رواية جبر السلسبيل الفصل الرابع عشر 14 بقلم نسمة مالك
رواية جبر السلسبيل الفصل الرابع عشر 14 بقلم نسمة مالك
"سلسبيل"..
بالنسبة لها لم يعد للحديث أي أهمية الآن، يكفي الصمت المُطعم بالتنهيد بعدما تحقق أعظم أحلامها و حصلت على عناق الرجل الوحيد الذي جعل قلبها ينبض لأول مرة بالحياة، اتخذته شجرة يقطينها الطيبة، إذا البرد وارتعاشة الظلمة اجتاحتها احتميت بأوراقه الدافئة..
تسرق لحظات من الزمن بين ذراعيه التي تحتويها بلهفة و إشتياق، عناق روحاني بعد قلق، خوف، مأساة أنثى جمدتها أعوام القسوة، أعادها صوته طفلة و أذابت هي رجولته بضعفها الظاهر له وحده،
يغمرها بعناق محموم لم يكن له مثيل من قبل، تاركًا على جسدها أمان يديه، يدلل خجلها،يهديها ابتسامته كلما شعر بخوفها، لم يتحدث معاها و ظل صامتًا عندما رأي طقس حدقتيها الغائم الذي بكلمة حنان منه سينهمر المطر..
إلى أن تحدثت هي بعدم تصديق، بصوت مبحوح، مرتجف..
"عبد الجبار.. أنت هنا معايا!!" ..
دست نفسها داخل صدره أكثر دافنه وجهها بصدره، و تابعت ببوادر بكاء..
"أنا في حضنك فعلاً و لا أنا بحلم زي كل يوم!!!"..
"في حضني يا سلسبيل ، و چوه جلبي كمان يا زينة البنات"..
قالها "عبد الجبار" و هو يحتويها داخل جسده بحماية حين تكوّمة على نفسها بأحضانه أخذه وضع الجنين، و قد أعادها صوته لواقعها المرير، و صفعها القدر صفعة موجعة و هي تتذكر وعدها ل "خضرا "..
حاولت السيطرة على مشاعرها التي تبعثرت بفعل قربه منها الذي يعصف بكل ذرة تعقل بها، و بدأت تبتعد عنه ببطء،خافضة رأسها بخزي من نفسها على أستسلامها الكامل له،
"لا لا مينفعش.. أبعد عني.. انا وعدتها"..
همست بها و هي تحرك رأسها بالنفي، و بدأت تدفعه بعيداً عنها بضعف، لكنه أحكم سيطرته عليها و أعادها مكانها بجوار قلبه المُتيم بها مردفًا بهدوء كأنه يحدث صغيرته..
"هي مين اللي وعدتيها، ووعدتيها بأيه.. قوليلي متخافيش مني واصل"..
" أبلة خضرا.. وعدتها أني مش هكون لك زوجة يا عبد الجبار"..إجابته بصعوبة من بين شهقاتها العالية، و قد انفجرت في نوبة بكاء حادة..
رفعت رأسها و نظرت لعينيه بعينيها الحزينة الباكيه مكملة بأسف..
" جوازنا هيكون على ورق بس لحد ما اعمل العملية، و لو ربنا أراد و قومت منها يبقي"..
ابتلعت غصة مريرة بحلقها، و تتبعت بصوت يملؤه الألم..
"يبقي هطلقني، و لو مت تبقي تدفني أنت يا عبد الجبار عند أهل أمي!!"..
استمع لها حتي أنهت حديثها، و إنهال على شفتيها و عنقها بشفتيه يلثمهما بحرارة تاركًا عليها إحدي علاماته المميزة التي تستمر بالظهور لأيام،
تخدرت على أثرها جميع حواسها، لمسته لها تجعلها تغرق بأعماق بحر غرامة الذي يمنحها شعور بالإكتفاء الكامل جديد عليها كليًا جعلها تطلق آهة منتشية من بين شفتيها مرددة بخفوت بنبرة متوسلة..
"عبد الجبار أرجوك.. أبعد عني..أرجوك كفايا"..
احتضن وجهها بين كفيه الضخمين أجبرها على النظر لعينيه اللاهثتين، و أخذ نفس عميق كمحاولة منه لأعادة أنفاسه المهتاجة التي سلبتها هي، و تحدث بصوته الأجش المزلزل لكيانها..
"أني مليش صالح بوعدك ل خضرا..أنتى دلوجيت بجيتي مَراتي يعني أني حقك و أنتي كلك من حقي، فلو أنتي مريداش حقي فيكِ، فأني رايد أعطيكِ حقك فيا و مهتنزلش عنِه واصل.. فاهمني زين و لا أقول كمان"...
"لا مش فاهمة".. همست بها بعدم فهم و هي تحرك أهدابها التي تغرقها عبراتها، لتراه يبتسم لها تلك الإبتسامة الجذابة مغمغمًا بمكر..
" يعني أني دلوجيت رچلك..زي خضرا تمام.. ليكي حق في مالي يبجي هچيبلك بيت من بابه اللي يعچبك و تشاوري بيدك عليه،
أچيبلك أغلى و أچمل شبكة تليق ببدر البدور"..
ذاد من ضمها له حتي لصقها به بطريقة حميمية مكملاً بهمس أمام شفتيها المرتجفه..
"أضمك لصدري.. أحاوطك بضلوعي و أزرعك چوه جلبي"..
علقت أنفاسها بصدرها حين سار بأنفه على وجنتها الناعمة الملتهبة من شدة خجلها حتي وصل لأذنها و همس لها ببعض كلمات جعلها تشهق بقوة وأسرعت برفع كلتا يديها تخفي بهما وجهها و هي تقول بتقطع من فرط خجلها..
"اللي بتقوله ده مستحيل يحصل"..
" قد قولك ده يعني!!"..
أردف بها من بين ضحكاته الرجولية التي تدمر حصونها المنيعة، و يده تربت على طول ظهرها ببطء يخطف أنفاسها، و يجعل دقات قلبها تتسارع بجنون، فتطلعت له من بين أصابعها الموضوعه على وجهها، و همست بخفوت كالمغيبة قائلة..
" هحاول أكون قده"..
صمتت لبرهةً و تابعت بستحياء ..
"بس دلوقتي ممكن تحضني تاني"..
"تعالي يا عشج الروح"..
قالها و هو يخطفها داخل صدره بعناق دافئ جعل الأطمئنان يغلف قلبها، و الابتسامة تزين ملامحها رغم بكائها المستمر، فالرجل الحقيقي لا تقاس قوته بحجم عضلاته أو كثرة ماله بل بحجم الضحكة التي يرسمها على وجه أنثاه
يتبع الفصل التالي اضغط هنا
الفهرس يحتوي علي جميع فصول الرواية " رواية جبر السلسبيل" اضغط علي اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق