رواية ولنا فيهم حياة الفصل الخامس 5 بقلم سماح نجيب
رواية ولنا فيهم حياة الفصل الخامس
لم
تكن بداية دراسة رحيم بكلية هندسة الحاسبات والمعلومات بالشئ الهين ولكن
ظل والده ووالدته يسناندونه على تجاوز تلك المرحلة فرحيم من النوع الخجول
ولكن سمية حرصت على أن تظل بجانبه فبداية كل عام دراسى تتحدث مع المحاضرين
بشأن حضورها برفقة رحيم فهو لا يشعر بالأمان إلا إذا كانت بجواره
أثناء خروجهم من قاعة المحاضرات سمعت سمية صوت شاب ينادى عليها:
–يا طنط يا طنط أستنى
إستدارت سمية لمصدر الصوت لتعرف ماذا يريد منها هذا الشاب
–أفندم فى حاجة
إبتسم الشاب قائلاً:
–أهلا بحضرتك أنا أسمى ماجد وأنا أبقى زميل رحيم فى الكلية
أفتر ثغرها عن ابتسامة خفيفة قائلة:
–تشرفنا كنت محتاج منى حاجة
خفض ماجد رأسه يهتف بصوت منخفض:
–هو كنت حضرتك عايز أبقى صاحب رحيم لو حضرتك مش ممانعة
زادت إبتسامة سمية مما سمعته فتلك هى المرة الأولى التى ترى أحد يبدى رغبته فى صداقة رحيم
–أه طبعا مفيش مانع سلم على ماجد يا رحيم
مد رحيم يده بخجل قائلا:
–أهلا ماجد أنا رحيم هنبقى أصحاب؟
إبتسم ماجد باتساع:
–طبعا يا رحيم وليا الشرف بجد أنا معجب بيك وعارف أنك كمان بطل سباحة عالمى
أرادت سمية سؤال ماجد عن سبب إقدامه على صداقة رحيم فهى رأت العديد من الطلاب يتجنبون صحبته
–قولى يا ماجد أنت عايز تصاحب رحيم ليه
ملأت ملامح الحزن وجه ماجد فهتف بصوت متحشرج:
–أصل
كان ليا أخ زى رحيم كان أخويا الوحيد بس أتوفى من حوالى ٥ سنين الله يرحمه
ولما شوفت رحيم حبيت أساعده يتأقلم مع الناس لأن أخويا برضه أتعرض للتنمر
من مجتمعنا اللى معظمه ناس تفكيرها عقيم وفاشل
رحبت سمية بصداقة ماجد لرحيم فهو يبدو عليه شاب حسن الأخلاق يتمتع بذوق رفيع
بمرور
الأيام توطدت الصداقة بين ماجد ورحيم حتى أن سمية فى بعض الأوقات كانت
تترك لماجد مهمة إصطحاب رحيم بالجامعة فهى تريد أن يتأقلم مع الوسط المحيط
أصبحت
صداقة رحيم وماجد حديث الكلية فهم نبغوا فى إختراع برنامج جديد من برامج
الكومبيوتر والبرمجيات نال إستحسان أساتذة الجامعة وتم تكريمهم
خرج ماجد يحمل شهادة التكريم يبتسم بفخر ينظر لرحيم قائلاً:
–شايف
يا رحيم بقينا مشهورين فى الجامعة من قبل ما نتخرج أنت بقيت وشد السعد
عليا إحنا لما نتخرج نعمل نشتغل سوا ونعمل برامج تانية ونبقى مشهورين بقى
فى الدنيا كلها
إبتسام رحيم قائلاً:
–ماجد ورحيم يسافروا برا ويبقى معاهم فلوس كتير مش كده
حاوط ماجد كتفه قائلا:
–إن شاء الله يا رحيم يلا بينا أوصلك البيت وأروح
وصل ماجد لمنزل والد رحيم فقابلته سمية بابتسامة فهى تكن له محبة بسبب مساعدته لرحيم وصداقته له
________
ولجت
أميرة غرفة حسنات لإطعامها فهى أصيبت بمرض عضال أعجزها عن الحركة وأصبحت
تحتاج لمن يساعدها فى طعامها وشرابها وقضاء حوائجها الشخصية
أقتربت أميرة من الفراش تضع الطعام أمامها قائلة:
–يلا يا حماتى علشان تاكلى وتأخدى دواكى
أسندتها أميرة حتى جلست بالفراش ظلت أميرة تطعمها كطفل صغير فبكت حسنات على حالها الذى وصلت إليه دلف مروان للإطمئنان على والدته
فهتف بصوت هادئ:
–عاملة إيه ياما دلوقتى
هتفت حسنات بصوت منخفض:
–الحمد لله مروان عايزة أشوف أخوك رامى ومراته وعياله أطلبه ييجى أشوفه
على الفور أخبر مروان رامى بضرورة حضوره برفقة أسرته لرغبة والدته فى رؤيته
فى اليوم التالى..وصل رامى برفقة أسرته ودلفوا إلى غرفة والدته دنا منها يربت على يدها يقبلها كعادته:
–ألف سلامة عليكى يا أمى لما مروان قالى أنك تعبانة جيت على طول بعد الشر عليكى
لمحت حسنات وقوف سمية على باب الغرفة ممسكاً بيدها رحيم كأنه يشعر بالرهبة والخوف من الدخول
فهمست حسنات لرامى:
–هات رحيم يا رامى خليه يقرب منى قوله ميخافش منى
أقترب رامى من إبنه يربت على كتفه يبتسم له إبتسامة مشجعة:
–تعال يا رحيم متخافش تيتة عايزة تكلمك
بتردد
وضع رحيم يده بيد والده فسحبه معه يقربه من فراش جدته فجلس على طرف الفراش
مدت حسنات يدها فنأى رحيم بوجهه عنها كأنه يشعر بالخوف إذا أقتربت منه
دمعت عين حسنات قائلة بندم:
–سامحنى يا رحيم سامحينى يا سمية
بعد
نطقها تلك الكلمات أسلمت روحها إلى بارئها لم تنكر سمية شعورها بالحزن
عليها على الرغم من أنها كانت تعاملها معاملة جافة وقاسية ولكنها الآن بين
يدى الله
بعد إنتهاء مراسم تشييع جثمان حسنات وإنقضاء أيام العزاء عاد رامى برفقة أسرته إلى شقتهم بالقاهرة
__________
عادت سمية لكتابة المقالات على الموقع الإلكتروني وتواصلت أيضاً مع بعض منظمات حقوق الإنسان
فبدأت كتابة المقال :
حول العالم ، كان علينا جميعًا تكييف الطرق التي نتواصل بها مع بعضنا
البعض. كان تحديًا كبيرًا وعجز كثيرون عن مواكبة الركب. مع ذلك، مثل ذلك
فرصة لإيجاد طرق جديدة للتواصل. ويُراد من هذا التواصل التركيز على تحسين
الاتصالات للتأكد من أن جميع المصابين بمتلازمة داون قادرون على الاتصال
والمشاركة على قدم المساواة مع الآخرين.
فنحن نتواصل حتى نتمكن من:
تبادل الأفكار والخبرات والمعرفة
تمكين بعضنا البعض من الدفاع عن حقوق متساوية للمصابين بمتلازمة داون
حث أصحاب المصلحة الرئيسيين على إحداث تغيير إيجابي
وأقترح
أيضا عمل مبادرة لتحدث تغييرًا من أجل أبنائنا من ذوي متلازمة داون الذين
لهم كل الحقوق والكرامة ومهما كان اختلافهم فهم قادرون على الإضافة
للمجتمع كأي شخص وهم أيضاً متميزون جدًا في ذكائهم العاطفي. لا زلنا نواجه
تنمر لأن التوعية بالمتلازمة تأخذ وقتًا طويلًا وتدريجيًا سيعرف الناس أكثر
وسيستخدمون الكلمات الصحيحة لوصف أبنائنا فيقولون "متلازمة داون" وليس
"منغولي" أو "غير طبيعي"، نقول "ذوي قدرات خاصة" وليس "معاق"، وغيرها.
فسنعمل على التوعية داخل المدارس والجامعات والنوادي والآن نقدم ورش دعم
للأمهات لتوعيتهن ومساعدتهن على تطوير قدرات أطفالهن، وننظم ورش عمل بها
دمج بين الأطفال العاديين وأطفال داون. علاج أبنائنا برامج التدخل المبكر
والتخاطب وتنمية المهارات والأهم من كل ذلك هو الحب والتقبل وكلما تقبلناهم
كلما أبهرونا بالمواهب التي رزقهم الله بها، وسنتقبلهم بغض النظر عن
المهارات التي اكتسبوها أو العمر الذي استطاعوا فيه المشي أو نطق الكلمة
الأولى، لا أقول إن التجربة سهلة ولكن الرحلة حين نخوضها معهم بحب وتشجيع
ومحاولة لتخطي الصعوبات والتحديات الكبيرة يمكن أن تجعل الحياة أفضل
بعد أن أنتهت من كتابة المقال لمحت دلوف رحيم الغرفة فتركت مكانها تقارب منه باسمة
–حبيبى عايز حاجة
جلس رحيم على مقعد يبتسم كعادته قائلاً:
–هبة رحيم عايز هبة تجيبلى الأكل اللى رحيم بيحبه
فإبتسمت سمية قائلة:
–هو
الأكل اللى ماما بتعمله مش حلو يا رحيم على العموم هبة لسه مرجعتش من
كليتها تعال أجبلك تاكل علشان نذاكر أنت خلاص قربت تمتحن ودى أخر سنة
وهتتخرج يا رحيم
لاتصدق أن مرت سنوات وأصبح رحيم على وشك إنهاء
دراسته بالكلية فالسنوات الماضية جعلتها تبذل الكثير من المجهود وأن تصمد
بوجه المصاعب والمتاعب ولكن كانت النتيجة مبهرة فرحيم الآن لا يقل شأناً عن
أى طفل طبيعى بل ربما بذكاءه أصبح أفضل من الكثير
_________
عاد رامى إلى الشقة بعد إنتهاءه من عمله دلف يحمل العديد من الأغراض بيده قابلته سمية باسمة
–ايه الحاجات دى كلها يا رامى أنت لقيت كنز ولا ايه
أبتسم رامى قائلا:
–إنتى بتقولى فيها يا سمية فعلاً لقيت كنز
قطبت سمية حاجبيها بعدم فهم قائلة:
–أنت بتهزر يا رامى ولا إيه
أرتد رأس رامى ضاحكاً من ملامح الاندهاش على وجه زوجته:
–المشروع
اللى قدمته فى الشركة أتقبل وهترقى يا سمية وكمان هيبقى ليا نسبة من أرباح
الشركة علشان كده أشتريت ليكم حاجات وخصوصا لرحيم لأنه وش السعد علينا
كلنا ولما قابلته الصبح وقولتله أدعيلى ودعالى
خرج رحيم أقترب من والده يأخذ ما بيده بسعادة:
–بتوع رحيم بابا جابلى حاجات حلوة
دمعت عين رامى وأقترب من إبنه يشدد من إحتضانه يهتف بسعادة:
–أنت الحاجة الحلوة اللى فى حياتنا يا رحيم
أقتربت منهم سمية تحاوط رحيم وزوجها تهتف قائلة:
–فعلا رحيم هو أحلى حاجة فى حياتنا أنت علمتنا معنى الصبر والتحدى وإزاى نكون بجد جديرين بأن يكون عندنا إبن زيك يا رحيم
بدأت
أختبارات نهاية العام الدراسى حرصت سمية على أن يجتاز رحيم الإختبارات
بتفوق كعادته معتمدة بذلك على ذكاءه،فكان رحيم سعيد بصداقته لماجد الذى
جنبته الكثير من المضايقات ولكن ربما بعض الأقلية تصر على جرح شعوره ففى
أخر يوم بالاختبارات حدثت مشادة كلامية وعراك بين ماجد وأحد الطلاب بسبب
مضايقته لرحيم
فهدر الشاب بغضب:
–بقى بتمد إيدك عليا علشان الواد المعاق ده
أقترب ماجد منه يلكمه بأنفه قائلا :
–المعاق
ده يبقى أنت يا أبو تفكير محدود وعقل صغير يا فاشل هو أنت تقدر توصل للى
هو وصله شاطر بس فى الغش ومصاحبة البنات المفروض تنكسف على دمك
أنزوى رحيم بأحد الأركان خائفاً ولم يمنع دموعه بسبب إهانة ذلك الشاب له ولكن بدون مقدمات أقترب منه يصفعه قائلاً
–رحيم مش معاق رحيم شاطر أنت اللى وحش
إبتسم ماجد على رد فعله فهو يريد أن يجابه من يحاول التقليل من شأنه فهتف ماجد بحماس:
–برافو يا رحيم أيوة كده اللى يقول عليك حاجة أو يزعلك رد عليه يلا بينا بقى نروح
أخذ ماجد رحيم معه تاركين الشاب يرغى ويزبد من الحنق والضيق
_________
عاد
رحيم لمسابقات السباحة بجانب عمله برفقة ماجد بعد إفتتاحهم مكتب خاص
بالكومبيوتر والبرمجيات فاليوم لديه بطولة الجمهورية للسباحة
جلس
رحيم بإحدى الغرف قبل بدأ البطولة يهز قدمه حركة مستمرة كمن يشعر بالقلق
والتوتر فهو منذ أشهر لم يخوض سباق السباحة فهو كان منشغلاً بإتمام دراسته
ولجت هبة الغرفة وجدته يفرك يده بتوتر يبدو ملامح القلق جليه على قسمات وجهه فجلست بجواره تحاول بث الطمأنينة والسكينة بنفسه
–حبيبى رحيم مالك خايف ليه كده
–هبة رحيم بقاله كتير مش يعوم خايف
قالها رحيم فربتت هبة على يده بحنو بالغ قائلة:
–رحيم إنت طول عمرك شاطر فى السباحة وخدت جوايز كتير أوى أوى موجودة فى أوضتك فى البيت يلا علشان تجيب جوايز تانية كتير
سمعا طرق على الباب فحمحم ماجد قبل أن يولج للغرفة فإبتسمت هبة باستحياء بعد رؤيته
فأقترب باسماً من رحيم يهتف بتشجيع:
–يلا يا رحيم المسابقة هتبتدى يلا علشان عايزينك تكسب وتجيب جايزة كبيرة
أبتسم
رحيم بوجه ماجد وترك مكانه يخرجون ثلاثتهم من الغرفة وصلوا إلى المكان
المخصص للمسابقة أتخذ رحيم مكانه بين المشاركين أغمض عينيه وأخذ نفساً
عميقاً سمعوا صفارة البدء فبدأ رحيم السباحة يشحذ قواه لخوض ذلك السباق
يسمع صوت هتافات عائلة التى تحثه على إلاسراع
–رحيم رحيم رحيم
كلما
سمع إسمه زاد حماسه حتى إستطاع بالأخير الفوز بالمسابقة ونيل كأس الفوز
فظلوا يصفقون له بحرارة ودمعت أعين عائلته بسعادة من فرط سعادتهم بفوزه
الكبير
وبعد الإنتهاء أدلى رحيم بكلمة لأحد الصحافيين قائلا:
"أطالب
العالم أجمع بالاعتراف بحقنا فى الحياة. حقى فى أنى اتعامل على إنى انسان
طبيعي لى حقوق وعليا واجبات فأنا فى المحل الأول إنسان مثلى مثل بقية
الأشخاص. أنا بطل رياضة وكنت طالب مجتهد فى دراستى الجامعية فحقى كان أنى
أقعد جنبا إلى جنب مع زملائى الأسوياء فى المدرسة وكمان الجامعة" هذة كانت
كلمات رحيم قبل مغادرته برفقة عائلته إلى شقتهم
يتبع الفصل التالي اضغط هنا
الفهرس يحتوي علي جميع فصول الروية '' رواية ولنا فيهم حياة '' الرواية اضغط علي اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق