رواية حكاية كاميليا الفصل الخامس
رواية حكاية كاميليا الفصل الخامس
كاميليا 5
لقتني واقفة متسمرة في مكاني ببصلهم وهم واقفين مصدومين زي المجرم إللي مستني الحكم يا براءة يا إعدام، أنا واثقة إن أول نظرة قريتها في عيون بابا هي اللهفة بس فجأة اتحولت لغضب وقال :
_ دي بتعمل إيه في بيتي؟!
معتز حاول يشرح بس سكّته :
_ وإنتوا ليكوا حساب تاني بعدين ، أنا كلمتي ما تتكسرش، اتفضلي ارجعي من مطرح ما جيتِ
مادنيش فرصة أنطق ، نطق الحكم وسابنا ومشي ، ماما كانت واقفة مترددة بتبص عليا وعلى أثر بابا وهو بيختفي من المكان وفي النهاية الأمومة إللي غلبت فتحت إيديها فجريت على حضنها، فضلت ضمّاني بلهفة ، بكيت فمسحت دموعي وقالت :
_ ماتزعليش من بابا جرحك ليه كان أكبر من إنه يتحمله، اديله وقت وهيهدا إن شاء الله ويسامح
بصت لمعتز وقالت :
_ خد مفتاح شقة المعادي ووديها تقعد هناك لحد ما بابا يهدا وأنا هطلع أشوفه
طلعت أوضتي جهزت شنطة هدومي وهدوم أمل ، كان نفسي أوريها لبابا يمكن قلبه يحن بس ماحبتش يحس إني بضغط عليه بيها ، كانت لسه نايمة، صحيت وأنا بغيرلها وعلى غير عادة البكا كل مرة بصحيها فيها لقتها هادية وبتضحكلي كإنها بتحاول تواسيني ، ابتسمتلها وحضنتها والحقيقة إني زي كل مرة وقتها كنت أنا إللي بترمي في حضنها ، أخدت بنتي ومشيت من البيت ، معتز وصلنا للشقة ، و لإن ماما دايماً بتبعت الشغالة تنضف الشقة حتى لو مش قاعدين فيها لقيتها الحمدلله نضيفة ، معتز حط الشنط ونزل اشترالنا كل لوازم المطبخ والحاجات الناقصة من البيت ، مشي معتز بعد ما اتعشى معانا ، نيمت أمل وقعدت جنبها أفكر في الخطوة الجاية في حياتي ، بابا معذور مش زعلانة من رد فعله أنا فهماه كويس أوي ، هو مش عاوزني أرجعله مكسورة ، زي ما خرجت من البيت قوية وبختار طريقي بإرادتي عاوزني أرجع للبيت بنفس القوة مش مكسورة ومُجبرة!
وأنا قررت أثبتله إني قوية وماتكسرتش رغم كل إللي مريت بيه ، جبت ورقة وقلم وكتبت قايمة بكل الحاجات إللي محتاجة اتعلمها بعد ما كنت منعزلة عن العالم الفترة إللي فاتت كلها ، وبالفعل بدأت في نفس الليلة أدور ع النت على أماكن لكل كورس قررت أتعلمه وأولهم إني اشتركت في كورس إعادة تأهيل نفسي وكمان كورس في تربية الأطفال عشان أعرف أربي أمل صح وأحميها من الأخطاء إللي وقعت فيها ، وكورس في مجال دراستي عشان هدفي الأساسي من دخول إعلام هو تحقيق حلمي إللي اتخليت عنه وهو إني أبقى مذيعة راديو ، حجزت في الكورسات دي أون لاين عشان العدة وعشان أمل مش هكون متطمنة أسيبها مع أي حد ، استغليت فترة العدة في قراية الكتب وحضور الكورسات أون لاين ، ماما كانت بتيجي تقعد معايا ، واخواتي بيمروا عليا من وقت للتاني ، اتعلقوا بأمل جداً وخصوصاً ماما ، اليوم إللي ماتقدرش تزورنا فيه لازم تكلمني فيديو عشان تشوفها ، كنت بتطمن على بابا وعلى صحته من ماما ، وبفرح أوي لما ماما تقولي من وراه إنه بيسأل عني دايماً وبيتفرج على كل صور أمل إللي ببعتهالها ، ده غير إن الفلوس إللي ماما بتديهالي منه بس بينبه عليها ماتعرّفنيش ، عرفت كمان منها إنه مبسوط بشخصيتي الجديدة بس لسه زعلان مني ومش قادر يصفالي ، وأنا عذراه وهديله وقته عشان يقدر ينسى إللي عملته فيه..
خرجت من فترة العدة كاميليا جديدة ، كاميليا أجمل وأنضج من بتاعة زمان ، قدمت في الراديو ، عملت اختبارات الصوت ، قعدت مع مدير المحطة وحاولت أقنعه بفكرة البرنامج بتاعي بس قالي إني هحتاج ممول، وأول ما قالي هنتصل بيكِ عرفت إنهم مش هيردّوا ، روحت البيت محبطة ، كنت محتاجة لحضن أمل إللي سيبتها مع ماما ، ولإن ده ميعاد بابا بيكون فيه في الشغل قررت أروح البيت أخدها بدل ما استنى ماما تجبهالي ، روحت البيت متضايقة بس أول ما دخلت من الباب وسمعت صوت ضحكة أمل وبابا اتفاجئت ونسيت الضيق والتعب، دخلت بهدوء ولقيته بيلاعبها ويضمها لحضنه بحنان وماما بتتخانق معاه عشان عاوزه تحضنها شوية ، أول ما دخلت اختفت ضحكته ، ناول أمل لماما وقام على مكتبه ، دخلت وراه فعمل نفسه مشغول ، رفض حتى يبصلي ، قولتله :
_ أنا عارفة إن إللي عملته مش قليل واستحق عليه العقاب بس أنا اتعاقبت بما فيه الكفاية يا بابا، الحياة عاقبتني وعرفت إنك كنت صح من الأول، ندمت على كل لحظة عاندت فيها وماسمعتش كلامك ، أنا عشت فترة عذاب عمري ما تخيلت إني ممكن أعيشها ورغم كده استحملت لكن مش قادرة أستحمل تفضل مقاطعني كده وتحرمني حتى من نظرة! عشان خاطري وخاطر أمل يا بابا كفاية عقاب
فضل عامل نفسه مشغول ومش باصصلي فزاد إحباطي وقررت ماضغطش عليه أكتر من كده ، وقبل ما أخرج ندهلي ، الأمل دب في قلبي ، التفت بلهفة فقال :
_ إنتِ كسرتيني ودي مش قادر أسامحك عليها يمكن الأيام تقدر تنسيني خصوصاً لمّا أشوفك بتتعلمي من أخطاءك ، ياريت تاخدي السواق تجيبي حاجتك من الشقة وترجعي أوضتك
ضحكت بفرحة فقال وهو بيتصنع الضيق :
_ وده مش عشانك ، عشان أمل أنا ببقى مبسوط في الساعة إللي بقضيها معاها لما تسيبيها هنا حابب أبقى مبسوط طول الوقت وأنا شايفها
كان نفسي في اللحظة دي أترمي في حضنه بس ضيع عليا الفرصة بخروجة من الأوضة كإنه هو كمان نفسه يضمني وخاف يضعف فهرب ، روحت مع السواق جبت حاجتي من الشقة واستقرينا في أوضتي ، البيت زادت بهجته بضحكة أمل ، بابا اتعلق بيها أكتر وبقى أوقات ياخدها تنام في حضنه بالليل، وهي كمان اتعلقت بيه ، ماما بتقولي إن بابا من يوم ما مشيت ماشافتهوش ولا مرة بيضحك غير اليومين دول بعد ما رجعت ومعايا أمل ، في مرة كنت قاعدة مع ماما ولقيت موبايلي بيرن برقم غريب ، ولما رديت اتفاجئت إنه مدير المحطة قالي إنه لقى ممول للبرنامج بتاعي وأقدر ابدأ من بكرة ، ماكنتش مصدقة ، معقوله هحقق حلمي! فضلت طول الليل بجهز تفاصيل البرنامج والحلقات وأتدرب عليها ، رحت تاني يوم واتفاجئت لما عرفت مين الممول للبرنامج ، أنا حكيت لماما وأكيد طبعاً قالت لبابا فقرر يدعمني ، كنت زمان بتضايق من أي تدخل منه أو حتى إن حد يخلصلي مصلحة لمجرد ذكر اسمه ، دلوقتي لقتني مبسوطة أوي وفخورة بيه وباسمه إللي شيلاه ، ومبسوطة بدعمه ليا ، وأخيراً قعدت قدام المايك ووصلت للحظة إللي كنت بحلم بيها وبعد دخول محمود في حياتي كنت فكراها بقت مستحيلة ، حسيت برهبة ، بس ماما شاورتلي من بره ومعاها أمل ، فاتطمنت بوجودهم ، وانطلقت أول حلقة من برنامج " أمل حوّا "، الحلقة الأولى نجحت والبرنامج انتشر بشكل ماكنتش متخيلاه ، وبعد كام حلقة حقق البرنامج نجاح كبير وبقاله متابعين ، يمكن لإن كل حوّا في المجتمع محتاجة لأمل أو يمكن لقوا نفسهم في كل كلمة قلتها لإني قولتها من واقع تجربة ، قولتها بعد ما عشت في الأماكن إللي عاشوا فيها ودقت من المرار إللي داقوه ، ويمكن لإنه بيقولهم لسه بعد كل إللي مريتوا بيه فيه أمل في الحياة...
بدأت أحوِّل كل محنة وابتلاء مر في حياتي لمنحة فمثلاً لو ماكنتش مريت بتجربتي القاسية دي ماكنتش أمل إللي بقت كل حياتي دلوقتي هتبقى موجودة وماكنتش هقدر أحقق حلمي بالنجاح ده ، ولا كنت هبقى بالنضج ده أو حتى أتحمل المسئولية..
حياتي اتغيرت ١٨٠ درجة ، لحد ما معتز خطب وفي يوم خطوبته ماكنتش أعرف إن القدر مخبّيلي مفاجآت...
•تابع الفصل التالي "رواية حكاية كاميليا" اضغط على اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق