رواية قصر التركماني الفصل الخامس والعشرون بقلم ضحي حامد
رواية قصر التركماني الفصل الخامس والعشرون
بعدت الستائر عن الشرفه وتنفست الهواء المنعش االتي من رائحة األراضي،ونظرت أيضا ً لألطفال الملتفون حول
بعضهم يلهو ويمرحوا ،فرت دمعه خائنه علي وجنتيها مسحتها سريعا ً واسندت رأسها للخلف بعد أن جلست علي الكرسي
وتذكرت ما حدث معها بااليام الماضيه
...
Flash back
...
لملمت نوران مالبسها وجمعتهم بشنطتها التي أتت بها وانتظرت حتي أحست بسكون تام بالقصر فعلمت أن الضيوف قد
إنصرفت وان الباقي قد خلد إلي النوم
تسللت إلي الخارج ولم تتجه للبوابه االساسيه حتي ال يراها احد وخرجت من البوابه الخلفيه للقصر بإتجاه الحديقه وبالقرب
من إسطبل الخيول
وظلت تمشي والظالم الحالك يلتف حولها وبدأت في الشعور بالخوف والبرد أيضا ً لكنها لم تهتم ،فكل ما يشغل بالها االن
أن تذهب من هذا القصر
توقفت بفزع ورفضت قدميها السير عندما وجدت عدة مقابر مكتوب عليها أسماء المتوفين
نظرت حولها بضياع وبدأت تستوعب أنها ذهبت بالطريق الخاطئ وتذكرت كالم الدكتور عبد الرحمن عندما أخبرها أن
طريق ذهابها وعودتها من القصر عن طريق هذا الممر ،لكن كيف ستذهب من هذا االتجاه وليس معها عرباه وال تعرف
أين تذهب
دون أن تشعر وجدت نفسها تبكي والدموع تنهمر علي وجنتيها بال توقف نزلت علي ركبتيها ونظرت للقمر وكأنها تُناجي
ربها أن يساعدها ويخرجها من هذا المكان
حاولت أن تقوم مره اُخري لكن قدميها لم تُسعفها
ظلت تردد بداخلها "يارب" إلي أن وجدت يد تربت علي يدها ولم يكن سوى مراد الذي نزل لمستواها
ت كويسه
ظنت باالول أنها تتوهم وجوده وأنه كان يتتبعها لكن صدق حسها عندما هتف :نوران إن ِ
ال إراديا إرتمت بين أحضانه وظلت تشهق وتبكي بحرقه وتفاجئ هو بحركتها لكنه ضمها إليه بحنان وكأنه يخبرها أنها
بأمان االن
وبعد مرور عدة دقائق ارجع بعض خصالت شعرها إلي خلف اُذنها وتحدث بصوت متحشرج :أحسن؟
اومئت ببطء إبتعدت عنه سريعا ً وقد أدركت ما فعلته نظرت له بحرج ولم تستطيع التحدث فبادر هو بالحديث واردف :
ممكن افهم حضرتك رايحه فين
مسحت دموعها بعنف وقد تذكرت إهانة ُمرجان لها وتحدثت بإصرار :انا همشي خالص ما قادره استحمل ..الي شوفته
ف حياتي كتير اوي ،انا مش خدامه ،انا مش اقل منها ف حاجه ،لو كانت الظروف ساعدتني كان ممكن ابقي هانم زيها
،بس الظروف هي الي بتتحكم فينا ،وعمر الحظ ما ساعدني ف يوم ،انا عاوزه اموت ...أصالً وجودي زي عدمه ،مين
هيحس بيا وال بفراقي ،حتي اهلي الي ربوني باعوني ومش سألين عليا ،بس عندهم حق ليه يستحملوني انا مش بنتهم ،انا
تعبت اوي ...شعور الوحده صعب اوي وانا طول عمري وحيده وضعيفه ،بس مش معني كده إني معنديش كرامه وال دم
،الء انا مش ممكن اعيش يوم تاني في القصر ده ،مكملتش فيه اسبوع واتعرضت الصعب موقف ممكن البنت تتعرض ليه
،نبيل كان هيقضي عليا ،وفرحت لما مشي بس الء رجع تاني وطبعا ً انا مليش حق اعترض ،خلصت من موضوع نبيل
،جت مرجان كملت عليا ،لحد هنا وكفايه ،بس اكتر شئ مزعلني ومضايقني إني معنديش مكان اروح فيه ،مش قلت لك
الظروف دايما ً بتجبرني
اغمض مراد عينيه ولعن تحت أنفاسه لكي شئ سبب لها هذا الضرر وجعلها مليئه بكل هذا الحزن واليأس أيضا ً ،اخذ نفسا ً
عميق وأخرجه بهدوء وتحدث :مش عارف إزاي كنتي كاتمه كل ده جواكي ومش بتتكلمي ،بس أظن إنك بقيتي احسن
بعد ما طلعتي كل الي جواكي ،دلوقتي الكالم مش هيفيد وال إنك تفتكري الي حصل معاكي زمان لحد النهارده هيغير
حاجه ،انا عاوزك تنسي كل الي حصل معاكي ...انا عارف إنه صعب ،بس هو ده الحل ،عمر العياط أو الزعل ما
هيرجع حاجه او هيغير ،إحنا فِ إيدينا نعيش مستقبلنا أما الماضي مش هنعرف نغيره
تحدث بصوت ضعيف مهزوز :انا اصالً معرفش مستقبلي هيبقي ازاي أنا حتي مش عارفه هطلع من هنا إزاي
وقف ونفض مالبسه قبل أن يوقفها هي االُخري ُمتحدث بإبتسامه ُمحفزه و ُمشجعه :انا هساعدك ،االول هخرجك من
القصر بعدين هتصرف يال مفيش معانا وقت
عاد بها مره اُخري إلي اسطبل الخيول فتوقفت عن السير وارفت بحذر :انت هترجعني القصر تاني؟
_ الء هتمشي من القصر متخافيش ،بس من طريق تاني ُمختصر محدش يعرف عنه حاجه غيري انا وعثمان وعمي
......بتثقي فيا ؟
اومئت ببطء ناظرتا ً لألسفل قبل أن ترد مردفه :اه
_استنيني هنا دقيقتين وراجع
اتي مراد ومعه حصانه االبيض الخاص به ومد يده لنوران كي تركب
لكنها نفت برأسها وتحدثت بخوف :الء الء مش هركب
ابتسم بمرح عليها واردف :الء واضح انك واثقه فيا
مدت يدها له وصعدت علي ظهر الحصان قبل أن تتمسك بمراد جيداً مخافتا ً أن يحدث شئ
وأثناء سيرهم تسألت نوران بخفوت :مراد بيه ممكن أسألك سؤال
نظر له قبل أن ينظر للطريق مره اُخري مردفا ً :ممكن ،بس االول بالش بيه دي انا مراد بس
_هو انت ليه ساعدتني
=علشان مكنش ينفع اسيبك فِ القصر
_انا عاوزة اعرف فيه إيه فِ القصر ده ،ليه كل شويه حد يقول هيحصلك زي ما حصلهم ...وكالم من ده كتير
=بما انك بعدتي عن القصر ومش هترجعي تاني انا هحكيلك ،القصر بتاعنا ده زي ما يكون فيه لعنه ،اي بنت تخش
القصر تشتغل فيه بعد شهرين او اكتر بيبتدي يبان عليها أثار غريبه وبيتعبوا جدا بعديها بحوالي تلت أو أربع شهور
بتموت ،احنا مكناش مهتمين اوي بس لما لقينا الموضوع اتكرر مع كل البنات الي بتخش القصر anna،رفضت أننا
ت
نجيب خدامين بس كان الزم نجيب مرافقه ليها وجيتي إن ِ
_بس انا بقالي اكتر من اربع شهور فِ القصر ومفيش اي حاجه وال تعبت وال جرالي حاجه
=هو ده السبب الرئيسي الي خالني ابعدك عن القصر ،علشان خوفت تموتي زيهم
_طب وانتوا مفكرتوش تمشوا من القصر ليه
=اوالً القصر ده بتاع جدي ومستحيل annaتبيعه أو تخرج منه ثانيا ً إحنا مش بيحصل لينا حاجه
_طب والبنات الي ماتت دول ذنبهم إيه
=احنا اكيد مكناش نعرف ولما عرفنا رفضنا
_طب وانا كان عادي بالنسبه ليكم اموت
=نوران انسي إحنا دلوقتي بره القصر ومش هترجعي ليه تاني
توقف مراد عن السير بعد أن وصل لمكان ما يعرفه جيداً وتحدث :نوران احنا لينا كذا عماره هنا ...
قاطعته بعد أن هزت رأسها عدة مرات :الء انا مستحيل اقعد هنا لوحدي مش عارفه اي حد ....الء الء بالش
فكرت قليالً قبل أن تُردف :خالص انا عندي حل انا هروح لستي مامت ماما انعام انا بحبها وهي كمان بتحبني واكيد
محدش هيعرف مكاني وانا هنبه عليها متقولش لحد
_طب ولو مامتك وبباكي راحو هتعملي إيه
=البت بتاع ستي دورين هقعد فِ الدور الي فوق لحد ما يمشو
_انا مش مقتنع خالص بالكالم ده
=معلش انا كده هبقي مرتاحه ومطمنه
_وانا لو حبيت اشوفك هعمل إيه
=تشوفني؟!
_اه يا نوران اشوفك ،انا عارف إن مش ده وقته وال ده مكانه الكالم الي هقوله ده بس الزم اعترف بحبي ليكي ..في
االول كنت بكابر وبقول الء اكيد ده إعجاب واكيد هي هفتره وهتمشي أو هيحصل لها زيهم ،بس غصب عني حبيتك
،حبيت وجودك واتعودت عليه ،حبيت ضحكك ومرحك وهزارك مع زُ مرد ،حبيت إهتمامك بالورد بتاعي ،حبيت
الروايات الي قرأتيها وقرأتها من بعدك ،حبيت نظراتك الخجوله ليا ،حبيت كل تفصيله فيكي يا نوران ،انا كنت فاكر إني
حياتي كلها شغل وصفقات وسفر وكنت ناسي أصالً إني عندي قلب بيحب وبيشتاق إال لما شوفتك ،جيتي نورتي حياتي
بعد ما كانت ممله ،برغم كالمنا القليل مع بعض بس صدقيني ده كان احلي وقت بقضيه فِ يومي،انا حبيتك من اول مره
شفتك فيها مش عارف ازاى بس كنت مش قادر أتأكد من شعورى ده اال لم نبيل حاول يتهجم عليكى حسيت وقتها انك اهم
شىء في حياتى وأنك مهمه عندي ومسئوله مني ..يعنى ببساطه قدرت تعملى انقالب فِ حياتى كلها بعيونك الخجوله دى
شعرت نوران بقلبها يتضخم وصوت دقاته تعلي إلي االن ال تصدق أن مراد يبادلها نفس الشعور واالكثر من ذلك أنه
اعترف لها ،ياهلل أخيراً لعب الحظ معي بيوم ليقع في غرامي من تمنيت منه نظره إعجاب ،شق وجهها إبتسامة حالمه
وسعيده ،ارادت هي االُخري أن تعترف له عن حبها ،لكن ليس لديها القوه .
لوح مراد بيده أمامها لتنتبه له وايبتسم قبل أن يُردف :انتى سمعانى
هزت نوران رأسها فى صمت
اكمل مراد بمرح :شكلك هتتعبينى
ابتسمت نوران رغم العبرات التى تساقطت رغم عنها
ليزيلها مراد بانامله وهو يرى وجهها وقد تحول إلى حبات من الفراولة
أردف بمشاغبه :طيب انا اعترفت باللى فى قلبى واللى حاسس بيه
اكمل وهو ينظر إلى عينيها ممكن بقى اعرف شعورك ايه من ناحيتي
اشاحت وجهها لتبتعد عن نظراته ال ُمربكه لها
_لو مش قادره تتكلمى برحتك ،مش هضغط عليكى جايز انا اللى اتسرعت
وسبقها بخطوتين وتوقف فجأة عندما سمع صوتها :
بحبك !!
إلتفت لها ونظر إليها وهى تنظر ارضا ً أردف بعدم تصديق :إنت قولتي إيه بصى فى عنيا وقوليها تانى
_ الء
= عشان خاطرى
ابتلعت ريقها خجال وفركت يديها ثم تحدثت بعد أن رفعت عينيها ونظرت لعينه :بحبك
امسك مراد يديها وابتسم بسعاده وضمها إليه براحه قبل أن يُردف :من انهارده مفيش دموع تانى عاوز االبتسامه تكون
دايما منوره وشك
اومئت برأسها وهي تشعر بفرحه عارمه
كانت كالتي تطير فوق السحاب فقربه المهلك منها بهذه الطريقة اقطلع أنفاسها اما هو فكان كل تركيزه فى أن يخرجها من
طريق مختلف عن طريق الممر والذى يؤدى الى محطه القطار
وبعد ما يقارب الساعه وصلوا الى محطه القطار
دخلت إلي داخل القطار وكان هو يقف خارجا تحدث سريعا ً قبل أن ينطلق القطار :هجيلك يا نوران مش هسيبك ،هظبط
شويه حجات في القصر وهرجع لك ،بحبك
لوحت له إلي أن إختفي من أمام ناظرها واغرقت الدموع عينيها
...
وصلت أخيراً إلي منزل جدتها التي رحبت بها وسعدت لرؤيتها كثيراً وسألتها عن أحوالها وسألتها أيضا ً اين كانت
وأخبرتها أن احمد أتي إلي هنا وسأل عليها
دخلت إلي غرفه من الغرف الموجوده بالبيت وخلدت إلي النوم لتستريح ال تعلم كم مر عليها من وقت لكنها إستيقظت علي
صوت مجئ انعام
فتفاجئت وأغلقت خلفها الباب سريعا ً كي ال تراها ،لكنها تذكرت كلمات مراد عندما أخبرها أن تنسي الماضي ،إذا أردت
نسيان الماضي فيجب عليا المواجهه
هكذا حدثت نفسها قبل أن تخرج من الغرفه وتقف مقابله ألنعام التي ذُهلت عندما رأتها كادت أن تُسلم عليها لكن ابعدتها
نوران وطلبت منها أن تحكي لها كل ما حدث وظلت تسألها لما فعلت بها ذلك واين كانوا كل هذه الفتره ودار بينهم حوار
طويل إنتهي ببكاء انعام وهي تندب حظها
لوهله شعرت نوران بالشفقه عليها لكن غيرت نظرتها سريعا ً وابتعدت عن موضع جلوسهم ودخلت إلي غرفتها مره
اُخري بعد أن علمت كل ما حدث
لم تتناول غير وجبة الغداء التي أصرت عليها جدتها أن تأكلها
...
وها هي اآلن جالسه بشرفت المنزل أخرجها من شرودها صوت جدتها وهي تدعوها لإلفطار
..............
تعليقات
إرسال تعليق