رواية جبران العشق الفصل الخامس
ها هي تقف بين جمع من السيدات جوارها والدتها تنظر للجميع بتقزز تكاد تتقئ ذلك الجلنف عديم الأخلاق والحياء والأدب خيريها بين أسوء اختيارين وضعها بين المطرقة والسندان حرفيا حين صاح يهددها
Flash back
اقترب منها خطوة تليها أخري وأخري حاولت فتحية النطق بحرف ليرميها بنظرة قاتلة اخرستها تماما ظل يقترب منها إلي أن وقف أمامها مباشرة اغمضت عينيها مذعورة تستمع إلي صوته المخيف يهمس لها متوعدا :
- بصي بقي يا بنت الذوات من اتنين يا تنزلي زي الشاطرة تنضفي الكرشة والممبار بإيدكي الحلوين الناعمين دول مع النسوان اللي تحت
فتحت عينيها علي اتساعهما تقززت قسمات وجهها تحرك رأسها بالنفي سريعا الفكرة نفسها كفيلة بجعلها تدخل في غيبوبة طويلة المدي ... لتري ابتسامته تزداد خبثا واتساعا غمزها بطرف عينيه يتشدق متلذذا :
- يبقي الحل التاني شوفتي أنا طيب إزاي .. هجيب المأذون واكتب عليكي وقتي وتبقي سهرتنا صباحي يا بنت الذوات قولتي إيه
توسعت عينيها هلعا تتزوج مَن ؟ ذلك البربري الهجمي تاجر المخدرات لا بالطبع لن يحدث ستفعل أي شئ آخر عدا ذلك خاصة وهو ينظر لها تلك النظرة المخيفة التي تشبه نظرة أحد ممثلي افلام التحرش القديمة تلجلجت الأحرف من بين شفتيها تهمس مرتعشة :
- هنننزل مع الستتات اللي تحت
ابتعد عنها خطوتين يدس يديه في جيبي سرواله يحرك لسانه علي أسنانه العليا يتمتم ساخرا :
- وماله يا بنت الذوات ... فتحيية خدي الأمورة خدي الأمورة تنضف الكرشة
Back
وضعت يدها علي أنفها لا شئ يُبعد تلك الرائحة المقززة أبدا .... رأت أحدي السيدات تقترب في يدها سكين كبير اقتربت من ذلك المتكوم أمامهم تشقه بعنف من المنتصف لينتفح علي مصراعيه ... وانبعثت الرائحة تضرب رأسها ما أن رأت ما تحوي أمعاء ذلك الحيوان زاغت عينيها لتسقط أرضا فاقدة للوعي صرخت فتحية مذعورة ترتمي بجسدها أرضا جوار ابنتها تصيح مرتعبة :
- وتر يالهوي يالهوي الحقوني يا ناس البت قطعت النفس ، وتر ردي عليا يا بنتي ، الحقني يا معلم جبران
تقدم منهم ينظر للمسطحة أرضا يبتسم ساخرا لم تتحمل فقط الرائحة فسقطت أرضا فاقدة للوعي وأتت لها الجراءة لتستدعي الشرطة للقبض عليه ... اقترب منهم دني قليلا بجذعه يحملها بين ذراعيه ... خفيفة بشكل غريب تدلت ذراعيها بين يديه وهو يتوجه بها إلي شقة والدتها فتحية تهرول الخطي خلفه ... فتحت له باب الشقة تتقدمه سريعا إلي غرفتها تفتح لها بابها ليستند بركبته علي سطح الفراش يضعها فوقه ... ينظر لوجهها وهي نائمة ليبتسم متهكما التفت لفتحية التي تنظر لابنتها مذعورة ليردف في جمود :
- ما تخافيش عليها أوي كدة دي نايمة ... اسمعيني كويس يا فتحية بنتك دا أول يوم ليها وسطينا بداية قصديتها كفر معايا ... خليها تختفي من قدام عينيا خالص لمصلحتها فاهماني يا فتحية
حركت فتحية رأسها بالإيجاب سريعا لينظر لوتر نظرة خاطفة قبل أن يخرج من الغرفة ومن المنزل بأكمله
علي صعيد آخر بعيدا في الصحراء ... صرخت وصرخت تلوت بجسدها بين ذراعيه وهو يحملها تصرخ فيه بقهر وغضب وخوف دموعها تنهمر كالشلال علي وجهها :
- يا حيوان يا قتال القتلة ... نجلاء ، عملتلك ايه عشان تموتها ... أنا عايزة نجلاء حرام عليك ... أنا ماليش في الدنيا غيرها .. حرام عليك ... موتني أنا كمان ، أنا السبب ، أنا اللي قولتلها نهرب .. موتني أنا
امتعضت ملامحه شفقة عليها وهي تبكي كطفلة صغيرة فقدت والدتها وجهها أحمر دموعها تنهمر بعنف تشهق عاليا حتي تختنق أنفاسها وضعها علي فراشها في غرفتها لتضم ركبيتها لصدرها وكأنها لا تشعر بألم قدميها والدماء النازفة منها ... أحضر صندوق الإسعافات اقترب يجلس جوارها ليراها توجه عينيها إليه لحظات وبدأت تصرخ فيه بحرقة :
- حرام عليك موتها ليه دا أنا ماليش غيرها في الدنيا ، كلهم بعدوا عني وسيبوني .. بقيت عالة علي الكل إلا هي ... موتني زي ما موتها ، لو فاكر أنك بتنتقم منهم لما خطفتني تبقي مغفل أبويا وأمي أصلا كانوا عايزين يموتوني هما نفسهم مش عايزني ... منك لله حسبي الله ونعم الوكيل فيك ، ربنا ينتقم منك
ادمعت عينيه بل انهمرت دموعه حالها ذكرها بحاله حين رأي جثة والديه أمام أرضا حمحم بعنف يجلي صوته المختنق يهمس لها :
- ما قتلتهاش ... نجلاء عايشة ... اقسملك عايشة
توسعت عينيها في دهشة شقت ابتسامة كبيرة شفتيها لتمد يديها في الهواء تحاول الإمساك بيديه مد كفيه لها لتشد عليهما حركت رأسها بالإيجاب عدة مرات تردف سريعا بتلهف :
- عايشة ، بجد عايشة ... نجلاء عايشة .. طب هي فين أنا عايزة اشوفها بالله عليك
فتح صندوق الإسعافات يخرج منه معقم وشاش ورباط طبي يغمغم في هدوء :
- هخليكي تشوفيها بس استني اعقم جرح رجلك
توجست ملامحها خيفة منه لم يصدر منها ردا لا بالإيجاب ولا بالرفض فأعتبر صمتها موافقة علي ما قال فحص جرحها خوفا من وجود قطعة زجاج عالقة فيه ولم يجد سوي القطعة الكبيرة التي جذبها هو قبلا وضع بعض المعقم علي قطعة قطن صغيرة يحركها علي طول جرحها بخفة لتنكمش ملامحها ألما تضم كف يدها لم يكن يهمها في تلك اللحظة سوي أن تري نجلاء بأي شكل كان فقط تتأكد أنها علي ما يرام وكل شئ سيصبح بخير ... انتهي من تنظيف جرحها يلفه لها بالشاش رفع وجهها يسألها متهكما :
- جوزك دا بقي بيحبك أو أنتي بتحبيه
قطبت ما بين حاجبيها مستنكرة سؤاله للحظات غطي الألم حدقتيه ارتسمت ابتسامة باهتة علي شفتيها تغمغم بخواء فارغ :
- مالكش دعوة !
رفع كتفيه لاعلي مط شفتيه قليلا يغمغم ببساطة :
- لاء ليا أنا شخص فضولي ، لو ما قولتليش مش هخليكي تشوفي نجلاء
تنهدت تزفر أنفاسها حانقة لتغمغم محتدة :
- ايوة بحبه وبيحبني ارتحت كدة
صمت ما قابلها بعد ذلك كان صمت من ناحيتها ، صمت اقلقها خاصة وهي تشعر بحركته وأنفاسه تقترب تضاربت دقات قلبها تزحف بجسدها للخلف حتي ارتطمت بظهر الفراش شعرت به قريب للغاية أنفاسه تضرب أذنيها وصوته همسه يقشعر له جسدها حين غمغم يهمس ساخرا :
- بيجاد التهامي ما بيحبش حد ، دا شخص أناني معدوم الضمير مستعد يدوس علي الكل عشان مصلحته ، صدقيني أنا عارفه كويس ...
حركت رأسها بالنفي بعنف زوجها ليس كذلك ... صحيح أنه لا يحبها تزوجها فقط من أجل الأموال التي عرضها والدها عليه ليرضي ويتجوز بالأميرة الكفيفة ولكنها تحبه للأسف تحبه منذ أن كانت مراهقة صغيرة لم يعرف قلبها غيره احتد صوتها تصيح فيه :
- ما اسمحلكش تتكلم عنه بالشكل دا ، دا ابن عمي وجوزي ... لو كان موجود دلوقتي ما كنتش اتأجرت وعملت اللي عملته
وضحك تعالت ضحكاته يسخر مما قالت شعرت به يبتعد عنها ... وقف أمامها يضع يده علي خاصرته يتشدق ساخرا :
- وهو فين بقي ابن عمك وجوزك وحبيبك راميكي ليه ... يا ماما فوقي انتي ما تفرقيش معاه
أغمضت عينيها وتجسدت الحسرة علي قسمات وجهها يطعن الألم قلبها وملامحها وكأنها أسودت من الحزن والالم رأي دمعات بسيطة تهطل من خلف جفنيها المغلقين تومأ برأسها بالإيجاب تحشرجت نبرتها تهمس بحرقة :
- عندك حق أنا ما افرقش معاه ، ما افرقش مع حد خالص ، تعرف أنا حبيته ولسه بحبه ... بحبه أوي ، رغم أنه اتجوزني في صفقة مع بابا بس لسه فاكرة وهو بيبوس رأسي بعد كتب كتابنا و بيقولي مبروك يا عروسة ... أرجوك خدني عند نجلاء كفاية كدة
شحبت ملامحه ألما وندما علي حالها حين قرر إيذاء الشياطين اختار الملاك الوحيد بينهم ... ملاك حزين يتألم مثله ... اقترب منها مد يده يمسك بكف يدها لتسحب كفها من يده بعنف مسحت دموعها بكفي يدها تردف محتدة :
- أنا حافظة الطريق لبرة الأوضة
أمسك كفها من يدها يجذبها برفق من الفراش حاولت أن تتملص من كفه بعنف ليصيح متأففا :
- عشان رجلك مش هتعرفي تدوسي عليها ، اسندي علي إيدي
احتدت قسمات وجهها تبدو غاضبة للغاية منه استندت علي كف تسرع خطاها إلي الخارج لم تكن تكذب سريعا حفظت طريقها بقدرة اذهلته هو شخصيا ، فتح الباب ليراها تلتف برأسها هنا وهناك وكأنها تبحث عن بصيص ضوء أمانها في الظلام .. قامت نجلاء من مكانها علي الأريكة ما أن رأتها تقدمت بخطي سريعة ناحية وتر لترتمي الأخيرة بين أحضانها تشهق في بكاء بعنف تتحسس وجهها بيديها تردف بحرقة :
- نجلاء أنتي عايشة صح .. صح أنتي ما سبتنيش ... انتي هنا
انهمرت الدموع من عيني نجلاء تضم رسل لأحضانها تحاول أن تطمئنها تمسح علي رأسها برفق تحادثها بحنان :
- ايوة يا رسل ، ايوة يا حبيبتي ما تخافيش أنا هنا ... تعالي يا بنتي اقعدي عشان رجلك
اخذت يدها من يد عز تعود بها إلي غرفتها ، في حين وقف هو ينظر لكفه حيث كانت تستند شد قبضته الأخري يغمض عينيه ضرب قبضته في الحائط بعنف يضع يده علي فمه يجهش في بكاء صامت حاد ... ليترك المكان بأكمله يخرج راكضا
وضعت رسل رأسها بين أحضان نجلاء ترتجف من الخوف تتمسك بها كالقطة الصغيرة ارتجفت نبرتها تسألها :
- هو ايه اللي حصل يا نجلاء ، مش احنا كنا هربنا منه ، مش كان نام زي ما قولتيلي
خرجت تنهيدة طويلة متعبة من بين شفتي نجلاء تحرك رأسها بالإيجاب تغمغم في عجب :
- ايوة يا بنتي ، أنا كمان مش فاهمة ايه اللي حصل هو شرب بوقين من العصير وبعدين لقيت راسه ميلت ونام فجاءة واحنا بنجري لقيته ظهر قدامي من خوفي منه صرخت ... هددني اني لو ما رجعتش البيت هيقتلك ... سمعت ساعتها صرختك .. جيت احط انادي عليكي حط ايده علي بوقي وهددني انه هيموتك ... خوفت عليكي وجريت علي البيت ..وبعدين سمعت صوتك بتصرخي وهو شايلك وجاي بيكي علي البيت
همهمت تحرك رأسها بالإيجاب الآن فقط فهمت ما حدث ذلك الثعلب شك في أمرهم رشفتين من العصير لم يكن لهما أدني تأثير عليه الوغد عديم المشاعر خدعها بموت نجلاء كانت لتموت لو حدث لها مكروها أغرقت رأسها بين أحضان والدتها تهمس بنبرة خاملة خائفة :
- اوعي تسيبني أبدا يا نجلاء ، أنا ماليش غيرك في الدنيا ... كلهم رموني مش عايزني
ادمعت عيني نجلاء تنظر لها مشفقة حزينة تطمأنها أنها لن تتركها ابدا ، رفعت عينيها تنظر للواقف عند باب الغرفة ينظر لها هو الآخر حزينا مشفقا عازما علي تغيير الكثير مما كان ينوي عليه
في صباح اليوم التالي
حركت رأسها بعنف للجانبين أصوات غريبة غير مألوفة تتسلل لرأسها بعنف أصوات مزعجة وكأنها تصرخ
( خزززززين يا بصصصصصل
مجنوووووونة يا قووووطة )
( أي حاجة بلاستيك باتنين ونص قربي يا مدام ، تعالي يا عروسة ... دي صناعة بلدنا )
( عرررررايس يا بتنجان ، البتنجان العرايس لاحلي عرايس والتلاتة بعشرة )
تأففت تحرك رأسها بعنف علها تُبعد تلك الأصوات المقززة ... فتحت مقلتيها فجاءة تنظر حولها ترمش بعينيها عدة مرات سريعا تحاول أن تتذكر ... تلك ليست غرفتها شئ فشئ وضرب سيل من الذكريات رأسها ... انكمشت ملامحها في اشمئزاز حين تذكرت آخر ما حدث ، قربت أنفها من ثيابها تشتمها بتقزز رائحتها مزيج مقزز من الطين والعرق وغبار المكان المقزز ورائحة عطر غريب اشتمتها قبل فترة قليلة ما كادت تتحرك وجدت هاتفها يدق نظرت للطارق لتجده طارق صديق الجامعة جلست تعدل خصلات شعرها تحمحم تجلي صوتها فتحت الخط تضع الهاتف علي اذنها تهمس بصوتها الناعم ! :
- هاي صباح الخير يا طارق
سمعت صوته يردف متغزلا :
- صباح الورد والفل والياسمين ايه يا بيبي مش هتيجي الجامعة ولا إيه دا أنا مستنيكي من ستة الصبح
توجست ملامحها خيفة من أن يكن خبر ما فعل والدها قد انتشر في الجرائد وعلي صفحات التواصل الإجتماعي بالطبع ذلك سيحدث زفرت أنفاسها بعنف تحاول أن تردف برقة :
- تؤ I am out of mood ممكن اجي بكرة
تهدلت نبرة صوته حزنا يغمغم :
- ولو إني هموت واشوفك النهاردة بس ماشي هستناكِ بكرة .. باي يا بيبي
ودعته تغلق معه الخط لتزفر أنفاسها حانقة تشد علي خصلات شعرها بغيظ ... توجهت إلي شرفة غرفتها تفتحها تنظر بتقزز للمشهد الرائع الذي تطل عليه غرفتها الحارة بكل ما فيها من عشوائية وهجمية تكاد تقتلها ... لمحته عينيها يقف أمام طاولة كبيرة خارج المحل يمسك بآلة غريبة لا تعرفها ينحت في قطعة خشب ملقاة أمامه .. تتحرك يديه بخفة فنان محترف ... رأت ذلك الشاب صاحب الأعين الزرقاء يقترب منه يعطيه كوب من الشاء ليلكزه جبران يشير له لفتاة تخرج من احدي العمائر القدمية لمعت عيني الشاب ما أن رآها ليهرول خلفها سريعا يسرع الخطي إليها ! لتقطب جبينها تتسأل ماذا يريد ذلك الرجل منها ولما يبدو متلهفا لتلك الدرجة حين رآها ... شعرت في تلك اللحظة بأعين مسلطة عليها تحركت بعينيها ناحية جبران لتراه ينظر اليها مباشرة !
نظراته كانت مزيج غريب من الخبث والوعيد غمزها بطرف عينيه لتبتلع لعابها مرتبكة دخلت إلي غرفتها توصد باب الشرفة ... خرجت من الشرفة ومن الغرفة بأكملها تبحث عن والدتها في الشقة لم تجدها وجدت صينية مغطاه بقماشة زاهية اللون كشفتها لتقطب جبينها مدهوشة ذلك الطعام تراه فقط في التلفاز معدتها لن تتحمله ارتمت علي أحدي الارائك تخفي وجهها بين كفيها تزفر أنفاسها بعنف والدها كان محق هي لن تستطيع العيش هنا لن تستطيع أبدا !
علي صعيد آخر في مكان قريب منهم تحركت أمل ناحية موقف السيارات لتأخذ سيارة أجري كبيرة ما يطلق عليها اسم ( ميكروباص ) اليوم أولي امتحانات المعادلة الخاصة بها طوال الطريق تدعو في نفسها أن تستطيع أن تجيب عن جميع الأسئلة عليها أن تحصد درجات عالية لتلتحق بالجامعة جلست علي أول اريكة بالداخل جوار النافذة لتشعر بأحدهم يجلس جوارها نظرت له لتشحص عينيها في ذهول حين رأته يجلس جوارها ذلك الوقح ألم يكتفِ بصفعة واحدة اشاحت بوجهها بعيدا وكأنها لم تره من الأساس انتظرت بضع دقائق إلي أن امتلئت السيارة ليصعد السائق خلف المقود الذي ما أن رأي حسن استدار له يغمغم مرحبا وكأنه رأي وزيرا :
- اهلا اهلا بالمعلم حسن ، دا الميكروباص نور والله أخبار المعلم جبران ايه ، احنا كلنا صبيانه وفي خدمته هو بس يأشر
رفع حسن يده يربت علي صدره ابتسم يغمغم ببساطة :
- تسلم يا شكري دا من ذوقك يا أبو الكرم اتكل علي الله يلا واطلع
حرك الرجل رأسه بالإيجاب يرحب به للمرة الأخيرة بحرارة قبل أن يدير محرك السيارة الضخمة ينطلق بها يعلو بصوته يحادث الركاب :
- الأجرة مع بعض يا حضرات ما عدا أنت يا معلم حسن عندي دي المرة ، واحدة من جمايلكوا علينا إنت والمعلم
قلبت أمل عينيها ساخرة من الموقف برمته فتحت حقيبة يدها تأخذ منه ثلاثة جنيهات تمد يدها لها بالسائق ليردف الأخير يعيد جملته :
- الأجرة مع بعض يا آنسة
تأففت حانقة خاصة حين رأت أن الركاب من الخلف يعطون النقود لحسن الجالس جوارها ينظر لها بجانب عينيه يرفع حاجبه الأيسر يراقب ما تفعل لم تعرف ما تفعل مدت يدها بالنقود إلي حسن ليلتفت برأسه إليها نظراته حادة غاضبة همس بصوت حاد يتوعدها :
- شيلي فلوسك أحسن قسما بالله ما هخليكي توصلي الإمتحان بتاعك
تهدجت أنفاسها غضبا مما يفعل لتوجه انظارها للسائق تصيح محتدة :
- علي جنب يا اسطا
قتمت حدقتيه السوداء كاد السائق أن يوقف السيارة حين حادثه حسن محتدا :
- كمل يا شكري ما تقفش ... لسه الآنسة محطتها ما جاتش
تدلي فمها في دهشة حين رأت السائق يكمل طريقه وكأنها لم تقل شيئا ... نظرت حولها رأت الركاب حولها يرمقنها بنظرات ما بين شك وحيرة وشفقة ... زفرت أنفاسها تستند برأسها إلي النافذة المغلقة جوارها تغمض عينيها يآسة لا فائدة !
في الجامعة في أحدي المقاهي التي يرتداها النخبة وأبناء صفوة المجتمع علي أحدي الطاولات يجلس جمع صغير مكون من عدة فتيات وثلاث شبان يتوسطهم طارق النويري الذي يوجه أنظاره لهاتفه .. رفع وجهه حين لكزه صديقه الجالس جواره يحادثه ضاحكا :
- ايه يا طروقة مالك مش مركز معانا ليه ، معقول وتر الدالي سرقت قلب طارق النويري بالسرعة دي
ابتسم طارق ابتسامة ملتوية يلتقط كوب العصير الموضوع أمامه يرتشق منه القليل من خلال القشة الصغيرة وضع ساق فوق أخري يضطجع بظهره إلي ظهر المقعد يتمتم ساخرا :
- لاء وأنت الصادق فلوس سفيان الدالي هي اللي سرقت قلب طارق النويري
تعالت الضحكات من الجمع القليل الجالس ليردف الشاب مرة أخري :
- بس أنا سمعت أن سفيان الدالي فلس وخد قرض كبير وهرب برة البلد
حرك طارق رأسه بالنفي يتشدق متهكما :
- دي إشاعات هبلة لو كان حصل حاجة زي دي كنت هتلاقي الخبر مالي الجرايد و السوشيال ميديا ، سفيان الدالي عنده فلوس لو رصها فوق بعض هتعدي برج خليفة
اسبلت أحدي الفتيات أهدابها الكثيفة تلف أحدي خصلات شعرها الأشقر المصبوغ حولها أصابعها تغمغم حانقة :
- بس علي فكرة وتر مش حلوة ، أنا لو ولد أبدا ما ابصلهاش حتي لو باباها عنده مليارات
صدحت ضحكات طارق العالية قرب مقعده من مقعدها يلف ذراعه حول خصرها مال برأسه ابتسم في خبث يتشدق ساخرا :
- ماهي ، بيبي الجامعة كلها عارفة أنك بتغيري من وتر ، عشان خدت منك جايزة الجمال الهبلة بتاعتكوا دي السنة اللي فاتت
اشتعلت عيني ماهي غضبا كادت أن تقول شيئا حين طبع طارق قبلة سريعة علي رقبتها يهمس لها بولة أجاد تزيفه :
- بس أنتي في عيني أحلي بنت في الدنيا
أرضت كلماته غرورها فارتسمت ابتسامة مغترة تعلو ثغرها تسبل رموشها ترفرف بها بوداعة تكاد تطير من الغرور ابتعد طارق يعتدل في جلسته لمعت عينيه يغمغم في خبث :
- الدنيا كلها عارفة أن وتر هي نقطة ضعف سفيان الوحيدة مستعد يعمل أي حاجة عشان خاطر وتر حبيبة بابي ، لما وتر تبقي خاتم في صباعي هتتوسطلي عند أبوها من خلالها هتحكم في اللي أنا عايزه من أملاك سفيان ما هو مش هيقدر يزعل بنته وجوز بنته
خرجت شهقة حادة من بين شفتي ماهي قبضت علي ذراعه تصيح فيه محتدة :
- هتتجوزها يا طارق أنت اتجننت
نظر لكف يدها التي تقبض علي ذراعه ليمد يده يجذبه بخفة يجلسها علي قدميه !!! مد يده يمسح علي وجنتيها بخفة يغمغم ساخرا :
- جواز مصلحة يا بيبي ... أعوض بيه الخسارة اللي وقعت علي دماغي بسبب بيجاد باشا اللي خد شركات السياحة كلها مقابل أنه يتجوز رُسل العامية ... الشركات دي كانت من حقي أنا
بس معلش ملحوقة وسفيان الدالي وبنته هيعوضوا كل الخساير !!
توقفت سيارة الأجرة أخيرا علي أحد جانبي شارع رئيسي نزل حسن ومن بعده أمل التي أسرعت الخطي تحاول الابتعاد عنه ولكنه كان كظلها يتبعها إينما ذهبت وقفت فجاءة التفتت له تنظر له كارهة نافرة شدت علي أسنانها تهمس له محتدة :
- أنت عايز مني إيه يا حسن ما تسيبني في حالي بقي
ابتسم في هدوء يدس يديه في جيبي سرواله الجينز رفع كتفيه يردف ببساطة :
- أنتي عارفة أنا عاوز منك ايه ، وعارفة إني مش هسيبك في حالك غير لما توافقي
شدت أصابعها علي الكتاب في يدها احمرت عينيها تحاول الا تبكي في الشارع ... ليحمر وجهها بالكامل منعت نفسها بصعوبة من أن تصرخ في وجهه لتهمس في غيظ :
- وأنا مش عيزاك أفهم بقي ، أفهم أنا مش عايزة غير إني أكمل تعليمي وبس سيبيني في حالي في ألف بنت في الحتة تتمناك بس أنا لاء ، اعملك ايه عشان تحل عني
- وافقي نتجوز
غمغم بها ببساطة وكأنه يدعوها لكوب من الشاي ... توسعت حدقتيها في ذهول مما قال في حين دني هو برأسه قليلا يردف بهدوء يحاول أن يستمع لنصيحة جبران :
- وأنا مش عايز من الألف دول غيرك يا أمل ... لو علي تعليمك أنا موافق أنك تكمليه ، لو دي حجتك أنا موافق واقسملك إني عمري ما همنعك عنه ، ها قولتي ايه نتجوز بعد ما تخلصي امتحانات
رفعت كفها الأيسر تمسح وجهها بعنف تحادث جلمود صخر لا يفهم حركت رأسها بالنفي بعنف تحادثه غاضبة :
- لا يا حسن مش هنتجوز ، أنا مش هتجوز بلطجي وتاجر مخدرات . أنا عايزة اتجوز شخص طبيعي مش مهم غني ولا فقير المهم يكون شريف ومحترم ، فلوسه حلال حتي لو قروش ... أنت فلوسك كلها حرام من تجارة الحشيش والمخدرات والبلطجة والفردة اللي عملينها علي البياعين ... أبعد عن طريقي يا حسن أنا وأنت مش شبه بعض
تحركت إلي مدرستها ما أن قالت له ما قالت تتمني فقط لو أن كلماتها تؤثر فيه عله يبتعد عنها ، ثبتت مكانها حين علا بصوت يحادثها :
- أنا هستناكي علي القهوة اللي قدام المدرسة ركزي في الامتحان كويس
زفرت أنفاسها حانقة تسرع خطاها للداخل
في الحارة تعبت من الالتفاف حول نفسها .. لا خبر واحد عن قضية والدها وذلك الشئ حقا عجيب ولكن سعيد في الآن ذاته ، هكذا لن يعرف أحد ما حدث ستظل وتر هانم الدالي كما كانت دون أن تهتز صورتها ولكنها سئمت من المكوث هنا وشعرت بالجوع وذلك الطعام ليس بكافي ... توجهت إلي حقيبة ثيابها تبحث بينها عن شئ ترتديه وكعادتها بدأت تُلقي كل ما في الحقيبة إلي أن افرغتها حولها أرضا ارتطمت يدها بشئ غريب في جيب الحقيبة قطبت جبينها تفتح الجيب لتتوسع عينيها في ذهول حين رأت مبلغ ضخم من المال يرتص جوار بعضه يعلوه ورقة صغيرة بيضاء فتحتها سريعا لتجد رسالة أخري من والدها
( وتر يارب تكوني لقيتي الرسالة دي ، الفلوس دي أنا سايبها ليكي ، حاولي تخليها تكفيكي لحد ما أرجع ، خدي بالك يا وتر ما تروحيش بيها أي بنك .. وما تصرفيش مبالغ كبيرة مرة واحدة عشان البوليس ما يشكش فيكي ... أنا هرجع كويس يا حبيبتي ، خلي بالك من نفسك )
توسعت ابتسامتها تضم الورقة لأحضانها تضحك من شدة سعادتها تقبل الورقة مرة بعد أخري تردف سعيدة :
- حبيبي يا بابي أنا كنت واثقة أنك مش هتسيبني كدة أبدا ...
سحبت جزء يكفي من الأموال تغلق جيب الحقيبة تضع فيها الملابس من جديد تغلقها جيدا حملتها تضعها في دولاب ملابسها تغلقه بالمفتاح القديم وقفت تستند بظهرها إلي دولاب الثياب تبتسم سعيدة توجهت تبدل ثيابها علي أقل تقدير ستحصل علي إفطار يليق بها الآن ....
بدلت ثيابها إلي بنطال من الجينز ممزق من عند القدمين و« تيشرت أسود » بربع كم صففت شعرها كذيل الحصان وضعت نظارتها الشمسية فوق رأسها تأخذ طريقها للخارج نزلت تهرول علي درجات السلم خرجت من البوابة تتحرك بثقة لتتوجه أنظار الجميع إليها ينظرون إليها ما بين تهكم ودهشة واستياء ... لمحتها والدتها الجالسة هناك علي مقعد صغير من الخشب أمامها فرشة كبيرة يعلوها الخضروات لتشهق مصعوقة ضربت بيدها علي صدرها تغمغم مذعورة :
- يا نهار ابوكي أسود ايه اللي انتي مهبباه دا يا وتر
قامت تهرول إليها وقفت أمامها تعترض طريقها قبضت علي ذراعها تحركت عيني فتحية تجوب ملابس ابنتها الشبه موجودة تغمغم مذعورة :
- ايه اللي أنتي مش لابساه دا يا وتر .. يا بنتي أحنا هنا في حارة مش في فيلا أبوكي ... اطلعي بسرعة غيري الملط دا
تأففت وتر تعقد ذراعيها أمام صدرها تحرك ساقها اليسري بحدة تغمغم بامتعاض :
- ماما أنا هدومي كلها كدة ، دا style لبسي وبعدين أنا هروح اجيبلي فطار ياكله بني آدمين مش القرف اللي فوق دا ، وما تقلقيش أنا معايا فلوس
كادت فتحية أن تقول شيئا حين أصفر وجهها فجاءة لتشعر بحرارة جسد تأتي من خلفها توجست عينيها قلقا التفتت برأسها ببطئ خلفها لتجد الوقح عديم الأخلاق يقف خلفها لا يفصله عنها سوي بضع خطوتين علي الأكثر يكتف ذراعيه أمام صدره يقيمها بنظراته رفع سبابته وإبهامه يحركهم علي طول ذقنه يغمغم ساخرا :
- دا مولد سيدي العريان ، ايه اللي بنتك مش لابساه دا يا فتحية ، اوعي تكون رقاصة ومفهماكوا أنها بتشتغل ممرضة
تلعثمت الأحرف بين شفتي والدتها في حين انفجرت الدماء في عروق وتر التفتت له بجسدها وأمام الحارة بأكملها كان كفها يهوي علي وجهه !!
يتبع الفصل السادس اضغط هنا
الفهرس يحتوي علي جميع فصول الرواية كامله" رواية جبران العشق" اضغط علي اسم الروايه
تعليقات
إرسال تعليق