رواية قصر التركماني الفصل الثاني والعشرون بقلم ضحي حامد
رواية قصر التركماني الفصل الثاني والعشرون
طرقت زُ مرد علي باب جناح عثمان ووضعت الطعام جانبا ً دون أن تتحدث معه بكلمه
نظر هو لها بإستغراب وعقد ما بين حاجبيه بحيره قبل أن يردف :مفيش حتي صباح الخير
أجابت بإقتضاب :صباح الخير
_الء ده شكل الموضوع كبير في إيه ؟
=مفيش حاجه
_مش هسيبك إال لما تقولي في إيه
وعند هذه النقطه إنفجرت زُ مرد بالبكاء وكأنه اعطي لها إشاره مما اذهل عثمان واقترب منها ومسح دموعها بأنامله
وتحدث :زُ مرد اتكلمي ،حد ضايقك
نفت زُ مرد برأسها وهي مازالت تبكي فأكمل اومال في إيه حيرتيني؟
_صدقني مش قادره اتكلم
=الء إتكلمي مش إحنا صحاب من اول يوم إتولدتي فيه وكنتي دايما لما تعيطي تيجي تحكيلي ،قولي بقي مالك منهاره كده
ليه
_ليه ..اإلنسان مالهوش حق إنه يختار شكله أو أهله أو ظروفه ،الفراشه مش بيجذبها غير النار ،وبتقرب منها حتي لو
عارفه انها ممكن تحرقها ،انا بقي الفراشه دي .
اقترب منها مره أُخري وأخذ يدها بين راحة يده قبل أن يردف:وانا مش هسمح للنار دي إنها تحرقك
إنتبهت لقربه ال ُمهلك بالنسبه لها فأبتعدت سريعا ً وهي تُتمتم ببعض كلمات لم يفهم منها سوي :امي هتموتني
فضحك عليها بشده وداخله يعترف أنه بدأ بالوقوع فِ حب تلك االميره الصغيره كما كان يُلقبها بالماضي.
..........
أما هي ف إتجهت لجناح ناريمان بعد أن أخذت الطعام لها من والدتها بالمطبخ التي وبختها علي تأخرها ،لكنها لم تهتم
،هي سعيده االن ولن تسمح بأي شئ يُعكر صفو مزاجها
_صباح الخير يا ناريمان هانم ،االكل بتاع حضرتك
=أكل إيه انا لسه مأخدتش الدوا بتاعي ،نوران فين؟!
_مش من عادتها بتتأخر كده انا هروح اشوفها
بعد مرور عدة دقائق صعدت زُ مرد الدرج سريعا ً ودلفت إلي جناح ناريمان مره أُخري وهي تردف بنبره الهثه :ناريمان
هانم إلحقي نوران مش موجوده في القصر
تحدثت ناريمان بترقب :اكيد راحت الجنينه أو..
_يا ناريمان هانم انا دورت عليها فِ اوضتها ملقتش هدومها فِ الدوالب وبصيت علي الجنينه ملقيتهاش وكمان فِ
إسطبل الخيول ،بس في حاجه غريبه
=حاجه إيه انطقي
_دكتور عبد الرحمن قالي إن حصان مراد بيه مش موجوده ،و...انا طلعت خبطت علي جناحه مش موجود
ت قصدك إيه ،مراد ليه عالقه بإختفاء نوران
=إن ِ
............
_بابا تعالي افطر علشان متتأخرش علي الشغل
=انا مش هروح الشغل النهارده يا هاله ،إفطري مع مامتك هي فين؟
_ماما راحت السوق تجيب حاجات
=انا هتجنن مش فاهم إزاي صور نوران تختفي كده ،هقول إيه للناس دلوقتي لو بعتو حد ،خصوصا ً اني هرن عليهم
اعرفهم أنها معاهم فِ نفس المحافظه
_طب إهدي يا بابا ،انا هقوم أدور في األماكن الي ماما بتشيل فيهم الحجات المهمه يمكن ألقي الصور
وبعد عدة دقائق هتفت هاله بذهول :بص يا بابا لقيت إيه ،إي جنيهات الدهب دي كلها ،وكمان الجواب الي حضرتك بعته
اهو
نشل صابر من إبنته الجواب وظل يقرأه عدة مرات غير مستوعب الكالم المكتوب أمامه تحدث أخيراً بتسائل :مين الي
كاتب الجواب ده
نظرت هاله لوالدها بتعجب واردفت :حضرتك يا بابا ده اخر جواب بعت..
_هاله مش انا الي كاتب الجواب ده ،وال عملت حادثه ،وال طلبت فلوس ،إيه الكالم ده انا مش فاهم حاجه ،طب مين الي
بعت الجواب ده وامتي؟
=في يوم ماما جت وكانت عماله تعيط وانا ونوران قعدنا نسألها مالك ..كانت ماسكه الجواب ده فِ إيديها ونوران قرأته
وقعدت تعيط بعدين انا قرأته وسألتها هنعمل إيه قالتلي ملكيش دعوة انا هتصرف ،وبعديها بيومين او تالته نوران سافرت
ومن ساعتها ماما ماجبتش سيرة رجوعك أو الفلوس ،وانا اطمنت لما لقيتها جايه من السوق وجايبه معاها حجات كتير
اوي وقالتلي إن حضرتك بقيت كويس وبعت لينا الفلوس دي .
كور صابر يديه وعينيه تطلق شرار وتوعد ألنعام بالكثير والكثير لكن بعد أن يعرف منها مكان نوران ثم ليُريها العذاب .
..............
تحدث نبيل وهو يكاد ينفجر من الغيظ :مراد خطفها
نظر عثمان له بحده واردف :إنت بتقول إيه يا بني ادم انت ،مراد مين الي يخطفها ،ويخطفها ليه اصال
_طب قولي فين مراد دلوقتي ،طب بالش دي فين الحصان بتاعه
تحدث عثمان بعقل :الحل إننا نستنى مراد لحد ما يجي ونفهم منه إيه الي حصل
نفي نبيل برأسه قبل أن يردف :وافرض طلع ميعرفش مكانها احنا الزم ندور
_وأنت همك الموضوع كده ليه ،مش معقول تكون بتحبها بجد
=أيوة طبعا ً بحبها وهتجوزها
..............
_ ُمرجان فوقي بقا
صرخت دولت بجانب إبنتها كي توقظها التي نهضت من مكانها بفزع وتحدثت وهي تُفرك عينيها :إيه يا ماما في حد
يصحي حد كده؟
_انا عمري ما شوفت واحده فِ برودك أو تناحتك
=في إيه يا ماما انا عملت إيه بس
ت هببتي إيه امبارح فِ حفلة سيرين
_إشربي القهوه دي علشان تفوقي وتفتكري إن ِ
اخذت ُمرجان القهوه من والدتها وبصقتها من فمها حين حكت لها امها عن ما فعلته وقالته باألمس
_انا مش مصدقه انا عملت كده وقدامهم كلهم
ت عملتي إيه؟!
ت مش فاكره إن ِ
ت ليه محسساني إنك فقدتي الذاكره ،يعني إن ِ
=إن ِ
_انا اخر حاجه فكراها أن نوران راحت الجنينه وبعديها مراد راح وراها انا كنت براقبه ،لما شُفت كده ...قعدت اشرب
ومحستش بنفسي إال دلوقتي وإنت بتصحيني
ت هببتي إيه ،دلوقتي حاالً تنزلي تعتذري لنريمان واعملي نفسك ندامه وزعالنه وعرفيها إنك
=طيب إديكي عرفتي إن ِ
مكنتيش في وعيك...
ت عوزاني اعرف annaإني بشرب
_ماما إن ِ
=ما كلهم عرفوا إمبارح يا هانم ،اسمعي الي بقولك عليه وإنزلي .
................
طرقت فيروز علي مكتب احمد ودخلت دون أن تسمع إذنه وتحدثت بسماجه:ممكن ادخل؟!
نظر احمد لها بإذدراء وهو يتفحصها فكانت ترتدي فستان قصير للغاية فوق الرقبه عاري الكتفين ويظهر مقدمة صدرها
ت دخلتي خالص ،نعم جايه ليه؟
وتحدث بضيق :إن ِ
_هو في إيه يا احمد هو انت بتعامل المرضي بتوعك بالطريقه دي بردو
=أوالً إسمي دكتور احمد ،ثانيا ً مش لما يكونوا مرضي فعالً
_طب ما انا مريضه فعالً
=مريضه عندك إيه؟
_هو بصراحه مش مرض اوي هو مشكله عاطفيه مخليه نفسيتي تعبانه
=لألسف مش هعرف أفيدك علشان انا مش دكتور نفسي
_إزاي بس مش هتعرف تفيدني ده أنت سبب المشكله
=انا؟
_ايوة ،اصل انا معجبه بيك وانت مش مهتم بيا وال معبرني وده قَصر علي نفسيتي جداً
=بقولك إيه انا مش فاضي للهبل ده انا ورايا شغل وناس مريضه بجد مش بتدلع ،وإياكي تيجي المستشفي بالمنظر ده تاني
_إحنا هنبتديها غيره من دلوقتي ،بس عالعموم انا بحب جداً الراجل الي بيغير
=كان نفسي وهللا أديكي درس فِ األخالق بس انا مش فاضي ،وورايا حجات اهم ،وياريت مشوفش وشك هنا تاني
_طب مش ناوي تعرفني علي عيلتك الكريمه حمايا وحماتي
=صبرني يا رب انا ماشي
ت لسه
اوهمها أنه سيغادر الغرفة حتي ترحل لكنه تفاجئ عندما وجدها كما هي تجلس علي الكرسي بإريحيه فتحدث :إن ِ
قاعده؟
أجابت وهي ممسكه مرايه صغيره بيدها اخرجتها من حقيبتها تُعدل بها مكياجها :الء هستناك
تمالك نفسه قبل أن يضحك علي هيئتها وتعابير وجها وهي تُحدثه وتقدم منها وسحبها خلفه لخارج الغرفه واحكم غلقها
خلفه واردف :فرصة سعيده إني شوفتك ،ياريت متكرريهاش
كانت ستغادر لكن أوقفها هو واعطاها الچاكت الخاص به قبل أن يردف :إلبسي ده ..اهو يداري أي حاجه
_خايف عليا من عيون الناس؟
تركها هو هذه المره وهو يضرب كف علي كف غير ُمصدق جرائتها ووقاحتها أيضا ً
.............
عادت انعام من مشوارها أو من السوق كما اوهمت إبنتها
فور أن إنفتح الباب واطلت منه هاله ونظرت لها بتوتر حتي شعرت االُخري بإنقباض قلبها خاصتا ً حين لمحت صابر
ُمقبل عليها ولم تعي كيف وصل إليها وسحب شعرها وجرها منه إلي الداخل وسط صراخ هاله التي اقتربت منه محاولةً
جذب والدتها من يده لكن أبعدها صابر وصرخ بوجهها مما افزعها فهي اول مره تراه بهذه الحاله منذ أن جاءت علي
وجه الدنيا
صرخت انعام بألم وهي تئن من وجع رأسها بسبب قبضته :في إيه يا صابر انا عملت إيه علشان تمد إيدك عليا كده
شدد علي شعرها أكثر رغم محاولتها أن تفلت منه واردف :يعني مش عارفه عملتي إيه
نفت برأسها رغم المها وتحدثت مره أُخري :معملتش حاجه ،معملتش حاجه
تحدث هاله هذه المره وهي تبكي علي والدتها :يا بابا حرام عليك سيبها
ت وخشي جوه ،وديتي فين نوران يا انعام
أردف صابر بصرامه :إخرسي إن ِ
تحدثت بكذب متمنيتا ً أن يُصدقها :معرفش نوران فين وهللا ،اكيد لو اعرف هقولك
ت لسه هتكدبي إنطقي وديتي نوران فين ،وبدل ما تلفي وتدوري
صفعها علي وجهها بغل بيده االُخري قبل أن يُكمل :إن ِ
في الكالم انا شوفت الجواب الي حضرتك مزوراه وقولتي فيه كالم محصلش وشوفت الفلوس الي مخبياهم
إنهارت أنعام علي األرض وقد إستوعبت الخطأ الفاضح الذي فعلته واعترفت أخيراً أن الكذب ال يدوم وظلت تضرب
علي وجنتيها بعد أن تركها صابر تحت إصرار هاله أن يتركها وبدأت في التحدث بصوت مبحوح أثر البكاء :كنت
عاوزة فلوس ،عاوزة اعيش زي ما الناس االغنيه عايشين وقولت شويه الفلوس الي هخدهم منهم مش هيفرقوا معاهم وال
هينقصوا من مالهم حاجه لكن كانوا هيفيدوني انا وهيبسطوني ويعيشوني العيشه الي عيزاها ،بس انا كنت غبيه الفلوس
عامتني وقولت لنفسي ابعت نوران لقصر التركماني تشتغل هناك واخد انا الفلوس،وفعالً خليت سيده صحبتي تزور
الجواب ده وتكتب الكلمتين دول علشان نوران ترضي تروح تشتغل ،وابقي انا بعدها عن احمد واستفيد بالفلوس الي
هيدفعوها
أنهت كالمها وأنهارت مره أُخري في البكاء
ت
إبتعدت عنها هاله بعد أن كانت تربت علي كتفيها وتهدئها واردفت وهي تنفي برأسها عدة مرات وتبكي :الء يا ماما إن ِ
ت معملتيش كده ،ليه يا ماما تعملي كده تكدبي وتزوي جوابات وتخلي نوران كمان تشتغل خدامه علشان
بتهزري صح إن ِ
ت
الفلوس ،حرام عليكي طول عمر ها نوران شيالنا وال عمرها ضايقتك وكانت هاديه ،وفضلتي طول المده دي عارفه وإن ِ
شايفه احمد وهو بيدور عليها ف كل حته وكمان بابا وساكته ليه كده يا ماما انا مش مصدقه بجد،وكمان تبعديها عن احمد
ليه ،تكسري قلبه ليه ،ال شاطره يا ماما قدرتي تدميرنا كلنا بأنانيتك وحبك لنفسك وللفلوس .
تحدثت انعام مره أُخري بصوت أشبه بالصراخ :كفايه ،حرام عليكي انا ضميري كان بيأنبني بس مكنتش عارفه اعمل
إيه ،كفايه خالص ما قادره اشوف نظرات اإلستحقار الي في عيونكم دي ،سامحوني..
أما عن صابر فجلس علي أقرب كرسي يشعر بالغضب يتصاعد داخله كلما سمع صوت زوجته ،يتمني أن تتبخر من
أمامه االن حتي ال يفتك بها واردف اخيراً بعد تنهيده طويله :انا مش عاوز وشك هنا تاني ،ارجعي عند اهلك ،انا مقدرش
ت خاينه يا انعام ومتستحقيش الثقة
أأمانك علي عيالي الي تكدب وتزور وتبيع علشان الفلوس عارفه إسمها إيه خاينه ،إن ِ
الي كنت مديهالك ،انا عاوز ارجع البيت ملقكيش وخدي الفلوس الي جبتيهم من ورا بيع بنتي عيشي بيهم مش ده الي كنتي
ت سامعه؟
عوزاه ،اهي الفلوس معاكي وهتعيشي العيشه الي كنتي نفسك فيها بس بعيد عني وعن عيالي ،إن ِ
انهي كالمه بصراخ فزعت منه انعام قبل أن تومئ برأسها وتدخل إلي الغرفه وتلم متعلقاتها والدموع ال تفارق وجهها
خرج صابر من المنزل تاركا ً خلفه هاله التي كانت في حاله جمود ال تعلم ماذا تفعل هل تذهب وراء والدتها ام تتركها
لعذاب ضميرها
مرت عدة دقائق وخرجت انعام من الغرفه بعد أن إرتدت عبائتها وحجابها ونظرت لها لهاله التي تصنعت أنها تبحث عن
ئ ما كي ال تسلم عليها أو تراها
ش ً
تنهدت بصوت مسموع قبل أن تردف :بتمني تسامحيني يا هاله وتخلي احمد وابوكي يسامحوني
أغلقت خلفها الباب وانفجرت هاله ببكاء مرير
............
يتبع الفصل الثالث والعشرون اضغط هنا
تعليقات
إرسال تعليق