رواية ولنا فيهم حياة الفصل الثالت 3 بقلم سماح نجيب
رواية ولنا فيهم حياة الفصل الثالث
إلا أن حسنات أقتربت منهم فجأة قبل أن يصلا للباب فمدت يدها تمسك هبة من تلابيب ملابسها تنظر إليها بصرامة قائلة:
–إيه اللى بتقوليه ده يا بنت سمية هى أمكم هى اللى قالتلكم الكلام ده ماهو أمكم دى ملهاش كاسر
أستمعت سمية لما قالته والدة زوجها فولجت للداخل لتأخذ أطفالها فهتفت بها بضيق:
–هى
مين اللى ملهاش كاسر يا مرات عمى لولا أنك أم جوزى كنت رديت عليكى مش
كفاية دايما بتعاملى ولادى من غير نفس ومبيسمعوش منك كلمة حلوة ودايما
تتريقى على رحيم حرام عليكى يا شيخة بقى
أخذت سمية أطفالها تصعد لشقتها ولجت ليلى بعد سماع حديث سمية مع خالتها فأرادت إستغلال الموقف كعادتها
فأقتربت من خالتها تربت على كتفها قائلة:
–معلش
يا خالتى هى سمية كده دايما تقل أدبها عليكى لازم تضيعيلها حد مش كفاية
قرفانا بإبنها ده طول النهار تقولنا محدش يكلمه محدش يزعله محدش يضربه ولا
يقربله إيه ده يا أختى أومال بقى لو كان عيل سليم مش أهبل كانت عملت فينا
إيه
سمع مروان ذلك الحديث التى تفوهت به زوجة شقيقه فدلف غاصباً يهتف بها بحدة:
–إحترمى نفسك يا ليلى وإحترمى كلامك شوية وبطلى بقى الغل والحقد اللى فى قلبك ده دا أنتى قرب يجيلك السل من كتر الغل بتاعك
إرتعدت ليلى من حدة صوت مروان إلا إنها تصنعت البكاء تقترب من خالتها قائلة:
–شايفة يا خالتى مروان بيقول عليا إيه ولا علشان جوزى مسافر برا مصر ومش موجود علشان يدافع عنى يقوم مروان يشتمنى
رفع مروان شفته العليا بامتعاض قائلاً:
–وهو عماد طفش من شوية أنتى ما يتقعدش معاكى خمس دقايق على بعض يا ساتر عليكى
تركهن مروان بعد أن أفضى ما بداخله فليلى دائماً ما تخرجه عن رزانته بحديثها المسموم الذى لا تتوانى عن بثه فى أذن والدته
________
أحضرت
سمية الكتب الخاصة برحيم لتبدأ معه إستذكار دروسه فهى ألحقته بالمدرسة حتى
يستطيع التأقلم والتعايش مع الآخرين على الرغم من أنها بعض الأحيان لا
ترغب فى إرساله إلى المدرسة بسبب التنمر الذى يتعرض له من زملاءه وعودته
باكياً ففكرت لما لا تترك البلدة وتذهب للقاهرة فربما ستجد مدرسة خاصة
بأطفال بمثل حالته ويستطيع التأقلم برفقتهم فإنتظرت عودة زوجها من عمله
لإخباره بذلك الأمر فهى تريد أيضاً ترك المنزل بسبب أفعال والدته وزوجة
شقيقه فهى سأمت تصرفاتهن ولا ترغب بالبقاء هنا أكثر من ذلك
فى خضم أفكارها وجدت هبة تقترب منها تقول بحزن :
–ماما هى ليه تيتة مش بتحبنا ولا بتحب رحيم ودايما تزعقلنا وتطردنا من تحت لو كنا بنلعب
هتف رحيم بصوته الطفولى:
–حسنات وحشة رحيم مش حبها خالص
فطنت سمية لحديث إبنها فحتى هو شعر بعدم حب جدته له فزاد إصرارها على ترك المنزل
بعد
يومين...عاد رامى من عمله بالقاهرة علم من ملامح وجه زوجته أنه يوجد ما
يقلقها أو يزعجها فبعد انتهاءهم من تناول العشاء وخلود أطفالهم للنوم ،جلست
سمية برفقة زوجها لتخبره بما تريد
فبدأت حديثها قائلة بإصرار:
–رامى
أنا عايزة أسيب البيت ده وأجى أعيش معاك أنا والأولاد فى القاهرة كفاية
قاعدة هنا وأشوف اللى بشوفه من أمك وكمان عايزة أشوف مدرسة كويسة لرحيم
بييجى من المدرسة كل يوم معيط عايزة أشوفله مدرسة تكون متخصصة بحالته
ويتعلم فيها وأنت عارف هنا مفيش مدارس زى دى
فكر رامى فيما قالته زوجته فأومأ برأسه موافقاً:
–ماشى يا سمية بس خلينى أدور على شقة كويسة نعيش فيها أنا معايا قرشين نشوف بيهم شقة
شعرت سمية ببعض السعادة التى لم تزورها منذ وقت طويل بسبب أفعال من يسكنون هذا المنزل
أخبر رامى والدته وشقيقه مروان بشأن أنتقاله هو وأسرته للقاهرة فوافق مروان فى حين أن والدته ثارت عليه بحديثها:
–نعم هى الهانم مراتك عايزة تاخدك وتطفش من هنا كمان
طالعها رامى بهدوء:
–يعنى إيه تاخدنى وتطفش أنا عايز أشوف مدرسة كويسة لإبنى علشان يتعلم
ردت حسنات قائلة بفظاظة:
–وهو إبنك هيتعلم إيه ريح نفسك ابنك ده خلاص مفيش منه أمل ولا فايدة
وخزت
كلمات أمه قلبه فكيف لها أن تنسى أنها تتحدث عن حفيدها الذى هو قطعة منه
فهب واقفاً يرغب فى الإنصراف فزوجته محقة فلن يتبقى من الصبر ما تتحمل به
البقاء برفقة والدته أكثر من ذلك
____
بحث رامى عن شقة مناسبة ليقيم
بها برفقة أسرته وبعد تجهيزها سافر إلى بلدته ليأتى بزوجته وأطفاله،أنتقلوا
إلى الشقة فتلك هى المرة الأولى التى تشعر بها سمية بالراحة من تخلصها من
سخرية والدة زوجها،بحثوا عن مدرسة يستطيع رحيم إكمال دراسته بها ،فعثرت
سمية على مدرسة مناسبة وذهبت إليها برفقة رحيم تقابلت مع إحدى المعلمات
بالمدرسة
صافحتها المعلمة بحرارة قائلة:
–أهلا بحضرتك أتفضلى
جلست سمية وجلس رحيم بجوارها فبدأت حديثها قائلة:
–أنا
إبنى زى ما حضرتك شايفة مصاب بمتلازمة داون وعرفت أن المدرسة متخصصة
للحالات اللى زيه فكنت حابة أن اقدمله هنا وكنت عايزة أعرف نظام المدرسة فى
التعليم
ردت المعلمة قائلة بابتسامة:
فى وسائل تعليمية بنستخدمها فى البداية مع الأطفال زى
١- الحلقات والوتد..
وتكون
عبارة عن وتدٍ كبيرٍ وحلقات ٍبألوانٍ مختلفةٍ وجذابةٍ للطفل، فهي تزيد من
قدرات الطفل الإدراكيّة، والبصريّة، والحركيّة من خلال محاولته وضع الحلقات
داخل الوتد.
٢- وضع الشكل في المكان المناسب
وهي تؤدي نفس النتيجة من الحلقات والوتد ولكنها متطورةً بشكلٍ أكبر.
٣- العيدان والمطرقة
ويستفيد
منها الطفل في تقوية عضلاته الدقيقة الموجودة في اليد والأصابع، حيث يضع
الطفل العيدان في الثقوب الموجودة في الحلقة ومن ثم طرقها بالمطرقة.
٤-المكعبات
ويستطيع من خلالها الطفل تركيب الأشكال، ويمكن للوالدين مساعدته في تكوين
أشكالٍ ذات معنى، وهذه المكعبات تتوافر بأحجامٍ مختلفةٍ حسب عمر الطفل
وقدراته.
٥-ألعاب تساعد على الشد والدفع
لتقوية العضلات، مثل العربات الصغيرة، أو القطارات.
٦-ألعاب الموسيقى
اللى من خلالها يستطيع الطفل الكبس على إحدى الكبسات فتصدر صوتاً معيناً، وبعد فترةٍ يستطيع تحديد الزر المسؤول عن إصدار هذا الصوت.
٧-نظام الخرز والخيط
من
خلاله يقوم الطفل بوضع الخرز داخل الخيط؛ وهذا يساعده على تقوية عضلات
يديه وقدرته على التركيز. البطاقات التي تحمل ألواناً محدّدةً بعضها يحمل
صوراً للحيوانات، فمن خلالها يمكن زيادة إدراك الطفل بالألوان وصور
الحيوانات.
وبعد كده بنعزز مهارته فى الكلام والنطق وكمان المهارات
الرياضية يعنى نشوف إيه الرياضة اللى ممكن يكون الطفل بارع فيها ونخليه
يمارسها بشكل دائم علشان نعزز ثقته بنفسه
أستمعت سمية لكل ما تخبره بها المعلمة تشعر بالحماس فربما رحيم سيبدأ فى أن يتواجد وسط المحيط المناسب له
تركت المعلمة مكانها تقترب منه تمد له يدها قائلة بإبتسامة:
–أهلا بيك إسمك إيه
–رحيم
لم يزد كلمة أخرى وعاد يلهو باللعبة التى بيده فمسدت المعلمة على رأسه بحنان
عادت
سمية إلى الشقة وجدت أن زوجها عاد من عمله باكراً اليوم فأقتربت منه بسرعة
تخبره بما حدث اليوم فقصت عليه كل شئ حتى عودتها إلى الشقة
تنهدت سمية براحة قائلة:
–الحمد لله أول مرة أحس أن رحيم مبسوط النهاردة لما كان بيلعب مع الأولاد هناك وباين على المدرسة أنها كويسة يا رامى
ربت رامى على يدها بابتسامة:
–الحمد لله يا سمية ربنا كبير يلا حضريلى الغدا علشان جعان
ولجت سمية للمطبخ تشرع فى إعداد الطعام تنظر لزوجها وإبنتها وهم يداعبون رحيم ليصدر صوتاً صاخباً بضحكته التى ملأت أرجاء الشقة
________
بدأ
رحيم الإنتظام بتلك المدرسة لاحظت سمية الفارق الواضح فى نطق رحيم للكلمات
فأصبح ينطقها بسلاسة عن ذى قبل وأيضاً لاحظت مهارته فى ممارسة السباحة
فأرادت تعزيز مهارته بتلك الرياضة فجلست بجواره قائلة:
–رحيم تتعلم سباحة فى نادى وتبقى شاطر
أومأ رحيم برأسه قائلاً:
–أه رحيم يحب يتعلم سباحة ويبقى شاطر أنزل الماية وأبقى سمكة
إبتسمت سمية على ما قاله رحيم فردت قائلة:
–ماشى يا حبيبى نروح تتعلم سباحة وتبقى زى السمكة اللى بتعوم فى البحر
ذهبت سمية إلى أحد النوادى لتعليم السباحة قابلت المدرب الخاص بالأطفال تشرح له الوضع على حقيقته
فإبتسم المدرب بتفهم قائلاً:
–فهمت
حضرتك ومش دى أول مرة أعلم فيها طفل زيه السباحة أنا هتعامل معاه خطوة
بخطوة خاصة فى جزئية السرعة لو كان بيواجه فيها مشكلة، وهيساعدنى أكتر لو
هو نفسه طويل وبيتحمل كويس تحت الماية
مؤكدًا أن الأطفال مثل "رحيم"
يحتاجون أكثر لشخص يدعمهم ويحبونه ولا يرفع صوته عليهم حتى لا يغضبوا منه،
حتى عندما يعنفهم يكون برفق، وهم يتجاوبون بشكل جيد ولمجرد قول "أنا هزعل
منك" لشخص منهم، ينضبط فى التمارين ولا يتراخى أبدًا
زاد الحماس لدى
رحيم وهو يبدأ أولى تمارينه للسباحة فى ذلك النادى من الوهلة الأولى
أستطاع مدربه الإلمام بمهاراته ونقاط ضعفه بتلك الرياضة ليستطيع فيما بعد
تقوية نقاط الضعف حتى يصبح متمرساً بتلك الرياضة
بعد خروجه من
النادى برفقة والدته تقابل مع أحد الأطفال الذى لوح له بإبتسامة فرفع رحيم
يده يلوح له أيضاً بابتسامته البريئة ولكن لمحت أم الطفل ما يفعله فسحبته
من يده بغضب تذهب من أمامهم وهى ترمقهم بنظرة عرفت سمية مغزاها فمتى يكف
هذا المجتمع العقيم فكرياً عن النظر لهؤلاء الأطفال بتلك النظرة التى تجردت
من معانى الرحمة وإلانسانية فأخذت رحيم لتعود للمنزل ولديها إصرار وعزيمة
على أن ترقى بمستوى إبنها إلى الحد الذى يستطيع به مجابهة ذلك التفكير
العقيم لدى هؤلاء البشر
داوم رحيم على الذهاب لمدرسته وللنادى وثقلت
مهارته بالسباحة وشارك ببعض المسابقات وأستطاع أن يحوز على بعض الميداليات
الذهبية فى السباحة
مرت سنوات أخرى حتى وصل رحيم لسن التاسعة عشر ولجت شقيقته هبة الغرفة بابتسامة قائلة:
–يلا يا رحيم علشان ماما بتنادى عليك علشان هتروحوا النادى علشان تقدم فى المسابقة العالمية للسباحة
أغلق رحيم الكتاب الذى بين يديه فهو لديه أيضاً حب المطالعة والقراءة فيظل وقتاً طويلاً بغرفته يقرأ العديد من الكتب
فحملق بوجه شقيقته قائلاً:
–رحيم جعان عايز أكل هبة
اقتربت منه شقيقته تقبله على وجنته قائلة بحنان:
–حاضر يا حبيبى هعملك أكل بس يلا غير هدومك وتعال
حرص
رامى وسمية إلى تحويل رحيم من الاعتماد الكامل عليهم إلى الاعتماد جزئياً
على ذاته، حيث أن عامل الوقت والمثابرة واتباع نظام ثابت لا يتغير هي
مفاتيح النجاح. ففي حالة تعليمه مهارة جديدة يتم إخباره ماذا يتعين عليه
القيام به على وجه التحديد، ثم تقوم سمية بعمل تلك المهارة الجديدة معه،
وحرصت على أن يكون تصحيح الخطأ بشكل فوري حتى يتم الاعتياد على الطريقة
الصحيحة
يتبع الفصل التالي اضغط هنا
الفهرس يحتوي علي جميع فصول الروية '' رواية ولنا فيهم حياة '' الرواية اضغط علي اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق