رواية شمس الحياة الفصل الاول 1 بقلم روان سلامة
رواية شمس الحياة الفصل الاول 1 بقلم روان سلامة
من أجواء العمل:
عندما تكون حياتك مظلمة ومليئة بالأسرار وفجأة يقتحم حياتك شخص منير كالشمس يعرض عليك أن ينير لك حياتك مقابل أن تحبه فهل ستسمح له ليقتحم حصون قلبك المنيعة ليصبح شمس الحياة التي ستشرق على قلبك وحياتك أم ستعيش في عالمك المظلم دائما إلى أن تفنى؟
عندما تجبرك الحياة وتدفعك المواقف إلى الوثوق بشخص لم تكن تعرفه هذا الصباح حتى، ثم يجبرك قلبك أن تزيل عنه حصونه ليتم اقتحام قلبك وإغداقه بجميع المشاعر الجياشة التي لم يشعر بها يوما، وتشرق الشمس على حياتك المنغمسة في الظلام لتبدأ الألغاز والأسرار بالانكشاف واحدة تلو الأخرى وهنا تبدأ بشعور الامتنان تجاه قلبك لقيامه ولأول مرة بالاختيار الصحيح.
بقلم الكاتبة: روان سلامة
#شمس_الحياة
الفصل الاول:
حبك.. وقتٌ بين السلم، وبين الحرب
أسوأ من حرب الأعصاب.
حبك.. سردابٌ سحريٌ فيه ملايين الأبواب.
فإذا ما أفتح باباً.. يغلق باب..
يهطل من شفتي الشهد،
وإذا غازلتك يوماً، يا سيدتي يقتلني الأعراب
... حبك.. يطرح ألف سؤالٍ ليس لها في الشعر.. جواب.
في حديقة فيلا عائلة المنزلاوي أو بالأصح دعونا نقول قصر عائلة المنزلاوي يقام حفل زفاف أكبر أحفاد سليمان المنزلاوي (نديم) على (روجين الهاشمي) وأقل ما يقال عن هذا الزفاف أنه رائع للغاية وكأنه حفل زفاف لأمير وأميرة من القصص الخيالية فكان كل شيء تم تنفيذه بعناية فائقة على أكمل وجه حتى العروس كانت تسحر الأنظار بفستانها الأبيض البسيط وكأنها حورية من القصص الخيالية.
في الجانب الآخر كان يجلس سليمان وابناه فاروق وحسين.
وجه سليمان أنظاره إلى حفيده بفخر فكم يشبه أباه في ملامح وجهه وفي طباعه الحسنة ثم وجه أنظاره بعد لحظات إلى ابنه حسين متسائلا:
_إياد مرضيش ييجي طبعا صح؟ أنا مش فاهم حصل ايه أصلا عشان علاقتهم تبقى كده!
نظر له حسين بأسى قائلا:
_مش عارف يا بابا دول كانوا أقرب اتنين لبعض بس أنا متأكد ان في حاجة كبيرة حصلت لأن لو مش كده كان جه إياد وحضر الفرح ده.
حاول فاروق تغيير مجرى الحديث فأردف قائلا:
_خلاص بقى يا جماعة خلينا في الفرح دلوقتي وافرحوا وبعدين نبقى نشوف المشكلة دي.
على الطاولة التي بجانبهم كان يجلس شباب وبنات العائلة.
همست ناردين ليوسف قائلة بإصرار:
_يا يوسف أنا عايزة أقوم أرقص شوية ده فرح أخويا على فكرة.
نظر لها يوسف بنظرات حارقة قائلا والغيرة تطغي على صوته الرخيم:
_أنتي تسكتي خالص وهتفضلي قاعدة هنا لآخر الفرح مش كفاية اللي أنتي لبساه.
نظرت للفستان ثم له قائلة بتعجب:
_على فكرة الفستان طويل زي ما قلتلي ومفيهوش حاجة أصلا.
نظر لها بغيرة هاتفا:
_ما هي المشكلة بقى أن هو مفيهوش حاجة بس أنتي اللي حلوة.
احمرت وجنتاها من الخجل قائلة له:
_طب بص هقوم أنا بقى ولو مسبتنيش أقوم هقول لجدو على فكرة.
_طب قومي بس لو لقيت حد جه يضايقك هطلب إيدك قدام الناس وأعملها على فكرة.
نهضت ذاهبة بخطى مسرعة نحو أخيها وهي تلتفت بين الحين والآخر موجهة أنظارها نحوه وهي تضحك.
_بتضحك أنت وهي قدامي كده عادي، ماشي ما هو أنا عشان بداري عليكوا بس.
هتف زياد بهذه الجملة فور أن ذهبت ناردين.
فنظر يوسف باشمئزاز قائلا:
_تصدق فصلتني في حد يبقى بيبص للقمر وبعدين يلاقيك في وشه....أقولك أنا قايم من هنا خالص لما أشوف يزيد هينزل ولا لأ.
صعد يوسف إلى الدور العلوي الذي به غرفة يزيد فوجد الغرفة مظلمة وهو يجلس بداخلها، فنظر بأسى قائلا في محاولة لإخفاء حزنه:
_مش هتنزل ولا ايه؟
أجابه يزيد بنبرة جامدة خالية من أي مشاعر:
_مفيش داعي لنظرة الشفقة دي، أنا هنزل ربع ساعة بالكتير أبارك لنديم وأطلع عشان ميزعلش مش أكتر.
_وأنت بقى لما تنزله بحالتك دي مش هيزعل صح؟ يا ابني حاول تخرج من الحالة اللي أنت فيها دي و...
قاطعه يزيد بنبرة عالية بعض الشئ:
_محدش ليه دعوة بالحالة اللي أنا فيها، أنا كده مبسوط ومش عايز أنساها سيبوني في حالي بقى.
انسحب يوسف متوجها إلى الأسفل وشعوره بالحزن والأسى يتسلل إلى قلبه وإلى ملامح وجهه، فأخيه يطغي عليه الحزن والألم منذ ثلاث سنوات ولم يستطع أي شخص مساعدته ليعود إلى حالته السابقة التي تتسم بالوجه البشوش الضاحك دائما.
*********
في الأسفل في جانب هادئ من الحديقة كان يقف وِقَّاص في مواجهة صبا ينظر لها بحب ممتزج بالإعجاب وكأنه يراها لأول مرة قائلا:
_أنتي عنيكي حلوة أوي.
أردفت هي بنبرة غرور مصطنع:
_ما أنا عارفة أنت مش أول واحد يقولي كده.
ولكنها سرعان ما التزمت الصمت حينما رأت نظرات عينيه الحانقة، فانفجرت ضاحكة على مظهره.
ونظر هو لها بحنق قائلا:
_أنتي كمان بتضحكي يعني بتدايقيني وفي الآخر تضحكي.
قالت له من وسط ضحكاتها التي لطالما عشقها:
_خلاص بقى يا وِقَّاص أنا آسفة.
أمسك يديها ونظر في عينيها المشابهة للأشجار الكثيفة ذات اللون الأخضر الصافي قائلا:
_أنتي عارفة أنا مستني إزاي اليوم اللي هنتجوز فيه، أنا يوم كتب الكتاب مكنتش مصدق نفسي والله كنت حاسس ان أنا ملكت الدنيا كلها أنتي قدرتي تسرقي قلبي من غير أي مجهود.
توردت وجنتيها من شدة الخجل وتلعثمت قليلا في الرد فهي لا تعرف أن تقول له مثل هذا الكلام المعسول، فقالت له أخيرا بعد محاولات عديدة لتمكنها من الحديث:
_بطل بقى يا وِقَّاص أنت كده بتكسفني وأنا مبعرفش أرد عليك بس أنا بحبك والله.
وفور ان أنهت حديثها طبعت قبلة رقيقة على وجنته وذهبت سريعا.
فابتسم هو ابتسامة هادئة وهو يراها تذهب والهواء يداعب خصلاتها البنية، دائما ما تتسلل هذه البسمة إلى وجهه حين يرى طيفها من بعيد أو حين يستمع إلى صوتها الذي يمثل بالنسبة إليه سيمفونية رائعة لم يتمكن أي موسيقار من صنع ما يماثلها في عذوبتها.
******
في جانب آخر هادئ ومنعزل تكاد أصوات الموسيقى لا تصل إلى مسامعها تقف نور شقيقة صبا، (فتاة ذات بشرة سمراء وشعر أسود مجعد بعض الشئ، وأعين سوداء) تقف منعزلة ووحيدة تتذكر كلمات والدتها لها قبل أن تذهب هي وشقيقتها إلى هذا الزفاف، تتذكر كيف أخذت تنهال بالكلمات العذبة على شقيقتها وتقول لها بإعجاب أنها ستكون أكثر جمالا من العروس نفسها، ولكنها لم تخصها هي بأي كلمة إعجاب حتى، فأخذت تتحدث إلى نفسها قائلة بتساؤل:
_معقول أنا وحشة للدرجة دي؟ يعني للدرجة اللي تخلي أمي نفسها شيفاني وحشة؟ طب لما هي شيفاني كده بقيت الناس بتشوفني إزاي....
وفجأة قاطع حديثها كريم قائلا بهدوء:
_على فكرة أنتي مش وحشة أنتي ليكي جمال خاص هي اللي مش قادرة تفهمه، للأسف في ناس مش بيقدروا يشوفوا الحاجة الحلوة اللي قدامهم أو يفهموها خلي عندك ثقة في نفسك أكتر من كده.
ما إن أنهى جملته حتى انسحب ذاهبا بهدوء ولم يترك لها حتى مجال للحديث، فأخذت تحدث نفسها مرة أخرى:
_مين ده كمان بقى الدنيا ضلمة وأنا معرفتش شكله أصلا...... أوف أنا هشوف صبا فين عشان نروح بقى.
******
"بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير".
هتف المأذون بهذه الكلمات الروتينية بعد إتمام كتب الكتاب وتعالت الزغاريد والتهاني على العروسين، كان يقف والد روجين (أحمد الهاشمي) مع نديم قائلا له بصدق استطاع نديم أن يستشفه من صوته:
_بص يا ابني أنا مش هوصيك عليها عشان أنا متأكد وعارف أن أنت هتحطها في عينيك وهتحافظ عليها وأنا لو مش متأكد مكنتش وافقت انك تتجوزها أصلا.
أردف نديم بدوره بنبرة مطمئنة:
_متقلقش يا عمي روجين في عينيا وأكيد هحافظ عليها دي بقت روجين المنزلاوي خلاص.
كانت ناردين هي الأكثر سعادة، فهذا زفاف أخيها الوحيد ومن يمثل بالنسبة إليها كل عائلتها، باركت ناردين لروجين قائلة لها ببسمة هادئة:
_زي القمر ماشاء الله مبروك يا روجي.
أردفت روجين بابتسامة مماثلة قائلة:
_الله يبارك فيكي وعقبالك.
هتفت ناردين ممازحة بعفويتها الدائمة:
_ما أنتي خلاص خدتي أحلى قطعة في السوق بقى هلاقي زيه فين هو كان قطعة واحدة كده متفردة بنفسها.
فانفجرت ضاحكة هي وروجين على تلقائيتها في الحديث وبعد لحظات قصيرة ذهبت ووضعت جسدها الصغير بين ذراعي نديم فهي لا تعلم كيف ستستطيع المبيت في المنزل من دونه هذه الليلة.
قال لها نديم ممازحا وهو يمسد على ظهرها:
_خلاص بقى يا ناردين ده هي ليلة وأنا جاي بكرا مع روجين أصلا.
استطرد حديثه بمزاح قائلا:
_ طب إيه رأيك نروح روجين البيت ونقضي احنا اليوم في الفندق وسمعت أن هما عندهم أكل حلو أوي على فكرة.
ضحكت هي موجهة أنظارها نحو ناردين بخبث قائلة:
_طب أنا عيزاك بقى تقول كده قدام روجين مش هتدخلك الأوضة أصلا.
أردف هو بدوره قائلا باستنكار:
_بصراحة تعملها وأنا عريس جديد بقى وخايف على نفسي.
وجه أنظاره نحو يوسف الواقف بجواره قائلا بنبرة تتنافى تماما مع مزاحه منذ بضع لحظات:
_يوسف بقولك إيه متسبش ناردين لوحدها توصلها معاك البيت ولو حصل أي حاجة تكلمني أنا هسيب التليفون مفتوح.
أكمل موجها أنظاره نحو شقيقته قائلا بلين:
_وأنتي متروحيش تعيطي هي كلها ليلة وراجعلك تاني.
بعدما أنهى حديثه طبع قبلة حانية على جبينها وضمها لصدره برفق.
ذهبت أسيل واحتضنت روجين بشدة والسعادة الممتزجة بالقلق ترتسم على وجهها قائلة:
_بقولك إيه لو حصل أي حاجة كلميني في أي وقت هتلاقيني عندك.
_يا بنتي بطلي القلق ده بقى مفيش حاجة هتحصل أصلا وحاضر يا ستي لو في حاجة حصلت هقولك متقلقيش بس أنتي.
_تمام خلاص أنا هروح أقعد بقى عايزة حاجة؟
_لا يا سو روحي أنتي اقعدي بقى أنتي واقفة من أول اليوم.
فور التفاتها لتذهب للطاولة اصطدمت بشخص فتأوهت بخفوت ثم قالت له بنبرة صوت عالية نسبيا:
_مش تحاسب يا بني آدم.
نظر لها سيف باستنكار وهو يتفحصها بوقاحة قائلا:
_هو أنتي يعني مش فالحة في سواقة عربيات ولا حتى في مشي على رجلك.
أردفت هي بعدم اهتمام:
_أو أنت اللي مبتعرفش تسوق وكمان كنت بتتكلم في التليفون ثانيا أنت برضه اللي مش شايف قدامك وأنت ماشي عشان فاتح التليفون.
قال لها بوقاحة لم تختلف عن سابقتها:
_ده أنتي مركزة معايا أوى بقى.
قبل أن ينهي جملته كانت تذهب هي بخطى هادئة متزنة فأخذ هو ينظر لها بأعين مشتعلة من الغضب وبعد لحظات حاول تجاهل غضبه متوجها نحو نديم وهو يحتضنه بقوة قائلا له:
_مبروك يا عم دخلت القفص بدري والله.
_يا عم احترم نفسك بقى وبعدين عشان أنت يعني مش لاقي حد يرضى يتجوزك فبتعمل كده.
أردف الآخر قائلا بغرور:
_يا بني مش لاقي إيه دول بيترموا عليا بس أنا اللي مش راضي.
_طب يا عم سيف سيبني بقى أنا مع مراتي على انفراد ويلا من غير مطرود.
_هي بقت كده من أولها طب خليكي شاهدة بقى يا روجين.
نظر له نديم بغضب قائلا بغلظة محذرة:
_مدام روجين هي مش صاحبتك ها.
_خلاص يا عم فان دام أنا ماشي أصلا إيه ده.
فور أن ذهب سيف توجهت أنظار روجين الممتلئة بالاستغراب والحيرة نحو نديم فهي لم تستطع فهم ما يجول بخاطره ليتصرف بمثل هذه الحدة مع صديقه.
******
فجأة استمع الجميع إلى صوت إطلاق نار وساد الهرج والمرج بداخل الحديقة رأى الجميع شخص يتخطى الحشود فعلت الصدمة أوجه الجميع فكيف لشخص ما أن يخرج سلاح في وسط حفل زفاف حفيد سليمان المنزلاوي؟!
صوب سلاحه تجاه نديم وفور أن رأته روجين حتى تملكتها الصدمة وألجمت لسانها ولكنها بعد لحظات قليلة همست بصوت منخفض يشوبه القلق قائلة:
_آدم!
أخذ آدم يوجه أنظاره نحو روجين بنظرات متفحصة تحمل العديد من المشاعر، ثم وجه أنظاره نحو نديم وسرعان ما تحولت إلى نظرات حقد وهو يهتف بصوت مرتفع:
_هو ده اللي مكنتيش بتردي عليا بسببه يا روجين ها ردي عليا هو ده اللي مرضتيش ترجعيلي بسببه ....بس أنا بقى هخليكي تعيشي طول عمرك فاكرة اليوم ده يا روجين مش هتنسيه أبدا.
هتف فاروق بصوت مرتفع قائلا بغضب:
_فين الحرس إزاي سابوه يدخل كده.
أردف آدم ببرود:
_هدي نفسك يا فاروق بيه مفيش حرس روحهم اتقبضت خلاص ومفيش هنا غير أنا وروجين ونديم وبس.
صوب سلاحه تجاه نديم مرة أخرى ووجه أنظاره نحو روجين وكأنه يرجوها أن تترك نديم وتعود إليه، ولكنه حين رأى نظرات الخوف والقلق تنبعث من عينيها نحو نديم سرعان ما تحولت أنظاره إلى حقد وكره قائلا:
_أنا هخليكي تعيشي طول عمرك فاكره اليوم ده ومش هتنسيه أبدا مهما حاولتي ودي هتبقى هديتي بمناسبة جوازكم.
سرعان ما وضع يده على الزناد لتنطلق منه رصاصة بسرعة عالية تشبه البرق لتخترق هذا الجسد الوهن وتستقر بداخله ليسقط أرضا متألما.
#روان_سلامة
__________________________________
يتبع الفصل التالي اضغط هنا
الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية "رواية شمس الحياة"اضغط على اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق