى ياعم .. لما جسمي يتشد واربي عضلات زيك ..عشان تبقى لايقة عليا .
– انت لسه برضوا بتقر على عضلاتي..ماقولنا بقى لما تكبر ..انت ايه يابنى مابتهدمتش؟
علت أصوات إبراهيم الضاحكة وهو يشعر بأصابع جاره علاء تتغلل بشعره وكأنها دغدغة ..جعل علاء يضحك هو الاَخر ..ولكن توقفت هذه الضحكة فجأة حينما رأى أمامه من يدلف لداخل السطح بخطواتٍ خجله نحوه .. عبس وجهه وهو يترك إبراهيم فتقدم اليه يختصر المسافة حتى أصبح أمامه بوجهٍ جامد ومتسائل.. وقف الاًخر أمامه يخاطبه بأدب:
– ايه ياعلاء ؟ مش هاتسلم على صاحبك اللي جاي مخصوص يصالحك ويحضر خطوبة اخوك ؟
مد كفهِ يصافحهُ بجمود قائلًا بخشونة:
– أهلاً ومرحب بيك ياسعد ..على الله بس ما يكونش لسة شايل مننا.. ما انت عارف ..احنا ناس ما يهمناش غير مصلحتنا .
بكف يده الحره شد على ساعد علاء قائلًا بتشدق:
– ماخلاص بقى ياعلاء .. دي كانت لحظة غضب وراحت لحالها.. وادينى جاي بنفسي أهني وابارك للعروسين.. دا احنا عشرة عمر ياجدع والمصارين في البطن بتتعارك.
تبسم بزاوية فمه على استحياء وهو يرى أمامه سعد صديقه القديم ذو الجسد الهزيل وهو يعتذر عن خطأ بزلة لسانه حينما لم يتقبل الرفض له وقبول الفتاة بشقيقه ..صاحب المواصفات التي تتمناها كل فتاة .. كان من البديهي ان ترجح كفة حسين شقيقه للفوز بموافقة الفتاة وأهلها.. شعر نحو صديقه بالشفقة فكما قال هو ( أين يأتي سعد أمام اولاد المصري؟ ) سائله ببعض اللين :
– طب وانت عرفت بميعاد الخطوبة والمكان ازاي ؟
أجابه بحماس:
– عرفت من السيد الوالد .. ماهو وجه لي دعوة بصفتي صديقك .. ها ياعم هاتيجي بقى معايا عشان ابارك له بنفسي؟ ولا اروح لوحدي ؟
حينما ذهب مع صديقه لتهنئة العريسان ..إستقبله حسين على مضض ولكنه لم يُظهر إنطباعه هذا فتقبل تهنئته ببعض الزوق وابتسامة لا تصل لعيناه ..إكرامًا فقط لشقيقه الأكبر ألذي اومأ له بعيناه ليفهم .. وحتى حينما صافح العروس يبارك لها هي الأخرى تماسك عن نزع كفهِ التي اطبقت على كف شروق ..رغم أدعائه الحياء.. فهو ليس بغافل عن نظرته اليها بطرف عينه.. حتى ذهب مع أخيه وتركهم.. تنهد ببعض الارتياح وهو ينظر للعروسه الجميلة التي انتبهت لتغيُر لونه فاقتربت منه تساله :
– إيه مالك؟ في حاجة زعلتك ؟
هز برأسه ينفي مجفلًا من فطنتها:
– لا طبعًا.. انتي ليه بتقولي كدة ؟
اجابته ببساطة:
– يعني عشان وشك اتقلب لما شوفت اللي اسمه سعد ده لما جه وسلم علينا.. انا خدت بالي على فكرة .. بس اقولك على حاجة ..انا كمان مش طايقاه .
أشرق وجهه مرة أخرى وهو يردد أمامها بالضحك :
– على النعمة انتي مصيبة.
بوسط الفتيات كانت نيرمين مازالت تراقب وهي تدعي التصفيق والغناء مع الفتيات .. حتى ملت ان تكون بالهامش وهي ترى زهيرة مندمجة مع النساء بفرح وزوجها هو الأخر مع نسيبه الجديد شاكر اما علاء فبالرغم من جلوسه مع سعد ولكن عيناه لم تترك الفتاة هذه شقيقة العروس .. قررت التعويض عن نفسها ولفت الانتباه .. وهي تدخل في وسط الفتيات ترقص بضمير وحنكة..حتى استطاعت لفت انظار الجميع بما فيهم زهيرة التى كبتت قهرها وهي تستمع لتعليقات النساء جيرانها عن هوية الفتاة وعلمهم بأنها الزوجة الثانية لوالد العريس.. وهي تدعي بكل قلبها انتهاء هذه الليلة على خير وذهاب هذه النرمين .
…………………………..
حينما انتهت اَخيرًا الليلة الطويلة بانتهاء حفل الخطوبة وغادر الجميع حتى أدهم وزوجته..لم يبقي سوى العريس الذي انفرد بعروسه فى غرفة الجلوس. وترك والدته مع اسرة شاكر فى الخارج بوسط المنزل على كنب الصالون .. تتسامر معهم و تضحك من قلبها.. حتى ينزل اليها ابنها علاء الذي كان لا يزال فى السطح يشرف على العمال الذين تكلفوا برفع اثار الحفل .. وتنظيف السطح .
فجر كانت بداخل المطبخ تزفر حانقة وقد كلفتها والدتها بإعداد الشاي .. فقد استكفت هذه الليلة من تلميحات المرأة ونظرات هذا المدعو علاء التي كانت تتبعها طوال مدة الحفل ..رفعت الصنية و التى امتلئت بأطباق الحلويات بجوار كاسات الشاي .. تأففت متمتمة:
– يارب عدي الليلة دي بقى..انا تعبت.
خرجت من المطبخ لتجد الثلاثة ينظرون ناحيتها بابتسامة عريضة تكاد تصل للأذنيهم .. تقدمت لتضع الصنية على الطاولة الصغيرة امامهم ..قائلة بتوجس :
– الشاي ياجماعة .
جذبتها المرأة من ذراعها لتُجلسها بجوارها قائلة بمحبة:
– وهاتمشي ليه بس ياقمر ؟ ماتقعدي معانا كده واَنسينا ..دا احنا بقينا اهل وبكرة الشقتين يبقوا بيت واحد كمان.
تبسمت بتكلف وهي تدرك ما تبطنه إشارة المرأة فقالت بمجاملة:
– طبعًا ياطنت.. البيت بيتك أكيد.. بس معلش بقى انا تعبانة ونفسي اريح شوية .
نهرتها والدتها بصرامة :
– ما تهمدي يابت واقعدي دقيقتين.. خلاص يعنى هاتموتي وتنامي؟
هتفت عليها زهيرة بابتسامة:
– لا بقولك إيه ياسميرة.. أعملي حسابك ياعنيا ماتزعقيش في القمر دي تاني .. دي خلاص ياحبيبتى بقت حماية!
أكمل على قولها شاكر :
– ايوة بقى ياسميرة.. دا الظاهر كدة احنا مش هانعرف نكلمها تأني.. مدام بقت في حماية الست زهيرة والمعلم علاء.
انسحبت الدماء من وجهها وقد وصلها معنى التلميح الصريح من ألإثنان.. وبالأخص حينما لمحت النظرة القلقة بعيون والدتها ..فهي أكثر من يعرفها .. نهضت سريعًا تنوي الهروب ولكن المرأة الطيبة اوقفتها من يدها ..قائلة بسذاجة:
– المرة اللي جاية بقى هاتبقى ليلتك ياقمر .. وليكي عليا انا بقى لاخليها ليلة كبيرة تليق بالقمر وعريسها نن عين أمه .
هنا فلت الزمام ولم تُعد بها قدرة على التحمل لأكثر من ذلك ..نزعت يدها من كف زهيرة بسرعة وهي تهتف بحدة :
– كان نفسي ياطنت افرحك.. بس للأسف انا لا عندي وقت للجواز ولا عايزة اتجوز من اساسه .
خبئت الفرحة بوجه زهيرة وتحول لونه للشحوب .. كحال شاكر وزوجته الذين الجمتهم الصدمة لعدة لحظات قليلة قبل أن يقطعها صوته العنيف
– ام علاء.
التفت الجميع على وجههِ وهو واقف أمامهم بمدخل البيت.. وانفاسه الهادرة مع اشتعال عينيه أخبرتهم جميعًا أنه سمع كل ما قد قيل !
………………………….
– اتفضلي ياست هانم .
القت نظرة بطرف عينها وهي تدلف لداخل المنزل استهجاناً على نبرته المتهكمة وقالت :
– ومالك بتقولها كده وانت بتتكى على الكلام؟
صفق الباب بقوة وهو يضع سلسلة مفاتيحه في جيب سترته فقال :
– طبعًا.. وانت هامك حاجة؟ هيبة جوزك ولا سمعته قدام الناس ولا تفرق معاكي بمليم حتى .
استدارات شاهقة وهي تضع يدها على خصرها :
– دا بجد بقى انت زعلان .. وانا اقول لاوي بوزك ليه شبرين من ساعة ماخرجنا من عند نسايب ابنك؟
– لمي نفسك يانيرمين؟
اجفلت منتفضة من صيحته الهادرة فخرج صوتها بتوتر :
– في إيه ياشاكر ؟ هو انت بتزعقلي كده ليه أساسًا؟ عملت إيه أنا ؟
خطا يقترب منها حتى امسك بمرفقها فقال مابين اسنانه:
– بقى بالذمة انتي مش عارفة عملتي إيه ؟ لميتي معازيم الفرح كلهم عليكي وانتي بترقصي ولساكي مش عارفة عملتي إيه ؟
قالت بخوف ومداهنة:
– بقى دا هو دا غلطي ياشاكر ؟ إني رقصت فرحانة بخطوبة ابن جوزي ؟
شدد على مرفقها:
– بلاش ملاوعة معايا يانرمين .. انتي رقصتي قدام الكل رجالة وستات قاصدة تلفتي النظر ليكي ولا انتي فاكرني غبي .
– لا مش غبي ياشاكر ..بس انا فاهمة زعلك من إيه بالظبط؟ انت خايف على إحساس السنيورة مراتك..صح ياشاكر ولا انا كدابة ؟
فلتها بعنف هاتفًا باذدراء:
– وماله لما اخاف على إحساس مراتي ام ولادي .. هو انتي فاكراني حجر وما بحسش .. دا انتي اللي جبلة بقى.
تركها وذهب بغضبه .. تمايلت هي بجسدها تلوي شفتيها غيرُ اَبهة .
……………………….
جالسة على طرف التخت عاقدة كفيها بحجرها مطرقة رأسها للأسفل .. كطفلة صغيرة تتلقى التوبيخ من والدتها التي كانت تقطع الغرفة ذهابًا وعودة أمامها بعصبية وهي تصرخ عليها بشكل هيستيري :
– رودي عليا وفهمينى ..ساكتة ليه ؟
همست بصوت خفيض :
– يعني عايزاني اقول إيه؟
صاحت بصوتٍ أعلى :
– هو انا لسه هاقولك ياعين امك؟ انا عايزة افهم بقى.. انتي بتكرهيه ليه؟ جالك قلب تكسري فرحة الولية الغلبانة دي ازاي بس؟
اغمضت عيناها بتعب فقالت بخزي:
– انا ماكنتش قاصدة احرجها ولا اكسفها.. بس هي اللي إضطرتني لما فاتحتني كدة فجأة .. ثم حكاية اكسر قلبها دي اوفر اوي بصراحة..لأن الجواز نصيب ولازم يجي بالقبول.
دنت اليها برأسها تسأله بتعجب:
– وانتي بقى ياعين امك مش قابلة علاء ؟
قالت بقوة :
– ايوة مش قبلاه ياماما..فيها حاجة دي؟
صاحت والدتها بصوتٍ فاقد للسيطرة:
– امال هاتقبلي بمين يابت؟ لما علاء بجلالة قدره اللي كل بنات المنطقة يتمنوا ضفره انتي مش قبلاه.. ماتقولي ياعين امك.. خلينى نعرف مزاجك ياسنيورة ..ماتقولي يابت ؟
– خلاااص ياسميرة .
صاح بها شاكر الذي اقتحم الغرفة فجأة وتابع :
– لمي الدور بقى وخلينا ننام فى الليلة المهببة دي ..واعتقيها بقى الليلادي واعتقينا احنا كمان .
– ماشي ياشاكر ..زي ما تحب .
زفرت ارتياحًا بخروج والدتها مع ابيها فاتفاجات بسؤال شقيقتها التى دلفت هى الأخرى.. تسألها بدهشة:
– يعنى انا اللي سمعته صحيح يافجر؟ طيب إيه العيب اللي في علاء عشان ترفضيه؟
سدت اذنيها قبل ان تدخل فى الفراش وتشد الغطاء حتة رأسها..فقالت من أسفله:
– ممكن تطفي النور ياشروق عشان عايزة انام .
…………………………….
دلفت لداخل الشرفة فوجدته جالس على مقعده ينفث دخان سيجارته فى الهواء بوجهٍ شارد.. اقتربت منه بخطواتٍ مترددة وهي تفرك بيدها فقالت بتوتر :
– هاتفضل كدة سهران يابني ؟ مش ناوي تقوم تنام بقى ؟
التفت اليها برأسهِ مستندًا بمرفقه على ذراع المقعد وسيجارته بين اصابعه فقال بنظرة خاوية :
– روحي نامي انتي ياما ..وانا لما يجيني النوم هنام انا كمان ومش هاستنى .
طعنها هذا الحزن الذي رأته بعيناه فقالت:
– هو انت حبيتها ياعلاء ؟.
سألها مجفلًا:
– هي مين؟
أسبلت عيناها وهي لا تجرؤ على النطق باسمها ..فقال هو متفهمًا :
– مش وقت الكلام دا دلوقتي ياما ..احنا بقينا نص الليل .
لم تتحرك للخارج ولكنها قالت برقة:
– ماتزعلش مني ياحبيبي .
هز برأسهِ وزفر دخان سيجارته بقوة وهو يسألها باستياء :
– ازعل منك ليه بس ياما؟
– حاسة اني أستعجلت وبوظت الدنيا لما فتحت الموضوع كده خبط لزق ..كان لازم برضوا البت تاخد وقتها وتفكر قبل ما…
– خلاص ياما ابوس ايدك.
قاطعها بتعب وهو يتناول كف يدها يقبلها وتابع :
– ممكن نأجل الكلام ده لبكرة عشان انا تعبان بجد ومش قادر ؟
– ممكن ياحبيبي.
اومأت برأسه ثم قبلته على جبهته وقبل ان تستدير للخروج رددت مرة أخرى:
– بس اوعدني انك هتريح جسمك وتنام ياعلاء.
اومأ برأسهِ يُرضيها حتى خرجت فعاد هو لشرده مرة أخرى:
– انام ازاي بس من قبل ما اعرف هي رفضتني ليه؟نهض فجأة يضرب بقبضته على حاجز الشرفة الإسمنتي وهو يحدث نفسه :
– البت دي بتكرهني .. انا النهاردة بس خدت بالي من نظرتها ..دي نظرة كره خالصة .. بس ليه ؟ بيني وبينها إيه عشان تكرهني كدة ؟انا لازم افهم ولازم اعرف اللي فى دماغها.. انا مش هاهقبل اترفض كدة من غير ما اعرف السبب .بس ازاي؟ دي حتى بطلت ماتطلع بلكونتها عشان ماتشوفنيش ..لدرجادي هي مش طايقانى ؟ طب ليه؟
ظل على وضعهِ يحرق صدره بدخان التبغ وهو يُحدث نفسه كالمعتوه حتى أشرقت الشمس على استيحاء ..فا أحس بوقع خطوات خفيفة تسير فوق رأسه على سطح المبنى الإسمنتي.. شرد قليلًا بتفكير ..قبل ان يرتدي قميصه على عجل ويخرج من شقته متجهًا للأعلى .
……………………
ملتفة بشالها وهي تنظر لشروق الشمس بشرود مستمتعة بهذه النسمات الباردة والهدوء المسيطر على الميدان أمامها بالحركة الخفيفة للبشر والقليلة للسيارات.. لقد مرت عليها ليلة بشعة لم يرق جفنها للنوم فيها ولو لحظة.. رغم ماتدعيه من برود أمام والدتها فهي فعلًا أشفقت على المرأة .. بعد رفضها العنيف لابنها فبرغم رفضها المسبق..الا أن هذه لم تكن نيتها ابدًا فى جرح المرأة المريضة ..ولكن هي من اجبرتها بطيبتها وسذاجتها .. وحدث ما لم تتمنى حدوته .. فماذا بيدها الاَن؟ علّ هذا الرفض يخفف قليلًا وقع هذا الضغط الذي ظل جاثمًا على ظهرها طوال الأيام الفائتة حتى ارهقها واستنزف طاقتها .. اغمضت عيناها تتمنى الخلاص والهرب بعيدًا عن زكرياتها ومحيط اسرتها وكل ما يؤوق حياتها ويُتعبها!
فتحت عيناها فجأة بعد ان شعرت انها لم تصبح وحدها فى السطح ويبدوا انه يوجد من يشاركها فيه.. التفت فجأة فاصطدمت عيناها بعيناه العنيفة في نظرتها ..بلعت ريقها الجاف قليلًا قبل ان تأخذ قرارها للهرب من أمامه والنزول فورًا .. ولكنها تفاجأت بهِ يقطع الطريق أمامها بجسدهِ الضخم .. تحركت لتغير الطريق ولكنه تحرك معها ومنعها من السير ..رفعت رأسها اليه متسأئلة فتفاجأت بنظرتها القوية من مستوى طوله الفارق عنها وهو يدعوها للتحدي .. قالت بتماسك مزيف :
– لو سمحت سيبنى امشي وانزل..مايصحش كده .
قال بحدة :
– مافيش نزول .
– نعم !!
– مابقولك مافيش نزول .
برقت عيناها وهي تهتف بغضب :
– بقولك سيبنى انزل ..هي فتونة يامعلم ياشهم.
ارتدت للخلف مجفلة من جرأته فقالت بدفاعية :
– وفيها إيه بقى لما ارفضك؟ ولا انت مستكتر عليا انى ارفض المعلم علاء بجلاله وقدره؟
قال بحدة :
-لا مش مستكتر عليكي الرفض ياستى ..وحكاية القبول دي من عند ربنا .. بس انتي في سبب واضح قوي عندك وانا شايفه في عنيكي دلوقتى وانا بكلمك.
احتدت انفاسها بالصعود والهبوط وهي تنظر اليه بقوة صامته ..فتابع هو بالتأكيد :
– مدام سكتي كدة يبقى في صح .. خليكي شجاعة بقى واتكلمي .
– اتكلم اقول إيه ؟- قولي عن السبب اللي مخليكى تكرهيني وعامل حاجز بينى وبينك من اول مرة شوفتك فيها..قولي بقى وريحينى .. ايه اللي بينك وبينى؟
صاحت صارخة بوجهه :
– إللي بينى وبينك فاتن.
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية عينيكي وطني وعنواني ) اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق