رواية شمس الحياة الفصل الرابع 4 بقلم روان سلامة
رواية شمس الحياة الفصل الرابع 4 بقلم روان سلامة
Rawan Salama:
#شمس_الحياة
الفصل الرابع:
عيناك.. آخر مركبين يسافران
فهل هنالك من مكان؟
إني تعبت من التسكع في محطات الجنون
وما وصلت إلى مكان..
عيناك آخر فرصتين متاحتين
لمن يفكر بالهروب..
وأنا.. أفكر بالهروب..
في الوقت الحاضر:
بعدما أوصل نديم روجين إلى المنزل توجه صوب المبنى القديم الذي أمر الحرس الخاصين به أن يضعوا فيه آدم الشرقاوي، كان مخزن قديم من مخازن البضائع الخاصة بالشركات ولكنه مهجور منذ أكثر من ست سنوات، نزل نديم من سيارته بكل شموخ واعتزاز بنفسه، وقال للحرس المنتظرين أمام الباب:
_عملتوا فيه زي ما قلتلكوا؟
_آه يا نديم باشا جبناه وربطناه جوا وقاعد يزعق من ساعتها.
_طب حلو أوي أنا هدخل جوا ومحدش ييجي ورايا مهما حصل غير لو أنا أمرت بده.
أومأ الحرس بطاعة ودخل نديم إلى المخزن فرأى آدم يجلس على كرسي خشبي قديم ويداه وقدماه مقيدتان بإحكام، هتف نديم بتهكم وهو يصوب نحوه أنظاره الحارقة:
_في إيه مالك كده عندك رهبة من المكان أوي وعامل صداع للرجالة اللي برا.... إيه خفت على نفسك؟
أردف آدم في محاولة لعدم إظهار خوفه:
_أنا مبخافش من حد.
استطرد نديم حديثه بذات التهكم:
_لأ وهو باين بصراحة بس أنا رأيي إنك تخاف عشان أنا هبقى الكابوس بتاعك في الحياة اللي هيطاردك طول عمرك.
قال بسخرية:
_إيه يعني هتضربني دلوقتي طبعا.
أردف نديم بغموض:
_لأ لأ...أولا دي طريقة قديمة أوي ثانيا مش نديم المنزلاوي اللي يضرب واحد وهو مربوط قدامه، أنا ممكن أضربك بس بعد ما أفكك وبصراحة أنت متستاهلش المجهود ده كله أنا بقى هعمل حاجة أحلى من ده كله هفاجأك بيها.
_على فكرة بقى أنا ممكن أرفع عليك قضية خطف.
أردف نديم بتهكم:
_ترفع عليا أنا قضية خطف! أنت عبيط يا ابني ده أنت لسه ضارب نار على ابن عمي.
قطع حديثه وهو يوجه أنظاره صوب الباب قائلا بصوت مرتفع:
_جابر تعالى وهات الرجالة فكوه وامشوا ورايا بالعربية.
*********
بعد وقت ليس بطويل كانت السيارات تقف أمام قسم الشرطة فصعد نديم للدور العلوي وطرق الباب ودخل مسرعا إلى صديقه سيف، بدأ حديثه وكأن شيئا لم يحدث معهم:
_ازيك يا سيف أخبارك إيه؟
نظر له الآخر بتعجب مردفا:
_أنت بتستهبل يا ابني أنا كنت لسه معاك من ساعة في المستشفى..... في حاجة حصلت وبعدين هو مش ده اللي بوظلك الفرح ؟!
هتف بنفس الهدوء المنحرف نحو البرود:
_آه هو، بص بقى أنا عايزك تفتحلي دلوقتي محضر رسمي.
_حاضر يا سيدي اتفضل قولي إيه اللي حصل عشان أكتب ما أنا أكيد مش هكتب من وحي خيالي.
أخذ يقص عليه نديم كل ما حدث وبعدما انتهى هتف سيف قائلا:
_خلاص أنت كده تقدر تروح واحنا ناخده نروقه بقى عشان نعرف إيه أساس القصة دي كلها ولو حصل جديد كلمني.
_خلاص أنا هعدي عليك بكرا بقى سلام.
عاد نديم إلى المشفى مرة أخرى فرأى وِقَّاص ويوسف نائمين على مقاعد الانتظار أمام الغرفة فتوجه هو صوب غرفة يزيد واقفا أمام الزجاج الخارجي متحدثا إليه، ولأول مرة تظهر لمحة الانكسار بصوته خلال الساعات الماضية، فهو حاول كثيرا التحلي بالهدوء ولكنه لم يعد يتحمل هذا فيزيد يعني له الكثير، هتف وهو يتحسس الزجاج بأنامله:
_أنا خدتلك حقك يا ابن عمي يلا قوم وارجع لينا تاني يوسف مش هيتحمل أنه يخسرك ولا أي حد من العيلة بقى حمل أنه يتحمل موت وفراق تاني.
******
جلست روجين في غرفة نديم وهي تتطلع حولها، كانت الغرفة تمتاز بألوانها الداكنة قليلا، مكونة من السرير والخزانة الكبيرة وبجانب الشرفة يوضع تسريحة سطحها فارغ إلا من بعض أنواع العطور الرجالية.
يوجد حائط به صور له مع ناردين وصورة مع والديه، كم كان صغيرا بها، يوجد أيضا لديه صور مع جميع أفراد العائلة على هذا الجدار، لكن يوجد شخصين لم تعرفهما من هذا الشاب إنها لأول مرة تراه؟ وهذه الفتاة أيضا؟ لكن لفت أنظارها مظهر عينيها الرائعتين فهي لم تستطع معرفة إذا كان لونها أخضر أم أزرق وكأنها فيروزية اللون.
بعد وقت قليل جلست على السرير تفكر في كل ما يحدث معها منذ خمسة اشهر كيف أقنعت والدها بالموافقة على هذا الزواج السريع، وكيف قابلت نديم لأول مرة وتعرفت على عائلته، وتتذكر كيف كانت ستدمر هذه العائلة اليوم بسبب علاقتها السابقة مع آدم، وبعد ما أرهقها التفكير غطت في النوم فهي لم تنم بسبب التوتر منذ يومين إلا نوم متقطع لبعض الساعات القليلة.
****
في صباح اليوم التالي كانت الصحف كلها والمجلات المخصصة لأخبار رجال الأعمال تعج بأخبار عديدة عن ليلة البارحة بعناوين مختلفة والجميع يذكر نفس السؤال "هل ستفقد هذه العائلة حفيدا آخر من أحفاد المنزلاوي وهل ستتحمل هذه العائلة أن تفقد شخصا آخر؟ ألم يكف الألم الذي تعرضت له منذ ثلاث سنوات؟ ومن هو المتسبب بدمار حفل زفاف أكبر أحفاد المنزلاوي؟"
*******
استيقظت روجين وارتدت بنطالا باللون الأسود وكنزة باللون الأبيض عليها بعض الكتابة السوداء اللون، أكمامها تصل إلى منتصف ذراعها، أدخلتها بالبنطال.
وارتدت حذاءا رياضيا أسودا مع حقيبة سوداء وتركت شعرها دون أن ترفعه لتداعبه نسمات الهواء، بعدما انتهت نزلت للأسفل تنتظر البقية لكي تذهب معهم وقررت الاتصال بنديم، أخيرا أتاها رده بعد محاولتين بصوت ناعس قائلا:
_ألو حصل حاجة يا روجين كلكو كويسين؟
_آه احنا كويسين أنا بس كلمتك عشان أطمن على يزيد وأشوفك كويس ولا لأ...هو أنت كنت نايم؟
_آه نمت وأنا قاعد.... ويزيد وضعه مستقر الدكتور قال ممكن يفوق في أي لحظة.
هتفت وبسمتها الهادئة تظهر على محياها:
_طب الحمد لله أنا بس مستنية ناردين أو أي حد ينزل عشان أجي معاه المستشفى عشان أنا مش عارفة أجي لوحدي.
_تمام متشيليش هم هو إنشاء الله هيبقى كويس يلا سلام.
_سلام.
أنهت روجين حديثها معه فرأت ناردين تخرج من غرفتها، كانت ترتدي بنطالا جينز لونه غامق قليلا وكنزة باللون الماروني ذات أكمام تغطي يديها، ورفعت شعرها الأشقر على هيئة ذيل حصان، قالت روجين مسرعة حين رأتها:
_أخيرا في حد نزل.
أردفت ناردين قائلة:
_مجيتيش ليه خبطتي عليا أنا صاحية بقالي شوية بس كنت بلبس ومستنية زياد وكريم عشان نروح المستشفى.
_ما هو أنا معرفتش أنهى اوضتك وكنت عايزة أروح المستشفى.
_خلاص استني هتلاقيهم نازلين دلوقتي وهنروح كلنا مع بعض.
بعد عدة دقائق نزل الجميع وتوجهوا في طريقهم إلى المشفى ولكن لم بنبس أي منهم ببنت شفة بخصوص هذه الأخبار التي ملأت المجلات ومواقع الإنترنت وكأن كل منهم ينتظر الآخر ليبدأ هو الحديث، فلم يملك أي منهم الشجاعة الكافية للحديث بهذا الموضوع حتى روجين لم تقدر على السؤال فالوضع يظهر أن هذه العائلة تعرضت لألم كبير قبل سنوات قليلة.
بعد وقت قليل توقفت السيارة أمام المشفى وصعد الجميع إلى غرفة يزيد فوجدوا الطبيب بالغرفة فدب الخوف في قلوبهم جميعا.
سأل زياد سريعا:
_هو الدكتور جوا ليه في حاجة حصلت؟
طمأنه وِقَّاص قائلا بسعادة:
_لأ متقلقش يزيد فاق والدكتور هيطمنا عليه دلوقتي بس يوسف جوا واقف جنبه مش راضي يسيبه أبدا.
ذهبت روجين بسرعة وتلقائية واحتضنت نديم وهي تقول بصوت منخفض قليلا:
_الحمد لله أن هو قام بالسلامة.
لا يعلم لماذا تسلل هذا الشعور بالراحة إلى داخله وهي ساكنة بين أحضانه، فهو كل يوم يكتشف بها شيء يثير اهتمامه والأهم من ذلك يحرك مشاعره تجاهها،
ابتعدت هي عنه سريعا عندما أدركت الوضع وكانت هناك أعين حاقدة تتابع ما يحدث بينهما ....أعين تتمنى الشر لهما...وتتمنى الدمار الشامل لسليمان المنزلاوي وعائلته جميعا.
قال لها نديم مشاكسا:
_بعدتي ليه أنا كنت مرتاح في الأول.
احمرت وجنتاها من الخجل وأخذت تفرك يديها ببعضها وهي تحاول إيجاد بعض الكلمات لتتفوه بها، فاستطرد هو قائلا:
_خلاص يا بنتي في إيه أنا هسكت خالص أهو ومش هقول حاجة.
بعد بضع لحظات ذهب نديم إلى الداخل لرؤية يزيد، ذهبت ناردين و صبا إلى روجين و هما تبتسمان بخبث، هتفت ناردين ممازحة:
_أنتي عملتي كده من أول يوم جواز مع نديم الله يكون في عونك بقى يا بنتي على اللي هتشوفيه.
شاركتها صبا ممازحة:
_أنتي عملتي كده عشان كلمتين أومال لو ضحكلك يا بنتي هتعملي إيه؟
أردفت ناردين بمزاح:
_هتتعود يا بتاعة وِقَّاص.
قاطع وِقَّاص حديثهم قائلا:
_مين بيجيب في سيرتي وبعدين يا بت أنتي ما تسيبيهم في حالهم شوية مش حاسة إنك قلبتي على ماري منيب أوي يعني.
تصنعت ناردين الحزن قائلة:
_أنا يا وقاص طب ده أنا سكر العيلة أصلا.
أردف زياد متذمرا:
_انتي سكر العيلة! أومال أنا أبقى إيه يعني .....بت أنتي بقولك إيه أنتي زيادة عدد أصلا يلا امشي من هنا.
قالت روجين وصبا في صوت واحد:
_الكلام ده كان زمان قبل ما إحنا ندخل العيلة.
نظرت الثلاث فتيات لبعضهم وانفجروا ضاحكين، ثم هتف وِقَّاص قائلا:
_ده إحنا شكلنا هنشوف أيام حلوة اوي.
_لو سمحتوا يا جماعة إحنا في مستشفى مينفعش الصوت ده.
هتف الطبيب بهذه الجملة بغضب فكانت أصواتهم تملأ المشفى، وبعد أن ذهب نظر الجميع لبعضهم ثم ضحكوا مرة أخرى.
******
في الغرفة كان يزيد ينام على السرير ويوسف يقف بجواره، ويجلس نديم أمامه على الكرسي، فقال لهم يزيد بتأفف:
_ما تخرجوا برا بقى أنا اتخنقت، واحد واقف على دماغي والتاني قاعد يراقب تعبيرات وشي مش كده يا جماعة.
فجأة دخلت ناردين قاطعة حديثه وتبعها زياد إلى الغرفة واحتضن كل منهما يزيد من جانب، تأوه بصوت منخفض، فهتف نديم محذرا:
_في إيه يا جماعة براحة شوية عليه ده لسه عامل عملية.
أردف يزيد ببسمة:
_سيبهم ملكش دعوة أنا مبسوط كده.
كان يوسف يقف وعينيه تشتعلان غضبا، نعم فهو يغار على ناردين من يزيد بالرغم من أنه متأكدا أن شقيقه لن ينظر لها مثل هذه النظرة أبدا ولكنها نار الغيرة لا تفرق بين أخيه أو شخص آخر، فأخذ يسعل لكي تفهم هي ولكنها لم تنتبه له فهي كانت منغمسة في الحديث مع يزيد.
بعد لحظات قصيرة دخل سليمان المنزلاوي ووجهه يبدو عليه الإرهاق فذهب واحتضن يزيد برفق قائلا له:
_حمد لله على سلامتك يا ابني ربنا كان عالم بحالي أن أنا مش هقدر أخسر ضلع من ضلوع عيلة المنزلاوي وأنت عليك حمل كبير أوي يا ابني.
أردف يزيد بقلق وهو يرى وجه جده المنهك:
_أنت شكلك تعبان أوي أنت منمتش من امبارح صح؟
_وهيجيلي منين النوم يا ابني وأنت وأبوك في المستشفى بين الحياة والموت؟
_احنا خلاص بقينا كويسين الحمد لله روح بقى أنت ارتاح ومتتعبش نفسك.
_حاضر يا ابني وأنت يا يوسف تتصل بيا لو في أي حاجة حصلت أنت فاهم.
أردفت يوسف بدوره:
_حاضر يا جدو متقلقش.
بعد لحظات قليلة من ذهاب سليمان دخل كريم وهو يبدو على وجهه الإرهاق قائلا ليزيد:
_حمد لله على سلامتك الحمد لله أن أنت قمت منها.
أردف يزيد بحزن:
_هتصدقني لو قلتلك إني مش عارف أفرح عشان قمت منها ولا أزعل......
قاطعه نديم قائلا:
_ملوش لزوم يا جماعة الكلام ده دلوقتي، وأنت يا كريم كنت فين لغاية الصبح أنت مروحتش البيت غير الساعة 6 الصبح؟
أجابه كريم بجمود:
_كنت قاعد في الجنينة وبعدين أنا حر أكون في المكان اللي أنا عايزه، أنا مش صغير يا نديم.
قال وِقَّاص موجها حديثه إلى كريم في محاولة منه لتهدئته:
_مش مستاهلة العصبية دي كلها هو بس كان قلقان عليك وبعدين ما احنا كلنا بنسأل بعض عادي يعني.
أردف كريم بحدة:
_لأ مستاهلة وبعدين تقدروا تقولولي في مين مستنيني عشان أروحله البيت؟ أنت وزياد وعندكوا أب و أم يستنوكوا، يوسف ويزيد عندهم أب يستناهم، وأهو الأستاذ نديم اتجوز وبقى عنده مراته هتستناه كل يوم بالليل.
أنا بقى مين بيحس بوجودي أصلا؟ أمي في مصحة ويا عالم هتفضل هناك لحد امتي وأبويا وأختي ميتين وعندي أخت معرفهاش أصلا، أرجع البيت ليه؟
استشعر الجميع الألم الذي ظهر في صوته جليا، فردت عليه ناردين وعينيها ممتلئة بالدموع قائلة له:
_لو كلنا قيسناها زيك كده يا بشمهندس كريم كان زمان كلنا انتحرنا من زمان أوي وكان زمان كلنا ضعنا، تقدر تقولي واحدة زيي كانت هتعيش عشان مين؟ أبويا وأمي ماتوا وأنا عندي خمس سنين وعمتي اللي اعتبرتها أمي في المصحة حتى مبتتكلمش.
استطردت بصوت مرتعش:
_ونورهان اللي هي كانت أكتر من أختي ماتت حتى طنط ميرفت راحت وسابتني.
تقدر تقولي يزيد كان هيحاول ليه يمثل قدامنا السعادة وأن هو نسي نورهان لو قاسها زيك، مع أن كلنا عارفين أن هو بيتوجع ومش قادر ينساها بس كلنا بنحاول ننسي عشان نفضل مع بعض عيلة واحدة أنت اللي أناني مبتفكرش غير في نفسك وبس.
فور أن أنهت حديثها حتى أجهشت في البكاء فهي تذكرت أكثر المواقف إيلاما لها في حياتها، فاحتضنها نديم وأخذ يهدئها ويمسد بيده على خصلاتها الذهبية.
قال لهم كريم بصوت مرتفع:
_خلصتوا كلكم أنا اناني ومفكرتش غير في نفسي محدش ليه دعوة بيا بقى.
فور أن أنهى حديثه خرج وأغلق الباب بقوة بينما في الداخل كانت تقف روجين و د اغرورقت عيناها بالدموع لأجل أحفاد عائلة المنزلاوي الذين عاشوا مواقف قاسية للغاية وهم في هذه الأعمار الصغيرة، ثم بدأت بعض عبرات قليلة بالهبوط من مقلتيها لكل هذه الآلام التي بداخل كل شخص منهم، بينما كانت تتخيل هي أن أصعب لحظات الحياة كانت في ترك آدم لها منذ سنتين.
تقف صبا متألمة هي الأخرى فهي تعرف وتتذكر جيدا كيف قص عليها وِقَّاص ما حدث في هذا الحادث وكم كان هذا صعب بالنسبة له، فأمسكت يده بأناملها الرقيقة وكأنها تخبره بوجودها إلى جانبه دائما وفي أقسى لحظات حياته.
قال لهم يزيد بصوت منكسر جاهد لخروجه هادئا قليلا:
_ممكن كلكو تخرجوا برا عشان أنا عايز أنام وأنت يا نديم خليهم كلهم يروحوا لو سمحت وطمني على بابا بقى عامل إيه.
أتاه الرد من نديم بعد لحظات قصيرة وكأنه كان يحاول استجماع رباطة جأشه:
_بقى كويس يا يزيد الحمد لله وهيخرج النهاردة بالليل من المستشفى حتى الدكتور سمحله ييجي يشوفك بس بعد ما المحلول يخلص.
_طب الحمد لله.
أنهى يزيد حديثه ثم تمدد معطيا ظهره إلى الجميع وهو يخفي مظاهر الألم التي ارتسمت بشكل جلي على محياه.
فأخذ نديم الجميع وخرج إلى الخارج، قال موجها حديثه إلى وِقَّاص:
_خد يا وِقَّاص صبا روحها البيت يلا واطلع بعدها على الشركة لازم حد فينا يبقى هناك وأنا شوية وهحصلك.
أردف وِقَّاص مترددا:
_طب ممكن تيجي أقولك على حاجة بسرعة.
ذهب نديم مع وِقَّاص في جانب فارغ قائلا له:
_في إيه؟ في حاجة حصلت؟!
_بصراحة آه.
هتف نديم بنفاذ صبر:
_ما تقول وتخلص يا ابني في إيه؟
_زياد امبارح اتصل بإياد وعرفه كل حاجة حصلت ليزيد وهو قاله أنه هيحجز وينزل مصر في أول طيارة.
حاول نديم إظهار عدم الاهتمام قائلا:
_يتفضل ييجي أنا إيه دخلي في ده عنده البيت طويل عريض يتفضل يقعد في أوضته وكل واحد في حاله اليومين اللي هو هيقعدهم هنا.
فور أن أنهى حديثه عاد إلى أمام غرفة يزيد موجها حديثه إلى يوسف:
_بقولك إيه روح أنت بقى، أنت قاعد هنا من امبارح نام شوية وغير هدومك وابقى تعالى.
_تمام بس لو حصل حاجة كلمني على طول يا نديم.
_طيب يا ابني متقلقش.
سأل يوسف قائلا:
_مين هيروح يا جماعة أوصله معايا؟
أردف نديم قائلا:
_خد معاك زياد وناردين وأنا شوية وهبقى أوصل روجين البيت أو هروحها مع السواق.
_تمام خلاص يلا يا جماعة.
ذهب الجميع إلى المنزل ولم يبقي غير روجين ونديم فقالت له بتردد بعد محاولات عدة لاستجماع رباطة جأشها:
_هو أنا ممكن أسألك سؤال؟
أردف هو وكأنه يعلم حديثها مسبقا:
_عايزة تسأليني عن الحادثة اللي حصلت قبل 3 سنين صح؟
أجابته بخجل قائلة:
_بصراحة آه بس لو مش حابب تقول مفيش مشكلة.
_على فكرة الحادثة دي مذكورة في كل المواقع والمجلات وممكن ببحث بسيط على النت تعرفي عنها كل حاجة، ليه اخترتي بدل ما تدوري على النت تسأليني أنا؟
قالت له برقة و تفهم:
_عشان أنا محبش أبقى متطفلة على حياة حد وأخلي من أوجاع الناس تسلية عشان أملى وقت فراغي، ومحبش أعرف عنك حاجة أنت مش عايزني أعرفها.
نظر لها بإعجاب ولكن قبل أن يجيبها استمع إلى صوت رنين هاتفه فقال لها وهو ينهض مبتعدا:
_أوعدك أن أنا هحكيلك بالليل لما نروح البيت بس لازم أرد على التليفون دلوقتي.
أردفت هي بتفهم:
_ماشي وأنا هستناك تحكي وقت ما تحب.
ذهب بعيدا قليلا ليجيب على هاتفه فكان صديقه سيف هو المتصل فرد عليه هاتفا:
_ألو.
_نديم في حاجة غريبة بتحصل ومش مظبوطة أبدا.
قال له نديم باستغراب من نبرة صوته القلقة:
_في إيه؟ وإيه اللي حصل أصلا؟
_الزفت آدم اللي أنت جبته امبارح شكل في حد تقيل أوى وراه لدرجة أن هو يخلي الصحافة كلها متنشرش أي حاجة من الفيديوهات اللي صوروها في الفرح ولا تذكر أي حاجة عن اسمه أو شكله، لأ ومش بس كده ده كمان مفيش حد من المعازيم بيقول أن هو شافه أصلا.
اسودت عينا نديم من الغضب قائلا بحدة:
_يعني إيه؟ يعني احنا كده مفيش حاجة في إيدينا ضده؟
_لأ للأسف مفيش.
_طب هو لسه عندك دلوقتي؟
_آه بس خلاص خمس دقايق وهيخرج ده وزير الداخلية بنفسه متابع الموضوع.
هتف نديم بضيق:
_طب اقفل يا سيف دلوقتي.
أخذ نديم يفكر يا ترى من يوجد وراء هذا الرجل المدعو آدم الشرقاوي؟ على ما يبدو أنه شخص ذو منصب هام، ويبدو أيضا أنه يعرف عائلة المنزلاوي جيدا لأنه دخل بسهولة إلى الزفاف، بل يعرف جميع المدعوين جيدا ولهم مصالح مشتركة لكي يجبرهم على إخفاء أي صلة لما حدث ليزيد بآدم فيا ترى من خلفه.
أخذ يحدث نفسه بضيق قائلا:
_يا ترى مين وراك يا ادم يا شرقاوي؟ هتروح مني فين هجيبك أنت واللي حاميك حتى لو في نهايتها موتي.
________________________________________
#روان_سلامة
يتبع الفصل التالي اضغط هنا
الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية "رواية شمس الحياة"اضغط على اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق