رواية قصر التركماني الفصل السابع عشر بقلم ضحي حامد
رواية قصر التركماني الفصل السابع عشر
جالسه علي إحدي االرئك الموضوعه بالحديقه ذات المنظر الجذاب وال ُمريح لألعصاب ،بعد أن استأذنت من ناريمان
قررت الجلوس بمفردها علها تستطيع التفكير جيداً ،ظلت األفكار تعصف بها متذكره جفاء والدتها (انعام)عليها والتفرقه
بينها وبين ابنتها الحقيقيه ،هي ال تستطيع اللوم عليها فيكفي أنها قامت بتربيتها فِ منزلها بجوار أبنائها ولكن ما ذنبي
بالحياه ليحدث معي كل هذا ُ ...ولدت ولم اري والداي وتربيت مع اسره ال يجمعني بها أي شئ لم أشعر بالحنان يوما ً ما
إال من والدي الذي رباني ولم يكتمل هذا ايضا ً بعدما سافر إلي السودان ،وتذكرت أيضا ً مجيئها إلي هنا تذكرت نبيل
وأفعاله الشنيعه معها ..و أخيراً وليس آخراً يريد أن يتزوجني أنا لم اكره أحد بحياتي كيفما كرهته كيف سأقبل أن اتزوجه
أو أن اعيش معه ولو ليوم واحد ،اما عن اخر شئ وهو جلوسها هنا لمده سنه في بدئ األمر شعرت بالضيق ولكن لما
سأعود لم يتصل أحد منهم بي او االهتمام ألمري كيف اعيش كيف أشعر هل انام بسالم ام ال الشئ الوحيد الذي اتمناه من
هذه العائله أن اطمئن علي صحه ابي ،حتي احمد لم اعد أُبالي به لو كان يحبني حقا ً لكان بحث عني أو ضغط علي والدته
ليعرف مكاني .
انتشلها من أفكارها صوت مراد الذي كان يتابعها منذ أن خرجت من جناح ناريمان وانطلقت إلي الحديقه أردف بهدوء :
بتعيطي ليه ؟
نظرت له بعيون يمالءها الضعف قبل أن تضع يدها أسفل عينيها وتجد فعالً أنها كانت تبكي للحق لم تالحظ هذا بسبب
األلم النفسي التي كانت تشعر به
إلتفتت له بعد أن جلس جوارها بآخر االريكه معطيا ً إياها مساحتها الشخصيه واردفت :عادي..في حاجه دخلت فِ عيني
_العياط ده كله من حاجه دخلت فِ عينك
اومئت رأسها بهدوء فأكمل هو :احكيلي ممكن اساعدك
_يعني هقول إيه انا إنسانه عمري ما اخترت حاجه بنفسي دايما ً الظروف هي الي بتجبرني
قاطعها وهو يُضيق عينيه بنظرات مترقبه :قصدك بالكالم ده العرض الي عرضته عليكي annaبخصوص نبيل؟!!
ما ان ذُكر اسم نبيل علي مسامعها مره أُخري حتي بدأت في نوبه من البكاء ونظر لها اآلخر بشفقه قبل أن يقترب منها
ت مفكره أن ممكن حد يجبرك علي
ويُعيطها منديله الخاص بعد أن أخرجه من سترته وتحدث بعدما إلتقطته من يده :إن ِ
ت مش عوزاها وانا موجود!
حاجه إن ِ
نظرت له بتفجئ واومئ هو برأسه كدالله علي صدق حديثه وبعد أن الحظت هي نظراتهم المطوله أبعدت عيناها عن
موضوع جلوسه ال ُمربك بالنسبه لها بسبب اقترابه ونظرت حيث الزرع خاصته الذي أخبرتها عنه زُ مرد واردفت محاولة
تغيير الحديث :الورد شكله جميل جدا
_اه انا ُمهتم بيه وانا الي زارعه بإيدي
=زارعه بإيدك مكنتش اعرف انك بتهتم بالحجات دي
_انا فعالً مش بهتم ،بس الورد شئ خاص وغالي علي قلبي والزم اهتم بيه دي كانت وصيه أمي قبل ما تتوفي.
=هللا يرحمها أنت شفت مامتك
_اه شفتها وعشت معاها وكنت بحبها جدا لحد ما ..سافرت تركيا وانا وعثمان فضلنا عايشين هنا مع بابا وفجأه جالنا خبر
وفاتها
=انا اسفه لو فكرتك
نهض من مكانه واتجه إلي االزهار التي يزرعها وتصنع الال ُمبااله وأكمل :الء خالص انا عمري ما نسيتها أصالً .
نهضت هي األخري بعد أن استأذنت منه وكادت تمشي لكنها تذكرت شئ فتقدمت منه مره اُخري ومدت يدها له بالمنديل
القماشي خاصته الذي وبرغم قلة حجمه إال أنه غايه فِ الجمال
هز رأسه يمينا ً ويساراً داللةً علي رفضه قبل أن يكمل :خليه معاكي
ابتسمت داخلها واومئت رأسها واتجهت إلي غرفتها لتنعم ببعض الراحه بعد أن تطمئن علي ناريمان مره أُخري .
..........................
باليوم التالي
كانت جالسه بجوار ناريمان ترتشف من القهوه التي أصبحت تشربها معها كل صباح ثواني وسمعت طرقات ودخول
زُ مرد بعدما سمحت لها ناريمان
تحدثت زُ مرد بهدوء :ناريمان هانم بابا بيقول لحضرتك أن فيه ضيف بره وعاوز يقابل حضرتك واحنا دخلناه فِ غرفه
الصالون
أنهت زُ مرد كالمها وهبطت إلي األسفل بعدما اخبرت ناريمان بما تود إخبارها به
تركت نوران كوب القهوه من يدها واردفت :طيب انا هنزل تحت اتكلم مع زُ مرد شويه
خرجت من الجناح واتجهت إلي األسفل قاصدتا ً المطبخ حيث زُ مرد ووالدتها
أما ناريمان فضغطت علي عدة أزرار تخص الكرسي المتحرك الخاص بها واتجهت إلي غرفه الصالون ُمستغربه هذه
الزياره فمنذ زمن لم يأتي أحد لزيارتهم
ثواني وشهقت بذهول حين رأت صابر أمامها الذي ابتسم لها بإرتباك تحركت ب كرسيها إلي األمام اكثر حتي تصبح في
مقابلته واردفت :إنت لسه عايش ...إزاي ...ده المحامي قالي انك ُمت ...مع عدلي ابني ومراته وابنه ....ازاي انا مش
فاهمه حاجه
حاول هو تهدئتها والجواب علي أسالتها مردفا ً :اهدي يا ست هانم وانا هفهم حضرتك كل حاجه
_فهمني وقولي كنت فين كل ده وليه معرفتنيش انك عايش
=وهللا ما عارف أبدأ منين ..الحكايه بتبدأ لما عرفنا أن دولت عرفت بموضوع جواز عدلي بيه ومراته ،عدلي بيه خاف
اوي علي مراته وعلي الي فِ بطنها ...وطلب مني أني اساعده ،وفعال اخدناها فِ العربيه انا وعدلي بيه ونزلنا بيها علي
منطقه قريبه من الوادي الجديد
_وبعدين كمل
=وكان فيه ناس بيطاردونا وكنا عاوزين نهرب منهم واول ما وصلنا عند بيت مطرف بعيد عن المدينه لقينا واحده ست
كبيره فِ السن ساعدت فريده هانم مرات عدلي بيه علي الوالده وجابت بنت
اردفت ناريمان بنبره يكسوها الحزن :يا عيني يا ابني فريده خلفت بنت وبعدين كمل إيه الي حصل
اكمل هو :وبعدين عدلي بيه اخد العربيه وقالي خلي بالك من فريده والبنت وانا هروح ارمي العربيه من فوق الجبل
علشان اوهم الناس الي بيطاردونا أن العربيه اتقلبت وان احنا ُمتنا ،وفعالً راح رماها وبعديها بشويه سمعنا صوت ضرب
نار سبت فريده هانم وبنتها مع الست دي وجريت ادور عليه وعلي مصدر الصوت ولما وصلت كان خالص بيطلع فِ
الروح بس اخر حاجه قالها مراتي وبنتي أمانه فِ رقبتك خدها وامشي ومترجعش القصر دولت لو شافتهم هتقتلهم
ساعتها انا عيطت مكنتش مصدق أنه بيموت لحد ما نطق الشهاده ،غمضت عنيه وبعدها وقفت علي رجلي وقولت الحق
فريده هانم قبل ما يوصلولها ولما رجعت ....لقيتها هي كمان ماتت ،والست الي ولدتها قالتلي انها جالها نزيف وهي
معرفتش توقفه لحد ما ماتت بس الي فضل منهم هما االتنين بنتهم
شهقت ناريمان بعد أن كانت تنتحب وعيونها ال تتوقف عن البكاء لكنها تمالكت نفسها وتحدثت بأمل :يعني انا ليا حفيده
_ايوة وعندها عشرين سنه
اردفت ناريمان سريعا ً :طب هي فين
فرك يده بتوتر واجاب بتلعثم :هو ده الي انا جاي علشانه ...ااا..
قاطعته هي بنفاذ صبر مردفه :صابر انا قاعده علي اعصابي بحاول استوعب كميه الصدمات دي مش ناقصه توترني
اكتر ،قولي حفيدتي فين
_بصراحه انا كنت مسافر وكنت ناوي اجيبها لحضرتك لحد هنا بس ...بس لما رجعت مراتي قالتلي انها بعتتها عند ستها
في البلد ومن ساعتها مش لقينها
انهي كالمه وهو يبكي بصدق ليس لتشعر بالشفقه عليه أو لكي ال تتهمه بتضيع االمانه ولكن إلنه حقا ً اشتاق لها وكان يود
أن يرجعها ألهلها وكم اشفق علي ناريمان وود لو احضر لها حفيدتها أخرجه من بكاءه ودوامه أفكاره صوتها وهي تقول
:طيب انا هدور عليها ،اكتبلي كل بياناتها وانا هخلي مراد يدور عليها وعثمان وكمال واي حد فِ القصر ده حفيدتي
الحاجه الوحيده الي باقيه من عدلي
فتش نفسه وفتش جيوب مالبسه قبل أن يخبط علي رأسه بإنزعاج مردفا ً :انا إزاي انسي حاجه زي كده ،انا اسف وهللا
كنت فاكر أني اجيب صوره ليها مش عارف إزاي نسيت
_طيب قولي عنوانك واول ما كمال يرجع من السفر هبعته عندك هو ومراد ووريهم صورتها والمكان الي سافرت فيه
وسيبهم هما يدورو عليها
=طب وبالنسبه لدولت هانم
_تقصد عايشه أو ميته ،هي عايشه بس بنص عقل وحتي لو حصل إيه الكالم إلي بيني وبينك محدش غيرنا هيعرفه ولما
نالقي بنت عدلي مش هعرف حد أنها بنته
=وانا بردو مش هبطل تدوير عليها انا جيت اعرفكم قبل ما اموت اإلعمار دي بيد هللا ومحدش ضامن عمره وياريت
حضرتك تسامحيني
_انا مسمحاك بس اهم حاجه عندي اني القيها ،انا عارفه انك جاي من سفر والمفروض ترتاح بس مينفعش حد من القصر
يشوفك انت الزم تمشي بأسرع وقت ولو فيه حاجه جديده نبقي علي اتصال عندكم تليفون ارضي فِ البيت
=بصراحه مش عندنا بس ممكن اخد رقم االرضي بتاع حضرتك وارن من اي جاره عندنا علشان اعرف أخر األخبار
_بس انت ليه معرفتنيش قبل كده علشان حتي اساعدك فِ مصاريفها خصوصا ً أني عارفه ظروفك ،انت صحيح كان
عندك ولد هو عامل إيه
=اه احمد الحمد هلل بخير وخلفت بعديها بنت
_ربنا يخليهوملك ،صحيح هي بنت عدلي إسمها إيه
=اسمها نوران
ابتسمت تلقائيا ً ما إن تذكرت نوران األخري التي نُحبها وبشده
أما هو فودعها سريعا ً بعد أن أعتذر لها عدة مرات وشكرته هي علي تربية حفيدتها وانطلق إلي خارج القصر وقد ظن أنه
لم يراه أحد لكن ال يعلم شيئا ً عن تلك العيون التي تابعت كل شئ وابتسمت بخُبث متجه إلي جناحها مره أُخري .
..........
يتبع الفصل الثامن عشر أضغط هنا
تعليقات
إرسال تعليق